رد: الهجمات الإلكترونية.. السلاح الصهيوني الجديد
“الحرب الإلكترونية” أو ”cyber war”…. هذه هي آخر وأحدث أنواع الحروب التي تخوضها إسرائيل في الوقت الحالي ضد أعدائها، والتي حددها يورام كوهين، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، في تصريحات له يوم 5 يونيو، بأنها أهم وأخطر أنواع الحروب والتحديات التي تواجه إسرائيل حاليا، بسبب قيام جهات معادية باختراق شبكات الحواسيب بهدف سرقة المعلومات منها أو السيطرة عليها، وتعطيل الحياة في كبرى المؤسسات الحيوية والشركات الإسرائيلية.
وتأتي تصريحات كوهين بعد أقل من أسبوع على تصديق الحكومة الإسرائيلية في 18 مايو 2011، على إنشاء هيئة قومية لمكافحة القرصنة الإلكترونية، وذلك في إطار استراتيجية إسرائيلية كبرى لخوض حرب ضد الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها منظوماتها الحاسوبية.
وفي نفس السياق صدرت عن معهد أبحاث الأمن القومي أوائل الشهر الجاري (9 يونيو2011)، دراسة بعنوان: “الحرب الإلكترونية…… المفاهيم والتوجهات والأهداف لإسرائيل”، من إعداد كل من “شموئيل إيفين” و”دافيد سميان- طوف”، تتناول مفهوم الحرب الإلكترونية وأهميتها وتأثيرها بالنسبة لإسرائيل.
وللتدليل على أهمية الحرب الإلكترونية بالنسبة لإسرائيل، استشهدت الدراسة ببحث أجرته شركة الاستشارات الاقتصادية الدولية “ماكنزي” في العام 2010، أشار إلى أن “اقتصاد الإنترنت في إسرائيل”، يعتمد في جزئه الأكبر على صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالاتICT، في حين يعتمد بشكل أقل على مجال “التجارة الإلكترونية” الذي يعنى بعمليات شراء المنتجات والمعدات عبر الإنترنت. ووفقا للبحث فإن اقتصاد الإنترنت في إسرائيل وصل حجمه خلال العامين 2009- 2010 إلى حوالي 50 مليار شيكيل (نحو 13,5 مليار دولار)، ومن المتوقع أن يصل خلال العام 2015 إلى حوالي 85 مليار شيكيل (22,7 مليار دولار).
وأضافت الدراسة أن لاقتصاد الإنترنت في إسرائيل مساهمة مباشرة وفعالة في مجال أمن الدولة الإسرائيلية، وكذلك في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تعد جزءا أساسيا من قدرات إسرائيل التكنولوجية، فالمجال الإلكتروني يمكن إسرائيل من كسر حالة الحصار الجغرافي التي تعيش فيها بالشرق الأوسط، كما يمكنها من إقامة علاقات قوية ووطيدة مع جهات مختلفة بالعالم، كما أنه يعد عنصرا مهما وأساسيا من عناصر تقوية الصلة بين هيئات السلطة المحلية بإسرائيل.
منظومات الحرب الإلكترونية
تعرض هذا الجزء من الدراسة للخطوات وإلإجراءات التنظيمية التي اتخذتها إسرائيل في مجال الحرب الإلكترونية، ففي عام 1997 أقامت مشروع “إنشاء قاعدة معلوماتية حكومية تواكبا مع عصر الإنترنت”، وهو المشروع الذي أقيم في شعبة المعلومات بوزارة المالية الإسرائيلية، برعاية طاقم من خبراء أمن المعلومات الإلكترونية الإسرائيليين.
واشتمل هذا المشروع أيضاً على مركز لأمن معلومات الحكومة الإسرائيلية، والذي تتركز مهامه في متابعة المشروعات العالمية لأمن المعلومات، ومحاولة تطبيقها على القاعدة المعلوماتية الإلكترونية الإسرائيلية، ومحاولة التنسيق بين الجهات والهيئات الحكومية المختلفة في مجال أمن وتكنولوجيا المعلومات، علاوة على إقامة علاقات وصلات مع الجهات العالمية العاملة في هذا المجال.
وفي عام 2002 أقيمت الهيئة الحكومية لأمن المعلومات بجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “الشاباك”، وهي هيئة مسؤولة عن أمن القواعد المعلوماتية على المنظومة الحاسوبية التابعة للأجهزة الأمنية في إسرائيل، لمواجهة تهديدات القرصنة الإلكترونية وعمليات التجسس التي تتعرض لها هذه القواعد المعلوماتية.
أما “هيئة السايبر” التي أقامها الجيش الإسرائيلي في عام 2009، فقد وصفها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللواء جابي أشكنازي، بأنها ستكون مجالا رحبا للحرب الاستراتيجية الفعالة بالنسبة لإسرائيل، حيث تكمن مهمة هذه الهيئة في تنسيق نشاطات وفعاليات هيئة أركان الجيش الإسرائيلي في مجال المعلومات والإنترنت.
وقد أقيمت هذه الهيئة بالوحدة 8200 في شعبة الاستخبارات الإسرائيلية (أمان)، ويشترك بها ممثلون من شعبة المخابرات بالجيش (أمان) إضافة إلى ممثلين من وحدة التنصت بالموساد الإسرائيلي.
وفي 27 مارس 2011، صادقت الحكومة الإسرائيلية على إقامة “إدارة منظومة المعلومات الحكومية”، وهي هيئة وزارية مهمتها أن تكون مسؤولة عن جميع المنظومات الحاسوبية في الوزارات، وتكون مسؤولة أيضا عن مشروع “إنشاء قاعدة معلوماتية حكومية تواكبا مع عصر الإنترنت”.
وكان التطور الأكبر والأهم في مجال التنظيم الإسرائيلي للحرب الإلكترونية التي تخوضها، هو قرار إنشاء هيئة مكافحة القرصنة الإلكترونية الإسرائيلية التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الـ18 من شهر مايو الماضي.
وتكمن المهام الأساسية لهذه الهيئة في توسيع قدرة الدولة الإسرائيلية في الدفاع عن منظوماتها الإلكترونية والحاسوبية الحيوية، في مواجهة هجمات القرصنة الإرهابية، التي يتم تنفيذها عن طريق دول أجنبية وعناصر إرهابية.
ومن شأن هذه الهيئة أن تمثل تطورا جوهريا في مجال الحرب الإلكترونية التي تخوضها إسرائيل على مستوى أمنها القومي، نظرا لأنها الأولى من نوعها في إسرائيل التي ستكون “مؤتمنة” بشكل رسمي ومباشر على الدفاع عن المنظومة الإلكترونية للدولة الإسرائيلية، فيما يتعلق بذلك من الشبكات الحاسوبية للشركات الخدمية العملاقة في مجالات المياه والمواصلات والاتصالات….. إلخ، إضافة للشبكات المعلوماتية الأمنية الإسرائيلية، بما يعني أن الحرب الإلكترونية دخلت حيز الاهتمام على المستوى السياسي- الاستراتيجي الإسرائيلي، بعد أن كانت محل اهتمام هيئات جزئية ومنفصلة.
ومن خلال هذا الجدول، عقدت الدراسة مقارنة بين القدرات التنظيمية لإسرائيل في الحرب الإلكترونية وبين نظيرتها لدى الولايات المتحدة، بصفة الأخيرة الدولة الرائدة على مستوى العالم في مجال هذه الحرب.
الاستعداد التنظيمي للحرب الإلكترونية- مقارنة بين إسرائيل والولايات المتحدة
إقامة هيئات عاملة في مجال تحديد السياسات الإلكترونيةإقامة هيئات فعالة في مجال الحرب الإلكترونيةالولايات المتحدةتعيين مساعد خاص للرئيس ومنسق بين الهيئات المختلفة في مجال الأمن الإلكتروني عام 2009.
وفي مايو 2011 تم تعيين منسق خاص في وزارة الخارجية الإسرائيلية لتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية الدولية في مجال الأمن الإلكتروني
إنشاء قسم الأمن الإلكتروني بوزارة الأمن تحت مسمى
(National Cyber Security Division)
إسرائيلاتخاذ قرار في مايو 2011 بإنشاء هيئة قومية لمكافحة القرصنة الإلكترونيةفي عام 2007 تم إنشاء قاعدة معلوماتية حكومية خاصة بالإنترنت.
وفي عام 2002 تم إنشاء الهيئة الحكومية لأمن المعلومات بالمخابرات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك).
وفيما بين عامي 2009-2010 تم إنشاء ( هيئة السايبر) بالجيش الإسرائيلي
استراتيجية الحرب الإلكترونية
اقترحت الدراسة “استراتيجية متكاملة” لإسرائيل لخوض الحرب الإلكترونية في العصر الحالي، مشيرة إلى أن تكنولوجيا المعلومات هي أمر مهم بالنسبة لإسرائيل لا سيما في المجال الاقتصادي، مثلها في ذلك مثل بقية الدول الكبرى المتطورة على مستوى العالم؛ إذ إن المجالات التكنولوجية المختلفة تساعد بشكل مباشر وغير مباشر في عملية التطور التكنولوجي والاقتصادي الإسرائيلي.
وتتمثل أهداف هذه الاستراتيجية التي من المفترض أن تحققها إسرائيل، فيما يلي:
أ – إقامة مجال إلكتروني آمن في إسرائيل، يمكن الدولة من تحقيق أهدافها القومية في المجالات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والخارجية والعلمية …. إلخ.
ب- تقوية العوامل الأمنية في المجال الإلكتروني الإسرائيلي، والحفاظ على حرية العمل به لجميع طوائف المجتمع والطبقات السكانية.
كما من المفترض أن يتم تطبيق هذه الاستراتيجية وفق مبادئ العمل التالية:
أ – الاعتراف بالمجال الإلكتروني كمجال قومي جديد يجب الدفاع عنه بشكل خاص بالتعاون مع كل الجهات المعنية بذلك.
ب- تأسيس قيادة وجهاز مركزي لإدارة الحرب الإلكترونية.
ج- وضع البنية الأساسية الإلكترونية والمنظومة الأمنية على رأس أولويات الأمن القومي الإسرائيلي.
د – بناء منظومة دفاعية إلكترونية ديناميكية وشاملة.
هـ – جمع القوى الحكومية والأمنية والمدنية، بهدف تدعيم المنظومة الدفاعية الإلكترونية. إضافة إلى تعزيز التعاون بين القطاعين الخاص والعام للدفاع عن المجال الإلكتروني. علاوة على التعاون مع الجهات الخارجية سواء الأمنية أو غيرها لتحقيق نفس الهدف.
و- فرض التشريعات والقوانين اللازمة من أجل تنفيذ وتفعيل شبكة حماية إلكترونية واسعة في إسرائيل. وبشكل يضمن بناء منظومة تمكن التعافي بشكل سريع من آثار أي هجوم إلكتروني، علاوة على بلورة سياسات “ردع ” إلكترونية.
كما تقدم الدراسة توصية خاصة بأن يتم دمج مجال الحرب الإلكترونية كأحد المجالات القتالية الجديدة بالمجالات القتالية التقليدية (البرية، الجوية، البحرية… وغيرها)، وأن يتم دمج هذا المجال أيضا في الاستراتيجية الأمنية العامة لإسرائيل، أو بالعقيدة القتالية والأمنية لها.. وهي نفس التوصية التي كانت قد تقدمت بها اللجنة الأمنية التي شكلها وزير الدفاع الإسرائيلي في أبريل 2006، برئاسة دان مريدور، والتي أكدت على أهمية أن يضاف مفهوم “الحرب الإلكترونية” إلى العقيدة القتالية للجندي الإسرائيلي.
واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن إسرائيل لديها فرصة كبيرة في أن تكون من بين الدول الرائدة في مجال “الحرب الإلكترونية”، نظرا لما تملكه في هذا المجال من قوى بشرية ومعرفة تكنولوجية واسعة، وهو ما من شأنه أن يساهم في تحسين وضع إسرائيل الأمني والاقتصادي