الاثنين 03 جوان 2013 - الشيخ عبد المالك واضح
يقول الحافظ ابن عساكر رحمه الله “إن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة”. فخطورة اللِّسان أنه سلاح ذو حدين، يأخذ بصاحبه إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار، واستطالة بعض الألسنة في أعراض المسلمين قضية عظيمة جدًّا.
من رحمة الله تعالى، ومنِّه وكرمه وفضله، أن امتنَّ على هذه الأمّة بأن قيَّض لها علماء فطاحلة أفذاذ، يحملون هذا الدِّين، ينفون عنه تحريف الضّالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ علماء شرّفهم الله تعالى بأن جعلهم ورثة الأنبياء، وشرَّفهم بأن اصطفاهم، وجعلهم أخشى النّاس له، يقول الله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. وكيف لا يستحقّون ذلك وهم مَن حَمَى حِمَا الدِّين من لصوص الضّلال، ومنحرفي الخِلال؟! فهم الّذين عَمَّ فضلُهم الخاصَّ والعام، فعلَّموا النّاس الخير، وأرشدوهم لجادة الصّواب والحقّ، وحذّروهم من سلوك دروب الضّلال، والوقوع في طوام الشّبه والملذات. ويا للعجب! فمع ما لهم من خصال حميدة، وخلال جميلة، تجد فئامًا من النّاس قد انبروا لنهش لحومهم، وتتبُّع سقطاتهم وزلاّتهم، فتجد شخصًا لا تُعرف له سابقة في العِلم، ولا بادرة للخير، قد أخذ يفري في لحومهم، ويتهكّم بأعراضهم، ويحاول البروز بالتسلُّق على أكتافهم، ظنًّا منه أنه سينال ما يروم، وما درى الغبي أنه استعجل منيَّتَه بالبروز والظهور. ممّا ينبغي أن يُعرف أنه ليس ثمّة أحد من النّاس معصوم من الخطأ، بل كلّ النّاس معرّض لذلك. يقول الصنعاني رحمه الله: “وليس أحد من أفراد العلماء إلاّ وله نادرة ينبغي أن تُغمر في جنب فضله وتُجتنب”. فعلَى ذلك يجب توطين النّفس على قَبول زلة العالم دونما تشنيع أو انتقاص. لقد بلغ الأمر بالبعض أن تجرَّأ على تسور القلوب، وتسلّق حائط الأفئدة والصُّدور، فتجده يرمي هذا بأنّه زنديق ضال، وذاك مبتدع مخادع، والآخر منافق مرائي، فلست أدري مَن سوغ له قذف النّاس بما هو محال عليه اكتشافه، بل بما اختصَّ الله تعالى بعلمه. إنّ ممّا يتولَّد عن ظاهرة تجريح العلماء تفكّك الأمّة، وزرع بذور الشِّقاق والفتنة، وفشو العداوات، وانتشار الرّزايا والبليَّات بأن تفتقد المرجعية الشّرعية، وتتفشّى صور الانحلال، وتظهر البدع والخرافات، ويتيسر امتطاء منابر العلماء لكلّ مسكين متعالم جاهل، فيا ليت شعري كم من جناية سيجلبها ممتهن نهش لحوم العلماء؟! فالعاقل إذا عثر على وهم لعالم عليه أن لا يتّبعه في زلّتِه، ولا يأخذه بهفوته، وقد تتابعت كلمات العلماء في الاعتذار للأئمة فيما بدر منهم، وأن ما يبدو من العالم من هِنات أو زلاّت لا تكون مانعة من الاستفادة منه. يقول الحافظ الذهبي: “ولو أنَّا كلّما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً، قمنا عليه وبدَّعناه وهجرناه، لما سَلِم معنا لا ابنُ نصر ولا ابنُ مندة، ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحقّ، وهو أرحم الرّاحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة”. إنّ المسيء إلى العلماء والطّاعن عليهم بَغيًا وعَدْوًا قد ركب متن الشّطط، ووقع في أقبح الغلط؛ لأنّه بطعنه في العلماء قد طعن في الدّين، فهم حملة العلم وورثته، وهم أئمة الأنام الّذين حفظوا على الأمّة معاقد الدّين ومعاقله، وحموا من التّغيير والتّكدير موارده ومناهله. ولننظر إلى أدب السّلف الصّالح مع علمائهم، فعن موسى بن يسار قال: كان رجاء بن حيوه وعدي بن عدي ومكحول في المسجد، فسأل رجل مكحولاً عن مسألة، فقال مكحول: سلوا شيخنا وسيّدنا رجاء بن حيوة. وعن عبيد الله بن عمر قال: كان يحيى بن سعيد يحدّثنا فيسحّ علينا مثل اللؤلؤ، قال عبيد الله: فإذا طلع ربيعة قطع يحيى حديثه إجلالاً لربيعة وإعظامًا له. وذكر النّماذج في ذلك يطول.
http://www.elkhabar.com/ar/islamiyat/338762.html
من رحمة الله تعالى، ومنِّه وكرمه وفضله، أن امتنَّ على هذه الأمّة بأن قيَّض لها علماء فطاحلة أفذاذ، يحملون هذا الدِّين، ينفون عنه تحريف الضّالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ علماء شرّفهم الله تعالى بأن جعلهم ورثة الأنبياء، وشرَّفهم بأن اصطفاهم، وجعلهم أخشى النّاس له، يقول الله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. وكيف لا يستحقّون ذلك وهم مَن حَمَى حِمَا الدِّين من لصوص الضّلال، ومنحرفي الخِلال؟! فهم الّذين عَمَّ فضلُهم الخاصَّ والعام، فعلَّموا النّاس الخير، وأرشدوهم لجادة الصّواب والحقّ، وحذّروهم من سلوك دروب الضّلال، والوقوع في طوام الشّبه والملذات. ويا للعجب! فمع ما لهم من خصال حميدة، وخلال جميلة، تجد فئامًا من النّاس قد انبروا لنهش لحومهم، وتتبُّع سقطاتهم وزلاّتهم، فتجد شخصًا لا تُعرف له سابقة في العِلم، ولا بادرة للخير، قد أخذ يفري في لحومهم، ويتهكّم بأعراضهم، ويحاول البروز بالتسلُّق على أكتافهم، ظنًّا منه أنه سينال ما يروم، وما درى الغبي أنه استعجل منيَّتَه بالبروز والظهور. ممّا ينبغي أن يُعرف أنه ليس ثمّة أحد من النّاس معصوم من الخطأ، بل كلّ النّاس معرّض لذلك. يقول الصنعاني رحمه الله: “وليس أحد من أفراد العلماء إلاّ وله نادرة ينبغي أن تُغمر في جنب فضله وتُجتنب”. فعلَى ذلك يجب توطين النّفس على قَبول زلة العالم دونما تشنيع أو انتقاص. لقد بلغ الأمر بالبعض أن تجرَّأ على تسور القلوب، وتسلّق حائط الأفئدة والصُّدور، فتجده يرمي هذا بأنّه زنديق ضال، وذاك مبتدع مخادع، والآخر منافق مرائي، فلست أدري مَن سوغ له قذف النّاس بما هو محال عليه اكتشافه، بل بما اختصَّ الله تعالى بعلمه. إنّ ممّا يتولَّد عن ظاهرة تجريح العلماء تفكّك الأمّة، وزرع بذور الشِّقاق والفتنة، وفشو العداوات، وانتشار الرّزايا والبليَّات بأن تفتقد المرجعية الشّرعية، وتتفشّى صور الانحلال، وتظهر البدع والخرافات، ويتيسر امتطاء منابر العلماء لكلّ مسكين متعالم جاهل، فيا ليت شعري كم من جناية سيجلبها ممتهن نهش لحوم العلماء؟! فالعاقل إذا عثر على وهم لعالم عليه أن لا يتّبعه في زلّتِه، ولا يأخذه بهفوته، وقد تتابعت كلمات العلماء في الاعتذار للأئمة فيما بدر منهم، وأن ما يبدو من العالم من هِنات أو زلاّت لا تكون مانعة من الاستفادة منه. يقول الحافظ الذهبي: “ولو أنَّا كلّما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً، قمنا عليه وبدَّعناه وهجرناه، لما سَلِم معنا لا ابنُ نصر ولا ابنُ مندة، ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحقّ، وهو أرحم الرّاحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة”. إنّ المسيء إلى العلماء والطّاعن عليهم بَغيًا وعَدْوًا قد ركب متن الشّطط، ووقع في أقبح الغلط؛ لأنّه بطعنه في العلماء قد طعن في الدّين، فهم حملة العلم وورثته، وهم أئمة الأنام الّذين حفظوا على الأمّة معاقد الدّين ومعاقله، وحموا من التّغيير والتّكدير موارده ومناهله. ولننظر إلى أدب السّلف الصّالح مع علمائهم، فعن موسى بن يسار قال: كان رجاء بن حيوه وعدي بن عدي ومكحول في المسجد، فسأل رجل مكحولاً عن مسألة، فقال مكحول: سلوا شيخنا وسيّدنا رجاء بن حيوة. وعن عبيد الله بن عمر قال: كان يحيى بن سعيد يحدّثنا فيسحّ علينا مثل اللؤلؤ، قال عبيد الله: فإذا طلع ربيعة قطع يحيى حديثه إجلالاً لربيعة وإعظامًا له. وذكر النّماذج في ذلك يطول.
http://www.elkhabar.com/ar/islamiyat/338762.html