تاريخ النشر : 2014-08-30
غزة – خاص دنيا الوطن _ عبدالله فؤاد
ليس البشر وحدهم هم هدف آلة الموت الإسرائيلية، فيلاحق الاحتلال البشر والحجر والشجر ، فلا تكاد تترك شيئا في قطاع غزة إلا وقد أصابته كليا أو جزئيا ، فكان للأراضي الزراعية نصيب كبير مما يسميه جيش الاحتلال الإسرائيلي "بنك الأهداف".
أراضي زراعية بمساحات واسعة امتلأت بسموم قاتلة للتربة بعد استهدافها بآلاف الصواريخ والقذائف التي تطلقها طائرات حربية ودبابات الميركفاة الإسرائيلية .
سموم بيئية خلفتها الاسلحة المحرمة :
ويصل تأثير هذه السموم إلى مسافات واسعة جدا حتى عندما تتعرض منازل المواطنين باعتبار إن مساحة قطاع غزة ضيقة وتنتشر السموم في عمق الأرض لتضرب خصوبة التربة وتسمم المياه الجوفية ، والتي بدورها تسمم المنتوجات الخضرواتية والأشجار نحو مزيد من المواد المسرطنة التي قد تؤدي إلى أمراض فتاكة تصيب الإنسان عند تناوله لهذه المنتوجات لاحقا.
ويستخدم الجيش الإسرائيلي مواد عالية التدمير شديدة التأثير من قنابل الدايم واليورانيوم ومواد كيميائية اخرى يصعب معالجة التربة منها بسهولة ، فهذه المواد تتسلل للأجهزة النباتية ونسيج النباتات فتشوه النباتات أو تجعل التربة عاقر ، فهذه الأضرار تعتبر غير مباشرة تؤثر على صحة المواطنين والتربة والزراعة على المدى البعيد.
وحول الأضرار التي تتركها آلة الدمار الإسرائيلية في الأراضي الزراعية مدير دائرة الإعلام الزراعي المهندس محمد أبو عودة يوضح بأن صواريخ الطائرات الحربية تحفر في الأراضي الزراعية عمق يصل حوالي من 5-10م ، وتحتاج إلي استصلاح عن طريق عمليه التسوية.
الاراضى اصبحت غير صالحة:
وأكد " ابو عودة " لـ" دنيا الوطن " بان الأراضي الزراعية تحتاج الى قلع الأشجار وإتلاف جسيم في شبكات الري وتدمير لآبار المياه ، وتدمير الأراضي الزراعية عن طريق تعريه التربة، بسبب تسمم الخزان الجوفي بالمواد المستخدمة في الصواريخ الإسرائيلية ،وفقدان الأراضي الزراعية خصوبتها وتلويث التربة" .
واشار الى ان عدم قدره المزارعين في الوصول إلي مزارعهم لريها وتسميدها للنبات ولتغذيه الحيوانات والدواجن وتقديم اللقاحات البيطرية حرق التربة ورفع نسبه المواد الكيماوية الثقيلة دمرت نسيج التربة وقضت علي التنوع الحيوي في التربة.
خسائر بملايين الدولارت :
وبحسب احصائيات اجرتها وزارة الزراعة منذ بدء العدوان على غزة حيث تجاوزت الخسائر التي لحقت بالأراضي الزراعية وأراضي المحررات خصوصا "خمسة وعشرين مليون دولار" كأضرار مباشرة فقط ، حيث واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدافها للأراضي والمنشآت الزراعية في أنحاء قطاع غزة بمئات الصواريخ والقذائف وبشكل مستمر وعنيف برا وبحرا وجوا كثفت من استهداف أراضي المحررات في خان يونس في جنوب قطاع غزة و التي اندحر منها الاحتلال الإسرائيلي عام 2005م .
وفى ذات الصدد حذر المهندس الزراعي "جميل قاسم" وهو احد المتضررين من الحرب على غزة من استمرار المزارعين في زراعة اراضيهم الذى استهدفها الاحتلال خلال فترة العدوان على غزة ، معللا ان الاحتلال استخدم قنابل سامة كان يطلقها على الأراضي بهدف تسميم التربة وعدم الاستفادة منها .
وشدد " قاسم" لـ" دنيا الوطن على ضرورة مراجعة التربة والأراضي الزراعية مراجعة تامة ، بحيث نضمن خلوها من السموم والمواد المشعة التى قد تؤثر على المحاصيل خلال الايام المقبلة.
واشار قاسم وفي عيونه علامات الحزن جراء تدمير الاحتلال لارضه شمال شرق بيت حانون ، مشيرا الى ان أشجار الزيتون التي التى كانت مزروعة في ارضه كانت تفوق عمرها أكثر من عمره بعد تعرض أرضه الزراعية التي ورثها عن أجداده للقصف العنيف فتغيرت معالم الأرض والمنطقة المحيطة بالكامل .
الى ذلك قال المكتب الاعلامى لوزارة الزراعة في غزة ان الاحتلال دمر أكثر من 100 ألف دونما بشكل مباشر ،وحوالي 80 ألف دونم بأضرار مختلفة ، فضلاً عن تدمير شبكات ري يقدر طولها لأكثر من كيلوا متر وشبكات الكهرباء ومعدات زراعية ومحاصيل جاهزة للتسويق.
و كشف أيضا عن خسائر هائلة لحقت بآلاف الدونمات من أراضي زراعية تعود ملكيتها للمواطنين ،وأيضا أضرارا جسيمة بالدفيئات الزراعية ومخازن للمعدات في المحررات بمحافظة خانيونس جنوب قطاع غزة ، اثر تعرضها لمئات الغارات العنيفة من الطائرات الحربية الإسرائيلية .
وعودة الى مدير دائرة الإعلام الزراعي المهندس محمد أبو عودة حيث قال " الطائرات الحربية تقصف الأراضي الزراعية وتكبد المزارعين خسائر كبيره وتحرق الشجر وكل شيء حي ، وتعمل علي تدمير البنية الزراعية وكأنهم يعاقبون المزارع الفلسطيني الذي استطاع أن يصل إلي مرحله الاكتفاء الذاتي في المحاصيل.
واضاف : عمدت وزارة الزراعة إلى الاستفادة من المحررات عقب الانسحاب الإسرائيلي منها ، وذلك ضمن خطة لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني ، ومحاولة للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية المختلفة.
يشار أن أصل القضية الفلسطينية هي الدفاع عن الأرض التي هي أول ما يستهدف في كل حرب أو عدوان إسرائيلي ،فيتهيأ للناظر أن زلزالا بقوة عشر درجات على قياس ريختر ضرب المنطقة فأصاباها بالحرق والدمار ، فآلة الحرب لا تستثني شيئا على أرض غزة ، وعن إعمارها وإعادة الحياة الخضراء إليها وحكايات لا يعرف أحد تفاصيلها ألا اصحابها الذين يعانوا مرارة لا حصر لها .
اسلحة منوعة ومحرمة تنهك جسم الابرياء من المواطنين:
هذا وتعرضت هذه البقعة الضيقة في الجزء الجنوبي من فلسطين إلى آلاف الأطنان من المتفجرات سيما إن إسرائيل لم تتورع عن استخدام جميع أنواع الأسلحة المحرمة دوليا للمرة الثالثة في حروبها على غزة ، والتي لا تحترم بذلك أي قانون حرب أو قانون دولي .
تشير الجثث الممزقة بفعل الإصابات المباشرة بصواريخ أو قذائف يطلقها جيش الإسرائيلي خلال حربه على قطاع غزة ،وتصل متفحمة إلى مشافي القطاع إلى أنواع غير معلومة من الأسلحة المحرمة دوليا وفق خبراء ومتخصصين.
ويقول أطباء مستشفيات قطاع غزة إن العديد من الإصابات التي وصلت لم يعتادوا عليها من قبل ما يدل لاحتماله استخدام إسرائيل اسلحة محرمة دوليا تخترق الجسم وتحرقه
وراح ضحية هذه الحرب على غزة اكثر من 2100 شهيدا بينهم 450 طفلا وأصيب أكثر من 11000ممن لا تقوى أجسادهم على تحمل هذه الأسلحة الخطيرة .
ويتحدث دكتور الجراحة في مستشفى الشفاء صبحي سكيك عن تأثير الأسلحة الفتاكة في هذه الحرب حيث أدى استخدامها إلى تحطيم عظام المصابين ، و تعمل على تفتيت العظام بشكل كامل وبدرجة يصعب معالجتها، ويضطر الطبيب المعالج إلى بتر أطراف معظم الذين تعرضوا لهذه الأسلحة .
كما أن الحروق التي أصيب بها الجرحى تعطي دلائل على استخدام اليورانيوم المنضب في الحرب التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة وبشكل لم يسبق له مثيل، و وكان واضحا وحسب التقارير استخدام إسرائيل في الحربين السابقتين للأسلحة المحرمة دوليا كاليورانيوم والفسفور .
وشهد قطاع غزة بعد الحربين الماضيين عامى 2008 و2012 الى ارتفاع ملحوظ فى الاصابة بمرض السرطان الذى انتشر بطريقة كبيرة ، سيما ان التشوهات الخلقية التى ظهرت على بعض الاجنة وغيرها من الامراض سببها الاساسى كان الاسلحة التى كانت تستخدم بحق المدنيين خلال العدوان على غزة.
بدوره أكد د. ناصر ابو شعبان رئيس لجنة الاعلام والتوثيق في اللجنة العليا للطوارئ بوزارة الصحة بغزة , ان كافة المشاهدات السريرية والمتابعة للجرحى والمصابين الذين وصلوا الى مستشفيات وزارة الصحة خلال العدوان الغاشم على غزة , بينت مدى شراسة الضربات التي وجهت للمدنيين مبينا أن نوعية الاصابات مميته مع وصول الجرحى مبتوري الاطراف واصابات بالغة الخطورة بفعلاستخدام مختلف أنواع الأسلحة كأسلحةDIME”“ المحرمة دولياً ، وأخرى فتاكة ضد الأفراد والمدنيين تحتوي على قنابل مسمارية صغيرة الحجم انتشرت في أنحاء الجسم وشظايا غريبة الشكل أولية وثانوية،إضافة إلى حروق بدرجات مختلفة ، الأمر الذي شكل تحدياً كبيراً للطواقم الطبية في التعامل مع هذه الحالات والتي استشهد الكثير منها .
وحذر أبو شعبان فى حديثه لـ" دينا الوطن " من أن الأسلحة والشظايا قد تحتوي على مواد مشعه أو معادن ثقيلة يمكن أن تسبب أمراضا خطيرة على المدى البعيد, كأمراض السرطان، أمراض الدم، العقم، الاجهاض المتكرر،بالإضافة إلى أنها تسبب التلوث البيئي موضحاً أن الامكانيات والمعدات واللوجستيات المتواضعة تعتبر من المعيقات الرئيسية امام عمل لجنة التوثيق بوزارة الصحة فضلا عن الخبرات المحدودة في هذا المجال ، داعيا الى توفير بيئة عمل متكاملة في هذا الاختصاص، خاصة وان قطاع غزة يتعرض من وقت لآخر لاعتداءات كبيرة تستخدم فيها مختلف الأسلحة الفتاكة شاهد العالم اجمع مدى خطورة نتائجها القاتلة على اجساد المدنيين .
وحول عمل لجنة التوثيق والاعلام أوضح أن اللجنة هي إحدى اللجان الثلاثة المنبثقة عن اللجنة العليا للطوارئ بوزارة الصحة والمنعقدة بشكل دائم منذ اللحظات الاولى للعدوان ، حيث تم تشكيل لجان فرعية فنية قامت بوضع نماذج لتسجيل وتوثيق بعض الإصابات وتوثيق أضرار المرافق الصحية التي تعرضت بشكل مباشر للاستهداف المتعمد من قبل آلة الحرب الصهيونية ، ما أثر بشكل مباشر على عمل الطواقم الطبية وهدد حياة المرضى والجرحى على حد سواء .
توثيق عالى المستوى :
أما الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي قال ،
إن قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدمت البراميل المتفجرة في عدوانها الأخير على قطاع غزة،
كما استخدمت قذائف انشطارية، و
أخرى تسبب مرض السرطان للمصابين، واليورانيوم المنضب.
وعرض البرغوثى توثيقه لمشاهد العدوان والدمار أثناء زيارته لقطاع غزة عبر معبر رفح خلال العدوان، حيث تمكن من توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي بالأرقام والصور والفيديو والشهادات الحية للمواطنين هناك.
وقال لـ" دنيا الوطن " : الطائرات الإسرائيلية كانت تلقي البراميل المتفجرة على المدن والأحياء السكنية بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من الدمار الشامل والضحايا بدون تمييز، لأن هذه البراميل تسقط في كل مكان، وأنا شخصياً رأيت هذه البراميل في خزاعة والشجاعية وبيت حانون والشوكة وخان يونس ورفح وشمال غزة، ففي كل المناطق استخدموا البراميل المتفجرة، وهو ما يشكل مخالفة واضحة للقوانين الدولية وقوانين الحرب.
الدور الحقوقى:
أما المركز الفلسطينى لحقوق الانسان أكد من خلال جولاته الميدانية ان الاحتلال الاسرائيلى استخدم خلال حربه على غزة أعتى أسلحتها وذخيرتها من الجو والبر والبحر، موقعة الآلاف من القتلى والمصابين، معظمهم من المدنيين العزل بينهم أطفال وشيوخ ونساء، جزء كبير منهم قضوا بعد أن دكت منازلهم فوق رؤوسهم، بالطائرات الحربية دون سابق إنذار. هذا ولم تستثني تلك السلطات الحربية أي شيء في عدوانها فقد استهدفت البيوت والأشجار والرمال، والمنشآت المدنية والحكومية والعديد من الممتلكات والأعيان المدنية.
هذا وتستمر تفاقم الأوضاع الإنسانية للسكان المدنيين في قطاع غزة، والناجمة عن العدوان فى تاريخ 7/8/2014م تدهورت خلاله الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لنحو 1.8 مليون من السكان المدنيين بسبب الحرب والتي تمس حياة السكان وأمنهم وسلامتهم، وقدرتهم على الوصول للاحتياجات الإنسانية الضرورية، وتنتهك حقهم في التمتع بمستوى معيشي ملائم، بما في ذلك الحصول على الغذاء، الدواء، المياه بما فيها مياه الشرب النظيفة، الأغطية والفراش، الرعاية الصحية، التمتع بالحق في المأوى الملائم والآمن، فضلاً عن حقوقهم المدنية والسياسية، وخاصة حقهم في الحياة والأمن والسلامة الشخصية.
وتثير أطنان المتفجرات التي ألقيت على قطاع غزة والأنواع الجديدة من الأسلحة التي تستخدمها قوات الاحتلال القلق من الأثر البيئي والصحي الكارثي على صحة وحياة السكان وعلى التربة والمياه والبيئة العامة في قطاع غزة التي تعاني من مشكلات كبيرة قبل أن تشن قوات الاحتلال عدوانها الحالي بسبب استمرار الحصار والقيود المفروضة على حرية حركة الأفراد والبضائع والمواد الضرورية.
في سياق منفصل لم يزل التيار الكهربائي مقطوع عن أحياء كاملة بسبب تدمير شبكات الكهرباء في تلك المناطق حيث لم تتمكن طواقم شركة توزيع الكهرباء من إعادة تأهيلها من جديد بسبب تكسير وتدمير الأعمدة والأسلاك جراء القصف والتجريف.
مسمار على اثر قذيفة اصابت احد مواطني قطاع غزة المصابين في الحرب ..