الجزء الاول
المؤامرات الكبرى للمخابرات الفرنسية المغربية على الجزائر
الوزير الأول السابق ريمون بارانذاك جند 2000 حركي مرتزق انطلاقا من المغرب
عملية "رأس سيغلي"
الصهاينة هم راس الفساد والارهاب في العالم
الأمن الفرنسي (D.S.T) أخفى وثائق هامة عن الخارجية الفرنسية؟
شخصية فرنسية هامة اتصلت بالرهبان قبل اغتيالهم
عميل جند بكندا لجلب الأسلحة لجيا بالجزائر
ملوك عميل فرنسي داخل الجيا
الأسلحة من نوع عوزي الإسرائلية الصنع بحوزة جماعة الجيا
الدبلوماسي الفرنسي باتريك سهل تنقل الجيا الى الخارج
علاقة متينة بين الطائفة وزعماء الإرهاب
علاقة امير الجيا جمال زيتوني مع مسؤول سامي في طائفة جيهوفا
أخت أنور هدام في طائفة "شهود جيهوفا"
فرنسا ارادت قلب نظام الحكم في الجزائر عام1992
شبكة الجواسيس الاسرائليية التى اشرف على عملية 11 /9 /2001
روبر قايت امير القاعدة الارهابية
القاعدة هي مجمع عسكري امريكي بريطاني اسرائلي
كيف يحرك الموساد وام6 البريطاني وسي أي الجمعات الارهابية في العالم
المؤلف والصحفي المحقق صالح مختاري
عام 1998 واليوم طبعة 2009
تم إعادة تكيفه مع الإحداث التى عرفتها الجزائر الى غاية عام 2009
_________________________
الحساب البنكي لصحفي المؤلف صالح مختاري ضخ فيه اكثر من 16 متابعة قضائية وليس 16 مليار كما يدعون منها اربعة احكام قضائية مجهزة باوامر قبض عبر ثلاثة ولايات هي الجزائر ،وهران ، معكسر
___________________________
نعتدر لاعزاءنا القراء ادا كانت اخطاء لغوية اونحوية
المعنى واضح وضوح الشمس
الإرهابي فريد ملوك عميل المخابرات الفرنسية
إن الإرهابي فريد ملوك هو من مواليد مدينة ليون الفرنسية ولد في 14 ماي 1965 وكان معروف لدي مصالح المخابرات الفرنسية DGSE منذ سنوات، مما جعله لا يتلقى صعوبة في ممارسة نشاطاته داخل شبكات الدعم "الجيا" GIA سواء في فرنسا أو بلجيكا، وما يثبت ذلك هو أنه حكم عليه بباريس يوم 18 فيفري 1998 بسبع أشهر سجن نافذة غيابي ولم يكن موضوع طلب تسليمه من طرف السلطات الفرنسية رغم عملها بوجوده في بلجيكا إلا بعد توثيقه من طرف مصالح الأمن البلجيكية بحيث طلبت مصالح الاستخبارات الداخلية SDT تسلمه على وجه السرعة، وهذا ما ثبت تورط فرنسا على تحقيق مصالحها الحيوية في الجزائر، فمستأجري ماتنين (MATYNON) قد غضوا النظر على ما سيكون على إنشاء شبكات لدعم الإرهاب في الجزائر ولا يستبعد أن التفجيرات التي شاهدتها فرنسا صيف 1995 هي مخطط لها كدفع لرفع التهمة وإبعاد الشبوهات على تورط مصالح الأمن الفرنسية في تدعيم المنظمة الإرهابية بـ "شاش سيرون" قرب ليون من تمادي نشاطات دعم كتائب الموت التابعة للجيا في الجزائر بحيث وجد عناصر الجيا مجال الحركة مفتوحا على مصرعين ولعبوا دورا أساسيا في جمع الأموال وتزوير الوثائق الرسمية وتكوين عناصر إرهابية والقيام بدعاية لصالح الجيا بإصدار نشرة إرهابية تدعى "الأنصار" ومن بين هؤلاء جمال ويد الونيسي. إن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا متيران سرح علانية على عدم رضاه على توقيف المسار الانتخابي في سنة 1991 وهنا بيت القصيد.
فرنسا ساعدت المد الإرهابي في الجزائر
لم تكون فرنسا عبر التاريخ صريحة مع الآخرين فكيف أنها تسمح بنشاطات منظمات إرهابية تابعة للجيا التي هي الجناح المسلح للحزب المنحل وفما سبق كانت قلقة حول المد الأصولي في الجزائر فترى الطبقة السياسية بإجماع قبل سنة 1991 تاريخ توقيف الانتخابات التشريعية. أن تصاعد المد الإسلامي يهدد الجزائر ويضرب مصالح فرنسا وفي تقارير أرسلها السفير الفرنسي "أوديبار" في الجزائر إلى قصر الإيليزي تقيد بأن الجزائر مهددة من طرف الإسلاميين وعلى فرنسا أن تراعي شروط الإستثمار في الجزائر لأن الحكومة الجزائرية تتساهل مع الأصوليين وما يؤكده تقرير السفير الفرنسي السالف الذكر على ضرورة ربط الاستثمار الفرنسي بالجزائر لما سوف تقوم به الحكومة الجزائرية من تدابير لمواجهة تصاعد "الأصولية" التي تهدد المصالح الفرنسية التي كان يقوم بها الحزب المنحل للعمل الإرهابي في حالة ما لم يذر في التشريعيات.
وقد صرح مسؤول فرنسي في حوار مع صحيفة "الحياة" اللبنانية بتاريخ 26 فيفري 1990 لم يذكر اسمه في حديثه عن الوضع في الجزائر فاعتبر أن الاستياء الشعبي في الجزائر مصدره الوضع الاقتصادي الذي يستعله المتطرفون الأصوليون ولم تكن تعتقد أن التطرف الإسلامي سيجد لنفسه قاعدة في المغرب العربي، ونسي هذا المسؤول أن الوضع الإقتصادي المتدهور تسببت فيه فرنسا بالذات بحيث اشترت 60٪ من ديون الجزائر الخارجية ودفعتها إلى جدولة ديونها بما هيأ الجو للغليان الشعبي وغلاء المعيشة وتقول في هذه الحالة بأن فرنسا هي التي هيأت الجو للمتطرفين الإسلاميين ومهدت لهم طريق العمل الإرهابي لتحقيق مصالحها الإقتصادية باستعمالها لورق ضعط على السلطات الجزائرية، وقد أكد هذا المسؤول إلى قوله إلى "أن الأصوليين غير قادرين على الإستيلاء على الحكم" وإذا كان ذلك فلماذا تتلقي المنظمات الإرهابية المسلحة GIA الدعم والعناية وتوفير اللجوء السياسي لعناصر شبكات الدعم الإرهابية.
علاقة المخابرات المغربية بالجماعات الإرهابية المسلحة G.I.A
الأسلحة من نوع عوزي الإسرائلية الصنع بحوزة جماعة الجيا
شدت الجزائر عبر التاريخ أنظار و انتباه القوى في العالم من جهة نظرا لموقعها الجيوستراتيجي وكذا الموارد الأولية التي يحتضنها باطنها ، و من جهة أخرى هناك إحساس بالغيرة من طرف جيرانها نظرا للدور الذي لعبته وتلعبه الجزائر على الساحة الدولية إن العلاقات بين الدول ما وراء التصريحات الديبلوماسية هي في الحقيقة قائمة على المصالح الاقتصادية أولا و المصالح السياسية والإيديولوجية ثانية .
فالجزائر قوية ومستقرة لا ترضي نفوس البعض سواء داخليا أو مغربيا, إفريقيا, عربيا أو دوليا, لأنها قد تتمكن في المستقبل القريب من احتلال مكانة هامة في الاقتصاد العالمي على غرار الدول الأسياوية قبل الأزمة.
الأزمة التي عاشتها الجزائر من جراء الإرهاب الأعمى الذي انهزم بفضل عزم الجزائر و الجزائريين قد لعب دورا هاما لصالح الذين لا يهمهم استقرار الجزائر لما له من ابعاد سياسية و اقتصادية و هو ما عطل وضع القاطرة الجزائرية على سكتها الصحيحة
فملك المغرب قد كرس ازدواجية لعبة بصفة المغرب عضو هام في الاتحاد المغاربي, فقد عقدت شراكة مع الاتحاد الاوربي بدون استشارة أعضاء الاتحاد المغاربي و هذا الفعل له دلالة على ان ملك المغرب لا يستطيع داخل الاتحاد المغاربي لعب دور رئيسي على الصعيد المحلي و الدولي ويتخذ من قضية الصحراء الغربية ذريعة لكهربة الجو بينه وبين الجزائر.
إن تورط ملك المغرب في الأزمة التي عاشتها الجزائر أدت إلى خلق الحدود مما أدى إلى تدني العلاقات بين البلدين وهي نتيجة منطقية لسكوته طيلة عمر هذه الأزمة بما يؤكد تشجعه لعمليات زعزعت استقرار الجزائر حيث ان التراب المغربي قد استخدم من طرف العصابات الارهابية كقاعدة انطلاق لتنفيذ الاجرام ضد الجزائريين و كذا منطقة لحماية منفذي هذه العمليات الارهابية وان اغلب الاسلحة المستعملة من طرف الجماعات الإرهابية المسلحة في تقتيل الجزائريين جاءت من اوربا عبر التراب المغربي حيث تم اكتشاف مخزون من الأسلحة من نوع عوزي
الإسرائلية الصنع وذخيرة ومتفجرات مصدرها المغرب
كانت تتواجد بالاراضي المغربية إضافة إلى شبكة إسناد للجماعة الإرهابية متكونة من جزائريين ومغاربة وتونسيين
إن الأزمة بين الجزائر والمغرب هي ليست وليدة الساعة بعد أن تعود إلى حوالي عشرون سنة خلت فحزب الإستقلال المغربي لا يعترف بالحدود الموروثة عن الإستعمار فهو يتخيل أن بعض المناطق الجزائرية هي مناطق مغربية الأصل والتى تمدت حسبه الى غاية وهران بشار وتندوف
إرتباط مخابرات المملكة المغربية بالجماعات المسلحة G.I.A
أوضح خالد نزار في شهادة ليومية " الوطن" إن مصالح الأمن الجزائري تمكنت من تصوير وتسجيل جملة من المعلومات المثبتة بخصوص لقاء جمع عبد الحق العيادة مؤسس الجيا برجال مخابرات الملك المغربي باحد فنادق وجدة القريبة من الحدود المغربية الجزائرية
وبعد مشاورات مدققة بين عدد من الضباط السامين في الجيش الوطني الشعبي, تقرر الإتصال بالمغاربة على أساس أن المسألة تتعلق بالأمن الداخلي للبلدين, وضمن هذا المسعى تم إيفاد مسؤول سام في الأمن الجزائري إلى المغرب وحمل معه كل المعلومات الضرورية ( عناوين, صور وأشياء أخرى). وقد تلقى المسؤولون المغاربة, حسب شهادة نزار هذه المعلومات بكثير من التحفظ قبل أن يتخلصوا من ترددهم بعد معاينة وتحريات قام بها الأمن الملكي, وإثر عودة المسؤول الجزائري, إتصل وزير الداخلية المغربي بالجنرال نزار وأبلغه أن مسؤولين سامين في المملكة يريدون الإلتقاء به وهو ما كان فعلا, حيث قام وزير الدفاع آنذاك بزيارة إلى المغرب في ماي 1993 بعد مشاورات معمقة و الهدف كان " الحصول على المسؤول الأول في الجيا مهما كان الثمن". وقد كانت الزيارة ذات اهمية بالغة مبينة على خلفيات محتملة حول مفاوضات لطرد مسؤول " الجيا" من المغرب.
محادثات خالد نزار مع مسؤولين سامين في المملكة دامت ساعتين وقد طرح المغاربة, مثلما توقع نزار: مسألة الصحراء الغربية على أساس أن " الأمن في المنطقة كل لا يتجرأ" وأن المسألتين مرتبطتين بشكل وثيق.
وبعد أن قدم خالد نزار رؤية الجزائر للمسألة الصحراوية والتي تخضع تسويتها لقرارات هيئة الأمم المتحدة, رفض المتحدث الجزائري مثل هذا الربط وأبلغ من قبل بضرورة التباحث مع وزير الداخلية حول مسألة طرد العيادة من التراب المغربي.
وبعدها بأيام بدأت الاتصالات بين مسؤولين في الأمن الجزائري و الأمن الملكي لضبط الترتيبات الضرورية لطرد العيادة بعد إبراز المخالفات المثبتة ضده وقد استغرقت الاتصالات وتنقلات المسئولين الجزائريين مدة ثلاثة أشهر قبل أن يستلم الأمن الجزائري مؤسس الجيا المدعو العيادة على الحدود يوم 22 أوت 1993, وهي فترة كانت كافية للكتائب الإرهابية في الجزائر لإعادة هيكلتها وإنتشارها عبر التراب الوطني, لتفقد المعلومات التي بحوزة عبد الحق العيادة اهميتها.
خلال تلك الفترة رفض الأمن الملكي تقديم المعلومات للأمن الجزائري وهي معلومات كان بإمكانها أن تنقد مئات الجزائريين من آلهة الموت الإرهابية.
الجنرال نزار الذي أحيل على التقاعد في 04 جويلية 1993, أي قبل تسلم السلطة لعبد الحق العيادة فضل فتح الملف من جديد بعد لجوء عدد من المثقفين المغاربة في الفترة الأخيرة إلى توجيه نداء للسلم في الجزائر, طالبوا فيه " بوقف العنف من أي طرف كان" . وهو ما اعتبره عدد من المسؤولين الجزائريين محاولة مغربية مكشوفة لتبرئة ذمة الجماعات الإرهابية
اعترافات العيادة أثناء محاكمته بالجزائر :
خلال مثول العيادة أمام محكمة الجزائر يوم 14 جوان 1994, قال الأمير الجماعة الإرهابية المسلحة أن السلطات المغربية طلبت لقاءه يوم 13 أفريل 1993 قبل أسابيع من زيارة خالد نزار, وبعد أن أوضح بأنه أقام عند الأمن الملكي بوجدة قبل أن يحول إلى الرباط لمدة عشر أيام حيث اتصل به ضباط في الجيش الملكي.وحسب شهادة عبد الحق العيادة فإن المغاربة طلبوا دعمه في مسألة تندوف والصحراء الغربية مقابل حصول "الجيا" على أسلحة وأموال من نظام الملك الحسن الثاني بهدف التخلص من هذه المسألة العالقة, و التي يحملون الجزئر مسؤوليتها.
وحسب الخطة المغربية التي كشف عنها المسؤول الأول عن "الجيا", فإن الأمر يتعلق بضرب مصالح جبهة البوليزاريو في الجزائر. وقد تلقى وعودا بمقابلة وزير الداخلية المغربي في حالة موافقته على الخطة مؤكدا في ذات الوقت أن الأمن الملكي لم يلق القبض عليه, وإنما طلب تعاونا معه وإلا يكون مخيرا بين السجن بسبب الهجرة الغير الشرعية أو إبعاده إلى الجزائر وهو ما تم في 02 أوت 1993.
عبد الحق العيادة (39 سنة) المحكوم عليه باإعدام من قبل محكمة الجزائر في جوان 1994 تحول بعد خمسة أشهر من ذلك إلى ورقة للتفاوض بيد محولي طائرة الخطوط الجوية الفرسية من مطار هواري بومدين في نهاية ديسمبر بعد أن إشترط المختطفين التحدث معه ثم إطلاق سراحه, للعلم أن حادثة إختطاف الطائرة الفرنسية هي من تدبير المخابرات الفرنسية لفرض حصار دولي على الجزائر لحاجة في نفس يعقوب
تاريخ المملكة المغربية حافل بالمؤامرات لزعزعة إستقرار الجزائر, ففي سنة 1963 دخل الجيش الملكي أرض مليون ونصف مليون شهيد بغرض استعمار جزء من أرضنا, و خلال سنة 1978 كانت قوات المرتزقة متمركزة على الحدود تنتظر الضوء للدخول للجزائر والقيام بأعمال إرهابية, وهو ما يعرف بقضية " رأس كاب سيجلي" التي تورطت فيها المخابرات المملكة المغربية و المخابرات الفرنسية والموساد الإسرائيلي, وقتها كان المرحوم هواري بومدين طريح الفراش, وكانوا ينتظرون أن تلم بنا الفاجعة للقيام بأعمال إرهابية ضد مصالحنا الحيوية في الوقت الدي كان الرئيس الراحل هواري بومدين قد رفض تسليح المعارضة المغربية و رفض كذلك السماح لها بالدخول الى المغرب عبر الأراضي الجزائرية, وكان من ضمن أبرز المعارضين للنظام الملك الحسن الثاني انداك – المهدي بن بركة- الذي إغتالته المخابرات المغربية بالتعاون مع المخابرات الفرنسية والموساد الإسرائيلي بالتواطؤ مع المعارض الاشتراكي اليوسفي الذي أصبح يرأس الحكومة المغربية حاليا, وعندما عرض معمر القدافي رئيس ليبيا على الرئيس الراحل هواري بومدين سنة 1972 بأن يسمح للطائرات الليبية بعبور الأجواء الجزائرية لتقديم المساعدة لمنفذي انقلاب سخيرات ضد الملك الحسن الثاني بقيادة الجنرال أوفقير, كان الرد الرفض القاطع وهو ما يدل على أن الجزائر لم تعمل أبدا ولم تخطط في يوم ما لزعزعة استقرار دول الجوار, وبالخصوص المملكة المغربية التي تربطها بالجزائر علاقات تاريخية نسيها إخواننا المغاربة لأنهم يعتقدون أننا قد استعمرنا جزءا من أراضيهم, ولكن إلى متى يبقى العرش المغربي يعيش في الأوهام والطموحات المنافية لكل الأعراف والقوانين
عملية "رأس سيغلي" بعد 31 سنة من حدوثها
المؤامرات الكبرى للمخابرات الفرنسية المغربية على الجزائر
بينما كان الرئيس الراحل هواري بومدين يعاني سكرات الموت في غيبوبته الطويلة قبل 31 سنة. فاجآت التلفزة الجزائرية جمهورها مساء السبت ١٦ ديسمبر ١٩٧٨ بنبأ خطير اختراق طائرة شحن عسكرية مغربية المجال الجوي الجزائري، وقيامها بإلقاء كميات من الأسلحة والذخيرة على مقربة من رأس سيغلي الواقع غرب مدينة بجاية بنحو ٦٠ كلم.
ترى من كان وراء هذه العملية الخطيرة التي عرضت أمن البلاد واستقرارها للخطر يبنما كانت تعيش محنة احتضار الرئيس هواري بومدين؟
من خلال شهادات اثنين من الفاعلين الرئيسيين وهما "المجاهد المظلوم" محمد الصادق بن يحي و"العميل الشاطر" يحي بوعروج سيعرف القارئ الكريم أطوار هذه العملية وما كانت تبيت له أطراف استعمارية بقيادة جاك سوستيل بالتعاون مع مخابرات بلد شقيق ومجاور هو المغرب.
محمد الصادق بن يحي مجاهد من وادي الصومام، موتور بسابق علاقات السيئة مع قيادة المنطقة والولاية معا. وبسبب هذا العلاقة السيئة وصل قاب قوسين أو أدنى من الموت.
وبحكم هذه السوابق ، تطوع غداة الاستقلال بمساعدة قوات الحدود على دخول منطقة الصومام،ا لتي كانت تحت نفوذ قيادة الولاية الثالثة المساندة للحكومة المؤقتة.. ومكافأة له على هذا الدعم، عين رئيس دائرة الأصنام الشلف حاليا ثم واليا على سطيف، بعد أن استتب الأمر للمكتب السياسي بقيادة الرئيس أحمد بن بلة.
لكن بعد خصومات متكررة مع ممثلي جبهة التحرير الوطني بمدينة عين الفوارة، يدعى بن يحي إلى وزارة الداخلية التي مكث بها حتى سنة ١٩٧٠. تحمس بن يحي لحركة بومدين في ١٩ يونيو ١٩٦٥ في بداية الأمر، لكن حماسه سرعان ما فتر تاركا المجال واسعا للتذمر والتفكير في الاحتكام للسلاح
بوادر ذلك ظهرت منذ أواخر ١٩٦٦. ففي لقاء مع البشير بومعزة الوزير المستقيل، من حكومة بومدين الأولى، قال له بصريح العبارة: "بومدين جاء بالقوة ولا يمكن أن يذهب إلا بالقوة" وطلب إليه السعي للحصول على بعض الأسلحة، لكن بومعزة أبى أن يجاريه في هذا المضمار الوعر.
وبعد سنة قابل بن يحي المرحوم بلقاسم كريم في باريس ثم بالجزائر، وكان كريم يبدو مشغولا بفكرة هامة : تكوين هيئة استشارية في شكل مجلس لقدماء المسؤولين يشارك في تسيير البلاد حسب الصلاحيات التي تحدد له، وكان لذلك يعتزم إعداد قائمة واقتراحها على بومدين. سأل بن يحي كريم بالمناسبة: وكيف يكون رفقك إذا ما رفض بومدين اقتراحك؟
فأجاب: سنرى ما يمكن أن نفعل لكن رأي بن يحي كان غير ذلك "ينبغي الاستعداد للرد على الرفض بحد السلاح!"
مثل هذه التصريحات المتكررة والاتصالات المشبوهة التي كان بن يحي يجريها بالخارج مع أوساط المعارضة- وفي مقدمتهم حسين آيت أحمد - كان من الطبيعي أن تثير الشبهات حوله واهتمام رجال الأمن به.. وبدأت مشاكله الحقيقية، بعد حركة العقيد الطاهر الربيري (ديسمبر ١٩٦٧) التي تعاطف معها من بعيد بحكم رابطة الجهاد..
وقد بلغ المرحوم أحمد مدغري وزير الداخلية يومئذ، أن بن يحي يبحث عن أسلحة للقيام بثورة على النظام فأخذ يتجنبه، بعد أن كان من المقربين إليه. وبلغ سوء ظن الوزير به، أن اشتبه في مشاركته في عملية الرائد عمار ملاح التي استهدفت حياة الرئيس بومدين في أواخر أبريل ١٩٦٨. ومنذ ذلك الحين بقي على الهامش إلى غاية ١٩٧٠.
في هذه السنة تحصل بن يحي على قرض بمبلغ ٥٠٠ ألف فرنك فرنسي، ويبنما كان يفكر في توظيفه بالاشتراك مع مجاهدين آخرين، وقع ضحية عملية احتيال موصوفة، قامت بها عصابة قوية تمارس نفوذها من داخل الجهاز الإداري والمالي للدولة.
هذه العملية دخلت إلى العدالة باسم "قضية كوفاميتاكس" لتبقى هناك إلى الأبد" لأن الملف اختفى بكل بساطة
قابل بن يحي ذات يوم دفاعا عن حقه وحق شركائه مسؤولا كبيرا في رئاسة الجمهورية فتلقى منه الإجابة التالية: "ياإخواني نحن في غابة بأتم معنى الكلمة! الحق والمنطق معكم، لكن من المنطق ما يحير العقل فالشخصية التي تتظلمون منها قوية جدا في هذه الآونة، ولا يمكن أن تسموها بسوء
هذا الحيف الذي لحق به وشركائه، جعله يتجه أكثر فأكثر إلى معارضة النظام القائم بحد السلاح. وفي سنة ١٩٧٢ التقى بعلي محساس الوزير السابق - بفرنسا دائما - وطلب إليه ما سبق أن طلب من بومعزة - سنة ١٩٦٦ لكن بدون جدوى أيضا في نفس السنة شرع في تطبيق الثورة الزراعية التي كانت مثار خلاف صامت بين بومدين وأحمد قايد "مسؤول الحزب منذ أواخر ١٩٦٧.
وما لبث هذا الخلاف أن انتهى إلى الطلاق بين الرجلين وخروج قايد من الجزائر سنة ١٩٧٤.
كانت لهذا الخلاف انعكاسات مؤسفة على زوجة قايد التي أخرجت من دارها، كما حدث لنساء معارضين آخرين قبلها.. وكانت هذه الحادثة فرصة مواتية لظهور العميل يحي بوعروج، وتقرب إلى "المجاهد المظلوم" الناقم إلى حد البحث عن سلاح لتصفية حساباته مع النظام القائم
استغل هذا العميل - المدعو "رشيد يويو" - علاقة نسب تربطه بأحد أقارب بن يحي، ليتصل به في مكتب أعماله بالعاصمة، ولم ينس بالمناسبة أن يشكو للكاتبة ما لحق بزوجته قايد من حيف، زاعما أنه على قرابة بها.
وبعد أيام أعاد الكرة متطوعا هذه المرة بنقل تحيات قايد الذي لقيه بباريس وأعرب له عن رغبته في مقابلة بن يحي. وتم اللقاء فعلا بمبادرة من العميل يويو
ويقول بن يحي في هذا السياق: "أن قايد كان يبدي ثقة شبه عمياء في صهره البعيد الأمر الذي جعلني أثق فيه وأقدمه بناء على طلبه لكل من محساس والزبيري . كان قايد يحاول يومئذ تأسيس جبهة معارضة مع هاتين الشخصيتين، بمشاركة الحاج اسماعيل الوزير السابق في عهد الرئيس بن بلة، وقد ساهم بن يحي في تجسيد المحاولة وتم إنشاء تنظيم موحد فعلا، لكن الأجل لم يمهل قايد فباغته في بداية المشوار.
في تلك الأثناء ظهر عنصر جديد من العناصر - الداخلية - الهامة التي نسجت خيوط "قضية رأس سيغلي" الرقيقة، فقد أصدرت أربع شخصيات سياسية من بينها فرحات عباس بيانا فيه مارس ١٩٧٦، نددوا فيه بالاختيارات الاشتراكية التي كان بومدين يعتزم تكرسيها في مشروع الميثاق الوطني، طاعنين في موقف النظام آنذاك من قضية الصحراء الغربية، وكان رد فعل النظام على هذا البيان فوريا، إذ سلط على موقعيه الأربعة عقوبة الإقامة الجبرية.
الوزير الأول السابق ريمون بارانذاك جند 2000 حركي مرتزق انطلاقا من المغرب
أغنية محمد عبد الوهاب "يابابور رابح على فين" كلمة سر الانقلاب
أثناء فترة العقوبة - وقبلها- كان بن يحيى يتردد كثيرا على فرحات عباس رفقة أحد المقربين إليه المدعو (م . ح). وكان الحديث في هذه الزيارات المتكررة، يدور في معظم الأحيان حول "النظام الديكتاتوري" الذي يكن له المضيف حقدا دفينا.. وكان الضيف يشاطر السياسي العجوز آراءه في الوضع القائم ووسائل التخلص منه، وفي كل مرة تقربنا من عباس يستفز بن يحيى بقوله، لو كنت في سنك ما ترددت لحظة واحدة في حمل السلاح "
ويجيب بن يحيى: نعم! ولكن أين السلاح؟"
إن إرادة العمل لا تعوزنا، لكن أين اسلاح؟"
وتطمينا للزائر يؤكد أول رئيس للحكومة المؤقتة أنه لن يتردد في الحديث علانية باسم أية حركة مسلحة تظهر على الساحة"
هناك إذان مشكل بحث عن سلاح مقاومة نظام الرئيس بومدين، في رحلة حاسمة من تطوره نحو الاشتراكية.
في هذا الوقت بالذات يظهر "رشيد يويو" من جديد، ليبين طريق الحل من طرف خفي فقد طرق ذات يوم دون سابق إشعار مكتب بن يحيى الذي كان صحبة "م. ح" ليروي لهما مغامرته مع المغرب لقد زار هذا البلد الشقيق - في ظل انقطاع العلاقات الدبلوماسية - فلقي حفاوة كبيرة لأنه قدم نفسه للجهات الرسمية باسم فرحات عباس
استغرب بن يحيى ورفيقه هذه الجرأة الونحة من "يونيو" وعذبا عليه فعلته. وقرر زيارة الرئيس السابق في الحين لإخباره بما حدث وعرضا على الزائر اصطحابهما فلم يمانع
وفي منزل رئيس الحكومة المؤقتة بالقبة، انتسب يويو"، فإذا والده من معارف عباس القدامى في مدية والعلمة (سطيف)، وبعد ذلك أخذ يروي ما حدث خلال زيارته للمغرب، حيث قدم نفسه كواحد من أتباعه فاستقبل استقبالا حسنا، نظرا لما يحظى به عباس من تقدير لدى السلطات المغربية التي ترغب في رسالة منه، تثبت أن "يويو" مبعوث من قبله فعلا
استحسن السياسي العجوز الأمر بدل أن يستنكره، وسارع بكتابة الرسالة الموجهة إلى السلطات المغربية كما التمس منه ذلك وفورا سافر "يويو" لتلبيغ الرسالة وعاد بعد أيام في غاية الارتياح: لقد انطلى الأمر على السلطات المغربية التي أرادت اختبار مدى صدق الرجل فطلبت إليه رسالة ثانية من عباس يضكنها علامة معينة تثبت لها أنه فعلا موفد من طرفه.
تحمس عباس وكتب الرسالة الثانية، وكانت الإمارة تدخله ذات مرة لدى صاحب الجلالة الحسن الثاني لفائدة مواطن جزائري حجزت أملاكه بالمغرب وهكذا اكتسب "يويو"- مبدئيا - ثقة السلطات المغربية.
لم تكن "عملية رأس سيغلي" جزائرية مغاربية فقط بل كانت فرنسية بصفة أساسية، حسب شهادة العميل "يويو" الذي اتخذ من مدينة "ليون" منطلقا لنشاطه، تحت غطاء العمل بوكالة الخطوط الجوية الجزائرية بالمدينة .
بهذه المدينة الهامة التي كان من نوابها بالمجلس الوطني الفرنسي جاك سوستيل - الوالي العام على الجزائر في بداية ثورة التحرير.
كان "يويو" وبن يحيى على صلة بالمخابرات الفرنسية التي تعمل تحت الإشراف المباشر للوزير الأول (ريمون بارانذاك)، كما كان على صلة بسوستيل بواسطة رئيس ديوان، بالحركة أيضا بواسطة رئيس جمعيتهم خياري والنائب "الحركي" الآن جبور.
وكانت العملية مبنية على استعمال 2000 "حركي"، تم اختيارهم فعلا بمساعدة المخابرات الفرنسية وكل من خياري وجبور، على أن يستكملوا تدريبهم بالمغرب قبل التسلل من هناك إلى التراب الجزائري.
ويؤكد "بويو" في هذا الصدى، أن الرباط لم تمض في هذه المغامرة حتى تلقت الإشارة الخضراء من باريس
في نوفمبر 1978 نزل بن يحيى بمدينة "ليون" لأغراض خاصة فقابل "يويو" كالعادة، ومن هناك هتف إلى الحاج إسماعيل بباريس فطلب إليه الالتحاق به فورا، وضرب له موعدا بأحد مقاهي القصر الملكي
وصل بن يحيى المكان المذكور في الموعد، فوجد الحاج اسماعيل بانتظاره، وكان مصحوبا برجل أمن مغربي يدعى مصطفى، وبعد التحية تناول هذا الأخير الكلمة مخاطبا بن يحيى، بأنه تلقي رسالتي رئيس الحكومة المؤقتة، وأن "يويو" قدمه إلى السلطات المغربية بصفة "المسؤول العسكري" للعملية وعلى هذا الأساس أخذ "سي مصطفى" يدرس مع محدثة خطة انزال الأسلحة وكيفية انجازها، تاركا له مهمة تحديد المكان الزمان في وقت لاحق.
بعد هذا اللقاء الهام عاد "المسؤول العسكري" إلى الجزائر ليخبر الرئيس عباس بآخر المستجدات.
وذات صباح طرق "يويو" مكتب بن يحي ومعه خريطة سياحية مفصلة، بهدف تحديد المكان المناسب لإنزال الأسلحة، وتم فعلا في هذا اللقاء الثنائي الاتفاق على المكان ، فكان "رأس سيغلي" غرب مدينة بجاية، وعلى الزمان فكان الأحد 10 ديسمبر ليلا.
هذه الجلسة التمهيدية استكملها "المسؤول العسكري" بالمغرب، حيث أجرى الأعداد الدقيقة للعملية باستعمال خرائط عسكرية، وتم الإتفاق أيضا على كلمة السر للاتصال ببن يحيى ورجاله في الجزائر وهي أغنية محمد عبد الوهاب "يابابور رابح على فين"، يبثها عمي صالح (3) على أمواج الإذاعة 24 ساعة قبل تنفيذ العملية.
وفي تلك الأثناء، اكتشفت المخابرات الفرنسية أن "رشيد يويو" معارض مزيف وأنه في حقيقته من رجال الأمن العسكري الجزايري
ويعتقد "يويو" أن الحاج إسماعيل هو السبب في ذلك، فقد سبق أن رآه عندما كان وزيرا للبريد في عهد بن بلة، بمصالح الشفرة العاملة مباشرة مع العقيد هواري بومدين وزير الدفاع. لذا لم يكن يرتاح له وكان يشيع باستمرار أنه من المخابرات الجزائرية
وسط هذا الجو من التحفظ والريبة، قامت المخابرات الفرنسية في "ليون" بوقفه واستنطاقه. وقد عصرته عصر ولولا شفاعة بن يحيى له، لأمسى منذ ذلك الحين في خبر كان
هذه الشفاعة - وما سبقها من امتحان - جعلت المخابرات الفرنسية تجدد ثقتها في "يويو" وتفتح له قبلها من جديد، بل تفتح له طريق الرباط كذلك بإعطاء العقيد الدليمي ومصالحه الإشارة الخضراء.
وكانت هذه المصالح بدورها متخوفة من "يويو"، حتى أن بعض مسؤوليها صارحوه ذات مرة بأنهم لا يرغبون في رؤيته ثانية لذا بدا لها هي الأخرى أن تضعه في المحك إبعادا للشبهات وقبل 36 ساعة من موعد انطلاق العملية، تلقى وهو في ليون مكالمة هاتفية من المخابرات المغربية تستقدمه على جناح السرعة، لأخذ الأموال التي ستوزع على الـ 2000 "حركي" الذين يتحفزون لدخول الجزائر عبر حدودها الغربية - بعد أن أدنت ساعة تصفية حساب بعض الأوساط بفرنسا والمغرب من نظام الرئيس بومدين وهو على فراش الموت
وفي مطار الدار البيضاء، فوجئ الزائر بسوء معاملة الشرطة له، ولما حاول الاستفسار كان الرد الفوري: "أنت موقوف
نقل "يويو" إلى أحد قصور المخابرات الفخمة، وهناك تعرض إلى امتحان عسير آخر، بحضور مسؤولين كبار في الأمن المغربي و"مستشاريهم" من ضباط الأمن الفرنسي. وقد أحضر هؤلاء معهم وثائق صحيحة تثبت عضوية يحيى بوعروج في الأمن العسكري وقالوا له: "كفى تلاعبا فقد كشفنا أمرك وما عليك إلا الاعتراف إن كنت تريد النجاة بنفسك وجسمك من عذاب أليم .
كان المطلوب أن يقر لهم بأنه أخبر مسو وليه بالجزائر عن تفاصيل العملية، وأنهم على أتم الاستعداد "لاستقبال" الطائرة المغربية بحولتها وطاقمها .وللحصول على هذا الاعتراف، تعرض "يويو" طوال ليلة الأحد 10 ديسمبر 1978 إلى عملية ترهيب وتعرغيب قاسية، كانت تجري على فترات متقطعة، حتى يتمكن من التقاط أنفاسه والاستفادة من مهلة التفكير. وفي إحدى فترات "الاستراحة" ، خطر له أن يقترح عليهم - تبديدا لشكوكهم فيه- مرافقة طاقم الطائرة المكلف بنقل الأسلحة وإنزالها برأس سيغلي !
وفعلا انطلت عليهم الحيلة هذه المرة. إذ انتهوا إلى الموافقة على هذا الاقتراح، بعد دراسة متأنية فيه وهكذا تركوا الرجل وشأنه ليقضي ما بقي من ليلة طويلة كانت بمثابة كابوس رهيب.
تفاصيل حبك القضية في المغرب حسب رواية الضابط رشيد يويو
وفي نهار الأحد، تم بحضور بوعروج وضع اللمسات الأخيرة في العملية بقاعدة القنيطرة الجوية، حيث استعرض المشرفون مع المكلفين بتنفيذ العملية مختلف الاحتمالات وكيفية مواجهتها. وفي الأجل المحدد، أقلعت طائرة الشحن هرقل س ١٣٠: باتجاه الجزائر و"رأس سيغلي" تحديدا.. ولما اقتربت من المكان لاحظت الإشارات الضوئية التي أشعلها رجال بن يحيى، فحلقت فوقها على ارتفاع منخفض، لتلقي بحمولتها من الأسلحة هناك وتعود إلى قاعدتها سالمة
استقبل العائدون استقبال الأبطال بقاعدة القنيطرة، وحمل "رشيد يويو" على الأكتاف تقديرا لشجاعته وإكبارا لخيانته
وفي أجواء تلك الفرحة الغامرة، اختلى ذلك الضابط الذي اصطحب "يويو" من قصر المخابرات - حيث قضى ليلته المضطربة - إلى قاعدة القنيطرة ثم في الطائرة نفسها، اختلى به ليقول له: أرأيت هذا المسدس ذا الثماني طلقات؟! لقد أمرت بإفراغه فيك لو تم رصد الطائرة وإنزالها بالقوة
وفي ذات الليلة أصر العقيد الدليمي قائد المخابرات المغربية لى الاتصال "بيويو" وتهنئته، وضرب له موعدا على الساعة الواحدة من زوال يوم الإثنين، لكن "يويو" كان في تلك اللحظات الحرجة يحمل هما كبيرا: هم تبليغ مسئوليه في الأمن العسكري بتطورات قضية ظل يطالعها ويتوغل في خباياها طيلة ثلاث سنوات. لذا افتعل حركة مسرحية في آخر الصبيحة، تمكن بمقتضاها من إقناع "مضيفيه" الكرام بضرورة وجوده بالجزائر للإشراف بعين المكان على عملية توزيع الأسلحة.
وفعلا سافر في نفس اليوم إلى "ليون" ومنها إلى الجزائر، حيث اتصل بمسئوليه ليلا، وأبلغهم بما حدث واتفق معهم على التريث في كشف العملية، لأن لها امتدادات وما تزال تخفي أكثر مما ظهر منها
جاء الإعلان عن العملية كما سبقت الإشارة، مساء ١٦ ديسمبر في بيان لمجلس الثورة والحكومة بثته التلفزة المحلية. وقد تضمن البيان معلومات إضافية بكميات الأسلحة والذخيرة والمتفجرات المحجوزة. وبقول البيان: "أن هذه العملية، تشكل انتهاكا خطيرا للأمن الوطني.. فإذا كان الأمر يتعلق بعملية استفزازية فإن الشعب الجزائري على أتم الاستعداد لرفع التحدي. أما إذا كان الأمر يتعلق بعملية اختيارية، فإن إخفاقها قد أبرز يقظة الشعب عبر كامل التراب الوطني .
وفي صبيحة ٢٠ ديسمبر تم الإعلان عن اعتقال بن يحيى وشركائه "وهم في حالة تلبس". ويضيف بلاغ مصالح الأمن استنادا إلى اعترافات المتورطين (١)، "إن العملية من تدبير مصالح الإدارة العامة للدراسات والوثائق التي يشرف عليها العقيد أحمد حرشي بمساعدة المقدم مصطفى حسني والنقيب حسن وكلهم من الجهاز المذكور... أما قائد الطائرة فهو الرائد لمزوري".
عرضت "قضية رأس سيغلي" في البداية على محكمة قسنطينة العسكرية.. ويقول المتهم الرئيسي في هذا الصدد، أن مصالح الأمن استنطقته أثناء التحقيق عن كل صغيرة وكبيرة ماعدا علاقاته بفرحات عباس (٢)! وكأنها بذلك كانت تريد تجريد العملية من طابعها السياسي الذي تؤكده مشاركة رئيس الحكومة المؤقتة فيها!
لكن بعد أكثر من سنة أعلنت هذه المحكمة عدم الإختصاص، فأحيلت القضية على محكمة أمن الدولة بالمدية التي فضلت بدورها إحالتها على المحكمة العسكري بالبليدة التي نظرت فيها بتاريخ ١٥ يونيو ١٩٨٢. وأمام هذه المحكمة ظهر "يويو" لأول مرة، ليصرح بكل بساطة، "أنه من الأمن العسكري وبهذه الصفة كلف بمراقبة المدعو بن يحيى".
وكان الحكم النهائي قاسيا على هذا الأخير: ١٢ سنة سجنا. ومن التهم التي وجهت إليه المساس بسلطة الدولة.
غير أن مثل هذه التهم الثقيلة، لم تمنع العدالة العسكرية من تخفيض عقوبته بمناسبة الذكرى العشرين .