بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليم أخوتي ورحمة الله تعالى وبركاته
هذا هو الجزء الثاني الذي سبق لي وتحدثت في جزئه الأول عن المخرج الأمريكي وأبطاله
الذين قام معهم تحالفات ووزع أدوارهم بإتقان واحكم بهم السيطرة على الجمهور الذي يكتفي
بالتفرج ليلا نهارا على أحداث المسرح ... ذلك الجمهور العريض والواسع الانتشار والذي مع
كل إمكانياته الكبيرة والمتنوعة والتي يخشاها على السواء ذلك المخرج أولائك الأبطال لم
يتحرك طوال سنوات طويلة مكتفيا بالقبول بما يحدث أمامه .. لم يعلق الجمهور على ما لم يعجبه
... بل وأحيانا صفق .. والأدهى والأمر أن اقنع نفسه بان الأبطال هم ضرورة من ضروريات
الحيات الوطنية الكريمة والعيش الرغيد .. ولكنني أيضا أضفت مع بعض الأخوة الذين
شاركوني ذلك الحديث الممتع بأنني أتوقع أن لا يستمر الجمهور في صمته إلى ما لا نهاية وانه
في لحظة معينة سيفعل شيئا لا يتوقعه المخرج ولا حتى أبطاله المنتشرين في كل المنطقة ... وقد
حدث ما توقعناه بالفعل .... ففي البداية ... حل ضيف جديد على خشبة المسرح .. بدا انه ثقيل
على المخرج وأبطاله على حد سواء وقد انقسم الجمهور في تحليل ماهية الضيف القادم من
الظلام (( ويكيليكس )) هذا هو اسمه راح بض الجمهور يصفق له والبعض الآخر أبدى امتعاضه
الشديد وبدا الشحوب على وجوه الأبطال وتسمر المخرج ومساعدوه ..... من هذا !!!!
وبدأ الضيف في نشر أوراقه أمام الجميع .. فضح هذا ونشر خفايا ذلك .... واتهم آخر وهدد
الجميع بالمزيد أن هو تعرض للأذى ... لم يفعل الضيف أكثر من انه ذكر الحاضرين بما فعله
الممثلون .. لقد كان الجمهور هناك حاضرا وشاهدا على ما جرى ويجري .. ولكنه على ما بدا
كان مخدرا مستسلما لقدره المزعوم .. جاء الضيف وجاء الصوت العالي (( استيقظوا )) فقد حان
الأوان ... بدأ الناس يهزون برؤوسهم فمنهم من استيقظ ومنهم و منهم لم أيقظ الآخرين ومنهم من
لم يزل يحلم .
لكن السؤال الملح والمهم الذي لا انفك أفكر فيه مليا .. هل كان المخرج حقا في حيرة ودهشة من
أمره ؟؟؟ الم يدبر ذلك الخروج المفاجئ للزائر الجديد !!!! ولماذا توقف ذلك البطل الجديد فجأة
؟؟؟ ولم نعد نسمع عنه إلا بين الحين والحين .... الم يقل المخرج مرة بعد مرة انه سيعتقله .. أو
أن تطلب الأمر بأنه سيقتله ؟؟
أم أن هناك مؤامرة ما دبرها (( الأسد البريطاني )) ضد (( النسر الأمريكي)) ليهز أركان الحكم
الراسخة في الشرق الأوسط والتي طالما سهر النسر على حمايتها وتدعيم علاقاتها مع ((
إسرائيل )) !!!!!!
أتمنى مخلصا أن يساعدني إخوتي في تحليل هذه الاحتمالات ولا أخفيكم سرا أنني اشتاق كثيرا
إلى رد شاف وكاف عن هذا السؤال .
عودة إلى الموضوع .... استيقظ البعض وراح يهز من بجانبه لينعم بنعمة اليقظة .... وجاء
صوت عالي من منتصف الجمهور (( لقد احرق نفسه )) .. وتعالت الأصوات ... من ... من
!!!!!؟؟؟؟؟
وجاء الجواب ن بطلا على المسرح لم يعره اهتماما طوال 30 عاما !!!! ولم يعطه ما أراد رغم
انه لم يطلب الكثير .. كل ما كان يحلم به أن يحصل على وضيفة تناسب ما اجتهد طوال أعوام
من اجله ... وانتشر الخبر
وجاء الرد عنيفا ومزلزلا .... لقد هب الناس واعتلوا خشبة المسرح وبدأت الخشبة بالاهتزاز ...
لم يصدق المخرج ما يجري وفتح فمه بعد أن أغلق أذنيه لكي لا يسمع ما لا يحب أن يسمع .... ((
اخرج )) كلمة قالها الجمهور لبطل آدا ما عليه (( بكل أمانة واقتدار )) طوال 30 سنة لم يقل
فيها كلمة (( لا )) لسيده المخرج !!!
وبهت كل ما كان على خشبة المسرح .. ولأول مرة يسكت المسرح ويتحدث الجمهور
!!!!!!!!!!!!!
وبعد أن آفاق المخرج من صدمته اخذ يقول (( اخرج)) الجمهور لا يريدك .. اخرج ... !!! ((
الآن )) وليس غدا
هههههههههههههههههههههههههههههههههه
سبحان الله .... وعلت أصوات الناس .. اخرج .. اخرج ... اخرج ... وبعدها بأسابيع قليلة ..
ولأمول مرة منذ عقود .. آفاق الجمهور على خبر رحيل البطل . فلم يعد في تونس حضرة
الرئيس !!!! لقد رحل ... صحيح أن الجمهور خسر بعض أفراده .. وصحيح أن الموت غيبهم
عن خشبة المسرح ولكن أسمائهم كتبت بماء الذهب .. كتبت بخط عربي إسلامي .. لقد ذهب ..
أنقذوا أنفسهم وبلادهم .. بل وأيقظوا كل العرب ... كان ذلك منظر جزء من المسرح وهو جزء
صغير في مساحته .. كبير في تأثيره ... ولان المخرج نشر الشاشات والسماعات في كل مكان
ظنا منه انه بذلك سيزيد من سطوته على كل أجزاء المسرح المعمور .. فقد سمع بتلك الأحداث
بقية الجمهور .. فاطل الناس من مصر وتساءلوا ترى ..... هل حقا ذهب !!!!! .. ولان معظم
شباب اليوم قد أوصلوا حاسباتهم بالشبكة التي وضعها المخرج أمامهم .. ظهرت عبارة على
شاشاتهم تقول ... فليذهب من عندكم ... فان الرئيس قد ذهب !!!!! .. لم يكد يستوعب المخرج
ومن معه ما في تونس قد حدث .. وإذا بأهل الكنانة يصبون عليهم جام الغضب !!!!!!!! ويقوم
المصريون بدورهم ويخرجون الرئيس بعد أن قالوا له (( ارحل )) ... وقد رحل ... بعد أن سطر
أهل مصر سطور نورهم في كتاب التاريخ الذي سيحكي ما حاول المخرج وأعوانه إخفائه من
حقيقة ذلك الشعب الباسل عن بقية العرب ... أفقروا ذلك الشعب واقنعوا كل العرب بان مصركم
ذهبت وهي نائمة فلا تيقظوها فلا أمل منها ولا عجب !!!! فقد كبلناها بحديد المعاهدات التي لا
مفر منها .. ولا عجب .
ولكن صوتا من قلب مصر قال ارحلوا عنا فقد مللنا وتعبنا وان الأوان أن نرى نورا أمامنا يتلألأ
. فامسك المخرج رأسه مترنحا وقااااااااااااااال (( ارحل )) !!!!!!!
وحينها أخذت أفكر ... هل حقا يقصد المخرج أن يرحل !!!! أم انه لا يريد إغضاب الجمهور
؟؟؟؟؟
وبعدها اخذ الصراخ والعويل والبكاء والنحيب يدب في كل بقعة من تلك الخشبة المتهرئة ....
ارحل ... ارحل .. في ك مكان تسمعها .. وتسمع في المقابل ... لا أعطوني فرصة ... فرصة
أخيرة .. وآخر يقول لا سأجرى إصلاحات وتعديلات وسأجزل لكم العطايا ولكن أرجوكم .. لا
أريد أن ارحل .. فقد ملت أمامكم سنين طويلة ولا غنى لي عن هذا المكان !!!!!!!! وقال بعض
الجمهور متهكما .... هل هم هؤلاء نفسهم من مثلوا أمامنا طوال تلك السنين .. دون أن نقول لهم
.. ((( إنكم مقرفون )) !!!! وأنكم (( جبناء ... أو عملاء ... أو مجرمون )) !!!!
فقام المزيد والمزيد من الجمهور على تلك الزمرة التي لا زال تتهاوى أمامنا إلى اليوم !!!!
لقد آفاق الجمهور .. ورغم انقسام أرائه إلا انه سيبقى جمهورا واحدا فقد جمعه مسرح واحد
لسنوات طويلة .. تشابهت فيه الظروف وتشاركوا فيه شظف العيش .. وكانوا يتبادلون النظارات
في أوقات الاستراحة .. وكأن عيونهم تقول لبعضهم البعض ... نريد مساعدتكم ولكننا لا نستطيع
... فنحن لا يمكننا أن نفك قيدنا .. والمخرج قد احكم إغلاق المسرح وأعطى كل واحد من
الأبطال عصا غليظة وأغلال ثقيلة ..... ولكن وبعد إفلات الجمهور من كل تلك القيود .. أخذت
الأمور بالتبدل السريع .. لا وبل حتى الخطير ..... أنهم يختارون الآن أبطالا من بين صفوف
الجمهور .. بعد أن وضع البطل الجديد قواعد جديدة اللعبة .. ورغم أن المخرج الحاذق والذكي
والماكر سيفعل ما بوسعه إلى أن الأمور لن تعود كما كانت .... لي بقية أن أبقاني الله في هذه
الدنيا .. ولكم مني أجمل تحية وسلام .. وصحيح أنني منحاز إلى الجمهور الذي انتمي إليه ..
ولكنني احترم أي رأي قد يظهر من هنا أو هناك ... لأنني مؤمن في نهاية المطاف أننا جميعا
جمهور واحد .. وبطل كبير قادم واحد ... وأننا معا سنبني مسرحا جديدا .. وأننا سننعم بربيع
أجمل .. رغم ما يحوكه المخرج ومساعديه من دسائس وغيره .... اسعد الله أيامكم
التعديل الأخير: