كتاب
" حرب الجواسيس في القرن الــ 21"
الحلقة الخامسة عشر
بقلم الكاتب الصحفي الكبير/ مجدي كامل.
" حرب الجواسيس في القرن الــ 21"
الحلقة الخامسة عشر
بقلم الكاتب الصحفي الكبير/ مجدي كامل.
جواسيس بن لادن سرقوا شفرات الرئاسة الأمريكية !!
إلمنتدي هنا ، قد وضع الهدف الواضح ... وهو أن نستكمل ما في منتدانا من مواضيع ، لتصبح مراجع للباحثين في المستقبل ...
هكذا نكتسب العديد من القراء والباحثين ويتوسع منتدانا ليصبح من أحد أهم الأعمدة ومواقع الأنترنت
سأوالي نشر كافة المواضيع المتفرعة والمتعلقة ، بكتاب كتاب " حرب الجواسيس في القرن الـ21" بقلم الكاتب الصحفي الكبير/ مجدي كامل.والتي تنشرهم جريدة "الشرق الأوسط" وحتي تتاح لكل باحث إمكانية التنقل بين أبواب منتدانا ... لموضوع معين
د. يحي الشاعر
جواسيس بن لادن سرقوا شفرات الرئاسة الأمريكية !!
25 مارس 2008 - 12:30 مساء
الحلقة الخامسة عشر من كتاب " حرب الجواسيس في القرن الـ21"بقلم الكاتب الصحفي الكبير/ مجدي كامل.
في حوالي الساعة العاشرة يوم 11 سبتمبر عام 2001 ، أصدر الجهاز السري جهاز حماية الشخصيات الكبرى إنذارا من نوع جديد: البيت الأبيض والطائرة الرئاسية مهددان. وقد نقل نائب الرئيس تشيني إلى المركز الرئاسي للعمليات المستعجلة ، وتقع غرفة القيادة تحت الأرض، في الجناح الغربي للبيت الأبيض. وبدأ العمل بمخطط استمرارية الحكومة ، وبشكل سري ، نقلت القيادات السياسية البارزة في البلاد – أعضاء الحكومة ومجلس الشيوخ – إلى أماكن آمنة .
وقد نقلتهم مروحيات تابعة للبحرية إلى مخابئ ضخمة مضادة للإشاعات الذرية : موقع هاي بوينت سبيشلي فاسيليتي في ماونت ويدر بولاية فرجينيا وموقع ألترنايت جوينت كومينيكايشن سنت ، المعرف بموقع (R) ، في رافن روك ماونت قرب كامب ديفيد. وكل هذه المواقع عبارة عن مدن حقيقية تحت الأرض، وهي من بقايا الحرب الباردة، وصممت لاحتضان آلاف الأشخاص.
و غير جورج بوش، الذي كان في طريقه إلى واشنطن، وجهته، حيث اتجهت الطائرة الرئاسية (في بداية الأمر، إلى قاعدة باركسديل (لويزيانا)، ثم إلى قاعدة أوفوت (نبراسكا) ، حيث مقر القيادة الأمريكية الاستراتيجية ، أي المكان المحوري الذي توجد به قوة الردع النووية. وفي ما بين القاعدتين تحركت الطائرة على علو منخفض في اتجاهات متعرجة. وكان الرئيس، بعد الهبوط في القاعدتين، يجتاز مدرج الطائرات على متن سيارات مدرعة خشية التعرض لنيران القناصة.
ولم تنته إجراءات حماية الشخصيات السامية هذه، إلا بعد الساعة السادسة بعد الظهر، عندما استقل جورج بوش، من جديد الطائرة الرئاسية للعودة إلى واشنطن. وقد تحدث نائب الرئيس، ديك تشيني، الذي كان ضيفا على تيم روسيت في برنامج "ميت ذو برس" – لقاء الصحافة – الذي بثته قناة ان بي سي يوم 12 سبتمبر، عن الإنذار الذي أصدره الجهاز السري وكذلك عن طبيعة التهديد.
وحسب تصريحه، فقد أخبر نائب الرئيس، بشكل مفاجئ، من طرف ضباط الأمن التابعين له، بان خطرا كان محدقا به، فتم نقله بالقوة إلى المخبأ المحصن التابع للبيت الأبيض، لأن طائرة البوينغ المختطفة التي اتضح أنها الرحلة 77، تحوم فوق واشنطن. وعندما لم تتضح لها العلامات الدالة على البيت الأبيض، توجهت لترتطم بالبنتاغون. وبينما كان إجلاء الشخصيات الحكومية والبرلمانية جاريا، أخبر الجهاز السري بأن الطائرة تواجه تهديدا آخر، فهناك طائرة جديدة مختطفة تهدد بالاصطدام، في الجو بالطائرة الرئاسية.
الجهاز السري قد يكون استقبل مكالمة من المهاجمين تشير إلى أنهم يعتزمون تدمير البيت الأبيض والطائرة الرئاسية.ان شهادة نائب الرئيس ترمي إلى تحديد مصدر التهديد: طائرات انتحارية كانت في طريقها نحو البيت الأبيض، ونحو الطائرة الرئاسية. انه يعيد الكذبة التي افتضح أمرها ، كذبة الرحلة 77 التي تحطمت فوق البنتاجون. بل يزيد على ذلك، بتخيل طائرة انتحارية تحوم حول واشنطن بحثا عن هدف. لكنه يصعب، مع ذلك، على المرء ان يصدق أن الجهاز السري، الذي، بدل تشغيل الدفاع الجوي المضاد، راح يفكر في إجلاء نائب الرئيس نحو المخبأ المحصن. والمضحك حقا، هو ان تشيني اخترع طائرة ركاب جديدة تطارد الطائرة الرئاسية، كما يفعل الفارس في أفلام الغرب الأمريكي "ويسترن"، وتريد الاصطدام بها أمام أنظار القوات الجوية الأمريكية التي لا تحرك ساكنا.
وبالرغم من هذه الاحتمالات، فان هذه الملهاة لا تكفي لتفسير السلوكات. فإذا كان التهديد ينحصر في طائرات انتحارية، فلماذا نحمي الرئيس من احتمال إطلاق نار من طرف قناصة حتى ولو فوق مدرج الطائرات بالقاعدتين العسكريتين الاستراتيجيتين؟ كيف نصدق أن الإسلاميين تموقعوا حتى في الأماكن التي شددت حولها إجراءات الحراسة. ان شهادة ديك تشيني تستهدف، على وجه الخصوص، محو تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض، آري فلايشر، وتصريحات السكرتير العام للبيت الأبيض كارل روف :لقد كانت المعلومات التي يدلون بها، تقود إلى التساؤل حول فرضيات داخلية محتملة، في الوقت الذي لا تريد فيه الدعاية الحربية أن ترى سوى الأعداء الخارجيين.
تكشف الصحف الأمريكية الصادرة يومي 12 و13 سبتمبر2001 ، استنادا إلى المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية آري فلايشر ، أعلن أن الجهاز السري قد يكون استقبل مكالمة من المهاجمين تشير إلى أنهم يعتزمون تدمير البيت الأبيض والطائرة الرئاسية.
الغريب و حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز ، هو انه يحتمل أن يكون المهاجمون، قد استعملوا لجعل مكالمتهم جديرة بالتصديق ، شفرات تحديد الهوية ، وإرسال الإشارات التي في حوزة الرئاسة . والغريب أيضا ، ما ذكرته صحيفة " وورلد نت دايلي " ، التي قالت- استنادا إلى مصادر رسمية مخابراتية - أن المهاجمين ربما كان يتوفر أيضا لديهم ، على شفرات إدارة مراقبة العقاقير والمواد المخدرة ، ومكتب الاستطلاع القومي ، والمخابرات التابعة للقوات الجوية ، والمخابرات العسكرية ، والمخابرات البحرية ، مخابرات مشاة البحرية ، وأجهزة الاستخبارات التابعة لوزارة الخارجية ووزارة الطاقة. وكل شفرة من هذه الشفرات لا توجد إلا في حوزة مجموعة محدودة جدا من الأشخاص. ولا يسمح لأحد بأن يتوفر على أكثر من شفرة. وإذا سلمنا بأن المهاجمين كانوا يتصنتون على هذه الشفرات، فذلك يعني إما أن هنالك وسيلة لاختراقها، وإما أن هناك جواسيس في حالة كمون مندسين في كل أجهزة الاستخبارات هذه. تقنيا، يبدو ممكنا إعادة تركيب شفرات الوكالات الأمريكية، عبر البرنامج المعلوماتي الذي استعمل في تصميمها، والمعروف باسم بروميس Promis، علما بأن الحسابات التي ركب منها هذا البرنامج المعلوماتي، كانت قد سرقت، على ما يبدو، من طرف العميل السري روبيرت هانسن التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي، الذي ألقي عليه القبض بتهمة التجسس في فبراير2001.
وفي نظر جيمس وولسي، مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق ، فان هذه الشفرات قد يكون حصل عليها جواسيس مندسون . وتذهب فرضية ثالثة إلى القول بأن الأجهزة السرية إما مخترقة ، وإما انخدعت بمعلومات غير صحيحة. ذلك أنه لم يكن أبدا بامكان المهاجمين الحصول على هذه الشفرات ، ولكنهم – بفضل تواطؤ جهات معينة – قد يكونوا نجحوا في الدفع إلى الاعتقاد بذلك.
وكيفما كان الأمر ، فان مسألة الشفرات تكشف عن وجود خائن، أو أكثر، في أعلى مستويات جهاز الدولة الأمريكية . فهم الذين بامكانهم وضع قناصة لقتل الرئيس حتى في داخل القواعد الاستراتيجية للقوات الجوية الأمريكية. ومن أجل الاحتماء من الكمائن التي يحتمل أنها نصبت، استعمل الرئيس سيارات مصفحة لعبور مدرج المطار في باركسديل و أوفوت.
وهناك جانب آخر لهذه القضية ، فإذا كان المهاجمون أجروا اتصالا مع الجهاز السري واستعملوا شفرات سرية لتأكيد صدق مكالمتهم ، فذلك لهدف محدد . فإما أن تكون رسالتهم متضمنة لمطلب ، وإما لإنذار.
ومن ثم ، وإذا تم التسليم بأن التهديد قد زال في نهاية اليوم ، فان بإمكان البعض أن يصل إلى اعتقاد قوي مفاده أن الرئيس بوش قد فاوض وخضع لنوع من الابتزاز.
كما يمكن الاعتقاد بأنه كان بامكان المهاجمين ، وهم يتوفرون على شفرات التصديق وارسال الإشارات المستعملة في البيت الأبيض والطائرة الرئاسية، أن ينتحلوا صفة الرئيس . كان بوسعهم أيضا، إصدار تعليمات لمختلف القوات، بما في ذلك إطلاق النظام النووي.
نقل الجهاز السري ديك تشيني من مكتبه ، وأمر بإخلاء البيت الأبيض والبناية الملحقة به. وانتشر فريق من أمهر القناصة في محيط المنزل الرئاسي مجهزين بقاذفات للروكيت.
وكان السبيل الوحيد الذي يسمح لجورج بوش في الاستمرار بالتحكم في القوات ، هو التواجد شخصيا في مقر القيادة الاستراتيجية الأمريكية في أوفوت ، وأن يصدر شخصيا من هناك ، أمر و أمر مضاد. لذلك توجه إلى عين المكان شخصيا. واتضح أن مساره المباشر كان من قبيل المستحيل ، لأن الطائرة الرئاسية التي لم تصمم للتحليق على ارتفاع منخفض استهلكت احتياطي الوقود فيها ، ولا يمكن تزويدها به خلال الطيران دون تعريضها للخطر. لذلك توقف في باركسديل وهو من المواقع الخمس البديلة لأوفوت.
وليست مسألة الشفرات هي العنصر الوحيد الذي اختفى من الرواية الرسمية. فهناك واقعة أخرى، تم التحقق منها قانونيا، تم إهمالها. ففي يوم11سبتمبر ، على الساعة التاسعة واثنتين وأربعين دقيقة ، بثت قناة أي بي سي، مباشرة صورا لحريق في المبنى الملحق بالبيت الأبيض المعروف ، واكتفت القناة بإظهار مشهد ثابت تبدو فيه أعمدة الدخان تتصاعد من المبنى. ولم يتسرب أي خبر عن أسباب الحادث ولا عن حجمه الحقيقي. ولم يتجرأ أحد على نسب الحريق إلى طائرة انتحارية.
وبعد ذلك بربع ساعة، نقل الجهاز السري ديك تشيني من مكتبه ، وأمر بإخلاء البيت الأبيض والبناية الملحقة به. وانتشر فريق من أمهر القناصة في محيط المنزل الرئاسي مجهزين بقاذفات للروكيت، وبامكانهم صد هجوم عبر جيش محمول جوا. وباختصار كان يتعين مواجهة تهديد من طبيعة مختلفة عن تلك التي وصفها ديك تشيني في وقت لاحق.
لنقرأ من جديد نص تدخل الرئيس بوش، الذي سجل في باركسديل وأجل البنتاغون بثه إلى الساعة الواحدة وأربع دقائق بعد الظهر وقد بدت عليه علامات الانهيار والبكاء: "أود أن أطمئن الشعب الأمريكي، بأن موظفي الحكومة الفدرالية يعملون على مساعدة السلطات المحلية، بغرض إنقاذ أرواح بشرية ومساعدة ضحايا هذه الهجمات. وكونوا على يقين من أن الولايات المتحدة ستطارد مدبري هذه الأعمال الجبانة. وإنني على اتصال دائم بوزير الدفاع، وبفريق الأمن القومي، ومع حكومتي. وقد اتخذنا جميع الاحتياطات الأمنية اللازمة، لحماية الشعب الأمريكي. وتوجد جيوشنا، داخل الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم، في حالة استنفار قصوى، وأخذنا جميع الاحتياطات الأمنية الضرورية لسير العمل في أجهزة الدولة.
وقد أجرينا اتصالا مع رؤساء الفرق في الكونجرس، ومع قادة العالم من أجل التأكيد لهم، بأننا سنعمل كل ماهو ضروري من أجل حماية أمريكا والأمريكيين.
وأطلب من الشعب الأمريكي أن ينضم إلي من أجل التعبير عن الشكر، لكل الأشخاص الذين يسخرون كل طاقاتهم من أجل إغاثة مواطنينا ومن أجل الصلاة على أرواح الضحايا وعائلاتهم.
ان إصرار أمتنا العظمى يمر بامتحان. ولكن تأكدوا من أننا سنبرهن للعالم بأننا سنجتاز هذه المحنة. وليبارككم الله".
ان ما يثير الانتباه في هذه الكلمة، هو ان الرئيس يحاول ، بكل عناية أن يتلافى الإشارة إلى المهاجمين . فهو لا يستعمل كلمتي "إرهاب" أو "إرهابي". ولكنه يلمح إلى أن الأمر قد يتعلق ببداية صراع عسكري تقليدي أو أي شيء آخر. ويشير إلى "امتحان" سيتم إنجازه، وكأنه يعلن عن كوارث جديدة. والأكثر إثارة، هو أنه لا يقدم أي تفسير حول غيابه عن واشنطن. وهو بذلك، يعطي الانطباع بأنه هرب من مواجهة خطر لازال مواطنوه معرضين له.
و عقد آري فلايشر المتحدث باسم البيت الأبيض لقاءين صحافيين عرضيين على متن الطائرة الرئاسية خلال تحليقها لمدة طويلة. وبنفس الحرص الشديد، الذي أظهره الرئيس بوش، لم يستعمل هو أيضا كلمتي "إرهاب" أو "إرهابي".
ويمكن في سياق مثل هذا، أن يتم تأويل بدء العمل بإجراء استمرارية الحكومة، بطريقتين مختلفتين. التفسير البسيط جدا، هو اعتبار انه كان ينبغي حماية الرئيس والمسئولين والسياسيين من عمل يقوم به خونة، كان بامكانهم إشعال حريق في المبنى الملحق بالبيت الأبيض ، والسطو على الشفرات السرية للرئاسة ووكالات الاستخبارات.
ويمكن بدلا من ذلك، أن نعتبر أنه لم يتم إطلاق خطة (CoG)، من أجل حماية القادة السياسيين من الخونة، ولكن تم إطلاقها من طرف الخونة لعزل القادة السياسيين. بهذا المعنى، تبدو شهادة نائب الرئيس تشيني غريبة. فهو يؤكد أن عملاء الجهاز السري اختطفوه من مكتبة واقتادوه إلى مخبأ البيت الأبيض دون موافقته. ويلمح إلى أن نفس الشيء وقع للأعضاء الرئيسيين في الحكومة والكونجرس. فما معنى أن يقوم الجهاز السري باختطاف منتخبي الشعب ومحاصرتهم في المخابىء المحصنة "من أجل سلامتهم"، إذا لم يكن انقلابا سياسيا، أو على الأقل انقلابا داخل القصر الابيض؟
ولنعد إلى قراءة العناصر المتاحة: هناك حريق شب في المبنى الملحق بالبيت الأبيض. وأعلنت المسئولية عن الهجمات خلال اتصال هاتفي مع الجهاز السري. وطرح المهاجمون مطالب بل إنذارا وصدقوا على المكالمة الهاتفية باستعمال شفرات التصديق وإرسال الإشارات التي تملكها الرئاسة. وأطلق الجهاز السري مسطرة استمرارية الحكومة ووضع القادة السياسيين البارزين في مكان آخر. ودخل الرئيس، في ما بعد الظهر، في مفاوضات. وفي المساء عاد الهدوء. هكذا يعتقد البعض في أمريكا !!