الخزر هم شعوب تركية مغولية استوطنت المنطقة الممتدة من شمال القوقاز الى نهر الفولغا واخضعت تحت حكمها كثيرا من الشعوب كبلغار الفولغا والروس الذين بقيو يدفعون لها الجزية حتى عام 965 حين قام الأمير الروسي سفياتوسلاف الأول (دوق كييف) بهزيمة جيوشهم مما أدى الى تحطمهم كامبراطورية حيث تشتت قسم منهم في روسيا ومنها تسربو الى شرق أوروبا بينما بقي قسم أخر في منطقة ضيقة عند الفولغا السفلى في استقلال ذاتي الى أن أتت عليهم الغزوات المغولية في القرن الثالث عشر الميلادي فأنهت وجودهم وشتت ما بقي منهم في المناطق الروسية والشرق أوروبية حتى وصلو الى ألمانيا وقد أكد الكاتب اليهودي البريطاني الجنسية أرثر كويستلر، الذي ولد عام 1905 في بودابست- المجر، في كتابه الذي صدر عام 1976 بعنوان السبط الثالث عشر أن معظم اليهود الأشكناز وخاصة يهود أوروبا الشرقية ،هم من أحفاد الخزر ويذكر أن كويستلر كان من دعاة الصهيونية والعودة الى ارض اسرائيل، كما شغل منصب مساعد لزئيف جبوتنسكي أحد زعماء الحركة الصهيونية.
من الطبيعي أن ما قاله كويستلر لم يعجب الصهاينة أبدا لأنه أظهر للعالم مالم يرغب الصهاينة أن يظهر فهو ينهي أسطورة الشعب اليهودي الواحد ، و يقوض مطالب الصهيونية المزعومة بعودة الشعب اليهودي إلى وطنه الأم فلسطين. كما أن ذلك يعني، أن معظم اليهود الذين نجوا من النازية الألمانية ليسوا من أصول سامية بل من أصول خزرية، وهذا يعرض شعار" معاداة السامية" الذي استعمله الصهاينة كمظلة لهم ولمطالبهم للخطر.
ولذلك ثارت ثائرة اليهود والصهاينة ولم تهدأ، وكتبوا ردوداً عديدة على كويستلر تشكك بالدقة التاريخية لكتابه. وما برح العلماء اليهود ينشرون دراسة جينية تلو أخرى تشكك بعلاقة الأشكناز بالخزر، منها دراسة نشرت عام 2005. ويشير اللغويون اليهود أن الأشكناز إن كانوا خزريي الأصول، فإن اللغة اليديشية التي يتحدثونها تخلو فعلياً من التأثيرات التركية التي ينتسب إليها الخزر... الخ...
وعلى كل فرغم تلك الدراسات الجينية(احداها دراسة ادعو فيها ان نسبة من يحملون جينات الخزر بين الاشكناز هم 12 % فقط) فاننا لا نستطيع التسليم بها بالمطلق أولا لمعرفتنا بالنفوذ اليهودي في مختلف الدوائر العلمية الغربية ولن تكون الدوائر العلمية الخاصة بالحمض النووي استثناء وخاصة أن تلك الدراسات تتعارض أيضا مع دراسات لجهات علمية أخرى ربما تكون أبعد عن التأثر بعبث النفوذ اليهودي فقد اتضح من تقرير نشره علماء جينات اميركيون عدم انتماء اليهود الاشكناز الى الاجناس التي تعيش في الشرق الاوسط، ذلك ان العينات التي قام العلماء بفحصها جاءت من سبع مجموعات يهودية: هي الاشكناز وروما وشمال افريقيا والاكراد والشرق الاوسط واليمن واثيوبيا، بينما يمثل الاشكناز الغالبية العظمى لليهود الحاليين، فإن المجموعات التي اتفقت مع الجينات العربية تنتمي كلها الى طائفة السفاراديم، ولم تتفق جينات الاشكناز الا مع جينات بعض سكان مناطق سورية والعراق، وخاصة في الشمال منهما ومن المعروف خضوع تلك المناطق للتأثير السلالي لشعوب آسيا الوسطى التركية-المغولية منذ عهد السلاجقة الى العصر العثماني.
ولا يفوتنا أن نذكر بالدكتور المصري زاهي حواس الامين العام للآثار في مصر، اجراء فحوص الحمض النووي على اي من المومياءات المصرية. والسبب الذي جعله يحرم استخدام احدث الوسائل العلمية عند فحص المومياءات هو خشيته ـ كما قيل ـ من اعطاء اليهود فرصة، لاثبات انهم ساهموا في بناء الاهرام المصرية رغم موافقته على ان الفحص بالحمض النووي هو سبيلنا الوحيد للتأكد من شخصية أصحاب المومياءات، فإنه رفض هذه الوسيلة بحجة انه «قد يعطي الفحص الفرصة للبعض لاختلاق قصص وحكايات نحن في غنى عنها.. لذلك فإننا لن نسمح باجراء هذه الابحاث.. فقد منعنا تماما هذه الابحاث على المومياءات الملكية، وكذلك الهياكل العظمية من مقابر العمال بناة الاهرام، لأنه يمكن ان يندس احد الصهاينة ضمن فريق العمل ويقوم بدراسة الهياكل العظمية الخاصة بالعمال بناة الاهرام ويشير الى ان بناة الاهرام كانوا يهودا».
ومع أن كويستلر كان يهودياً صهيونياً اعتبر أن مشروعية "إسرائيل" تنبع من القرار الدولي بتأسيسها وليس من أي عهد توارتي أو علاقة جينية مع العبرانيين القدامى، فإن العبرة السياسية لدراسته التاريخية بسيطة تماماً: إذا كان الأشكناز الذين يشكلون الآن غالبية يهود العالم ويسيطرون على الكيان الصهيوني واللوبي اليهودي العالمي خزراً، أي اتراك المنابت، فإن ذلك يخرجهم من العرق السامي، كما أنه يخرجهم من نسب سيدنا إبراهيم، ومن أي عهد للنبي موسى، فهم ليسوا من أحفاد العبرانيين القدماء... وهذا لا يفقدهم الحق ب"أرض الميعاد" فحسب حسب توراتهم نفسها، بل يحرمهم أيضاً من حق توجيه تهمة "معاداة السامية" لمن يعاديهم في الغرب لأنهم ببساطة ليسوا "ساميين"
لذلك، كان لا بد لعلوم التاريخ والجينات واللغويات أن تثبت أن الأشكناز ليسوا خزراً ولو وقفت كل تلك العلوم على رأسها، لأن مصلحة اليهود والإمبريالية العالمية تقتضي ذلك، ولهذا فإننا لا نستطيع أن نثق بالمصداقية العلمية أو بمهنية أي من البحوث التي تدحض كويستلر ما دامت المشروعية التاريخية للكيان الصهيوني والمشروعية السياسية للوبي اليهودي العالمي على المحك.
أيا كان الأمر فان الذي لا شك فيه هو أن ثمة شعب هو الخزر كان يقطن يوماً ما المنطقة الواقعة إلى الشمال من ضفاف بحري قزوين والأسود، وأن ذلك الشعب المؤلف من قبائل شبه حضرية شكل له دولة في القرن السابع الميلادي، أي في نفس الفترة التي قامت فيها الدولة العربية-الإسلامية الأولى.
ومما لا شك فيه أيضاً أن تلك الدولة الخزرية الصاعدة خاضت سلسلة من الحروب مع العرب في القرنين السابع والثامن الميلادي. وقد وقعت أولى تلك الحروب في العهد الراشدي عام 650 ميلادي كما جاء في تاريخ الطبري، حيث تقدمت قوة عربية بقيادة عبد الرحمن بن ربيعة لفتح شمال القوقاز وحققت اختراقاً حقيقياً حتى اصطدمت بقوة خزرية ردتها على أعقابها على أبواب مدينة بلنجر وقد تمددت دولة الخزر وبسطت نفوذها على شبه جزيرة القرم بعد ذلك فيما استمرت المساجلات بينها وبين الدولة العربية-الإسلامية الصاعدة في مناطق القوقاز وشمال ايران الحالية، وقد تحالفت دولة الخزر أبان ذلك مع البيزنطيين، قبل أن تقوى شوكتها وتدخل في صراعات معهم.
بعد هذه المقدمة ندخل في صلب الموضوع فما يهمنا من الموضوع هو الحروب العربية الخزرية التي حصلت في العهد الأموي والتي شهدت ذروة الصدام بين الطرفين وقد استفدنا معلومات مفيدة عن ذلك الصراع من الانترنت الروسية التي تحدثت بتفصيل عن الخزر وعن حروب العرب معهم ونحاول نقل أهم المعلومات كما وجدناها.
في عهد الخلافة الأموية انطلقت الفتوحات العربية الاسلامية في عدة اتجاهات وفي أماكن مختلفة فواجهو القوط الغربيين غربا في اسبانيا ثم الفرنجة في فرنسا وواجهو الترك شرقا في ما وراء النهر كما واجهو البيزنطيين والخزر شمالا ولكن في هذه المرة فان الجيش العربي الاسلامي اخترق ما وراء القفقاز وبقوة وقطع مسافات كبيرة .
حيث بدأت حرب متواصلة بين الخزر والعرب تبادلا فيها النجاحات وكان البيزنطيين قد شكلو وفقا لخطة من الامبراطور ليو الثالث تحالفا مع دولة الخزر (توج فيما بعد بزواج قسطنطين ابن ذلك الامبراطور بأميرة خزرية).
وقد بدأت الحروب العربية الخزرية في العصر الأموي أثناء الحصار الثاني الذي قام به الجيش الأموي للقسطنطينية عام 717-718 حين قام الخزر بالتحرش بأذربيجان التي كانت تحت الحكم الأموي مما اضطر الخلافة الأموية الى توجيه قطع من جيشها الى تلك المناطق في وقت كانت كانت فيها تحتاجها في حربها مع البيزنطيين أثناء حصار القسطنينية في عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك واستؤنفت المناوشات في عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك حيث أظهر فيها الجراح بن عبد الله الحكمي حاكم منطقة جنوب القوقاز(وكانت تضم اقليم أذربيجان اضافة الى أرمينية وجورجيا التي كانتا تخضعان للسلطة العربية مع احتفاظهما باستقلال ذاتي) براعة واستطاع جيدا حماية منطقته وقد كان النشاط العسكري الأموي وقتها مقتصرا على الدفاع بسبب تركيز الطاقة العسكرية على جبهات أخرى شرقا وغربا باستثناء غارة هجومية قام بها الجراح بن عبد الله الحكمي داخل دولة الخزر عام 722 اكتفت بالغنائم والأسرى على مدينة بلنجر.
ولكن في العام 730-731 قام الخزر بأعنف وأقوى هجوم لهم داخل أراضي دولة الخلافة وكان ذلك في عهد هشام بن عبد الملك.
اذ هاجم جيش خزري ضخم (قدرته المصادر العربية ب 300 ألف مقاتل) منطقة أذربيجان تحت قيادة بارجليم ابن خاقان الخزر الذي اقتحم مناطق السيطرة العربية عبر مضيق داريل(الذي يعد حاليا نقطة بين الحدود بين جمهوريات انغوشيا واوسيتيا الشمالية وجورجيا) وعبر الران حتى وصل الى اقليم اذربيجان شمال ايران الحالية وكان والي المنطقة الجراح بن عبد الله الحكمي الذي سبق له أن حارب الخزر كما أسلفنا لا يملك القوات الكافية لمواجهة ذلك الجيش الخزري قد شغل بجيشه مناطق حصينة في جبل سبلان منتظر قدوم تعزيزات من الخلافة, ولكن الجراح لسبب ما(ربما بسبب تهديد الخزر لمدينة أردبيل عاصمة ولايته) قرر النزول ومواجهة الخزر بالقوات التي معه(وكانت مؤلفة من 25 ألف مقاتل) والتي كان الخزر يتفوقون عليها تفوقا ساحقا وجرت معركة غير متكافئة بين الفريقين قرب أردبيل جرت أحداثها في الأيام 6-8 كانون الأول عام 730 واستمر القتال يومين وأبيدت فيها زهرة القوات الأموية وفي مساء اليوم الثاني ومع حلول الظلام ترك كثير من المقاتلين في الجيش الأموي أرض المعركة ولاذو بالفرار ولم يبقى مع الجراح قوات كبيرة وفي اليوم الثالث قام الخزر بهجوم أخير فر الجنود الأمويون أمامه وحسب الرواية فان الجراح استطاع أن يوقف الفرار وأقنع المقاتلين بالقتال معه والموت في سبيل الله واستشهد الجراح نفسه في تلك المعركة وقام القائد الخزري بقطع رأسه ووضعه على رمح .
ولم ينجو من المقاتلين العرب المسلمين في تلك المعركة الا بضع مئات وبعد تحطيم تلك القوة الأموية قام الخزر بحصار أردبيل وأحاطوها بالمنجنيقات وبعد مقاومة قصيرة استسلمت المدينة وقام الخزر بقتل ما تبقى من المقاتلة فيها وسبي السكان ثم انطلقت وحدات من الجيش الخزري للقيام بغارات عميقة فوصلت الى محيط الموصل وديار بكر ولكن تم صد الغارة على تلك المناطق ووفقا للمصادر العربية (الطبري) فان الجنود العرب كانو غاضبين من اهانة رأس قائدهم الجراح مما جعلهم يقاتلون بقوة فتمكنو من دحر الخزر في ضواحي الموصل .
ثم قام جيش أموي تحت قيادة مسلمة بن عبد الملك شقيق الخليفة هشام بن عبد الملك بهجوم مضاد تمكن فيه من استرداد المناطق التي احتلها الخزر ثم عبر الحدود بين الخلافة ودولة الخزر وقام بغارة احتل فيها مدينة بلنجر التي تقع شمال القوقاز فترة وجيزة ثم تركها محملا بالغنائم والأسرى وقام مسلمة بتحصين مدينة دربند(تقع حاليا في داغستان على شاطئ بحر قزوين وتشكل ممرا على شكل مضيق جبلي) والتي صارت ثغرا وحدا فاصلا بين دولة الخلافة ودولة الخزر .
وفي العام 737 ميلادية تحرك القائد مروان بن محمد(ابن عم الخليفة هشام بن عبد الملك والخليفة المستقبلي الذي سيكون أخر الخلفاء الأمويين وسيقتل على يد العباسيين) على رأس جيش من 120 ألف مقاتل واقتحم به أراضي دولة الخزر عبر مضيقي دربند وداريل واقتحم الجيش الأموي مدينة سمندر عاصمة الخزر ثم تابع مطاردة خاقان الخزر الذي هرب في عمق دولته وواصل الجيش الأموي مطاردته ووصل الجيش الأموي أثناء المطاردة الى النهر السلافي(على الراجح نهر الدون او الفولغا في الجنوب الروسي) حيث تم تحطيم الجيش الخزري بالكامل وطلب الخاقان الخزري السلام وفي مقابل الاحتفاظ بعرشه وعد الخاقان باعتناق الاسلام ويبدو أن اسلامه كان ظاهريا ويرجح أنه ارتد عنه فيما بعد وذلك أن الأمويين لم يقوو مراكزهم في الأماكن التي وصلوها بل انسحبت جيوشهم بناء على الاتفاق الذي عقد مع الخاقان وبعد انسحابهم بقيت دولة الخزر مستقلة ثم اشتعلت فتن داخلية في دولة الخلافة ابتدأت مع موت هشام بن عبد الملك وتولي الخليفة الوليد الثاني بن يزيد الحكم وانتهت بمصرع مروان بن محمد أخر خليفة أموي وانتهاء الخلافة الأموية عام 750 ميلادية وبدأ العصر العباسي مما أعطى الخزر فرصة لتنفس الصعداء واعادة تنظيم دولتهم والتحلل من الاتفاق السابق ويبدو أن العباسيين فيما بعد لم يهتمو بمواصلة الحرب ضد الخزر (كانت دولتهم عموما غير توسعية على عكس الدولة الأموية).
واستغلالا لتلك الاضطرابات ارتد خاقان الخزر بولان، بعدما أعلن إسلامه، ليؤكد على استقلاليته عن الخلافة الإسلامية وعن البيزنطيين المسيحيين في آنٍ معاً، فأشهر يهوديته في خطوة سياسية أخذت بعين الاعتبار بأن المسلمين العرب والمسيحيين البيزنطيين كلاهما يعترف باليهودية ديانةً سماوية.. وتهودت مع بولان الطبقة الخزرية الحاكمة على الأقل وكان الخزريون قبل ذلك وثنيين، وقد حدث ذلك في أربعينات القرن الثامن ، وهكذا نشأت دولة الخزر اليهودية.
