بناء الدولة الجزائرية ..تحد يتوارثه الأجيال منذ فجر التاريخ
نسترجع الذكرى الخمسين من استقلال الجزائر لبناء المستقبل
تمر خمسون سنة على استقلال الدولة الجزائرية بعد ما انتزعت سيادتها من احتلال دام 132 سنة، غير انه ورغم ظروف الاستعمار الفرنسي القاهرة والساعية لتهديم كل البنى المؤسساتية ومحاولة صهرها في القالب الفرنسي وكذا محاولات طمس الهوية وتجهيل كل شرائح المجتمع، كل هذه العوامل والظروف - وطيلة قرابة قرن ونصف - إلا أن الدولة الجزائرية تمكنت بفضل رجالاتها وأبطالها الذين قاوموا الاحتلال من الحفاظ على رمزيتها المعروفة بثلاثيتها المكرسة منذ دولة الأمير عبد القادر وبعد 50 سنة من الاستقلال والبناء تدخل الجزائر اليوم مرحلة جديدة في تاريخها يسميها المختصون بما يعرف بالجمهورية الثانية والتي يتم فيها الانتقال السلمي والحضاري لمشعل البناء من جيل الثورة إلى جيل الاستقلال والجيل الثالث.
واذا تمعننا في أسس بناء الدولة الجزائرية طيلة حقبة الاحتلال الفرنسي منذ 1830 إلى يومنا هذا والمستمدة من المبادئ القوية التي جسدها الأميرعبد القادر والتي انتقلت من جيل الحركة الوطنية إلى جيل الثورة التحريرية، نجد أن هذه الأسس لم تنتزع من الذاكرة الوطنية.. وفي هذا الجانب أوضح محمد لحسن زغيدي أستاذ في التاريخ بجامعة الجزائر في تصريح لموقع الإذاعة الجزائرية أن معالم الدولة الجزائرية بنيت على مبادئ الثورة التحريرية المعلنة ومن قبلها دولة الأمير التي أسست على قيم وطنية وعصرية.
وأضاف محمد لحسن زغيدي أن هذه المبادئ بقيت راسخة حيث تبنت الحركة الوطنية ثلاثية المبادئ "الجزائر وطننا والإسلام ديننا والعربية لغتنا "وتبناها حزب الشعب فيما بعد وكل هذه الأمور كانت تؤسس لفكر جديد ولدولة جديدة والتي أعطى بيان أول نوفمبر معالم واضحة وشاملة لجمهورية جزائرية ديموقراطية اجتماعية في إطار مبادئ إسلامية تبرز الخصوصية الجزائرية والتي استمدت جوانب منها من منطلقات الأمير الذي وضع لهذه الدولة رمزية تمثلت في العلم الوطني لتضيف الحركة الوطنية إليها رموزا أخرى أملتها الظروف.
كما أكد زغيدي على أن دساتير الجمهورية الجزائرية بما فيها الدستور الحالي والذي نجد ديباجته والمواد المتعلقة بشكل الدولة الجزائرية مبنية على أسس تاريخية وفي مقدمتها المبادئ التي تبنتها الحركة الوطنية والثورة التحريرية مما جعل الدولة الجزائرية تحافظ على هذه القيمة التاريخية .
من جهة أخرى يرى زغيدي أن الدخول إلى مرحلة الجمهورية الثانية أمر ممكن في الجزائر لأن قاعدة الانطلاق نحو هذه الجمهورية –حسبه- متوفرة وكاملة معتبرا أن الجمهورية الثانية لا تختلف عن الأولى التي هي وليدة الثورة التحريرية وإنما جاءت لتضيف مكاسب جديدة في البناء والتشييد وفي التطور و البحث العلمي.
وقال الأستاذ في التاريخ في ذات السياق "إن الشرعية الثورية التي بنيت عليها الجمهورية الجزائرية وبعد 50 سنة من الاستقلال
كانت في أيادي الذين حرروا هذا الوطن وتحملوا مسؤولية بنائه ولكنهم أدركوا قدرة جيل الاستقلال على تحمل المسؤولية الكاملة وباستطاعته تحقيق قفزات نوعية والمساهمة في بناء الجمهورية الثانية" .
وأضاف أن عملية الانتقال فرضتها ظروف الدولة لأنه لا بد من جيل يستلم المشعل من الجيل الذي يسبقه..فجيل المقاومة الذي انطلق به الأمير عبد القادر سلم لجيل الحركة الوطنية وهذا الأخير سلم المشعل لجيل الثورة التحريرية ونجد أن كل جيل عبر مسار التاريخ قدم لبنات تطور مبنية على أسس متينة تركها الجيل السابق .
الانتقال يكون بطريقة سلمية وحضارية
ويعتقد الأستاذ زغيدي بإمكانية الانتقال إلى الجمهورية الثانية بطريقة سلمية وحضارية ونوعية من جيل الثورة إلى جيل الاستقلال على خلاف ما يحدث على مستوى الخريطة العربية والدولية نرى أن الانتقال يأتي دائما نتاج فكر صدامي وصراع داخلي بحيث يحدث قطيعة بين نظام ونظام وبين جيل وجيل.
ولكن ما سيحدث في الجزائر –يضيف ذات المتحدث- هو نتاج استمرارية رسالة الثورة النوفمبرية من جيل إلى جيل من خلال التشبع بالفكر الثوري الداعي إلى الخضوع لمقومات هذه الدولة وهي الوحدة الترابية والشعبية والسيادة الوطنية وكذا الحفاظ على إرث الثورة الذي كما عبر عنه رئيس الجمهورية "بأنه خط احمر لا يجب تجاوزه" وكذلك احترام الذين ساهموا في تحرير وبناء هذا الوطن .
واعتبر زغيدي أن الجمهورية الجزائرية نموذج يحتذى به سواء في ثورتها ومسارها وتعد قدوة للأمم الناشئة وتضرب الدول المتطورة بها المثل في التعايش والسلم وفي الوحدة التي تجمع شعبها ومدى تقديسها لماضيها.
ويرى زغيدي أن الانطلاقة الحقيقية بعد 50 سنة من الاستقلال والبناء و التطور هي العمل بكل جدية على النشر الصحيح للثقافة التاريخية بين الأجيال الصاعدة التي تتفاوت قدراتها ونظرتها الخاصة وهذه هي المسؤولية الأولى التي يجب أن تكون أمام الجمهورية الثانية للدولة الجزائرية حتى تضمن الروابط الأساسية والاستمرارية والتواصل لتجنب حدوث قطيعة بين الأجيال وهذا الأمر مستبعد بالنظر إلى المقومات التي أسست عليها دولتنا والمختلفة عن غيرها من الدول وهو ما يغلط الكثير من المحللين الذين يجهلون نوعا ما خبايا تاريخ الجزائر على حد تعبيره .
من جانبه دعا الدكتور زعيم خنشلاوي رئيس المجلس العلمي لمؤسسة الأمير عبد القادر إلى ضرورة إعطاء الفرصة للشباب للمشاركة في بناء الدولة وتحفيزهم بقدرتهم على تحمل المسؤولية مثلما تحملها الأمير عبد القادر الذي تمت مبايعته وهو في سن 24 وفي وقت عصيب، حيث خاض معركة بناء دولة كانت منهارة وتوحيد صفوف الجزائريين ومحاربة التقسيم من الناحية الداخلية ومحاربة العدو الخارجي الفرنسي الذي يعمل على هدم معالم هذه الدولة.
وأبرز زعيم خنشلاوي أهمية الوصول إلى مستوى الأمير في بناء دولة مستقبلية علمية وحديثة على مدار 17 سنة معتبرا أن النموذج الأميري عالمي تستلهم منه عدة دول والمستقبل سيثبت أن هذا النموذج خارق للعادة بعد قرنين من تأسيس دولة الأمير التي تصلح لكل زمان ومكان .
ودعا رئيس المجلس العلمي لمؤسسة الأمير عبد القادر إلى استخلاص الدروس من الأمير الذي امتزجت شخصيته بين شيئين متناقضين السياسة والأخلاق واعتماد ثقافة القيم التي طبقها الأمير بصدق في الواقع .
وعن دخول الجزائر إلى مرحلة الجمهورية الثانية اعتبر خنشلاوي أن هذه الخطوة تكون ايجابية لو تعود بالفائدة وتحقق أشياء ناجعة في الميدان مثلما تم تحقيقه في عهد الأمير الذي قدم اجتهادات ثبتت نجاعتها .
نسترجع الذكرى الخمسين من استقلال الجزائر لبناء المستقبل
ها هي الجزائر ستستقبل مناسبة تاريخية عظيمة لا تمر علينا إلا وتوجب علينا أن نقف أمامها وقفة إجلال واستفسار، كيف استطاع الشعب الجزائري أن يهزم أعتى قوة في العالم وهو لا يملك ما يملكه الاستعمار الغاشم من العلم والسلاح بكل أشكاله جو بر وبحر؟ وماذا تعني لنا مناسبة 05 جويلية هل هي عيد الاستقلال وفقط أم هي معجزة تاريخية؟
نعم لقد مات من أجل الجزائر مليون ونصف المليون شهيد، وترملت من أجل استقلال الجزائر النساء ويتم الأطفال، وبرزت فئة معطوبي الحرب لكن كل هذه التضحيات تهون أمام يوم من خير الأيام فيه أعيدت البسمة إلى وجه الشعب الجزائري، والكرامة الضائعة إلى أصحابها المحرومين، هذا اليوم كلنا نعرفه بل ونحتفل به في كل مرة في سنة 05 جويلية 1962·
نعم 05 جويلية الذي سنحتفل به في هذه الأيام بعد مرور خمسين سنة فما أشبه الأمس باليوم، بالأمس عانى آباؤنا وأجدادنا من ظلم الطغيان وجبروت الاستعمار الغاشم، ومن استغلال المعمرين الذين عاثوا في الأرض فسادا، فامتلكوا الأراضي واستعبدوا آبائنا، وشغلوهم بأثمان بخس دراهم معدودات وساووهم بالحيوانات والحمير وحرموهم من كل حقوق الإنسان ····· حقا كلما طغى الطغاة وازداد تفننهم في التعذيب كلما تحققت المقولة المعروفة يمشي الظالم إلى حتفه·
الظلم ولد الوعي الثوري والسياسي لدى الشعب الجزائري لإعادة الاعتبار إلى الذات، وتحرير العباد من عبادة العباد، هذا ما تلمسناه في التطور التاريخي لوعي الجزائريين منذ الاحتلال لما لاقوه من العذاب والحرمان، فظهرت مقاومات شعبية ثم تأسست فرق رياضية وعمل جمعوي والمسرح في سنة 1900، ثم اقتناع الشعب الجزائر بعد 08 ماي 1945، بأن الحرية تؤخذ ولا تعطى وأنه ما أخذ بالقوة لايسترجع إلا بالقوة، هذا ما أدى إلى بروز حركات وتنظيمات سياسية كانت وراء ظهور المنظمة السرية التي فجرت ثورة التحرير في 01 نوفمبر 1954، والتي أحدثت المفاجأة، وردود أفعال من جميع القوى الفاعلة في الجزائر خاصة ميصالي الحاج الذي كان يرى فيها مغامرة أو انتحارا، وجمعية العلماء المسلمين التي رفضت في البداية الالتحاق بالثورة إلى جانب الحزب الشيوعي، وغيرها من المواقف السياسية في الداخل والخارج، لكن المفاجأة الكبرى هي التي حلت بالاستعمار حيث أفقدته صوابه، فكل ما عمل على بناءه منذ الاحتلال من أجل أجل إنجاز مشروع جزائر فرنسية باء بالفشل حينها تيقن الاستعمار بأن الجزائري هو جزائري ولا يمكنه إلا أن يكون جزائريا· وقد قالها التاريخ يوما شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب
نعم لقد مات من أجل الجزائر مليون ونصف المليون شهيد، وترملت من أجل استقلال الجزائر النساء ويتم الأطفال، وبرزت فئة معطوبي الحرب لكن كل هذه التضحيات تهون أمام يوم من خير الأيام فيه أعيدت البسمة إلى وجه الشعب الجزائري، والكرامة الضائعة إلى أصحابها المحرومين، هذا اليوم كلنا نعرفه بل ونحتفل به في كل مرة في سنة 05 جويلية 1962·
نعم 05 جويلية الذي سنحتفل به في هذه الأيام بعد مرور خمسين سنة فما أشبه الأمس باليوم، بالأمس عانى آباؤنا وأجدادنا من ظلم الطغيان وجبروت الاستعمار الغاشم، ومن استغلال المعمرين الذين عاثوا في الأرض فسادا، فامتلكوا الأراضي واستعبدوا آبائنا، وشغلوهم بأثمان بخس دراهم معدودات وساووهم بالحيوانات والحمير وحرموهم من كل حقوق الإنسان ····· حقا كلما طغى الطغاة وازداد تفننهم في التعذيب كلما تحققت المقولة المعروفة يمشي الظالم إلى حتفه·
الظلم ولد الوعي الثوري والسياسي لدى الشعب الجزائري لإعادة الاعتبار إلى الذات، وتحرير العباد من عبادة العباد، هذا ما تلمسناه في التطور التاريخي لوعي الجزائريين منذ الاحتلال لما لاقوه من العذاب والحرمان، فظهرت مقاومات شعبية ثم تأسست فرق رياضية وعمل جمعوي والمسرح في سنة 1900، ثم اقتناع الشعب الجزائر بعد 08 ماي 1945، بأن الحرية تؤخذ ولا تعطى وأنه ما أخذ بالقوة لايسترجع إلا بالقوة، هذا ما أدى إلى بروز حركات وتنظيمات سياسية كانت وراء ظهور المنظمة السرية التي فجرت ثورة التحرير في 01 نوفمبر 1954، والتي أحدثت المفاجأة، وردود أفعال من جميع القوى الفاعلة في الجزائر خاصة ميصالي الحاج الذي كان يرى فيها مغامرة أو انتحارا، وجمعية العلماء المسلمين التي رفضت في البداية الالتحاق بالثورة إلى جانب الحزب الشيوعي، وغيرها من المواقف السياسية في الداخل والخارج، لكن المفاجأة الكبرى هي التي حلت بالاستعمار حيث أفقدته صوابه، فكل ما عمل على بناءه منذ الاحتلال من أجل أجل إنجاز مشروع جزائر فرنسية باء بالفشل حينها تيقن الاستعمار بأن الجزائري هو جزائري ولا يمكنه إلا أن يكون جزائريا· وقد قالها التاريخ يوما شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب
فانطلاق ثورة 01 نوفمبر هو خطاب عقلاني، وفعل رشيد، ولغة سليمة وسوية، حققت وحدة الشعب وتضامن الأقطاب الفاعلة تحت راية جبهة التحرير الوطني أعطيناك عهدا، وتزايد لهيب الثورة بعد التحاق كل القوى الوطنية بما فيهم الطلبة الجزائرين، وتأسيس النقابة المركزية الغنية عن كل تعريف الاتحاد العام للعمال الجزائريين برئاسة فرحات عباس - الذي كان مصيره الإعدام في سنة 1959- في 24 فيفري 1956 فقد كانت إستراتيجية النقابة تتماشى مع إستراتيجية جبهة التحرير، الذين ساهموا في تعبئة الجماهير والعمل على نقل الثورة الجزائرية إلى المحافل الدولية، على الرغم من الهمجية الوحشية التي تلقوها من طرف الاستعمار الغاشم، من قتل وسجن ونفي وإغراءات·· ، هذا التنظيم الفعال الذي كان من إنجاز رجال ليسوا بعلماء ولا مفكرين بل هم رجال آمنوا بالرسالة التي حملوها وضحوا من أجلها بالنفس والنفيس من أجل رد الاعتبار وطرد الاستعمار والمعمرين، لكن فرنسا ولتعلقها بالجزائر أبت إلا أن تتخلى عن كل من المغرب وتونس وغيرها من البلدان وتنفرد بالجزائر من أجل القضاء على الثورة والثوار، فسخرت الملايير من الدنانير، السلاح، العتاد، الطائرات، الدبابات، الحركة والاستبداد····· لكن هيهات هيهات، فالشعب قد قال كلمته عن وعي، وبكل ثقة في النفس يحفظها الصغير والكبير، النساء والرجال·
نحن ثرنا فحياة أو ممات وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا، فاشهدوا، فاشهدوا، حينها تيقن ديغول سنة 1958 بأن فرنسا قد حان وقت رحيلها وما عليها إلا أن تجمع أمتعتها وترحل، لأن الجزائر لا يمكنها أن تكون إلا جزائرية على الرغم من أن ديغول لم يستسلم بل حاول المراوغة أي تقسيم الجزائر، لكنه أيضا خاب وخسر لأن الذي استشهدوا في ساحة الوغى كان من أجل وحدة التراب الجزائري وليس جزء من الجزائر·
فهنيئا لشعب المعجزات الذي أطاح بأعتى قوة من أجل أن نحيا نحن، افتدونا بأموالهم وأرواحهم ودمائهم ···من أجل أن تشرق شمس الحرية ، ويرفع العالم الجزائري في كل ربوع الوطن يوم 05 جويلية 1962·
هذا ما أنجزه أباؤنا وأجدادنا وليس لنا إلا أن نسترجع الذكرى الخمسين من استقلال الجزائر ونحتفل بها ولكن باسترجاع الماضي والعمل على بناء المستقل ولا مستقبل إلا بالتكافل والتعاون بين كل أبناء الوطن لأن الجزائر حررها الجميع ويبنيها الجميع وقوة الدولة في قوة أبنائها)·
* باحث جزائري
نحن ثرنا فحياة أو ممات وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا، فاشهدوا، فاشهدوا، حينها تيقن ديغول سنة 1958 بأن فرنسا قد حان وقت رحيلها وما عليها إلا أن تجمع أمتعتها وترحل، لأن الجزائر لا يمكنها أن تكون إلا جزائرية على الرغم من أن ديغول لم يستسلم بل حاول المراوغة أي تقسيم الجزائر، لكنه أيضا خاب وخسر لأن الذي استشهدوا في ساحة الوغى كان من أجل وحدة التراب الجزائري وليس جزء من الجزائر·
فهنيئا لشعب المعجزات الذي أطاح بأعتى قوة من أجل أن نحيا نحن، افتدونا بأموالهم وأرواحهم ودمائهم ···من أجل أن تشرق شمس الحرية ، ويرفع العالم الجزائري في كل ربوع الوطن يوم 05 جويلية 1962·
هذا ما أنجزه أباؤنا وأجدادنا وليس لنا إلا أن نسترجع الذكرى الخمسين من استقلال الجزائر ونحتفل بها ولكن باسترجاع الماضي والعمل على بناء المستقل ولا مستقبل إلا بالتكافل والتعاون بين كل أبناء الوطن لأن الجزائر حررها الجميع ويبنيها الجميع وقوة الدولة في قوة أبنائها)·
* باحث جزائري
بقلم: موسى كاف
واذا تمعننا في أسس بناء الدولة الجزائرية طيلة حقبة الاحتلال الفرنسي منذ 1830 إلى يومنا هذا والمستمدة من المبادئ القوية التي جسدها الأميرعبد القادر والتي انتقلت من جيل الحركة الوطنية إلى جيل الثورة التحريرية، نجد أن هذه الأسس لم تنتزع من الذاكرة الوطنية.. وفي هذا الجانب أوضح محمد لحسن زغيدي أستاذ في التاريخ بجامعة الجزائر في تصريح لموقع الإذاعة الجزائرية أن معالم الدولة الجزائرية بنيت على مبادئ الثورة التحريرية المعلنة ومن قبلها دولة الأمير التي أسست على قيم وطنية وعصرية.
وأضاف محمد لحسن زغيدي أن هذه المبادئ بقيت راسخة حيث تبنت الحركة الوطنية ثلاثية المبادئ "الجزائر وطننا والإسلام ديننا والعربية لغتنا "وتبناها حزب الشعب فيما بعد وكل هذه الأمور كانت تؤسس لفكر جديد ولدولة جديدة والتي أعطى بيان أول نوفمبر معالم واضحة وشاملة لجمهورية جزائرية ديموقراطية اجتماعية في إطار مبادئ إسلامية تبرز الخصوصية الجزائرية والتي استمدت جوانب منها من منطلقات الأمير الذي وضع لهذه الدولة رمزية تمثلت في العلم الوطني لتضيف الحركة الوطنية إليها رموزا أخرى أملتها الظروف.
قاعدة الانطلاق نحو الجمهورية الثانية متوفرة من جهة أخرى يرى زغيدي أن الدخول إلى مرحلة الجمهورية الثانية أمر ممكن في الجزائر لأن قاعدة الانطلاق نحو هذه الجمهورية –حسبه- متوفرة وكاملة معتبرا أن الجمهورية الثانية لا تختلف عن الأولى التي هي وليدة الثورة التحريرية وإنما جاءت لتضيف مكاسب جديدة في البناء والتشييد وفي التطور و البحث العلمي.
وقال الأستاذ في التاريخ في ذات السياق "إن الشرعية الثورية التي بنيت عليها الجمهورية الجزائرية وبعد 50 سنة من الاستقلال
وأضاف أن عملية الانتقال فرضتها ظروف الدولة لأنه لا بد من جيل يستلم المشعل من الجيل الذي يسبقه..فجيل المقاومة الذي انطلق به الأمير عبد القادر سلم لجيل الحركة الوطنية وهذا الأخير سلم المشعل لجيل الثورة التحريرية ونجد أن كل جيل عبر مسار التاريخ قدم لبنات تطور مبنية على أسس متينة تركها الجيل السابق .
الانتقال يكون بطريقة سلمية وحضارية
ويعتقد الأستاذ زغيدي بإمكانية الانتقال إلى الجمهورية الثانية بطريقة سلمية وحضارية ونوعية من جيل الثورة إلى جيل الاستقلال على خلاف ما يحدث على مستوى الخريطة العربية والدولية نرى أن الانتقال يأتي دائما نتاج فكر صدامي وصراع داخلي بحيث يحدث قطيعة بين نظام ونظام وبين جيل وجيل.
ولكن ما سيحدث في الجزائر –يضيف ذات المتحدث- هو نتاج استمرارية رسالة الثورة النوفمبرية من جيل إلى جيل من خلال التشبع بالفكر الثوري الداعي إلى الخضوع لمقومات هذه الدولة وهي الوحدة الترابية والشعبية والسيادة الوطنية وكذا الحفاظ على إرث الثورة الذي كما عبر عنه رئيس الجمهورية "بأنه خط احمر لا يجب تجاوزه" وكذلك احترام الذين ساهموا في تحرير وبناء هذا الوطن .
واعتبر زغيدي أن الجمهورية الجزائرية نموذج يحتذى به سواء في ثورتها ومسارها وتعد قدوة للأمم الناشئة وتضرب الدول المتطورة بها المثل في التعايش والسلم وفي الوحدة التي تجمع شعبها ومدى تقديسها لماضيها.
الانطلاقة الحقيقية تبدأ بالنشر الصحيح للثقافة التاريخية بين الأجيال ويرى زغيدي أن الانطلاقة الحقيقية بعد 50 سنة من الاستقلال والبناء و التطور هي العمل بكل جدية على النشر الصحيح للثقافة التاريخية بين الأجيال الصاعدة التي تتفاوت قدراتها ونظرتها الخاصة وهذه هي المسؤولية الأولى التي يجب أن تكون أمام الجمهورية الثانية للدولة الجزائرية حتى تضمن الروابط الأساسية والاستمرارية والتواصل لتجنب حدوث قطيعة بين الأجيال وهذا الأمر مستبعد بالنظر إلى المقومات التي أسست عليها دولتنا والمختلفة عن غيرها من الدول وهو ما يغلط الكثير من المحللين الذين يجهلون نوعا ما خبايا تاريخ الجزائر على حد تعبيره .
قدرة الشباب على تحمل مسؤولية البناء بالنظر إلى النموذج الأميري وأبرز زعيم خنشلاوي أهمية الوصول إلى مستوى الأمير في بناء دولة مستقبلية علمية وحديثة على مدار 17 سنة معتبرا أن النموذج الأميري عالمي تستلهم منه عدة دول والمستقبل سيثبت أن هذا النموذج خارق للعادة بعد قرنين من تأسيس دولة الأمير التي تصلح لكل زمان ومكان .
ودعا رئيس المجلس العلمي لمؤسسة الأمير عبد القادر إلى استخلاص الدروس من الأمير الذي امتزجت شخصيته بين شيئين متناقضين السياسة والأخلاق واعتماد ثقافة القيم التي طبقها الأمير بصدق في الواقع .
وعن دخول الجزائر إلى مرحلة الجمهورية الثانية اعتبر خنشلاوي أن هذه الخطوة تكون ايجابية لو تعود بالفائدة وتحقق أشياء ناجعة في الميدان مثلما تم تحقيقه في عهد الأمير الذي قدم اجتهادات ثبتت نجاعتها .
المصدر:موقع الإذاعة الجزائرية –حنان شارف