رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
صراحة هدا شوشان وسمراوي عندما تستمع اليهم لا تشعر بالحقيقة والصدق يتكلمون بدافع الانتقام من قيادة الجيش وفقط الارهاب في الجزائر له خيوط دعم خارجية لا اول لها ولا اخر عندما تتمسك بمبادئ لا ترضي غيرك فتوقع الاسوء دائما وخاصة عندما لا تحوز قوة ترعبهم هدا فيما مضى اما الان والحمد لله في ضل بداية استرجاع الجزائر لقوتها السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية خاصة لا يتجرا احد من التحدث عن ما يزعجها الا البعض اللدين لا يحسبون على سلطات بلدانهم الجنرالات الجزائريين السابقون اللدين خدمو لفترة في الجيش الفرنسي هم جزائريين وطنيين ساعدو على تحويل جيش ثوار الى جيش متقدم يتحكم في احدث الاسلحة فبومدين رحمة الله عليه ادرى منا واستعان بهم وبتدريبهم من الجيش الفرنسي ومن ثم ارسلهم الى الاتحاد السوفياتي ليكتسبو مزيد من الخبرة في مستوى قيادة الاركان فكفى مزايدة على الجيش الجزائري وجنرالات الجزائر فهم فخر للامة الجزائرية بحفاضهم على كيان الدولة من الانهيار امام المؤامرات الدنيئة لاعدائنا من المقربين او غيرهم
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
تعدّ السجون في أغلب التقارير الأمنية وحتى الإستراتيجية هي المدارس التي يتخرج منها المتطرفون والإرهابيون والمتشددون الإسلاميون وحتى كبار مجرمي الحق العام أيضا، بحكم إعتبارات كثيرة ومختلفة كلها تصب في إطار الفضاء الذي يتيحه الإعتقال من الإحتكاك والتواصل والتقارب والتعارف. وقد وقعت أحداث مختلفة وقف وراءها أولئك الذين قضوا سنوات عديدة في الزنازين بينها عمليات إنتحارية وأخرى محاولات فردية لإحياء عظام جماعات بائدة أو الإلتحاق بمعاقل الجماعات المسلحة. بل أن السلطات الأمنية الجزائرية ومنذ مطلع التسعينيات إهتمت كثيرا بما يجري في السجون وخاصة بعد عملية فرار سجن لامبيز الشهير في رمضان 1994.
ومن خلال تجربتي الشخصية التي إمتدت على مدار اشهر عايشت فيها عينة من الإسلاميين وبمختلف مراتبهم وغلوهم وإنتماءاتهم، أرى من الضرورة إعطاء صورة واضحة ومن الداخل وليس من متابع يرى الأمور عن كثب أو يستوحيها من شهادات متناثرة هنا وهناك وعبر وسائل إعلام تحكمها أجندات معينة، لتتضح معالم ما يجري في تلك الدهاليز المظلمة المسماة في دفاترهم “المدرسة اليوسفية” نسبة للنبي يوسف الصديق (ع)، والتي تظل دوما بعيدة عن أعين المختصين من علماء نفسانيين ورجال دين وأمنيين ومقكرين.
ومهما كانت التحاليل والمتابعات التي تجري بناء على إعترافات تأتي على ألسنة من عايشوا ذلك الظلام الدامس، فلن تصل مصداقيتها إلى درجة شهادة تأتي من قلم باحث ومتابع للشأن الأمني ولتطورات الجماعات الإسلامية، يكون قد عايشهم من الداخل وأجرى الكثير من التجارب وحاول في الآن نفسه أن يلم بما يقدر عليه من معلومات تأتي من طرف أعضاء فاعلين في المشهد المسلح، بل يوجد من عايش أحداثا شهيرة أسالت الحبر وصنعت المد والجزر في الساحة الدولية.
عندما تحك جلدها دولة الإسلاميين وراء القضبان
يعيش الإرهابيون ممن يطلق عليهم في بعض وسائل الإعلام مصطلحا فضفاضا تتجاذبه الحسابات المختلفة وهو “الإسلاميون”، في السجون العربية كلها ومن غير إستثناء أو حتى في السجون الغربية على طريقتهم الخاصة التي يرسمون معالمها من مراجع ومتناقضات مختلفة، وأخرى يستوحونها من خلال مصادرهم وفتاويهم الداخلية والتي تأتي ممن هم على دينهم، وليس من قبل العلماء المشهود لهم بالعلم والمعرفة. فهم يبنون ما يسمونها بـ “الدولة الإسلامية” وفق رؤاهم ومعتقداتهم الخاصة والحصرية عليهم، ويحكمون أفكارهم التي ناضلوا ولقنوا بها سواء في المساجد خلال فترة التسعينيات وما قبلها أو في المخيمات التي ينظمونها بصفة دورية في ظل حرية مطلقة. وأول ما يتبادر لذهن المتابع وهو يتأمل مسيرتهم التي لا تختلف عما عايشوه في أدغال الجبال أنهم يحاولون التميز وصناعة مجتمعا ينشدونه وينظّرون له من خلال كتبهم أو حتى دروسهم ومنتدياتهم في كل مكان، بل جعلوا من دولة الإسلام الأولى –حسب اعتقادهم طبعا- هي النموذج الذي من خلاله يريدون حكم الأمة وإعلان الخلافة المنشودة والتقرب من الله بالحاكمية المطلقة. هكذا يبررون حياتهم التي هي عابرة عن ركام من الألغاز والطلاسم والخرافات والغيبيات والرؤى المتشابكة، مما لا يمكن فك شفرتها بسهولة تامة إلا بالصبر والتجلد وتحمل عقليات أقل ما يقال فيها أنها بدوية تقزم الإسلام في إطار العنف وفتاوى خارقة وتفاسير للنصوص الشرعية على هوى النفوس الناقمة على الوضع أو المتحسرة على أشياء فاتت ومضت، وليس من المنطقي البكاء على أطلالها وفق نواح الرصاص والدم…
الدخول إلى هذه “الإمارة” التي يرونها وفق مقاييسهم ومعاييرهم غير الواضحة “دولة” أو ربما “خلافة” غير معلنة ليس بالأمر الهين ولا هو في متناول كل من هب ودب، فهو يقتضي شروطا وقناعات والتزامات وشكليات وأطر وأسس ومعطيات، أهمها الإيمان بمشروعهم العقائدي المتمثل في تحقيق الدولة الإسلامية، والتصرف وفق قوانين وضوابط يرونها مستمدة من صميم الشرع ووفق مذهب السلف الصالح، ثم الظهور أيضا بالمظهر الذي يقدسونه إلى حد قد يعرض من يشكك فيه ولو من باب المزاح إلى ما لا يحمد عقباه من التكفير والتعزير… لمعرفة حقيقة هذا الواقع، آثرنا أن ندخل هذا الحصن المنيع وهذه التربة المحظورة من خلال بوابة أتيحت لنا بعدما أجبرنا على ما لا نرضاه. وأيضا من خلال مساجين سابقين استطعنا أن نلتقي بهم ويحدثوننا عن تجاربهم وسط هؤلاء الذين لا يعرف عامة الناس حقيقتهم وواقعهم، وحتى حراس سجون آثروا الحديث إلينا في غياب الحذر الذي يفسد على الباحث آفاقه وترتيباته، وسوف نأخذ نموذجا على سبيل الإستدلال فقط حتى تتضح هذه الصورة ألا وهو جناح الإسلاميين بسجن الحراش (الجزائر العاصمة).
إدارة السجون على مستوى التراب الجزائري وفي السجون العربية الأخرى أيضا، بل الأمر يعمل به في السجون الغربية لما يتعلق الأمر بالمتهمين في قضايا الإرهاب، نجدها تخصص للإرهابيين أجنحة خاصة بهم حسب كثافتهم، وتمنع مساجين الحق العام من الاختلاط بهم أو التواصل معهم مهما كان نوعه، وقد برره لنا أحد الأطباء النفسانيين بسجن البليدة مختصرا الأمر في سببين أساسيين:
الأول: هو حماية مساجين الحق العام من الأفكار المتطرفة والضالة والتي قد تدفعهم إلى الالتحاق بالعمل المسلح، وخاصة أن أغلبهم أميين ومستواهم الدراسي والعلمي محدود للغاية، وأكثر من ذلك يوجد بينهم من يعيش في ظروف إجتماعية مزرية قد تدفعه إلى السقوط في شباك جريمة من طراز آخر، بعدما تورط في قضايا متعارف عليها كالسرقة أو الضرب أو متاجرة وإستهلاك المخدرات أو الرشوة… الخ.
الثاني: هو تركهم يحتكون أكثر ببعضهم البعض مما يخلق النعرات والاختلافات والصراعات الموجودة بذورها فيما بينهم، وهذا ما يخدم مشروع الدولة في مكافحة الإرهاب وتفكيك الخلفية الفكرية والإجتماعية لهؤلاء. فإحتكاكهم ببعضهم البعض وفي ظل محيط السجن الضيق يكشف الكثير من المعطيات التي تساعد في إنقاذ بعضهم من براثن التطرف والغلو والإرهاب.
وأضاف ضابط من الإدارة العامة للسجون سببا آخرا:
الثالث: تشديد مراقبتهم ولأهاليهم أيضا، خاصة أن كل السجون تخصص لهم يوما مستقلا للزيارة، فكثيرا ما انكشفت أمور ساعدت مصالح الأمن بالقضاء على جماعات إسناد أو حتى مسلحين بل أحبطت عمليات دموية كانت تستهدف المناطق الآمنة.
أما أحد الضباط السابقين في الأمن ومختصا في هذا المجال فقد أضاف بدوره مبررا جديدا:
رابعا: أن وضع الإرهابيين والإسلاميين عموما في جناح خاص يسهل إختراقهم من الداخل عن طريق إيداع عملاء محترفين ولديهم مستوى كبير من الذكاء والنباهة وتحصيل لائق في العلوم الشرعية، حيث يؤدون دورهم في محاولة تمرير الفكر المعتدل بالرد على حجج التطرف والغلو والتكفير التي تردد في مجالسهم وحلقاتهم العلمية النشيطة في الزنازين والقاعات. وأيضا يساهم في مراقبة سلوكاتهم وتقييمها بما يخدم مشروع مكافحة الإرهاب وحتى إجراءات العفو التي درجت عليها الدولة منذ قوانين الرحمة إلى ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.
ليضيف محدثنا أن هذا الإختراق لعب دوره في زعزعة الثقة بين هذه التنظيمات وتقويض حجج التكفيريين، مما ساعد في تفكيك بنيتها الداخلية وهو الأمر الذي أوصل في نهاية المطاف إلى السيطرة على الوضع الأمني والقضاء كلية على ما تبقى من شبكات الجماعات الدموية.
كما ذكرنا أن الإسلاميين يعيشون مستقلين في أجنحة خاصة بهم، ويطلق على جناحهم عبر إدارات السجون بـ “الجناح الخاص” أو “جناح القانون الخاص”، أما على مستوى المديرية العامة لإدارة السجون فتسميه “جناح الإرهاب”، وإن كان الإسلاميون يفضلون تسميته بجناح “القضية الإسلامية”. وبحكم ما جمعناه من معلومات من الذين تحدثنا إليهم والواقع الذي عايشناه، فالإسلاميون يعيشون بالأفكار والطريقة نفسها عبر كامل السجون.
الضابط عبيد وهو متخرج من الجامعة الإسلامية بالجزائر العاصمة، إشتغل معهم لسنوات طويلة، أرجع ذلك لعدة أسباب من بينها تحويل المساجين من سجن لآخر وكذلك ما توارثوه منذ سنوات الثمانينات عبر أجيال مختلفة، فضلا عن مساهمة الأفغان العرب في بلورة بعض التصورات والضوابط. وإن كانت مثلا في سجن سركاجي “العاصمة” أو لامبيز ” باتنة” توجد زنزانات وليست قاعات كما هو الشأن في سجن الحراش حيث يتاح التعامل بين عدد أكثر بحكم أن القاعة الواحدة لا يقل عدد نزلائها عن الخمسين، وفي أوقات أطول حيث ما يقارب العشرين ساعة يقضونها داخل القاعات. إلا أن الضوابط التي يسمونها “شرعية” ويتباهون بها كثيرا هي نفسها لم تتغير بل تخضع لمعيار ومقياس واحد، يسير وفق منهج الجماعات المرابطة في الجبال والتي نقلت للسجون أيضا وإن كان آخرون يرون أن تجربة الحياة في السجون هي التي جسدت في الجبال بحكم أن الأولى سبقت الثانية. فالعمل المسلح بدأ في التسعينيات بغض النظر عن تجربة مصطفى بويعلي في الجزائر وأخرى في دول عربية مختلفة، أما حياة السجون فسبقتها بسنوات طويلة حيث ظلت المعيار الذي تقيس به بعض الحركات وعلى رأسها الإخوان مدى تحديها لقوى القمع والأنظمة.
ومنه ندرك أن ما تعيشه الجماعات الإرهابية في مغاراتها بالجبال، هو صورة طبق الأصل لما وجدناه ولا يزال ساري المفعول في السجون، وإن كانت الحياة في الغابات والأحراش والمغارات والكهوف تختلف بحكم السلاح والمعارك والهروب من مكان لآخر خوفا من الموت والقصف والتمشيط، أما السجن فيغلب عليه طابع الإستقرار والأمن.
الكاتب انو مالك بجريدة الشروق اليومي يوم 28/03/2010
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
قلم: أنور مالك/
من أجل تقريب الصورة إلى أذهان القراء نأخذ من باب التوضيح نموذجا منه نتعرف على أشياء كثيرة، والأمر يتعلق بالمؤسسة العقابية في الحراش والتي تعتبر من أكبر السجون في العاصمة الجزائرية ، حيث استقبلت آلاف المساجين الإسلاميين، خاصة في بداية التسعينيات لما شنّ النظام القائم حينها حملة واسعة ضد مناضلي جبهة الإنقاذ المحظورة (الفيس) بعد المواجهات الدامية التي شهدتها البلاد وأفرزت تشكيل جماعات وتنظيمات مسلحة من طرف هؤلاء، وقد تجاوز عددهم 2500 سجين حسب مصادر مطلعة.
يتوزعون في الجناح الأول والذي توجد به حوالي أربعين قاعة، وقد توارثوا من جيل إلى جيل الضوابط والطريقة التي يعيشون بها، على أساس أنها فتاوى شرعية ولها أدلتها الصحيحة من كبار طلاب العلم أو حتى شيوخ الحزب المحظور الذين مروا على السجون، ولا يسمح إطلاقا بتجاوزها أو نقدها مهما كانت مكانة الناقد العلمية والدينية، ولو ساق آلاف الأدلة من الكتاب والسنة وآراء السلف.
ونعود إلى السنة الأخيرة قبل العفو عن بعضهم في إطار القوانين التي شرّعها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وتعتبر هذه السنة مهمة في حياة الكثيرين خاصة أولئك الذين قضوا أكثر من عشر سنوات وفي أعناقهم أحكاما بينها الإعدام والمؤبد، إضافة إلى كل ذلك أننا عايشناهم عن قرب وكنا من نزلاء جناحهم وتقاسمنا معهم الفراش والطعام والشراب.
في سنة 2005 لم يبق بسجن الحراش إلا حوالي 300 سجين، يتوزعون على سبع قاعات وهي كالتالي: ((1C – 1B- 2A – 1bis A – 2bis A – 2bis B – 1A ، وتوزيع المساجين فيها يخضع إلى الخلافات العقائدية والمنهجية بينهم، وحسب ولائهم أيضا للجماعات المسلحة المرابطة في الجبال، كما تترك الإدارة لهم الحرية الكاملة في توزيع أنفسهم وبعضهم البعض، وذلك تفاديا للمواجهات والمشاكل التي لا يتأخرون في إشعال فتيلها ولأبسط الأسباب.
فتجد من يسمون أنفسهم بـ “السلفيين” وهم ممن يدينون بالمذهب السعودي المعروف بالوهابية ولكن يخضعونه لأطروحات جهادية متطرفة جرى تداولها في الثمانينات إبان الإحتلال السوفياتي لأفغانستان من العرابين للجهاد في أفغانستان، وكذلك تجد ممن ينضوون تحت جناح تيار الإخوان المسلمين أو حتى ما يعرف بتيار الجزأرة المناوئ لأطروحاتهم وهم من الذين صاروا جهاديين أيضا بعد تغلغلهم في “الفيس” برغم أسسهم التي تتخذ من المفكر العالمي مالك بن نبي مرجعية لها. وتجد التكفيريين من جماعة “الهجرة والتكفير” الموالين للتنظيم الأكثر دموية في الجزائر، كما تلمس وجود متشيعين لكن يمارسون التقية. وتجد في وسط هذا البعبع أشخاصا تم توريطهم من حيث لا يعلمون، فيخضعون لمنطق معين حسب القاعة التي يتم إيداعهم بها، فإن كانوا في جناح السلفيين فهم سلفيون وإن كانوا مع الجزأرة فهم كذلك، وإن نزلوا بقاعات الحق العام فلا يختلفون عنهم أبدا…
في الماضي كان الجناح بكامله يخضع لما يسمى بـ “إمارة السجن” وهي موالية للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، حيث تتم مبايعة فرد يختارونه يكون أميرا للجميع وغالبا ما يكون من الأشخاص البارزين أو المعروفين بتطرفهم ضد كل ما يتعلق بالنظام، وطبعا الخضوع لهذه “الدولة المجازية” إجباري ومن خالف الأمر أو فكر في التمرد فقد عارض الله ويتعرض إلى عقوبات قاسية نتحدث عنها لاحقا في هذه المتابعة، والأمور تصل بعد التكفير إلى الإتهام بالخيانة والعمالة والجاسوسية ويقتل كما حدث عام 1995 حيث قتل المساجين زميلا لهم تحت التعذيب بتهمة الإنتماء للمخابرات، وهي أسهل التهم التي توزع من أجل التخلص من الخصوم أو ممن يشكلون عائقا ما في وجه الإمارة وحاشيتها. وبعد سنوات “تاب” القتلة وصاموا شهرين متتابعين بحجة أنهم ظلموه. وهو الذي حدث في صفوف الجماعات المسلحة التي صارت تتقاتل فيما بينها لمجرد الشبهة أو وشاية من غير بينة، وطبعا دوافع ذلك كلها تتعلق بالغنائم وريع الحرب والسطوة والنفوذ.
كما أن العاصي أو المخالف لمذهبهم السلفي الجهادي أو حتى التكفيري، يسلط عليه التعذيب عبر أساليب وحشية حتى يشرف على الهلاك ولا أحد يستطيع أن يتدخل لحمايته حتى الإدارة نفسها، كما حدث للدكتور مراد – ح مثلا والذي تعرض إلى ما لا يمكن تخيله بسبب الإشتباه في علاقات مع جهات ما في السلطة، وحدث لغيره ممن فقدوا أحد أطرافهم ويوجد من صار معاقا…
لكن الأمور إختلفت لاحقا بعدما طفا تيار “الجزأرة” للسطح وأسس تنظيمه المسلح “الجبهة الإسلامية للجهاد في الجزائر” المعروفة إختصارا بـ “الفيدا”، وكانت تستهدف المثقفين والصحفيين والمسؤولين والمشاهير، نذكر على سبيل المثال لا الحصر إغتيال الأستاذ الجامعي الدكتور جيلالي اليابس والصحفي الطاهر جاووت والصحفي عمر اورتيلان والصحفية خديجة دحماني والدكتور فليسي والمسرحي عبدالقادر علولة والمطرب الشاب حسني والشاب عزيز… الخ. والمعروف أن زعيم “الجزأرة” الروحي هو القيادي في الحزب المحظور بلقاسم الوناس وكنيته المشهورة محمد السعيد، وقد تمت تصفيته من طرف إمارة الجماعة الإسلامية المسلحة “الجيا” في أكتوبر 1994 التي كان يتزعمها أميرها الوطني جمال زيتوني الذي نفذ بنفسه حكم الموت بطريقة وحشية على غرار آخرين حسب روايات متواترة، وتوجد مصادر أخرى تذهب إلى أنه قتل رفقة رجام من طرف المدعو عماد وهو أمير كتيبة بوفاريك وبأمر من زيتوني، بعدما حكم عليهما بالكفر لإتباع تيار “الجزأرة”.
إمتدت الحرب القائمة بين “الجيا” و”الفيدا” إلى السجن، مما سبب متاعبا للموالين للجزأرة التي ينضوي تحت لوائها مثقفون وكوادر جامعية من الداخل أو حتى القادمة من كبريات الجامعات الأجنبية والغربية، وأصبحوا يتقاتلون بالعصي والقفف والصحون وعلب الدواء فضلا عن العضلات التي تمت تقويتها من ممارسة الرياضات المختلفة وبوسائل بدائية وذاتية.
وقد كان “أمير السجن” يأمر بتعذيبهم والتنكيل بهم من طرف عصبته التي يطلق عليها “جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” أو “الشرطة الإسلامية” في سجون أخرى، وهي مجموعة مساجين ممن يتسمون بالقوة العضلية والخشونة والغلظة، يقومون بحراسة سلطة الأمير وتنفيذ “أوامره المقدسة”، التي يعتقد أنها من صميم الدين الإسلامي بل أنها عصب التدين والوجود الإسلاموي عندهم، وشعارهم “الطاعة ولو جلد ظهرك”…
لما أصبح “الجزأريون” يشكلون مجموعة لا يستهان بها تدخلت إدارة السجن بضغط منهم، وأعطتهم قاعة خاصة وهي (1bis A) وصارت تعرف بـ “ قاعة الجزأرة ”، بل غدت القاعة الوحيدة التي تخرج عن طوع إمارة السجن وسلطتها. حدثت الكثير من المحاولات الإنقلابية التي يطلقون عليها عمليات “الفتح المبين” من أجل إخضاع “قاعة الجزأرة” لسلطة “أمير السجن”، إلا أن نزلائها تصدوا لهم بقوة أسالت الدماء كثيرا. ومما رواه لنا السجين السابق الربيع – ب الذي كان نزيلا بقاعة “الجزأرة”، أن “إمارة السجن” تختار مجموعة قوية تهاجم القاعة تحت شعارات التكبير و”عليها نحيا وعليها نموت” المعروفة لدى مناضلي “الفيس”، وعلى مرأى الحراس الذين لا يتدخلون غالبا ربما دفعا لتمرد هؤلاء وإضراباتهم المزعجة أو لأوامر لها حسابات معينة. فيتصدى لهم نزلاء القاعة الذين يختارون بدورهم لمثل هذه الأمور، ويمنعونهم من الدخول والسيطرة على قاعتهم، وجرح الكثيرون وفقد آخرون أبصارهم أو أطرافهم في هذه الحرب المتوحشة التي تجري وفق منطق من الجهل الذي لا يمكن تخيله.
شهوة الإمارة وجنون الأمراء
البيعة واجبة في تصور هؤلاء، ويعتقدون أنه من مات وليست في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، وأكثر من كل ذلك يؤمنون أنه إن لم تتم بيعة أمير فقد وقعوا في معصية محرمة، ويتعرضون لسخط الله وغضبه… لذلك تجد في كل سجن تعلن إمارة، ويطلق عليها “إمارة السجن”، فضلا من أنهم يرفضون قانون إدارة السجون التي تلزم بتعيين مسؤول في كل القاعات يطلق عليه “الناظر”، وهذا الرفض مستمد من معتقداتهم، فهو يدخل في إطار “مخالفة أصحاب الجحيم”، وعقيدة الولاء والبراء التي هي من صميم تعاملهم مع الحراس وهذا الذي سوف نتحدث عنه لاحقا…
فإمارة السجن يحكمها سجين يطلق عليه “أمير السجن”، وهي درجة لا ينالها إلا من يظهر العلم الشرعي والالتزام بمنهج الجماعة في حربها على النظام أو ما يطلقون عليه لفظ “الطواغيت”، ويكون للأمير كما ذكرنا سابقا حاشيته يقومون بتأديب كل من تسول له نفسه عصيان الأمير أو الجهر بأفكار تمس منهجهم، وإن رأيتهم تجهزوا بألبسة وأحذية رياضية أو سراويل الجينز فتأكد أنه هناك من وصل حاله إلى مصير مشؤوم…
نعود إلى سجن الحراش الذي إتخذناه مثالا واقعيا على ما نحن بصدد الحديث فيه، ونرجع بالضبط للفترة التي سبقت العفو الذي بدأ تنفيذه مساء يوم السبت 04 مارس 2006، حيث كان توزيع القاعات على هؤلاء المتطرفين والغلاة كالتالي:
1-BIS-A: وهي “إمارة الجزأرة” ولها أمير مستقل يخضع لنظام توارثوه منذ تأسيس القاعة ولا تخضع إطلاقا لما يسمى “إمارة السجن”.
(2-BIS-A , 2-BIS-B , 1A, 2B) : وهي تشكل ما يسمى بـ “إمارة السجن”، حيث تخضع كلها لأمير يطلق عليه “أمير السجن”، ولكل قاعة أمير يطلق عليه “أمير القاعة”، وتخضع لضوابط أكثر تشددا من “إمارة الجزأرة”.
B 1: لا توجد بها إمارة بل يسيرها شخص يطلق عليه لفظ “الناظر” كما هو معمول به لدى الإدارة، وهي تتكون من المغضوب عليهم من باقي القاعات، أو حتى الأقل تدينا، حيث يباح لأفرادها التدخين في الساحات ومشاهدة الأفلام والمسلسلات لكن من دون صوت ويمنع رؤية النساء.
1C : لها نفس نظام القاعة السابقة، ولكن يسمح التدخين في القاعة ومشاهدة التلفزيون مشاهدة مطلقة، وكل محرم في القاعات الأخرى مباح بها، حتى عدم ممارسة طقوس العبادة، الذي يعتبر جرما لا يغتفر لدى الإمارتين وقد يعرض مقترفه إلى إقامة حد القتل، لذلك يطلقون عليها من طرف القاعات الأخرى بما يرونه تنابزا قاعة “الحق العام”.
للتذكير أنه وقع جدل فقهي عن طبيعة الإمارة المعلنة، طالما أدى إلى صراعات لا تحمد عقباها بين المناهضين والمناصرين، ولكل واحد مذهبه وأدلته وإستنباطاته التي تحكم هواه وتقوي شوكته…
من جهة نجد يخلف شراطي وهو أحد زعماء جبهة الإنقاذ المحظورة، كان عضوا في مجلسها الشوري، قتل في أحداث سجن سركاجي الشهيرة التي وقعت في شهر فبراير من عام 1995، فقد أفتى هذا الأخير بأنها “إمارة شرعية” يخضع لها المساجين وفق ما استنبطه العلماء من الدين عن شروط الإمارة وقواعدها وإلتزامات الرعية نحوها. وعلى سبيل التنويه أنه من الفتاوى الغريبة لهذا الرجل، أنه أفتى بتحريم إرجاع الخبز الفائض لإدارة السجن من طرف نزلاء القاعات، وأوجب على الأمراء أن يأمروا بتفتيته إلى فتات ورميه في المراحيض حتى لا يستفيد منه “الطواغيت” حسب إعتقاده، وصار الإسلاميون يعملون بهذه الفتوى لسنوات عبر كامل سجون الجزائر.
أما في المقابل فنجد إبراهيم رحماني وكنيته “أبو حفص البليدي” وهو أحد المنظرين السابقين للفكر الجهادي وتم إغتياله شهر مارس 2004 من طرف عناصر مسلحة تابعة لـ “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” قبالة مسجد الشيخ العرباوي بالحراش الذي كان إماما له، وبأمر من أميرها الوطني نبيل صحراوي حيث كان وسيطا بين هذه التنظيمات والنظام من أجل المصالحة والحوار. فقد أفتى خلال تواجده بالسجن نفسه أنها إمارة أخرى إجتهد في تسميتها بـ “الإمارة التنظيمية” وهي تدخل في إطار البيعات الخاصة التي وردت نصوصها في الشرع مثل: بيعة الاثرة، بيعة الموت، بيعة عدم الشرك، بيعة الصلاة والزكاة، بيعة القول بالعدل، بيعة النصح لكل مسلم، بيعة الموت، بيعة الجهاد، بيعة النساء… الخ. لأنه لو تعلن “إمارة شرعية” فالواجب يقضي على الجميع مبايعتها حتى ممن هم خارج السجون، ويراها إمارة تنظيمية تحسب في إطار بيعات أخرى غير بيعة الإمامة والحكم، لأنها تهتم بحياة المساجين الإسلاميين ولها الشروط والقواعد نفسها التي للإمارة الشرعية، وواجب شرعا الإلتزام ببنود البيعة المتفق عليها بين المبايعين كالطاعة والوفاء… الخ.
ولقد ظلت “إمارة السجن” ترى نفسها “إمارة شرعية” لأنه لا يوجد في الشرع “إمارة تنظيمية”، بل هو مستحدث ومن بدع “الجزأرة” لا يقبلها الشارع أبدا فإما الشرع أو اللاشرع ولا توجد منطقة وسطى بينهما حسب معتقداتهم، حدث ذلك بالرغم من أن الذي إجتهد فيها هو “ابوحفص” المحسوب على السلفيين ومن التائبين الذين كانوا ينشطون تحت لواء “الجيا”، لكنه إستجاب لدعوة الوئام المدني عام 1999 وصار من العرابين للمصالحة…
أما “إمارة الجزأرة” فتراها تنظيمية وفق ما أفتى به الإمام المغتال، ولم تقبل على الإطلاق الخوض مجددا في هذا الأمر الذي صار من المسلمات ومن يرفضها عليه جمع متاعه ومغادرة القاعة. وننوه أيضا أنه ينسب لأبي حفص فتوى شهيرة في السجن تحرم أكل البصل إطلاقا، حيث ألف رسالة ظلت تتداول بين المساجين بمختلف توجهاتهم، ويطبق الأمراء بنودها بمرسوم يسمونه “ضابطة” في بعض الأحيان، وقد ساق فيها أدلة يراها حجة في تحريم أكل البصل ومن بين المبررات التي ساقها أن فيه إيذاء للغير ويثير الغرائز ويقوي الشهوة… الخ.
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
بقلم: أنور مالك/
تتم تسمية الأمير عن طريق “الإنتخاب” أو ما يسمونه بالشورى عندهم، في جلسة تشتهر بينهم بإسم “الحلقة العامة” يحضرها كل نزلاء القاعة المعنية، ويتم تعيين المترشحين للمنصب من طرف عناصر لها النفوذ وتشكل ما يسمى بـ “مجلس الشورى” أو “مجلس الأعيان” للأمير السابق الذي قد حول إلى سجن آخر أو أنقلب عليه أو أنه طلب الإعفاء وهذا يحدث في حالات نادرة. كما يشرف على إدارة الحلقة أحد عناصر هذا المجلس وغالبا ما يكون إمام القاعة أو أحد الذين يعتقد أنه من طلاب العلم الشرعي.
ينادى النزلاء للإجتماع ويمنع الغياب لأي سبب سوى من يسمح لهم لأعذار كالمرض الفتاك مثلا. بعد الحديث الديني والوعظي حول الإمارة وشروطها وواجباتها وقواعدها، يتم توزيع قصاصات ورقية عليهم، وكل عنصر يختار مرشحه المفضل، وبعدها تعاد القصاصات إلى مسير الجلسة الذي يقوم بالفرز مع شخص يساعده، والمرشح الذي يتحصل على أكثر الأصوات هو من تعلن بيعته حتى من طرف الآخرين الذين لم ينتخبوا عليه، وفي حال تعادل بين مرشحين يعاد الإنتخاب مجددا للإختيار بينهما في ما يعرف بـ “الدور الثاني” وهذا لا يحدث إلا نادرا.
يتقدم المرشح الفائز بوقار ليدير الحلقة العامة، مطأطئ الرأس غالبا كدليل على الإستحياء والتكليف الجسيم الذي لا يرضاه لنفسه لفرط تواضعه كما يريد أن يظهر للجميع، ويلقي كلمة تحريضية على الرسالة التي أوكلت له، وتحفيزية عن الضوابط التي سوف يواصل العمل بها لأجل الحفاظ على الإستقرار بين المساجين، ويدعوهم إلى الطاعة والتفاهم ونبذ العنف والخلافات الهامشية، كما يعيد الأسطوانة المعتادة عن خطر النظام والكفار واليهود والنصارى والطغاة… الخ. ثم يقوم بتعيين مجلسه للشورى الذي لا يختلف عن سابقه غالبا، وأيضا يقوم بإعادة تعيين أمراء آخرين أو يزكي السابقين، ويتمثلون في “أمير المطبخ” و”أمير النظافة” و”أمير المغسل” و”أمير الساحة” و”أمير المطالعة”…
ما ذكرناه يتعلق بـ “أمير القاعة” أما “أمير السجن” فيتم اختياره من طرف أمراء القاعات، سواء كان أحد منهم أو غالبا ما يكون آخرا لم يترشح لمنصب إمارة القاعة. وقد روي الكثير عن الويلات التي يقوم بها هؤلاء في إضطهاد الضعفاء وضربهم وتعزيرهم، وطالما حدثت صراعات بين أطراف وتكتلات تريد أن يكون الأمير منهم، لأن ذلك يوفر لهم الغطاء والحماية والمنعة والإستفادات المختلفة والمتوفرة كالأكل والراحة والقيلولة والتنقل بين القاعات.
ومما يرويه لنا السجين السابق ب – السعيد أنه مرة أتهم أحد المساجين بقضية أخلاقية، وتمثلت في التحرش الجنسي بأحد الشبان، وذلك لتلطيخه ومنعه من الترشح للإمارة نظرا لما يحظى به من التقدير بين عناصر القاعة، وآخرون يتهمون بالتجسس لصالح الإدارة… أما الشيخ فتحي – كما يطلقون عليه – وهو سجين سابق من الغرب الجزائري ويتمتع بسعة في العلم الشرعي، فقد عانى الأمرين من هؤلاء الأمراء الذين يخالفون الشرع ويحكمون بأهوائهم، فالظلم وضرب الناس والاتهام الباطل والأنانية هي طبعهم الذي توارثوه وجلبوه من الجبال وخاصة أن أغلب الأمراء هم من الإرهابيين الذي جرى توقيفهم من قبل مصالح الأمن. حتى أن أحد أمراء السجن الذين حكموا بالقبضة الحديدية وعذبوا الكثيرين بتهم الإنحراف عن الدين، لما أفرج عنه صار يعمل نادلا في حانة بقلب العاصمة، وآخر صار يهرب المخدرات وقبلها لما كان أميرا في السجن يجلد كل من يشتبه فيه تعاطي أقراص النوم التي يعطيها الطبيب النفساني، في حين هم يحرمونها على أساس أنها مخدر محرم.
أما السجين السابق حسين – ب فقد روى لنا ما كان يحدث له مع “إمارة السجن” وقد كان أميرا للمطبخ عندهم، حيث أنه رفض صناعة الأطباق الخاصة للأمير وحاشيته، أو تسليمهم البعض مما يحضره لهم أهاليهم خفية على خلاف الآخرين ممن يمنعون الإستفادة من قفف أهاليهم خارج نطاق ما شرعه الأمير. لذلك تعرض إلى مؤامرة وأتهم بالتكفير وأخرج من القاعة تحت الشتم والبصاق وغيره، ففضل أن يلتحق بـ “إمارة الجزأرة” التي كان أميرها حميد مباركي العون السابق والمتهم الرئيسي في مجزرة سجن سركاجي…
الإنقلابات والمؤامرات على الأمراء تحدث بكثرة فتجد الأمير لا يمكث إلا أسابيعا أو أشهرا ويتم تبديله بغيره ممن إستطاع أن ينسج خيوط مؤامرة التي غالبا ما تكون مقترنة بفضيحة. ويكون هذا المصير غالبا لما يرفض الأمير خدمة مصالح التكتلات النافذة في القاعات أو في السجن، وخاصة ما يسمى بـ “القضية الواحدة” التي عندما يكون عدد أفرادها كبيرا تفوق أحيانا الثلاثين متهما في قضية واحدة وهي ميزة الإسلاميين على خلاف مساجين الحق العام، فيشكلون بتلك العصبة اللوبي الذي يخضع لسلطته الأمير وكل الأمراء. وإن كانت “إمارة الجزأرة” متفتحة بعض الشيء فإن “إمارة السجن” متشددة إلى درجة جنونية، ويروي لنا السجين السابق ب – موسى أنه تدخل لإنقاذ شاب راحت شرطة الأمير تضربه من دون سبب مقنع سوى أنه صافح أحد حراس السجن الذين ينحدرون من مدينته ويعرفه معرفة جيدة بحكم علاقة المصاهرة التي تربطهم. فضرب موسى بدوره ضربا مبرحا وتم طرده من القاعة وفي وقت متأخر من الليل، ليستقبل في “إمارة الجزأرة” طبعا بعد المرور على الضابطة التي سنتحدث عنها، ونال الموافقة للعيش معهم نكاية في “إمارة السجن”… وللتذكير أن إدارة السجن ليست له أي سلطة عليهم سوى المناداة أو غلق الأبواب فقط.
ضوابط وفقه لا ماضي له
تخضع الإمارة في السجن لقوانين داخلية تسمى “الضوابط”، وقد شرعها الأوائل وتم توارثها عبر الأجيال المختلفة للمساجين الإسلاميين، ومن المحظور مطلقا تجاوزها لأنها غدت الميراث الذي يحرم تعدي حدودها الحمراء مهما كانت النوايا أو الأدلة حتى لو كانت نصوصا دينية وفتاوى كبار العلماء… في “إمارة السجن” كما ذكرنا تعتبر الأكثر تشددا عبر كل السجون، فلها ضوابطها التي تميزها، فبالنسبة للدخول إليها والعيش بينهم فلا يمكن أن يتحقق لكل سجين راودته الرغبة في ذلك، فالشرط الأول هو توفر صفات معينة تبدأ من إظهار التدين المتشدد والمتطرف وقابلية الإنضباط بالقوانين، وأيضا يجب قبول كل عناصر الإمارة لهذا الشخص الذي يطلب الإلتحاق بهم، وتتم المشورة في “جلسة عامة” وإن عارض فرد واحد يتم رفض الطلب ومن دون معرفة حتى السبب الذي دفعه إلى ذلك الموقف، ولما تتم الموافقة فسيجد في إنتظاره الضوابط التي لا تحصى ولا تعد.
وهنا يجب أن ننبه إلى أمر هام أنه بالنسبة للوافد الجديد للسجن الذي يبعث من طرف الإدارة مباشرة إلى تلك القاعات، فإنه يتم قبوله مباشرة تفاديا للمواجهة مع مديرية المؤسسة ولكن يضعون أمامه لحظة دخوله كل الضوابط التي وجب أن يتحلى بها، وإلا يغادر القاعة بلا تردد لأنه لا يمكن التنازل عنها، وطبعا الوافد الجديد الذي كان تحت صدمة إيداعه السجن فضلا عن فترة قضاها تحت النظر لدى المصالح الأمنية، لا يجد سوى الرضوخ إلى الأمر الواقع.
الضوابط المتعارف عليها والتي يلقنونها لبعضهم البعض كأنها الكتاب المنزل تبدأ بالتدين والتمذهب بما يؤمنون به من تكفير للنظام والشعب والعلماء، وأيضا يرون أنه لا حل إلا الجهاد والقتال ووفق رؤى “الجماعة السلفية”، هذا على المستوى العقدي الذي لا يقبل النقاش أبدا. أما على مستوى الحياة العامة فتبدأ بالأكل الجماعي ولا يسمح لأي كان أن يعتزل ومبررهم أن الذئب يأكل من الشاة القاصية ويعرب الذئب في هذه الحالة ليس الشيطان كما هو معروف عند الجمهور بل الحراس والمخابرات على حد تخيلاتهم.
لقد خصصت زاوية من القاعة كمطبخ يشرف عليه ما يسمونه بـ “أمير المطبخ”، له طباخين يساعدونه في إعداد الوجبات، حيث يتم إعادة طبخ طعام الإدارة الذي يسمونه “طعام الطاغوت” وذلك بإضافة توابل حتى تتحسن وتصير شهية وقابلة للأكل، أو تسخين أكل الأهالي بواسطة ما يعرف عندهم بـ “الطومبو” ويصنع من صحون الألمنيوم وزيت الزيتون ومناديل الورق وبطريقة يتحول إلى موقد ويسهل أيضا دسه في أماكن لا تصل لها عيون الحراس أثناء التفتيش الأسبوعي المعتاد أو المفاجئ. أما في أيام الزيارة التي يختلف تنظيمها من سجن لآخر فيسكبون وجبات الإدارة بالمراحيض، ويوزعون بينهم ما يحضر من طرف العوائل. وتنظيم الزيارة يختلف من سجن لآخر ففي الحراش مثلا كانت مرتين في الأسبوع ثم حولت ليوم واحد.
السجين العائد من هذه الزيارة يمنع من فتح قفته أو الإطلاع عما فيها، يسلمها مباشرة للمطبخ، وتكون طعام الجميع خلال الأسبوع وفق تنظيم يشرف عليه “أمير المطبخ” وبرعاية “أمير القاعة” و”أمير الخدمات”، ولا يسلمونه إلا بعض الأغراض الخاصة كاللباس الداخلي - مثلا – الذي يسمح إدخاله عبر القفف أما الألبسة الأخرى فلها يومها وطريقتها الخاصة. وهذا الأمر نفسه بالنسبة لـ “إمارة الجزأرة” وتختلف سوى في ما يتعلق بالفواكه أو الحلويات التي تعاد إلى صاحبها بعد أخذ قسط منها يوزع فيما بعد على النزلاء، الذين يتوزعون في جماعات يطلق عليها بلفظ محلي شهير “القرابة”… بالنسبة للقاعتين الأخريين الخارجتين عن قبضة الأمراء فكل شخص له مجموعته ولا يوجد شيء إسمه “عامة”، فكل شخص مسؤول على قفته وما يأتي به أهله…
في هذا الإطار يجب الإشارة إلى أن من أسباب التناحر بين الأمير والآخرين هو المطبخ وتوابعه، حيث تجد المقربين من “القيادة” لهم حظوظ أخرى ومميزات، تدفع الآخرين إلى النقد وهذا الذي يجر لهم الويل لأن الأمير مقدسا والحديث فيه من الممنوعات والمحرمات التي لا يسمح بها إطلاقا.
التنظيف يكون أسبوعيا ويشارك الجميع بلا إستثناء، ويوجد تنظيف يومي يقوم به أشخاص يسمح لهم الأمير بالبقاء في القاعة وعدم الخروج الإجباري للساحة، كما يوجد عند بعض القاعات الأخرى تنظيف يومي يقوم به ما يسمونه بالخدمات وأسبوعي يشارك فيه الجميع، أما نظام الزنازين فيختلف لأن كل زنزانة يتكفل به أصحابها ويوزعون الأدوار فيما بينهم…
وهنا نذكر أن “الخدمات” التي تقوم بالتنظيف بعد الوجبات وغسل الأواني والصحون، فتسير وفق ضابطة لا تختلف بين الجميع، حيث يقسم النزلاء إلى مجموعات تتكون من نزيلين في كل مجموعة، والخدمات مقسمة إلى خدمتين يوميا، “خدمات قاعة” وتتمثل في تحضير الموائد وتوزيع الأطباق بين المجموعات، وبعد الإنتهاء من الأكل يتم تنظيف القاعة وجمع الصحون والأواني في مكان أعد خصيصا لذلك، ثم يأتي دور المجموعة التي تسمى “خدمات المغسل” لتقوم بتنظيف الأواني. وهنا نذكر أن الأمير وأعضاء مجلس الشورى والمقربين منه والشيوخ العجزة والمرضى لا يؤدون هذه الخدمات، وقد نشبت مشاكل كبيرة في هذا الموضوع، حيث تجد بعض النزلاء يتميزون بالراحة لأنهم من الحاشية، ويختلق الأمير وحاشيته أعذارا يزعمون أنها “موانع شرعية” يبررون بها القرار، وهو الذي يقابل بالسخط لدى العامة ممن لا سلطة ولا قوة لهم. ويذكر بعض ممن عايشوا الجماعات المسلحة في الجبال أن الأمر نفسه يحدث وأخطر من ذلك بكثير فالمحتج يقابل بالذبح وليس بالعقوبة والتعزير كما في السجن.
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
بقلم: أنور مالك/
“إمارة السجن” تفرض ما تسميه بـ “الرباط”، وتبريرهم لذلك هو البعد العقدي والإستراتيجي القتالي الذي يمارسونه ويتدربون عليه على أساس لما يتحرروا مما يسمونه “الأسر” يلتحقون بجبهة القتال قبل أن يعرجوا إلى بيوت أهاليهم الذين تلقوا الويل من سفر ومصاريف باهضة لأجل إنقاذهم من الأحكام المشددة. وطبعا – حسب معتقداتهم – في الأول أنه توجد نصوص دينية تحث على رباطة الجأش في سبيل الله و”الجهاد” وحراسة الثغور، وفي الثاني أنهم يتدربون على السهر والحراسة كإعداد للفرد لما يفرج عنه ويلتحق بالتنظيمات المقاتلة في الجبال كما ذكرنا، وهي تعليمات تصلهم من “الإخوة” ويقصدون الإرهابيين المتواجدين في الميدان.
والرباط لدى تلك “الإمارة” هو تعيين شخص أو شخصين حسب رغبة المرابط، والضابطة تفرض الرباط كل ساعتين، حيث يقوم النزيل أثناء هذه المهمة بعدة أمور تم حصرها وتلقينها لكل وافد جديد عليهم:
- توفير الماء لنزيل قد أحس بالعطش ومن دون أن يغادر فراشه.
- تغطية نزيل سقط عنه الغطاء أثناء النوم.
- تسوية وضعية غير مباحة لسجين أثناء النوم كأن يتمدد على بطنه مثلا، أو يتعرى جزء من جسده المعد عندهم عورة بإستثناء اليدين حتى المرفقين والقدمين والوجه والرقبة.
- العبادة وقيام الليل والتهجد لذلك تجد أن البعض يريدون الرباط من أجل قيام الليل والصلاة والدعاء.
- المطالعة للكتب والبحث الذي يقوم به ما يسمى عندهم بطلاب العلم الشرعي.
- حفظ القرآن والأحاديث النبوية وأراء السلف.
- مراقبة المشبوه الذي يقع تحت طائلة “الشبهة الشرعية” كأن يرونه يختلي بشاب أمرد في مقتبل العمر عليه مسحة يوسفية كما يسمونها أو يتحدث له طويلا، للتذكير أن الشاب بمثل هذه الصورة يسري عليه حكم الأنثى وسط الرجال، تحرم الخلوة به في تشريعهم طبعا.
- إيقاظ المساجين الذين يودون قيام الليل أو الإستيقاظ قبل الفجر.
- التمريض وتذكير كل نائم بمواعيد الدواء وخاصة أصحاب المرض المزمن.
- مراقبة الجميع وتبليغ الأمير بأي حديث يدور وذلك لمنع الإنقلابات والفتنة عليه، وهو ما يسمونه “التشربيك”، أي الوشاية والغيبة في حق الإمارة والتحريض على التمرد.
أما بالنسبة لمشاهدة التلفزيون فهو يمنع منعا باتا في “إمارة السجن”، حيث تتوفر كل القاعات على أجهزة تلفزيون مجهزة بالقناة الوطنية وأخرى محلية إسمها “الأمل”، لكن يتم إلصاق آية قرآنية أو حديث على شاشته، وصار مجرد ديكور فقط. ولسنا بصدد الحديث عن الأسباب “الشرعية” التي يستندون لها فيعرف القاصي والداني الجدل والخلافات الدينية في ذلك.
أما “إمارة الجزأرة” في الحراش فلها ضابطة أخرى حيث يسمح بمشاهدة نشرات الأخبار والأشرطة العلمية والمقابلات الرياضية والحصص الخاصة وتمنع الأفلام والمسلسلات ولو كانت دينية، ولكن يجلس دائما نزيل مكلف بالمهمة قرب التلفزيون يحمل لوحة بحجم الشاشة، حيث لما تظهر امرأة يقوم بما يسمونه “الطمس” حيث يخفي وجهها وصدرها بقطعة من الكرتون. حتى في المقابلات الرياضية فيتم “الطمس” عندما تظهر الكاميرا فخذ لاعب أو مؤخرته في لقطة ما، أو يكتم الصوت إذا انبعثت الموسيقى، على أساس أن كل ذلك محرما ولا يقبل النقاش حوله ولا الإختلاف فيه.
لكن توجد أطروحات وتنظيمات أخرى، فنجد في قاعة (1b) بالحراش دائما وإضافة لما ذكرناه سابقا، يسمح فيها بمشاهدة الأفلام لكن بالضابطة نفسها التي تختص بها “إمارة الجزأرة”، أما ما يسمونه بقاعة الحق العام وهي ( 1c) فكل شيء مباح والتلفزيون هو عصب الحياة عندهم، لذلك تجد المحرومين من هذا الأمر يفضلون اللجوء إلى ارتكاب محظور والتعرض للعقوبات حتى يتم طردهم ويختارون طبعا التلفزيون الذي به يرفهون على أنفسهم بعض الشيء.
يجب أن نذكر أنه حدث جدل كبير في “إمارة الجزأرة” حول المقابلات الرياضية فيوجد جناح يراها حراما لأنها تدخل في إطار القمار وتظهر عورات الرجال وفيها حتى عقيدة الولاء والبراء وتلهي عن العبادة وهو المعمول به في “إمارة السجن”، إلا أن الجناح الفاعل رفض تغيير هذه الضابطة الموروثة التي تركها أسلافهم ولا يمكن تغييرها مهما كانت الحجج والأدلة.
أمر آخر يمكن الإشارة إليه وهو تنقل الأفراد بين القاعات أو الساحات، بالنسبة لـ “إمارة السجن” فيمنع تنقلهم للقاعات الأخرى باستثناء “إمارة الجزأرة” أجازوا ذلك في السنوات الأخيرة فقط ولكنه مشروط بالضرورات الملحة كأن يزور أحد شقيقه أو إبنه أو أحد عناصر قضيته، ولا يسمح لدخول القاعة أو الساحة إلا بإذن خاص من طرف الأمير. أما بالنسبة للقاعتين الأخريين فيمنع منعا باتا الاحتكاك بهم، لأنهم يعتبرون فساقا ومنحرفين ومخترقين أيضا من طرف إدارة السجن. وفي “إمارة الجزأرة” ليست لهم ضابطة في الأمر سوى أنه يجب إعلام الأمير عند الزيارة في القيلولة أو التبادل مع نزيل في قاعة أخرى للمبيت، ويفعلون التبادل حتى لا يتم الإخلال بالنظام التعدادي للقاعات الذي تراقبه الإدارة في كل دخول أو خروج، وحتى لا يتفطن له من طرف أعوان الحراسة الذين يمنعون مثل هذه الأمور، ولكن أحيانا يعلم الحراس بذلك لكنهم يتجاهلون الأمر مادام لم يحدث أي خلل أو مشكل في النظام العام.
للنوم ضوابطه أيضا سواء في القيلولة أو في الليل، بالنسبة للحالة الأولى فتبدأ من بعد تناول وجبة الغداء وتنتهي عند رفع آذان الظهر ولا يسمح لأي كان بالحديث أو إحداث الجلبة خلال هذه الفترة، أما في الحالة الأخرى فالسكوت النهائي يبدأ في ساعة يتفق عليها ما بين النزلاء في حلقة عامة وتنتهي عندما يرن جرس الحراس للإستيقاظ الصباحي.
أما بالنسبة للصلاة فهي جماعية وفي وقتها ولا يسمح لأي كان أن يصلي منفردا، ولهم إمام يتم تعيينه من طرف الأمير وغالبا ما يكون أحفظهم للقرآن وفي بعض الأحيان أقربهم من الحاشية، هذا في الصلوات اليومية أما في الجمعة فهي تقام عادية يؤدي الإمام خطبتين وركعتي الصلاة، ويتناول في الخطبة قضايا مختلفة سواء التي تهم المساجين أو التي تتعلق بالخارج. صلاة العيدين فتكون في الساحة حيث لـ “إمارة السجن” صلاتهم عبر كامل السجون، أما في الحراش نجد لـ “إمارة الجزأرة” صلاتهم أيضا، ففي الوقت نفسه تسمع إمامين وأذانين وصلاتين. وكذلك بالنسبة لصلاة التروايح في رمضان تقام عادية فإن وجد حافظا للقرآن فهذا يغنيهم عناء القراءة من المصحف التي يضطرون لها عندما لا يوجد بينهم حفظة القرآن كله…
وقد حدث الجدل الواسع حول رخصة التقصير في الصلاة وسقوط الجمعة والعيدين والإفطار في رمضان وأدى إلى نشوب نزاعات ومعارك سالت فيها الدماء كالعادة، غير أنه دفعا للعواقب الوخيمة تم ترك الأمور تسير على حالها كما ورثوها من باب دفع الفتنة على حد تعبيرهم، وخاصة في الآونة الأخيرة التي ضعفت شوكتهم وقل عددهم، وطبعا أن السابقين أفتوا بالإتمام في الصلاة وصيام رمضان، وإن كان الكثيرون يأخذون بما يرونها رخصة الإفطار لكنها سرية ولا يجوز الجهر بها.
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
بقلم: أنور مالك/
الحلقات الدينية والدروس والوعظ يوميا وبصفة دائمة، وكذلك ما يسونه “السمر” الذي تتخلله المسابقات الفكرية وحتى الرياضية والمتمثلة في المصارعة، أو المقابلات في كرة القدم وكرة اليد وحتى كرة السلة أحيانا والتي تجري في الساحة… أما الحلقات الدينية التي لعبت دورها في تجنيد مقاتلين فتتوزع ما بين دروس العقيدة ويتداول بين أيديهم كثيرا كتاب العقيدة الطحاوية وشرحها للعلامة محمد الصالح العثيمين وكذلك كتاب التوحيد لمحمد بن عبدالوهاب ومختلف الشروح التي تناولته، وهنا يجدون فرصتهم البارعة في تكفير النظام وتجنيد النزلاء بالسلفية الجهادية. وكذلك تتناول حلقاتهم قضايا الفقه وحفظ القرآن والحديث، وتجد المدرس يعطي تفاسيرا تناسب هواهم في التكفير والقتال ولا يمكن أن يحيد عن ذلك وإن وجد نفسه مضطرا فغالبا ما يتجاوز تلك الإشكالية بالتجاهل والسكوت.
أما السياسة فلا شأن لهم بها، بل يوجد بينهم من يقوم بتكفير جبهة الإنقاذ المحظورة وشيوخها بسبب الحزبية التي يرونها من المحظورات التي وقعوا فيها، وسمعت مرات متعددة توجيه التكفير لعباسي مدني ونائبه علي بن حاج. وكما لا يسمح لأي كان أن يتخلف عن الحلقات التي يطلق عليها “عامة”، وتوجد أخرى “خاصة” كتعليم قواعد الترتيل والتجويد أو جماعة يحفظون سويا القرآن أو يتعلمون النحو والإعراب، وهناك أيضا دروسا لمحو الأمية التي يتم تعليم بعض النزلاء الكتابة والقراءة.
بالنسبة للجرائد والصحف التي تحضرها الإدارة أو بإشتراك من طرف النزلاء أو حتى العوائل فالضابطة تلزم ومن دون الإطلاع عليها لحظة وصولها من الإدارة تسليمها لنزيل يسمى “أمير المطالعة” يكلفه “أمير القاعة”، فيأخذ قلما ويقوم بطمس وجوه صور الأشخاص أما النساء فتطمس كاملا، وتحذف المقالات التي لا يسمح بمطالعتها كالجنسية والفنية والأبراج وحتى الدينية التي تخالف منهجهم وغيرها، أيضا تقطع الصفحات المخصصة للإشهار مهما كان نوعه. أما بالنسبة للمشتركين فيمنع اشتراكهم في الصحف الفنية وحتى أخرى إخبارية ممن عرفت بمحاربة الجماعات المتطرفة كالشروق مثلا لأنها تشوش عليهم وتفسد أجندتهم، بل توجد قائمة يعدها “مجلس الشورى” للصحف المسموح بإقتنائها…
إحضار الكتب من مكتبة السجن أيضا له ضوابط فتمنع الكتب الروائية والقصصية والكتب الدينية لبعض العلماء كالشيخ يوسف القرضاوي والإمام محمد الغزالي والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي وشيوخ السعودية المعاصرين ممن أفتوا ببطلان الجهاد الذي يزعمونه في الجزائر، وحتى دعاة الفضائيات من مثل عمرو خالد وغيرهم ممنوعون بسبب أنه لا باع لهم في العلم الشرعي وأصوله، ويوصفون بالممثلين الذين لا فرق بينهم وبين أولئك الذي أدوا أدوار العلماء في المسلسلات كالشافعي والأفغاني… الخ، أما الآخرون فهو بمثابة علماء الفتنة والضلال والبدع والخرافات والسلاطين على حسب مزاعمهم طبعا، وتسمعهم يرددون دوما مقولة تنسب للشيخ علي بن حاج الذي يصف هؤلاء بعلماء الصحون، في حين من نال رضاهم كالمقدسي وبن لادن والظواهري فيصفونهم بعلماء الثغور والسجون.
كما يمنع تعليق الصور في جدران القاعات حتى لو كانت لمناظر طبيعية، ولا يسمح لأي أحد منهم أن يطلب إحضار صور أبنائه، فذلك من الموبقات والفتن التي يعاقب عليها الأمير ويسوقون بعض النصوص الشرعية التي تذهب لتحريم الصور ولا يقبلون برأي يخالف ذلك مهما كان الأمر.
محاكمات للمساجين داخل السجن
ذكرنا على سبيل الإختصار بعض الضوابط التي يفرضها الإسلاميون في السجون على بعضهم البعض، كما اشرنا أيضا إلى أنه يتعرض للعقوبات كل من يخالف تلك الضوابط أو يعترض عليها أو يرتكب بعض المخالفات. وهنا نتحدث عن بعض العقوبات التي يشرعونها ويطبقونها بتطرف شديد كأنها نزلت وحيا من السماء، وخاصة بالنسبة لـ “إمارة السجن” التي تتشدد وأكثر راديكالية في الأمر، ولا تتساهل أبدا مهما كانت أسباب ودوافع تلك المخالفة…
تبدأ رحلة العقاب بإجتماع أعضاء ما يسمونه “مجلس الشورى” أو “مجلس الأعيان” في بعض السجون الأخرى، وذلك بساعة على الأقل لتدارس القضية المطروحة عليهم والإتفاق فيما بينهم على طريقة مواجهة الشخص المقصود. وبعدها ينادى على “المتهم” الذي لا خيار له سوى المثول بطيب خاطر ولو يرفض سيجبر بالقوة ولو تقيد يداه، ويجري الحديث الإنفرادي معه وتعريفه بمقرر إتهامه والأدلة التي يحوزون عليها التي غالبا ما تأتي عن طريق شهود، وهي التي تسمى “البينة” في فقههم. يدافع عن نفسه بإنكار أو نفي ما ينسب له، وطبعا ذلك لا يؤثر في مجرى الأمور لأن العقوبة أعدت سلفا.
تنتهي أطوار المحاكمة بعقد المجلس مشورة داخلية وتحت رئاسة الأمير وفي غياب “المتهم” الذي يطلب منه المغادرة وإنتظار بعض الوقت، ويتم الإتفاق النهائي بينهم على العقوبة التي ستسلط عليه، ثم بعدها يستدعى مجددا ويخبرونه بالعقوبة ولا خيار له طبعا إلا الإمتثال وإظهار الخضوع التام لها. وآخر محطة هو إعلان القرار في جلسة عامة أحيانا أو ما بعد الصلاة الجماعية حيث يقف الأمير ويخبرهم بما تقرر في “مجلس الشورى”، في حق المتهم الفلاني الذي بدوره يكون قد بدأ في تنفيذ الأمر.
العقوبات مختلفة وكثيرة ومتعددة وهي درجات تخضع لطبيعة الإتهام أو درجة غضب الأمير وحاشيته، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر أبرز ما يتداول بينهم:
1- التعزير: وهو مستوحى من التعزير المتعارف عليه في الفقه الإسلامي والذي تحكمه ضوابط دقيقة لا يمكن التساهل فيها أو التسرع في الحكم بها، إلا أنه عند الإسلاميين سواء في الجبال أو السجون تحكمه الأمزجة وأعراف وتقاليد صارت تتوارث فيما بينهم، وإن كانوا يحاولون تبرير ذلك بفتاوى على المقاس.
والتعزير عند هؤلاء يتمثل غالبا في الجلد وتختلف عدد الجلدات حسب العقوبة التي يقرها حكم المجلس، قد تصل أحيانا إلى 100 جلدة تنفذ على البطن أو الظهر وفي الجبال وصلت للدبر، وبسلك كهربائي سميك أحضر بطرق خاصة عن طريق عناصر الحق العام الذين يشتغلون في الورشات.
2- الهجر: حيث يتم تسليطه على المعاقب، وذلك بمنع التحدث إليه أو مجالسته أو الأكل معه، وفق زمن محدد يعلن عنه يبدأ من ثلاثة أيام ويصل إلى 3 اشهر، وقد روى لي الكثيرون ممن جالستهم أنه يوجد من هجر 9 أشهر كاملة من دون شفقة ولا رحمة، حتى بلغ به الحال إلى محاولة الإنتحار أو ما يشبه الجنون والمس. وكل من يخالف الحكم ويتجرأ على كسر ذلك الهجر فيتعرض هو بدوره إلى العقوبة ربما تكون أشد وخاصة في حال العود.
وتجدر الإشارة إلى أن عقوبة الهجر تستعمل كثيرا في إطار المؤامرة لعزل شخص مخالف في المنهج والمعتقد، وهذا حتى لا يتجرأ على نشر أفكاره وخاصة إن كان متمكنا من النصوص الشرعية.
3- التأديب: وله أساليب مختلفة مثل الشتم والإهانة ولكنه غالبا ما يجري بالضرب المبرح وعلى مرأى المساجين الآخرين وحتى الحراس أحيانا، وقد نقل الكثيرون للمستشفيات وسببت لهم عاهات مستديمة، ويقوم بالتنفيذ العناصر التي تسمى بجماعة الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر التي هي عبارة عن شرطة مصغرة تحمي سطوة الأمير وتنفذ سلطته بالعصا الغليظة والعنف الدموي. وتشهد العملية تصفية الحسابات إلى حد لا يطاق.
4- الخدمات: وتتمثل في أداء خدمات في القاعة أو الساحة، كغسل الأواني وتنظيف القاعات ودورات المياه، لمدة زمنية محددة تبدأ من أسبوع وتصل أحيانا إلى شهر كامل، ولكن يوجد من عوقب بثلاثة أشهر خدمات حتى كاد أن يفقد عقله بسبب ما عاناه من ضغط نفسي ومعنوي وإحساس رهيب بالإذلال والإهانة التي لا يمكن الصبر عليها إطلاقا، وخاصة عندما يجد نفسه يغسل أغراض الأمير ولباسه الداخلي أحيانا.
5- الحرمان: وهو منع السجين المتهم من ممارسة أشياء معينة ومحددة، كأن يحرم من زيارة الأهل والأقارب حتى وإن جاءوا من أبعد المدن وقطعوا مئات الأميال، أو يمنع من ممارسة الرياضة أو الأكل من مطبخ الإمارة، ويحتم عليه الأكل من ما يسمونه “طعام الطاغوت” ومن دون التعديلات التي تجرى عليه. وطبعا يتعمدون إفساده بطريقة مقززة عن طريق رمي الأوساخ والفضلات وحتى البصق فيه.
6- العبادات: وهي عقوبة غريبة لم نعثر لها على أثر في الكتاب ولا السنة، والأكثر من كل ذلك أنه لا يمكن إعتبار العبادات عقوبات أبدا، إلا أن هؤلاء يجيزون كل ماهو متاح بين أيديهم ولو خالف النصوص الصريحة والواضحة، حيث يعاقبون المساجين بإجبارهم كرها على ممارسة عبادة معينة كقيام الليل لمدة محددة أو صلاة النوافل أو صيام أيام يحددها مجلس الشورى، وكذلك نجد الإجبار على حفظ أحزاب أو جزء من القرآن الكريم أو عدد معين من الأحاديث النبوية مع أسانيدها ورواتها ورواياتها المتعددة، وهذا يعاني منه كثيرا كبار السن أو الذين لا يحسنون القراءة والكتابة.
7- الرباط: وهذا يتعلق بـ “إمارة السجن” حيث يعاقب السجين المغضوب عليه بالرباط الليل كاملا لمدة أسبوع أو أكثر، حسب ما يشرعه مجلس الشورى طبعا، وفي النهار يحرم من البقاء في القاعة للنوم، كما يمنع من التمدد في الساحة لذلك تجده ينام جالسا في ركن لدقائق يستغلها لأنه غالبا ما يتعمدون إزعاجه بجلسات عامة في الساحة أو حلقات دينية إجبارية أو يكلف بخدمات أخرى وهكذا يصاب بإنهيار لا مثيل له بحرمانه من النوم لأسبوع وبينهم من يسقط مغشيا عليه وينقل للعيادة في حال يرثى لها.
8- الطرد: وهو طرد المخالف والمعاقب من القاعة أو الزنزانة التي يتواجد بها وترمى له أغراضه خارجها، وهذا الذي يتكرر كثيرا في كل السجون، يحدث ذلك بعدما يتعرض طبعا للتأديب المشار إليه سابقا وحينما يرفض الإنصياع للأوامر ويكون قوي البنية ممن يخشى من رد فعلهم يشرعون الطرد لتفادي المواجهة معه. وأحيانا يقع ذلك في ساعة متأخرة من الليل بعدما يجبرون طاقم الخفارة على فتح الباب.
9- إعلان التوبة: تحدث هذه كثيرا عندما يتعلق الأمر بمخالفات عقدية ودينية وهي تلك التي لا تتماشى وسلفيتهم الجهادية، فقد رأيت أحدهم أجبر على التوبة وإعلانها بسبب مصافحته لحارس سجن، ورأيت من أجبر على الدخول مجددا في الإسلام بعد الغسل لأنه ذكر المدعو عبدالمالك درودكال بما يسيء والتهمة طبعا هي التعدي والمساس بأعراض من يسمونهم “المجاهدين”.
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
بقلم: أنور مالك/
ومما يذكره لنا السجين السابق سدّي – م أنه عاش حالات كثيرة من هذه المحاكمات وسمع القصص الكثيرة عن مساجين تم تعزيرهم وأجريت لهم عمليات جراحية فيما بعد، بل هناك من توفي بسبب أعراض الضرب المبرح الذي مورس عليه، وأغلبهم تلفق لهم المكائد حتى يتخلصون منهم ومن أفكارهم التي تلقى القبول لدى العوام خاصة ممن هم يسيطرون عليهم بالقوة والعضلات المفتولة وليس بالحجة والبرهان والدليل، خاصة أولئك الذين يملكون العلم الشرعي ويرفضون تجاوزات الإمارة والعصابة التي تدعمها لأجل السيطرة على السجن والمساجين، ولقد بقيت تلك الأحداث راسخة في ذهنه لا ينساها أبدا. ويوجد من جرى التآمر عليه لرميه أثناء إكتظاظ المساجين من على شرفة القاعات، ويخطط على أنه رمى نفسه منتحرا.
ومما يرويه السجين السابق أيضا خ – أحمد الذي كان موقوفا بسجن البرواقية وقد قضى أكثر من 13 سنة وهو يتردد على سجون مختلفة، أنه عاش الكثير من هذه الأحداث ولو رواها لكتبت في مجلدات، وذكر أن ما عاناه المساجين الإسلاميين من تسلط الأمراء داخل السجون أكثر مما عانوه من طرف الإدارة والنظام، فقد كان شاهدا على مقتل مساجين تحت الضرب وأيضا رأى ما يندى له الجبين من المكر والمؤامرات فيما بينهم من أجل الهيمنة والسيطرة على الأجنحة ومحلات الإحتباس، والتي تعني السيطرة على الأكل والشرب والفراش المريح واللباس النظيف.
أما الدكتور مراد – ب الذي عذّب في سجن الحراش حتى كاد أن يهلك، واستعملت معه طريقة “الشيفون” في مغسل القاعة بعدما أتهم زورا بالتجسس لصالح الإدارة، وقد أجريت له عدة عمليات جراحية بسبب ما حدث له، ففضل أن يختصر مآسي الإسلاميين وراء القضبان بقوله: “الأمراء عذبونا وظلموا الناس في السجون لدرجة لا يمكن وصفها، فكل من يخالفهم في الرأي يصل به الحال إلى تدبير مكيدة مع شهود يتم مسبقا إعدادهم ويدفع الثمن باهضا لشيء هو بريء منه”، ليضيف: “لقد تحولوا لوحوش خاصة أولئك الذين كانوا في الجبال فهم مصابون بداء الكراهية ومتعطشون للدماء، لذلك يختلقون أبسط الأشياء لأجل القتل والتنكيل بالأبرياء”. وقد عمل طبيبا في سجن البرواقية وعالج الكثير من حالات التعزير البشعة التي يقشعر جلده لما يتخيلها، توحي فعلا لمدى الوحشية التي يتصفون بها خاصة أولئك الذين ألفوا الذبح والسلخ والقتل في الجبال.
محدثنا روى لنا مثلا ما حدث للرعية الفرنسية ديدي روجي المحكوم عليها بالمؤبد، حيث أن الأمير وحاشيته منعوه من إستقبال أعوان السفارة الفرنسية الذين يحضرون له القفف وبها كل متطلباته في السجن من أكل ولبس وأدوية، وحجتهم أنها تأتي من الكفار الذين لا يجوز التعامل معهم. فأخذ بالأمر ونفذ هذا السجين الفرنسي ما أمر به. بعدما وقّع على وثيقة رفضه بصفة نهائية لكل ما ترسله له السفارة، منع المساجين عنه وعلى رأسهم الأمير تلك المعونة التي وعدوه بها قبل التوقيع. وبسبب الحاجة صار يشتغل حمالا للقفف مقابل تفاحة أو برتقالة أو أي شيء آخر، حيث ينتظر أمام المكان المخصص للزيارات والسجين الذي تكون قفته ثقيلة يقوم بحملها له وإيصالها حيث يريد مقابل ما ذكرنا… وللتذكير أن ديدي روجي قبض عليه عام 1991 في قضية تهريب السلاح للجماعات المسلحة وكانت ضربة قوية وجهتها مصالح الأمن الجزائرية لجماعات الدعم والإسناد في الخارج، في حين عدّه الكثير من المتابعين للشأن الإستخباراتي أنه كان مجرد محاولة فاشلة للمخابرات الفرنسية لإختراق التنظيمات المسلحة.
أما جمال – م وهو من قدماء الأفغان العرب وشارك في حرب البوسنة أيضا حسبما كان يتباهى ويردد على مرأى الجميع، فقد تحدث لنا عما عاناه “الأفغان” من تسلط الأمراء بحجة أنهم غير مقتنعين بما يسمونه “جهاد الجزائر” أو أنهم من التكفيريين الذين خضعوا لمنهج عنتر زوابري، وأختصر لنا ما يحدث من وراء القضبان أنه “ظلم وإنحراف وفساد”…
أما زميله نكاع – ك وهو أفغاني جزائري أيضا وينحدر من ولاية قسنطينة، فقد عوقب مرات متعددة وهجر بسبب رفضه لكثير من الأوامر التي – كما قال – تخالف الشرع ولا تمت بصلة لأخلاق المسلمين، فقد طلب منه “أمير السجن” في أحد المرات أن يشهد ضد سجين أتهم بالفاحشة وهي اللواط، غير أنه رفض رفضا قاطعا مما عرضه للسخط وثورة الأمير وحاشيته، وطبعا كانت القضية عبارة عن مؤامرة أريد منها الإنتقام من ذلك السجين الذي رفض القرارات الجائرة التي يفرضها الأمراء وحاشيتهم.
معارك داخلية
يعلن الإرهابيون الذين ينتمون إلى “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” في كل السجون حربهم على التكفيريين الذين ليسوا على مقاسهم أو ما يفضلون تسميتهم بـ “جماعة زوابري” أو بلفظ آخر “الزوابرية” نسبة إلى أمير الجماعة الإسلامية المسلحة “الجيا” الدموي عنتر زوابري الذي قضت عليه قوات الأمن ببوفاريك في فيفري 2002، وحجتهم أنهم تجنوا على “الجهاد” وإرتكبوا المجازر في حق عموم الشعب كما إنتقموا من عوائلهم ذبحا وتقتيلا مثل ما جرى في بن طلحة والرايس وغليزان، وقد أكد لنا بعض الأمراء وحتى من جماعة زوابري أن القتل في بن طلحة إستهدف أسر إرهابيين من التنظيمات الأخرى والتي هي بدورها إستهدفت أسرهم وجماعاتهم في بعض المناطق وهو الذي سنتحدث عنه لاحقا. وهناك أيضا من يتهمهم بالعمالة للمخابرات الاجنبية، التي يعزو بعضهم سبب تلك الجرائم إلى الإختراق أو التلاعب الإستخباراتي وخاصة الفرنسي منه، مما دفعهم إلى إرتكاب تلك الحماقات التي لا تغتفر، وكان سببا مباشرا إلى ثورة الشعب عليهم جميعا وإنتصار النظام الحاكم وتوطيد بنيان مؤسساته التي كانت مهددة بالسقوط.
وفي المقابل يعلن المحسوبون على “الجيا” أيضا حربهم العقدية بنشر أفكارهم التكفيرية والمخرجة للملة لكل من خالفهم، والبدنية عن طريق التشابك بالأيدي وإستعمال اللكمات، والمسلحة أيضا بملاعق يتم شحذها حتى تتحول إلى ما يشبه السكاكين… الخ، يحدث ذلك كله ضد من يخالفهم الرأي ولا يطلق التكفير والردة على عموم الشعب الجزائري. ومما كانوا يرددونه أن القفف التي يحضرها لهم أهاليهم هي عبارة عن غنائم تحصلوا عليها من طرف كفار مرتدين، كما سمعت أحدهم يصف والدته العجوز بما يندى له الجبين، وهي التي تجاوز سنها الثمانين والتي تضطر إلى التسول من أجل أن تحضر له بعض الطعام. كما روى لنا أيضا أحد قدماء “الجيا” قصة تقشعر لها الأبدان ، أن أحدهم قام بإختطاف شقيقته من بيت والده، ثم وضعت في عريش وتداول عليها عناصر المجموعة بالإغتصاب، وطبعا ينال حظ فض بكارتها الأمير. وكان يحدث كل ذلك على مرآه ولم يتردد في التحريض عليها وإنتهاك عرضها بالرغم من صراخها وإستنجادها به، الأمر حدث في أحد الغابات المحاذية لسيدي موسى. بعد أكثر من ثلاثة أشهر وهي مجرد متاع يتداول عليها أكثر من 150 عنصرا، ولما ظهرت عليها أعراض الحمل، تقرر ذبحها فطلب “شقيقها” أن ينال شرف ذبح تلك الكافرة كما ورد على لسانه، وهو الذي حدث بالفعل… والقصص التي سمعتها هي أغرب من الخيال ولا يمكن حصرها في هذا المقام.
في المؤسسة العقابية بالبرواقية نجد لمساجين “الجيا” قاعتهم وساحتهم الخاصة بهم ولا يختلطون بالآخرين ولا يتواصلون معهم، والأمر نفسه في سجن سركاجي لهم زنازينهم وكان من بين أشهر هؤلاء نذكر بولمية فؤاد الذي إغتال القيادي بجبهة الإنقاذ عبدالقادر حشاني في نوفمبر 1999، وشقيقه كان سجينا أيضا في الحراش، جزم مرارا وتكرارا بتورط فؤاد في الاغتيال بحجة عقيدة الهجرة والتكفير التي ينتهجها ويتدين بها فضلا من مقته الشديد لحشاني الذي يتهمه بـ “الجزأرة”، وهو الكلام الذي ظل يردد في أغلب الجلسات الخاصة والعامة وسمعته من الكثيرين بينهم ممن كان مقربا من عائلة بولمية، حتى وصل الأمر إلى حد التواتر، وهذا الذي ينفي تلك الفرضيات التي روج لها عن تورط جهاز آخر في مقتل زعيم الإنقاذ.
أما في سجن الحراش وخاصة منذ عام 2000 وبصفة أخص خلال الفترة التي تزامنت مع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، فقد كان أتباع “الجيا” قلة لا تتجاوز العشرين عنصرا، تمت محاصرتهم في قاعتين تخرجان عن سلطة وتنظيم الإمارتين اللتين تحدثنا عنهما من قبل “إمارة السجن” و”إمارة الجزأرة”. ومن أشهر الأشخاص الموجودين والمغضوب عليهم كثيرا نذكر شامة محمد المعروف بـ “القعقاع” وقد حكم عليه بالمؤبد في 21 مارس 2007 وبعد الإستئناف أعيدت محاكمته وكان الإعدام هو منطوق الجلسة في 21 جانفي 2010، وتناقلت وسائل الإعلام الجزائرية سجل التهم المنسوبة إليه، وأشدها المجازر المروعة في حق المدنيين وعناصر الأمن وتصفية قيادات وأمراء الجماعة الإسلامية المسلحة “الجيا”، بل أكثر من ذلك أن عائلات ضحايا مجزرة الأربعاء ناشدته في بيان نقلته الصحف بالكشف عن جثث أبنائهم التي ذبحها “القعقاع” بنفسه، وهو الذي سنتحدث لاحقا عن بعض ما دار بيني وبينه من إعترافات خطيرة للغاية.
من ضوابط إلتحاق أي سجين بقاعة تابعة لإحدى الإمارتين في الحراش أن لا يكون من “الزوابرية” وإن لاحقته الشبهات فيجب أن يتبرأ من ذلك علنا ويعلن توبته على مرأى الجميع في حال الماضي الذي يكون قد قضاه تحت لواء هذه الجماعة، وهناك من يستعمل التقية خشية من تعرضه لمضايقات فينفذ لهم ما يريدون تفاديا للبطش والضرب. والغريب أنك تجدهم في صلاة الجماعة يدخلون بين الصفوف وفي نيتهم أن إمامهم أحد منهم، حيث يصطفون مع بعضهم البعض وقد عقدوا النية على إمامة أحدهم إتفقوا عليه. فيظهرون للناس أنهم يصلون جماعة مع المساجين وفي أنفسهم لهم جماعتهم وإمامهم الخاص بهم.
بل بينهم أيضا من يصلي الجماعة بنية الإنفراد، وهذا الذي سمعته من بعضهم والسبب أن الصلاة باطلة وراء من حكم عليه بالردة والكفر والضلال.
لقد تعرضوا للضرب المبرح والمحاكمات والعقوبات عبر كل السجون وخاصة حيث لا شوكة لهم، ويذكر لي خالد وهو سجين سابق أن “القعقاع” كان يتباهى علنا بأن ما تحضره له أمه العجوز من طعام هو غنيمة، لذلك تجد عناصر “إمارة السجن” يحاولون إستفزازه وهو عائد من الزيارة، حتى يرد عليهم ويكون المبرر لضربه والإنتقام منه.
لهذا نجد أن أي شخص غير مرغوب فيه تلفق له تهمة عنتر زوابري أو أنه يصلي بنية الإنفراد ويجندون شهود زور يزعمون في جلسات المحاكمة أنهم سمعوه يعترف بذلك. حتى أن إسماعيل- ق وهو من منطقة بودواو “ولاية بومرداس” تعرض إلى المحاكمة لدى “إمارة السجن” فطرد من القاعة بعد ضربه طبعا، وتعرض لمحاكمة أخرى في “إمارة الجزأرة” بالتهمة نفسها، حيث أرسل الأمير أشخاصا له وراحوا يتحدثون إليه بنية توريطه في قضايا عقدية، وإسترسل الرجل يسرد بعض أفكار الوهابية عن التوحيد، وفي سياق حديثه ذكر بخير أحمد بوعمرة وهو أحد زعماء جماعة الهجرة والتكفير في الجزائر، وساق تكفيره للعلامة إبن باديس بسبب بيته الشعري الذي يقول فيه: (شعب الجزائر مسلم)، حينها قدم للمحاكمة وشهد ضده أولئك المقربون من الأمير. أصدرت الحلقة في حقه أمرا بإعلان التوبة خلال ثلاثة أيام وإلا سيعاقب، ولحسن حظه أنه حكم عليه بالحبس غير النافذ وغادر السجن في آخر يوم من المهلة الممنوحة له…
الإسلاميون في السجون يعترفون بأن “الجيا” والتكفيريين المحسوبين على زوابري وجمال زيتوني هم من إرتكب المجازر المروعة في حق المدنيين. وقد روى لي أحدهم ما حكاه لهم أحد قدماء التنظيم من جرائم مروعة، نذكر منها خطف النساء وإغتصابهن، حيث توضع ما تسمى بـ “السبية” في عريش وينال الأمير حظ الإستمتاع الأول بها، وبعد ذلك يتداولون عليها الواحد تلوى الآخر والضابط في ذلك هو العزل، وإن خالفه أحدهم وتخبر السبية الأمير به، فإنه يقتل على مرأى أصحابه، ويوجد من فعل بأخته على مرأى عينيه بعدما إختطفها بنفسه كما ذكرنا من قبل…
من الجرائم التي كانت ترتكبها “الجيا” نذكر على سبيل المثال لا الحصر: بقر بطون الحوامل وإستخراج الجنين وذبحه، وضع رهينة في برميل كبير ويصب عليه الجبس المبلل حتى عنقه ثم يعرض لحرارة الشمس، مما يجعله يجف، ولما يستوي نهائيا يرمى من أعلى مكان في الجبال حيث يتدحرج حتى يقطع عنقه ويبقى جسمه مدفونا في البرميل… آخر روى لي أنه حضر لرهينة قطعوا أطرافها ثم قطعوا لسانها وبعدها بقروا صدرها وإستخرجوا قلبها الذي راح ينبض في يد الإرهابي، مما دفع هذا الأخير بأن يسلم نفسه لمصالح الأمن، وهو الذي بقي سائرا حتى في “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” التي خرجت من رحم “الجيا”، ولا يزال متواصلا اليوم على يد المدعو ابومصعب عبدالودود أمير ما يسمي نفسه “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” سواء عن طريق فتاوى التترس أو التكفير الذي ينتهجه لأنه تخرج من تحت عباءة جمال زيتوني وعنتر زوابري.
أيضا أنه من مبادئ “الجيا” أن شخصا لما يكون كبيرا في السن أو جريح فقد أحد أطرافه أو عليل طريح الفراش ويصبح يشكل عبئا عليهم، يطلبون منه السماح لهم بقتله، فيوافق على الفور ويعقدون حلقة حيث تجد كل واحد يوصيه وصية، فمنهم من يطلب منه تبليغ سلامه إلى الصحابة ويذكرهم بالإسم فهذا يبلغ تحيته للفاروق عمر بن الخطاب وآخر إلى أبي بكر الصديق… الخ، ويوجد من يبعث سلامه إلى الأنبياء والرسل وهكذا، وفيما بعد يقتل غيلة حتى لا يتأثر ولا يفتتن في دينه وفي خاتمته حسب إعتقادهم…
ومما يدخل في هذا الإطار أيضا أن المسلحين الذين سلموا أنفسهم لمصالح الأمن في إطار قوانين العفو أو غيرها، محكوم عليهم بالردة في كل السجون، ويجوز فيهم حد القتل حسب فتاوى منسوبة لشيوخهم بينهم قادة سابقين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ. وتزداد نقمتهم أكثر على أولئك الذين أرشدوا على مكان تواجد المسلحين وكانوا سببا في توقيفهم أو القضاء عليهم، فتجد التائبين يتعرضون للويل والإنتقام والمطاردة والمؤامرات المختلفة. وكما تمنع الإمارة السلفية وكذلك الجزأرة – في الحراش – إلتحاق من ثبت عليه ذلك ودخول القاعات التي يسيطرون عليها، ولهذا وجدوا ملاذا في قاعات أخرى محسوبة على الحق العام أكثر حتى وإن تواجدت في أجنحتهم.
ويذكر لنا أحدهم أن مسلحا من منطقة بومرداس سلم نفسه في جانفي 2006 وتم إيداعه السجن وقد أعتدي عليه وهو عائد من العيادة وسبب له كسر ضلعه وتهشيم أنفه، بعدما أفرج عنه في مارس 2006 في إطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، تم إغتياله في الأيام الأولى قرب بيته، وبنفسه سمع إتصالات هاتفية مع الجماعة المسلحة عن طريق المحمول المتوفر في السجن، وأعطوهم تاريخ مغادرته والمكان الذي سيتواجد فيه لأنه جرى إختراقه عن طريق شخص تقرب منه وكان يأخذ المعلومات منه بطريقة ماكرة.
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
بقلم: أنور مالك/
من القضايا الحساسة جدا بالنسبة للإسلاميين هو علاقتهم بإدارة السجن وبالحراس خصوصا وبكل ما له علاقة بمؤسسات الدولة عموما، حيث يطلقون عليهم لفظ “الطاغوت” ويخرجونهم من الملة لأنهم قد طالهم حكم الردة حسب مزاعمهم، كما يتعاملون معهم كأعداء وكمرتدين كفار يجوز قتلهم والتنكيل بهم وسبي نسائهم وإنتهاك أعراضهم ونهب أموالهم. ولكن بسبب الضرورة وما تقتضيه المصلحة وضعوا قواعد معينة لهذه العلاقة، ومن يتجاوزها فقد يصل إتهامه إلى درجة العمالة والتجسس، والذي يعني بلا شك الموت أو ما يقاربها، فيمنع الحديث مع الحراس أو أي عنصر من إدارة السجن بالنسبة لباقي المساجين ومن يحتاج شيئا عليه أن يتحدث للأمير، والذي بدوره يتصرف وفق المعمول به.
حيث أن الأمير يقوم بتعيين أحد المساجين الموثوق بهم يطلق عليه تسمية الإدارة المعروفة بـ “الناظر” وهو الذي يتعامل معها مباشرة في كل شؤون المساجين والقاعات، وفي الأمر رأوا مصالحا متعددة بينها عدم إظهار “الأمير” لـ “العدو” لأنه من الشروط الشرعية في الحرب والسلم أيضا، إلى جانب جعله دوما في رتبة القداسة ولا يمكن أن ينزل به إلى درجة قد تعرضه إلى الإساءة، فمن يتعامل مع الحراس قد يتخاصم معهم ويتعرض للعقوبات والعزل في الزنازين الإنفرادية مع اللصوص وتجار المخدرات، أو يتصرف بأشياء لا تليق بالأمير الذي يلبسونه رداء الجلالة…
لم يقتصر الأمر على منع التحدث مع الحراس بل وصل حد أن الضحك والإبتسامة والمصافحة من الموبقات التي تهلك صاحبها، حتى أنه لما يدخل عليهم في القاعة لأجل المناداة المعمول بها، والتي تعني التأكد من عدد المساجين في القاعة وقت الدخول والخروج، فلا يردون عليه السلام، بل أن “إمارة السجن” أفتت لعناصرها بوجوب الرد كما كان يرد به الرسول (ص) على اليهود والكفار وهو: “وعليكم”.
في الإضرابات التي يشنونها يزداد حقدهم أكثر، فتجد الحارس إن مر عليهم يشتمونه ويبصقون في وجهه ويستفزونه بألفاظ الكفر والضلالة، وطالما ضرب الحارس من طرف نزلاء قاعة لا تجد الإدارة حلا لهم، وغالبا ما تلجأ إلى الترحيل نحو سجون أخرى وتفريقهم كأقصى ما يمكن فعله معهم… وقد أباحوا الكذب بل جعلوه من السنن التي يثابون عليها، سواء في الشكاوى التي ترفع ضد إدارة السجن أو حارس ما يكون صارما معهم، أو عندما تزورهم المنظمات الدولية كالصليب الأحمر مثلا، فيتفقون على نسج خيالات وأساطير من أجل النيل ممن يسمونه “الطاغوت”. وإن زارهم مسؤول سامي من وزارة العدل فلا يتركون الفرصة تمر من دون أن يكيلوا الضربات للإدارة المباشرة، وحتى بعض الذين تعرضوا للضرب المبرح من طرف حاشية الأمير يفرضون عليهم أن يثيروا قصة جراحهم على أساس أنهم من ضحايا التعذيب في السجن أو مصالح الأمن، أما من تعرضوا لذلك فعلا لدى المصالح المعنية فأمرهم أكثر بكثير.
“الكذب المباح” والذي حدده الفقهاء في حالات معينة لا توجد فيها مطلقا ما يفتي به هؤلاء، قد أجازوه وابتدعوا معاريض جديدة، بناءا على مراجعات فقهية قدمها الكثيرون ممن يرفعونها لدرجة “طلاب العلم الشرعي” أو الشيوخ المسجونين ممن هم على فكرهم وتصورهم، ولا يسمح لأي كان مهما بلغت درجة علمه أن يفتي بغير ما هم مقتنعون به، فـ “الكذب على الطاغوت” واجب عندهم ومن يرى غير ذلك فقد أخلّ بأصل من أصول التوحيد والإيمان !!
وفي هذا السياق نروي قصة أحد المساجين في البليدة كان شقيقه يعمل حارسا في السجن نفسه، فمنع من التحدث إليه أو رد حتى السلام، ولما رفض ذلك وشاهدوه يتكلم مع أخيه، أتهم بالتجسس عليهم لصالح الإدارة وضربوه ضربا أرقده بالمستشفى 15 يوما، وهذا ما رواه لنا السجين السابق الذي رافقه في القاعة نفسها ق – بغدوش… وطبعا ما جرى أثناء التسعينات من قتل الأخ لأخيه أو أمه وأبيه لا يمكن وصفه ويحتاج إلى وقفات ووقفات.
بلغت عدم ثقتهم فيما بينهم إلى حد لا يمكن تخيله وقد توارثوا الأمر مما جرى أيضا في الجبال، حيث عندما يتلقى أحدهم إستدعاء من طرف الطبيب مثلا لأجل التحاليل أو الكشف أو دواء أحضر له من الخارج، يرسل الأمير نزيلا قتفي أثره من بعيد ليراقبه عن كثب ربما يكون متجها نحو وجهة أخرى كمكتب ضابط الحيازة أو مدير السجن، لأن هاجس المخابرات يقض مضجعهم، وخاصة إذا تعلق الأمر بشخص يظهر لهم أنه يحمل قناعات أخرى غير التي يحملونها، أو يوجد من حمل وشاية عنه للأمير ولو كانت كاذبة المهم أن تأتي من الحاشية…
مع ذراع زوابري الأول
“القعقاع” هي كنية أحد العناصر الخطيرة للغاية التي كانت تنشط تحت لواء الجماعة الإسلامية المسلحة “الجيا”، وإسمه الحقيقي شامة محمد من مواليد 1963 بالشبلي “البليدة”، كان مقربا من عنتر زوابري الأمير الأسبق لـ “الجيا” والدموي رقم واحد الذي إقترف مجازرا يندى لها الجبين في حق المدنيين خلال التسعينيات قبل أن تقضي عليه مصالح الأمن في منطقة بوفاريك، بل كان يوصف بالذراع الأيمن له. فقد كان محل ثقة ويعرف الكثير من أسراره التي لا يمكن أن يصل لها باقي المجندين في التنظيم الدموي.
لقد أشرنا سابقا إلى أن “القعقاع” حكم عليه بالسجن المؤبد ثم بعد الإستئناف صدر في حقه حكما بالإعدام، ولو نظرنا إلى قائمة الجرائم التي توبع من أجلها لوجدناها ثقيلة جدا ففيها الإغتصاب وفيها القتل والمجازر والقنابل في الأماكن العمومية والإبادة الجماعية… الخ. وقبل أن نتحدث عن بعض الإعترافات التي سجلناها على لسانه من خلال فترة عايشناه فيها في قاعة واحدة بسجن الحراش، وبالرغم من أنه كان حريصا بادئ الأمر إلا أنه مع مرور الأيام إستطعنا أن نكسب البعض من وده وباح لنا بفيض من غيض مسيرته في “الجيا” وبعض الخفايا التي تنشر لأول مرة عن المجازر خاصة.
شارك “القعقاع” في عدة عمليات دموية مثل اقتحام فيلا للقوات الخاصة، وقتل 11 فردا من عائلة تقيم ببوقرة “البليدة”، واستهدف المناطق العمرانية بمنطقة الأربعاء سواء عن طريق القنابل أو بالحواجز المزيفة أو بالسطو والقتل والنهب، وفي عملية واحدة قام بإغتيال العديد من المواطنين ومن ضمنهم 19 طفلا تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات، وأيضا اختطف 30 فتاة قاصرة وتمّ اغتصابهن جماعيا في مركزهم، ثم بعدها قام بقتلهن وبأمر من عنتر زوابري، إلا واحدة سنها 14 سنة والتي مكثت لديهم شهرين جرى تكليفها بطهي الطعام وجلب الماء والتنظيف، وقد اختطفوها بعدما اغتالوا 48 شخصا واختطفوا 7 فتيات قتلوهن جميعا بعد اغتصابهن.
وتورط ”القعقاع” أيضا في القضاء على أكثر من 200 مواطن أعزل و50 عسكريا، حيث بعد التحاقه بالجماعات المسلحة بعامين اغتال 10 أعوان أمن، عندما كان ينشط ضمن كتيبة ”الحق” تحت إمرة ”عبد الحق” المدعو ”مصعب” الذي قضى عليه عنتر زوابري الأمير الوطني لـ “الجيا” آنذاك بعد خلاف نشب بينهما بسبب الريع والغنائم، وكشف لي “القعقاع” أن إقدام زوابري على قتل مصعب كان بسبب أحد المختطفات الجميلات التي أراده لنفسه في حين زوابري أراد أن تكون له ولوحده ولا يقترب منها أحد أبدا. وتوالى الخلاف بعدها على أموال أخذت من مركز بريدي في ولاية البليدة.
وكانت “الجيا” التي كان ينشط فيها “القعقاع” تأخذ الفتاوى من المكنى ”أبو المنذر” الذي كان أول من أفتي بجواز قتل المدنيين والإغتصاب والسرقة والحرابة وكان تكفيريا إلى أبعد الحدود، وروى لي “القعقاع” أن أبا المنذر كان يرى رفض أوامر الأمير زوابري هي ردة لا حل له سوى إقامة حد القتل بعد التعذيب. كما يشير قرار الإحالة إلى أنه قد تم تكليف “القعقاع” في 1998 بتنظيف المنطقة التي كان ينشط فيها من القنابل، فانفجرت عليه إحداها تسببت له في جروح بليغة على مستوى الرجل، كما شارك في مجزرة بن طلحة التي راح ضحيتها 550 مواطن، ومجزرة سيدي امحمد بالبليدة التي اغتيل فيها 450 مواطن، ومجازر أخرى متعددة لا يمكن حصرها.
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
“القعقاع” هو من بين المساجين الذين تحدثت إليهم وعايشتهم لأشهر في سجن الحراش، وهو ينحدر من الشبلي كما ذكرت، وقد اخبرني انه ألقي عليه القبض في سوق بومعطي “الحراش” في 17/04/2005، في حين محاضر التحقيق تذهب إلى أنه قبض عليه ببوفاريك وكان بصدد دخول المستشفى للعلاج من إصابة في رجله اليمنى المعوقة بسبب إنفجار قنبلة. لقد إلتحق القعقاع بالجماعة المسلحة عام 1995 وكان ضمن جماعة عنتر زوابري الذي يعرفه من قبل وكانت تربطه به علاقة شخصية. لا نريد أن نسترسل كثيرا في قضيته ولكن نتحدث عن بعض الأمور ولو على سبيل الإختصار التي باح لي بها، فيها المتعلق بالمجازر التي شارك فيها وأخرى بالحياة الشخصية لعنتر زوابري الذي كان يلازمه كثيرا.
لقد شارك “القعقاع” في كثير من المجازر والكمائن والإغتيالات برفقة كل من عبدالقادر أمريش المكنى “أبوالدحداح” الذي ينحدر من بوفاريك، ومع المدعو عبدالقادر الدزيري من العقبة الحمراء بالبليدة، وأيضا مع المدعو الشيخ يحيى من بلدية وزرة بالمدية. كما رابط ما بين جبال تمزقيدة والبليدة، وكانوا يجبرون سكان الأرياف على دفع الجزية لأنهم في حكم الكفار حسب فتاويهم.
تجدر الإشارة إلى أن “القعقاع” كان يحكي لي شيئا وأحيانا يتراجع عنه وفي مرات أخرى يروي نقيضه، بل توجد أمور نفاها وبعدها إعترف بالمشاركة فيها ونحتفظ بمحاضر حوارات أجريت معه تجدها متناقضة أحيانا والسبب هو تقلبات مزاجه السريعة، وقد حاولت أن أعيد ما روى لي في لحظات الجد التي جمعتنا وهو ما سمعته بقرائن أخرى ومن طرف أشخاص آخرين تفيد ما يمكن الإعتماد عليه. وإن كان قد حاول التهرب من شبهات التشيع التي تلاحقه إلا أن ذكره لأهل السنة على أنهم نواصب ومن بني أمية وأحفاد معاوية ويزيد وسبه للصحابة وإتهامه لهم بالردة أحيانا خاصة في لحظات الغضب التي تنتابه، كما يصف عقيدته التي يدين بها وخاصة صلاته الإنفرادية وتكفيره لكل من معه، على أنها عقيدة آل البيت، ثم تبريره للإغتصاب على أنه متعة مباحة… الخ. كل هذه الأمور تؤكد على أنه متأثر إلى أبعد الحدود إن لم يكن يعتنق المذهب الشيعي ويدين به.
وتشير بعض المصادر أن موجة التشيع إنتشرت في “الجيا” وخاصة من طرف أتباع محفوظ طاجين وهو أمير وطني سابق للتنظيم كان قد تدرب في معاقل “حزب الله” بلبنان وتربطه علاقات واسعة مع مراجع شيعية في إيران خاصة، وقد تنازل عن الإمارة لصالح جمال زيتوني الذي قام لاحقا بتصفيته على غرار ما جرى لمحمد السعيد وعبدالرزاق رجام وزرفاوي بوبكر… الخ.
شارك “القعقاع” شخصيا في مجزرة بن طلحة والرايس حسب ما رواه لي وإن كان قد أنكر في الأول رغبة منه في الإستفادة من ميثاق السلم والمصالحة ولكن لما تأكد القرار عكس ما يريد راح يحكي من دون تحفظ أحيانا، وكان لا يزال على قناعته أن ما قام به في حق المدنيين هو من عين الجهاد وسيثاب عليه يوم القيامة كما يرفض تسميتها بالمجازر، ويكفر نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان.
ولما سألته عن الأطفال الذين ذبحوا فقد أعاد لي قصة الخضر مع موسى عليهما السلام حيث أقدم على قتل الطفل الذي سيرهق أبواه طغيانا وكفرا. وعندما ألححت عليه أن يعطيني السبب الحقيقي لمجزرة بن طلحة – مثلا – من غير ما ساق من أفكار ومعتقدات تدين بها “الجيا” ويفرضها زوابري على أتباعه، وبعد شد ومد أكد لي أن المجزرة كانت رد فعل على ما إقترفته جماعات محسوبة على الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي أغارت على معاقل أحد الجماعات التابعة لهم في منطقة تالة عشة بالشريعة وقتلت ما يقارب المئة من عناصرهم وأبادتهم بطريقة بشعة، والمعلومات التي كانت متوفرة لديهم أن الذين شاركوا في العملية ينحدرون من بن طلحة ومن الحي الذي أقترفت فيه المجزرة. كما روى “القعقاع” أنه عند حدوث مجزرة تالة عشة التي ذهب فيها حوالي 100 إرهابي كان برفقة أبوطلحة وهي كنية عنتر زوابري في بيت مهجور بنواحي الصومعة وكان معهم أيضا أعضاء من مجلس شورى الجماعة، كما كان معهم أحدهم يدعى أبودجانة وهو مبعوث أمير المنطقة الغربية.
لما بلغهم الخبر عن طريق موفد أمير المنطقة، أمر زوابري بعقد إجتماع طارئ لمناقشة طريقة الرد على مقترفي العملية المحسوبين على مدني مزراق كما قال. وعند مناقشة هوية الأشخاص الذين ينشطون في المنطقة تأكد لديهم أنه يوجد من بينهم كثيرون ينحدرون من بن طلحة، وأرسل عنتر في طلب أحد اتباعه وهو من منطقة بن طلحة، وهنا طلبت أن يذكره بالإسم فرفض وتظاهر بنسيان إسمه الحقيقي ولكنه كشف لي عن كنيته وهي أبوياسر وكان يتواجد بنواحي بوفاريك. وقد بلغ الغضب بزوابري إلى درجة لا يمكن تخيلها وخاصة أن من بين القتلى مقربين منه وحتى أبناء “حومته”، ومما قاله: “سأنسف بن طلحة واشرب من دمائهم”.
في مساء ذلك اليوم من شهر أوت 1997 حضر المكنى أبوإلياس وأعطى تقريرا مفصلا عن هوية الأشخاص الذين شاركوا في المجزرة وكان الكثيرون منهم ينحدرون من حي الجيلالي ببن طلحة. فوقف عنتر زوابري الذي كان يسب ويشتم ويتوعد وقال بالحرف الواحد: “سنبيد الحي الذي جاء منه هؤلاء الكلاب” حسب “القعقاع” دائما. ومن ذلك الوقت بدأ التخطيط للمجزرة إلى أن نفذت في ليلة 22/23 سبتمبر 1997 وقد قادها عنتر زوابري شخصيا. وعندما سألت “القعقاع” عن دوره في تلك الليلة المشؤومة أكد على أن المجموعة التي كان عددها 215 عنصرا تلقت الأمر من أميرها بإبادة الجميع بلا إستثناء ولو كان رضيعا. فجرى الذبح والقتل بالفؤوس وبصورة لا يمكن تخيلها. وتفادى أن يعطي تفاصيلا عما إقترفه بنفسه وإن كان أكد على حضوره المباشر لعملية ذبح عجوز وهي أم أحد المسلحين الذين يحقد عليهم عنتر زوابري كثيرا. حيث لما وصلوا للبيت الذي لديهم كل المعلومات عنه تدخل الأمير الوطني قائلا: دعوها لي. حيث هشم رأسها بفأس كان في يده وراح يبقر بطنها بسكين ويشرحها بطريقة مجنونة، بل أنه كان يقول لهم: سأقطعها إربا إربا وأضعها في مقلاة ونتغذى بها نكاية في إبنها “عدو الله”.
أما عن الإحتياطات التي أتخذت من أجل التصدي لقوات الأمن والجيش عند التدخل، فقد أكد “القعقاع” أنه توجد مجموعات أخرى نصبت كمائن وزرعت قنابل في كل الطرق المؤدية إلى عين المكان، كما وضعوا حماية للطريق الغابي الذي سيتم الإنحياز عبره نحو معاقلهم. ليضيف: “نجاحنا في العملية سيكون كبيرا لو حدث خروج للجيش أو الدرك من الثكنات فقد كنا سنبيدهم جميعا”. وشارك أيضا في مجزرة الرايس التي أودت بحياة أكثر من 300 ضحية والتي عدها تدخل في إستراتيجية زوابري التي يريد من خلالها ترويع وتخويف المواطنين من التعاون مع الجيش ومصالح الأمن، وأيضا كان له حضور في مجزرة سيدي أمحمد بالبليدة وكانت حصيلتها 450 ضحية والتي هي بدورها رد فعل على مجزرة إرتكبتها الجماعات الأخرى ضد عوائل لديها أبناءها في “الجيا”… الخ.
في حديثه عن شخصية عنتر زوابري الذي كان يرافقه وعايش مراحل كثيرة من تجربة هذا الدموي الذي أثار جدلا أكثر من الأمير الذي سبقه جمال زيتوني الملقب بالسفاح والذي قضت عليه قوات الأمن في صيف 1996. وإن كان قد ظل يذكره بالمديح إلا أن الإستناجات التي وصلت إليها من خلال بعض القصص التي رددها عبر فترات متباينة إلى أنه كان دمويا إلى أبعد الحدود ويصاب بالجنون لما يتأخر فترة في إهراق الدماء، وكان يستمتع بقتل النساء بعد إغتصابهن وفض بكارتهن وكما أجاز قتل الشعب بحكم عموم الردة فقد أجاز الإستمتاع بالسبايا وأحل زواج المتعة أيضا. وأكثر أنه لما تختطف إمرأة ويكتشف أن أحدهم قد نال وطره منها قبله فسوف يتعرض للذبح.
الطرق التي يتخلص بها من خصومه هي القتل غيلة أثناء كمين أو مواجهة مسلحة. أو يخطط لتجريده من سلاحه بطريقة ماكرة وبعدها يأمر حاشيته بالقبض عليه وتصفيده بسلك معدني حاد، ثم يتقدم منه ويقوم بفتح صدره بسيف وإستخراج قلبه وهو لا يزال حيا، وفي أحد المرات أكل قلب أحد النساء فقد كانت جميلة جدا، ولما ظهرت عليها أعراض الحمل أمر بقتلها ثم أكل قلبها على مرأى جماعته. وإن كان المغضوب عليه في جماعة أخرى يطلب من أميرها أن يرسله له برفقة عناصر و يأمر أن ينصب لهم كمينا وتتم تصفيتهم قبل وصولهم إلى المعسكر ويذيع أن قوات الأمن قضت عليهم، أو حتى يتهم “الجيش الإسلامي للإنقاذ”.
كان زوابري لا يثق في أحد حتى أقرب المقربين منه يحتاط منهم كثيرا، ويقتل لمجرد الظنون والشكوك التي لا بينة عليها، وكان “القعقاع” يبرر ذلك بالحرص الذي يتحلى به أمير الجماعة. كما كشف عن مشاركاته في الكثير من العمليات والكمائن والتي كان يراد منها إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بالنظام والشعب ولا يهم النتيجة أصلا، فزوابري كان يردد في جلسات السمر أو حلقات التحريض على العمليات الإرهابية أنه المهم أن تقابل الله بأكثر عدد ممكن من القتلى وكلما إرتفع العدد زادت المنزلة في الجنة كما كان يعتقد. ولما سألته: (هل من المعقول أن يقبل مثل هذا الكلام الذي لا أساس له في الكتاب ولا في السنة؟) أجاب: (هو كلام صحيح وله شواهد عديدة والأكثر من كل ذلك أن للأمير حق الطاعة والنصرة).
بالنسبة لعملية القضاء عليه ببوفاريك فقد أكد “القعقاع” أنها حدثت في ديسمبر 2001 وليس في فيفري 2002 كما أعلن عنه، ويبرر تأخر الإعلان هو بسبب إجراءات التأكد من هوية الضحايا، كما جزم بأن التاريخ الذي أعلن عنه جرت عملية ضد جماعة كانت في منزل بومدين ببوفاريك وسقط فيها 3 عناصر بالفعل، ولكن زوابري قتل في التاريخ المشار إليه.
وقد أخبرنا أنه في تلك الفترة كان في مهمة بأعالي مدينة الحمدانية في ولاية المدية، وحسب ما علمه من رفاقه أن أحد الموقوفين قدم معلومات عن الأماكن التي كان يتحرك فيها، ويبدو أن الأجهزة الأمنية حرصت على زرع عناصرها في الزي المدني في كل تلك المناطق وساعدهم مواطنون كانوا ناقمين على زوابري وجماعته. وكما أخبرنا أن عنتر كان لا يتحرك كثيرا ويتخفى أحيانا في جلباب إمرأة كلما إقتضت الضرورة لخروجه من مدينة بوفاريك وخاصة انه في أواخر أيامه يتفادى الرباط في الجبال بسبب الضربات الموجعة التي يتلقاها من الجيش.
وإن تفادى “القعقاع” الحديث عن تفاصيل قصة تنفيذه لعملية قتل الأمير رشيد قوقالي المكنى “أبوتراب” الذي كان أميرا لـ “الجيا” ملخصا ذلك في قوله: (صراعات داخلية بيننا وأمرت من طرف القيادة بذلك)، إلا أن رفاقه يؤكدون على أنه قام بالعملية لصالح نورالدين بوضيافي المكنى حكيم الأربي جي الذي ألقي عليه القبض في 2005 بباب الزوار وكان آخر أمراء التنظيم الدموي المثير للجدل.
أما عن مقتل رهبان تبحيرين عام 1996 فقد حدثني “القعقاع” أنه التقى بالرهبان خلال فترة اختطافهم في جبال ما بين البليدة والمدية، وكانوا في ظروف سيئة للغاية فقد تعرضوا للتعذيب المبرح والضرب، بل أبعد من ذلك أنهم كانوا يجبرون على النطق بالشهادتين والوضوء والصلاة كرها، كما يرغمون على التغوّط على الصلبان التي كانت معهم.
كما أضاف أن جمال زيتوني ظل مصمما على قتلهم حتى ولو استجابت السلطات الفرنسية لمطالبهم، لأنه يراهم كفارا ومن دعاة الضلال في أرض الإسلام ويعملون على إفساد تدين الناس بنشر النصرانية، كما أن أمير “الجيا” لمس حرص “الطاغوت” – حسبه – على حياتهم، وأضاف لي على أن الأماكن التي تواجدوا بها لا يمكن أن تصل إليهم قوات الجيش أبدا، فقد كانوا في كهوف تحت الأرض وكل المنطقة محصنة بالألغام، وهذا الكهوف الحجرية لا تدمرها حتى القنابل النووية على حد تعبيره.
ولقد أكد مرارا وتكرارا على أن جمال زيتوني ذبح منهم ثلاثة رهائن وبيديه، وواحد ذبحه نورالدين بوضيافي وهو آخر أمراء “الجيا” الذي سبق وأن اشرنا إليه، أما الآخرون فقد تداول عليهم بقية الأمراء، ولم يسمح للجند بالمشاركة في العملية التي كانت تعد تاريخية ولا ينال “الشرف” إلا الأمراء والقادة !!. ونقل “القعقاع” على لسان زوابري قوله في أحد المرات وهو يتحدث عن جمال زيتوني وقصته مع الرهبان، أنه إقترح على جمال زيتوني قتل واحد بقطع رأسه وإرساله للسفارة الفرنسية، وبعدها التهديد بقتل الآخرين وكل مرة لا تستجيب فرنسا يذبحون راهبا ويوزعون الصور إن تعذر إيصال رأسه إلى المعنيين، وأكيد بعد قتل ثلاثة – يضيف زوابري على لسان القعقاع – ستخضع فرنسا لمطالبهم وتضغط على الجزائر كثيرا، ويكون للقضية تأثير وصدى دولي أكبر من نحرهم دفعة واحدة، غير أن زيتوني – حسب زوابري – رفض ذلك، وتحجج بأنه سيخطف حتى السفير الفرنسي وأن النصر حليفهم قريبا.
وعن رد الفعل بعد توقيفه فقد إدعى “القعقاع” أنه لم يحدث أي شيء، وإن كان قد تحدث قبلها أن يوسف بلخير المكنى ابو عتبة وهو ينحدر من حي “زعرورة” من مدينة تيارت ويعرفه جيدا، الذي إقترف مجزرة الحاجز المزيف في 07/04/2005 قبل أيام من القبض على “القعقاع”، وازهق فيها ارواح 15 بريئا اغلبهم كانوا في موكب عرس، واغتصبوا النساء والفتيات ونكلوا ببعض الضحايا بعد أن قيدوهم بالسلك المعدني الحاد، واحرقوا سيارات الموكب وضحايا بداخلها مما حولهم إلى رماد.
وقد قام “أبوعتبة” برفقة مجموعته باغتيال 03 مواطنين بمنطقة عين الرمانة من بلدية موزاية غربي البليدة انتقاما لتوقيف مصالح الأمن للقعقاع ومرافقه المدعو ياسين، وهذا الذي أكدته مصادر أمنية أيضا.
هذا البعض مما ورد على لسان شامة محمد المدعو “القعقاع” والذي يعتبر من أبرز الدمويين الذين عايشوا عنتر زوابري وقاسموه المسكن والمأكل والمشرب، والحكايات كثيرة جدا لا يمكن حصرها هنا ولكن نحتفظ بها وسوف نتناولها في متسع آخر.
ومن باب التذكير أن “القعقاع” ظل يرفض ما يروج عن “الجيا” بأنها من صنيعة المخابرات وأعتبر ذلك مجرد حملة لتشويه من سماهم المجاهدين فقط، وإن كان لم ينكر هروب بعضهم وردّتهم حسب وصفه والعمل لصالح النظام مما كان سببا في القبض على بوضيافي آخر أمراء التنظيم الذي كان صديقه ويدافع عنه، على غرار دفاعه عن عنتر زوابري الذي ينزهه من العمل لصالح جهات سواء في الداخل أو الخارج، وإن كان قد إعترف بوجود علاقات كانت تربطه بجهات إستخباراتية في السفارة الإيرانية خلال الفترة الأولى من إمارته، وقد حاولت منه أن يزودني بمعلومات أكثر إلا أنه رفض ذلك رفضا قاطعا.
كما أنه ظل يهاجم حزب الإنقاذ وشيوخه ومما قاله في الشيخ علي بن حاج مثلا: ” وهابي على عقيدة بني أمية سقط في أوحال السياسة وهدفه هو حزبه وليس دولة الإسلام وتحكيم شرع الله”.
وفي سياق اللقاءات التي جمعتني في السجن، نذكر محمد صدوقي والمكنى “عبدالقادر الروجي” والذي هو من بين عناصر “الجيا” أيضا، أفرج عنه أواخر مارس 2006 في إطار العفو الذي أقره ميثاق السلم والمصالحة الوطنية برفقة رفيقه ذباح بشير وآخر. وقد كان صدوقي متهما في ما يعرف بقضية “ابوتراب” التي توبع فيها كل من سلمان جمال وعوار محمد وعزوق مقران وكركار رشيد، وقد حوكمت المجموعة في 07/11/2007 وصدرت أحكاما تتراوح ما بين المؤبد والإعدام. وسبق وان عرضت وزارة الإتصال على الصحفيين يوم الجمعة 09/08/2002 شريطا تضمن إعترافات خطيرة للمجموعة، وقدم عزوق مقران على أنه مسئول الدعم والإسناد في تنظيم “الجيا”، وخفايا عن تفجيرات مختلفة هزت الأربعاء “البليدة”، ومعلومات أمنية مختلفة عن التنظيم الدموي المثير للجدل ونشاطاته…
كان “الروجي” برفقة مقران وعوار وذباح بشير وآخرين ينصبون خيمة مصنوعة محليا عن طريق إخاطة إزار كبير الحجم وعدة مناشف حمام، حيث لا يستطيع أي احد أن يطلع على سلوكهم وخفاياهم في زاويتهم، فقد خصصوا خيمتهم للطبخ والدروس الدينية وحلقات حفظ القرآن، ولا أحد يتجرأ على الدخول عليهم، بل ان باقي المساجين يتفادون الإحتكاك بهم، ولا هم يحتكون مع غيرهم أو يصلون معهم وفق ما رويناه من قبل… كان “عبدالقادر الروجي” دائما مكحل العينين، يلبس سروالا أفغانيا وما يعرف بلباس نصف الساق، يداوم على حفظ القرآن وقيام الليل، لا يخالط سوى مجموعته في القاعة أو شامة محمد المدعو “القعقاع” الذي سبق وأن اشرنا إليه. وإن كان صدوقي يختلف عن الآخرين من عناصر “الجيا” حيث يلتزم الصمت ولا يتحدث كثيرا ولا يحب أن يناقشه أحدا في معتقداته.
وقد أشارت الكثير من المصادر الأمنية إلى أن “الروجي” عاد للعمل المسلح عن طريق محاولة إحياء بقايا “الجيا” ولكن تم القضاء عليه.
كما نذكر أيضا الإنتحاري شارف العربي وكنيته أبوعبدالرحمان عبدالناصر العاصمي الذي فجر المجلس الدستوري في 11/12/2007. وهو الذي تحدثنا عنه في موضوع “نهاية القاعدة في الجزائر”. والذي عايشته لفترة جعلتني أتفاجأ بخبر إقدامه على تلك العملية الإنتحارية بسبب أن سلوكه ومعتقداته وأحلامه لا تصب أبدا في أقداح أولئك الغلاة الذين ظل ينتقدمهم ويسبهم في الخفاء… والقائمة طويلة فيها أسماء مختلفة ممن عايشتهم نضرب عنهم صفحا إلى حين.
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
الدول العربية التي دعمت الارهاب معروفة عند الجزائريين فمنهم من الدول العربية التي دعمت الارهاب بالمال والسلاح والفتاوى الجاهزة لقتل الجزائريين وهم اخطر داعمي الارهاب وهناك من دعمه لوجيستيكيا كقاعدة خلفية له مساوما على استمراريته وهناك من دعمه بناءا على ضغوط غربية وهناك من دعمه انتقاما من النضام الجزائري لا غير لدفاعه عن مبادئ للدولة الجزائرية كمثال بسيط رفض الجزائر للتدخل الاجنبي في القضايا العربية ومن بينها النزاع العراقي الايراني وايضا الحرب على العراق 1990 ودفاع الجزائر عن الحل العربي العربي دون الاستنجاد بالاجنبي
رد: حصري - الجيش الجزائر و الارهاب ......- مختصر -
ادعوا اخوتي الجزائريين عدم الرد على هدا الكائن فهو يسعى لاخراج الموضوع عن مساره بهدف غلقه ولطمس بعض الحقائق الخاصة بتورط بعض الدول العربية الشقيقة في ماساة الشعب الجزائري
اولا اتهمت جنرالات الجيش الجزائري بتبعيتهم لفرنسا
ثانيا هدا الابله حبيب سوايدية فرنسا هي من اعطته اللجوء السياسي و هي من مولت عن طريق مخابراتها بتعاون مع جهاز مخابرات عربي تمويل و طباعة هدا الكتاب
فكيف لفرنسا ان تمول و تسمح بكتاب يفضح عملائها من جنرالات على حد زعمك و تعطي لجوء سياسي لكاتب كتاب
ببساطة هدا الكاتب موجه للاغبياء من العرب
اتمنى في مرة قادمة ان تاتي الينا بمستندات تتكلم عن دعم بعض الدول العربية للارهاب بالجزائر بالمال و سلاح
هدا ما يسمى بالتفكير العربي المنافق عساكر وجنرلات فرنسا عندما يتعلق الامر بالجزائريين وثوار وابطال عندما يتعلق الامر بعملاء فرنسا والناتو في ليبيا فعلا الجهل يفعل بصاحبه اكثر مما يفعل العدو بعدوه