وتشير المراجع التاريخية إلى أن دولة الخزر تلك لعبت دور حامية حمى يهود العالم، فكانت تقيم العلاقات السياسية والتجارية مع الجاليات اليهودية البعيدة (غير الخزرية)، وكانت تتبنى قضاياهم، وتنتقم لهم إن تعرضوا لأذى، وكانوا يهاجرون إليها، وكان حكامها يستقدمون الحاخامات من حول العالم لتعليم اليهودية للخزريين الذين لم تنتشر اليهودية تماماً بينهم إلا بعد فترة طويلة من الزمن. المهم أن دولة الخزر بين أواسط القرن الثامن الميلادي والقرن العاشر كانت بالنسبة ليهود الأمس ما تمثله "إسرائيل" ليهود اليوم: دولة اليهود الوحيدة في العالم.
ويبدو أن الديانة اليهودية اقتصرت على شعب الخزر الذي كان الشعب الرئيسي والحاكم في تلك الدولة أما باقي الشعوب ضمن تلك الدولة فقد بقيت على أديانها الأصلية الوثنية ومنها ما اعتنق الاسلام كعدد من الشعوب في القوقاز الشمالي اضافة لبلغار الفولغا ومنها من اعتنق المسيحية كالروس ويشير كثير من الرحالة المسلمين (ومن بينهم ابن فضلان ) الى وجود تلك الشعوب المسلمة داخل دولة الخزر التي زاروها ووصفوها.
وفي النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي وبعد توقف استمر 25 عاما قام الخزر بغارتين على القوقاز واحدة الاولى في 762 في عهد الخليفة المنصور حيث قامو بغارة كبيرة بجيش ضخم لم تصمد له القوة الموجودة لدى والي المنطقة يزيد بن أسيد ولكن الغارة اقتصرت على أخذ الغنائم والأسرى وانسحب الجيش الخزري بعدها والثانية في 799 في عهد هارون الرشيد والتي أغارو فيها على أرمينية وأذربيجان حيث بقوا هناك 70 يوما قبل ان يرسل لهم هارون الرشيد قوة بقيادة يزيد بن مزيد وخزيمة بن خازم التميمي الذين تمكنا من طردهم من المنطقة وكانت تلك الغارتين أخر نشاط حربي للخزر في تلك المنطقة (القوقاز) وأخر احتكاك حربي لهم مع العرب وباستثناء تلك الغارتين فقد عاشت دولة الخزر مع الخلافة الاسلامية العباسية في سلام وعلاقات ودية تجارية وثقافية , وتمتينا لتلك العلاقات السلمية فان كثيرا من الولاة العرب والمسلمين لأرمينية وأذربيجان تزوجو من بنات ملوك الخزر ومن بينهم يزيد بن أسيد السلمي الذي تزوج من خاتون ابنة خاقان الخزر بهاتور والفضل بن يحيي البرمكي الذي تزوج أيضا من ابنة خاقان الخزر.
من الطبيعي أن ما قاله كويستلر لم يعجب الصهاينة أبدا لأنه أظهر للعالم مالم يرغب الصهاينة أن يظهر فهو ينهي أسطورة الشعب اليهودي الواحد ، و يقوض مطالب الصهيونية المزعومة بعودة الشعب اليهودي إلى وطنه الأم فلسطين. كما أن ذلك يعني، أن معظم اليهود الذين نجوا من النازية الألمانية ليسوا من أصول سامية بل من أصول خزرية، وهذا يعرض شعار" معاداة السامية" الذي استعمله الصهاينة كمظلة لهم ولمطالبهم للخطر.
ولذلك ثارت ثائرة اليهود والصهاينة ولم تهدأ، وكتبوا ردوداً عديدة على كويستلر تشكك بالدقة التاريخية لكتابه. وما برح العلماء اليهود ينشرون دراسة جينية تلو أخرى تشكك بعلاقة الأشكناز بالخزر، منها دراسة نشرت عام 2005. ويشير اللغويون اليهود أن الأشكناز إن كانوا خزريي الأصول، فإن اللغة اليديشية التي يتحدثونها تخلو فعلياً من التأثيرات التركية التي ينتسب إليها الخزر... الخ...
وعلى كل فرغم تلك الدراسات الجينية(احداها دراسة ادعو فيها ان نسبة من يحملون جينات الخزر بين الاشكناز هم 12 % فقط) فاننا لا نستطيع التسليم بها بالمطلق أولا لمعرفتنا بالنفوذ اليهودي في مختلف الدوائر العلمية الغربية ولن تكون الدوائر العلمية الخاصة بالحمض النووي استثناء وخاصة أن تلك الدراسات تتعارض أيضا مع دراسات لجهات علمية أخرى ربما تكون أبعد عن التأثر بعبث النفوذ اليهودي فقد اتضح من تقرير نشره علماء جينات اميركيون عدم انتماء اليهود الاشكناز الى الاجناس التي تعيش في الشرق الاوسط، ذلك ان العينات التي قام العلماء بفحصها جاءت من سبع مجموعات يهودية: هي الاشكناز وروما وشمال افريقيا والاكراد والشرق الاوسط واليمن واثيوبيا، بينما يمثل الاشكناز الغالبية العظمى لليهود الحاليين، فإن المجموعات التي اتفقت مع الجينات العربية تنتمي كلها الى طائفة السفاراديم، ولم تتفق جينات الاشكناز الا مع جينات بعض سكان مناطق سورية والعراق، وخاصة في الشمال منهما ومن المعروف خضوع تلك المناطق للتأثير السلالي لشعوب آسيا الوسطى التركية-المغولية منذ عهد السلاجقة الى العصر العثماني.
ولا يفوتنا أن نذكر بالدكتور المصري زاهي حواس الامين العام للآثار في مصر، اجراء فحوص الحمض النووي على اي من المومياءات المصرية. والسبب الذي جعله يحرم استخدام احدث الوسائل العلمية عند فحص المومياءات هو خشيته ـ كما قيل ـ من اعطاء اليهود فرصة، لاثبات انهم ساهموا في بناء الاهرام المصرية رغم موافقته على ان الفحص بالحمض النووي هو سبيلنا الوحيد للتأكد من شخصية أصحاب المومياءات، فإنه رفض هذه الوسيلة بحجة انه «قد يعطي الفحص الفرصة للبعض لاختلاق قصص وحكايات نحن في غنى عنها.. لذلك فإننا لن نسمح باجراء هذه الابحاث.. فقد منعنا تماما هذه الابحاث على المومياءات الملكية، وكذلك الهياكل العظمية من مقابر العمال بناة الاهرام، لأنه يمكن ان يندس احد الصهاينة ضمن فريق العمل ويقوم بدراسة الهياكل العظمية الخاصة بالعمال بناة الاهرام ويشير الى ان بناة الاهرام كانوا يهودا».
ومع أن كويستلر كان يهودياً صهيونياً اعتبر أن مشروعية "إسرائيل" تنبع من القرار الدولي بتأسيسها وليس من أي عهد توارتي أو علاقة جينية مع العبرانيين القدامى، فإن العبرة السياسية لدراسته التاريخية بسيطة تماماً: إذا كان الأشكناز الذين يشكلون الآن غالبية يهود العالم ويسيطرون على الكيان الصهيوني واللوبي اليهودي العالمي خزراً، أي اتراك المنابت، فإن ذلك يخرجهم من العرق السامي، كما أنه يخرجهم من نسب سيدنا إبراهيم، ومن أي عهد للنبي موسى، فهم ليسوا من أحفاد العبرانيين القدماء... وهذا لا يفقدهم الحق ب"أرض الميعاد" فحسب حسب توراتهم نفسها، بل يحرمهم أيضاً من حق توجيه تهمة "معاداة السامية" لمن يعاديهم في الغرب لأنهم ببساطة ليسوا "ساميين"
لذلك، كان لا بد لعلوم التاريخ والجينات واللغويات أن تثبت أن الأشكناز ليسوا خزراً ولو وقفت كل تلك العلوم على رأسها، لأن مصلحة اليهود والإمبريالية العالمية تقتضي ذلك، ولهذا فإننا لا نستطيع أن نثق بالمصداقية العلمية أو بمهنية أي من البحوث التي تدحض كويستلر ما دامت المشروعية التاريخية للكيان الصهيوني والمشروعية السياسية للوبي اليهودي العالمي على المحك.
أيا كان الأمر فان الذي لا شك فيه هو أن ثمة شعب هو الخزر كان يقطن يوماً ما المنطقة الواقعة إلى الشمال من ضفاف بحري قزوين والأسود، وأن ذلك الشعب المؤلف من قبائل شبه حضرية شكل له دولة في القرن السابع الميلادي، أي في نفس الفترة التي قامت فيها الدولة العربية-الإسلامية الأولى.
ومما لا شك فيه أيضاً أن تلك الدولة الخزرية الصاعدة خاضت سلسلة من الحروب مع العرب في القرنين السابع والثامن الميلادي. وقد وقعت أولى تلك الحروب في العهد الراشدي عام 650 ميلادي كما جاء في تاريخ الطبري، حيث تقدمت قوة عربية بقيادة عبد الرحمن بن ربيعة لفتح شمال القوقاز وحققت اختراقاً حقيقياً حتى اصطدمت بقوة خزرية ردتها على أعقابها على أبواب مدينة بلنجر وقد تمددت دولة الخزر وبسطت نفوذها على شبه جزيرة القرم بعد ذلك فيما استمرت المساجلات بينها وبين الدولة العربية-الإسلامية الصاعدة في مناطق القوقاز وشمال ايران الحالية، وقد تحالفت دولة الخزر أبان ذلك مع البيزنطيين، قبل أن تقوى شوكتها وتدخل في صراعات معهم.
بعد هذه المقدمة ندخل في صلب الموضوع فما يهمنا من الموضوع هو الحروب العربية الخزرية التي حصلت في العهد الأموي والتي شهدت ذروة الصدام بين الطرفين وقد استفدنا معلومات مفيدة عن ذلك الصراع من الانترنت الروسية التي تحدثت بتفصيل عن الخزر وعن حروب العرب معهم ونحاول نقل أهم المعلومات كما وجدناها.
في عهد الخلافة الأموية انطلقت الفتوحات العربية الاسلامية في عدة اتجاهات وفي أماكن مختلفة فواجهو القوط الغربيين غربا في اسبانيا ثم الفرنجة في فرنسا وواجهو الترك شرقا في ما وراء النهر كما واجهو البيزنطيين والخزر شمالا ولكن في هذه المرة فان الجيش العربي الاسلامي اخترق ما وراء القفقاز وبقوة وقطع مسافات كبيرة .
حيث بدأت حرب متواصلة بين الخزر والعرب تبادلا فيها النجاحات وكان البيزنطيين قد شكلو وفقا لخطة من الامبراطور ليو الثالث تحالفا مع دولة الخزر (توج فيما بعد بزواج قسطنطين ابن ذلك الامبراطور بأميرة خزرية).
وقد بدأت الحروب العربية الخزرية في العصر الأموي أثناء الحصار الثاني الذي قام به الجيش الأموي للقسطنطينية عام 717-718 حين قام الخزر بالتحرش بأذربيجان التي كانت تحت الحكم الأموي مما اضطر الخلافة الأموية الى توجيه قطع من جيشها الى تلك المناطق في وقت كانت كانت فيها تحتاجها في حربها مع البيزنطيين أثناء حصار القسطنينية في عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك واستؤنفت المناوشات في عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك حيث أظهر فيها الجراح بن عبد الله الحكمي حاكم منطقة جنوب القوقاز(وكانت تضم اقليم أذربيجان اضافة الى أرمينية وجورجيا التي كانتا تخضعان للسلطة العربية مع احتفاظهما باستقلال ذاتي) براعة واستطاع جيدا حماية منطقته وقد كان النشاط العسكري الأموي وقتها مقتصرا على الدفاع بسبب تركيز الطاقة العسكرية على جبهات أخرى شرقا وغربا باستثناء غارة هجومية قام بها الجراح بن عبد الله الحكمي داخل دولة الخزر عام 722 اكتفت بالغنائم والأسرى على مدينة بلنجر.
ولكن في العام 730-731 قام الخزر بأعنف وأقوى هجوم لهم داخل أراضي دولة الخلافة وكان ذلك في عهد هشام بن عبد الملك.
اذ هاجم جيش خزري ضخم (قدرته المصادر العربية ب 300 ألف مقاتل) منطقة أذربيجان تحت قيادة بارجليم ابن خاقان الخزر الذي اقتحم مناطق السيطرة العربية عبر مضيق داريل(الذي يعد حاليا نقطة بين الحدود بين جمهوريات انغوشيا واوسيتيا الشمالية وجورجيا) وعبر الران حتى وصل الى اقليم اذربيجان شمال ايران الحالية وكان والي المنطقة الجراح بن عبد الله الحكمي الذي سبق له أن حارب الخزر كما أسلفنا لا يملك القوات الكافية لمواجهة ذلك الجيش الخزري قد شغل بجيشه مناطق حصينة في جبل سبلان منتظر قدوم تعزيزات من الخلافة, ولكن الجراح لسبب ما(ربما بسبب تهديد الخزر لمدينة أردبيل عاصمة ولايته) قرر النزول ومواجهة الخزر بالقوات التي معه(وكانت مؤلفة من 25 ألف مقاتل) والتي كان الخزر يتفوقون عليها تفوقا ساحقا وجرت معركة غير متكافئة بين الفريقين قرب أردبيل جرت أحداثها في الأيام 6-8 كانون الأول عام 730 واستمر القتال يومين وأبيدت فيها زهرة القوات الأموية وفي مساء اليوم الثاني ومع حلول الظلام ترك كثير من المقاتلين في الجيش الأموي أرض المعركة ولاذو بالفرار ولم يبقى مع الجراح قوات كبيرة وفي اليوم الثالث قام الخزر بهجوم أخير فر الجنود الأمويون أمامه وحسب الرواية فان الجراح استطاع أن يوقف الفرار وأقنع المقاتلين بالقتال معه والموت في سبيل الله واستشهد الجراح نفسه في تلك المعركة وقام القائد الخزري بقطع رأسه ووضعه على رمح .
ولم ينجو من المقاتلين العرب المسلمين في تلك المعركة الا بضع مئات وبعد تحطيم تلك القوة الأموية قام الخزر بحصار أردبيل وأحاطوها بالمنجنيقات وبعد مقاومة قصيرة استسلمت المدينة وقام الخزر بقتل ما تبقى من المقاتلة فيها وسبي السكان ثم انطلقت وحدات من الجيش الخزري للقيام بغارات عميقة فوصلت الى محيط الموصل وديار بكر ولكن تم صد الغارة على تلك المناطق ووفقا للمصادر العربية (الطبري) فان الجنود العرب كانو غاضبين من اهانة رأس قائدهم الجراح مما جعلهم يقاتلون بقوة فتمكنو من دحر الخزر في ضواحي الموصل .
ثم قام جيش أموي تحت قيادة مسلمة بن عبد الملك شقيق الخليفة هشام بن عبد الملك بهجوم مضاد تمكن فيه من استرداد المناطق التي احتلها الخزر ثم عبر الحدود بين الخلافة ودولة الخزر وقام بغارة احتل فيها مدينة بلنجر التي تقع شمال القوقاز فترة وجيزة ثم تركها محملا بالغنائم والأسرى وقام مسلمة بتحصين مدينة دربند(تقع حاليا في داغستان على شاطئ بحر قزوين وتشكل ممرا على شكل مضيق جبلي) والتي صارت ثغرا وحدا فاصلا بين دولة الخلافة ودولة الخزر .
وفي العام 737 ميلادية تحرك القائد مروان بن محمد(ابن عم الخليفة هشام بن عبد الملك والخليفة المستقبلي الذي سيكون أخر الخلفاء الأمويين وسيقتل على يد العباسيين) على رأس جيش من 120 ألف مقاتل واقتحم به أراضي دولة الخزر عبر مضيقي دربند وداريل واقتحم الجيش الأموي مدينة سمندر عاصمة الخزر ثم تابع مطاردة خاقان الخزر الذي هرب في عمق دولته وواصل الجيش الأموي مطاردته ووصل الجيش الأموي أثناء المطاردة الى النهر السلافي(على الراجح نهر الدون او الفولغا في الجنوب الروسي) حيث تم تحطيم الجيش الخزري بالكامل وطلب الخاقان الخزري السلام وفي مقابل الاحتفاظ بعرشه وعد الخاقان باعتناق الاسلام ويبدو أن اسلامه كان ظاهريا ويرجح أنه ارتد عنه فيما بعد وذلك أن الأمويين لم يقوو مراكزهم في الأماكن التي وصلوها بل انسحبت جيوشهم بناء على الاتفاق الذي عقد مع الخاقان وبعد انسحابهم بقيت دولة الخزر مستقلة ثم اشتعلت فتن داخلية في دولة الخلافة ابتدأت مع موت هشام بن عبد الملك وتولي الخليفة الوليد الثاني بن يزيد الحكم وانتهت بمصرع مروان بن محمد أخر خليفة أموي وانتهاء الخلافة الأموية عام 750 ميلادية وبدأ العصر العباسي مما أعطى الخزر فرصة لتنفس الصعداء واعادة تنظيم دولتهم والتحلل من الاتفاق السابق ويبدو أن العباسيين فيما بعد لم يهتمو بمواصلة الحرب ضد الخزر (كانت دولتهم عموما غير توسعية على عكس الدولة الأموية).
واستغلالا لتلك الاضطرابات ارتد خاقان الخزر بولان، بعدما أعلن إسلامه، ليؤكد على استقلاليته عن الخلافة الإسلامية وعن البيزنطيين المسيحيين في آنٍ معاً، فأشهر يهوديته في خطوة سياسية أخذت بعين الاعتبار بأن المسلمين العرب والمسيحيين البيزنطيين كلاهما يعترف باليهودية ديانةً سماوية.. وتهودت مع بولان الطبقة الخزرية الحاكمة على الأقل وكان الخزريون قبل ذلك وثنيين، وقد حدث ذلك في أربعينات القرن الثامن ، وهكذا نشأت دولة الخزر اليهودية.
وتشير المراجع التاريخية إلى أن دولة الخزر تلك لعبت دور حامية حمى يهود العالم، فكانت تقيم العلاقات السياسية والتجارية مع الجاليات اليهودية البعيدة (غير الخزرية)، وكانت تتبنى قضاياهم، وتنتقم لهم إن تعرضوا لأذى، وكانوا يهاجرون إليها، وكان حكامها يستقدمون الحاخامات من حول العالم لتعليم اليهودية للخزريين الذين لم تنتشر اليهودية تماماً بينهم إلا بعد فترة طويلة من الزمن. المهم أن دولة الخزر بين أواسط القرن الثامن الميلادي والقرن العاشر كانت بالنسبة ليهود الأمس ما تمثله "إسرائيل" ليهود اليوم: دولة اليهود الوحيدة في العالم.
ويبدو أن الديانة اليهودية اقتصرت على شعب الخزر الذي كان الشعب الرئيسي والحاكم في تلك الدولة أما باقي الشعوب ضمن تلك الدولة فقد بقيت على أديانها الأصلية الوثنية ومنها ما اعتنق الاسلام كعدد من الشعوب في القوقاز الشمالي اضافة لبلغار الفولغا ومنها من اعتنق المسيحية كالروس ويشير كثير من الرحالة المسلمين (ومن بينهم ابن فضلان ) الى وجود تلك الشعوب المسلمة داخل دولة الخزر التي زاروها ووصفوها.
وفي النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي وبعد توقف استمر 25 عاما قام الخزر بغارتين على القوقاز واحدة الاولى في 762 في عهد الخليفة المنصور حيث قامو بغارة كبيرة بجيش ضخم لم تصمد له القوة الموجودة لدى والي المنطقة يزيد بن أسيد ولكن الغارة اقتصرت على أخذ الغنائم والأسرى وانسحب الجيش الخزري بعدها والثانية في 799 في عهد هارون الرشيد والتي أغارو فيها على أرمينية وأذربيجان حيث بقوا هناك 70 يوما قبل ان يرسل لهم هارون الرشيد قوة بقيادة يزيد بن مزيد وخزيمة بن خازم التميمي الذين تمكنا من طردهم من المنطقة وكانت تلك الغارتين أخر نشاط حربي للخزر في تلك المنطقة (القوقاز) وأخر احتكاك حربي لهم مع العرب وباستثناء تلك الغارتين فقد عاشت دولة الخزر مع الخلافة الاسلامية العباسية في سلام وعلاقات ودية تجارية وثقافية , وتمتينا لتلك العلاقات السلمية فان كثيرا من الولاة العرب والمسلمين لأرمينية وأذربيجان تزوجو من بنات ملوك الخزر ومن بينهم يزيد بن أسيد السلمي الذي تزوج من خاتون ابنة خاقان الخزر بهاتور والفضل بن يحيي البرمكي الذي تزوج أيضا من ابنة خاقان الخزر.
حملت الهجمة العربية العاتية التي حصلت أواخر العهد الأموي الخزر على تهجير شعبهم من المناطق الجنوبية المتاخمة لحدود دولة الخلافة (رغم بقاء تلك المناطق تحت سيطرة دولة الخزر الا انها بعد تلك الهجرة بقيت مسكونة فقط بشعوبها الأصلية ولم يعد الخزر الذين يشكلون الشعب الحاكم يسكنونها) وقد انتقل شعب الخزر للسكن شمالا الى ضفاف نهري الدون والفولغا حيث أقامو عاصمتهم الجديدة اتيل على نهر الفولغا تاركين بذلك العاصمة القديمة سمندر الأقرب الى الحدود مع دولة الخلافة .
وقد تصادفت تلك الأحداث مع ظهور بلغار الفولغا في تلك المنطقة(وهم شعب سيعتنق الاسلام فيما بعد وسيتصلون بسفارات مع الخلافة العباسية ويطلبون من الخلافة العباسية ارسال من يعلمهم أمور دينهم) الذين دخلو في تشكيل الشعوب المقيمة في أراضي دولة الخزر والخاضعة للشعب الخزري.
وقد تصادفت تلك الأحداث مع ظهور بلغار الفولغا في تلك المنطقة(وهم شعب سيعتنق الاسلام فيما بعد وسيتصلون بسفارات مع الخلافة العباسية ويطلبون من الخلافة العباسية ارسال من يعلمهم أمور دينهم) الذين دخلو في تشكيل الشعوب المقيمة في أراضي دولة الخزر والخاضعة للشعب الخزري.
اضافة الى زيادة اهتمام الخزر بالتوسع شمالا نتيجة محاولتهم تحاشي أي مواجهة واسعة مع دولة الخلافة قدر الامكان فزحفو وضمو القرم الى دولتهم وضغطو أكثر على الروس الغير خاضعين لسلطتهم(حيث كان هناك من الروس من يقيم داخل دولة الخزر ويخضع لحكمهم بينما كان هناك من كان مستقلا خارج حدود دولة الخزر ) وأجبروهم على دفع الجزية لهم الى أن قوي عود دولة كييف الروسية ووصل بها الأمر الى حصار القسطنطينية في عامي 941 و 944 وفي بداية عام 945 م قتل الأمير إيغور في قلاقل داخلية في دولته، وكان لا يزال في الثالثة والثلاثين من عمره، وكان احد أبنائه "سفياتوسلاف ، وهو موضوعنا، لا يزال في الثالثة من عمره (ولد عام 942 م)، فعقدت أمه أولغا معاهدة مع البيزنطيين بعد أن أصبحت وصيةً على العرش حتى بلغ سفياتوسلاف السن القانونية لتولي الحكم عام 963م.
وكانت لحظة تولي سفياتوسلاف للحكم في "دولة كييف الروسية" بداية النهاية بالنسبة للدولة اليهودية الخزرية التي انتعشت على مدى قرنين ونيف. فانطلق سفياتوسلاف الأمير الشاب، وهو المحارب الذي كره الإدارة وعاش مع الجيش، في سلسلة من الحملات العسكرية المتواصلة لتوسيع دولته حتى أصبحت خلال أقل من عشر سنوات أكبر دولة في أوروبا تتمدد من نهر الفولغا إلى البلقان. وقد كانت دولة الخزر أقوى دولة في أوروبا الشرقية وقتها، وكانت عائقاً أمام تمدد دولة "روس كيييف" غرباً وجنوباً، كما أن الخزر كانوا يتقاضون المكوس والضرائب على التجارة بين الشمال والجنوب عبر البحر الأسود، وكان ذلك أحد الموارد المالية الرئيسية لدولتهم وجيشها، ولكنه كان يضعف دولة السلاف الناشئة.
المهم، استند سفياتوسلاف في البداية للتحالف الذي أقامته أمه مع البيزنطيين عقب مقتل أبيه عام 945، وإلى التوتر الذي اعترى العلاقات البيزنطية-الخزرية بسبب "اضطهاد اليهود" المزعوم في بيزنطة. وبدأ الحملة ضد دولة الخزر الإقليمية، وهاجم مدينة "ساركل" الخزرية عام 965 م ومحقها، وأقام فيها مستعمرة سلافية، ثم استباح مدينة "كيرش" (تاموطرقان) الخزرية في القرم ولكنه لم يثبت وجوده بها. وفي عام 968 أو 969 م اجتاح هذا البطل السلافي المقدام عاصمة دولة اليهود الخزر "أتيل" وأزالها من الوجود، حتى قال أحد زوارها: "هاجم الروس، فلم تبقَ فيها حبة عنب ولا زبيبة، ولا ورقة شجر على غصنها"، وما برح العلماء ينقبون عن آثارها حتى اليوم، وفي عام 2008 أعلن فريق من علماء الآثار الروس أنهم اكتشفوا بقاياها أخيراً!
وبعد تدمير القوة المركزية للخزر، ترك الأمير الشاب سفياتوسلاف وراءه الخزر كامارة صغيرة فقدت سيطرتها على شعوب المنطقة ليتوجه لمحاربة قوى إقليمية أكثر أهمية، وبعدها بسنوات قتل سفياتوسلاف في عام 972 وهو لم يزل في الثلاثين من عمره في كمين نصبه له بعض أتباعه من قومٌ أتراك (غير الخزر) بتآمر مع البيزنطيين الذين خشوا نفوذ سفياتوسلاف وتصاعد قوته، خاصة بعدما دخل مناطق نفوذهم في أدريانوبل (أديرن) مما أثار الرعب في شوارع القسطنطينية وفتح صفحة جديدة من المعارك بين "روس كييف" وبيزنطة (مما اشغلها عن العرب والمسلمين).
ولأن سفياتوسلاف كان محارباً وليس رجل دولة يبني المؤسسات، فقد تفككت الدولة التي أسسها بعد مقتله وتصارع خلفاؤه على فتاتها... مع أن دولة "روس كييف" عادت وصعدت بعد ذلك بزمن.
و سفياتوسلاف هذا هو أمير محارب عرف عنه شدة البطش وشدة التقشف، فكان لا ينتقل مع عربات أو أواني في حملاته، ولا ينام في خيام، بل يفترش البطانية التي يضعها على حصانه، ويضع السرج تحت رأسه كوسادة. وإذا أراد أن يأكل، كان يلقي بشرائح اللحم التي يقطعها بسكينه على النار. وكان يحلق رأسه إلا من ذنبٍ في أعلى رأسه، ولكنه كان كثيف الشاربين، ويلبس رداء أبيض دوماً.ويعده الروس بطلا قوميا وله نصب مقام له في روسيا على حصانه بعد أن أطاح بسيفه بمحارب يهودي خزري، ونلاحظ في ذلك النصب حافر حصان سفياتوسلاف وهو يدوس على درع ذلك اليهودي المحلى بنجمة داوود.
وقد بقي هؤلاء الخزر بعد تدمير امبراطوريتهم على يد الروس فترة من الزمن في جيب صغير كدويلة تضم شعبهم فقط دون وجود شعوب أخرى تخضع لهم واستمرت تلك الحالة حتى مجيء الاعصار التتري المغولي في القرن الثالث عشر والذي حطم دويلتهم وشتت شملهم.
وقد بقي هؤلاء الخزر بعد تدمير امبراطوريتهم على يد الروس فترة من الزمن في جيب صغير كدويلة تضم شعبهم فقط دون وجود شعوب أخرى تخضع لهم واستمرت تلك الحالة حتى مجيء الاعصار التتري المغولي في القرن الثالث عشر والذي حطم دويلتهم وشتت شملهم.
التعديل الأخير: