رد: حدائق الايمان فى حرب رمضان
وبعد انتهاء أثر المفاجأة لدى الجيش الإسرائيلي حاول استعادة توازنه بشن الهجوم المضاد الأول بالمدرعات والذي فشل فشلا ذريعا أمام صواريخ مولوتكا وقذائف الآر بي جى التي أطاحت بدباباته أمام أفراد الصاعقة والمشاة فضلا على ما تكبده العدو من مواجهة مدرعاتنا بعد إتمام عملية العبور ,
وجاءته الصدمة الثانية لتزلزل كيانه والتى تمثلت في عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استخدام عقيدته العسكرية المعتادة والتى تتمثل في الهجوم السريع والحرب الخاطفة عن طريق المناورة بالمدفعية والمدرعات مع تغطية رئيسية وفعالة من الطيران ,
ولم تكن مفاجأة العدو متمثلة في قذائف الصواريخ المضادة للدبابات بنوعيها فحسب , ولا حتى في حائط الدفاع الجوى الذى حمل معه مفاجأة صواريخ سام 6 إلى جوار سام 2 وسام 3 ,
بل فوجئ كذلك بالصواريخ المضادة للطائرات المحمولة كتفا ( سام 7 ) والتى ساهم بها أفراد القوات المسلحة وأسقطوا بها العديد من طائرات العدو ليقف التفكير الإسرائيلي مشلولا وعاجزا وقد تم قص جناحيه وذراعيه بضربة واحدة ,
ولم يعدل الجيش الإسرائيلي عن عقيدته القتالية رغم خسائره الجسيمة في مدرعاته وهاجم مجددا لتواجهه المدرعات المصرية في أشهر معارك الدبابات في العالم أجمع ,
وكانت إسرائيل تمتلك أحدث نوعية من الدبابات وهى باتون بنوعيها إم 60 وإم 70 والتى تتميز بالخفة والسرعة في مقابل الدبابات السوفيتية من طراز تى ,
ولكن أسفرت المواجهات عن نجاح ساحق للمدرعات المصرية ليثبت المصريون مجددا أن السلاح بالرجل وليس الرجل بالسلاح , وأن التخطيط المتقن والتدريب المستمر يخلق المعجزات إذا اقترن بالإصرار
مع الوضع في الاعتبار الكفاءة التدريبية العالية والمتفوقة التي كان يتمتع بها فرد المدرعات الإسرائيلي , والتى تزاوجت مع تطور دباباته لتخلق هالة الرعب التي حاول تصويرها ,
ومع ذلك اندحرت المدرعات الإسرائيلية في مذبحة دبابات كلفت إسرائيل أكثر من 1080 دبابة في مسار الحرب كلها وعود هذا بصفة رئيسية إلى عدة عوامل [1]
الأول : رغم القدرات الفنية لفرد المدرعات الإسرائيلي إلا أن التطور التقنى الفائق للمعدات أدى إلى ما يشبه الإعتماد الكلى عليه فى مقابل تنمية المهارات التدريبية والحفاظ عليها
وهى نقطة بالغة الخطورة إذ أن الإعتماد على التقدم التكنولوجى يتناسب عكسيا مع المهارات التقليدية فى كل المجالات وهى النقطة التى انتبه لها القواد المصريون فكان حرصهم فائقا على زيادة الحمل التدريبي إلى أقصي درجة والحرص على إبراز المهارات الفردية والتصرف فى المواقف الطارئة مما جعل جندى المدرعات المصري موسوعة حقيقية فى مجال عمله ـ وهو ما تم أيضا فى كافة الأسلحة ـ
فلم يعد طاقم الدبابة المصري يعتمد على التخصص ـ كما هو الحال عند الطاقم الإسرائيلي ـ بل تدرب طاقم الدبابات على تبادل المهام فالسائق من الممكن أن يتولى التوجيه أو الضرب والعكس صحيح فضلا على نزعة تدريبية لإصلاح الأعطاب المفاجئة التى تعترض دبابته ,
بينما طاقم المدرعات الإسرائيلي كان به آفة التخصص فالسائق لا يعرف شيئا إلا مهمته فى القيادة فإذا أصيب فرد آخر توقفت الدبابة تلقائيا , وكذلك نفس الحال إذا أصيبت الدبابة فى أى موقف ـ ولو كان عطلا سهلا ـ تركها الطاقم بأكمله لمصيرها !
ثانيا : رغم تطور المعدات الإليكترونية فى الجانب الإسرائيلي لا سيما فى أجهزة التوجيه بوجود جهاز تقدير المسافة فى الدبابات الأمريكية ,
إلا أن الجانب المصري استعاض عن هذا التفوق بحسن التدريب الفنى للطاقم عن طريق التدريب المتكرر لعشرات المرات فى حسن التصويب اليدوى لأجهزة الدبابة ,
أثبتت التجربة العملية أن الطاقم المدرب أكثر كفاءة من السلاح المتقدم فى حسن استغلاله لسائر مميزات أجهزته والاستعانة بالخبرة القتالية لتعويض النقص التكنولوجى ,
ثالثا : تمكن طاقم المدرعات المصري من دراسة عيوب ومزايا مدرعات الجانب الإسرائيلي بشكل متمرس وهو ما جعل الطاقم المصري يدرك جيدا أين وكيف يستغل دبابات العدو لتحويل عيوبها الخفية إلى عيوب قاتلة ,
فاستغل الجانب المصري كبر حجم الدبابات الأمريكية وعدم كفاية تدريعها من ناحية زاوية الميل وسرعة تعطلها على الأرض الوعرة فضلا على سرعة اشتعالها بسبب وجود السائل الهيدروليكى الخاص بأجهزة النيران الموجود ببرج الدبابة
رابعا : كانت المفاجأة الحقيقية ونقطة التفوق الكاسحة للمدرعات المصرية أن الجيش المصري استخدم الأفراد من المشاة كدبابات فى مواجهة الدبابات الأمريكية بقواذف الآر بي جى ومولوتكا وكان الفضل فى ذلك للشجاعة الخرافية التى أبداها الجنود لتنفيذ المعادلة الرهيبة ( الرجل ضد الدبابة ) وهو ما حاول الجانب الإسرائيلي تنفيذه ففشل فشلا ذريعا ولم يستطع مماثلته أو حتى تقليده
بالإضافة إلى وجود عامل المهارة الفائقة لقواد المدرعات المصرية فى الميدان والذى كان حسن تخطيطهم فى معارك الدبابات سببا فى خسارة إسرائيل لسائر الإشتباكات المدرعة على طول الجبهة ,
والتى سنعرض منها نموذجا فريدا فى التخطيط الميدانى للمواجهة ,
الهوامش :
[1]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق
وجاءته الصدمة الثانية لتزلزل كيانه والتى تمثلت في عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استخدام عقيدته العسكرية المعتادة والتى تتمثل في الهجوم السريع والحرب الخاطفة عن طريق المناورة بالمدفعية والمدرعات مع تغطية رئيسية وفعالة من الطيران ,
ولم تكن مفاجأة العدو متمثلة في قذائف الصواريخ المضادة للدبابات بنوعيها فحسب , ولا حتى في حائط الدفاع الجوى الذى حمل معه مفاجأة صواريخ سام 6 إلى جوار سام 2 وسام 3 ,
بل فوجئ كذلك بالصواريخ المضادة للطائرات المحمولة كتفا ( سام 7 ) والتى ساهم بها أفراد القوات المسلحة وأسقطوا بها العديد من طائرات العدو ليقف التفكير الإسرائيلي مشلولا وعاجزا وقد تم قص جناحيه وذراعيه بضربة واحدة ,
ولم يعدل الجيش الإسرائيلي عن عقيدته القتالية رغم خسائره الجسيمة في مدرعاته وهاجم مجددا لتواجهه المدرعات المصرية في أشهر معارك الدبابات في العالم أجمع ,
وكانت إسرائيل تمتلك أحدث نوعية من الدبابات وهى باتون بنوعيها إم 60 وإم 70 والتى تتميز بالخفة والسرعة في مقابل الدبابات السوفيتية من طراز تى ,
ولكن أسفرت المواجهات عن نجاح ساحق للمدرعات المصرية ليثبت المصريون مجددا أن السلاح بالرجل وليس الرجل بالسلاح , وأن التخطيط المتقن والتدريب المستمر يخلق المعجزات إذا اقترن بالإصرار
مع الوضع في الاعتبار الكفاءة التدريبية العالية والمتفوقة التي كان يتمتع بها فرد المدرعات الإسرائيلي , والتى تزاوجت مع تطور دباباته لتخلق هالة الرعب التي حاول تصويرها ,
ومع ذلك اندحرت المدرعات الإسرائيلية في مذبحة دبابات كلفت إسرائيل أكثر من 1080 دبابة في مسار الحرب كلها وعود هذا بصفة رئيسية إلى عدة عوامل [1]
الأول : رغم القدرات الفنية لفرد المدرعات الإسرائيلي إلا أن التطور التقنى الفائق للمعدات أدى إلى ما يشبه الإعتماد الكلى عليه فى مقابل تنمية المهارات التدريبية والحفاظ عليها
وهى نقطة بالغة الخطورة إذ أن الإعتماد على التقدم التكنولوجى يتناسب عكسيا مع المهارات التقليدية فى كل المجالات وهى النقطة التى انتبه لها القواد المصريون فكان حرصهم فائقا على زيادة الحمل التدريبي إلى أقصي درجة والحرص على إبراز المهارات الفردية والتصرف فى المواقف الطارئة مما جعل جندى المدرعات المصري موسوعة حقيقية فى مجال عمله ـ وهو ما تم أيضا فى كافة الأسلحة ـ
فلم يعد طاقم الدبابة المصري يعتمد على التخصص ـ كما هو الحال عند الطاقم الإسرائيلي ـ بل تدرب طاقم الدبابات على تبادل المهام فالسائق من الممكن أن يتولى التوجيه أو الضرب والعكس صحيح فضلا على نزعة تدريبية لإصلاح الأعطاب المفاجئة التى تعترض دبابته ,
بينما طاقم المدرعات الإسرائيلي كان به آفة التخصص فالسائق لا يعرف شيئا إلا مهمته فى القيادة فإذا أصيب فرد آخر توقفت الدبابة تلقائيا , وكذلك نفس الحال إذا أصيبت الدبابة فى أى موقف ـ ولو كان عطلا سهلا ـ تركها الطاقم بأكمله لمصيرها !
ثانيا : رغم تطور المعدات الإليكترونية فى الجانب الإسرائيلي لا سيما فى أجهزة التوجيه بوجود جهاز تقدير المسافة فى الدبابات الأمريكية ,
إلا أن الجانب المصري استعاض عن هذا التفوق بحسن التدريب الفنى للطاقم عن طريق التدريب المتكرر لعشرات المرات فى حسن التصويب اليدوى لأجهزة الدبابة ,
أثبتت التجربة العملية أن الطاقم المدرب أكثر كفاءة من السلاح المتقدم فى حسن استغلاله لسائر مميزات أجهزته والاستعانة بالخبرة القتالية لتعويض النقص التكنولوجى ,
ثالثا : تمكن طاقم المدرعات المصري من دراسة عيوب ومزايا مدرعات الجانب الإسرائيلي بشكل متمرس وهو ما جعل الطاقم المصري يدرك جيدا أين وكيف يستغل دبابات العدو لتحويل عيوبها الخفية إلى عيوب قاتلة ,
فاستغل الجانب المصري كبر حجم الدبابات الأمريكية وعدم كفاية تدريعها من ناحية زاوية الميل وسرعة تعطلها على الأرض الوعرة فضلا على سرعة اشتعالها بسبب وجود السائل الهيدروليكى الخاص بأجهزة النيران الموجود ببرج الدبابة
رابعا : كانت المفاجأة الحقيقية ونقطة التفوق الكاسحة للمدرعات المصرية أن الجيش المصري استخدم الأفراد من المشاة كدبابات فى مواجهة الدبابات الأمريكية بقواذف الآر بي جى ومولوتكا وكان الفضل فى ذلك للشجاعة الخرافية التى أبداها الجنود لتنفيذ المعادلة الرهيبة ( الرجل ضد الدبابة ) وهو ما حاول الجانب الإسرائيلي تنفيذه ففشل فشلا ذريعا ولم يستطع مماثلته أو حتى تقليده
بالإضافة إلى وجود عامل المهارة الفائقة لقواد المدرعات المصرية فى الميدان والذى كان حسن تخطيطهم فى معارك الدبابات سببا فى خسارة إسرائيل لسائر الإشتباكات المدرعة على طول الجبهة ,
والتى سنعرض منها نموذجا فريدا فى التخطيط الميدانى للمواجهة ,
الهوامش :
[1]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق