شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

كان آلاف الناس في العالم وإلى وقت قريب لا يعرفون شيئا عن يهود الخزر ولم يسمعوا بالدولة الخزرية اليهودية. أذكر أنني قبل عامين كنت أحاضر في ناد للمثقفين السلوفاك في مدينة سلوفكية ولقد تحدثت عن يهود الخزر ومملكتهم وسقوطها عندما وقف أستاذ جامعي مختص في التاريخ ليقول أنه لم يسمع بدولة الخزر اليهودية. لقد عملت الصهيونية وأصدقاءها في الغرب كل ما في وسعهم لاخفاء هذه الحقيقة لأنها تشكل خطرا حقيقيا على مطالب الصهاينة بعودة ما يسمى بالشعب اليهودي إلى فلسطين.

<b>من المعروف أن يهود اليوم سواء في داخل إسرائيل أو خارجها ينقسمون إلى طائفتين: أولهما الطائفة الأشكنازية وتتألف من يهود أوروبا وخاصة شرقها وقسم كبير من يهود أمريكا وتمثل هذه الطائفة قمة الهرم في الحركة الصهيونية وفي المؤسسة الحاكمة في إسرائيل على مختلف مستوياتها. والطائفة الثانية تدعى(السفراديم) وتتألف من اليهود الشرقيين وخاصة اليهود العرب ويهود العالم الاسلامي. وتنظر الطائفة الأولى إلى الثانية بعين الاحتقار والاستعلاء والغطرسة العنصرية.
-الكاتب اليهودي البريطاني الجنسية أرثر كويستلر، الذي ولد عام 1905 في بودابشت- المجر، أثبت في كتابه الذي صدر عام 1976 بعنوان القبيلة الثالثة عشر أن معظم اليهود الأشكناز وخاصة يهود أوروبا الشرقية ،هم من أحفاد الخزر

الخزر شعب من أصول تركية عاش في القرون الوسطى واعتنق حوالي عام 740 م الديانة اليهودية. وسبب تحول شعب الخزر إلى اليهودية غير معروف لحد الان ، ويعتقد أن هذا الشعب الذي وقع بين قوتين عظيمتين هما الامبراطورية البيزنطية المسيحية من جهة والخلافة الاسلامية من جهة أخرى، قرر اعتناق ديانة ثالثة هي اليهودية، وأن ملك الخزر وحاشيته اعتنقوا الديانة اليهودية تحديا لضغوط المسيحيين في بيزنطة وضغوط المسلمين من الشرق . تختلف المصادر في تعليل الأسباب ولكن حقيقة اعتناق الخزر لليهودية هي فوق الشك. . ولقد ذكر المؤرخون العرب دولة الخزر اليهودية في كتبهم، فنجد ذكر لهم في كتاب الفهرس لابن النديم ، كما ذكرهم المسعودي والدمشقي والبكري وغيرهم واجتمعوا على أن الخزر اعتنقوا الديانة اليهودية وكانوا يستعملون حروف الهجاء العبرية .
ولعل أهم الوثائق التي تتحدث في هذا الأمر هي ما سمي باسم : الرسائل الخزرية و هي رسائل تبودلت بين اليهودي حسداي بن شربوط ، كبير الوزراء لخليفة قرطبة عبد الرحمن الثالث ، والملك يوسف ملك دولة الخزر. أما حسداي هذا فلقد ولد في قرطبة عام 910 م لأسرة يهودية، أتقن ممارسة الطب وصناعة العقاقير فاتخذه الخليفة طبيبا لبلاطه ، ثم أصبح مسؤولا عن تنظيم أموال الدولة، و بعد ذلك أقامه الخليفة وزيرا لخارجيته وخاصة في المعاملات الدبلوماسية المعقدة مع بيزنطة. ويروى أن حسداي نفسه سمع أول ما سمع بوجود مملكة يهودية مستقلة في بلاد الخزر من بعض التجار القادمين من خراسان في بلاد فارس، فأرسل لملك الخزر يوسف رسالة تتضمن حديثا عن ازدهار إسبانيا في عهد العرب ، وكيف أن اليهود عاشوا في كنفها في رخاء وعز لم يعهدوا لهما مثيلا من قبل، ثم يتحدث كيف عرف بوجود دولة الخزر اليهودية ويسأل عن أصول شعب الخزر اليهودي.
رد الملك يوسف على حسداي في رسالة مطولة هي مزيج من الواقع والخيال يشرح فيها كيف تراءى له في منامه ملك نصحه باعتناق اليهودية، كما تفاخر بعظمة مملكته والمعارك التي قام بها.
يعتقد المؤرخون أن دخول الخزر في الديانة اليهودية لم يأت بين يوم وليلة ولكن جاء على مراحل، وذلك بتأثير اليهود الذين هربوا أو جرى ترحيلهم من العاصمة البيزنطية بسبب وطأة الحكم البيزنطي والاضطهاد الديني في عهد الأباطرة يوستنيانوس الأول وهرقل وليو الثالث وليو الرابع ورومانوس. لقد فر اليهود من بيزنطة إلى بلاد الخزر، لكونها كانت معروفة بسعة الأفق ولم تعرف الاضطهاد الديني .
ومن المصادر الأخرى التي تتحدث عن اليهود الخزر ، ما يسمى بوثيقة كمبرج لأنها محفوظة في مكتبة هذه الجامعة. لقد كشف عن هذه الوثيقة مع وثائق أخرى في أواخر القرن التاسع عشر في كنيس اليهود بالقاهرة. ورغم أن حالة الوثيقة سيئة وأولها مفقود وآخرها مفقود ، إلا أننا تستطيع أن نفهم من الرسالة أن كاتبها يهودي خزري يتحدث عن بلاد الخزر ببلادنا ويشير إلى الملك بمولاي ، ويعتقد أن كاتبها من رجال البلاط أيام الملك يوسف .
يبين كويستلر أنه بعد تدمير امبراطورية الخزر في القرن الثالث عشر ميلادي على يد المغول والروس، هجر اليهود الخزر إلى أقطار أوروبا الشرقية وخاصة روسيا و بولندة، حيث نجد في مطالع العصر الحديث أعظم تجمعات لليهود، وبهذا فإن معظم اليهود الشرق أروبيين واليهود في العالم وخاصة الولايات المتحدة حيث هاجر اليهود الشرق أروبيون إليها خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، هم من أصول خزرية.
<b>الدكتور ألفرد لينتال من الشخصيات المعروفة في الأوساط السياسية الأمريكية والعالمية، فرغم أنه يهودي إلا أنه من المناضلين المعروفين ضد الصهيونية و معتقداتها النظرية ومسلكها العملي. لينتال في كتابه(الصهيونية)
يقول : أن ما أثبته كويستلر في كتابه عن اليهود الخزر والأصول الخزرية لليهود الشرق أروبيين، ليس بشيء جديد على الاطلاق. إن حقيقة الأصول الخزرية للأكثرية اليهودية في العالم كانت معروفة منذ زمن طويل . ولكن كويستلر من سماهم القبيلة الثالثة عشرة.
لينتال في كتابه( أي ثمن إسرائيل؟ ) الذي صدر عام 1954 أي ثلاثة وعشرون عاما قبل صدور كتاب كويستلر، يتحدث عن الأصول الخزرية ليهود شرق وغرب أوروبا. المؤلف تحدث عن اعتناق الخزر للديانة اليهودية وكيف رحل اليهود الخزر بعد تدمير بلدهم إلى أوروبا الشرقية ومنها إلى سائر أوروبا، و ذكر كذلك كيف أن الصهيونية عملت كل ما في وسعها لاخفاء هذه الحقيقة لأنها تشكل خطرا حقيقيا على إدعاءاتها بحق اليهود في فلسطين.
يؤكد لينتال أنه لا يوجد علاقة أونتروبولوجية( عرقية) بين زعماء الصهيونية ومعظم يهود العالم وبين فلسطين. فلسطين التي يدعي الصهاينة أنها وطنهم ويرغبون العودة إليها لم تكن وطنا لهم ولا لأجدادهم ولا يوجد لهم أي علاقة عرقية بها. ( نفس المصدر)
من الطبيعي أن ما قاله كويستلر و لينتال وغيرهم لم يعجب الصهاينة أبدا، لأنهم أظهروا للعالم ما لم يرغب الصهاينة في أن يظهر. ما قاله لينتال وكويستلر ينهي أسطورة الشعب اليهودي الواحد، و يقوض مطالب الصهيونية المزعومة بعودة الشعب اليهودي إلى وطنه الأم فلسطين. كما أن ذلك يعني، يتابع ليلنتال، أن معظم اليهود الذين نجوا من النازية الألمانية ليسوا من أصول سامية بل من أصول خزرية، وهذا يعرض شعار
( معاداة السامية) الذي استعمله الصهاينة كمظلة لهم ولمطالبهم للخطر، وأين سيكون الصهاينة والصهيونية بدون مظلة (معاداة السامي) ؟ لذلك قام الصهاينة وأصدقائهم في أمريكا والغرب، بحملة شعواء ضد كويستلر وكتابه وضد لينتال وأفكاره واتهموهم بمعاداة السامية مع أن كلاهما يهوديان.
الحقيقة أن ادعاء الصهاينة بأن الشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم ذوي أصول واحدة تعود إلى فلسطين، وأن اليهود في العالم من أصول أجدادهم الذين رحلوا من فلسطين، تدحضها حقائق تاريخية كثيرة، وذلك بسبب اعتناق كثير من الناس من جنسيات مختلفة للديانة اليهودية . والذين لم يكن لهم علاقة أثنيه على الاطلاق بالأصول العبرية والاسرائيلية.( دي لاسي أوليري: جزيرة العرب قبل البعثة، ترجمة وتعليق موسى علي الغول،منشورات وزارة الثقافة الأردنية، طبعة1 عام 1990، ص : 188 ).
يؤكد بيرنارد لويس في كتابه (الشرق الأدنى : 2000 عام من التاريخ منذ نشوء المسيحية، نشر عام 1995). أن الوثائق تؤكد أنه حوالي عام 510 ميلادي، جرى تحول جماعي للآلاف من مواطني الإمبراطورية الفارسية لليهودية. ولقد جرى هذا التحول خوفا أو نتيجة للنفوذ اليهودي في الإمبراطورية الفارسية آنذاك.
لقد اعتنق الديانة اليهودية شعوب مختلفة وأفراد من شعوب مختلفة، مثل الشعب العربي في اليمن، وبعض العرب في نجد والحجاز، كما اعتنق اليهودية كثير من اليونان والبلغار والمجر . كما انتشرت الديانة اليهودية في مختلف أركان الامبراطورية الرومانية حتى وصلت فرنسا وإسبانيا، ولقد نقل التجار اليهود عقيدتهم إلى الهند والصين . ويظهر أن اليهودية أيضا تأثرت بالديانة الزرادشية الفارسية التي احتكوا بها احتكاكا مباشرا. ( بيرنارد لويس : الشرق الأدنى : 2000 عام من التاريخ منذ نشوء المسيحية، نشر عام 1995 ) .
لقد أكد المؤرخ العربي ياقوت الحموي أن يهود بنو قريظة وبني النضير الذين أقاموا في المدينة هم من القبائل العربية في الجزيرة واعتنقوا الديانة اليهودية. ( ياقوت الحموي : معجم البلدان، ج الرابع ، ص : 385 و 460 ) ويؤكد هذا القول اليعقوبي في تاريخه ويقول أن القبائل اليهودية في المدينة من العرب من قبيلة جذام .
<b>لقد انتشرت اليهودية في بقاع مختلفة من جزيرة العرب ووصلت جنوب الجزيرة حيث كانت قبائل عربية بكاملها تتحول إلى اليهودية. وكان من أهم الذين دخلوا هذه الديانة (ذو نواس) وهو من العائلة اليمنية المالكة وكان يسمى (زرعة) ويلقب بذي النواس أي ذي الشعر الجعدي، ولقد أصبح ملكا على اليمن وحمير وأعلن اعتناقه لليهودية وسمى نفسه يوسف وفرض على عرب اليمن اعتناق اليهودية، وإليه يعزى قتل وحرق نصارى نجران ، حيث خيرهم بين اعتناق اليهودية أو القتل فرفضوا اعتناق اليهودية فحفر لهم أخدودا وحرق من حرق بالنار وقتل من قتل بالسيف. ولقد شكى من نجى منهم فعل ذي النواس إلى قيصر الروم النصراني فطلب هذا من حليفه ملك الحبشة الذي كان أيضا نصرانيا أن يقوم بعقاب ذي النواس واليهود على فعلتهم فسير لهم حملته المعروفة بقيادة رجل اسمه أرياط وكان في جنده أبرهة الحبشي الذي عرف فيما بعد (بالأشرم). فركب أرياط البحر حتى نزل بساحل اليمن وسار إليه ذو النواس في حمير ومن أطاعه من قبائل اليمن ، فلما التقوا انهزم ذو النواس وأصحابه . فلما رأى ذو النواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه إلى البحر ثم ضربه فخاض به وغرق وكان آخر العهد به. (تهذيب سيرة ابن هشام لعبد السلام هارون ، المجمع العلمي العربي الاسلامي، ص: 27
في الحقيقة أنه يكفي اليوم أن نفتح الموسوعة اليهودية على الإنترنت وتحت كلمة الخزر فإننا، إلى جانب المعلومات الكافية عن الخزر وأصولهم ومملكتهم وكيفية اعتناقهم لليهودية وتحول الشعب الخزري بكاملة إلى الديانة اليهودية وانتشارهم في شرق أوروبا بعد سقوط مملكتهم، فإننا سنجد خارطة توضيحية توضح انتشار الديانات المسيحية واليهودية والإسلام في العالم. الخارطة كذلك توضح المنطقة الخاصة بالمملكة الخزرية وتسميهم بصريح العبارة (اليهود الخزر).
لقد تحدث الكاتب الروسي المعروف اليكسندر صولجينيتسين في كتابه(مائتا عام معا- تاريخ العلاقات الروسية اليهودية) والذي صدر في موسكو عام 2001 عن ألأصول الخزرية لمعظم اليهود الروس ويهود شرق أوروبا. ويعد هذا الكتاب من الكتب القيمة فهو يصف بدقة العلاقات بين الروس واليهود وتطورها واستغلال اليهود الإقتصادي للشعب الروسي.
يتفق أهل الإختصاص على حقيقة اعتناق الخزر لليهودية وبختلفون في النسبة التي يشكلها هؤلاء من مجموع اليهود الأشكناز. هناك دراسات كثيره من باحثين أروبيين حول نسبة اليهود ذوي الأصول الخزرية من مجموع اليهود الشرق أروبيين أو الأشكناز و لا يمكننا سرد هذه الدراسات في هذا المقال القصير ولكننا نستطيع أن نبين أن دارسي هذا الموضوع ينقسمون إلى فئتين، الصهاينة وأصدقائهم يقللون من أثر اليهود الخزر على نسبة اليهود الشرق أوروبيين أما المؤرخون الجادون والحياديون فهم يؤكدون أن معظم اليهود الأشكناز أو الشرق أروبيين هم من أصول خزرية.
لقد قام بول واكسلر بدراسة شاملة لكل من الجهتين والبراهين التي يطرحونها دعما لرأيهم تحت عنوان( ماذا تعلمنا لغة اليديش عن أصول اليهود الأشكناز) ولقد وصل إلى نتيجة أن يهود شرق أوروبا أو الأشكناز هم في معظمهم خليط من الأصول السلافية والخزرية التركية. وبعد دراسة شاملة ودقيقة التي قام بها المختصون في دراسة لغة اليديش وصل واكسلر إلى نتيجة أن اليديش ليست لهجة ألمانية كما كان يدعي البعض وإنما هي لغة ذات أصول تركية وإيرانية وكانت اللغة الرسمية للخزر ولقد حملها معهم اليهود الخزر بعد سقوط دولتهم وتبعثرهم في أروبا الشرقية وقسم من الغربية. ولقد دخل إلى اليديش مع مرور الأيام كثير من التعبيرات السلافية والألمانية.
كيفين ألين بروك في كتابه ( يهود الخزر) يقتفي آثار اليهود في أوروبا الشرقية ويؤكد أن الآثار التي خلفها اليهود من أسلحة وأواني وكتابات في مناطق أثرية مثل تشيلاريفو في الصرب، إيليند في المجر، ساركيل في روسيا، بالانجار في القوقاز، نوفاهراديك في روسيا البيضاء ، بيركا في السويد وغيرها ،هي خزرية بامتياز. الصحفي والمؤلف الإسرائيلي إسرائيل شامير يؤكد هذه الحقيقة ويقول أن اليهود لا يكونون قومية أو شعبا وأن أصولهم في غالبيتها خزارية تركية إلى جانب الأصول السلافية وانه ليس لهم أي علاقة أثنية بشعوب فلسطين القديمة وان الشعب الفلسطيني هو الوريث الحقيقي لشعوب فلسطين التاريخية.
أما الدكتور شلومو ساند البروفيسور في جامعة تل أبيب فإنه في كتابة الأخير (متى وكيف اختلق الشعب اليهودي) والذي ضرب رقما قياسيا في مبيعاته يؤكد أن القومية اليهودية هي ميثولوجيا ولقد جرت فبركتها قبل مئة عام من أجل تبرير إقامة الدولة الإسرائيلية . ويؤكد أن اليهود لم يطردوا من الأراضي المقدسة و معظم يهود اليوم ليست لهم أي أصول عرقية في فلسطين التاريخية، وأن الحل الوحيد هو إلغاء الدولة اليهودية إسرائيل.
شلومو ساند يؤكد أن اليهود الذين يعيشون الآن في إسرائيل وأماكن أخرى من العالم لا ينحدرون من الشعب القديم الذي سكن (مملكة يهوذا) ذلك أن أصلهم هو من شعوب مختلفة تحولت إلى اليهودية خلال فترات تاريخية مختلفة وفي مناطق مختلفة من حوض المتوسط والمناطق المجاورة له. وهذا لا ينطبق فقط على يهود شمال أفريقيا فحسب، بل يشمل أيضا غالبية المناطق التي دان أهلها بالوثنية وتحولوا إلى اليهودية، من يهود اليمن الذين تحولوا إلى اليهودية منذ القرن الرابع الميلادي إلى اليهود الأشكناز في شرق أوروبا اللاجئين من مملكة الخزر الذين تحولوا إلى اليهودية في القرن الثامن.
ذهب شلومو ساند بعيداً في التاريخ اليهودي لآلاف السنين ليقوض الافتراضات التاريخية الصهيونية. فهو يثبت أن الشعب اليهودي لم يوجد قط كأمة عرقية (قومية) بأصل معروف، ولكنه مزيج من مجموعات بشرية اعتنقت اليهودية في مراحل مختلفة من التاريخ، على عكس الرواية الصهيونية التي تقول بالأصل التاريخي الواحد لليهود. وقد جادل زاند عدداً من المذاهب الفكرية الصهيونية حول المفهوم الأسطوري والملفق الذي يعتبر اليهود شعباً قديماً، واعتبر أن ذلك يقود إلى تفكير عنصري حقيقي.
<b>استنادا إلى شلومو ساند فإن وصف اليهود باعتبارهم أمة عزلت نفسها وتتجول في المنافي عبر البحار والقارات ووصلوا أخيراً إلى نهاية الأرض، ومع تقدم الصهيونية فقد عادوا على شكل مجموعات إلى وطنهم اليتيم، ما هو سوى أسطورة مخترعة. وحسب ساند فإن الحقيقة تقول إنه تم اختراع الشعب اليهودي في القرن التاسع عشر بتأثير مثقفين من أصل يهودي نشؤوا في ألمانيا متأثرين بالشخصية الوطنية التراثية للأمة الألمانية، وأخذوا على عاتقهم مهمة اختراع شعب يهودي عن طريق استعادة الماضي يتوافق مع خلق شعب يهودي معاصر.
ويفسر شلومو ساند انتشار اليهود في العالم، بأن الديانة اليهودية هي التي انتشرت وليس الشعب اليهودي. على اعتبار أن الديانة اليهودية كانت ديانة تبشيرية على عكس ما هو شائع. كما يؤكد أن معظم الإضافات الحاسمة في أعداد اليهود في العالم تشكلت إثر ضعف و انهيار مملكة الخزر والتي شكلت إمبراطورية ضخمة نهضت في العصور الوسطى .
لعل هذه العجالة تقنع أؤلئك المشككين وتثبت بما لا مجال للشك فيه أن نتنياهو وشارون وإسحق شامير وبيجن ووايزمن وليبرمان والبقية الباقية من الصهاينه إلى جانب الغالبية العظمى من يهود العالم ليس لهم أي علاقة أونتروبولوجية( عرقية) أو تاريخية مع فلسطين . فلسطين التي يدعي الصهاينة أنها وطنهم ويرغبون العودة إليها لم تكن وطنا لهم ولا لأجدادهم ولا يوجد لهم أي علاقة عرقية بها.

>د. نضال الصالح/فلسطين<
مشكور أخي الكريم على تلك الاضافات وأسأل الله لك التوفيق .
دائما تتحفنا باضافات جميلة.
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

بارك الله فيك أخي محب علي هذا الموضوع القيم الرائع ..

كانت بداية إصطدام العرب مع الخزر في عام 22 هـ عندما أرسل عمر بن الخطاب رضي اللع عنه سلمان بن ربيعة الباهلي إلى مدينة باب الأبواب - دربند ، لفتحها ونشر الإسلام بين أهلها , فكان من أثر هذه الحملة أن فتح المسلمون المدينة وصالحوا أهلها وقبلوا منهم الجزية ، ثم حدث إضطراب في تلك البلاد فأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه , سعيد بن العاص بأن يرسل عبد الرحمن بن ربيعه الباهلي ليغزو مدينة باب الأبواب - دربند - وبالفعل أوغل عبد الرحمن حتي وصل بلنجر ، وهي أكبر مدنهم خلف دربند ، ولكنَّ الخزر بقيادة خاقان تجمَّعوا بكثرة بالغة وإنتهت المعركة بإستشهاد جميع المسلمين البالغ عددهم نحو 4000 ومعهم قائدهم سلمان بن ربيعة .

ثم ما لبثت أن عادت المواجهات مره أخري مع تولي الجراح الحكمي - رحمه الله - لأمر خراسان وسجستان أيام عمر بن عبدالعزيز ، وإليكم رواية بن خلدون عما حدث بذلك الشأن :
ولما سار إبن هبيرة على الجزيرة وأرمينية تشبب البهراني فحفل لهـم الخـزر وهـم التركمـان وإستجاشوا بالقفجاق وغيرهم من أنواع الترك ولقوا المسلمين بمرج الحجارة فهزموهم وإحتوى التركمان على عسكرهم وغنموا ما فيه‏.‏ وقدم المنهزمون على يزيد بن عبد الملك فولى على أرمينية الجراح بن عبد الله الحكمي وأمده بجيش كثيـف وسـار لغـزو الخـزر فعـادوا لبـاب الأبواب‏ ‏ ونزل الجراح بردعة فأراح بها قليلاً‏ ‏ ثم سار نحوهم وعبر نهر الكر وأشاع الإقامة ليرجع بذلك عيونهم إليهم‏.‏ ثم أسرى من ليلته وأجد السير إلى مدينة الباب فدخلها وبث السرايا للنهب والغارة‏.‏وزحف إليه التركمان وعليهم ابن ملكهم فلقيهم عند نهر الزمان واشتد القتال بينهم ثم انهزم التركمان وكثر القتل فيهم وغنـم المسلمـون مـا معهـم وسـاروا حتـى نزلـوا علـى الحصـن ونـزل أهلها على الأمان فقتلهم‏ .‏

ثم سار إلى مدينة برغوا فحاصرها ستة أيام ثم نزلوا على الأمان ونفلهم ثم سـاروا إلـى بلنجـر وقاتلهـم التركمـان دونهـا فانهزمـوا وافتتـح الحصـن عنـوة‏.‏ وغنـم المسلمـون جميع ما فيه‏.‏ فأصاب الفارس ثلاثمائة دينار وكانوا بضعة وثلاثين ألفاً‏.‏ ثم إن الجراح رجع حصن بلنجر إلى صاحبه ورد عليـه أهلـه ومالـه علـى أن يكـون عينـاً للمسلميـن علـى الكفار‏.‏ ثم نزل على حصن الوبيد وكان به أربعون ألف بيت من الترك فصالحوا الجراح على مـال أعطـوه إيـاه ‏ ثـم تجمـع الترك والتركمان وأخذوا الطرق على المسلمين فأقام في رستاق سبى وكتب إلى يزيد بالفتح وطلب المدد وكان ذلك آخر عمر يزيد‏ ‏ وبعث هشام بعد ذلك إليه بالمدد وأقره على العمل ..

قد كان تقدم لنا دخوله إلى بلاد الخزر سنة أربع ومائة وانهزامهم أمامه وأنه أثخن فيهم وملك بلنجر وردها على صاحبها وأدركه الشتاء فأقام هنالك‏.‏ وأن هشاماً أقرة على عمله ثم ولاه أرمينية فدخل بلاد التركمـان مـن ناحيـة تفليـس سنـة إحـدى عشـرة ففتـح مدينتهـم البيضـاء وانصرف ظافراً فاجتمع الخزر والترك من ناحية اللاف وزحف إليهم الجراح سنة اثنتي عشرة ولقيهم بمرج أردبيل فاقتتلوا أشد قتال‏.‏ وتكاثر العدو عليه فاستشهد ومن معه وقد كـان استخلف أخاه الحجاج على أرمينية‏.‏ ولما قتل طمع الخزر وهم التركمان وأوغلوا في البلاد حتـى قاربـوا الموصـل وقيل كان قتله ببلنجر‏.‏ ولما بلغ الخبر هشاماً دعا سعيدًا الحريشي فقال ‏:‏ بلغني أن الجراح انهزم‏ ،‏ قال الجراح أعرف بالله من أن ينهزم لكن قتل فابعثني على أربعين من دواب البريـد وابعـث إلـي كل يوم أربعين رجلاً مدداً واكتب إلى الأمراء الأجناد يواسوني‏ ، ‏ ففعل وسار الحريشي فلا يمر بمدينة إلا ويستنهض أهلها فيجيبه من أراد الجهاد‏ ‏ووصـل مدينـة أزور فلقيـه جماعـة مـن أصحاب الجراح فردهم معه .‏

ووصل إلى خلاط فحاصرها وفتحها وقسم غنائمها‏.‏ ثم سار عنها يفتح القلاع والحصون إلى بروعة فنزلها وابن خاقـان يومئـذ بأذربيجـان يحاصـر مدينـة ورثان منها ويبعث في نواحيها وبعث الحريشي إلى أهل ورثان يخبرهم بوصوله فأخرج العدو عنهم ووصل إليهم الحريشي‏.‏ثـم اتبـع العـدو إلـى أردبيـل وجـاءه بعـض عيونـه بأن عشرة آلاف من عسكرهم على أربعة فراسخ منه ومعهم خمسة آلاف بيت من المسلمين أسارى وسبايا فبيتهم وقتلهم أجمعين ولم ينج منهم أحد‏ وإستنقذ المسلمين منهم ، ‏وسار إلي باجروان فجاءه عين آخر ودله على جمع منهم فسار إليهم واستلحمهم أجمعين وإستنقـذ مـن معهـم مـن المسلميـن وكان فيهم أهل الجراح وولده فحملهم إلى باجروان‏, ثم زحف إليهـم جموع الخزر مع إبن ملكهم والتقوا بأرض زرند وإشتد القتال والسبي من معسكر الكفار فبكي المسلمون رحمة لهم وصدقوا الحملـة , فإنهـزم الكفـار وأتبعهـم المسلمـون إلـي نهـر أرس وغنموا ما كان معهم من الأموال وإستنقذوا الأسرى والسبايا وحملوهم إلى باجروان ثم تناصر الخـزر فـي ملكهـم ورجعـوا فنزلـوا نهـر البيلقـان واقتتلـوا قتـالاً شديـداً‏.‏

ثـم انهزمـوا فكـان مـن غـرق أكثر ممـن قتـل وجمـع الحريشي الغنائم وعاد إلى باجروان فقسمها وكتب إلى هشام بالفتح‏.‏ واستقدمه وولى أخاه مسلمة على أرمينية وأذربيجان‏ ‏،، وخرج الجنيد سنة اثنتي عشرة ومائة من خراسان غازياً إلى طخارستان وبعث إليها عمارة بن خزيم في ثمانية عشر ألفاً وبعث إبراهيم بن سام الليثي في عشرة آلاف إلى وجه آخر وحاشتك التركي‏.‏ وزحف بهم خاقان إلى سمرقند وعليها سورة بن أبجر فكتب إلى الهند مستغيثاً فأمر الجنيد بعبور النهر‏.‏ فقال له المجشر بن مزاحم السلمي وابن بسطام الأزدي إن الترك ليسوا كغيرهم وقد مزقت جندك‏.‏ فسلم ابـن عبـد الرحمـن بالنبـراود والبختـري بهـراة وعمـارة بـن حزيـم بطخارستـان‏.‏ ولا تعبـر النهر في أقل من خمسين ألفاً‏.‏ فاستقدم عمارة وأمهل فقـال أخـي علـى سـورة وعبـر الجنيـد فنـزل كـش وتأهـب للسيـر‏.‏ وغـور التـرك الآبـار في طريق كش وسار الجنيد على التعبية واعترضه خاقان ومعه أهل الصغد وفرغانة والشاش وحملوا على مقدمته وعليها عثمان بن عبد الله بن الشخير فرجعوا والترك في اتباعهم‏.‏ثم حملوا على المدينة وأمدهم الجنيد بنصر بن سيار وشدوا على العدو وقتل أعياناً منهم‏.‏ وأقبل الجنيد على الميمنة وأقبل تحت راية الأزد فقال له صاحب الراية‏:‏ ما قصدت كرامتنا لكن علمت أنا لا نصل إليك ومنا عين تطرف فصبروا وقاتلوا حتى كلت سيوفهم‏.‏ وقطع عبيدهم الخشب فقاتلوا بها حتى أدركهم الملل وتعانقوا ثم تحاجزوا وهلك من الأزد في ذلك المعتـرك نحـو مـن ثمانيـن فيهـم عبـد اللـه بـن بسطـام ومحمـد بـن عبـد الله بن جودان والحسين بن شيخ ويزيد بن المفضل الحراني‏ .‏

وبينما الناس كذلك إذ طلعت أوائل عسكر خاقان فنـادى منـادي الجنيـد بالنـزول فترجلـوا وخنـدق كل كائن على رجاله‏.‏ وقصد خاقان جهة بكر بن وائل وعليهم وأشـار أصحـاب الجنيـد عليـه بـأن يبعـث إلـى سورة بن أبجر من سمرقند ليتقدم الترك إليه ليكون لهـم شغـل بـه عن الجنيد وأصحابه‏ فكتب يستقدمه فاعتذر فأعاد عليه وتهدده وقال‏ :‏ إخرج وسـر مـع النهـر لا تفارقـه فلمـا خرج هو استبعد طريق النهر ، وإستخلف على سمرقند موسى بن أسـود الحنظلـي‏ وسـار محمـد فـي اثنـي عشـر ألفـاً حتـى إذا بقـي بينـه وبيـن الجنيـد وعساكـره فرسـخ لقيه خاقان عند الصباح وحال بينهم وبين الماء وأضرم النار في اليبس حواليهم فإستماتوا وحملـوا وإنكشف الترك وأظلم الجو بالعجاج‏ ، وكان من وراء الترك لهب سقط فيه جميع العدو والمسلمـون وسقـط سـورة فاندقـت فخـذه‏.‏ ثـم عطـف التـرك فقتلـوا المسلميـن ولم يبق منهم إلا القليل وإنحاش بالناس المهلب بن زياد والعجمي في ستمائة أو ألف ومعه قريش بن عبد الله العبدي إلى رستاق المرغاب وقاتلوا بعض قصوره فأصيب المهلب وولوا عليهم الرحب بن خالد ، وجاءهم الأسكيد صاحب نسف وغورك ملك الصغد فنزلوا معه إلى خاقان فلم يجز أمان غورك وقتلهم ولم ينج منهم أحد‏.‏ ثم خرج الجنيد من الشعب قاصداً سمرقند وأشار عليه مجشر بن مزاحم بالنزول فنزل ووافقته جموع الترك‏ فجال الناس جولة وصبر المسلمون وقاتل العبيد وإنهزم العدو‏.‏

ثم كانت أخر معركة حربية رئيسية بين المسلمين والخزر سنة 758 م عندما غزاً جيش من الخزر تحت قيادة راس تارخان Ras Tarkhan أذربيجان وآران ببلاد القوقاز وإحتلوها بشكل مؤقت ، ولاحقاً , تحسنت العلاقات بين الخزر ودولة الخلافة الإسلامية ولم تسجل أي حروب بينهما في الفترات اللاحقة .. بل أنها وقفت في وجه هجمات الروس ضد مناطق القوقاز - التي توجد به قبائل مسلمة عده - وذلك في عهد الملك جوزيف بالقرن العاشر الميلادي .
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

بارك الله فيك أخي محب علي هذا الموضوع القيم الرائع ..

كانت بداية إصطدام العرب مع الخزر في عام 22 هـ عندما أرسل عمر بن الخطاب رضي اللع عنه سلمان بن ربيعة الباهلي إلى مدينة باب الأبواب - دربند ، لفتحها ونشر الإسلام بين أهلها , فكان من أثر هذه الحملة أن فتح المسلمون المدينة وصالحوا أهلها وقبلوا منهم الجزية ، ثم حدث إضطراب في تلك البلاد فأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه , سعيد بن العاص بأن يرسل عبد الرحمن بن ربيعه الباهلي ليغزو مدينة باب الأبواب - دربند - وبالفعل أوغل عبد الرحمن حتي وصل بلنجر ، وهي أكبر مدنهم خلف دربند ، ولكنَّ الخزر بقيادة خاقان تجمَّعوا بكثرة بالغة وإنتهت المعركة بإستشهاد جميع المسلمين البالغ عددهم نحو 4000 ومعهم قائدهم سلمان بن ربيعة .
ل
ثم ما لبثت أن عادت المواجهات مره أخري مع تولي الجراح الحكمي - رحمه الله - لأمر خراسان وسجستان أيام عمر بن عبدالعزيز ، وإليكم رواية بن خلدون عما حدث بذلك الشأن :
ثم كانت أخر معركة حربية رئيسية بين المسلمين والخزر سنة 758 م عندما غزاً جيش من الخزر تحت قيادة راس تارخان ras tarkhan أذربيجان وآران ببلاد القوقاز وإحتلوها بشكل مؤقت ، ولاحقاً , تحسنت العلاقات بين الخزر ودولة الخلافة الإسلامية ولم تسجل أي حروب بينهما في الفترات اللاحقة .. بل أنها وقفت في وجه هجمات الروس ضد مناطق القوقاز - التي توجد به قبائل مسلمة عده - وذلك في عهد الملك جوزيف بالقرن العاشر الميلادي .​

بارك الله فيك اخي الكريم المتألق أبو البراء وشرف كبير لي أن تعلق على موضوعي.
ولكن اسمح لي أن أختلف معك في مسألتين
فان المواجهة التي كان قائدها راس ترخان حصلت عام 762 وليس 758 (ويبدو أن هناك خطأ في التحويل من التاريخ الهجري للميلادي)وفي عهد والي أرمينية واذربيجان وعهد الخليفة المنصور يزيد بن أسيد وأما أخر مواجهة فحصلت عام 799 في عهد هارون الرشيد وفيها قام الخزر بغارة أمكن صدها.
وأهم الهجمات العربية كانت الهجمة التي قام بها مروان بن محمد عام 737 والتي وصل بها الى الدون أو الفولغا وقد كانت أقسى هزيمة تعرض لها الخزر قبل هزيمتهم النهائية على يد الروس.
بالمناسبة أخي فان هجمات الروس كان الغرض منها تحطيم الخزر للتحلل من دفع الجزية لهم ومنها كان الهجوم الأخير لسفياتوسلاف أيغورفيتش ولم يكن هدفهم على الأرجح منطقة القوقاز والتي كانت في ذلك الوقت خارج اهتمامهم بدليل أن سفياتوسلاف أيغورفيتش لم يحتل منطقة القوقاز في حملته المظفرة بل اكتفى بتحطيم الامبراطورية الخزرية.
ولكن اعترف بأن المعلومات التي نقلتها عن ابن خلدون صححت ما قراته في المصادر الروسية عن كون الهجوم المضاد الذي نجح في استرداد أذربيجان وما حولها كان بقيادة مسلمة بن عبد الملك فظهر أنه تم قبل أن يولى مسلمة أمر القوات في تلك البلاد ويتابع الحرب فبارك الله فيك على الاضافة.
 
التعديل الأخير:
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

بارك الله في كل من شارك فى الموضوع واثراه شكرا جزيلا
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

شكرا اخى محب اضطلاع على الموضوع الرائع و المعلونات المفيده و جزاك الله خير
كما اشكر الاخوه على اضافاتهم الرائعه و اخص بالشكر اخى ابو البراء جزاه الله خيرا
من اشهر الرحاله المسلمين الذين تكلمو عن بلاد القوقاز و شعوبها من الخزر و القازانيين والروس و غيرهم كان الرحاله احمد بن فضلان
هنا تجد كتاب ابن فضلان و الذى اخذ عنه فيلم المحارب ال 13لمن اراد تحميله
http://www.mediafire.com/?jnvumddwzjg
كما سأورد ما جاء فيه فى ردى التالى بأذن الله
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

ابن فضلان هو أحمد ابن العباس ابن رشيد ابن حماد هو عالم إسلامي من القرن العاشر الميلادي


أحد عشر قرنا من الزمان وما زال الالتباس والادعاء يكتنفان واحدة من أهم رحلات الحوار الحضاري في العصور الوسطى. ففي عام 921 (309هـ) خرجت من بغداد -عاصمة النور آنذاك- بعثة دينية سياسية بتكليف من الخليفة العباسي "المقتدر بالله" إلى قلب القارة الآسيوية في مكان عُرف وقتها باسم "أرض الصقالبة"؛ تلبية لطلب ملكهم في التعريف بالدين الإسلامي، عله يجد إجابة للسؤال المثار وقتها "كيف استطاع ذلك الدين الآتي من قلب الصحراء أن يكوِّن تلك الإمبراطورية الضخمة التي لم تضاهها سوى إمبراطورية لإسكندر المقدوني؟ وفي بغداد كان أعضاء البعثة يرتبون أوراقهم بين فقيه ورجل دولة ومؤرخ، وفي مقدمتهم كان الرجل الموسوعي أحمد بن فضلان.

لم يكن ابن فضلان رجلا موهوبا أو صاحب رؤية سياسية فحسب؛ بل كان قد درب عينيه الثاقبتين على رؤية ما وراء المشاهد المفردة، وشاغل عقله بالتحليل دون الرصد. وحينما عمل لعقد من الزمان الساعد الأيمن للقائد العسكري محمد بن سليمان -الذي قاد في نهاية القرن التاسع وبداية القرن العاشر الميلاديين حملات عسكرية امتدت من مصر في الغرب إلى حدود الصين في الشرق- تعلم ابن فضلان الكثير، وأهلته معارفه المتراكمة وثقافته بالشعوب التي خالطها إلى الوصول إلى بلاط السلطان "المقتدر بالله" كرجل دولة وفقيه عالم.
ويستمر ابن فضلان في الترقي في بلاط السلطان حتى عام 921م، حينما وصلت رسالة قيصر البلغار "ألموش بن يلطوار" طلبا لإرسال سفارة إلى القيصرية البلغارية لشرح مبادئ الإسلام، على أن يرسل الخليفة من يبني للقيصر مسجدا يطل من محرابه على شعبه، وقلعة حصينة لمجابهة الأعداء، فاختاره الخليفة على رأس الرحلة تقديرا لمكانته وقدرته على الحوار (هذا وتنتشر في المعالجة الغربية رواية أن اختيار ابن فضلان جاء تخلصا منه، وطمعا في فتاة كان قد أوشك على الزواج بها!).
ويعترف الغربيون بفضل الرحلة في تدوين اكتشافات حضارية نادرة، ويسطّرون اسم ابن فضلان بحروف بارزة في تاريخ التواصل الحضاري بين الإسلام و"الآخر"، ويؤكدون أنها نقلة نوعية في فن كتابة الرحلة العربية التي كانت غارقة في مفاهيم السرد، فنقلتها إلى مستوى التحليل الإثنوغرافي لشعوب وقبائل لم يكن العرب يعرفون عنها شيئا.. بل لم يكن العالم يعرف عنها شيئا.

اليكم اصدقائي واخواني في المنتدي

كتاب ابن فضلان

وفيه تصوير دقيق لاحوال اهل البلاد

التي زارها ابن فضلان

في رحلته كالصقالبة والترك

والفايكنج


وستقرأ في ذلك الكتاب عجائب

واشياء كالتي نسمع عنها في قصص الخيال

ولكنها حقيقة وحدثت فعلا

ورأها الرجل العالم الجليل ابن فضلان

ودون كل ما رأي بالتفصيل

ومن اشهر الاعمال الروائية التي تحول

بعضها الي فيلم سينمائي

عن حياة ذلك الرجل الذي كثير منا لا نعرفه

"المقاتل الثالث عشر" The 13th Warrior
......................................




رحلة ابن فضلان



فاتحة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم



قال أحمد بن فضلان :

لما وصل كتاب ألمش بن يلطوار ملك الصقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر يسأله فيه البعثة إليه ممن يفقهه في الدين ويعرفه شرائع الإسلام ويبني له مسجدا وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له فأجيب إلى ما سأل من ذلك.
وكان السفير له نذير الحرمي فندبت أنا لقراءة الكتاب عليه وتسليم ما أهدى إليه والإشراف على الفقهاء والمعلمين وسبب له بالمال المحمول إليه لبناء ما ذكرناه وللجراية على الفقهاء والمعلمين على الضيعة المعروفة بأرثخشمثين من أرض خوارزم من ضياع ابن الفرات.
وكان الرسول إلى المقتدر من صاحب الصقالبة رجل يقال له عبد الله بن باشتو الخزري والرسول من جهة السلطان سوسن الرسي مولى نذير الحرمي وتكين التركي وبارس الصقلابي وأنا معهم على ما ذكرت فسلمت إليه الهدايا له ولامرأته ولأولاده واخوته وقواده وأدوية كان كتب إلى نذير يطلبها.

العجم والأتراك



فرحلنا من مدينة السلام يوم الخميس لأحدى عشرة ليلة خلت من صفر سنة تسع وثلاثمئة فأقمنا بالنهر وإن يوماً واحداً ورحلنا مجدين حتى وافينا الدسكرة فأقمنا بها ثلاثة أيام ثم رحلنا قاصدين لا نلوي على شيء حتى صرنا إلى حلوان فأقمنا بها يومين.

وسرنا منها إلى قرميسين فأقمنا بها يومين ثم رحلنا فسرنا حتى وصلنا إلى همذان فأقمنا بها ثلاثة أيام.


ثم سرنا حتى قدمنا ساوة فأقمنا بها يومين ومنها إلى الري فأقمنا بها أحد عشر يوماً ننتظر أحمد ابن علي أخا صعلوك لأنه كان بخوار الري.


ثم رحلنا إلى خوار الري فأقمنا بها ثلاثة أيام ثم رحلنا إلى سمنان ثم منها إلى الدامغان صادفنا بها ابن قارن من قبل الداعي فتنكرنا في القافلة وسرنا مجدين حتى قدمنا نيسابور وقد قتل ليلى بن نعمان فأصبنا بها حمويه كوسا صاحب جيش خراسان.


ثم رحلنا إلى سرخس ثم منها إلى مرو ثم منها إلى قشمهان وهي طرف مفازة آمل فأقمنا بها ثلاثة أيام نريح الجمال لدخول المفازة.


ثم قطعنا المفازة إلى آمل ثم عبرنا جيحون وصرنا إلى آفرير رباط طاهر بن علي.


ثم رحلنا إلى بيكند ثم دخلنا بخارا وصرنا إلى الجيهاني وهو كاتب أمير خراسان وهو يدعى بخراسان الشيخ العميد فتقدم بأخذ دار لنا وأقام لنا رجلاً يقضي حوائجنا ويزيح عللنا في كل ما نريد فأقمنا أياماً.


ثم استأذن لنا على نصر بن أحمد فدخلنا إليه وهو غلام أمرد فسلمنا عليه بالإمرة وأمرنا بالجلوس فكان أول ما بدأنا به أن قال: كيف خلفتم مولاي أمير المؤمنين أطال الله بقاءه وسلامته في نفسه وفتيانه وأوليائه فقلنا: بخير قال: زاده الله خيراً.


ثم قرئ الكتاب عليه بتسلم أرثخشمثين من الفضل بن موسى النصراني وكيل ابن الفرات وتسليمها إلى أحمد بن موسى الخوارزمي وإنفاذنا والكتاب إلى صاحبه بخوارزم بترك العرض لنا والكتاب بباب الترك ببذرقتنا وترك العرض لنا.


فقال: وأين أحمد بن موسى فقلنا: خلفناه بمدينة السلام ليخرج خلفنا لخمسة أيام فقال: سمعاً وطاعة لما أمر به مولاي أمير المؤمنين أطال الله بقاءه.


قال: واتصل الخبر بالفضل بن موسى النصراني وكيل ابن الفرات فأعمل الحيلة في أمر أحمد بن موسى وكتب إلى عمال المعاون بطريق خراسان من جند سرخس إلى بيكند: أن أذكوا العيون على أحمد بن موسى الخوارزمي في الخانات والمراصد وهو رجل من صفته ونعته فمن ظفر به فليعتقله إلى أن يرد عليه كتابنا بالمسألة فأخذ بمرو وأعتقل.


وأقمنا نحن ببخارا ثمانية وعشرين يوماً وقد كان الفضل بن موسى أيضاً واطأ عبد الله بن باشتو وغيره من أصحابنا يقولون: إن أقمنا هجم الشتاء وفاتنا الدخول وأحمد بن موسى إذا وافانا لحق بنا.


قال: ورأيت الدراهم ببخارا ألواناً شتى منها دراهم يقال لها الغطريفية: وهي نحاس وشبه وصفر يؤخذ منها عدد بلا وزن مئة منها بدرهم فضة وإذا شروطهم في مهور نسائهم: تزوج فلان ابن فلان فلانة بنت فلان على كذا وكذا ألف درهم غطريفية وكذلك أيضاً شراء عقارهم وشراء عبيدهم لا يذكرون غيرها من الدراهم ولهم دراهم أخر صفر وحده أربعون منها بدانق ولهم أيضاً دراهم صفر يقال لها السمرقندية ستة منها بدانق.


فلما سمعت كلام عبد الله بن باشتو وكلام غيره يحذرونني من هجوم الشتاء رحلنا من بخارا راجعين إلى النهر فتكارينا سفينة إلى خوارزم والمسافة إليها من الموضع الذي اكترينا منه السفينة أكثر من مئتي فرسخ فكنا نسير بعض النهار ولا يستوي لنا سيره كله من البرد وشدته إلى أن قدمنا خوارزم فدخلنا على أميرها محمد ابن عراق خوارزم شاه فأكرمنا وقربنا وأنزلنا داراً فلما كان بعد ثلاثة أيام أحضرنا وناظرنا في الدخول إلى بلد الترك وقال: لا آذن لكم في ذلك ولا يحل إلي ترككم تغررون بدمائكم وأنا أعلم أنها حيلة أوقعها هذا الغلام يعني تكين لأنه كان عندنا حداداً وقد وقف على بيع الحديد ببلد الكفار وهو الذي غر نذيرا وحمله على كلام أمير المؤمنين وإيصال كتاب ملك الصقالبة إليه والأمير الأجل يعني أمير خراسان كان أحق بإقامة الدعوة لأمير المؤمنين في ذلك البلد لو وجد محيصاً ومن بعد فبينكم وبين هذا البلد الذي تذكرون ألف قبيلة من الكفار وهذا تمويه على السلطان وقد نصحتكم.


ولا بد من الكتاب إلى الأمير الأجل حتى يراجع السلطان أيده الله في المكاتبة وتقيمون أنتم إلى وقت يعود الجواب فانصرفنا عنه ذلك اليوم ثم عاودناه ولم نزل نرفق به ونقول: هذا أمر أمير المؤمنين وكتابه فما وجه المراجعة فيه حتى أذن لنا فانحدرنا من خوارزم إلى الجرجانية وبينها وبين خوارزم في الماء خمسون فرسخاً.


ورأيت دراهم خوارزم مزيفة ورصاصاً وزيوفاً وصفراً ويسمون الدرهم طازجة ووزنه أربعة دوانيق ونصف والصيرفي منهم يبيع الكعاب والدوامات والدراهم.


وهم أوحش الناس كلاماً وطبعاً كلامهم أشبه شيء بصياح الزرازير وبها قرية على يوم يقال لها أردكو أهلها يقال لهم الكردلية كلامهم أشبه شيء بنقيق الضفادع وهم يتبرؤون من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في دبر كل صلاة.


فأقمنا بالجرجانية أياماً وجمد نهر جيحون من أوله إلى آخره وكان سمك الجمد سبعة عشر شبراً وكانت الخيل والبغال والحمير والعجل تجتاز عليه كما تجتاز على الطرق وهو ثابت لا يتخلخل فأقام على ذلك ثلاثة أشهر.


فرأينا بلداً ما ظننا إلا أن باباً من الزمهرير قد فتح علينا منه ولا يسقط فيه الثلج إلا ومعه ريح عاصف شديدة وإذا أتحف الرجل من أهله صاحبه وأراد بره قال له: تعال إلي حتى نتحدث فإن عندي ناراً طيبة هذا إذا بالغ في بره وصلته إلا أن الله تعالى قد لطف بهم في الحطب أرخصه عليهم: حمل عجلة من حطب الطاغ بدرهمين من دراهمهم تكون زهاء ثلاثة آلاف رطل.


ورسم سؤالهم أن لا يقف السائل على الباب بل يدخل إلى دار الواحد منهم فيقعد ساعة عند ناره يصطلي ثم يقول: بكند يعني الخبز فإن أعطوه شيئاً أخذ وإلا خرج.


وتطاول مقامنا بالجرجانية وذلك أنا أقمنا بها أياماً من رجب وشعبان وشهر رمضان وشوال وكان طول مقامنا من جهة البرد وشدته ولقد بلغني أن رجلين ساقا اثني عشر جملاً ليحملاً عليها حطباً من بعض الغياض فنسيا أن يأخذا معهما قداحة وحراقة وأنهما باتا بغير نار فأصبحا والجمال موتى لشدة البرد.


ولقد رأيت لهواء بردها بأن السوق بها والشوارع لتخلو حتى يطوف الإنسان أكثر الشوارع والأسواق فلا يجد أحداً ولا يستقبله إنسان ولقد كنت أخرج من الحمام فإذا دخلت إلى البيت نظرت إلى لحيتي وهي قطعة واحدة من الثلج حتى كنت أدنيها إلى النار.


ولقد كنت أنام في بيت جوف بيت وفيه قبة لبود تركية وأنا مدثر بالأكسية والفرى فربما التصق خدي على المخدة ولقد رأيت الجباب بها تكسي البوستينات من جلود الغنم لئلا تتشقق وتنكسر فلا يغني ذلك شيئاً.


ولقد رأيت الأرض تنشق فيها أودية عظام لشدة البرد وأن الشجرة العظيمة العادية لتنفلق بنصفين لذلك فلما انتصف شوال من سنة تسع وثلاثمئة أخذ الزمان في التغير وانحل نهر جيحون وأخذنا نحن فيما نحتاج إليه من آلة السفر واشترينا الجمال التركية واستعملنا السفر من جلود الجمال لعبور الأنهار التي نحتاج أن نعبرها في بلد الترك وتزودنا الخبز والجاورس والنمكسوذ لثلاثة أشهر.


وأمرنا من كنا نأنس به من أهل البلد بالاستظهار في الثياب والاستكثار منها وهولوا علينا الأمر وعظموا القصة فلما شاهدنا ذلك كان أضعاف ما وصف لنا فكان كل رجل منا عليه قرطق وفوقه خفتان وفوقه بوستين وفوقه لبادة وبرنس لا تبدو منه إلا عيناه وسراويل طاق وآخر مبطن وران وخف كيمخت وفوق الخف خف آخر فكان الواحد منا إذا ركب الجمل لم يقدر أن يتحرك لما عليه من الثياب وتأخر عنا الفقيه والمعلم والغلمان الذين خرجوا معنا من مدينة السلام فزعا من الدخول إلى ذلك البلد وسرت أنا والرسول وسلف له والغلامان تكين وبارس.


فلما كان في اليوم الذي عزمنا فيه على المسير قلت: لهم يا قوم معكم غلام الملك وقد وقف على أمركم كله ومعكم كتب السلطان ولا أشك أن فيها ذكر توجيه أربعة آلاف دينار المسيبية له وتصيرون إلى ملك أعجمي فيطالبكم بذلك فقالوا: لا تخش من هذا فإنه غير مطالب لنا فحذرتهم وقلت: أنا أعلم أنه يطالبكم فلم يقبلوا.


واستدف أمر القافلة واكترينا دليلاً يقال له قلواس من أهل الجرجانية ثم توكلنا على الله عز وجل وفوضنا أمرنا إليه ورحلنا من الجرجانية يوم الاثنين لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمئة فنزلنا رباطاً يقال له زمجان وهو بباب الترك ثم رحلنا من الغد فنزلنا منزلاً يقال له جيت وجاءنا الثلج حتى مشت الجمال إلى ركبها فيه فأقمنا بهذا المنزل يومين.


ثم أوغلنا في بلد الترك لا نلوي على شيء ولا يلقانا أحد في برية قفر بغير جبل فسرنا فيها عشرة أيام ولقد لقينا من الضر والجهد والبرد الشديد وتواصل الثلوج الذي كان برد خوارزم عنده مثل أيام الصيف ونسينا كل ما مر بنا وأشرفنا على تلف الأنفس.


ولقد أصابنا في بعض الأيام برد شديد وكان تكين يسايرني وإلى جانبه رجل من الأتراك يكلمه بالتركية فضحك تكين وقال: إن هذا التركي يقول: لك أي شيء يريد ربنا منا هو ذا يقتلنا بالبرد ولو علمنا ما يريد لرفعناه إليه فقلت له: قل له يريد منكم أن تقولوا لا إله إلا الله فضحك وقال: لو علمنا لفعلنا ثم صرنا بعد ذلك إلى موضع فيه من حطب الطاغ شيء عظيم فنزلناه وأوقدت القافلة واصطلوا ونزعوا ثيابهم وشرورها.


ثم رحلنا فما زلنا نسير في كل ليلة من نصف الليل إلى وقت العصر أو إلى الظهر بأشد سير يكون وأعظمه ثم ننزل فلما سرنا خمس عشرة ليلة وصلنا إلى جبل عظيم كثير الحجارة وفيه عيون تنجرف عبره وبالحفرة تستقر الماء.


فلما قطعناه أفضينا إلى قبيلة من الأتراك يعرفون بالغزية وإذا هم بادية لهم بيوت شعر يحلون ويرتحلون ترى منهم الأبيات في كل مكان ومثلها في مكان آخر على عمل البادية وتنقلهم وإذا هم في شقاء وهم مع ذلك كالحمير الضالة لا يدينون لله بدين ولا يرجعون إلى عقل ولا يعبدون شيئاً بل يسمون كبراءهم أرباباً فإذا استشار أحدهم ريئسه في شيء قال له: يا رب إيش أعمل في كذا وكذا وأمرهم شورى بينهم غير أنهم متى اتفقوا على شيء وعزموا عليه جاء أرذلهم وأخسهم فنقض ما قد أجمعوا عليه.


وسمعتهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله تقرباً بهذا القول إلى من يجتاز بهم من المسلمين لا اعتقاداً لذلك وإذا ظلم أحد منهم أو جرى عليه أمر يكرهه رفع رأسه إلى السماء وقال: بير تنكري وهو بالتركية الله الواحد لأن بير بالتركية واحد وتنكري: الله بلغة الترك. ولا يستنجون من غائط ولا بول ولا يغتسلون من جنابة ولا غير ذلك وليس بينهم وبين الماء عمل خاصة في الشتاء ولا يستتر نساؤهم من رجالهم ولا من غيرهم كذلك لا تستر المرأة شيئاً من بدنها عن أحد من الناس.


ولقد نزلنا يوماً على رجل منهم فجلسنا وامرأة الرجل معنا فبينا هي تحدثنا إذ كشفت فرجها وحكته ونحن ننظر إليها فسترنا وجوهنا وقلنا: أستغفر الله فضحك زوجها وقال للترجمان: قل لهم تكشفه بحضرتكم فترونه وتصونه فلا يوصل إليه هو خير من أن تغطيه وتمكن منه وليس يعرفون الزنا ومن ظهروا منه على شيء من فعله شقوه بنصفين وذلك أنهم يجمعون بين أغصان شجرتين ثم يشدونه بالأغصان ويرسلون الشجرتين فينشق الذي شد إليهما.


وقال بعضهم وسمعني أقرا قرآناً فاستحسن القرآن وأقبل يقول للترجمان قل له: لا تسكت وقال لي هذا الرجل يوماً على لسان الترجمان: قل لهذا العربي: ألربنا عز وجل امرأة فاستعظمت ذلك وسبحت الله واستغفرته فسبح واستغفر كما فعلت وكذلك رسم التركي كلما سمع المسلم يسبح ويهلل قال مثله.


ورسوم تزويجهم وهو أن يخطب الواحد منهم إلى الآخر بعض حرمه: إما ابنته أو أخته أو بعض من يملك أمره على كذا وكذا ثوب خوارزمي فإذا وافقه حملها إليه وربما كان المهر جمالاً أو دواب أو غير ذلك وليس يصل الواحد إلى امرأته حتى يوفي الصداق الذي قد وافق وليها عليه فإذا وفاه إياه جاء غير محتشم حتى يدخل إلى المنزل الذي هي فيه فيأخذها بحضرة أبيها وأمها وإخوتها فلا يمنعونه من ذلك.


وإذا مات الرجل وله زوجة وأولاد تزوج الأكبر من ولده بامرأته إذا لم تكن أمه ولا يقدر أحد من التجار ولا غيرهم أن يغتسل من جنابة بحضرتهم إلا ليلا من حيث لا يرونه وذلك أنهم يغضبون ويقولون: هذا يريد أن يسحرنا لأنه قد تفرس في الماء ويغرمونه مالا.


ولا يقدر أحد من المسلمين أن يجتاز ببلدهم حتى يجعل له منهم صديقاً ينزل عليه ويحمل له من بلد الإسلام ثوباً ولامرأته مقنعة وشيئاً من فلفل وجاورس وزبيب وجوز فإذا قدم على صديقه ضرب له قبة وحمل إليه من الغنم على قدره حتى يتولى المسلم ذبحها لأن الترك لا يذبحون وإنما يضرب الواحد منهم رأس الشاة حتى تموت.


وإذا أراد الرجل منهم الرحيل وقد قام عليه شيء من جماله ودوابه أو احتاج إلى مال ترك ما قد قام عند صديقه التركي وأخذ من جماله ودوابه وماله حاجته ورحل فإذا عاد من الوجه الذي يقصده قضاه ماله ورد إليه جماله ودوابه.


وكذلك لو اجتاز بالتركي إنسان لا يعرفه ثم قال: أنا ضيفك وأنا أريد من جمالك ودوابك ودراهمك دفع إليه ما يريد فإن مات التاجر في وجهه ذلك وعادت القافلة لقيهم التركي وقال أين ضيفي فإن قالوا: مات حط القافلة ثم جاء إلى أنبل تاجر يراه فيهم فحل متاعه وهو ينظر فأخذ من دراهمه مثل ماله عند ذلك التاجر بغير زيادة حبة وكذلك يأخذ من دوابه وجماله وقال: ذلك ابن عمك وأنت أحق من غرم عنه وإن فر فعل أيضاً ذلك الفعل وقال له ذلك مسلم مثلك خذ أنت منه وإن لم يوافق المسلم ضيفه في الجادة سأل عن بلاده: أين هو فإذا أرشد إليه سار في طلبه مسيرة أيام حتى يصير إليه ويرفع ماله عنده وكذلك ما يهديه له.


وهذه أيضاً سبيل التركي إذا دخل الجرجانية سأل عن ضيفه فنزل عليه حتى يرتحل ومتى مات التركي عند صديقه المسلم واجتازت القافلة وفيها صديقه قتلوه وقالوا: أنت قتلته بحبسك إياه ولو لم تحبسه لما مات وكذلك إن سقاه نبيذا فتردى من حائط قتلوه به فإن لم يكن في القافلة عمدوا إلى أجل من فيها فقتلوه.


وأمر اللواط عندهم عظيم جداً ولقد نزل على حي كوذركين وهو خليفة ملك الترك رجل من أهل خوارزم فأقام عند ضيف له مدة في ابتياع غنم وكان للتركي ابن أمرد فلم يزل الخوارزمي يداريه ويراوده عن نفسه حتى طاوعه على ما أراد وجاء التركي فوجدهما في بنيانهما فرفع التركي ذلك إلى كوذركي فقال له: اجمع الترك فجمعهم فلما اجتمعوا قال للتركي: بالحق تحب أن أحكم أم بالباطل قال: بالحق قال: أحضر ابنك فأحضره فقال: يجب عليه وعلى التاجر أن يقتلا جميعاً فامتعض التركي من ذلك وقال: لا أسلم ابني فقال: فيفتدي التاجر نفسه ففعل ودفع للتركي غنماً للفعل بابنه ودفع إلى كوذركين أربعمئة شاة لما رفع عنه وارتحل عن بلد الترك فأول من لقينا من ملوكهم ورؤسائهم ينال الصغير وقد كان أسلم فقيل له: إن أسلمت لم ترؤسنا فرجع عن إسلامه فلما وصلنا إلى الموضع الذي هو فيه قال: لا أترككم تجوزون لأن هذا شيء ما سمعنا به قط ولا ظننا أنه يكون فرفقنا به إلى أن رضي بخفتان جرجاني يساوي عشرة دراهم وشقة باي باف وأقراص خبز وكف زبيب ومئة جوزة فلما دفعنا هذا إليه سجد لنا وهذا رسمهم إذا أكرم الرجل الرجل سجد له وقال: لولا أن بيوتي نائية عن الطريق لحملت إليكم غنما وبرا وانصرف عنا وارتحلنا.


فلما كان من غد لقينا رجل واحد من الأتراك دميم الخلقة رث الثياب قميء المنظر خسيس المخبر وقد أخذنا مطر شديد فقال: قفوا فوقفت القافلة بأسرها وهي نحو ثلاثة آلاف دابة وخمسة آلاف رجل ثم قال: ليس يجوز منكم أحد فوقفنا طاعة لأمره فقلنا له: نحن أصدقاء كوذركين فأقبل يضحك ويقول: من كوذركين أنا أخرى على لحية كوذركين ثم قال: بكند يعني الخبز بلغة خوارزم فدفعت إليه أقراصاً فأخذها وقال مروا قد رحمتكم.


قال: وإذا مرض الرجل منهم وكان له جوارٍ وعبيد خدموه ولم يقربه أحد من أهل بيته ويضربون له خيمة ناحية من البيوت فلا يزال فيها إلى أن يموت أو يبرأ وإن كان عبداً أو فقيراً رموا به في الصحراء وارتحلوا عنه.


وإذا مات الرجل منهم حفروا له حفيرة كبيرة كهيئة البيت وعمدوا إليه فألبسوه قرطقة ومنطقته وقوسه وجعلوا في يده قدحاً من خشب فيه نبيذ وتركوا بين يديه إناء من خشب فيه نبيذ وجاءوا بكل ماله فجعلوه معه في ذلك البيت ثم أجلسوه فيه فسقفوا البيت عليه وجعلوا فوقه مثل القبة من الطين وعمدوا إلى دوابه على قدر كثرتها فقتلوا منها مئة رأس إلى مئتي رأس إلى رأس واحد وأكلوا لحومها إلا الرأس والقوائم والجلد والذنب فإنهم يصلبون ذلك على الخشب وقالوا: هذه دوابه يركبها إلى الجنة فإن كان قتل إنساناً وكان شجاعاً نحتوا صوراً من خشب على عدد من قتل وجعلوها على قبره وقالوا: هؤلاء غلمانه يخدمونه في الجنة.


وربما تغافلوا على قتل الدواب يوماً أو يومين فيحثهم شيخ من كبارهم فيقول: رأيت فلاناً يعني الميت في النوم فقال لي: هو ذا تراني وقد سبقني أصحابي وشققت رجلاي من أتباعي لهم ولست ألحقهم وقد بقيت وحدي فعندها يعمدون إلى دوابه فيقتلوها ويصلبونها عند قبره فإذا كان بعد يوم أو يومين جاءهم ذلك الشيخ وقال: قد رأيت فلاناً وقال: عرف أهلي وأصحابي أني قد لحقت من تقدمني واسترحت من التعب.


قال: والترك كلهم ينتفون لحاهم إلا أسبلتهم وربما رأيت الشيخ الهرم منهم وقد نتف لحيته وترك شيئاً منها تحت ذقنه وعليه البوستين فإذا رآه إنسان من بعد لم يشك أنه تيس.


وملك الترك الغزية يقال له يبغو وهو اسم الأمير وكل من ملك هذه القبيلة فبهذا الاسم يسمى ويقال لخليفته كوذركين وكذا كل من يخلف رئيساً منهم يقال له: كوذركين ثم نزلنا بعد ارتحالنا من ناحية هؤلاء بصاحب جيشهم ويقال له: أترك بن القطغان فضرب لنا قباباً تركية وأنزلنا فيها وإذا له ضبنة وحاشية وبيوت كبيرة وساق إلينا غنماً وقاد دواب لنذبح الغنم ونركب الدواب ودعا هو جماعة من أهل بيته وبني عمه فقتل لهم غنماً كثيرة وكنا قد أهدينا إليه هدية من ثياب وزبيب وجوز وفلفل وجاورس فرأيت امرأته وقد كانت امرأة أبيه وقد أخذت لحماً ولبناً وشيئاً مما أتحفناه به وخرجت من البيوت إلى الصحراء فحفرت حفيرة ودفنت الذي كان معها فيها وتكلمت بكلام فقلت للترجمان: ما تقول قال: تقول هذه هدية للقطغان أبي الترك أهداها له العرب فلما كان في الليل دخلت أنا والترجمان إليه وهو في قبته جالس ومعنا كتاب نذير الحرمي إليه يأمره فيه بالإسلام ويحضه عليه ووجه إليه خمسين ديناراً فيها عدة دنانير مسيبية وثلاثة مثاقيل مسك وجلود أديم وثياب مروية وقطعنا له منها قرطقين وخف أديم وثوب ديباج وخمسة أثواب حرير فدفعنا إليه هديته ودفعنا إلى امرأته مقنعة وخاتما.


وقرأت عليه الكتاب فقال للترجمان: لست أقول لكم شيئاً حتى ترجعوا وأكتب إلى السلطان بما أنا عازم عليه ونزع الديباجة التي كانت عليه ليلبس الخلع التي ذكرنا فرأيت القرطق الذي تحتها وقد تقطع وسخاً لأن رسومهم أن لا ينزع الواحد منهم الثوب الذي يلي جسده حتى ينتثر قطعاً وإذا هو قد نتف لحيته كلها وسباله فبقي كالخادم ورأيت الترك يذكرون أنه أفرسهم.


ولقد رأيت يوماً وهو يسايرنا على فرسه إذ مرت وزة طائرة فأوتر قوسه وحرك دابته تحتها ثم رماها فإذا هو قد أنزلها. فلما كان في بعض الأيام وجه خلف القواد الذين يلونه وهم: طرخان وينال وابن أخيهما وإيلغز وكان طرخان أنبلهم وأجلهم وكان أعرج أعمى أشل فقال لهم: إن هؤلاء رسل ملك العرب إلى صهري ألمش بن شلكي ولم يخير لي أن أطلقهم إلا عن مشورتكم فقال طرخان: هذا شيء ما رأيناه قط ولا سمعنا به ولا اجتاز بنا رسول سلطان مذ كنا نحن وآباؤنا وما أظن إلا أن السلطان قد أعمل الحيلة ووجه هؤلاء إلى الخزر ليستجيش بهم علينا والوجه أن يقطع هؤلاء الرسل نصفين نصفين ونأخذ ما معهم.


وقال آخر منهم: لا بل نأخذ ما معهم ونتركهم عراة يرجعون من حيث جاءوا وقال آخر: لا ولكن لنا عند ملك الخزر أسراء فنبعث بهؤلاء نفادي بهم أولئك فما زالوا يتراجعون بينهم هذه الأشياء سبعة أيام ونحن في حالة الموت حتى أجمع رأيهم على أن يخلوا سبيلنا ونمضي فخلعنا على طرخان خفتاناً مروياً وشقتين باي باف وعلى أصحابه كل واحد قرطقاً وكذلك على ينال ودفعنا إليهم فلفلاً وجاورس وأقراصاً من خبز وانصرفوا عنا.


ورحلنا حتى صرنا إلى نهر يغندي فأخرج الناس سفرهم وهي من جلود الجمال فبسطوها وأخذوا بالأثاث من الجمال التركية لأنها مدورة فجعلوها في جوفها حتى تمتد ثم حشوها بالثياب والمتاع فإذا امتلأت جلس في كل سفرة جماعة من خمسة وستة وأربعة وأقل وأكثر ويأخذون بأيديهم خشب الخدنك فيجعلونه كالمجاديف ولا يزالون يجدفون والماء يحملها وهي تدور حتى نعبر فأما الدواب والجمال فإنه يصاح بها فتعبر سباحة ولا بد أن تعبر جماعة من المقاتلة ومعهم السلاح قبل أن يعبر شيء من القافلة ليكونوا طليعة للناس خيفة من الباشغرد أن يكبسوا الناس وهم يعبرون.


فعبرنا يغندي على هذه الصفة التي ذكرنا ثم عبرنا بعد ذلك نهراً يقال له جام في السفر أيضاً ثم عبرنا جاخش ثم أذل ثم أردن ثم وارش ثم أختي ثم وتبا وهذه كلها أنهار كبار.


ثم صرنا بعد ذلك إلى البنجاك وإذا هم نزول على ماء شبيه بالبحر غير جار وإذا هم سمر شديدو السمرة وإذا هم محلقوا اللحى فقراء خلاف الغزية لأني رأيت من الغزية من يملك عشرة آلاف دابة ومئة ألف رأس من الغنم وأكثر ما ترعى من الغنم ما بين الثلج تبحث بأظلافها تطلب الحشيش فإذا لم تجده قضمت الثلج فسمنت غاية السمن فإذا كان الصيف وأكلت الحشيش هزلت فنزلنا على البجناك يوما واحداً ثم ارتحلنا فنزلنا على نهر جيخ وهو أكبر نهر رأيناه وأعظمه وأشده جرية ولقد رأيت سفرةً انقلبت فيه فغرق من كان فيها وذهبت رجال كثير من الناس وغرقت عدة جمال ودواب ولم نعبره إلا بجهد.


ثم سرنا أياماً وعبرنا نهر جاخا ثم بعده نهر أرخز ثم باجاغ ثم سمور ثم كنال ثم نهر سوخ ثم نهر كنجلو.


ووقفنا في بلد قوم من الأتراك يقال لهم الباشغرد فحذرناهم أشد الحذر وذلك أنهم شر الأتراك وأقذرهم وأشدهم إقداماً على القتل يلقى الرجل الرجل فيفرز هامته ويأخذها ويتركه وهم يحلقون لحاهم ويأكلون القمل يتتبع الواحد منهم درز قرطقة فيقرض القمل بأسنانه ولقد كان معنا منهم واحد قد أسلم وكان يخدمنا فرأيته وجد قملة في ثوبه فقصعها بظفره ثم لحسها وقال لما رآني: جيد.


وكل واحد منهم ينحت خشبة على قدر الإحليل ويعلقها عليه فإذا أراد سفراً أو لقاء عدو قبلها وسجد لها وقال: يا رب افعل بي كذا وكذا فقلت للترجمان: سل بعضهم ما حجتهم في هذا ولم جعله ربه قال: لأني خرجت من مثله فلست أعرف لنفسي خالقاً غيره.


ومنهم من يزعم أن له أثني عشر ربا: للشتاء رب وللصيف رب وللمطر رب وللريح رب وللشجر رب وللناس رب وللدواب رب وللماء رب ولليل رب وللنهار رب وللموت رب وللأرض رب والرب الذي في السماء أكبرهم إلا أنه يجتمع مع هؤلاء باتفاق ويرضى كل واحد منهم بما يعمل شريكه تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً ورأينا طائفة منهم تعبد الحيات وطائفة تعبد السمك وطائفة تعبد الكراكي فعرفوني أنهم كانوا يحاربون قوماً من أعدائهم فهزموهم وأن الكراكي صاحت وراءهم ففزعوا وانهزموا بعدها هزموا فعبدوا الكراكي لذلك وقالوا: هذه ربنا وهذه فعالاته هزم أعدائنا فهم يعبدونها لذلك.


قال: وسرنا من بلد هؤلاء فعبرنا نهر جرمشان ثم نهر أورن ثم نهر أورم ثم نهر بياناخ ثم نهر وتيغ ثم نهر نياسنه ثم نهر جاوشيز وبين النهر والنهر مما ذكرنا اليومان والثلاثة والأربعة وأقل من ذلك وأكثر.



الصقالبة


فلما كنا من ملك الصقالبة وهو الذي قصدنا له على مسيرة يوم وليلة وجه لاستقبالنا الملوك الأربعة الذين تحت يده وإخوته وأولاده فاستقبلونا ومعهم الخبز واللحم والجاوزس وساروا معنا فلما صرنا منه على فرسخين تلقانا هو بنفسه فلما رآنا نزل فخر ساجداً شكراً لله جل وعز وكان في كمه دراهم فنثرها علينا ونصب لنا قباباً فنزلناها.
وكان وصولنا إليه يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة عشر وثلاثمئة فكانت المسافة من الجرجانية إلى بلده سبعين يوماً فأقمنا يوم الأحد ويوم الأثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء في القباب التي ضربت لنا حتى جمع الملوك والقواد وأهل بلده ليسمعوا قراءة الكتاب فلما كان يوم الخميس واجتمعوا نشرنا المطردين اللذين كانا معنا وأسرجنا الدابة بالسرج الموجه إليه وألبسناه السواد وعممناه وأخرجت كتاب الخليفة وقلت له: لا يجوز أ نجلس والكتاب يقرأ فقام على قدميه هو ومن حضر من وجوه أهل مملكته وهو رجل بدين بطين جداً وبدأت فقرأت صدر الكتاب فلما بلغت منه سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو قلت: رد على أمير المؤمنين السلام فرد وردوا جميعاً بأسرهم ولم يزل الترجمان يترجم لنا حرفاً حرفاً فلما استتممنا قراءته كبروا تكبيرة ارتجت لها الأرض.
ثم قرأت كتاب الوزير حامد بن العباس وهو قائم ثم أمرته بالجلوس فجلس عند قراءة كتاب نذير الحرمي فلما استتممته نثر أصحابه عليه الدراهم الكثيرة ثم أخرجت الهدايا من الطيب والثياب واللؤلؤ له ولامرأته فلم أزل أعرض عليه وعليها شيئاً شيئاً حتى فرغنا من ذلك ثم خلعت على امرأته بحضرة الناس وكانت جالسة إلى جنبه وهذه سنتهم وزيهم فلما خلعت عليها نثر النساء عليها الدراهم وانصرفنا.
فلما كان بعد ساعة وجه إلينا فدخلنا إليه وهو في قبته والملوك عن يمينه وأمرنا أن نجلس عن يساره وإذا أولاده جلوس بين يديه وهو وحده على سرير مغشى بالديباج الرومي فدعا بالمائدة فقدمت وعليه اللحم المشوي وحده فابتدأ هو فأخذ سكيناً وقطع لقمة وأكلها وثانية وثالثة ثم احتز قطعة دفعها إلى سوسن الرسول فلما تناولها جاءته مائدة صغيرة فجعلت بين يديه وكذلك الرسم لا يمد أحد يده إلى الأكل حتى يناوله الملك لقمة فساعة يتناولها قد جاءته مائدة ثم ناولني فجاءتني مائدة ثم قطع قطعة وناولها الملك الذي عن يمينه فجاءته مائدة ثم ناول الملك الثاني فجاءته مائدة ثم ناول الملك الرابع فجاءته مائدة ثم ناول أولاده فجاءتهم الموائد وأكلنا كل واحد من مائدته لا يشركه فيها أحد ولا يتناول من مائدة غيره شيئا فإذا فرغ من الطعام حمل كل واحد منهم ما بقي على مائدته إلى منزله فلما أكلنا دعا بشراب العسل وهم يسمونه السجو ليومه وليلته فشرب قدحاً ثم قام قائماً فقال: هذا سروري بمولاي أمير المؤمنين أطال الله بقاءه وقام الملوك الأربعة وأولاده لقيامه وقمنا نحن أيضاً حتى إذا فعل ذلك ثلاث مرات ثم انصرفنا من عنده.
وقد كان يخطب له على منبره قبل قدومي: اللهم وأصلح الملك يلطوار ملك بلغار فقلت أنا له: إن الله هو الملك ولا يسمى على المنبر بهذا الاسم غيره جل وعز وهذا مولاك أمير المؤمنين قد رضي لنفسه أن يقال على منابره في الشرق والغرب: اللهم أصلح عبدك وخليفتك جعفر الإمام المقتدر بالله أمير المؤمنين وكذا من كان قبله من آبائه الخلفاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسسلم:" لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله "فقال لي: فكيف يجوز أن يخطب لي قلت: باسمك واسم أبيك قال: إن أبي كان كافراً ولا أحب أن أذكر اسمه على المنبر وأنا أيضا فما أحب أن يذكر اسمي إذ كان الذي سماني به كافراً ولكن ما اسم مولاي أمير المؤمنين فقلت: جعفر قال: فيجوز أن أتسمى باسمه قلت: نعم قال: قد جعلت اسمي جعفرا واسم أبي عبد الله فتقدم إلى الخطيب بذلك ففعلت فكان يخطب له: اللهم وأصلح عبدك جعفر بن عبد الله أمير بلغار مولى أمير المؤمنين
ولما كان بعد قراءة الكتاب وإيصال الهدايا بثلاثة أيام بعث إلي وقد كان بلغه أمر الأربعة آلاف دينار وما كان من حيلة النصراني في تأخيرها وكان خبرها في الكتاب فلما دخلت إليه أمرني بالجلوس فجلست ورمى إلي كتاب أمير المؤمنين فقال: من جاء بهذا الكتاب قلت: أنا ثم رمى إلي كتاب الوزير فقال: وهذا أيضا قلت: أنا قال: فالمال الذي ذكر فيهما ما فعل به قلت: تعذر جمعه وضاق الوقت وخشينا فوت الدخول فتركناه ليلحق بنا فقال: إنما جئتم بأجمعكم وأنفق عليكم مولاي ما أنفق لحمل هذا المال إلي حتى أبني به حصناً يمنعني من اليهود الذين قد استعبدوني فأما الهدية فغلامي قد كان يحسن أن يجيء بها قلت: هو كذلك إلا أنا قد اجتهدنا فقال للترجمان: قل له أنا لا أعرف هؤلاء إنما أعرفك أنت وذلك أن هؤلاء قوم عجم ولو علم الأستاذ أيده الله أنهم يبلغون ما تبلغ ما بعث بك حتى تحفظ علي وتقرأ كتابي وتسمع جوابي ولست أطالب غيرك بدرهم فاخرج من المال فهو أصلح لك فانصرفت من بين يديه مذعوراً مغموماً وكان رجلاً له منظر وهيبة بدين عريض كأنما يتكلم من خابية فخرجت من عنده وجمعت أصحابي وعرفتهم ما جرى بيني وبينه وقلت: لهم من هذا حذرت.
وكان مؤذنه يثني الإقامة إذا أذن فقلت له: إن مولاك أمير المؤمنين يفرد في داره الإقامة فقال للمؤذن: اقبل ما يقوله لك ولا تخالفه فأقام المؤذن على ذلك أياماً وهو يسألني عن المال ويناظرني فيه وأنا أويسه منه وأحتج فيه فلما يئس منه تقدم إلى المؤذن أن يثني الإقامة ففعل وأراد بذلك أن يجعله طريقا إلى مناظرتي فلما سمعت تثنيته للإقامة نهيته وصحت عليه فعرف الملك فأحضرني وأحضر أصحابي فلما اجتمعنا قال الترجمان: قل له يعنيني ما يقول في مؤذنين افرد أحدهما وثنى الآخر ثم صلى كل واحد منهما بقوم أتجوز الصلاة أم لا قلت: الصلاة جائزة فقال: باختلاف أم بإجماع قلت: بإجماع قال: قل له فما يقول في رجل دفع إلى قوم مالا لا قوام ضعفى محاصرين مستعبدين فخانوه فقلت: هذا لا يجوز وهؤلاء قوم سوء قال: باختلاف أم بإجماع قلت: بإجماع فقال للترجمان: قل له: تعلم أن الخليفة أطال الله بقاءه لو بعث إلي جيشاً كان يقدر علي قلت: لا قال: فأمير خراسان قلت: لا قال: أليس لبعد المسافة وكثرة من بيننا من قبائل الكفار قلت: بلى قال: قل له فوالله إني لبمكاني البعيد الذي تراني فيه وإني لخائف من مولاي أمير المؤمنين وذلك أني أخاف أن يبلغه عني شيء يكرهه فيدعو علي فأهلك بمكاني وهو في مملكته وبيني وبينه البلدان الشاسعة وأنتم تأكلون خبزه وتلبسون ثيابه وترونه في كل وقت خنتموه في مقدار رسالة بعثكم بها إلي إلى قوم ضعفى وخنتم المسلمين لا أقبل منكم أمر ديني حتى يجيئني من ينصح لي فيما يقول فإذا جاءني إنسان بهذه الصورة قبلت منه فألجمنا وما أحرنا جواباً وانصرفنا من عنده.
قال: فكان بعد هذا القول يؤثرني ويقربني ويباعد أصحابي ويسميني أبا بكر الصديق.
ورأيت في بلده من العجائب ما لا أحصيها كثرةً من ذلك: أن أول ليلة بتناها في بلده رأيت قبل مغيب الشمس بساعة قياسية أفق السماء وقد احمرت احمراراً شديداً وسمعت في الجو أصواتاً شديدة وهمهمة عالية فرفعت رأسي فإذا غيم أحمر مثل النار قريب مني وإذا تلك الهمهمة والأصوات منه وإذا فيه أمثال الناس والدواب وإذا في أيدي الأشباح التي فيه تشبه الناس رماح وسيوف أتبينها وأتخيلها وإذا قطعة أخرى مثلها أرى فيها أيضاً رجالاً ودواب وسلاحاً فأقبلت هذه القطعة تحمل على هذه كما تحمل الكتيبة على الكتيبة ففزعنا من ذلك وأقبلنا على التضرع والدعاء وهم يضحكون منا ويتعجبون من فعلنا.
قال: وكنا ننظر إلى القطعة تحمل على القطعة فتختلطان جميعاً ساعة ثم تفترقان فما زال الأمر كذلك ساعة من الليل ثم غابتا فسألنا الملك عن ذلك فزعم أن أجداده كانوا يقولون: إن هؤلاء من مؤمني الجن وكفارهم وهم يقتتلون في كل عشية وأنهم ما عدموا هذا مذ كانوا في كل ليلة.
قال: ودخلت أنا وخياط كان للملك من أهل بغداد قد وقع إلى تلك الناحية قبتي لنتحدث فتحدثنا بمقدار ما يقرأ إنسان أقل من نصف سبع ونحن ننتظر أذان العتمة فإذا بالأذان فخرجنا من القبة وقد طلع الفجر فقلت للمؤذن :أي شيء أذنت قال: أذان الفجر قلت: فالعشاء الآخرة قال: نصليها مع المغرب قلت: فالليل قال: كما ترى وقد كان أقصر من هذا إلا أنه قد أخذ في الطول وذكر أنه منذ شهر ما نام خوفا أن تفوته صلاة الغداة وذلك أن الإنسان يجعل القدر على النار وقت المغرب ثم يصلي الغداة وما آن لها أن تنضج.
قال: ورأيت النهار عندهم طويلاً جداً وإذا أنه يطول عندهم مدة من السنة ويقصر الليل ثم يطول الليل ويقصر النهار فلما كانت الليلة الثانية جلست خارج القبة وراقبت السماء فلم أر من الكواكب إلا عدداً يسيراً ظننت أنه نحو الخمسة عشر كوكباً متفرقة وإذا الشفق الأحمر الذي قبل المغرب لا يغيب بتةً وإذا الليل قليل الظلمة يعرف الرجل الرجل فيه من أكثر من غلوة سهم.
قال: ورأيت القمر لا يتوسط السماء بل يطلع في أرجائها ساعة ثم يطلع الفجر فيغيب القمر وحدثني الملك أن وراء بلده بمسيرة ثلاثة أشهر قوم يقال لهم ويسو الليل عندهم أقل من ساعة قال: ورأيت البلد عند طلوع الشمس يحمره كل شيء فيه من الأرض والجبال وكل شيء ينظر الإنسان إليه حين تطلع الشمس كأنها غمامة كبرى فلا تزال الحمرة كذلك حتى تتكبد السماء وعرفني أهل البلد أنه إذا كان الشتاء عاد الليل في طول النهار وعاد النهار في قصر الليل حتى إن الرجل منا ليخرج إلى موضع يقال له إتل بيننا وبينه أقل من مسيرة فرسخ وقت طلوع الفجر فلا يبلغه إلى العتمة إلى وقت طلوع الكواكب كلها حتى تطبق السماء فما برحنا من البلد حتى امتد الليل وقصر النهار.
ورأيتهم يتبركون بعواء الكلاب جداً ويفرحون به ويقولون: سنة خصب وبركة وسلامة.
ورأيت الحيات عندهم كثيرة حتى إن الغصن من الشجرة لتلتف عليه العشرة منها والأكثر ولا يقتلونها ولا تؤذيهم حتى لقد رأيت في بعض المواضع شجرة طويلة يكون طولها أكثر من مئة ذراع وقد سقطت وإذا بدنها عظيم جداً فوقفت أنظر إليه إذ تحرك فراعني ذلك وتأملته فإذا عليه حية قريبة منه في الغلظ والطول فلما رأتني سقطت عنه وغابت بين الشجر فجئت فزعاً فحدثت الملك ومن كان في مجلسه فلم يكترثوا لذلك وقال: لا تجزع فليس تؤذيك ونزلنا مع الملك منزلاً فدخلت أنا وأصحابي تكين وسوسن وبارس ومعنا رجل من أصحاب الملك بين الشجر فرأينا عوداً صغيراً أخضر كرقة المغزل وأطول فيه عرق أخضر على رأس العرق ورقة عريضة مبسوطة على الأرض مفروش عليها مثل النابت فيها حب ولا يشك من يأكله أنه رمان أمليسي فأكلنا منه فإذا به من اللذة أمر عظيم فما زلنا نتبعه ونأكله.
ورأيت لهم تفاحاً أخضر شديد الخضرة وأشد حموضةً من خل الخمر وتأكله الجواري فيسمن عليه ولم أر في بلدهم أكثر من شجر البندق لقد رأيت منه غياضاً تكون الغيضة أربعين فرسخاً في مثلها ورأيت لهم شجراً لا أدري ما هو مفرط الطول وساقه أجرد من الورق ورؤوسه كرؤوس النخل له خوص دقاق إلا أنه مجتمع يجيئون إلى موضع يعرفونه من ساقه فيثقبونه ويجعلون تحته إناء فتجري إليه من ذلك الثقب ماء أطيب من العسل إن أكثر الإنسان منه أسكره كما يسكر الخمر.
وأكثر أكلهم الجاورس ولحم الدابة على أن الحنطة والشعير كثير وكل من زرع شيئاً أخذه لنفسه ليس للملك فيه حق غير أنهم يؤدون إليه في كل سنة من كل بيت جلد سمور وإذا أمر سرية بالغارة على بعض البلدان فغنمت كان له معهم حصة ولا بد لكل من يعترس أو يدعو دعوة من زله للملك على قدر الوليمة وساخرخ من نبيذ العسل وحنطة ردية لأن أرضهم سوداء منتنة.
وليس لهم مواضع يجمعون فيها طعامهم ولكنهم يحفرون في الأرض آباراً ويجعلون الطعام فيها فليس يمضي عليه إلا أيام يسيرة حتى يتغير ويريح فلا ينتفع به وليس لهم زيت ولا شيرج ولا دهن بتةً وإنما يقيمون مقام هذه الأدهان دهن السمك فكل شيء يستعملونه فيه يكون زفراً ويعملون من الشعير حساء يحسونه الجواري والغلمان وربما طبخوا الشعير باللحم فأكل الموالي اللحم وأطعموا الجواري الشعير إلا أن يكون رأس تيس فيطعم من اللحم.
وكلهم يلبسون القلانس فإذا ركب الملك ركب وحده بغير غلام ولا أحد يكون معه فإذا اجتاز في السوق لم يبق أحد إلا قام وأخذ قلنسوته عن رأسه فجعلها تحت إبطه فإذا جاوزهم ردوا قلانسهم إلى رؤوسهم وكذلك كل من يدخل إلى الملك من صغير وكبير حتى أولاده وإخوته ساعة ينظرون إليه قد أخذوا قلانسهم فجعلوها تحت آباطهم ثم أوموا إليه برؤوسهم وجلسوا ثم قاموا حتى يأمرهم بالجلوس وكل من يجلس بين يديه فإنما يجلس باركا ولا يخرج قلنسوته ولا يظهرها حتى يخرج من بين يديه فيلبسها عند ذلك.
وكلهم في قباب إلا أن قبة الملك كبيرة جداً تسع ألف نفس وأكثر مفروشة بالفرش الأرمني وله في وسطها سرير مغشى بالديباج الرومي.
ومن رسومهم أنه إذا ولد لابن الرجل مولود أخذه جده دون أبيه وقال: أنا أحق به من أبيه في حضنه حتى يصير رجلاً وإذا مات منهم الرجل ورثه أخوه دون ولده فعرفت الملك أن هذا غير جائز وعرفته كيف المواريث حتى فهمها.
وما رأيت أكثر من الصواعق في بلدهم وإذا وقعت الصاعقة على بيت لم يقربوه ويتركونه على حالته وجميع من فيه من رجل ومال وغير ذلك حتى يتلفه الزمان ويقولون: هذا بيت مغضوب عليهم.
وإذا قتل الرجل منهم الرجل عمداً أقادوه به وإذا قتله خطأً صنعوا له صندوقاً من خشب الخدنك وجعلوه في جوفه وسمروه عليه وجعلوا معه ثلاثة أرغفة وكوز ماء ونصبوا له ثلاث خشبات مثل الشبائح وعلقوه بينها وقالوا: نجعله بين السماء والأرض يصيبه المطر والشمس لعل الله أن يرحمه فلا يزال معلقا حتى يبليه الزمان وتهب به الرياح.
وإذا رأوا إنساناً له حركة ومعرفة بالأشياء قالوا: هذا حقه أن يخدم ربنا فأخذوه وجعلوا في عنقه حبلاً وعلقوه في شجرة حتى يتقع.
ولقد حدثني ترجمان الملك أن سندياً سقط إلى ذلك البلد فأقام عند الملك برهة من الزمان يخدمه وكان خفيفاً فهماً فأراد جماعة منهم الخروج معهم فنهاه عن ذلك فاستأذن السندي الملك في الخروج معهم فنهاه عن ذلك وألح عليه حتى أذن له فخرج معهم في سفينة فرأوه حركاً كيساً فتآمروا بينهم وقالوا هذا يصلح لخدمة ربنا فنوجه به إليه واجتازوا في طريقهم بغيضة فأخرجوه إليها و جعلوا في عنقه حبلاً وشدوه في رأس شجرة عالية وتركوه ومضوا.
وإذا كانوا يسيرون في طريق فأراد أحدهم البول فبال وعليه سلاحه انتهبوه وأخذوا سلاحه وثيابه وجميع ما معه وهذا رسم لهم ومن خط عنه سلاحه وجعله ناحية وبال لم يعرضوا له وينزل الرجال والنساء إلى النهر فيغتسلون جميعاً عراة لا يستتر بعضهم من بعض ولا يزنون بوجه ولا سبب ومن زنا منهم كائناً من كان ضربوا له أربع سكك وشدوا يديه ورجليه إليها وقطعوا بالفأس من رقبته إلى فخذيه وكذلك يفعلون بالمرأة أيضاً ثم يعلق كل قطعة منه ومنها على شجرة وما زلت اجتهد أن يستتر النساء من الرجال في السباحة فما استوى لي ذلك ويقتلون السارق كما يقتلون الزاني وفي غياضهم عسل كثير في مساكن النحل يعرفونها فيخرجون لطلب ذلك فربما وقع عليهم قوما من أعدائهم فقتلوهم وفيهم تجار كثير يخرجون إلى أرض الترك فيجلبون الغنم وإلى بلد يقال له ويسو فيجلبون السمور والثعلب الأسود.
ورأينا فيهم أهل بيت يكونون خمسة الآف نفس من امرأة ورجل قد أسلموا كلهم يعرفون بالبرنجار وقد بنوا لهم مسجداً من خشب يصلون فيه ولا يعرفون القراءة فعلمت جماعة ما يصلون به.
ولقد اسلم على يدي رجل يقال له طالوت فأسميته عبد الله فقال: أريد أن تسميني باسمك محمداً ففعلت وأسلمت امرأته وأمه وأولاده فسموا كلهم محمداً وعلمته الحمد لله و قل هو الله أحد فكان فرحه بهاتين السورتين أكثر من فرحه إن صار ملك الصقالبة.
وكنا لما وافينا الملك وجدناه نازلاً على ماء يقال له خلجة وهي ثلاث بحيرات منها اثنتان كبيرتان وواحدة صغيرة إلا أنه ليس في جميعها شيء يلحق غوره وبين هذا الموضع وبين نهر لهم عظيم يصب إلى بلاد الخزر يقال له نهر إتل نحو الفرسخ وعلى هذا النهر موضع سوق تقوم في كل مديدة ويباع فيها المتاع الكثير النفيس.
وكان تكين حدثني أن في بلد الملك رجلاً عظيم الخلق جداً فلما صرت إلى البلد سألت الملك عنه فقال: نعم قد كان في بلدنا ومات ولم يكن من أهل البلد ولا من الناس أيضاً وكان من خبره أن قوماً من التجار خرجوا إلى نهر إتل وهو نهر بيننا وبينه يوم واحد كما يخرجون وهذا النهر قد مد وطغى ماؤه فلم أشعر يوماً إلا وقد وافاني جماعة من التجار فقالوا: أيها الملك قد قفا على الماء رجل إن كان من أمة تقرب منا فلا مقام لنا في هذه الديار وليس لنا غير التحويل.
فركبت معهم حتى صرت إلى النهر فإذا أنا بالرجل وإذا هو بذراعي اثنا عشر ذراعاً وإذا له رأس كأكبر ما يكون من القدور وأنف أكثر من شبر وعينان عظيمتان وأصابع تكون أكثر من شبر شبر فراعني أمره وداخلني ما داخل القوم من الفزع وأقبلنا نكلمه ولا يكلمنا بل ينظر إلينا فحملته إلى مكاني وكتبت إلى أهل ويسو وهم منا على ثلاثة أشهر أسألهم عنه فكتبوا إلي يعرفونني أن هذا الرجل من يأجوج ومأجوج وهم منا على ثلاثة أشهر عراة يحول بيننا وبينهم البحر لأنهم على شطه وهم مثل البهائم ينكح بعضهم بعضاً يخرج الله عز وجل لهم كل يوم سمكة من البحر فيجيء الواحد منهم ومعه المدية فيجز منها قدر ما يكفيه ويكفي عياله فإن أخذ فوق ما يقنعه اشتكى بطنه وكذلك عياله يشتكون بطونهم وربما مات وماتوا بأسرهم فإذا أخذوا منها حاجتهم انقلبت ووقعت في البحر فهم في كل يوم على ذلك.
وبيننا وبينهم البحر من جانب والجبال محيطة بهم من جوانب أخر والسد أيضاً قد حال بينهم وبين الباب الذي كانوا يخرجون منه فإذا أراد الله عز وجل أن يخرجهم إلى العمارات سبب لهم فتح السد ونضب البحر وانقطع عنهم السمك.
قال: فسألته عن الرجل فقال: أقام عندي مدة فلم يكن ينظر إليه صبي إلا مات ولا حامل إلا طرحت حملها وكان إن تمكن من إنسان عصره بيديه حتى يقتله فلما رأيت ذلك علقته في شجرة عالية حتى مات إن أردت أن تنظر إلى عظامه ورأسه مضيت معك حتى تنظر إليها فقلت: أنا والله أحب ذاك فركب معي إلى غيضة كبيرة فيها شجرُ عظام فتقدمني إلى شجرة سقطت عظامه ورأسه تحتها فرأيت رأسه مثل القفير الكبير وإذا أضلاعه أكبر من عراجين النخل وكذلك عظام ساقيه وذراعيه فتعجبت منه وأنصرفت.
قال: وارتحل الملك من الماء الذي يسمى خلجة إلى نهر يقال له جاوشيز فأقام به شهرين ثم أراد الرحيل فبعث إلى قوم يقال لهم سواز يأمرهم بالرحيل معه فأبوا عليه وافترقوا فرقتين فرقة مع ختنه وكان قد تملك عليهم واسمه ويرغ فبعث إليهم الملك وقال: إن الله عز وجل قد من علي بالإسلام وبدولة أمير المؤمنين فأنا عبده وهذه الأمة قد قلدتني فمن خالفني لقيته بالسيف وكانت الفرقة الأخرى مع ملك من قبيلة يعرف بملك اسكل وكان في طاعته إلا أنه لم يكن داخلاً في الإسلام فلما وجه إليهم هذه الرسالة خافوا ناحيته فرحلوا بأجمعهم معه إلى نهر جاوشيز وهو نهر قليل العرض يكون عرضه خمسة أذرع وماؤه إلى السرة وفيه مواضع إلى الترقوة وأكثره قامة وحوله شجر كثير من الشجر الخدنك وغيره وبالقرب منه صحراء واسعة يذكرون أن بها حيواناً دون الجمل في الكبر وفوق الثور رأسه رأس جمل وذنبه ذنب ثور وبدنه بدن بغل وحوافره مثل أظلاف الثور له في وسط رأسه قرن واحد غليظ مستدير كلما أرتفع دق حتى يصير مثل سنان الرمح فمنه ما يكون طوله خمسة أذرع إلى ثلاثة أذرع إلى أكثر وأقل يرتعي ورق الشجر جيد الخضرة إذا رأى الفارس قصده فإن كان تحته جواد أمن منه بجهد وإن لحقه أخذه من ظهر دابته بقرنه ثم زج به في الهواء واستقبله بقرنه فلا يزال كذلك حتى يقتله.
ولا يعرض للدابة بوجه ولا سبب وهم يطلبونه في الصحراء والغياض حتى يقتلوه وذلك أنهم يصعدون الشجر العالية التي يكون بينها ويجتمع لذلك عدة من الرماة بالسهام المسمومة فإذا توسطهم رموه حتى يثخنوه ويقتلوه.
ولقد رأيت عند الملك ثلاث طيفوريات كبار تشبه الجزع اليماني عرفني أنها معمولة من أصل قرن هذا الحيوان وذكر بعض أهل البلد أنه الكركدن.
قال: وما رأيت منهم إنساناً يحمر بل أكثرهم معلول وربما يموت أكثرهم بالقولنج حتى إنه ليكون بالطفل الرضيع منهم وإذا مات المسلم عندهم أو زوج المرأة الخوارزميه غسلوه غسل المسلمين ثم حملوه على عجلة تجره وبين يديه مطرد حتى يصيروا به إلى المكان الذي يدفنونه فيه فإذا صار إليه أخذوه عن العجلة وجعلوه على الأرض ثم خطوا حوله خطاً ونحوه ثم حفروا داخل ذلك الخط قبره وجعلوا له لحداً ودفنوه وكذلك يفعلون بموتاهم.
ولا تبكي النساء على الميت بل الرجال منهم يبكون عليه يجيئون في اليوم الذي مات فيقفون على باب قبته فيضجون بأقبح بكاء يكون وأوحشه.
هؤلاء للأحرار فإذا انقضى بكاؤهم وافى العبيد ومعهم جلود مضفورة فلا يزالون يبكون ويضربون جنوبهم وما ظهر من أبدانهم بتلك السيور حتى تصير في أجسادهم مثل ضرب السوط ولا بد من أن ينصبوا بباب قبته مطرداً ويحضروا سلاحه فيجعلونها حول قبره ولا يقطعون البكاء سنتين.
فإذا انقضت السنتان حطوا المطرد وأخذوا من شعورهم ودعا أقرباء الميت دعوة يعرف بها خروجهم من الحزن وإن كانت له زوجة تزوجت هذا إذا كان من الرؤساء فأما العامة فيفعلون بعض هذا بموتاهم.
وعلى ملك الصقالبة ضريبة يؤديها إلى ملك الخزر من كل بيت في مملكته جلد سمور وإذا قدمت السفينة من بلد الخزر إلى بلد الصقالبة ركب الملك فأحصى ما فيها وأخذ من جميع العشر وإذا قدم الروس أو غيرهم من سائر الأجناس برقيق فللملك أن يختار من كل عشرة أرؤس رأساً.
وابن ملك الصقالبة رهينة عند ملك الخزر وقد كان اتصل بملك الخزر عن ابنة ملك الصقالبة جمال فوجه يخطبها فاحتج عليه ورده فبعث وأخذها غصباً وهو يهودي وهي مسلمة فماتت عنده فوجه يطلب بنتاً له أخرى فساعة اتصل ذلك بملك الصقالبة بادر فزوجها لملك اسكل وهو من تحت يده خيفة أن يغتصبه إياها كما فعل بأختها وإنما دعا ملك الصقالبة أن يكاتب السلطان ويسأله أن يبني له حصناً خوفاً من ملك الخزر.
قال: وسألته يوما فقلت له: مملكتك واسعة وأموالك جمة وخراجك كثير فلم سألت السلطان أن يبني حصناً بمال من عنده لا مقدار له فقال رأيت دولة الإسلام مقبلة وأموالهم يؤخذ من حلها فالتمست ذلك لهذه العلة ولو أني أردت أن أبني حصناً من أموالي من فضة أو ذهب لما تعذر ذلك علي وإنما تبركت بمال أمير المؤمنين فسألته ذلك.

الروسية


قال: ورأيت الروسية وقد وافوا في تجارتهم ونزلوا على نهر إتل فلم أر أتم أبداناً منهم كأنهم النخل شقرُ حمر لا يلبسون القراطق ولا الخفاتين ولكن يلبس الرجل منهم كساء يشتمل به على أحد شقيه ويخرج إحدى يديه منه ومع كل واحد منهم فأس وسيف وسكين لا يفارقه جميع ما ذكرنا.
وسيوفهم صفائح مشطبة أفرنجية ومن حد ظفر الواحد منهم إلى عنقه مخضر شجر وصور وغير ذلك.
وكل امرأة منهم فعلى ثديها حقة مشدودة إما من حديد وإما من فضة وإما من نحاس وإما من ذهب على قدر مال زوجها ومقداره وفي كل حقة حلقة فيها سكين مشدودة على الثدي أيضاً وفي أعناقهن أطواق من ذهب وفضة لأن الرجل إذا ملك عشرة آلاف درهم صاغ لامرأته طوقاً وإن ملك عشرين ألفاً صاغ لها طوقين وكذلك كل عشرة آلاف يزداد طوقاً لامرأته فربما كان في عنق الواحدة منهن الأطواق الكثيرة.
وأجل الحلي عندهم الخزر الأخضر من الخزف الذي يكون على السفن يبالغون فيه ويشترون الخرزة بدرهم وينظمونه عقودا لنسائهم.
وهم أقذر خلق الله لا يستنجون من غائط ولا بول ولا يغتسلون من جنابة ولا يغسلون أيديهم من الطعام بل هم كالحمير الضالة يجيئون من بلدهم فيرسون سفنهم بإتل وهو نهر كبير ويبنون على شطه بيوتاً كباراً من الخشب.
ويجتمع في البيت الواحد العشرة والعشرون والأقل والأكثر ولكل واحد سرير يجلس عليه ومعهم الجواري الروقة للتجار فينكح الواحد جاريته ورفيقه ينظر إليه وربما اجتمعت الجماعة منهم على هذه الحال بعضهم بحذاء بعض وربما يدخل التاجر عليهم ليشتري من بعضهم جارية فيصادفه ينكحها فلا يزول عنها حتى يفضي أربه.

ولا بد لهم في كل يوم من غسل وجوههم ورؤوسهم بأقذر ماء يكون وأطفسه وذلك أن الجارية توافي كل يوم بالغداة ومعها قصعة كبيرة فيها ماء فتدفعها إلى مولاها فيغسل فيها يديه ووجهه وشعر رأسه فيغسله ويسرحه بالمشط في القصعة ثم يمتخط ويبصق فيها ولا يدع شيئاً من القذر إلا فعله في ذلك الماء فإذا فرغ مما يحتاج إليه حملت الجارية القصعة إلى الذي إلى جانبه ففعل مثل فعل صاحبه ولا تزال ترفعها من واحد إلى واحد حتى تديرها على جميع من في البيت وكل واحد منهم يمتخط ويبصق فيها ويغسل وجهه وشعره فيها.
وساعة توافي سفنهم إلى هذا المرسى يخرج كل واحد منهم ومعه خبز ولحم وبصل ولبن ونبيذ حتى يوافي خشبة طويلة منصوبة لها وجه يشبه وجه الإنسان وحولها صور صغار وخلف تلك الصور خشب طوال قد نصبت في الأرض فيوافي إلى الصورة الكبيرة ويسجد لها ثم يقول لها: يا رب قد جئت من بلد بعيد ومعي من الجواري كذا وكذا رأساً ومن السمور كذا وكذا جلداً حتى يذكر جميع ما قدم معه من تجارته ثم يقول: وجئتك بهذه الهدية ثم يترك الذي معه بين يدي الخشبة ويقول: أريد أن ترزقني تاجراً معه دنانير ودراهم كثيرة فيشتري مني كل ما أريد ولا يخالفني فيما أقول ثم ينصرف.
فإن تعسر عليه بيعه وطالت أيامه عاد بهدية ثانية وثالثة فإن تعذر ما يريد حمل إلى كل صورة من تلك الصور الصغار هدية وسألها الشفاعة وقال: هؤلاء نساء ربنا وبناته وبنوه فلا يزال يطلب إلى صورة صورة يسألها ويستشفع بها ويتضرع بين يديها فربما تسهل له البيع فباع فيقول: قد قضى ربي حاجتي وأحتاج أن أكافيه فيعمد ما أريد ولا يخالفني فيما أقول ثم ينصرف إلى عدة من الغنم أو البقر فيقتلها ويتصدق ببعض اللحم ويحمل الباقي فيطرحه بين يدي تلك الخشبة الكبيرة والصغار التي حولها ويعلق رؤوس البقر أو الغنم على ذلك الخشب المنصوب في الأرض فإذا كان الليل وافت الكلاب فأكلت جميع ذلك فيقول: الذي فعله قد رضي ربي عني وأكل هديتي.
وإذا مرض منهم الواحد ضربوا له خيمة ناحية عنهم وطرحوه فيها وجعلوا معه شيئاً من الخبز والماء ولا يقربونه ولا يكلمونه بل لا يتعاهدونه في كل أيام مرضه لا سيما إن كان ضعيفاً أو مملوكاً فإن برئ وقام رجع إليهم وإن مات أحرقوه فإن كان مملوكاً تركوه على حاله تأكله الكلاب وجوارح الطير.
وإذا أصابوا سارقاً أو لصاً جاءوا به إلى شجرة غليظة وشدوا في عنقه حبلاً وثيقاً وعلقوه فيها ويبقى معلقاً حتى يتقطع من المكث بالرياح والأمطار.
وكان يقال لي إنهم يفعلون برؤسائهم عند الموت أموراً أقلها الحرق فكنت أحب أن أقف على ذلك حتى بلغني موت رجل منهم جليل فجعلوه في قبره وسقفوا عليه عشرة أيام حتى فرغوا من قطع ثيابه وخياطتها.
وذلك أن الرجل الفقير منهم يعملون له سفينة صغيرة ويجعلونه فيها ويحرقونها والغني يجمعون ماله ويجعلونه ثلاثة أثلاث: فثلث لأهله وثلث يقطعون له به ثياباً وثلث ينبذون به نبيذاً يشربونه يوم تقتل جاريته نفسها وتحرق مع مولاها.
وهم مستهترون بالنبيذ يشربونه ليلاً ونهاراً وربما مات الواحد منهم والقدح في يده وإذا مات الرئيس منهم قال أهله لجواريه وغلمانه: من منكم يموت معه فيقول بعضهم: أنا فإذا قال ذلك فقد وجب عليه لا يستوي له أن يرجع أبدا ولو أراد ذلك ما ترك وأكثر من يفعل هذا الجواري.
فلما مات ذلك الرجل الذي قدمت ذكره قالوا لجواريه: من يموت معه فقالت إحداهن: أنا فوكلوا بها جاريتين تحفظانها وتكونان معها حيث سلكت حتى إنها ربما غسلتا رجليها بأيديهما وأخذوا في شأنه وقطع الثياب له وإصلاح ما يحتاج إليه والجارية في كل يوم تشرب وتغني فرحة مستبشرة.
فلما كان اليوم الذي يحرق فيه هو والجارية حضرت إلى النهر الذي فيه سفينته فإذا هي قد أخرجت وجعل لها أربعة أركان من خشب الخدنك وغيره وجعل أيضاً حولها مثل الأنابير الكبار من الخشب ثم مدت حتى جعلت على ذلك الخشب وأقبلوا يذهبون ويجيئون ويتكلمون بكلام لا أفهم وهو بعد في قبره لم يخرجوه ثم جاءوا بسرير فجعلوه على السفينة وغشوه بالمضربات الديباج الرومي والمساند الديباج الرومي ثم جاءت امرأة عجوز يقولون لها ملك الموت ففرشت على السرير الفرش التي ذكرنا وهي وليت خياطته وإصلاحه وهي تقتل الجواري ورأيتها جوان بيرة ضخمة مكفهرة.
فلما وافوا قبره نحوا التراب عن الخشب ونحوا الخشب واستخرجوه في الإزار الذي مات فيه فرأيته قد اسود لبرد البلد وقد كانوا جعلوا معه في قبره نبيذاً وفاكهة وطنبوراً فأخرجوا جميع ذلك فإذا هو لم ينتن ولم يتغير منه شيء غير لونه.
فألبسوه سراويل ورانا وخفاً وقرطقاً وخفتان ديباج له أزرار ذهب وجعلوا على رأسه قلنسوة ديباج سمورية وحملوه حتى أدخلوه القبة التي على السفينة وأجلسوه على المضربة وأسندوه بالمساند وجاءوا بالنبيذ والفاكهة والريحان فجعلوه معه.
وجاءوا بخبز ولحم وبصل فطرحوه بين يديه وجاءوا ب*** فقطعوه نصفين وألقوه في السفينة ثم جاءوا بجميع سلاحه فجعلوه إلى جانبه ثم أخذوا دابتين فأجروهما حتى عرقتا ثم قطعوهما بالسيف وألقوا لحمهما في السفينة.
ثم جاءوا ببقرتين فقطعوهما أيضا وألقوهما فيها ثم أحضروا ديكاً ودجاجة فقتلوهما وطرحوهما فيها.
والجارية التي تريد أن تقتل ذاهبة وجائية تدخل قبةً قبةً من قبابهم فيجامعها صاحب القبة ويقول لها: قولي لمولاك إنما فعلت هذا من محبتك.
فلما كان وقت العصر من يوم الجمعة جاءوا بالجارية إلى شيء قد عملوه مثل ملبن الباب فوضعت رجليها على أكف الرجال وأشرفت على ذلك الملبن وتكلمت بكلام لها فأنزلوها ثم أصعدوها ثانية ففعلت كفعلها في المرة الأولى ثم أنزلوها وأصعدوها ثالثة ففعلت فعلها في المرتين ثم دفعوا إليها دجاجة فقطعت رأسها ورمت به وأخذوا الدجاجة فألقوها في السفينة.
فسألت الترجمان عن فعلها فقال: قالت في أول مرة أصعدوها: هو ذا أرى أبي وأمي وقالت في الثانية: هو ذا أرى جميع قرابتي الموتى قعوداً وقالت في المرة الثالثة: هو ذا أرى مولاي قاعداً في الجنة والجنة حسنة خضراء ومعه الرجال والغلمان وهو يدعوني فاذهبوا بي إليه.
فمروا بها نحو السفينة فنزعت سوارين كانا عليها ودفعتهما إلى المرأة التي تسمى ملك الموت وهي التي تقتلها ونزعت خلخالين كانا عليها ودفعتهما إلى الجاريتين اللتين كانتا تخدمانها وهما ابنتا المرأة المعروفة بملك الموت.
ثم أصعدوها إلى السفينة ولم يدخلوها إلى القبة وجاء الرجال ومعهم التراس والخشب ودفعوا إليها قدحاً نبيذاً فغنت عليه وشربته فقال لي الترجمان: إنها تودع صواحباتها بذلك ثم دفع إليها قدح آخر فأخذته وطولت الغناء والعجوز تستحثها على شربه والدخول إلى القبة التي فيها مولاها فرأيتها وقد تبلدت وأرادت دخول القبة فأدخلت رأسها بينها وبين السفينة فأخذت العجوز رأسها وأدخلتها القبة ودخلت معها.
وأخذ الرجال يضربون بالخشب على التراس لئلا يسمع صوت صياحها فيجزع غيرها من الجواري ولا يطلبن الموت مع مواليهن ثم دخل إلى القبة ستة رجال فجامعوا بأسرهم الجارية ثم أضجعوها إلى جانب مولاها وأمسك اثنان رجليها واثنان يديها وجعلت العجوز التي تسمى ملك الموت في عنقها حبلاً مخالفاً ودفعته إلى اثنين ليجذباه وأقبلت ومعها خنجر عريض النصل فأقبلت تدخله بين أضلاعها موضعاً موضعاً وتخرجه والرجلان يخنقانها بالحبل حتى ماتت.
ثم وافى أقرب الناس إلى ذلك الميت فأخذ خشبة وأشعلها بالنار ثم مشى القهقرى نحو قفاه إلى السفينة ووجهه إلى الناس والخشبة المشعلة في يده الواحدة ويده الأخرى على باب استه وهو عريان حتى أحرق الخشب المعبأ الذي تحت السفينة من بعدما وضعوا الجارية التي قتلوها في جنب مولاها.
ثم وافى الناس بالخشب والحطب ومع كل واحد خشبة قد ألهب رأسها فيلقيها في ذلك الخشب فتأخذ النار في الحطب ثم في السفينة ثم في القبة والرجل والجارية وجميع ما فيها ثم هبت ريح عظيمة هائلة فاشتد لهب النار واضطرم تسعرها وكان إلى جانبي رجل من الروسية فسمعته يكلم الترجمان الذي معي فسألته عما قال له فقال: إنه يقول: أنتم يا معاشر العرب حمقى.
فقلت: لم ذلك قال: إنكم تعمدون إلى أحب الناس إليكم وأكرمهم عليكم فتطرحونه في التراب وتأكله التراب والهوام والدود ونحن نحرقه بالنار في لحظة فيدخل الجنة من وقته وساعته.
ثم ضحك ضحكاً مفرطاً فسألت عن ذلك فقال: من محبة ربه له قد بعث الريح حتى تأخذه في ساعة فما مضت على الحقيقة ساعة حتى صارت السفينة والحطب والجارية والمولى رماداً مدداً
ثم بنوا على موضع السفينة وكانوا قد أخرجوها من النهر شبيها بالتل المدور ونصبوا في وسطه خشبة كبيرة خدنك وكتبوا عليها اسم الرجل واسم ملك الروس وانصرفوا.
قال: ومن رسم ملك الروس أن يكون معه في قصره أربعمئة رجل من صناديد أصحابه وأهل الثقة عنده فهم يموتون بموته ويقتلون دونه ومع كل واحد منهم جارية تخدمه وتغسل رأسه وتصنع له ما يأكل ويشرب وجارية أخرى يطؤها وهؤلاء الأربعمئة يجلسون تحت سريره وسريره عظيم مرصع بنفيس الجوهر ويجلس معه على السرير أربعون جارية لفراشه وربما وطئ الواحدة منهن بحضرة أصحابه الذين ذكرنا.
ولا ينزل عن سريره فإذا أراد قضاء حاجة قضاها في طشت وإذا أراد الركوب قدموا دابته إلى السرير فركبها منه وإذا أراد النزول قدم دابته حتى يكون نزوله عليه وله خليفة يسوس الجيوش ويواقع الأعداء ويخلفه في رعيته.


الخزر



فأما ملك الخزر واسمه خاقان فإنه لا يظهر إلا في كل أربعة أشهر متنزهاً ويقال له خاقان الكبير ويقال لخليفته خاقان به وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ويظهر ويغزو وله تذعن الملوك الذين يصاقبونه ويدخل في كل يوم إلى خاقان الأكبر متواضعاً يظهر الأخبات والسكينة ولا يدخل عليه إلا حافياً وبيده حطب فإذا سلم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب فإذا فرغ من الوقود جلس مع الملك على سريره عم يمينه ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان ويخلف هذا أيضاً رجل يقال له جاوشيغر.
ورسم الملك الأكبر أن لا يجلس للناس ولا يكلمهم ولا يدخل عليه أحد غير من ذكرنا.
الولايات في الحل والعقد والعقوبات وتدبير المملكة على خليفته خاقان به.
ورسم الملك الأكبر إذا مات أن يبنى له دار كبيرة فيها عشرون بيتاً ويحفر له في كل بيت منها قبر وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل وتفرش فيه وتطرح النورة فوق ذلك وتحت الدار نهر والنهر نهر كبير يجري ويجعلون القبر فوق ذلك النهر ويقولون: حتى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام.
وإذا دفن ضربت أعناق الذين يدفنونه حتى لا يدرى أين قبره من تلك البيوت ويسمى قبره الجنة ويقولون: قد دخل الجنة وتفرش البيوت كلها بالديباج المنسوج بالذهب.
ورسم ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة كل امرأة منهن ابنة ملك من الملوك الذين يحاذونه يأخذها طوعاً أو كرهاً وله من الجواري السراري لفراشه ستون ما منهن إلا فائقة الجمال وكل واحدة من الحرائر والسراري في قصر مفرد لها قبة مغشاة بالساج وحول كل قبة مضرب ولكل واحدة منهم خادم يحجبها فإذا أراد أن يطأ بعضهن بعث إلى الخادم الذي يحجبها فيوافي بها في أسرع من لمح البصر حتى يجعلها في فراشه. ويقف الخادم على باب قبة الملك فإذا وطئها أخذ بيدها وانصرف ولم يتركها بعد ذلك لحظة واحدة.
وإذا ركب هذا الملك الكبير ركب سائر الجيوش لركوبه ويكون بينه وبين المواكب ميل فلا يراه أحد من رعيته إلا خر لوجهه ساجداً له لا يرفع رأسه حتى يجوزه.
ومدة ملكهم أربعون سنة إذا جاوزها يوماً واحداً قتلته الرعية وخاصته وقالوا: هذا قد نقص عقله واضطرب رأيه.
وإذا بعث سرية لم تول الدبر بوجهٍ ولا سبب فإن انهزمت قتل كل من ينصرف إليه منها فأما القواد وخليفته فمتى انهزموا أحضرهم وأحضر نساءهم وأولادهم فوهبهم بحضرتهم لغيرهم وهم ينظرون وكذلك دوابهم ومتاعهم وسلاحهم ودورهم وربما قطع كل واحد منهم قطعتين وصلبهم وربما علقهم بأعناقهم في الشجر وربما جعلهم إذا أحسن إليهم ساسة.
ولملك الخزر مدينة عظيمة على النهر إتل وهي جانبان في أحد الجانبين المسلمون وفي الجانب الآخر الملك وأصحابه وعلى المسلمين رجل من غلمان الملك يقال له خز وهو مسلم وأحكام المسلمين المقيمين في بلد الخزر والمختلفين إليهم في التجارات مردودة إلى ذلك الغلام المسلم لا ينظر في أمورهم

و تقبلو تحياتى
........................
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

بارك الله فيك أخي الكريم محمد الدويدار على هذا النقل المفيد وللمعلومية فان المسلمين في بلاد الخزر والذين يقيمون على الفولغا وتحدث عنهم ابن فضلان هم بلغار الفولغا الذين اعتنقو الاسلام وطلبو من الخلافة العباسية من يعلمهم أمور دينهم وقد ذكرهم ابن فضلان باسم الصقالبة(وهو اسم كان يطلقه العرب على السلافيين).
 
التعديل الأخير:
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

مسار رحلة ابن فضلان التي مر بها بكثير من الشعوب في طريقه الى بلغار الفولغا الذبن سماهم بالصقالبة.

%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1_%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D9%81%D8%B6%D9%84%D8%A7%D9%86.gif

تعليقات حول الرحلة من مقالة في الانترنت

أحد عشر قرنا من الزمان وما زال الالتباس والادعاء يكتنفان واحدة من أهم رحلات الحوار الحضاري في العصور الوسطى. ففي عام 921 ميلادية (309هـ) خرجت من بغداد -عاصمة النور آنذاك- بعثة دينية سياسية بتكليف من الخليفة العباسي "المقتدر بالله" إلى قلب القارة الآسيوية فى مكان عُرف وقتها باسم "أرض الصقالبة"؛ تلبية لطلب ملكهم في التعريف بالدين الإسلامي، عله يجد إجابة للسؤال المثار وقتها "كيف استطاع ذلك الدين الآتي من قلب الصحراء أن يكوِّن تلك الإمبراطورية الضخمة التى لم تضاهها سوى إمبراطورية الإسكندر المقدوني؟ وفي بغداد كان أعضاء البعثة يرتبون أوراقهم بين فقيه ورجل دولة ومؤرخ، وفي مقدمتهم كان الرجل الموسوعي أحمد بن فضلان.
لم يكن ابن فضلان رجلا موهوبا أو صاحب رؤية سياسية فحسب؛ بل كان قد درب عينيه الثاقبتين على رؤية ما وراء المشاهد المفردة، وشاغل عقله بالتحليل دون الرصد. وحينما عمل لعقد من الزمان الساعد الأيمن للقائد العسكري محمد بن سليمان -الذي قاد في نهاية القرن التاسع وبداية القرن العاشر الميلاديين حملات عسكرية امتدت من مصر في الغرب إلى حدود الصين في الشرق- تعلم ابن فضلان الكثير، وأهلته معارفه المتراكمة وثقافته بالشعوب التي خالطها إلى الوصول إلى بلاط السلطان "المقتدر بالله" كرجل دولة وفقيه عالم.
ويستمر ابن فضلان في الترقي في بلاط السلطان حتى عام 921م، حينما وصلت رسالة قيصر البلغار "ألموش بن يلطوار" طلبا لإرسال سفارة إلى القيصرية البلغارية لشرح مبادئ الإسلام، على أن يرسل الخليفة من يبني للقيصر مسجدا يطل من محرابه على شعبه، وقلعة حصينة لمجابهة الأعداء، فاختاره الخليفة على رأس الرحلة تقديرا لمكانته وقدرته على الحوار (هذا وتنتشر في المعالجة الغربية رواية أن اختيار ابن فضلان جاء تخلصا منه، وطمعا في فتاة كان قد أوشك على الزواج بها!).
ويعترف الغربيون بفضل الرحلة في تدوين اكتشافات حضارية نادرة، ويسطّرون اسم ابن فضلان بحروف بارزة في تاريخ التواصل الحضاري بين الإسلام و"الآخر"، ويؤكدون أنها نقلة نوعية في فن كتابة الرحلة العربية التي كانت غارقة في مفاهيم السرد، فنقلتها إلى مستوى التحليل الإثنوغرافي لشعوب وقبائل لم يكن العرب يعرفون عنها شيئا.. بل لم يكن العالم يعرف عنها شيئا.
فكتاب ابن فضلان قد ارتقى بتحليله الأنثروبولوجي فوق مستوى الكتب التي كانت تقرأ في قاعات السمر العربية بسماع القصص الناعمة لنوادر الشعوب الأخرى وطرائفهم؛ اعتمادا على معلومات بعضها حقيقي وكثيرها خرافي. وبين وقت وآخر يتبرع البعض ليخلط الأزمان بالأمكنة؛ فيرى ابن فضلان وقد ذابت عقيدته، وتاهت ملامحه الحضارية، فسقط في التنوع الحضاري للآخر، وعاد من هناك أقل تشددا وأقل حذرا، وأقل إيمانا بعد أن ذاق الفاكهة المحرمة بمضامينها الحسية والفكرية.
بدأت الرحلة في يوم لطيف بارد من شهر إبريل عام 921م حينما توجهت القافلة الضخمة الآتية من خوارزم عبر أراضي الأغوز التركية لتعبر نهر الأورال؛ وتمكنت بعد مخاض عسير من ملامسة ضفته الشرقية. ومن ربوة عالية على هذه الضفة وقف ابن فضلان يتابع في الأفق الطريق الصحراوي الوعر الذي كان قد خاضه من بغداد إلى خوارزم إلى أغوز في رحلة شاقة، هلك فيها الرفاق والأصدقاء، ولم يبق سوى بعض الخدم والمرافقين.
وعاود ابن فضلان النظر إلى الغرب، سائلا نفسه: ما الذي جاء بنا عبر هذا المسار؟ ألم يكن بوسعنا أن نقصد من بغداد وجهتنا إلى البلغار بمحاذاة الساحل الشرقي لبحر الخزر؟ ولكن هيهات! فأولئك اليهود الذين يحكمون مملكة الخزر يقفون للعباسيين بالمرصاد؛ فينهبون قوافلهم، ويقتلون تجّارهم، وما زالوا على قوتهم منذ ثلاثة قرون، يسيطرون على تلك المملكة الفتية الممتدة كمروحة صينية من سواحل بحر الخزر تجاه "كييف" لتقسم آسيا إلى عالمين: الجنوب الإسلامي بأيديولجيته ومدنيته، والشمال بوثنيته وثروته ووحشيته.
ومن بدايتها استمرت الرحلة في جني المخاطر؛ ففشل ابن فضلان في تحصيل الأموال التي أمره الخليفة بجمعها من مدن خوارزم لتلبية طلب قيصر البلغار. وفقد الموكب رجاله بين البرد والمرض، وبدا أن الأجدى العودة إلى بغداد، وهناك سيقع لا محالة العقاب الواجب بأمراء خوارزم وسمرقند وبخارى الذين رفضوا دعم البعثة بالأموال اللازمة. غير أن السير قد قارب على بلوغ منتهاه، والرغبة في الاكتشاف والمعرفة فاقت كل خوف وتردد.
محطات الرحلة

انتقلت رحلة الدعوة إلى الإسلام في روسيا عبر فضاءات جغرافية متباينة: من العراق إلى إيران، فأواسط آسيا، فبلاد بلغار الفولجا أو أرض الصقالبة، إلى الأراضي الروسية، فأراضي مملكة الخزر. ثمة من يضيف إلى ذلك حلقة بين الأراضي الروسية ومملكة الخزر، وصل فيها ابن فضلان إلى شبه جزيرة أسكندنافيا على مشارف القطب الشمالي.
من فارس إلى أواسط آسيا

في مستهل الرحلة يعفينا ابن فضلان من التفاصيل؛ فلا يسطر في فارس سوى خط سير الرحلة؛ فيعرفنا في عدة سطور بالمدن الإيرانية التي مر عليها طريقه لتدخل الرحلة إقليم ما بين نهري جيحون وسيحون، ولم يسجل ابن فضلان في هذه البيئة الشاسعة سوى بعض ملاحظات عابرة؛ وهو ما قد يرجع إلى معرفة هذا الطريق ومعالمه من قبل رحالة سابقين، أو ادخار الكتابة بالتفصيل لحين الوصول إلى المقصد الحقيقي للرحلة؛ وهو أرض البلغار وروسيا.
وفي منطقة الانتقال بين خوارزم والترك في أواسط آسيا تصبح الصدقة للسائل والعابر هي السماح بالجلوس إلى النار ليصطلي، فيرصد ابن فضلان ثقافة الملبس؛ فلا تبدو من الرجل بسبب كثافة ملابسه سوى عينيه، وناقش بشكل أولي فكرة التكيف المناخي. وفي المسير يبدأ ابن فضلان في مواجهة أول أسئلة البيئة الوثنية حينما يسأله رجل: "قل لربك ما الذي يريده منا لكي يرفع عنا هذا البرد؟ فيجيبه ابن فضلان: يريدكم أن تقولوا: لا إله إلا الله، فيجيب الرجل: لو علمنا أن ذلك سيجدي لقلناها"، ولا يعلق ابن فضلان على هذا الحوار المقتضب بشيء! ويسأله بعضهم: "ألربنا امرأة؟"، فيستعظم ابن فضلان الأمر، ويستغفر الله ويعظمه، ويردد التركي خلفه الاستغفار والتعظيم. وينتقل ابن فضلان إلى رصد العادات الزواجية في أرض الترك وما يرتبط بها من تقاليد، وكذلك المراسم الجنائزية والوراثية غير المتشابهة مع المبادئ الإسلامية، فضلا عن سيادة السحر.
وبالتوغل نحو الشمال والاقتراب من أراضي البلغار يلاقي ابن فضلان أقوامًا تتعدد لديهم الآلهة، وعنهم يقول: "ورأينا أقوامًا تعبد الحيات، وأقوامًا يعبدون السمك، ومنهم من يزعم أن له اثني عشر ربًّا: للشتاء رب وللصيف رب وللمطر رب... إلخ. والرب الذي في السماء أكبرهم، إلا أنه يجتمع مع هؤلاء باتفاق ويرضي كل واحد منهم.. تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا".

لدى بلغار الفولجا

ويصل ابن فضلان إلى البلغار ويستقبلهم ملكهم بترحاب، ويقول في ذلك: "فلما صرنا منه (ملك البلغار) على بعد فرسخين تلقانا هو بنفسه؛ فلما رآنا نزل فخر ساجدًا شكرًا لله جل وعز، وكان في كمه دراهم فنثرها علينا، ونصب لنا قبابًا فنزلناها. وقرأت عليهم كتاب أمير المؤمنين، والترجمان يترجم حرفًا حرفًا، فلما انتهيت كبروا جميعًا تكبيرة ارتجت لها الأرض". ويحتفي ملك الصقالبة بالبعثة العباسية في فنون مختلفة من الطعام ومراسم الاحتفال بالوفد المهيب. وسمّى ملك الصقالبة نفسه باسم "جعفر" تيمنًا باسم أمير المؤمنين الخليفة العباسي، وغيّر اسم أبيه إلى "عبد الله"؛ فصار يُنادى على المنبر "جعفر بن عبد الله، أمير البلغار"، بدلاً من "ألموش بن يلطوار".
وبعد ثلاثة أيام وقعت أزمة بين وفد ابن فضلان وأمير البلغار، حينما قرأ الأخير نص الرسالة الآتية من أمير المؤمنين إليه، وفيها حديث عن أربعة آلاف دينار أرسلت له لبناء مسجد وقلعة حصينة. وشرح ابن فضلان للملك الغاضب أن عمال خوارزم أعاقوا تحصيل الأموال وسيقع بهم العقاب، ولم يكن أمامهم إلا إكمال الرحلة لبلوغ الهدف الأسمى، غير أن سوءا من الفهم قد وقع، ودام لعدة أيام بين أمير البلغار وابن فضلان.
ويفسر لنا المؤرخ الروسي رافيل بخارييف في كتابه القيّم "الإسلام فى روسيا.. الفصول الأربعة" أن الغضب الذي وقع لملك البلغار ليس طمعًا في المال؛ إذ إن مملكة البلغار كانت في رغد من العيش، كما أن الأربعة آلاف درهم ليست مطمعًا لملك بمكانة يلطوار، وإنما كان المقصود هو التبرك بهذه الأموال. ويستند بخارييف في ذلك إلى نص رسالة ابن فضلان نفسه التي جاء فيها قول ملك البلغار لابن فضلان: "تعلم أن الخليفة أطال الله بقاءه لو بعث إلي جيشًا أكان يقدر عليّ؟ قلت: لا، قال : فأمير خراسان؟ قلت: لا، قال: أليس لبعد المسافة وما بيننا من قبائل الكفار؟ قلت: بلى، قال: فوالله إني لبمكاني البعيد الذي تراني فيه أخاف أن يبلغه عني شيء يكرهه فيدعو عليّ فأهلك بمكاني وهو في مملكته"!
ومن النقاط المهمة في محطة ابن فضلان في أرض البلغار هي أن الإسلام كان معروفًا لديهم من مصادر فارسية وتركية. وكما يشير رافيل بخارييف أنه عند وقوع الخلاف على الأموال التي لم يجلبها ابن فضلان كان ملك البلغار ينادي ابن فضلان تهكمًا بـ"أبو بكر الصديق"؛ فهمًا منه أن معنى الصديق يعني "الصدق"؛ وهو ما كان مداعبة ثقيلة لابن فضلان (الذي لم يأتِ بأموال الخليفة)، ولكنه يؤكد على أن أحوال صحابة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وسيرتهم كانت معروفة للبلغار قبل قدوم بعثة ابن فضلان.

في روسيا

استحوذت مشاهدات ابن فضلان للشعب الروسي على الضفة الغربية لنهر الفولجا على أكبر اهتمام من المستشرقين والباحثين الأوربيين. وكان اهتمام عديد من الكتاب الأسكندنافيين بالرحلة لدعم نظرية الأصل الأسكندنافي للجنس الروسي، ومساندة فكرة أن القبائل الروسية التي شكلت نواة الدولة الروسية في العصور الوسطى هي من شبه جزيرة أسكندنافيا ومن أصول لقبائل الفيكينج، وإن كان هناك خلاف تفصيلي في استبيان إلى أي فرع من فروع الفيكينج ينتمي الروس.. هل لفيكينج الدانمارك أم للنرويج أم للسويد؟ وقد صاغ هؤلاء الباحثون الأدلة على أصل الروس الأسكندنافي بناء على مشاهدات ابن فضلان مثل:
1- بناء البيوت الخشبية وعبادة الأصنام الخشبية، وهو تقليد يميز قبائل الفيكينج عمن سواها.
2- ما ذكره ابن فضلان من ولع التجار الروس بالدنانير والدراهم الفضية العربية؛ وهو ما دعمته الأبحاث الأركيولوجية التي وجدت شيوعًا بالغًا للعملات العربية في شرق أسكندنافيا ومنطقة بحر البلطيق.
3- ما سجلته مشاهد ابن فضلان للمراسم الجنائزية الروسية، وبصفة خاصة حرق الجثث في مراكب؛ وهو التقليد المتبع لدى الأسكندنافيين منذ القرن السادس الميلادي. وكذلك اتخاذ البشر قربانًا للآلهة عند موت أحد كبار القوم، فتحرق جاريته معه، وهو مستوى راقٍ من مستويات التضحية للآلهة لدى الفيكينج.
وفي المقابل يفند كثير من الباحثين الروس هذه الاحتمالات تحت فكرة تداخل العادات والتقاليد الدينية والاختلاط الفكري؛ بسبب حركة التجارة بين الثقافات المختلفة وقت رحلة ابن فضلان ما بين ثقافة بلغارية وخزرية وسلافية.
وعلى الرغم من ذلك لا يمكننا الاستمرار في قراءة النص في الجزء الخاص بالمشاهدات الروسية دون أن يداخلنا شعور بأن كثيرًا مما رواه ابن فضلان عن الشعب الروسي ربما سمعه دون أن يراه! حيث تخلو المعلومات من المصادر المباشرة؛ فيحل السرد محل الديالوج، ويختفي سؤال الترجمان في كثير من المعلومات.
كما تغيب المشاهد الحركية عن محتوى السرد؛ فتختفي مفردات مثل "ركبنا، وسرنا، وقابلنا" في مقابل مفردات تقريرية مبهمة المصدر مثل "وعندهم، وهم يفعلون ... إلخ". فلا يتبين هل يرصد ابن فضلان ما يشاهد أم يعيد كتابة قصص سمعها من مصدر آخر؟ كما تتداخل السمات الأنثروبولوجية بين السلافيين والأسكندنافيين؛ فيختلط الأمر على القارئ عمن يتحدث ابن فضلان، وبالأحرى أين هو المكان الذي يسجل منه مشاهداته؟ هل على نهر الفولجا في قلب روسيا الحالية أم على بحيرة لادوجا على حدود أسكندنافيا؟ وستظل مشاهدته الأنثروبولوجية للشعب الروسي محل إعادة قراءة وتفسير لفترة قادمة من الزمن.
أما الجزء المتبقي من رسالة ابن فضلان عن مشاهداته في مملكة الخزر فلا يزيد عن نحو 5% من إجمالي ما دوّنه في رسالته عن شعوب رحلته. ولا تشتمل هذه النسبة إلا على ذكر ملك الخزر دون شعبه، ملقيًا الضوء على اسمه، وكنيته، وملبسه، وطرائق تنزهه، وجواريه وهيئتهن، وكذلك المراسم الجنائزية لموته. وهنا أيضًا لا نتبين ما إذا كان ابن فضلان ما زال واقفا على نهر الفولجا في أرض البلغار يعيد كتابة ما روي له من معلومات لمصادر ثانوية وليست أصيلة أم أنه توغل في أرض الخزر ويكتب من مشاهداته؟

مفارقات

زلت أجتهد في أن يستتر الرجال من النساء في السباحة فلم يستو لي ذلك".
وفي النهاية لا يخلو إدراكنا للرحلة من بعض المفارقات؛ أهمها:
- أن الرحلة لم تكن أول من قدم الإسلام إلى بلغار الفولغا؛ فمن شأن ذلك أن يبخس حقوق التجار الذين قدموا -بسلاسة متناهية- المبادئ العامة للإسلام، وأهمها تلك القائمة على التوحيد وحسن المعاملة، وقد خط هؤلاء التجار الطريق الطويل بين بغداد وممالك آسيا الوسطى من ناحية وبلاد البلغار والقبائل الروسية من ناحية ثانية. وفضل الرحلة ماثل في الأساس في توقيع "الاتفاق الرسمي" بين ملك البلغار والخليفة العباسي في نقل الأفكار الإسلامية إلى النخبة الحاكمة في بلاد البلغار.
ومع اعتناق هذه النخبة للإسلام مارس البلغار الشعائر الإسلامية مخلوطة بالأعراف والتقاليد والعادات لعقود طويلة تالية، إلى أن تسللت برشاقة الأفكار الجديدة الآتية من مدرسة بخارى (المركز المنير في قلب آسيا) لتصلح كثيرا من الأعطاب في الفهم.
- أن الرحلة لم تقدم الإسلام إلى روسيا؛ ففي ذلك التعبير المجازي مغالطة جغرافية؛ لأن ابن فضلان قدم رسالة الإسلام إلى شعب البلغار. وينتمي البلغار إلى أتراك آسيا الوسطى، ومنها تحركوا نحو نهر الفولغا واستعمروا ضفافه. وآخر حدود لروسيا في ذلك الزمان عند جبال الأورال. وبالتالي كانت روسيا مجرد مملكة مجاورة لمملكة بلغار الفولغا. واستمرت العلاقة ندية بين بلغار الفولغا والروس الذين طمعوا في ثرواتهم وأرضهم، وظلوا يتحينون الفرصة من بداية القرن العاشر إلى منتصف القرن السادس عشر (أكثر من 650 سنة)، إلى أن تمكن القيصر الروسي إيفان الرهيب من إخضاع مسلمي الفولجا؛ فأسقط عاصمتهم كازان في 1552م. بل إن بعض الباحثين يرون في اعتناق روسيا للمسيحية (988م) مجرد ردة فعل لاعتناق البلغار للإسلام كنوع من التميز الديني أمام الأعداء المسلمين.
وهكذا فإن الحديث عن تقديم رحلة ابن فضلان إلى روسيا يتخطى 650 سنة من الاستقلال السياسي والحضاري لمسلمي روسيا. ويهضم جزءا مهما من اعتزاز مسلمي روسيا على ضفاف الفولغا بفصل مهم من تميزهم الديني قبل الضم القسري لأراضيهم تحت السيطرة الروسية.
- في الوقت الذي ينقل إلينا الجزء المدون من رحلة ابن فضلان إشارات مباشرة بالتفوق الحضاري للمنبع الذي أتى منه ابن فضلان تؤدي رواية كريشتون الدور العكسي. وفي ذلك يلاحظ بعض النقاد (محمد الشوكاني 2001) أن القارئ العربي سيقف متسائلا عن مدى براءة هذا الرحلة -أو بالأحرى ترقيع الرحلة- من الشيغونية الغربية. فالحوار في العمل الروائي حوار تثقيفي يقوم فيه ابن فضلان بانتمائه الأيدلوجي والعرقي المختلف بدور الشاهد على نبل الإنسان الغربي الساعي إلى الخير والحرية.
وبدلا من أن يكون إكمال النص عربيا ليتحقق أدب ما بعد الكولونيالية فإن هذا النوع من الكتابة -الذي يعاد فيه الاعتبار إلى تاريخ وثقافة الشعوب التي ظلمها الاستعمار- أعاد الحياة إلى ملحمة بيولف Beowulf الأنجلوساكسونية بمزجها مع رحلة ابن فضلان بشكل قد يعتبرها البعض محاولة جادة للحوار الحضاري، ويعتبرها البعض الآخر تأكيدا لتفوق العالم الغربي على الإسلامي في العصور الوسطى التي طالما قال التاريخ بأنها كانت عصور ظلام أوربية.
وتبقى الأسئلة كثيرة: كيف وأين فقدت باقي أجزاء رحلة ابن فضلان؟ وهل امتدت يد ما لتحذف النصف الثاني من الرحلة لما فيه من أفكار نظرت إلى "الآخر" المختلف عقائديا نظرة تعاطف وتفاهم حسبما يدعي البعض؟! ولماذا لم يقدم عمل أدبي وفني بلسان عربي يسمح بتخيل الجزء المفقود نقدم فيه رؤيتنا للعالم؟
الثابت أن الرحلة حصلت على كمية معتبرة من الاهتمام الغربي؛ وهو ما جعلنا نرجع إليها، فنعيد قراءتها برؤية مختلفة نبهنا إليها "الآخر"، وعلينا أن نشكره على ذلك!
 
التعديل الأخير:
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

بارك الله فيك اخي الكريم المتألق أبو البراء وشرف كبير لي أن تعلق على موضوعي.
وفيك أخي محب , جزاك الله خيراً ..

ولكن اسمح لي أن أختلف معك في مسألتين
فان المواجهة التي كان قائدها راس ترخان حصلت عام 762 وليس 758 (ويبدو أن هناك خطأ في التحويل من التاريخ الهجري للميلادي)وفي عهد والي أرمينية واذربيجان وعهد الخليفة المنصور يزيد بن أسيد
علي ما يبدو هناك لبس ، هناك أكثر من مواجهة حدثت ، إنما كان قصدي بالمعركة في 758 , بأخر مواجهه رئيسية حدثت ، وقد حدث بعدها عده مناوشات منها ما كان في سنة 762 في عهد الخليفه أبوجعفر المنصور التي أمر فيها يزيد بن أسيد السلمي بالتصدي لهم , بعد إعتقاد ملك الخزر خاجان أن المسلمين سمموا إبنته - كان هناك إتفاق بأن يتزوج أحد قادة يزيد من إبنه ملك الخزر ولكنه لسوء الحظ توفيت الفتاه وإعتقد والدها أن المسلمين هم من قتلوها , فأمر قائده راس تارخان بغزو بلاد المسلمين في شمال غرب إيران ، وإستمرت المواجهات معه لعده شهور إلي أن تم السيطره عليها .

وأما أخر مواجهة فحصلت عام 799 في عهد هارون الرشيد وفيها قام الخزر بغارة أمكن صدها.
بالفعل أخي محب , حيث وقف الرشيد رحمه الله في وجه غاره الخزر علي بلاد المسلمين بأرمينيا حيث هدموا بعض المدن وقتلوا عدداً من سكانها وأسروا آخرين ، فإضطر الرشيد أن يوجّه قوات الخلافة العباسية عليهم , يقودها خازم بن خزيمة ويزيد بن مزيد الشيباني ، فطردوا الخزر من أرض المسلمين ، ، وتم إصلاح ما أخرّبوه .

وأهم الهجمات العربية كانت الهجمة التي قام بها مروان بن محمد عام 737 والتي وصل بها الى الدون أو الفولغا وقد كانت أقسى هزيمة تعرض لها الخزر قبل هزيمتهم النهائية على يد الروس.
كانت غزوه هامة وموفقه لأنها لم تقف عند التصدي للإعتداء الخزري بل توبعت ودخل المسلمون عاصمة الخزر أتيل , ولكن للأسف لم يكتب للمسلمين الإستمرار لإضطرار الأمويين الإنسحاب بعد القلاقل التي نشئت عن دعوه العباسيين ..

بالمناسبة أخي فان هجمات الروس كان الغرض منها تحطيم الخزر للتحلل من دفع الجزية لهم ومنها كان الهجوم الأخير لسفياتوسلاف أيغورفيتش ولم يكن هدفهم على الأرجح منطقة القوقاز والتي كانت في ذلك الوقت خارج اهتمامهم بدليل أن سفياتوسلاف أيغورفيتش لم يحتل منطقة القوقاز في حملته المظفرة بل اكتفى بتحطيم الامبراطورية الخزرية.
لم تكن القوقاز ضمن إهتمامات سيفاتوسلاف ، ولكنها كانت في إهتمامات عصابات وجماعات Varangian الآتية من روسيا وإسكندنافيا .. فتحالف الملك جوزيف مع الإمارات المسلمة المحيطة ببحر قزوين في سبيل الوقوف بوجه هؤلاء اللصوص .
=====
تحياتي أخي محب ،،، ودائماً مميز ..
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

بارك الله فيك مجددا أستاذنا أبو البراء
علي ما يبدو هناك لبس ، هناك أكثر من مواجهة حدثت ، إنما كان قصدي بالمعركة في 758 , بأخر مواجهه رئيسية حدثت ، وقد حدث بعدها عده مناوشات منها ما كان في سنة 762 في عهد الخليفه أبوجعفر المنصور التي أمر فيها يزيد بن أسيد السلمي بالتصدي لهم , بعد إعتقاد ملك الخزر خاجان أن المسلمين سمموا إبنته - كان هناك إتفاق بأن يتزوج أحد قادة يزيد من إبنه ملك الخزر ولكنه لسوء الحظ توفيت الفتاه وإعتقد والدها أن المسلمين هم من قتلوها , فأمر قائده راس تارخان بغزو بلاد المسلمين في شمال غرب إيران ، وإستمرت المواجهات معه لعده شهور إلي أن تم السيطره عليها .
يبدو فعلا أن هناك لبس فقد تكون معركة واحدة اختلط تاريخها وقد تكونان معركتين مختلفتين والملاحظ أن كلا التاريخين في عهد ولاية يزيد بن أسيد وخلافة المنصور مما يعطي انطباع أنها معركة واحدة حصل لبس في تاريخها او ربما معركتين والله أعلم.
وعلى ذكر حادثة ابنة ملك الخزر فما قرأته في الانترنت الروسية بأن زواج ولاة الخلافة لتلك المناطق من بنات ملوك الخزر صار أشبه بعادة حتى أن يزيد بن أسيد نفسه تزوج من خاتون ابنة ملك الخزر بهاتور وأنجب منها وقيل أنها أسلمت وتكرر الأمر نفسه مع الفضل بن يحيى البرمكي الذي ولي المنطقة لفترة.
كانت غزوه هامة وموفقه لأنها لم تقف عند التصدي للإعتداء الخزري بل توبعت ودخل المسلمون عاصمة الخزر أتيل , ولكن للأسف لم يكتب للمسلمين الإستمرار لإضطرار الأمويين الإنسحاب بعد القلاقل التي نشئت عن دعوه العباسيين ..
بالفعل أخي فرغم حصول أكثر من غارة هجومية داخل بلاد الخزر في العهد الأموي ومنها احتلال بلنجر عام 722 ميلادية (كان احتلالا مؤقتا للغارة وأخذ الغنائم والسبي والأسرى بغرض اظهار القوة واضعاف الأعداء على عادة كثير من الغزوات في حروب العصور الوسطى ) اضافة الى غزوات أخرى ذكرها ابن خلدون في الاقتباس الذي أتيتنا به الا أنها كانت أعظم غزوة اكتسحت بلاد الخز بالكامل وحسب ما قرأت في الانترنت الروسية فان العاصمة وقتها كانت سمندر ولكن بعد انتهاء تلك الغزوة تم نقلها الى اتيل ابعادا للعاصمة عن حدود الخلافة وان كانت اتيل نفسها الواقعة على الفولغا قد سقطت من ضمن ما سقط من مدن في هجمة عام 737 ولا يمكن نفي احتمال كون المدينتين عاصمتين بالتناوب كعادة بعض الدول أو أن ملك الخزر كان قد هجر سمندر هربا من الزحف العربي أثناء الحملة ونقل العاصمة الى اتيل التي سقطت هي الأخرى في تلك الهجمة مما اضطر ملك الخزر في النهاية لطلب السلام.
لم تكن القوقاز ضمن إهتمامات سيفاتوسلاف ، ولكنها كانت في إهتمامات عصابات وجماعات Varangian الآتية من روسيا وإسكندنافيا .. فتحالف الملك جوزيف مع الإمارات المسلمة المحيطة ببحر قزوين في سبيل الوقوف بوجه هؤلاء اللصوص .
مشكور على المعلومة المفيدة أخي الكريم وبالفعل قرأت قبل قليل عن مجمةعات Varangian وعرفت أنهم من سكان سواحل البلطيق وقد نشطو كثيرا في أعمال اللصوصية والقرصنة هنا وهناك وقد استعانت بهم بيزنطة كثيرا في حروبها مقابل أجر كمرتزقة ولا زال هناك جدل تاريخي(كما قرأت في الانترنت الروسية) حول نسبتهم وهل هم سلافيين روس أم هم اسكندنافيين فايكنج وفي كل الأحوال فهم لم يكونو تابعين للدولة الروسية الأولى التي كانت عاصمتها كييف والتي سميت ((روس كييف)) والتي تولى سفياتوسلاف المذكور عرشها.

تحياتي أخي الكريم أبو البراء فدائما نجد في مشاركاتك ما يثري المواضيع التاريخية.
 
التعديل الأخير:
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

اكثر من رائع

كنت اسمع عن اصول اليهود غير السامية لكني لم استطع قراءة موضوع وافي كهذا خاصة بهذا الطرح الشيق

لكن عندي استفسار عن كيفيه اعتناق الخزر لليهودية اصلا بما انهم منقطعين نسلا وموضعا عن يهود موسى وهارون عليهما السلام

ساحاول البحث في الموضوع عن هذه النقطة بالذات

وان كان لاحد معرفة موسعه عن الامر فلا يبخل علينا
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

مشكور أخي الكريم على مرورك الجميل ومع انني كنت أريد قدر الامكان أن لا أدخل موضوعا أخرا بموضوعي ولكن سأجيب على سؤالك.
أقول بالنسبة للعدنانيين فقد كانت النظرية السائدة أولا ونتيجة لبعض الدراسات الجينية تقول بأنهم يحملون الهابلوغروب j2 الخاص بالشعوب الشامية والعراقية(وهي ايضا شعوب سامية وتعود بأصلها للجزيرة العربية على الأرجح باستثناء السومريين) وأتت دراسات أخرى أثبتت وجود الهابلوغروب j1 الذي يحمله العرب القحطانيين أو اليمانيين أو العاربة كما يسمون وقد حاول البعض الاستنتاج ان العرب العاربة والمستعربة يعودون لجد واحد على عكس ما هو سائد ولكن احدث دراسات الحمض النووي تثبت انهم يحملون الهابلوغروب j1 مع الهابلوغروب j2 مما يعني انهم يحملون جينات العرب العاربة مع جينات الشعوب السامية الشمالية أيضا وليس في هذا أي غرابة اذا ما عرفنا أن اسماعيل ابن ابراهيم عليهما السلام من الشعوب السامية العراقية وفي نفس الوقت فان امتزاج دم أولاده وأحفاده بدماء العرب العاربة قد أدى الى ذلك الجمع بين الهابلوغروبين ولكن في النهاية فان هذا لا ينفي أن للعدنانيين والقحطانيين جد واحد فالرواية الدينية سواء منها اليهودية أو الاسلامية تنسب كل تلك الشعوب لسام بن نوح عليه االسلام اضافة الى أن دراسات الحمض النووي أثبتت حمل كل الشعوب السامية لجينات متقاربة أطلقو عليها اسم السلالة الجينية j والتي لها 3 تفريعات كما سبق وأسلفت.
'

اخى ,ببساطه العرب عند قدومهم للمنطقه اختلطوا بشعبين فعرب الجنوب اختلطوا بشعب افريقى يحمل الهيلجلوب e وعرب الشمال اختلطوا بشعب سامى يحمل هيلجلوب غرب اسيا j وهذا سبب الاختلاف بين قحطانيين وعدنانيين
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

'

اخى ,ببساطه العرب عند قدومهم للمنطقه اختلطوا بشعبين فعرب الجنوب اختلطوا بشعب افريقى يحمل الهيلجلوب e وعرب الشمال اختلطوا بشعب سامى يحمل هيلجلوب غرب اسيا j وهذا سبب الاختلاف بين قحطانيين وعدنانيين
أخي الكريم موضوع اختلاط العرب بشعب افريقي في الجنوب معروفة ولكن أتحفظ على كلمة قدوم العرب (وهم جنس سامي) الى المنطقة ثم اختلاطهم بالأفارقة فالشعوب السامية موجودة قبل اي شعب في جزيرة العرب وهذه أرجح النظريات التي لا يوجد أي نظرية موازية لها في القوة وهي المعتمدة حاليا في المناهج التدريسية.
ولكن عرب الشمال هم الذين قدمو والرواية الدينية(بما فيها الأحاديث النبوية الصحيحة تنسبهم لاسماعيل عليه السلام) واختلطو بعرب الجنوب الموجودين قبلهم هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى أخي الكريم فقد عرضت للأخ محمد النظريات حول العرق السامي وموطنه ودلائل كل نظرية ومنها النظرية التي تنسبه لجزيرة العرب وتجعل شعوبه قد انتشرت منها فيما بعد (وهي التي أرجحها).

اختصارا أخي فان العرب كلهم يحملون الجين j1 ولكن العرب العدنانيين يمتازون على غيرهم بحمل الجين j2 الخاص بالشعوب السامية الشمالية الى جانب الجين j1 .
ولذلك فجمعا بين الروايات الدينية(وأنا لا أخذ منها الا ما صح سندا) والأبحاث التاريخية نقول أن الجين j1 أصيل عند العرب القحطانيين(وهم شعب سامي) ومكتسب عند العرب العدنانيين نتيجة الاختلاط بالقحطانيين اضافة لحملهم لجينهم الأصلي j2 (المسمى بالجين الفينيقي).
وبالمناسبة فالجين j2 ثبت وجوده عند المسيحيين السريان في سوريا والكلدان في العراق دون الجين j1 (المسمى جين القبائل العربية) وسبب ذلك هو أن تلك الشعوب حافظت اكثر على صفائها نتيجة عدم اختلاطها بالعرب الفاتحين القادمين من جزيرة العرب.

وتوجد طبعا جينات افريقية عند سكان اليمن وحضرموت نتيجة الاختلاط ولكن تلك الجينات تسمى طارئة وليست أصلية.
وقد لوحظ وجود جين في تلك المناطق الجنوبية دلت المطابقات على أنه ينتمي للهابلوجروب j الخاص بالشعوب السامية ولذلك قامو بتسميته بالجين j* ويحلو للبعض تسميته بجين العرب البائدة (يزعمون انه لبقايا عاد وثمود وطسم ووبارة .....الخ) وان كنت لسباب معينة غير متأكد من ذلك وعلى كل فربما كان هذا الجين لشعب سامي منسي عاش في أقصى جنوب الجزيرة العربية ذاب فيما بعد مع قدوم أول موجات عرب الجنوب الذين لا يعلم الى الآن موطنهم قبل قدومهم اليمن وحضرموت(والتي تفرقو منها أيضا فيما بعد بعد فيضان سد مأرب الذي ألمح اليه في القرآن الكريم).
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

'

اخى ,ببساطه العرب عند قدومهم للمنطقه اختلطوا بشعبين فعرب الجنوب اختلطوا بشعب افريقى يحمل الهيلجلوب e وعرب الشمال اختلطوا بشعب سامى يحمل هيلجلوب غرب اسيا j وهذا سبب الاختلاف بين قحطانيين وعدنانيين
أخي الكريم موضوع اختلاط العرب بشعب افريقي في الجنوب معروفة ولكن أتحفظ على كلمة قدوم العرب (وهم جنس سامي) الى المنطقة ثم اختلاطهم بالأفارقة فالشعوب السامية موجودة قبل اي شعب في جزيرة العرب وهذه أرجح النظريات التي لا يوجد أي نظرية موازية لها في القوة وهي المعتمدة حاليا في المناهج التدريسية.
ولكن عرب الشمال هم الذين قدمو والرواية الدينية(بما فيها الأحاديث النبوية الصحيحة تنسبهم لاسماعيل عليه السلام) واختلطو بعرب الجنوب الموجودين قبلهم هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى أخي الكريم فقد عرضت للأخ محمد النظريات حول العرق السامي وموطنه ودلائل كل نظرية ومنها النظرية التي تنسبه لجزيرة العرب وتجعل شعوبه قد انتشرت منها فيما بعد (وهي التي أرجحها).

اختصارا أخي فان العرب كلهم يحملون الجين j1 ولكن العرب العدنانيين يمتازون على غيرهم بحمل الجين j2 الخاص بالشعوب السامية الشمالية الى جانب الجين j1 .
ولذلك فجمعا بين الروايات الدينية(وأنا لا أخذ منها الا ما صح سندا) والأبحاث التاريخية نقول أن الجين j1 أصيل عند العرب القحطانيين(وهم شعب سامي) ومكتسب عند العرب العدنانيين نتيجة الاختلاط بالقحطانيين اضافة لحملهم لجينهم الأصلي j2 (المسمى بالجين الفينيقي).
وبالمناسبة فالجين j2 ثبت وجوده عند المسيحيين السريان في سوريا والكلدان في العراق دون الجين j1 (المسمى جين القبائل العربية) وسبب ذلك هو أن تلك الشعوب حافظت اكثر على صفائها نتيجة عدم اختلاطها بالعرب الفاتحين القادمين من جزيرة العرب.

وتوجد طبعا جينات افريقية عند سكان اليمن وحضرموت نتيجة الاختلاط ولكن تلك الجينات تسمى طارئة وليست أصلية.
وقد لوحظ وجود جين في تلك المناطق الجنوبية دلت المطابقات على أنه ينتمي للهابلوجروب j الخاص بالشعوب السامية ولذلك قامو بتسميته بالجين j* ويحلو للبعض تسميته بجين العرب البائدة (يزعمون انه لبقايا عاد وثمود وطسم ووبارة .....الخ) وان كنت لسباب معينة غير متأكد من ذلك وعلى كل فربما كان هذا الجين لشعب سامي منسي عاش في أقصى جنوب الجزيرة العربية ذاب فيما بعد مع قدوم أول موجات عرب الجنوب الذين لا يعلم الى الآن موطنهم قبل قدومهم اليمن وحضرموت(والتي تفرقو منها أيضا فيما بعد بعد فيضان سد مأرب الذي ألمح اليه في القرآن الكريم).
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

أخي الكريم موضوع اختلاط العرب بشعب افريقي في الجنوب معروفة ولكن أتحفظ على كلمة قدوم العرب (وهم جنس سامي) الى المنطقة ثم اختلاطهم بالأفارقة فالشعوب السامية موجودة قبل اي شعب في جزيرة العرب وهذه أرجح النظريات التي لا يوجد أي نظرية موازية لها في القوة وهي المعتمدة حاليا في المناهج التدريسية.
ولكن عرب الشمال هم الذين قدمو والرواية الدينية(بما فيها الأحاديث النبوية الصحيحة تنسبهم لاسماعيل عليه السلام) واختلطو بعرب الجنوب الموجودين قبلهم هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى أخي الكريم فقد عرضت للأخ محمد النظريات حول العرق السامي وموطنه ودلائل كل نظرية ومنها النظرية التي تنسبه لجزيرة العرب وتجعل شعوبه قد انتشرت منها فيما بعد (وهي التي أرجحها).

اختصارا أخي فان العرب كلهم يحملون الجين j1 ولكن العرب العدنانيين يمتازون على غيرهم بحمل الجين j2 الخاص بالشعوب السامية الشمالية الى جانب الجين j1 .
ولذلك فجمعا بين الروايات الدينية(وأنا لا أخذ منها الا ما صح سندا) والأبحاث التاريخية نقول أن الجين j1 أصيل عند العرب القحطانيين(وهم شعب سامي) ومكتسب عند العرب العدنانيين نتيجة الاختلاط بالقحطانيين اضافة لحملهم لجينهم الأصلي j2 (المسمى بالجين الفينيقي).
وبالمناسبة فالجين j2 ثبت وجوده عند المسيحيين السريان في سوريا والكلدان في العراق دون الجين j1 (المسمى جين القبائل العربية) وسبب ذلك هو أن تلك الشعوب حافظت اكثر على صفائها نتيجة عدم اختلاطها بالعرب الفاتحين القادمين من جزيرة العرب.

وتوجد طبعا جينات افريقية عند سكان اليمن وحضرموت نتيجة الاختلاط ولكن تلك الجينات تسمى طارئة وليست أصلية.
وقد لوحظ وجود جين في تلك المناطق الجنوبية دلت المطابقات على أنه ينتمي للهابلوجروب j الخاص بالشعوب السامية ولذلك قامو بتسميته بالجين j* ويحلو للبعض تسميته بجين العرب البائدة (يزعمون انه لبقايا عاد وثمود وطسم ووبارة .....الخ) وان كنت لسباب معينة غير متأكد من ذلك وعلى كل فربما كان هذا الجين لشعب سامي منسي عاش في أقصى جنوب الجزيرة العربية ذاب فيما بعد مع قدوم أول موجات عرب الجنوب الذين لا يعلم الى الآن موطنهم قبل قدومهم اليمن وحضرموت(والتي تفرقو منها أيضا فيما بعد بعد فيضان سد مأرب الذي ألمح اليه في القرآن الكريم).

من الواضح اننا سنختلف
انت قلت انك مقتنع بان الساميين اصلا خرجوا من شبه الجزيره العربيه مستندا على راى منطقى وهو هجره الشعوب من الصحارى وفعلا كان تغيرات المناخ من اهم اسباب الهجرات الجماعيه للشعوب القديمه وهذا ما حدث للحاميين والشعوب الهند اوروبيه
لكن
النقطه الاولى ,الهجرات التى نتحدث عنها حدثت من 4000 الى 3000 الى 2000 الى 1000 ق.م وشبه الجزيره العربيه اصلا كانت صحراء قبل ذلك بكثير ومن غير المنطقى وجود كثافه سكانيه فى صحراء
النقطه الثانيه , لو الموطن الاصلى كان شبه الجزيره العربيه فهل هاجر العرب شمالا ثم عادوا من جديد ........ فهذه غير منطقيه

لذلك قدوم الساميين من الشمال هو المنطقى الى الجنوب والعرب كان اخر القادمين لذلك اتجهوا جنوبا الى الصحراء لصعوبه الحياه فى سوريه الكبرى بسبب التركيبه العرقيه من العديد من الشعوب المتصارعه ...فهذا منطقى

التركيبه السكانيه لغرب اسيا كانت حاميه قبل 4000 ق.م وربما الى ما بعد ذلك بكثير وهى عباره عن تاثر كبير من السكان المهاجرين من الصحراء الكبرى (يحملون الجين e ) وتحليل ال dna لازال يؤكد وجود بقايا هذا الهيلجلوب فى العراق وشبه الجزيره العربيه
على سبيل المثال موجود فى عمان بنسبه 9% وهى نسبه كبيره
لذلك اللغات الساميه نفسها قد تكون اصلا افريقيه والشعوب الساميه المهاجره هى التى اكتسبتها وهذا سبب التقارب بين اللغات المعروفه بالعائله الافرواسيويه , ففى التوراه تم ذكر لكنعانيين على انهم حاميين (وان كان تم وصفهم بذلك لكونهم اعداء) لكن الكنعانيين غير معروفين لاى احد لانهم ببساطه شعب لم يخلف ورائه اثار تعرفنا به او باى شىء عنه او ربما قد ازيلت عمدا

عند الحديث عن العرب كشعب اثنى فيجب ان تتحدث عن شبه الجزيره العربيه فقط ولا تخلطهم مع العراق او سوريا فكلاهم فى عائله اثنيه واحده ولكنهم مختلفين

j 1 غير مميز للعرب تماما فهو موجود فى داغستان مثلا بنسبه تفوق ال 60 % وانت اهملت ذكر ال e فى شبه الجزيره العربيه
تحديدا المحدد m267 هو المميز للعرب وال j2 m172 فى العراق ......
على العموم ال j يمكن وصفها بانها مميزه لمنطقه كبيره فى غرب اسيا والمحيط الهندى ايضا والى حد ما شمال افريقيا
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

انا بلوشي وتم فحص جينات البلوش جميعهم سامين مهاجرين من العراق من الاف السنين وتذكر الرويات البلوشيه انه جميع من سكن بلوجستان هم بالاصل من العراق هذا الكلام قبل ظهور العربيه او الاصل العربي وحته مناطق الفرس كانت تحت سيطرة العراق السامي العراقي الاصل .
والله اعلم بالصحيح.
 
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

من الواضح اننا سنختلف
انت قلت انك مقتنع بان الساميين اصلا خرجوا من شبه الجزيره العربيه مستندا على راى منطقى وهو هجره الشعوب من الصحارى وفعلا كان تغيرات المناخ من اهم اسباب الهجرات الجماعيه للشعوب القديمه وهذا ما حدث للحاميين والشعوب الهند اوروبيه
لكن
النقطه الاولى ,الهجرات التى نتحدث عنها حدثت من 4000 الى 3000 الى 2000 الى 1000 ق.م وشبه الجزيره العربيه اصلا كانت صحراء قبل ذلك بكثير ومن غير المنطقى وجود كثافه سكانيه فى صحراء
النقطه الثانيه , لو الموطن الاصلى كان شبه الجزيره العربيه فهل هاجر العرب شمالا ثم عادوا من جديد ........ فهذه غير منطقيه

لذلك قدوم الساميين من الشمال هو المنطقى الى الجنوب والعرب كان اخر القادمين لذلك اتجهوا جنوبا الى الصحراء لصعوبه الحياه فى سوريه الكبرى بسبب التركيبه العرقيه من العديد من الشعوب المتصارعه ...فهذا منطقى

التركيبه السكانيه لغرب اسيا كانت حاميه قبل 4000 ق.م وربما الى ما بعد ذلك بكثير وهى عباره عن تاثر كبير من السكان المهاجرين من الصحراء الكبرى (يحملون الجين e ) وتحليل ال dna لازال يؤكد وجود بقايا هذا الهيلجلوب فى العراق وشبه الجزيره العربيه
على سبيل المثال موجود فى عمان بنسبه 9% وهى نسبه كبيره
لذلك اللغات الساميه نفسها قد تكون اصلا افريقيه والشعوب الساميه المهاجره هى التى اكتسبتها وهذا سبب التقارب بين اللغات المعروفه بالعائله الافرواسيويه , ففى التوراه تم ذكر لكنعانيين على انهم حاميين (وان كان تم وصفهم بذلك لكونهم اعداء) لكن الكنعانيين غير معروفين لاى احد لانهم ببساطه شعب لم يخلف ورائه اثار تعرفنا به او باى شىء عنه او ربما قد ازيلت عمدا

عند الحديث عن العرب كشعب اثنى فيجب ان تتحدث عن شبه الجزيره العربيه فقط ولا تخلطهم مع العراق او سوريا فكلاهم فى عائله اثنيه واحده ولكنهم مختلفين

j 1 غير مميز للعرب تماما فهو موجود فى داغستان مثلا بنسبه تفوق ال 60 % وانت اهملت ذكر ال e فى شبه الجزيره العربيه
تحديدا المحدد m267 هو المميز للعرب وال j2 m172 فى العراق ......
على العموم ال j يمكن وصفها بانها مميزه لمنطقه كبيره فى غرب اسيا والمحيط الهندى ايضا والى حد ما شمال افريقيا
أخي الكريم يعلم الله أنني نبهت سابقا الى أنني لا اريد الخوض في موضوع الجينات لأني أريد التركيز علىى موضوع الخزر ولكن سأوجز ردي بنقاط وارجو أن نختم النقاش هنا فلا أريد أمور خارجة عن الموضوع:
أولا شبه جزيرة العرب أثبتت الحفريات وجود حيوانات فيها لا تتواجد الا في مناطق زراعية كالحمار والبقر وما الى ذلك وتعود أعمار بعض هياكلها الى ال 2000 سنة مما يدل على وجود واحات كثيرة فيها يوما ما.
وهي قد خضعت لدورات كثيرة من التصحر والاخضرار وهذا موضوع أحتفظ به على جهازي والحمد لله أن رابطه لا زال سليما وأنا أضعه هنا لفائدة القراء

http://www.aqarcity.com/t613833.html

ثانيا شبه جزيرة العرب لطالما شهدت موجات هجرة الى بلاد الشام والعراق وبقيت مستمرة حتى بدايات القرن الماضي كنوع من الهجرة الى مناطق الخصب فمن الصعب تصور هجرة من مناطق الخصب الى المناطق القاحلة (عائلتي شخصيا تنتمي الى عشيرة هاجرت من منطقة حائل الى حوران جنوب سورية بعد جفاف عدد من الواحات في منطقتهم وتعرضهم لقبيلة أقوى منهم أجبرتهم على ترك الواحة وبالتالي ضربو مهاجرين حتى وصلو حوران ثم بدأو بالاستقرار) مما جعل الكثير من المستشرقين يشبه جزيرة العرب بالخزان البشري الذي يضخ البشر الى منطقة الهلال الخصيب.
اضافة الى أن استقراء حركات هجرة الشعوب تاريخيا ثبت انها كانت حركات من الجنوب الى الشمال وليس العكس باستثناء الهجرات التي تسمى بالعسكرية (أي التي تكون نتيجة فتوحات) فهي لم تحدد باتجاه معين.
ثالثا انا لم اقل أن العرب هاجرو شمالا ثم عادو ولكن هاجرت من جزيرة العرب شعوب سامية منها العموريين(ومنهم ابراهيم عليه السلام) الذين هاجرو من شبه الجزيرة العربية(ولازال لهم بقايا وآثار منها ما هو على سواحل البحر الأحمر الشمالية) ثم عاد أحد أبنائهم (اسماعيل عليه السلام)الذي اختلط بالعرب العاربة وتناسلت منه العرب المستعربة.
وربما لن توافقني أخي الكريم ولكن أنا مؤمن بالرواية الدينية الاسلامية بكون عرب الشمال من نسل اسماعيل عليه السلام فهذا ثبت بأحاديث صحيحة ولا قول فوق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما العاربة فهم كانو بالأساس في شبه الجزيرة العربية ولم يهاجرو اليها من مناطق اخرى ولم يخرجو منها الى الشمال أبدا ويعودو اليها وقد حصلت من كثير منهم طبعا هجرات متفرقة الى خارج الجزيرة العربية دون عودة اليها وأغلبها كان في موجات الفتح الاسلامي .
اذا فما أقوله أن موطن الساميين الأصلي هو شبه الجزيرة العربية فهاجرت منهم جماعات على شكل موجات الى مناطق الخصب دون رجعة(ان استثنينا حادثة سكن اسماعيل عليه السلام وأمه هاجر لمنطقة مكة المكرمة وهي حادثة أفراد لا جماعات على شكل موجات هجرة) وبقيت منهم جماعات في موطنها الأصلي أو قامت فيه بهجرات داخلية(أي من منطقة الى أخرى داخل شبه الجزيرة العربية).
خامسا مسألة كون غرب آسية حامية قبل 4000 سنة تحتاج أدلة وأثار قديمة ومسالة وجود جينات حامية داخل تلك المنطقة لا تؤكد أنها كانت حامية قبل وجود الساميين فقد تكون الجينات جينات طارئة حصلت نتيجة هجرة بعض الأفارقة نتيجة التجارة أو جلب العبيد الذين تحررو فيما بعد(منطقة جنوب الجزيرة العربية احتكت كثيرا مع شرق افريقية عبر غزو الأحباش أو عبر العبيد المحررين أو عبر عمليات هجرة الى تلك المناطق ثم اقامة فيها خاصة أن تلك المناطق قد عرفت الثروة حين كانت منافذ تجارية بحرية على الهند والصين).
ثم بناء على ذلك يستطيع اي شخص مثلا أن يقول أن أقدم شعوب تلك المنطقة شعوب تركية مغولية فالسلالة c الخاصة بالشعوب التركية المغولية موجودة بكثرة في بلاد الشام والعراق وبالتحديد السلالتين c3* و c3c ولكن من المعروف طبعا أن تلك الجينات دخلت نتيجة التأثير العرقي التركي الذي ابتدأ منذ عهد السلاجقة.
سادسا بالنسبة للكنعانيين فأصلهم حتى الآن محير ولكن العلماء لا يثقون بالرواية التوراتية التي تصنفهم كحاميين وعلى الأرجح فان اليهود ألصقوهم بالحاميين حتى ينالو اللعنة التي ذكر في الرواية التوراتية أن نوحا صبها على حام بن نوح ودعى أن يكون اولاده عبيدا لأولاد أخوته سام ويافث.
ولكن بعض المخطوطات الفينيقية ذكرت قرابة معهم مما يلقي باشارة الى كونهم ساميين كالفينيقيين وان كان كل هذا في طور النظريات دون اثبات قاطع.
سابعا يبدو ان الأمر اختلط عليك أخي فتلك الدراسة المترجمة عن شعوب القوقاز (والتي تم نقلها في المواقع العربية ببعض التلاعب من الناقلين) قرأتها في مصادرها الأصلية باللغة الروسية في كتاب عن الانثروبولوجيا الخاصة بالشعوب القاطنة لروسيا وهي دراسة لأورفينو ألاريكو أشرف عليها الدكتور جورجيو باولي من كلية الجينات في جامعة بيزا الايطالية لم تذكر أن الجين موجود في داغستان بنسبة 60%(وللمعلومية فالداغستان ليسو قومية واحدة كالشيشان والشركس ولكن بلد متعدد القوميات) انما ذكرت وجود الجين بنسبة 21% في داغستان ثم فصل في نسب وجودها عند أفراد القوميات هناك فذكر أنها موجودة بشكل ملحوظ عند أفراد من شعوب الشيشان والأفار والكوباشي واللكز واحتل فيه الشيشانيون نصيب الأسد اذ أثبت وجود الجين j1 بنسبة 60 % منهم(وهنا حصل الخلط أخي بين نسبة 60% في داغستان ونسبة 60% عند الشيشانيين) وهنا من المستغرب وجود هذا الجين الذي سماه العلماء جين القبائل العربية في جيب منعزل عن المركز (وهو الجزيرة العربية) ولذلك فبعض الروس هنا حاول القول بان الشيشانيين بالأساس عرب واكتسبت أفراد من باقي قوميات القوقاز منهم ذلك الجين العربي بالمصاهرة (وهي نظرية سياسية الدوافع أساسا وأول من أطلقها للمعلومية بروفسور يهودي هو يفغيني ساتانوفسكي رئيس معهد دراسة الشرق الأوسط وهو غير متخصص في الاثنيات ولكن له دوافع سياسية من اطلاق تلك النظرية) وأنا شخصيا أستبعد تلك النظرية استبعادا تاما لأسباب طويلة وخير جواب على وجود ذلك الجين بكثرة هناك هو اتباع الأمويين لسياسة ارتكزت على ابعاد العناصر المشبوهه وتشجيع العناصر العربيه على الاستيطان بالمنطقة ، فقد ذكر المؤرخون العرب أن مسلمة بن عبدالملك أسكن 24 الف من عرب الشام في مدينة باب الابواب(دربند حاليا) وأدت مثل تلك السياسات الى تغير التركيب البشري للمنطقة وأصبح العنصر العربي العمود الفقري في الدفاع عن في منطقة داغستان ضد الخزر و في العهد العباسي أيضا أقطع الخليفة أبي جعفر المنصور يزيد بن أسيد السلمي مناطق شايعة في تلك الأرض أسكنه كثيرا من الجند العرب من الشام والجزيرة(ومعظم عرب تلك المناطق بالمناسبة من العرب اليمانية العاربة) مما أدى لنشر الاسلام هناك أكثر وخاصة في بلاد الران ولذلك فمن يحملون هذا الجين هناك اما أحفاد أولئك العرب واما اكتسبه أجدادهم بالمصاهرة مع أولئك العرب.
وللمعلومية أخي فان زرت مناطق داغستان فستجد أهل تلك المناطق يحدثونك عن كثير من العائلات تنتمي بأصولها الى الجنود العرب الفاتحين ومنهم من ينتسبون لبعض الصحابة رضوان الله عليهم والذين شاركو في موجة الفتح الأولى ولازالت قبورهم محفوظة في دربند(يوجد برنامج وثائقي يتحدث عن ذلك في قناة روسيا اليوم وفيه مشاهد لتلك القبور التي كتبت شواهدها بالعربية).
ثامنا بالنسبة للتشابه اللغوي بين اللغات الحامية والسامية وهو الدليل الذي اعتمده المستشرق البريطاني نولدكه لاثبات الأصل الافريقي للساميين فقد رددنا وقلنا ((
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف اختفت اللغات السامية من أفريقيا ما عدا الحبشية القريبة من جزيرة العرب؟ إن ما يتكلم عنه نولدكه مرحلة موغلة في القدم تعود إلى ما قبل العائلة الحامية السامية. هذه الدلائل اللغوية غير واضحة والتشابه لا يعني أن الأصل لا بد أن كان في إفريقيا. لم لا يكون أصل الحاميين والساميين في جزيرة العرب ثم انتقل الحاميون إلى إفريقيا ؟)).
تاسعا بالنسبة للسلالة J فتركيزها يقع في غرب آسيا(شبه الجيرة العربية والهلال الخصيب) ويتواجد جزء منها في سواحل المحيط الهندي(نتيجة احتكاك تجاري بين موانئه وموانئ عمان واليمن) وفي شمال افريقية(نتيجة هجرة أقسام من العرب الى مصر والمغرب الاسلامي واحتكاكهم باهل مصر الأصليين والأمازيغ السكان الأصليين للمغرب) واضيف الى معلوماتك أيضا اثيوبيا وأريتريا فقد وجد فيها أيضا الهابلوجروب j بنسب معينة ووجد في الصومال بنسبة كبيرة ولا عجب فتلك المناطق كثيرا ما احتكت باليمن تجارة وحربا.
عاشرا أعرف أن العرب كما عرفو كأمة قبل الاسلام غير العموريين والآراميين في الشام والعراق ولكن تلك الشعوب صارت تسمى عرب من باب التغليب حيث أنها جميعا شعوب سامية ولكن سادت بينها احدى اللغات السامية وهي لغة العرب فصارو يتكلمون بلغة واحدة وهم أصلا من عائلة اثنية واحدة فتم جمعهم تحت اسم العرب من باب تغليب الأقوى تأثيرا فمثلا المغول كانت قبيلة واحدة من ضمن عدة قبائل تنتمي لنفس العرق ولكن حين اتحدت تلك القبائل تحت جنكيز خان تمت تسمية تلك القبائل جميعا بالمغول تغليبا لاسم القبيلة الأقوى تأثيرا وكذلك قبائل الهون فهم مجموعة قبائل لشعب نسيت اسمه الآن ولكن كون قبيلة الهون كان ينتمي لها آتيلا وأخوه بيلدو وابوهما تمت تسمية كل تلك الجموع باسم الهون.

اخيرا اخي ارجو تلبية رغبتي بعدم التفرع في النقاش في هذا الموضوع لأني أريده ان يبقى مقتصرا على الخزر وعلى كل فالاختلاف للرأي لايفسد للود قضية وان كانت لديك رغبة في استمرار النقاش معي فبامكانك اما عبر الرسائل الخاصة او الماسنجر او في موضوع آخر وقد تشرفت كثيرا في النقاش معك فان شئت الاكمال فأرجو أن لا يكون ذلك ضمن هذا الموضوع (وأنا صاحبه الذي كتبه ومن طلب من الأخوة عدم التفرع بموضوع جانبي) منعا لتفريعه.
 
التعديل الأخير:
رد: شعب الخزر ودولته وحروبه مع العرب

انا بلوشي وتم فحص جينات البلوش جميعهم سامين مهاجرين من العراق من الاف السنين وتذكر الرويات البلوشيه انه جميع من سكن بلوجستان هم بالاصل من العراق هذا الكلام قبل ظهور العربيه او الاصل العربي وحته مناطق الفرس كانت تحت سيطرة العراق السامي العراقي الاصل .
والله اعلم بالصحيح.
أهلا وسهلا أخي بك وبكل أخواننا البلوش.
على كل اخي اعرف شيئا وهو ليس كل سامي=عربي ولكن كل عربي=سامي.
انما القصة أن الشعوب السامية اتحد معظمها الآن تحت لغة سامية واحدة فاكتسبو اسم شعبها من باب تغليب الأظهر كما قلت.
وعلى كل وجدت رابط جميل في الويكبيديا عن البلوس وفيه معلومات هامة ونظريات جديرة بالدراسة.
http://ar.wikipedia.org/wiki/بلوش
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى