تعلم كيفية الثبات فى زمن المتغيرات
( علامات إرشادية على طريق الثورة )
كما تعودنا عزيزى القارئ فى هذه السلسلة ( سلسلة تعلم كيف .. )[1] , تعودت ألا يقدم الكاتب نفسه من مقعد المعلم , بل من مقعد طالب العلم , والذى لا يطرح العلم لغيره بل يناقشه معه ,
وهنا .. نحاول أن نناقش بعضنا البعض فى أمور أصبحت الثقافة فيها فرض عين على كل راشد , لا سيما وأننا فى زمان حذرنا منه النبي عليه الصلاة والسلام ,
زمان يصبح فيه المنكر معروفا والمعروف منكرا , ويُري الحليم فيه حيرانا , والعالم الحقيقي محبوسا عن جماهيره , بينما تصعد الرويبضة ( جهلاء القوم ) لتتصدر المشهد بعد أن ذهب زمن العلماء , وتسيدت الآلة الإعلامية على أذهان الناس , وأصبح التلقين الإعلامى أشبه بالسحر الأسود له تأثير طاغ , ويستطيع صاحب المنظومة الإعلامية أن يجعل الشمس تشرق من مغربها فى عيون الناس إذا أراد ,
وهذا أمر طبيعى بعد ستين عاما عاشتها المنطقة فى زيف وكذب وخداع وتضليل وحرب طواحين الهواء ,
فانتقلت المنطقة بأكملها من الإعلام الموجه المنفرد بالساحة فى فترة الستينيات إلى نهاية الثمانينات , إلى الفضائيات التى لم يكن تأثيرها أوفق من الإعلام الرسمى , بل تحكمت فيها إمبراطوريات المال والأعمال وأصبحت إعلاما موجها ولكن بقدرة المال عوضا عن قدرة النفوذ
وبين هذا وذاك ضاع الوعى العام وتخبط وأصبحت المعلومة الصحيحة شحيحة على طالبها , وغريبة على صاحبها
وهنا .. نحاول أن نناقش بعضنا البعض فى أمور أصبحت الثقافة فيها فرض عين على كل راشد , لا سيما وأننا فى زمان حذرنا منه النبي عليه الصلاة والسلام ,
زمان يصبح فيه المنكر معروفا والمعروف منكرا , ويُري الحليم فيه حيرانا , والعالم الحقيقي محبوسا عن جماهيره , بينما تصعد الرويبضة ( جهلاء القوم ) لتتصدر المشهد بعد أن ذهب زمن العلماء , وتسيدت الآلة الإعلامية على أذهان الناس , وأصبح التلقين الإعلامى أشبه بالسحر الأسود له تأثير طاغ , ويستطيع صاحب المنظومة الإعلامية أن يجعل الشمس تشرق من مغربها فى عيون الناس إذا أراد ,
وهذا أمر طبيعى بعد ستين عاما عاشتها المنطقة فى زيف وكذب وخداع وتضليل وحرب طواحين الهواء ,
فانتقلت المنطقة بأكملها من الإعلام الموجه المنفرد بالساحة فى فترة الستينيات إلى نهاية الثمانينات , إلى الفضائيات التى لم يكن تأثيرها أوفق من الإعلام الرسمى , بل تحكمت فيها إمبراطوريات المال والأعمال وأصبحت إعلاما موجها ولكن بقدرة المال عوضا عن قدرة النفوذ
وبين هذا وذاك ضاع الوعى العام وتخبط وأصبحت المعلومة الصحيحة شحيحة على طالبها , وغريبة على صاحبها
اليوم سنناقش مجمل القضايا المثارة على الساحة المصرية بعد الثورة النبيلة التى غيرت مجرى التاريخ عند المفترق المصري , وسنعرض للزخم الإعلامى الهائل الذى يفرض سطوته بتيارات متضاربة تتحرك وفق مصالحها الخاصة , دون أن تأبه بأى أمانة يحملها اللسان أو القلم فى التوعية ..
هذا إلى جوار الطامة العظمى , وهى سقوط رموز قيادات الرأى العام ـ والذين هم قادة الأمة كما يفترض ـ فى فخ رهيب حفروه لأنفسهم عندما تباينت مواقفهم من الثورة , فسقطوا من أعين الجماهير التى اكتشفت فجأة , وعلى حين غرة , أن بعض قادتها اللامعين الذين حسبوهم أهل جهاد ونضال وعلم , إذا بهم يظهرون على حقيقتهم , فإذا الأمر بينهم وبين الأنظمة الحاكمة مصالح متبادلة , يتنازل الحاكم فيها لهم فيمنحهم فرصة الوصول للجمهور , فى مقابل فروض الطاعة والولاء , والتى ربما تكون خفية وربما تكون ظاهرة بحسب أصول اللعبة , وبحسب القدرة على خداع الجماهير ,
فظهرت مؤسسات رسمية للإعلام والعلم وهى تنافق العالم صراحة , ولا يُسمح لها بالتجاوز , مثل القيادات الرسمية للأزهر , وقيادات الجامعات , والصحف القومية والتليفزيون الرسمى ..
كما ظهرت وسائل إعلام تحمل وصف المعارضة , وهى أولى بوصف العارضة , عارضة أزياء الديمقراطية لكن على غير أساس واقعى , وتحمل توجيهاتها من رموز أمن الدولة رغم مانشيتات وهتافات النضال التى تتصدر صحفهم وقنواتهم ,
وهؤلاء مثالهم صارخ فى الأكشاك الحزبية المعروفة ـ زورا ـ باسم أحزاب المعارضة , وهى أطوع للنظام من بنانه , بل إن حزبا مثل حزب الوفد ممثلا فى شخص رئيسه السيد البدوى , والذى ظهر أيام الثورة أسدا هصورا يعلن سقوط شرعية النظام ,
كان خادما مطيعا لسياسات نظام مبارك بأسرع مما يطلب مبارك نفسه , وتمكن من إقصاء إبراهيم عيسي عن جريدته الفذة ( الدستور ) عندما اشتراها فى صفقة مشبوهة هزت الوسط الصحفي ليقصي عيسي وسياسته التحريرية عن الجريدة التى كانت تمثل صداعا مزمنا فى رأس النظام [2]
هذا إلى جوار الطامة العظمى , وهى سقوط رموز قيادات الرأى العام ـ والذين هم قادة الأمة كما يفترض ـ فى فخ رهيب حفروه لأنفسهم عندما تباينت مواقفهم من الثورة , فسقطوا من أعين الجماهير التى اكتشفت فجأة , وعلى حين غرة , أن بعض قادتها اللامعين الذين حسبوهم أهل جهاد ونضال وعلم , إذا بهم يظهرون على حقيقتهم , فإذا الأمر بينهم وبين الأنظمة الحاكمة مصالح متبادلة , يتنازل الحاكم فيها لهم فيمنحهم فرصة الوصول للجمهور , فى مقابل فروض الطاعة والولاء , والتى ربما تكون خفية وربما تكون ظاهرة بحسب أصول اللعبة , وبحسب القدرة على خداع الجماهير ,
فظهرت مؤسسات رسمية للإعلام والعلم وهى تنافق العالم صراحة , ولا يُسمح لها بالتجاوز , مثل القيادات الرسمية للأزهر , وقيادات الجامعات , والصحف القومية والتليفزيون الرسمى ..
كما ظهرت وسائل إعلام تحمل وصف المعارضة , وهى أولى بوصف العارضة , عارضة أزياء الديمقراطية لكن على غير أساس واقعى , وتحمل توجيهاتها من رموز أمن الدولة رغم مانشيتات وهتافات النضال التى تتصدر صحفهم وقنواتهم ,
وهؤلاء مثالهم صارخ فى الأكشاك الحزبية المعروفة ـ زورا ـ باسم أحزاب المعارضة , وهى أطوع للنظام من بنانه , بل إن حزبا مثل حزب الوفد ممثلا فى شخص رئيسه السيد البدوى , والذى ظهر أيام الثورة أسدا هصورا يعلن سقوط شرعية النظام ,
كان خادما مطيعا لسياسات نظام مبارك بأسرع مما يطلب مبارك نفسه , وتمكن من إقصاء إبراهيم عيسي عن جريدته الفذة ( الدستور ) عندما اشتراها فى صفقة مشبوهة هزت الوسط الصحفي ليقصي عيسي وسياسته التحريرية عن الجريدة التى كانت تمثل صداعا مزمنا فى رأس النظام [2]
ثم جاءت الثورة ..
وإذا بالغالبية العظمى التى كانت منبطحة , ومعهم جمهور عريض من الأقلام والوجوه التى كان يظن الناس بها خيرا , إذا بها تتذبذب فى مواقفها تجاه الثورة , وإذا بالصفقات التى كان يعقدها النظام أوسع نطاقا مما كانت تتصوره الجماهير !!
وإذا بالغالبية العظمى التى كانت منبطحة , ومعهم جمهور عريض من الأقلام والوجوه التى كان يظن الناس بها خيرا , إذا بها تتذبذب فى مواقفها تجاه الثورة , وإذا بالصفقات التى كان يعقدها النظام أوسع نطاقا مما كانت تتصوره الجماهير !!
وانكشفت الصفقة التى ذهبت ضحيتها الجماهير العريضة , وكانت الصدمة هائلة ومحزنة , مما كرس لحالة من فقدان الإتزان لدى الشباب ولدى الغالبية العظمى من الناس , وجعلتهم على وشك أن يكفروا بكل شخص يقدم نفسه بالعلم والفكر , بعد أن ذاقوا الويلات فى السابق من الذين تاجروا بعلمهم ومكانتهم بين الناس , وهم أبعد الناس عن الإخلاص !
ولما كانت حالة فقدان الثقة العارمة هذى , حالة مدمرة لأى مجتمع , كان لزاما أن نتوقف قليلا تحت خمائل شجرة الأحداث , لنتأمل ونعى ونعيد توجيه الصورة وتنقيتها واستخلاص الحقيقة المجردة أولا , ثم استخلاص القادة الحقيقيين من القادة المزيفين بناء على معايير موضوعية لا تخضع مطلقا لهوى التعصب للأشخاص , بل تخضع فقط للمقاييس التى يجب أن تكون عليها ..
وهذا أمر طبيعى ..
إذ أن أمة الإسلام لا يمكن أن تخلو فى أى وقت من الأوقات من العلماء الربانيين والمفكرين المخلصين , وإذا كان الشعب المصري ومن قبله التونسي أثبت للعالم أن هناك مخلصون من عامة الناس بالملايين , فليس غريبا ولا مستغربا أن نثق بوجود العلماء وقادة الرأى العام الجديرين بالثقة ,
لا سيما إذا وضعنا بأذهاننا أن هؤلاء المفكرين المخلصين , والعلماء النابهين , أغلبهم بعيد عن بؤرة الضوء غالبا , لأن المخلص فى زمن الفتن لابد أن تبتعد عنه الأضواء , فأضواء الشهرة أصبحت من زمن بعيد حكرا على أصحاب المصالح , أما أصحاب الفكر فلا مكان لهم إلا عند من يعرفهم حق المعرفة ,
وليس أمامنا اليوم إلا التفتيش عن الكنوز المخبوءة التى خرجت حتما من صوامعها بعد أحداث الحراك الإجتماعى الثورى الذى دفع دماء الأمل لهؤلاء العلماء مرة أخرى , وجعلهم يستبشرون خيرا بمستقبل أفضل ..
هذا بالإضافة لمناقشة هادئة لشتى القضايا التى تعرض الآن فى مرحلة إعادة البناء , مناقشة تضرب مفصل القضية وأساسها , ولا تنشغل بالذيول الإعلامية التى تعتمد على الإثارة وحدها للتكسب وجذب الجماهير
فقد حان الوقت الآن أن يرضخ الإعلام لرغبة الجماهير فيترك الإثارة التى يتعمدها كوسيلة للإنتشار , لأنها كانت وسيلة النظم البائدة فى السيطرة على أذهان الجماهير وجذبها عن أهم قضايا المجتمع لصالح توافه الأمور ..
والجمهور وحده هو من يملك إخضاع الأبواق الإعلامية لرغبته فى تحرى الحقيقة المجردة ,
وذلك باستخدام نفس الأسلوب الثورى فى معاقبة وسائل الإعلام الخاضعة والملوثة , حيث أحسنت الجماهير عقاب التليفزيون المصري ومذيعيه وقياداته على مواقفهم المخزية , فضل على مظاهراتهم ضد الصحف القومية والتابعة , بالإضافة إلى تصديهم الثورى للقنوات الخاصة التى كانت بوقا لإشاعات النظام طيلة أيام الثورة مثل قناة المحور وأضرابها ..
إذ أن أمة الإسلام لا يمكن أن تخلو فى أى وقت من الأوقات من العلماء الربانيين والمفكرين المخلصين , وإذا كان الشعب المصري ومن قبله التونسي أثبت للعالم أن هناك مخلصون من عامة الناس بالملايين , فليس غريبا ولا مستغربا أن نثق بوجود العلماء وقادة الرأى العام الجديرين بالثقة ,
لا سيما إذا وضعنا بأذهاننا أن هؤلاء المفكرين المخلصين , والعلماء النابهين , أغلبهم بعيد عن بؤرة الضوء غالبا , لأن المخلص فى زمن الفتن لابد أن تبتعد عنه الأضواء , فأضواء الشهرة أصبحت من زمن بعيد حكرا على أصحاب المصالح , أما أصحاب الفكر فلا مكان لهم إلا عند من يعرفهم حق المعرفة ,
وليس أمامنا اليوم إلا التفتيش عن الكنوز المخبوءة التى خرجت حتما من صوامعها بعد أحداث الحراك الإجتماعى الثورى الذى دفع دماء الأمل لهؤلاء العلماء مرة أخرى , وجعلهم يستبشرون خيرا بمستقبل أفضل ..
هذا بالإضافة لمناقشة هادئة لشتى القضايا التى تعرض الآن فى مرحلة إعادة البناء , مناقشة تضرب مفصل القضية وأساسها , ولا تنشغل بالذيول الإعلامية التى تعتمد على الإثارة وحدها للتكسب وجذب الجماهير
فقد حان الوقت الآن أن يرضخ الإعلام لرغبة الجماهير فيترك الإثارة التى يتعمدها كوسيلة للإنتشار , لأنها كانت وسيلة النظم البائدة فى السيطرة على أذهان الجماهير وجذبها عن أهم قضايا المجتمع لصالح توافه الأمور ..
والجمهور وحده هو من يملك إخضاع الأبواق الإعلامية لرغبته فى تحرى الحقيقة المجردة ,
وذلك باستخدام نفس الأسلوب الثورى فى معاقبة وسائل الإعلام الخاضعة والملوثة , حيث أحسنت الجماهير عقاب التليفزيون المصري ومذيعيه وقياداته على مواقفهم المخزية , فضل على مظاهراتهم ضد الصحف القومية والتابعة , بالإضافة إلى تصديهم الثورى للقنوات الخاصة التى كانت بوقا لإشاعات النظام طيلة أيام الثورة مثل قناة المحور وأضرابها ..
الهوامش :
[1]ـ نشر من السلسلة 12 بحثا حتى الآن
[2]ـ الدستور ( قصة حياة جرنال ) ـ موسوعة الملف الصحفي لأزمة الدستور ـ إبراهيم عيسي وآخرون