شكرا لك على معلومة إلغاء الإتفاقية لأنني كنت أعتقد إنها لا تزال سارية إلى الآن..
وهناك مسألة مهمة جدا أعتقد إنها ستظل المفتاح الرئيسي في القدرة على التأثير على النظام النقدي العالمي ... وسأشرح فكرتي باختصار لوجود مشاركات من عدة متخصصين في علوم الحوكمة والإدارة الاقتصادية المالية العولمية.
بداية فيجب أن نعلم أن النظام النقدي والمالي والاقتصادي العالمي يسير في طريق معكوس ؟!
كيف معكوس؟؟
أولا: سنتخذ الذهب كمعيار ثابت لقياس القيمة لأنه أوضح من العملة الورقية. مع العلم إنه المفترض أن يكون الذهب مرتبط طرديا مع قيمة العملات الورقية... والمقصود إنه العملة الورقية هي بالأصل بديل سهل وأكثر عملية للذهب ولكنها تستمد قيمتها الأساسية من الذهب.
ثانيا: منذ أكثر من قرن من الزمان والمفترض أن الأسعار تتراخى لكل السلع والخدمات مقارنة بقيمة الذهب وبالتالي مفترض إنها تتراخى مقابل العملات الورقية.. ولكن ما يحدث هو العكس تماما.
لماذا ينبغي على أسعار السلع والخدمات التراخي؟!
لأن الماكينات التي كانت تنتج قظعة واحدة يوميا من سلعة ما س مثلا فتلك السلعة س صارت تنتج الماكينات منها 100 قطعة مع استمرار التقدم العلمي والتقني.
معدلات الإنتاج الزراعي تم تطويرها لدرجة مذهلة لنفس مساحة الأرض المزروعة.
مفترض مع زيادة معدلات الإنتاجية العامة في كل المجالات أن يتبع ذلك تراخي وتراجع في الأسعار باستمرار زيادة معدلات الزيادة بالإنتاج.
ولكن ما يحدث فعليا أن الأسعار تتزايد ولا تتراخى.
نحن هنا بصدد فجوة تضخم اقتصادي رهيبة ومخيفة جدا.
فنحن نتكلم عن مخزون تضخم رهيب ...
وعلى سبيل المثال لنقارن سعر الجنية الاسترليني بالذهب منذ قرن مضى ...
المفترض أنه سيكون هناك ثبات في سعر العملة هنا مقابل الذهب بعد قرن من الزمان ليس هذا فحسب .. بل الشاهد هنا هو إنه المفترض إنه مع ثبات قيمة الجنية الاسترليني مقابل الذهب فالمفروض إنه يكون هناك تناقص لقيم السلع والمنتجات المختلفة بالمقابل من قيمة الذهب وقيمة العملة المرتبطة به ولو افتراضيا.
ولكن ما يحدث هو أن الأسعار في اتجاه واحد تصاعدي مستمر بوتيرة تكاد تكون شبه ثابتة.
فأين تذهب الفجوة بين القيمة الافتراضية للعملة الورقية الموازية والثابتة لقيمتها بالذهب منذ مائة عام مع القيمة المتناقصة بمعدلات رهيبة لقيمة العملة الورقية الفعلية؟؟
هناك فجوة رهيبة فبدلا من تناقص أسعار السلع والخدمات مقابل القيمة الافتراضية للعملة الورقية نتيجة التقدم الرهيب في كافة وسائل الإنتاج .. ولكننا في الواقع نشاهد العكس تماما. مما يخلق فجوة تقدر قيمتها بعشرات أو ربما بمئات الترليونات من الدولارات خلال القرن الماضي وحده فحسب منذ إنشاء الفدرالي الأمريكي 1913 حتى وقتنا هذا.
أين ذهبت هذه المئات أو العشرات من الترليونات من الدولارات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الإجابة واضحة ومفهومة إن هذه الفجوة تحديدا تمثل قيمة عملية السرقة والنصب والاحتيال الذي مارسه كارتيلات البنوك المركزية المملوكة لليهود.
ولكن هناك أمر مهم للغاية وهو إن عملية النصب والسرقة تلك كان يتم ترحيل قيمة السرقات فيها على هيئة التضخم المستمر المضخوخ في قيم العملات الورقية .. ما يعني أن قيمة محصلة عملية السرقة تم تخزينه وهميا من خلال عمليات التضخم المصطنعة داخل القيمة الوهمية للعملات الورقية.
السؤال الرئيسي هنا:
ما هي الأداة الاقتصادية التي نستطيع من خلالها تفجير المخزون المحبوس عكسيا داخل القيمة الوهمية للعملة الورقية... كيف يمكن تطوير أداة اقتصادية تؤدي لعكس التأثير السابق كله فتفجر النظام النقدي الوهمي الحالي للأبد بحيث يكون البديل اللاحق نظام نقدي يستند لقيم حقيقية متبادلة .
بشكل أخر:
كيف يمكن تفجير الفجوة التناقصية في قيمة العملة بأثر عكسي يعيد للعملات الحقيقية ذات القيم الحقيقية قيمتها ولكنه بذات الوقت سيدمر قيمة العملة الورقية العالمية الحالية ويجعلها تستقر عند قيمتها الحقيقية التي تقارب ثمن طباعتها فحسب؟!
السؤال هنا يحتاج تفكير ومشاركة معظم المتخصصين ... لأن هذه أعمق نقطة استطعت الوصول لها حتى الآن في فهمي وإدراكي لطبيعة وهيكلة النظام النقدي عبر القرن الماضي.
هذه بعض المشاركات التي تتضمن معلومات مفيدة وبعضها معلومات يسلط عليها الضوء لأول مرة بالتاريخ .. مثل معلومات الهيكل التنظيمي والإداري العام للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي:
سيطرة بنوك خاصة على الاحتياطي الاتحادي
الصناعة المصرفية تتآمر لتحديد المدير القادم للاحتياطي الاتحادي (الفرنسية)
أفاد بحث أكاديمي بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) يواجه خطر السيطرة عليه من قبل البنوك الأميركية الكبرى.
وقال البحث الذي أعدته البروفيسورة رينيه آدمز عضو مجموعة أسواق المال بكلية لندن للدراسات الاقتصادية، إن الاحتياطي الاتحادي يعتبر أبرز مثال من بين البنوك المركزية على تعيين مديرين بالبنوك الخاصة للعمل في مجالس إداراته.
يشار إلى أن الاحتياطي الاتحادي يتكون من 12 بنكا إقليميا مستقلا عن الحكومة الاتحادية، ولكل بنك تسعة مديرين من المفترض أنهم يمثلون المصلحة العامة، منهم ستة يتم ترشيحهم واختيارهم من قبل البنوك الخاصة في عملية غير واضحة المعالم.
ورأى البحث أن البنوك الأميركية الكبرى هي أكبر الرابحين من وجود مديريها في مجالس إدارات الاحتياطي الاتحادي، وأن البنوك الصغرى الأخرى مستبعدة من هذه العملية.
وترى آدامز أن هناك القليل من عمليات اختيار المديرين بصورة تنافسية ومن خلال الانتخابات، وأن عدد البنوك التي ترشح وتنتخب المديرين يتقلص.
وكشف البحث أن قيمة أسهم البنوك التي يعين مديروها في مجالس إدارات الاحتياطي الاتحادي ترتفع بالمقارنة مع البنوك الأخرى، كما أن تلك البنوك أكثر حظا في ما يتعلق باحتمالات الإفلاس.
وقالت صحيفة إندبندنت إن المسألة في غاية الأهمية لأن قانون دود فرانك الأميركي الصادر في 2010 وسع من السلطات الرقابية للاحتياطي الاتحادي ومنحه دورا أكبر في حل الأزمات المالية في المستقبل.
وتقول آدمز إن البنوك المركزية الأخرى لديها مجالس شبيهة بتلك التي لدى الاحتياطي الاتحادي الأميركي لكنها في معظم الأحيان تعين مديرين ليس لديهم وظائف دائمة بمؤسسات خاصة.
وتضيف أن مديرا في الاحتياطي الاتحادي يجب أن لا يكون موظفا دائما في بنك آخر. كما يجب على الاحتياطي الاتحادي أن يوضح كيفية ترشيح وتعيين كل المديرين العاملين بمجالس إدارته إذ إنه من غير المعروف كيف يتم اختيار المرشحين.
وتقول أيضا إن "ما يؤكد أن الصناعة المصرفية تتآمر لتحديد المدير القادم للاحتياطي الاتحادي هو حقيقة أن عدد مناصب المديرين المرشحين قليل جدا".
المصدر : إندبندنت
http://www.aljazeera.net/ebusiness/pages/3dfc5ac0-1be7-4e4a-8c74-72b155506273
----------------------------------------------------------------------------
الأزمة المالية تذكي نزعات الانفصال بأوروبا
البرلمان المحلي في كتالونيا صوت قبل نحو شهر على قرار يتوقع نظيم استفتاء حول مصير الإقليم (الأوروبية)
خالد شمت-برلين
صبت أزمة اليورو والديون السيادية المتفاقمة زيتا على نيران تطلعات انفصالية ظلت لعقود كامنة تحت الرماد في أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية. وخلق انتشار دعوات الاستقلال في بلجيكا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وضعا من شأنه التهديد بانفراط عقد الوحدة الأوروبية.
ومثل رفض دفع المزيد من الأموال للمركز أو تحمل تداعيات إشرافه على الإفلاس السبب الرئيسي وراء تزايد دعوات الانفصال عن هذا المركز بدول أوروبية تعتصرها الأزمة.
فقد أصبح الفالاندر الأثرياء بشمال بلجيكا غير راغبين بمواصلة تقاسم الأعباء المالية مع مواطنيهم الفقراء سكان إقليم الوالون الجنوبي، وفي إسبانيا رفض إقليما كتالونيا (شمال شرق) والباسك (شمال) عصب الصناعة والسياحة في البلاد استمرار الخضوع لسيطرة مدريد الاقتصادية.
وتأخذ العلاقة في إسبانيا بين الأزمة المالية والتطلعات الانفصالية طابعا طرديا فزيادة حدة الأولى يمثل غذاء للثانية، وهو ما دفع مراقبين للقول بأن بقاء البلد بخريطته الجغرافية الراهنة مرتبط بتجاوزه لأزمة ديونه.
ففي إقليم كتالونيا يبرز التيار الاستقلالي بقوة حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته حكومة الإقليم تأييد 74% من السكان للانفصال عن إسبانيا وإقامة دولة خاصة بهم، وأصدرت أربعة أحزاب ممثلة في البرلمان الكتالوني إعلانا يريد حق مواطنيهم في تقرير المصير، وتبدو الانتخابات المحلية المبكرة يوم الـ25 من الشهر القادم استفتاء على الانفصال والاستقلال.
ويسود إقليم الباسك تيار انفصالي مماثل لما هو موجود في كتالونيا، وتخوض منظمة إيتا -المصنفة من مدريد كجماعة إرهابية- كفاحا مستمرا منذ نصف قرن من أجل إقامة دولة باسكية.
وفي الأندلس الفقير الذي يعد أكثر أقاليم البلاد سكانا وأسخنها مناخا لا تبرز التطلعات الانفصالية بسبب الحاجة لدعم مدريد، غير أن قطاعا متزايدا من السكان أصبحوا حريصين على التأكيد على أن اختلافهم الثقافي عن الإسبان عائد لعصر الخلافة الإسلامية الأندلسية التي دامت زهاء ثمانية قرون.
جانب من ندوة حول حق تقرير المصير بالبرلمان الأوروبي (الجزيرة نت)
بلجيكا وإيطاليا
وفي بلجيكا سارت النزعة الانفصالية بمنحنى صاعد وهابط منذ عام 1850 وتبلورت حاليا بقوة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية وإجراءات التقشف ورفض إقليم الفلمنك الغني والناطق بالهولندية تحمل أي مسؤولية مالية تجاه إقليم الوالون الفقير الناطق بالفرنسية.
وفي إيطاليا لعبت تداعيات الأزمة الاقتصادية دورا مؤثرا بانتشار التيارات الانفصالية بأكثر من منطقة، وأصبح سكان إقليم صقلية (جنوب) الموشك على الإفلاس، مقتنعين أن انتشار الفقر والفساد والجرائم المنظمة للمافيا سيقود إقليمهم لحرب أهلية لن يمكن تجنبها إلا بالاستقلال عن روما.
وفي الشمال تتطلع مقاطعة التريول الغنية الناطقة بالألمانية للانفصال وإنهاء "الهيمنة الخارجية الإيطالية" وتلقى هذه النزعة الاستقلالية تأييدا من السكان وسط ارتفاع أصوات تطالب بشراء المقاطعة لحريتها بسدادها مبلغ 15 مليار يورو تمثل نصيبها في ديون إيطاليا المناهزة لتريليوني يورو.
وفي أسكتلندا من المتوقع أن ينتهي ارتباط استمر ثلاثمائة عام بين هذه المقاطعة والمملكة المتحدة بعد اتفاق رئيس الوزراء الأسكتلندي أليكس سالموند على إجراء استفتاء عام 2014 لتخيير الأسكتلنديين بين استمرار البقاء مع بريطانيا أو الانفصال عنها.
كورسيكا وبافاريا
وإضافة لنزعات الانفصال بإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا تسعى كورسيكا منذ عقود للاستقلال عن فرنسا، وتصاعدت أصوات انفصالية بجمهوريتي التشيك وسلوفاكيا الخارجتين أصلا من رحم جمهورية تشيكوسلوفاكيا السابقة.
وفي ألمانيا أصدر فالفريد شارناغل القيادي بالحزب المسيحي الاجتماعي الحاكم بولاية بافاريا الجنوبية كتابا بعنوان "بافاريا تستطيع الحياة بمفردها" تطرق فيه لموضوع قديم هو استقلال ولايته الغنية. وتزامن صدور هذا الكتاب مع رفض بافاريا التي تطلق على نفسها اسم ولاية بافاريا الحرة استمرار تمويلها لعجز ميزانيات ولايات ألمانية أخرى.
وعلى وجه العموم لا يتطلب انفصال إقليم أوروبي عن دولته سوى أغلبية تعبر عن نفسها باستفتاء شعبي، ويلزم الانفصال الدول المعنية به الموازنة بين عدم تعريض وحدة أراضيها ونظامها للخطر والإبقاء على الأقاليم المتطلعة للاستقلال قسرا، أو ترك هذه الأقاليم تنفصل بسلام.
وأمام انتشار هذه التيارات الاستقلالية يواجه الاتحاد الأوروبي الآن مشكلة لم يهيئ نفسه لها بعد أن غض طرفه عنها لعقود، ولا يملك الاتحاد وسيلة محددة للتعامل مع انفصال إقليم عن دولة عضو فيه بسبب خلو كافة المواثيق الأوروبية من أي بند يتعلق بالانفصال.
http://www.aljazeera.net/news/pages/7f91bfd7-2c92-461a-8db3-794cef0ac0c9
----------------------------------------------------------------------------------------
عولمة مجلس الاحتياطي الاتحادي
نايري وودز وجيفري غيرتز
سياسة أميركا النقدية تعيث فسادا في الاقتصادات الناشئة هل هناك ما تستطيع أن تفعله البلدان الناشئة؟
معايرة السياسة الأميركية ووضوحها للخارج
سياسة أميركا النقدية تعيث فسادا في الاقتصادات الناشئة
هل ينبغي للولايات المتحدة أن تشعر بالقلق بشأن ما إذا كانت سياستها النقدية تعيث فساداً في البلدان الناشئة والنامية؟
كان هذا هو السؤال الذي واجهه مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي في ذروة برنامج التيسير الكمي، عندما تسببت مشترياته الشهرية من الأصول طويلة الأجل في دفع المستثمرين المتعطشين لجني الأرباح إلى هذه البلدان، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار العملات والأصول في هذه البلدان.
ولا يزال السؤال نفسه ملحاً اليوم، بعد أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض مشترياته من الأصول تدريجيا، الأمر الذي تسبب في عكس اتجاه تدفقات رأس المال وتَرَك العديد من البلدان الناشئة والنامية وقد تقطعت بها السبل وأصبحت بلا حول ولا قوة.
"منذ بدء الحديث عن "الخفض التدريجي لمجلس الاحتياطي الاتحادي، تراكمت الضغوط على عدد متزايد من البلدان الناشئة والنامية فانخفضت قيمة عملاتها، وبدأت رؤوس الأموال تفر منها
"
وخلافاً لتصورات أغلب المراقبين، فإن الإجابة لا تكمن في التدقيق في صلاحيات مجلس الاحتياطي الاتحادي أو مناقشة سجل صانعي السياسات في البلدان النامية، بل يدور السؤال -بدلاً من ذلك- حول ما إذا كانت الولايات المتحدة راغبة في قيادة الاقتصاد العالمي، وكيف؟ وإذا كانت الولايات المتحدة راغبة في الحفاظ على نظام مالي عالمي منفتح ومستقر، فلا يجوز لها أن تتجاهل الاضطرابات الحالية في الأسواق الناشئة.
منذ بدء الحديث عن "الخفض التدريجي" في العام الماضي، تراكمت الضغوط على عدد متزايد من البلدان الناشئة والنامية: فقد انخفضت قيمة عملاتها، وبدأت رؤوس الأموال تفر منها، ووجد محافظو بنوكها المركزية أنفسهم في مواجهة مهمة عصيبة تتمثل في مكافحة تباطؤ النمو المحلي والحفاظ على الاستقرار الخارجي في الوقت نفسه.
ويبدو أن التعافي الوليد في الاقتصادات المتقدمة يؤجج حالة من عدم الاستقرار واسع النطاق، من الأرجنتين إلى تركيا إلى الهند.
لا شك أن بعض المعاناة الأخيرة في البلدان الناشئة والنامية تعود إلى نقاط ضعف محلية، ولكن السياسات المحلية ليست جزءاً من القصة. والواقع أن بعض البلدان التي تتمتع بأسس اقتصادية قوية وسياسات مسؤولة في التعامل مع الاقتصاد الكلي -مثل المكسيك- لا تزال تعاني.
وتماماً كما تسببت الجولات المتعاقبة من تخفيف قيود السياسة النقدية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في إحداث تحولات ضخمة في الظروف المالية في البلدان الناشئة والنامية وأسعار الأصول التي كانت غير مرتبطة بالأسس الجوهرية إلى حد كبير، فإن حالة عدم الاستقرار الحالية في العديد من البلدان الناشئة والنامية كانت مدفوعة بشكل أكبر بالتراجع عن هذه السياسات وليس بعوامل محلية في الأساس.
هل هناك ما تستطيع أن تفعله البلدان الناشئة؟
هل هناك -إذن- ما تستطيع أن تفعله البلدان الناشئة والنامية لتفادي الضرر الناجم عن الموجات التي تفيض ثم تنحسر من رأس المال الدولي؟
مقارنة بما كانت عليه الحال قبل عقد أو عقدين من الزمان، فإن البلدان الناشئة والنامية (من الناحية النظرية على الأقل) تمتلك مجموعة أدوات تحت تصرفها، وتعمل هذه الأدوات -بما في ذلك التدابير الرامية إلى إدارة تدفقات رأس المال، والتدخلات في سوق العملة، والتنظيمات المالية الكلية الحصيفة، وتراكم الاحتياطيات- على إتاحة بعض الحيز للمناورة.
ورغم هذا، فإن هذه الأدوات مكلفة ومعقدة فنيا -حتى عندما يتم تنفيذها بشكل مثالي- وليست فعّالة دائما. وعلاوة على ذلك، فبرغم أن صندوق النقد الدولي أصبح على استعداد لدعم استخدام تدابير لضبط تدفقات رأس المال في ظل ظروف معينة، فإن العديد من البلدان الثرية لا تزال تمارس الضغوط لإقحام فقرات معينة على اتفاقيات التجارة والاستثمار -على سبيل المثال، الشراكة عبر المحيط الهادئ- والتي من شأنها أن تمنع أي استخدام لضوابط رأس المال.
وعلى هذا، فإن البلدان الناشئة والنامية تجد نفسها في مأزق حقيقي، ذلك أن الأدوات المحلية المتاحة تحت تصرفها لا تفيد إلا بقدر محدود في التعامل مع تدفقات رأس المال العالمية المربكة نظراً لقرارات السياسة النقدية التي تتخذ في عواصم بعيدة.
ومع هذا، فإن مجرد الجلوس ومراقبة عملاتها وهي تتهاوى مع تسابق رأس المال إلى الداخل والخارج موقف لا يمكن تبريره سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي.
وبوسعنا أن نتصور العديد من السيناريوهات، فقد تلجأ البلدان الناشئة والنامية إلى عزل نفسها على نحو متزايد بإقامة الجدران أمام رأس المال الأجنبي وإغلاق نفسها في وجه الأسواق العالمية، وهذا يعني التراجع عن العولمة.
وقد تلجأ البلدان الناشئة والنامية بدلاً من ذلك إلى رعاة جدد أقوياء -الصين على وجه التحديد- لدعمها وحمايتها من تقلبات الأسواق العالمية التي تخرج عن نطاق سيطرتها.
وفي سيناريو ثالث، تولي الولايات المتحدة اهتماماً أكبر لمصالحها في الحفاظ على نظام مالي دولي منفتح، وتعمل على تخفيف المعضلات التي يفرضها عدم التوافق بين التدفقات المالية المتكاملة عالمياً والسياسة النقدية التي يتم تحديدها على المستوى القومي.
"تدابير السياسة النقدية التي اتخذتها الولايات المتحدة مؤخراً وتصريحاتها بشأنها، عكست اعتقاداً مفاده أن اهتمام أميركا بالاستقرار في البلدان الناشئة والنامية محدود بمدى الخطر الذي تفرضه التقلبات على المصالح الاقتصادية الأميركية في الأمد القريب
"
ومن الواضح أن الولايات المتحدة تُحسن صنعاً بتشجيع ثالث هذه السيناريوهات وتثبيط الأول والثاني.
ولكن كلما كان قدر عدم الاكتراث الذي تظهره الولايات المتحدة لتقلب حظوظ البلدان الناشئة والنامية أعظم، كان دفعها لها أقوى في اتجاه أحد البدائل. وسوف تقابل السياسة النقدية الانعزالية في الولايات المتحدة بسياسة نقدية انعزالية في الخارج، وبهذا يصبح الجميع في حال أسوأ كثيرا.
معايرة السياسة الأميركية ووضوحها للخارج
ولكن، ما الذي قد يكون بوسع الولايات المتحدة من خطوات لضمان بقاء الأسواق الرئيسية مفتوحة؟
في وقت سابق من هذا الشهر، دعت مجموعة العشرين الولايات المتحدة إلى "معايرة سياساتها بدقة وجعلها أكثر وضوحاً للخارج". وهذا لا يكفي، بل يتعين على الولايات المتحدة أن تستمر في تقديم خطوط المبادلة للبلدان الناشئة والنامية التي تحتاج إلى السيولة الدولارية، والانخراط في عمليات استشارية نقدية رسمية وغير رسمية، ودعم الترتيبات الإقليمية الخاصة بالبلدان الأخرى، مثل مبادرة تشيانج ماي.
وعلاوة على ذلك، يتعين على المفاوضين التجاريين الأميركيين أن يكفوا عن الإصرار على تخلي البلدان عن حقها في استخدام تدابير لحماية نفسها من العواقب المؤسفة الناجمة عن السياسة النقدية التي تنتهجها الولايات المتحدة.
ومن الأهمية بمكان أن نؤكد أيضاً ضرورة توقف الولايات المتحدة عن حجب موافقتها على إصلاح صندوق النقد الدولي واللجوء إلى موارد إضافية من جميع البلدان.
الواقع أن تدابير السياسة النقدية التي اتخذتها الولايات المتحدة مؤخراً وتصريحاتها بشأنها عكست اعتقاداً مفاده أن اهتمام أميركا بالاستقرار في البلدان الناشئة والنامية محدود بمدى الخطر الذي قد تفرضه التقلبات على المصالح الاقتصادية الأميركية في الأمد القريب.
وهذه الإستراتيجية قصيرة النظر تتعارض مع الأهداف الجيوسياسية والاقتصادية الأوسع التي تسعى حكومة الولايات المتحدة إلى تحقيقها.
إن الولايات المتحدة تستفيد بلا حدود من النظام المالي العالمي المفتوح، والذي بات الآن مهددا. والسياسة النقدية التي تدرك مدى الترابط المتبادل بين أجزاء العالم اليوم من شأنها أن تحمي المصالح الأميركية بعيدة الأمد.
ــــــــــــــــــــــــ
نايري وودز عميدة كلية بلافاتنيك للدراسات الحكومية، وأستاذة ومديرة برنامج الإدارة الاقتصادية العالمية في جامعة أكسفورد. جيفري غيرتز باحث لدى برنامج الإدارة الاقتصادية العالمية في جامعة أكسفورد، التي استضافت مؤخراً مؤتمراً حول الآثار غير المباشرة للسياسات النقدية والتنظيمية.
http://www.aljazeera.net/ebusiness/pages/48873d87-b797-424f-b653-f8bd855362ac
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الوجه الجديد للبنوك المركزية
باولا سوباتشي
- صنع القرار
- سؤال الاستقلالية
- حالة اليابان
إن تغيير الحرس يجري على قدم وساق في كثير من البنوك المركزية الرائدة في العالم، فقد تم تنصيب هاروهيكو كورودا محافظاً لبنك اليابان المركزي، وهو يواجه المهمة الشاقة المتمثلة في إنهاء عقدين من
الركود. وفي كندا من المقرر أن يتولى مارك كارني المحافظ الحالي للبنك المركزي الكندي مهامه في الشهر المقبل محافظا للبنك المركزي البريطاني، وقد بدأ بالفعل يثبت وجوده في مناقشات السياسة النقدية البريطانية، وفي الولايات المتحدة تجري تكنهات حول خليفة
بن شالوم برنانكي الذي تنتهي ولايته في يناير/كانون الثاني المقبل رئيسا لـ
بنك الاحتياطي الفدرالي.
ورغم أن منطقة اليورو والصين تعدان من المناطق القليلة التي تقود الاقتصادات في العالم، ولكن هذا لا يعني بالضرورة وجود استقرار وثبات فيهما، فقد تولى
ماريو دراغي رئاسة البنك المركزي الأوروبي منذ سنة واحدة فقط، أما محافظ بنك الصين الشعبي تشو شياو تشوان فكاد يستبدل عندما بلغ سن التقاعد في فبراير/شباط الماضي.
قبل عشرين عاماً كانت مثل هذه التطورات تلقى الاهتمام في الغالب بين المصرفيين ورجال الأعمال فقط، ولكن منذ اندلاع
الأزمة المالية العالمية كانت الحاجة لإحياء ودعم
النمو في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان، وتجنب الانهيار المالي في منطقة اليورو سبباً في دفع البنوك المركزية الكبرى إلى تبني قدر أعظم من الصراحة ونهج سياسات نقدية أكثر هجومية وقوة، بما في ذلك اتخاذ تدابير غير تقليدية مثل التيسير الكمي.
ونتيجة لهذا فإن العديد من محافظي البنوك المركزية أصبحت أسماؤهم معروفة حتى لدى الأسر، بل إن بعضهم أطلقت عليهم الصحف الشعبية أسماء تدليل مثل "سوبر ماريو" في إشارة إلى محافظ المركزي الأوروبي.
"البروز الجديد أرغم بعض محافظي البنوك المركزية على إعادة تقييم عمليات اتخاذ القرار التي يتبنونها. ففي اليابان فاز الجمهور مؤخراً بفرصة نادرة لإلقاء نظرة سريعة على أنشطة البنك المركزي عندما تم تسريب أحد محاضر الاجتماعات
"
صنع القرار
كما أرغم هذا البروز الجديد بعض محافظي البنوك المركزية على إعادة تقييم عمليات اتخاذ القرار التي يتبنونها. ففي اليابان فاز الجمهور مؤخراً بفرصة نادرة لإلقاء نظرة سريعة على أنشطة البنك المركزي عندما تم تسريب أحد محاضر الاجتماعات.
وعلى نحو مماثل كان نشر محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفدرالي بشكل غير مقصود على مائة شخص قبل اجتماع في شهر مارس/آذار الماضي موضوعه تحديد سعر الفائدة، وكان من بين الذين سرب إليهم المحضر مديرون مصرفيون تنفيذيون ومساعدون في الكونغرس وجماعات ضغط مصرفية، وهو ما أثار تساؤلات حول الكيفية التي يتحكم بها المركزي الأميركي في مسألة الكشف عن المعلومات السرية.
والواقع أن بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي كان خاضعاً لقدر متزايد من التدقيق منذ العام 2008، عندما دفعته
أسعار الفائدة الإسمية (التي لا تحتسب فيها نسبة
التضخم) القريبة من الصفر إلى أن يصبح أول بنك مركزي يتبنى التيسير الكمي. وفي محاولة لخفض تكاليف الاقتراض اشترى المركزي الأميركي أصولاً طويلة الأجل في السوق لضخ السيولة في شرايين النظام المالي، ومنذ ذلك الوقت تبنى بنك إنجلترا المركزي والبنك المركزي الأوروبي تدابير مماثلة.
وفي أوائل أبريل/نيسان الماضي أعلن بنك اليابان المركزي عن خطط هي الأضخم تتعلق ببرنامج شراء
السندات، ووعد بضخ 1.4 تريليون دولار في شرايين الاقتصاد على مدى العامين القادمين من أجل استهداف نسبة تضخم تصل إلى 2%، وهذه هي السياسة النقدية المدعومة بالمنشطات، غير أن المعارضين لهذا التوجه يعتبرون أن الأمر يرقى إلى اللعب بالنار.
ولكن بالنسبة لليابان، التي ظلت تكافح الانكماش على مدى جيل، فإن الأمر يستحق المجازفة، ويبقى أن نرى ما إذا كانت السياسة الهجومية التي انتهجها كورودا قد تنجح في حفز الاستهلاك المحلي والاستثمار.
إن التدابير غير التقليدية تشكل جزءاً من تحول أوسع نطاقاً طرأ على عملية صنع السياسات النقدية، فإلى جانب التحلي بقدر أعظم من الجرأة والتوسع، أصبحت هذه العملية متشابكة على نحو متزايد مع السياسة المالية. وبوسعنا أن نرى هذا بصورة واضحة في اليابان حيث تشكل السياسة النقدية عنصراً مركزياً في إستراتيجية رئيس الوزراء شينزو آبي الاقتصادية، التي أطلق عليها اسم "آبينوميكس"، وهو ما يعني ضمناً التعاون بين الحكومة والبنك المركزي.
"التشابك بين السياسة النقدية والسياسة المالية يطرح تساؤلا إذا كان سيؤدي إلى تقويض استقلال البنك المركزي عندما نصل إلى حالة تصبح أمرا واقعا مفاده أن يتبع موظفون تكنوقراطيون غير منتخبين لساسة منتخبين
"
سؤال الاستقلالية
ولكن هل يؤدي هذا إلى تقويض استقلال البنك المركزي عندما نصل إلى حالة تصبح أمرا واقعا مفاده أن يتبع موظفون تكنوقراطيون غير منتخبين لساسة منتخبين؟ قد يزعم البعض أن اليابان حالة استثنائية، حيث يتطلب قيد الصفر المفروض على أسعار الفائدة الإسمية عدم الاكتفاء بتدابير السياسة النقدية التقليدية.
ولكن في أوروبا وجه رئيس البنك المركزي الألماني ينس ويدمان الانتقادات إلى البنك المركزي الأوروبي لأنه تجاوز صلاحياته من خلال برنامج "المعاملات النقدية الصريحة"، والذي يهدف دراغي من خلاله إلى الوفاء بتعهده بضمان بقاء اليورو.
ونتيجة لهذا فإن التساؤلات حول الدور الذي تلعبه السياسة النقدية واستقلالية ومساءلة البنوك المركزية، والتي كانت ذات يوم تقتصر على المناقشات الأكاديمية النخبوية، أصبحت اليوم من العناصر الثابتة في المناقشات السياسية الواسعة النطاق. ولكن بدلاً من محاولة تعريف نهج واحد فيتعين على محافظي البنوك المركزية أن يستهدفوا وضع نهج فردي في إطار السياسة النقدية المحافظة، والتي تدور حول استقرار الأسعار والاستقلالية.
فعلى سبيل المثال تنص صلاحيات بنك الاحتياطي الفدرالي على أن استقرار الأسعار من الممكن أن يرتبط بشكل واضح بالدعم النشط لنمو الناتج المحلي الإجمالي وتشغيل العمالة، وبالنسبة لبنك إنجلترا المركزي والبنك المركزي الأوروبي فإن هذا قد يكون شرطاً لتحقيق الهدف الأوسع المتمثل في النمو المستدام وتشغيل العمالة. وما دام الساسة ملتزمين بقاعدة عدم التدخل -على الأقل بشكل علني- فسوف يُنظَر إلى البنوك المركزية باعتبارها كيانات لا تقيدها المصالح السياسية.
حالة اليابان
والواقع أن بنك اليابان المركزي خرق ميثاقاً كان يتسم بالقداسة سابقاً من خلال البرهنة على أن طبع المزيد من النقود على هذا النحو الهجومي القوي يشكل نهجاً مشروعاً في مكافحة الانكماش الاقتصادي. وفي الوقت نفسه اتخذ البنك خطوة غير مسبوقة تمثلت في دمج السياسة النقدية في إستراتيجية اقتصادية شاملة تقوم على التنسيق بين المجالات السياسية المختلفة والمؤسسات المرتبطة بها.
وقد يثبت هذا النهج المتكامل فعاليته في البلدان التي يكون فيها الارتباط وثيقاً بين الاقتصاد الحقيقي والقطاع المالي، بما يضمن تنفيذ السياسات في الوقت المناسب وبشكل منتظم، في حين يمنع التداعيات السلبية. ولا يشكل هذا النوع من التنسيق تعدياً على استقلال البنك المركزي إلا بقدر ما يشكل التعاون المتعدد الأطراف تقويضاً لسيادة الدول المشاركة.
وفي حين يتبقى لنا أن نرى تأثير "الآبينوميكس" على اقتصاد اليابان فإن تأثيرها على النقاشات الدائرة حول السياسة النقدية والعلاقة بين البنوك المركزية والحكومات بات واضحاً بالفعل. ولا نملك إلا أن نتمنى أن يسلك كارني المسار نفسه في تحدي الحكمة التقليدية في بنك إنجلترا. ولعل حقبة جديدة من السياسة النقدية النشطة والمتنوعة بدأت للتو بما ينطوي عليها من فوائد محتملة للجميع.
ــــــــــــ
مديرة أبحاث الاقتصاد الدولي في تشاثام هاوس
المصدر : بروجيكت سينديكيت
http://www.aljazeera.net/ebusiness/pages/fd459cde-d6d6-4970-b671-b26e4ebfa000