المخططات السرية الفرسية الاوروبية للقضاء على الدولة الجزائرية /الجزائر قبل التاريخ

JUGURTHA

عضو
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
3,441
التفاعل
4,784 1 0
الجزائرقبل الميلاد

تدل الرسوم التي اكتشفت بنواحي تاسليي،الهقار، كسور ومناطق أخرى ان ظهور الإنسان الجزائري يعود الى 600 ألف سنة،حيث كان سكّان شمال افريقيا يلقبون بالبربر ،توزعواعلى بلاد المغرب الكبير ، وأول تنظيم دولي لهم، وإن كانت دولة عابرة، كان في أيام الحروب البونيقية بين قرطاجة والرومان وذلك في القرن الثالث قبل الميلاد.
بعدها تمكن الفينيقيون من السيطرةعلى التجارة الداخلية والخارجية لسواحل البحر المتوسط، وأنشئوا محطات تجارية، كان من أبرزها قرطاجنة في عام 814 ق.م التي أقيمت على الساحل التونسي. وقد امتد نفوذ قرطاجنة ليصل إلى غاية السواحل الجزائرية، فأسسوا بها مدناً ساحلية، كبجاية وتنس وشرشال وهيبون (عنابه)، جيجل ووهران.
الفينيقيون هم أمة سامية من ولد كنعان بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام كانوا مستقرين بجزيرة العرب وارتحلوا بعد ذلك إلى الشام مع إخوانهم ليستقروا بفينيقيا، أرض لبنان الحالية وجزء من سوريا وفلسطين،فأصبحت الشام يطلق عليها أرض كنعان وهم العرب في نسبهم ووطنهم. أقامت الجزائر علاقات تجارية مع قرطاجنة كانت موصوفة بالمودة، حتى وصلت حدالمصاهرة . لم يكن يهم قرطاجنة التوسع في الأراضي الجزائرية، بقدر ما كان يهمها استثمار أهل البلاد واستغلالهم، وهذا ما جعل البرابرة يكرهونهم، لأن هذا الاستغلال كان قبيحا وقاسيا، فهدف قرطاجنة من خلال إقامة تلك العلاقات الودية مع الجزائريين، هو ضمان القدر الكافي من الأمن للسماح بالازدهار التجاري. لم تشأ قرطاجنة أن تبسط نفوذها على الأراضي الجزائرية، مادامت مصالحها مضمونة من خلال التحالفات التي كانت قائمة بين أمراء البربر، ومدام هذا الأمر يجعل من قرطاجنة الوصية والحامية على الإمارات البربرية. كان للقرطاجيين اثرهم الحضاري في البربر، فاخذوا عنهم مبادئ النظم الإدارية والاجتماعية وبعض الصناعات وعلى الأخص التعدين وعصر الزيوت والخمور. وعندما اشتد الصراع بين روما وقرطاجة، نشبت بينهما الحروب البونيقية التي استمرت 120 عاما ـ من 264 ق.م. إلى 146 ق. م ،حينها استطاع البربر ان يتحرروا من نفوذ قرطاجية، وكوّنوا لأنفسهم دولة مستقلة شملت المغرب الأوسط والأقصى. و كان من أشهر ملوك البربر في هذه الفترة ماسنيّسا الذي عمل على نشر اللغة القومية بين الشعب، وكوّن جيشا واسطولا بربريا قويا، وضرب النقود باسمه، وارتقى بوسائل الري والفلاحة وجلب لذلك الخبراء الفنيين من اليونان وإيطاليا، وعمل على توطيد علاقاته مع روما لتحقيق هدفه بتوحيد المغرب. و قد ظل ماسنيّسا في نزاع مع قرطاجة، ناصرته فيه روما ولكنهده الأخيرة أرسلت جيوشها الى الجزائر خشية ان ينتصرماسنيّسا على قرطاجة ويوحد شمال أفريقيا ويتعاظم أمره، وبدلك لا تامن روما القوة التي تنجم عن الوحدة السياسية المغربية. وعندما انتصرت روما على قرطاجة ودمرتها عام146ق.م قسمت بلاد المغرب إلى ثلاث وحدات إدارية، أفريقيا كانت تشمل أكثر المدن التونسية وقد وضعت تحت الإدارة الرومانية مباشر، قسنطنية وقسمت مناصفة إلى مملكتين، واحدة برئاسة مسبسا ابن ماسينسا نوميديا ، وكانت تمتد من البلاد التونسية إلى الجزائر، و الاخرى برئاسة يوقورطا، اما موريطانيا فوضع على رأسها القائد البربري بوكوس الدي لم يخضع للرومان، حيث عمل على توحيد بلاد المغرب العربي والذي استطاع ان يبسط نفوذه على نوميديا كلها فخشيت روما ان يودين له كل المغرب فأعلنت عليه الحرب،التى انتصر فيها الرومان.
كان بوكوس ملك موريطانيا قد وقف إلى جانب روما في حربها ضد يوقورطا، وعندما فر هذا الأخير التجأ إلى بوكوس سلمه إلى أعدائه، وكافأته روما بأن ضمت مملكته الجزء الغربي من نوميديا ، تمتعت موريطانا الغربية بالاستقلال والرخاء والنهضة في ضل ملكها يوبا الثاني 25,ق، م...إلى 40 ميلادية ,,وقد سهر هذا الملك على خدمة بلاده ومصالح رعاياه ونهض بالزراعة والري وازدهرت الحياة الاقتصادية في عهده.. وقد جعل من شرشال عاصمة دولته التي أطلق عليها اسم القيصرية ، فجلب إليها الفنانين والمهندسين من مصر واليونان، شيدوا في أنحائها القصور الجميلة والهياكل الفخمة ،فأصبحت مدينة شرش الموطن الشعراء والفلاسفة والكتاب.
أطلقت الإمبراطورية الرومانية عام 42م علي القسم الشرقي من المملكة التي كان يحكمها الملك بطليموس ابن يوبا الثاني اسم مقاطعة موريطانية القيصرية بعد أن غزاها الامبراطور كاليغولا واغتيال بطليموس لتصبح المملكة في حوزة الإقليم العسكري الخاضع لسلطة التاج الامبراطوري مباشرة، ومعروف ان موريطانية الشرقية أصبحت تنعت بالقيصرية نسبة لعاصمتها الإدارية ايول شرشال حاليا، التي غير اسمها يوبا الثاني واطلق عليها لقب ولي نعمته الامبراطور اوكتافيوس اغسطس الملقب بقيصر تكريما له وعرفانا بفضله عليه.
ثم عمل علي جعلها مدينة مشابهة للمدن الهلينسية في مظهرها العمراني ومضمونها الحضاري، ونظرا للشهرة التي بلغتها عاصمة المملكة أيام تحولها الي الإدارة الرومانية ،كان طبيعيا ان يتخذ منها مقرا لحكام المقاطعة وسميت المقاطعة الجديدة المقامة علي القسم الغربي من موريطانيا بمقاطعة موريطانية الطنجية نسبة لمدينة طنجة التي اتخذ منها الحاكم الروماني مقرا لقيادته.،وقد كانت طنجة بدورها مدينة عريقة وعاصمة لمملكة بوغود من قبل.
فموريطانية مصطلح جغرافي اشتقه الأقدمون من اسم (المور) وهم أقوام ليبية قديمة كانت تسيطر علي المناطق الغربية من بلاد المغرب العربي، و احتمال ان للمصطلح جذور فينيقية علي اعتبار القرابة اللغوية من حيث اللفظ والمعني بين عبارة ماحورين الفينيقية التي تعني أهل المغرب أو المغاربة الذين يقطنون الجهات التي تغرب فيها الشمس، وهي مطابقة لما تعنيه كلمة مغرب في العربية، لم يكتمل للرومان بسط نفوذهم المطلق على جميع بلاد المغرب الا بعد أن فشلت ثورة تاكفريناس ، الذي أعلن العصيان و الثورة على روما، وعندما استسلم، بسطت روما سلطانها على بلاد المغرب ، فاستعمرتها بشكل مباشرليستقر حكمها في شمال أفريقيا.
استوطن الرومان بلاد المغرب وبذلوا طاقاتهم في استعمارها فعملوا على استغلال ارضها ، لإنتاج ما يمونهم فحفروا الآبار وشق القنوات ونضموا وسائل الري ، وأقاموا القناطر والطرقات ومن ذلك الطرق المرصوفة الكبيرة التي ربطت بين المدن الكبرى مثل الطريق الذي كان يصل بين طنجة وسلا مارا بالعرائش، ومن طنجة إلى وليلة وطريق تلمسان، وليلة وقرطاجنة قسنطينة وطرابلس وتافنة، وقد استخدمت هذه الطرق في الشؤون التجارية رغم أن الرومان كانوا قد شقوها لأغراض عسكرية.
وقد تزايد الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي لبلاد المغرب حتى أصبحت شمال أفريقية تمول روما بالحبوب والفواكه والخمور والصوف والزيوت والمرمر، والمصابيح الزيتية والأقمشة والاواني والخيول والبغال، كذلك كانت شمال أفريقية تمد روما بالحيوانات الضاري التي كانت عاصمة الامبراطورية تحتاجها في ألعابها وحفلاتها ونتج عن ازدهار التجارة، ان ارتفع مستوى المعيشة وتضخمت الثروات وتعددت المباني الفخمة وتزايد عدد السكان، كما ازدهر الفن والادب ومختلف العلوم، وظهر من بين البرابرة كتاب مبدعون وفلاسفة خالدون سيما بعد دخول المسيحية بنحو قرنين إلى البلاد، ومنهم الكاتب ترتوليان المولود بمدينة قرطاجنة والذي درس الحقوق وعمل قسيسا حتى وصل إلى روما حيث مات هناك خلال عام 222 م، اشهر بمؤلفاته التي قاوم بها الوثنية، و من اعلام الفكر المغربي كدلك القديس أوغيستين الذي ولد عام 354 م ومات عام 430 م بمدينة عنابة ومن أشهر مؤلفاته ، مدينة الألهة.
و قد بدا ازدهار الفن في المغرب خلال العهد الروماني ، بتشييد الهياكل الفخمة كالتماثيل الجميلة والمساريح والحمامات الرائعة ، كما امتازت المنازل بالأروقة والأعمدة الرخمية والنافورات والحدائق ,, ولا تزل بعض هذه الأثار الرومانية منتشرة في مختلف أنخاء بلاد الشمال الأفريقي سيما من سوسة إلى وليلة بالمغرب الأقصى.
بعد انتهاء الاحتلال الروماني لبلاد المغرب العربي ،خلفه الاحتلال الوندالي الديدام منعام 429 م إلى غاية عام 534 م، حيث دخلوا من الجهة الغربية للمغرب عبر مضيق جبل طارق، وزحفوا حتى وصلوا إلى قرطاجة فاستقروا هناك، قاموا بإعمال تخريبية كبيرة و استولواعلى الأراضي الخصبة ، وعاملوا المغاربة بوحشية كبيرة.
تمكن المغاربة في ظل الحكم الوندالي من إنشاء إمارات ، كمملكة التافنة التى امتدت من الشلف إلى ملوية، مملكة الحضنة شملت منطقة التيطري، مملكة الاوراس شملت الشمال الشرقي من الجزائر،وانتهى الحكم الوندالي بالمغرب سنة 534 م على يد البيزنطيين لتبقى الجزائر تحت حكم الاحتلال البيزنطي الى غاية عصر الفتوحات الإسلامية.
 
التعديل الأخير:
الجزائر في عهد الفتح الإسلامي


في أواسط القرن السابع للميلاد زحفت الجيوش العربية الإسلاميّة من مصر وأخذت تفتح المغرب العربي الكبير. ومع أن البربر قاوموا العمل العسكري العربي لفترة من الزمن، الا ن تكاثر العرب في المنطقة وبناء القيروان كمركز عسكري إداري للمغرب بكامله أدّى بالبربر إلى قبول الحكم الجديد، واعتناق الإسلام في أواخر القرن السابع الميلادي ، وقد اشترك البربر في مطلع القرن التالي في الزحف على إسبانيا، لتصبح المنطقة المغربية بكاملها جزءا من الدولة الاسلامية .

المغرب العربي عاش في القرن الثامن الميلادي فترة اضطراب ، وفي وسطه انتهى أمر الأمويين وقامت الدولة العباسية، وتزامن دلك مع اعتناق كثير من البربر المذهب الخارجي، مكنهم من إقامة دول مختلفة في نواحي المغرب، كانت حصة الجزائر منها الدولة الرسمية التى اقيمت في 160 ـ 296 هـ / 777 ـ 909م وعاصمتها تيهارت ( تيارت حاليا ) .

مؤسس هده الدولة كان عبد الرحمن بن رستم الذي كان منذ عام 758 م واليا على القيروان التى فر منها بعد عودة الولاة العباسيين، حيث لجاء الى تيهارت اين حكم الرستميون سنة (776-784 م) خلفه ابنه عبد الوهاب سنة (784-823 م)الذي وضع نفسه ضرفيا تحت حماية الأمويين حكام الأندلس، الشيء الذي مكنه من إقامة علاقات تجارية جيدة مع الأندلس.

توطدت أركان الدولة الرستمية و ساد الاستقرار فيها في عهد أبو سعيد الافلح سنة (823-868 م) وفي عهد أبو حاتم ويسف سنة (868-894 م)، أصبحت تيهارت عاصمة ثقافية و فكرية في الشمال الإفريقي.، وفي سنة 908 م قام أبو عبيد الله صاحب الفاطميين بالقضاء على الرستميين، ليلجاء ما تبقى من الاباضين الى الجنوب الجزائري ، ليستقروا في منطقة وادي ميزاب الواقعة بمدينة غرداية، بعد ان حكمواالجزائر, تونس وليبيا.

في عهد الخليفة هارون الرشيد أقيمت دولة الاغالبة (184-296هـ/ 800-909م) في شرق الجزائر،تونس وغرب ليبيا ،امتد نقودها الى جنوب إيطاليا،صقلية،سردينيا كورسيكا ومالطة. كانت حدود دولة الأغالبة وعاصمتها القيروان التى أسسها إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عِقال بن خفاجة التميمي تتسع وتتقلص بحسب قوة أمرائها وضعفهم.. وكان والده الأغلب الذي سميت الدولة باسمه أول من دخل إفريقيا من هذه الأسرة، التي كانت قد استقرت منذ الفتح الإسلامي في مَرْو الرُّوذ في خراسان، وقد تلقب حكام هذه الدولة بالأمراء، وظلوا خاضعين لسلطة الخلفاء العباسيين اسمياً، فسكوا النقود باسمهم، وخطبوا لهم على المنابر، من دون أن يسمحوا لهم بالتدخل في شؤونهم الداخلية.

قضت الدولة الفاطمية بقيادة أبو عبد الله"على "دولة الأغالبة"التى سقطت في يده سنة 297هـ/ 909م، هدا الأخيرهو رجل من صنعاء اتجه إلى المغرب بعد أن رأى دويلات "الأغالبة" و"الأدارسة" وغيرهما تنشأ وتقام بعيدًا عن يد الدولة العباسية وسلطانها، حيث ركز دعايته بين البربر، الدين سرعان ما انضموا إليه بالآلاف، وقد تمكن من دخول القيروان التي اتخذها عاصمة للدولة الفاطمية، وهناك بايعه الناس ولقب بالمهدي أمير المؤمنين ،بعده اخرج بعض ولاة شمال إفريقياعن الخلفاء الفاطميين ؛ مما أدى إلى استقلال تونس والجزائر،لتستولي الدولة السلجوقية السُّنِّية التي قامت بفارس والعراق على معظم بلاد الشام التابعة للفاطميين، وقتها تمكن الصليبيون من الاستيلاءعلى بيت المقدس سنة 492هـ/ 1099م والتى كانت تحت أيدي الفاطميين . وهكذا أخذت دولتهم تضعف حتى جاء صلاح الدين الأيوبي، الذي قضى على الخلافة الفاطمية في سنة 567هـ/1172م .

الجزائر عرفت كذلك حكم الحماديين الدين دخلوافي صراع مع أبناء عمومتهم الزيريون ، فبنو حماد الصنهاجيون هم سلالة أمازيغية حكمت في الجزائرما بين 1007/ -1152 م، هده الدولة التى اسسها حماد بن بلكين تولى حكم آشيرفي الجزائر من قبل بنو أعمامه الزيريين حكام إفريقيا حيث بنى خلال عام 1007عاصمته القلعة معلنا بدلك الدعوة العباسية التى بدات سنة 1015 م، إلا أنه لم يتم الاعتراف بدولته إلا بعد حروب كثيرة خاضها ابنه القايد (1028-1054 م) مع الزيريين ، الدين اعترفوا في النهاية باستقلال دولة الحماديين.

في عهد بلكين (1055-1062 م) توسعت الدولة إلى حدود المغرب الأقصى مع دخول فاس ،التى امتدت في عهد الناصر (1062-1088 م)الى تونس والقيروان، كما امتدت أطراف الدولة جنوبا في الصحراء. قاد هؤلاء السلاطين حركة عمرانية وثقافية كبيرةل م تعرفها منذعام 1104 م ،ومع دخول أعراب بنو هلال

(سليم ورباح) المنطقة، وتزايد ضغطهم على الدولة الحمادية، انحسرت رقعة الدولة إلى المنطقة الساحلية حيث سقط آخر السلاطين الحماديين وهو يحيى بن عبد العزيز سنة (1121-1152 م) بعد دخول الموحدين إلى عاصمته بجاية سنة 1152 م.

ثم جاء المرابطون ( 448 ـ 541 هـ / 1056 ـ 1147م ) ففرضوا سلطانهم على المنطقة المحيطة بمدينتي الجزائر ووهران وقد خلّف الموحِّدون المرابطين لما زالت دولتهم .

الدولة الموحدية هيدولة أمازيغية إسلامية أسسها الموحدون من أتباع حركة محمد بن تومرت ينحدرون من سلالة أمازيغية حكمت المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا والأندلس سنوات 1121-1269، وقد استطاع عبد المؤمن بن علي الكومي ( 1133-1163 م) أن يستحوذ على المغرب الأقصى بعد سقوط مراكش عام 1147 م والمغرب الأوسط الجزائر ومن ثم بسط نفوذه على كامل إفريقيا( تونس وليبيا عام 1160 م) والأندلس عام(1146-1154 م). ودولة الموحِّدين هي أكبر دولة قامت في المغرب الإسلامي في العصور الوسطى، وكانت أيامها فترة ازدهار اقتصادي وثقافي .

ولمّا ضَعُف شأن الموحِّدين، قامت في الجزائر دولة بني عبد الواد ( 633هـ / 1236 م ) التى كان مقرها في تلمسان، يرجع أصل بنو عبد الواد أو بنو زياد إلى قبيلة زناتة البربرية التي استقرت في شمال الصحراء الكبرى ثم هاجرت في حدود القرن الحادي عشر إلى شمال الجزائر. كان بنو عبد الواد من أنصار الموحدين، نقل هؤلاء إليهم إدارة مدينة تلمسان، بعد سقوط الموحدين إستقل أبو يحي يغمراسن بن زيان(1236-1283 م) بالحكم تمكن بعدها من وضع قواعد لدولة قوية، في عهده ثم خلفاءه من بعده أصبحت تلمسان مركزاً تجاريا وثقافيا مهما في المنطقة. تأرجح بنو عبد الواد بعد ذلك بين وصاية المرينيين أصحاب المغرب تارة ثم الحفصيين أصحاب تونس تارة أخرى، والذين أجبروهم مرات عدة في القرنين الـ13 والـ14 م على التنحي. ثم انتهى بهم الحال إلى أن وقعو تحت سيطرة المرينيين. أعيد إحياء سلطة الدولة وبلغت الثقافة أعلى درجاتها في عهد أبو حمو الثاني (1359-1389 م)، قبل أن يقعو مرة أخرى تحت سيطرة الحفصيين الدين ضعفوا بعد وفاة المنتصر الحفصي حوالي سنة 837هـ ( 1434م )، تعرضت بعد دلك المنطقة لمدة قرن ونصف للكثير من الفوضى واستبداد الحكام والزعماء.
 
التعديل الأخير:
أصل تسمية الجزائر

كتب ألبرت فرحات في مذكرة صغيرة ان « اسم «الجزائر» بالفرنسية «Alger» والذي ينطق "ألجي" مشتق من الكتالانية «Alguère» وهو بدوره مشتق من «الجزاير» (جزاير بني مزغنة) وهو الاسم الذي أطلقه عليها بولوغين ابن زيري مؤسس الدولة الزيرية عند بنائها سنة 960 ميلادية على أنقاض المدينة الرومانية القديمة التي كانت تحمل اسم إكوزيوم «Icosium» ويشير الاسم إلى الجزر التي كانت قبالة ميناء الجزائر في تلك الحقبة والتي تم دمجها فيما بعد بالرصيف الحالي للميناء.
مصطلح جزيرة وفقا لجغرافيي المسلمين العصور الوسطى يمكن أن يشير إلى الساحل الخصب للجزائر الحالية الواقع بين الصحراء الكبرى والبحر الأبيض المتوسط.
من أوائل من أشار إليها باسم جزائر بني مزغنة الجغرافي المسلم أبو القاسم إبراهيم محمد الكرخي وذلك في أوائل القرن الرابع الهجري، فقال :« وجزائر بني مزغنة مدينة عامرة يحف بها طوائف من البربر، وهي من الخصب والسعة على غاية ما تكون المدن».
وصفها أبو القاسم محمد بن حوقل عندما زارها في عهد بلكين حوالي سنة 337 هـ فقال :« وجزائر بني مزغنة مدينة عليها سور في نحو البحر، وفيها أسواق كثيرة ولها عيون على البحر طيبة، وشربهم منها، ولها بادية كبيرة، وجبال فيها قبائل من البربر كبيرة، وأكثر المواشي من البقر والغنم سائمة في الجبال ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يقع به وبغيره، من هذه الأسباب الجهاز إلى القيروان وغيرها، ولهم جزيرة تحاذيها في البحر إذا نزل بهم عدو لجأوا إليها، فكانوا بها في منعة وأمن» في ذات السياق ذكر الجغرافي الأندلسي الشهير أبو عبيد البكري في كتابه المسالك والممالك الذي وصف فيه شمال أفريقيا في الفصل الذي يتحدث عن الطريق بين آشير وجزاير بني مزغنة حوالي 1068م أي حوالي ستة قرون قبل وصول الأتراك «....وهي مدينة جليلة قديمة البنيان، فيها آثار للأول وأزاج محكمة تدل على أنها كانت دار ملك لسالف الأمم».
في عام 202 قبل الميلاد أدخلت المدينة تحت الهيمنة الرومانية بعد حلف تم بين سكيبيو الإفريقي وماسينيسا ضد قرطاج ، وغير اسمها من ايكوسيم بالفينيقية إلى اللاتينية ليصبح اٍيكوسيوم « جزيرة النورس » تحت حكم يوبا الأول وبطليموس. حاول بطليموس الموريطني أن يسيطر على قبائل مغراوة الأمازيغية المتواجدة بكثرة في محيط إكوسيوم فقام بنقل جزء منهم إلى الشلف وحارب المقاومين البربر الذين أثارهم تاكفاريناس.
بعد تاكفاريناس قام البربري فيرموس خلال القرن الرابع الميلادي بتحطيم إكوسيوم بمساعدة جميع القبائل البربرية التي كانت تعيش في الجبال المحيطة بالمدينة .
حوالى القرن الخامس الميلادي تم إدخال المسيحية إلى إكوسيوم، و في عام 429 م سقطت المدينة تحت سيطرة الوندال أثناء غزوهم لشمال أفريقيا وظلوا فيها حتى عام 442 م حيث ثم عقد معاهدة سمحت لروما باسترجاع اِيكوسيوم وهذا لمدة 100 سنة التي ظل فيها الونذال بالجزائر ،و بعد عام 533 م سيطر عليها البيزنطيون الدين هوجموا من قبل قبائل البربر.
أدخلت الفتوحات الإسلامية الإسلام إلى شمال أفريقيا خلال عام 710م ، في ذلك الوقت كانت المدينة خاضعة لحكم سلالة المغراويون الزناتة ، وقتها كان زيري بن مناد الصنهاجي موالياً للفاطميين وقد أثبت شجاعته لهم عندما فاز على بربر الزناتة الخوارج مغراوة، بنو يفرن... ، بعد وفات أبو يزيد استولى زيري بن مناد على المنطقة الوسطى وأسس آشير عاصمة للزيريين.
بحسب ابن خلدون فان منطقة الجزائر كان يسكنها صنهاجة مع حكم سلالة الزيريين و هم من أوائل الصنهاجيين الدين احتلوا مناطق المسيلة، المدية والجزائر ، بولوغين بن زيري وبتصريح من أبيه زيري بن مناد قام بتأسيس ثلاث مدن هي جزاير بني مزغنة، المدية ومليانة بعد طرد الزناتة ، حيث قام بولوغين بن زيري بإعادة بناء إكوسيوم في منتصف القرن العاشر وذلك من خلال تحصين وتوسيع الموقع الذي كانت تحتله قبائل بني مزغنة وسماها جزاير بني مزغنة سنة 960م.
استمرت الحرب بين الزناتيين وصنهاجة وفي أحد المعارك ضد المغراويين التى اندلعت خلال عام 971 م قتل زيري بن مناد ،وحمل رأسه إلى قرطبة من أجل الحصول على المساعدة في مواجهة جيش الزيريين الموالي للفاطميين، وكانتقام لموت أبو يزيد عين الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بولوغين ابن زيري خليفة على بلاد المغرب.
واصل بولوغين حربه ضد زناتة الذين طلبوا الدعم من أمويي قرطبة من أجل استعادة مناطقهم ومدنهم من بينها الجزائر ،لكن بولوغين في ذلك الوقت كان قد بسط سيطرته على كامل أرجاء بلاد المغرب من خلال اتباع تعليمات المعز لدين الله .
حيث سيطر على كامل مدن المغرب العربي وأصدر أوامره بالقضاء على جميع زناتة ، و جمع الضرائب من البربر بشدة السيف وهو الأمر الذي تسبب في سخط واحتجاج القبائل الأخرى. وقد أثارت هذه السطوة غيرة كتامة فأعلنوا الحرب ضد الزيريين الذين قاموا بدحر مدينتي ميلة وسطيف ،فقبل الأمويون دعم الزناتة من أجل استعادة مناطقهم بالخصوص من مغراوة ما دفع ببولوغين للتراجع خاصة عند رؤية جيش زناتة كاملاً يقدم عن طريق البحر من أندلوسيا و يستقر في سبتة .
بعد وفاة بولوغين ابن زيري عام 983 م ،عاش الزيريين فترة طويلة من الهزائم ، حيث استرجع مغراوة أراضيهم وهيبتهم في المغرب الأوسط وفي الغرب بفضل زيري بن عطية فبسطوا بذلك سيطرتهم على كامل مدن الوسط حتى وصلوا الى طنجة غرباً .
بقي للزيريين سيادة على أراضيهم في شرق الجزائر إلى جانب الحماديين و إستولى المرابطون على مدينة الجزائر، بفضل يوسف بن تاشفين الذي هزم جميع قبائل الزناتة سنة 1097م .
سنة 1151 م إنتزع أمير الموحدين عبد المؤمن بن علي الكومي مدينة الجزائر ،من المرابطين ليوحد فيما بعد كل بلاد المغرب والأندلس تحت حكمه حيث كانت المدينة لوقت طويل تابعة لتلمسان من خلال حكم سلالات بني يفرن، المغراويون، المرابطين، الموحدين وزيانيين .
في وقت مبكر من عام 1302م كانت أسبانيا تحتل جزيرة الصخرة أمام ميناء الجزائر ، ورغم دلك كان هناك قدرا كبيرا من التجارة التي بدأت في التدفق بين الجزائر وأسبانياالتى كانت تعتبر الجزائر ، ذات أهمية ضئيلة نسبيا حتى بعد طرد الموريسكيين من إسبانيا خلال عام 1492 م .
خلال عام 1510 حاصر الأسبان مدينة الجزائر وبنوا حصنا على جزيرة صغيرة تقع في خليجها وهي جزيرة بينون فقصفوها ومنعوا الإمدادات عنها ، فقام خلال عام 1516 سالم بن تومي قائد بني مزغنة بطلب المساعدة من الأتراك .
عندما كانت المدينة تحت المظلة العثمانية كانت محاطة بسور من جميع الأطراف و على طول الواجهة البحرية و كان يوجد في هذا السور خمسة أبواب تسمح بولوج المدينة وخمسة طرق واحد من من كل باب تعبر المدينة حتى تلتقي أمام مسجد كتشاوة ، الطريق الرئيسي بالمدينة يمتد من الشمال إلى الجنوب ليقسمها إلى قسمين ، المدينة العليا (آل-جبل، أو 'الجبل') و تتألف من حوالي خمسين حارة صغيرة من الأندلسيين، اليهود، المور والقبائل. المدينة المنخفضة (الوطاء، أو 'الأرض المنبسطة') وهي المركز الإداري والعسكري والتجاري للمدينة، يسكنها غالبية من الشخصيات التركية وغيرها من أسر الطبقة العليا. في عام 1556 شيدت قلعة في أعلى مكان من السور .
 
قصة اختيار خير الدين حاكما الجزائر

كان خير الدين, في بعض المرات يرسى أسطوله بمرسى الجزائر لقضاء حوائجه كعادته فأرغمه أهلها على المبايعة والملك لعدم استقامة أهل دولة تلمسان وأهل تونس، نشب بينه وبينهم كلام فغضب ولم يعود إلا بعد سنة ، فرغبه سكان الجزائرفي المكوث عندهم والملك عليهم والسمع والطاعة, فقبل على شرط قتل المفسدين. وكتب منهم جماعة وارادو قتلهم فقال لاتقتلو منهم إلا من عظم شره مكثر فساده. فخصصوا فيهم و حصروا أهل الفتنة في نفر منهم فقال لهم( تحروا في أهل الفساد ولا تز وازرة وزر أخرى). وحذرمن سفك الدماء من غير وجه شرعي.
وكان اهل الانلدس قد كتبوا كتابا الى خير الدين يعلمونه فيه بما وقع لهم من اعتداء على يد النصارى متضرعين له بانقاضهم، ولما وصل اليه كتابهم حضر 36 سفينة اتجه بها الى بلاد الاندلس ، اين وقعت معركة كبيرة بين قوات خير الدين والنصارى كان النصر لخير الدين الذي قام بنقل 70 ألف من المسلمين إلى الجزائر حيث تمت العملية في سبعة رحلات متتالية.
عزم خير الدين على السفر إلى إقليم الروم لأجل الغزو و مواصلة الجهاد, فجمع أهل الجزائر من العلماء والصلحاء وقال لهم "(إني قد عزمت على السفر إلى حضرة السلطان وأمنت بلادكم من العدو بما تركت فيكم من المجاهدين , و من وصل إليكم من أهل الأندلس وما تركت عندكم من العدة , لأني تركت في بلادكم أكثر من أربعة مئة مدفع , ولم يكن في بلادكم ولو مدفع واحد ) فقالو كلهم له (أيها الأمير لا تطيب أنفسنا بفراقك ولا نسمح لك بدالك . فالله الله امة سيدنا محمد فان الله يسال عنهم ).و من جملة ما خاطبه العلماء به أن قالوا له ((أيها الأمير , يتعين جلوسك في هده المدينة لأجل حراستها والدب عن ضعفاء أهلها ولارخصة لك في الذهاب عنهم وتركهم للعدو). فعند دالك قال لهم خير الدين ( انتم رأيتم ما وقع من الملاعين الكافرين و لا يؤمن من عواملهم وقد ظهر لي من الرأي أن تصل يدنا بطاعة السلطان العظم مولانا السلطان سليم فيمدنا بالمال والرجال وجميع ما نحتاج إليه من آلة الجهادولا يكون دالك إلا بصرف الخطبة إليه وضرب السكة عليه).
فرضي أهل المدينة بدلك وصبوا رأيهم فيه فأمرهم أن يكتبوا على لسانهم كتابا إليه يخبرونه بصرف طاعتهم إليه. وكتب هو أيضا كتابا يتضمن مفهوم كتابهم, وعين أربعة سفن للسفر إلى حضرة السلطان كان ضمن هده السفرية رجل اسمه الحاج حسين حاملا معه هدية عظيمة.
وصلت السفن إلى حضرة السلطان سليم ، ونزلوا بتلك الهدية إلى الوزير العظيم, فاعلم السلطان بقدومهم ووصل الهدية التي قدموا بها، فقبلها السلطان وأمر بإنزالهم إلى دار الضيافة و اجري عليهم النفقة ،ووجه صحبتهم سنجقا وكتابا إلى أهل الجزائر يقول ما كتبوا إليه ، و أنهم ممن تشملهم عنايته وتحرسهم رعايته.
فلما وصل الحاج حسين الوزير بكتاب السلطان سليم إلى الجزائر, استقر خير الدين أميرا بالجزائر من قبل السلطان الأعظم سليم خان ، وصرف دعوتها إليه وأمر ذكره على منابرها و ضرب السكة عليه.
 
أطماع الصليبية الأوروبية الاسبانية في الجزائر

(إن سرورنا لعظيم أن نعلم أن ولدنا العزيز هنري أمير البرتغال قد سار في خطى أبيه الملك جون بوصفه جنديا قديرا من جنود المسيح ليقضي على أعداء الله وأعداء المسيح من المسلمين والكفرة.).البابا نيقولا ال 5
لقد تعرضت الجزائرفي بداية القرن ال 16 م للعديد من الحملات العسكرية منها ، حملات بيدرونا فاروا على المرسى الكبيرسنة 1505 م ومسرغينعام 1507 م ووهران سنة 1509 م وبجاية سنة 1510 م وعنابة سنة 1510 م. كما كانت تعرضت مدينة الجزائر لوحدها لعدة حملات كحملة ديبقود وفيراعام 1516 م. و حملة دون هوغور ومونكارعام 1519 م. و حملة شرلكان الكبرى الفاشلةعام 1541 م، التي باركها وأيدها البابا بول الثالث واشترك فيها قراصنة إيطاليا وصقلية وفرسان مالطة. حملة البابا بيوس الرابع الصليبيةعام 1555 م و 1560 م التي اشترك فيها فرسان مالطة و نائب ملك نابلي، وقادها نائب ملك صقلية الدوق دومدنياو حملة أندري دوريا على مدينة شرشال عام 1531 م غارة خوان قسكون الإسباني ضد مدينة الجزائر عام 1567 م بمساعدة وتأييد ملك إسبانيا. ،الحملة الصليبية الضخمة ضد الجزائر العاصمة عام 1601 م التي اشتركت فيها قوات البابا، وجنوده، ونابلي والطوسكانة.
لقد شكلت الجزائر أكبر هدف لمعظم الحملات العسكرية التي قادها أباطرة وملوك وأمراء وقراصنة الأوروبيين من أمثال شارلكان الإسباني، الكاردينال كزيمنس الطليطلي، وأندري دوريا الجنوي، وقد تزعم هذه الحركة البرتغال وإسبانيا، تحت شعار ضرب المسلمين في شمال غرب أفريقيا وهي الجزائر، منعا للقرصنة التي كان يقوم بها المسلمون حسب ادعاءاتهم على الشواطئ الأطلسية والمتوسط. ويظهر من خلال هذا الشعار، قوة الدافع الديني إلى جانب الدافع الاقتصادي، وقد سيطرت الروح الصليبية على حاكم أرغون المسمى فرديناند وحاكمة قشتالة المدعوة إيزابيلا حيث بديا أكثر تعصبا و تأججا من صليبية القرن ال 11 م، ولإنجاح الغزوات الصليبية على الجزائر قام البابوات بتقديم وعودا للبحارة الذين يشاركون فيها بالفوز بالجنة، هؤلاء كانوايمضون بمرافقة رجال الدين لنشر الكاثوليكية في الاماكن التى يتم استبطانها، في هدا الشأن صدرت خلالالسنوات 1447 م 1455 م، 1456 م، 1493 م ،عدة مراسيم من بينها مرسوم البابا نيقولا ال 5، كالسين ال 3، اسكندر ال 6 كلها تشجع على المضي قدما لغزو الجزائر وبلاد شمال إفريقيا وقد اصدرالبابا نيقولا ال 5أمرا الى الأميرهنري يمنحه الحق في السيطرة على جميع البلاد التي تخضع للمسلمين قائلا له (إن سرورنا لعظيم أن نعلم أن ولدنا العزيز هنري أمير البرتغال قد سار في خطى أبيه الملك جون بوصفه جنديا قديرا من جنود المسيح ليقضي على أعداء الله وأعداء المسيح من المسلمين والكفرة.) ،وقدأسر هنري 7 من المغاربة واهدائهم إلى البابا .
 
الحملة الفاشلة لشارل لكان على الجزائر عام 1541

انذار شارل الخامس لحسن أغا باي الجزائر

رد حسن أغا "أنت إلا كلب من كلاب النصارى"

ارسل شارل الخامس انذارا الى حسن أغا جاء فيه " أيها الرجل,انك خديم من خدام باربروشة واملك اسبانيا بأسرها و جميع بلاد النصارى تحت طاعتي فكيف تحدث نفسك بمقابلتي. أما تعرف أني استوليت على مدينة تونس وأزعجت منها باربروشة لا يصدق النجاة بنفسه, وهي أعظم من الجزائر شانا وأحصن منها بنيانا. وما أقمت عليها إلا مدة قليلة حتى دخلتها عنوة بسيفي وخرج منها سيدك هاربا فتحقق أن هده المدينة نملكها كما ملكنا مدينة تونس, كيف وقد قدمت إليها بنفسي. أيمكن أن ارجع إلى بلادي ولم احصل على الجزائر فان لم يأت لي أخدها في هده الدفعة أطاول حصارها شتاء هده السنة. فمعي من المال والزاد ما يكفي هده العساكر الدين معي. وان احتجت إلى المدد فبلادي قريبة وكل ما احتاج إليه يصلني في اقرب مدة. وقد أعطيتك الأمان هده المرة فان قبلته فيها وان لم تقبله وشرعت في الدفاع عن المدينة وأرهقك قتالنا إلى طلب الأمان لنا فان لا نبدله لك. فانظر لنفسك ودبر على من معك . فانك إن عاندت ورفعت لراسك ولم تمل إلى ما دعوتك إليه أمرت العساكر يندفعون إلى المدينة دفعة واحدة ويقلعونها حجرا حجرا ويقتلون كل من فيها من صغير وكبير وها أنا قد اعدرت إليك" .
قرد عليه حسن أغا" وهل أنت إلا كلب من كلاب النصارى واضعف ما في بلاد البربرية من قلاع لا تقدر على أخدها, فكيف بمدينة الجزائر, ولو سمع سيدنا السلطان الأعظم لأرسل إليك عبدا من عبيده مع شرذمة قليلة من عسكره لاستأصلك ومن معك. ومع دالك فان في عسكر الجزائر ما يقابلك, وسترى عاقبة أمرك فأجهد جهدك غير موفق."
شارلكان أو كارلوس الخامسهو شخصية في التاريخ الأوروبي، توّج ملكاً لإسبانيا في آخر عام 1520م باسم كارلوس الأول وملك إيطاليا وأرشيدوق النمسا ورأس الإمبراطورية الرومانية المقدسة، حكم إمبراطورية مترامية الأطراف وموزعة على ثلاث قارات، فقيل إن الشمس لا تغيب عنها .
بعد وراثة عرش إسبانيا، كان شارل بحاجة لمبايعة الرعيـّة ، فرغم كونه سليلاً للعائلتين المالكتين القشتالية والأراغونية، لكنه يظل هابسبورغياً. وتحقيقاً لهذه الغاية استدعى بلاطات قشتالة نهاية سنة 1517 بمدينة بلد الوليد. وبعد مفاوضات عدة وعند بداية العام التالي، أدى اليمين وبويع ملكاً. بالمثل تصرف مع بلاطات أراغون وكاتالونيا، الذين دعاهم أواخر سنة 1518 في سرقسطة وبرشلونة. وهنا أيضاً بعد العديد من المفاوضات، أدى الملك اليمين في سنة 1519 واعـْتـُرف به ملكاً. بعد ذلك اضطر للذهاب إلى النمسا للحصول على الميراث الهابسبورغي.
في سنة 1519، إثر وفاة جده ماكسيمليان الأول، استلم شارل ملك إسبانيا عرشَ النمسا و عمره لا يتجاوزالتسعة عشرة عاما ، بإضافة الى دخول الميراث البورغوندي لجدته من أبيه في حيازته. في نفس العام وتحديداً في الثامن والعشرين من يونيو بمدينة فرانكفورت انتخب إمبراطوراً للرومانية المقدسة بدعم من مصرفيي آل فوغر الألمان، متفوقاً على المرشح الآخر للتاج الامبراطوري فرانسوا الأول ملك فرنسا. حيث فضل الأمراء الناخبون انتخاب شارل الخامس على فرانسوا الأول لأنهم وجدوا أنه الأفضل لطموحاتهم بذاتية الحكم كوّن شارل ملك إسبانيا، يعيش ويعمل بعيداً عن المقر الامبراطوري. كما توج شارل اإمبراطوراً من قبل رئيس أساقفة كولونيا في الثالث والعشرين من أكتوبر من عام 1520. ملك فرنسا فرانسوا الأول فالوا من خلال تمتعه بدرجة عالية من الحكم الذاتي، مع طموحاته في التوسع في الفلاندر وهولندا وكذلك إيطاليا، تصدى دائماً لمحاولات الإمبراطور شارل لجعل فرنسا تحت سيطرة الامبراطورية. ومارس هذه المعارضة من خلال العديد من الصراعات الدموية .
كما كان الخليفة العثماني سليمان القانوني يشكل دائماً شوكة في خاصرة الإمبراطورية بنواياه التوسعية نحو وسط أوروبا ، وخاض شارل الخامسعدة حروب ضد العثمانيين ؛ فوجد نفسه غالباً يحارب على جبهتين في ذات الوقت شرقاً ضد العثمانيين وغرباً ضد الفرنسيين. توجب على شارل الخامس طوال حياته مواجهة المشاكل الداهمة في ألمانيا أولا وما لبثت أن انتشرت في أجزاء أخرى من إمبراطوريته وفي أوروبا بشكل عام، بسبب العقيدة الدينية الجديدة التي ظهرت على يد الراهب الألماني مارتن لوثر في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية. لم تتجلى تلك المشاكل في الخلافات المذهبية فحسب، بل أدت أيضاً إلى صراعات مفتوحة. كارل الذي كان يعلن نفسه على المستوى الديني بأنه أشجع مدافع عن الكنيسة الكاثوليكية لم يستطع لا هزيمة العقيدة الجديدة ولا الحد من انتشارها على أقل. وانتهى اجتماعا أوغسبورغ 1530 وريغنسبورغ 1541 دون نتائج، مؤجلا البت في الخلافات المذهبية إلى مجمع مسكوني مستقبلي .
استطاع كارل زيادة ممتلكات تاج إسبانيا فيما وراء المحيط من خلال فتوحات اثنين من أبرز الكونكيستدوريين وهما هرنان كورتيس وفرانسيسكو بيسارو. هزم الأول الآستكيين واستولى على فلوريدا، كوبا، المكسيك، غواتيمالا، الهندوراس ويوكاتان. وهزم الثاني إمبراطورية الإنكا واستولى على بيرو وشيلي أي من ساحل أمريكا الجنوبية المطل على المحيط الهادئ. عين شارل كورتيس حاكماً على الأراضي التي فتحها في أمريكا الشمالية والتي ستشكل إسبانيا الجديدة. بينما عـُين بيسارو حاكماً للبيرو. خاض شارل بين عامي 1521 و1529 حربين داميتين طويلتين ضد فرنسا لحيازة دوقية ميلانو وجمهورية جنوا. كانت معركة بافيا حاسمة لاختتام الأولى والتي اعتقل فيها الملك فرانسوا الأول بفضل الكوندوتييرو الفورلي تشيزري هركولاني خرج كارل منتصراً من كلا الصراعين، فانتهي الأول بصلح مدريد، والثاني بصلح كامبراي .
في عام 1526 حل شارل مشكلة لطالما تسببت له بالإحرج ،حيث كان فرسان القديس يوحنا قد خسروا في سنة 1522 جزيرة رودس على يد العثمانيين والتي كانت مقراً لهم، فظلوا يجوبون البحر الأبيض المتوسط طوال سبع سنوات بحثاً عن أرض جديدة. الوضع لم يكن سهلا لأن فرسان القديس يوحنا لم يقبلوا بأن يكونوا تابعين لأحد ويتطلعون إلى بقعة تكون لهم فيها السيادة الكاملة في بحر متوسط محتل تماماً من القوى الأخرى. في عام 1524 عرض شارل على الفرسان جزيرة مالطا والتي كانت تحت حكمه المباشر. لم يتقبل الفرسان المقترح في البداية لأنه يعني ضمناً خضوعهم رسمياً للإمبراطور، ولكن بعد مفاوضات طويلة، قبلوا بالجزيرة (قالوا بأنها ليست رحبة جداً وليس من السهل الدفاع عنها) بشرط أن يكونوا حكاماً وليسوا تابعين للإمبراطور وطلبوا أن توفر لهم الإمدادات الضرورية للحياة من صقلية. كان قرار شارل ذو طابع استرتيجي أكثر من كونه تعبير عن رغبة حقيقية في مساعدة تنظيم القديس يوحنا، فمالطا، الجزيرة الصغيرة في وسط البحر المتوسط، تقع بموقع ذو أهمية استراتيجية كبيرة، وخاصة بالنسبة للسفن التي تـَعبـُر وتتوقف بأعداد كبيرة، فكانت هدفاً لهجمات وغارات، لذا احتاج شارل لأحد يتفرغ بشكل تام بالدفاع عنها وكان الفرسان مثاليين لذلك
كان العقد الذي افتتح غداة تتويج شارل الخامس بكاتدرائية سان بترونيو في بولونيا في 24 فبراير 1530 على يد البابا كليمنس السابع وانتهى سنة 1540 مفعماً بالأحداث التي خلقت للامبراطور مشاكل ليست بالقليلة. فاستؤنف الصراع مع فرنسا، وتجددت هجمات العثمانيين باتجاه أوروبا، كما سـُجل انتشار واسع للمذهب اللوثري. كان على شارل الخامس باعتباره المعقل الأعلى للتكامل الأوروبي وللعقيدة الكاثوليكية، التعامل على جميع هذه الجبهات الثلاث في وقت واحد وبصعوبة بالغة. في أوائل عقد الثلاثينات، بدأ كل من شارل الخامس وفرانسوا الأول بانتهاج ما تـُعرف ب"سياسية الزواج" التي رغبوا من خلالها في بسط السلطان على بلدان أوروبا التي لم يتمكنوا من فعل ذلك فيها بالسلاح. زوج شارل الخامس ابنته غير الشرعية مارغريت من دوق فلورنسا وكما زوج ابنة شقيقته كريستينا أولدنبورغ من دوق ميلانو. من ناحيته زوج فرانسوا الأول أخت زوجته ريني فالوا أورليان من دوق فيرارا إركولي الثاني ديستي. لكن أبرز الأعمال هذا المجال كان ترتيب البابا كليمنس السابع لزواج ابنة أخيه كاترين دي ميديشي من النجل الثاني لفرانسوا الأول، هنري، الذي بسبب الوفاة المبكرة لوريث عرش فرانسوا، سيكون هو ملك فرنسا باسم هنري الثاني. جعل هذا الزواج فرانسوا الأول أكثر مغامرة وعدوانية حيال شارل الخامس، فأبرم تحالفاً مع سلطان القسطنطينية شجع الأخير على فتح جبهة صراع ثانية ضد الإمبراطور في البحر المتوسط بقيادة أمير البحر خير الدين الملقب برباروسا.
قادت هذه الخطوة شارل الخامس للقيام بحملة عسكرية ضد المسلمين في شمال أفريقيا، والتي انتهت في سنة 1535 باحتلال تونس وهزيمة برباروسا ولكن ليس القبض عليه، إذ وجد ملجأ له في مدينة الجزائر..
قرر شارل الخامس بعد أن عاد من حملة تونس التوقف في إيطاليا، ووصل روما في أبريل سنة 1536، للتعرف ومحاولة التحالف مع البابا الجديد بولس الثالث (ألساندرو فارنيزي) خليفة كليمنس السابع المتوفي سنة 1534. أعلن البابا الجديد الحياد في الصراع المستمر منذ أكثر من عقد بين فرنسا والإمبراطورية، لذلك استأنف فرانسوا الأول المدعوم بهذا الحياد الأعمال العدائية، مبتدأً النزاع الثالث مع الإمبراطور والذي انتهى بعد عامين فقط في سنة 1538 بهدنة بومي وصلح نيس اللذان لم يؤديا إلى نتائج جديدة فلم تتغير نتائج صلح مدريد وصلح كامبراي اللذان أنهيا النزاعين السابقين. انشغل الامبراطور من جديد ضد العثمانيين في صراع انتهى بالهزيمة في معركة بروزة البحرية في 27 سبتمبر 1537 حين تفوق قائد المسلمين برباروسا على الأسطول الإمبراطوري .
دفعت هذه الهزيمة شارل الخامس لاستئناف العلاقات مع دول ألمانيا، التي يحتاجها سواءاً من الناحية المالية أو العسكرية. أكسبه تصرفه الأكثر تصالحية اتجاه ممثلي اللوثريين في اجتماعي فورمس (1540) وريغنسبورغ (1541) دعم جميع الأمراء، فضلا عن التحالف مع فيليب الأول لاندغراف هسن. أدى هذا إلى شن حملة أخرى ضد المسلمين، لاستعادة المصداقية ولتحالف العدو الأبدي فرانسوا الأول ملك فرنسا مع السلطان. كانت الجزائر هي الهدف هذه المرة وهي القاعدة اللوجستية لبرباروسا ومنطلق جميع غارات السفن على موانئ إسبانيا.
جمع شارل الخامس قوة غزو هائلة، عـُهد بقيادتها إلى كوندوتييريين شجعان وذوي خبرة وهم أندريا دوريا وفيرانتي الأول غونزاغا وهرنان كورتيس. رغم هذا منيت الحملة التي انطلقت في أكتوبر سنة 1541 بالفشل التام، لأن الظروف غير المواتية للإبحار دمرت 150 سفينة محملة بالأسلحة والقوات والامدادات. لم يكن شارل الخامس قادراً مع ما تبقى أن يكلل المغامرة بالنصر فعاد إلى إسبانيا، وفي أوائل ديسمبر من تلك السنة، تخلى نهائياً عن سياسته المتعلقة بالسيطرة على البحر الأبيض المتوسط.
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى