تحقيق صحفى مع أمين هويدى ... ، يقول المبادرة العربية «بضاعة فاسدة يعف عليها ... ثم يدلى ببعض السطور الهامة ... ثم ... لا تعليق ....
الموضوع شيق .. وقد نشره موقع الفكر القومى العربى عن جريدة المصرى اليوم .. وأعتقد أن .. بعض ... سطور المقابة قد تهم رغبتنا فى المعرفة
يحى الشاعر
المصدر
اقتباس:
لقاء مع أمين هويدي
الموضوع شيق .. وقد نشره موقع الفكر القومى العربى عن جريدة المصرى اليوم .. وأعتقد أن .. بعض ... سطور المقابة قد تهم رغبتنا فى المعرفة
يحى الشاعر
المصدر
اقتباس:
لقاء مع أمين هويدي
أمين هويدى : المبادرة العربية «بضاعة فاسدة يعف عليها الذباب» وأطالب بتدريس خطط «نصر الله» لجيوشنا
«إن العمل الجماعي لا يتم بالقرارات ولا بالاجتماعات، بل بوضع طوبة فوق طوبة لنبني الحائط، والحائط يجب أن يكون له أساس.. واستراتيجية.. وللأسف العرب يسيرون في غابة السياسة العالمية دون استراتيجية واضحة، وأتحدي أن يكون لدي أي دولة عربية استراتيجية واضحة لعدة سنوات قادمة.."
أمين هويدى : المبادرة العربية «بضاعة فاسدة يعف عليها الذباب» وأطالب بتدريس خطط «نصر الله» لجيوشنا
احتفل الاتحاد الأوروبي مؤخرا بمرور ٥٠ عاما علي بدء مراحل الوحدة الأوروبية.. بينما لايزال العرب منذ الوقت ذاته «٥٠ عاماً» يتحدثون مجرد الحديث لا أكثر عن الوحدة. يعلق أمين هويدي علي الفارق بين القول والفعل فيما يخص الوحدة بالقول: «إن العمل الجماعي لا يتم بالقرارات ولا بالاجتماعات، بل بوضع طوبة فوق طوبة لنبني الحائط، والحائط يجب أن يكون له أساس.. واستراتيجية.. وللأسف العرب يسيرون في غابة السياسة العالمية دون استراتيجية واضحة، وأتحدي أن يكون لدي أي دولة عربية استراتيجية واضحة لعدة سنوات قادمة.. وسألناه: ولا حتي مصر؟
فأجاب بلا تردد: ولا حتي مصر، يجب وضع ميثاق يحدد توصيف وخطط الدول قبل الحديث عن أي شيء.. إذا كانت الأجزاء- دول الوطن العربي - ليس لها ميثاق فهل نتوقع أن يكون للكل ميثاق؟ ومن هنا بدأ الحديث عن العرب.. وحوار جريء في جزئه الأخير عن ملف السلام والتسليح في الوطن العربي..
* هل هناك احتمال ولو ضعيف باستخدام إسرائيل السلاح النووي الذي تمتلكه ضد العرب؟
ـ لو كانت تملكه ستستخدمه، ولكن في حالة واحدة فقط، لو تعرض الوجود الإسرائيلي لخطر في المنطقة، كما أنها لن توافق علي نزعه إلا بعد عمل اتفاقية مع العرب تضمن وجودها، وإن كنت أري أنه، وإن حدث ذلك، فهي لن توافق علي نزع السلاح منها أيضا، ومن الناحية الفنية لا يقيم السلاح النووي بعدد الرؤوس الموجودة لدي الدول، والخطورة ليست في القوة التدميرية لوجوده وإنما في إشعاعه. وأنا كتبت في «نظرية الرادع» بعنوان «هل الرادع الأقل يردع الرادع الأكبر»؟
وأجبت: نعم، لأن الردع له قوانينه التي تتلخص في أنك إذا امتلكت الرادع التقليدي وأحسنت استخدامه وأعلنت وجوده للخصم وقدرتك علي النهاية فإن الإقدام علي استخدام هذا الرادع أقوي من امتلاكك الرادع الأكبر «السلاح النووي» في هذه الحالة، فالكيل بمكيالين أصبح سنة الحياة، فعلينا بالقوة ولن تُحترم كلمتنا إلا بالقوة.. ليس هناك عدالة في التاريخ، بل الجغرافيا هي التي تقيم العدالة.. أي أن الوضع القائم يثبت وجوده باستخدام القوة.
* إذن أصبح ضروريا علي مصر الآن امتلاك هذا السلاح لمواجهة الكبار؟
ـ أعتقد أنه لو كانت لدينا فرصة امتلاك رادع نووي، عموما علينا ألا نتأخر دقيقة واحدة.. لنواجه الكبار حتي يحدث تعادل، وبالتالي لن يستخدمه أحد لأن الجميع يعرف أن الجميع لديه، فأمريكا ظلت محتكرة السلاح النووي سنوات طويلة وظلت حوالي ٨ سنوات لديها ما يسمي بـ«الاحتكار النووي».. وكثير من المحللين الأمريكيين وقتها كتبوا أنه كان يجب علي أمريكا أن تستغل هذه الفرصة في فرض شروطها علي العالم، ولكنها تأخرت حتي امتلكت روسيا السلاح النووي فحدث تعادل.
وإن كنت أري أن امتلاك الصاروخ بعيد المدي أخطر من امتلاك السلاح النووي، لأن الصواريخ هي التي تحمل الرؤوس النووية لذا علينا امتلاك الرادع التقليدي وأن نجيد استخدامه، لأنه لو تم ذلك فأستطيع ردع السلاح.. كل واحد يستطيع القيام بالضربة الأولي ولكن الرادع الحقيقي هو من يملك الضربة الثانية لذا عند التخطيط لأي حرب لابد من طرح السؤال المهم: هل الطرف الآخر يملك الضربة الثانية؟ إذا كان يملك فيجب ألا أقدم علي الضربة الأولي، لذا يجب أن نمتلك القوة.
* باعتبارنا ثاني دولة في تلقي المعونات الأمريكية.. هل تري أنه أمر مقبول ربط جزء من هذه المعونات بتسليح الجيش؟
ـ هذا «ألف باء» معونات.
* ولكن هذا يعني اطلاعهم دائما علي حجم وشكل تسليح الجيش المصري؟
ـ ممكن.
* السلاح في يد منتجه أم مستخدمه؟
ـ بالطبع في يد منتجه، لأنه الوحيد الذي يعرف إمكانياته وعيوبه وكيفية إصلاحه وعموما فإن تجارة السلاح لا تعرف ديناً ولا دولة ولا صداقة.. والدول المنتجة للسلاح تتبع سياسة أن هناك أسلحة حكراً علي الدولة المنتجة واسلحة للتصدير لأنه طالما خرج السلاح من خط الإنتاج فقد سريته، لذا يحتفظ لنفسه بخط إنتاج سري وأعلي في الإمكانيات.
* بماذا تفسر توالي أخبار عن عقد صفقات أمريكية خليجية لشراء السلاح؟ وهل هو نوع من استشعار الخطر؟
ـ هذه الصفقات تهدف فقط إلي سد بطالة أمريكا.
* سيدي.. بخبرتك الحربية الطويلة هل هناك أسرار فنية وعسكرية وراء انتصار الشيخ حسن نصر الله؟
ـ المفاجأة الكبري كانت في حسن نصر الله نفسه الذي لم يدرس في الأكاديميات العسكرية، إلا أنه كان قائداً عسكرياً جيداً، وهو ما يعني أن القيادة فن.. كيف أمكن لهذا الشيخ إحضار صواريخ تحت نظر المخابرات العسكرية وحلف الأطلنطي والـ«سي أي إيه» إلي أقرب ما يمكن من ميدان المعركة ويخزنها ويدرب عليها ثم كيف تمكن من استخدامها طوال الـ ٣٣ يوماً بمداها المختلف، لقد كتبت عنه، أنه لم يعلق نياشين الفريق والمشير، ومع ذلك خاض هذه المعركة وقام بمفاجأة القيادة الإسرائيلية ثم مفاجأة ضرب إسرائيل في العمق لأول مرة ، ومفاجأة السيطرة علي المستعمرات الإسرائيلية وإجبار أصحاب هذه المستعمرات علي الهروب للداخل تحت الأرض، فإحصائيات الهجرة أثناء هذه الفترة كانت ضخمة جدا. وبالمناسبة هذا أكثر ما يزعج إسرائيل، وأنا أطالب بتدريس خطط الشيخ حسن نصر لجيوشنا العاملة أو إرسالهم للتدريب علي يديه.
* ما رأيك في مبادرة السلام الأخيرة بين العرب وإسرائيل؟
ـ المبادرة أصبحت بضاعة فاسدة يعف عليها الذباب.. ألم تكن هناك مبادرة سلام في بيروت منذ خمس سنوات ولم يرد علينا أحد؟! وعندما جددناها اعترضوا علي الحدود وعلي اللاجئين فكأنه وافق واعترض ،وهي سياسة الغموض التي يتبعونها دائما..وعندما طلبت إسرائيل جلوس العرب جميعا والفلسطينيين وأمريكا، فهي تهدف إلي تطبيع عربي قبل الحديث عن الحقوق، والمبادرة الأخيرة قدمت في الوقت غير المناسب بل وللرجل غير المناسب، فاللاعبون الموجودون علي الساحة الآن هم العرب وإسرائيل وأمريكا واللجنة الرباعية..
الأول وهو الرئيس بوش غارق في مستنقعات أفغانستان والعراق وأمامه مشكلة كوريا الشمالية وإيران، وفي الداخل أمامه الديمقراطيون والقلق في الشارع.. إذن هو رئيس مضغوط غير قادر علي الضغط علي إسرائيل، وحتي وإن لم يكن مشغولاً فلن يضغط ، أما اللجنة الرباعية فهم «قاعدين يشربوا شيشه علي القهوة» الي أن يتم استدعائهم للقيام بدور كومبارس، ولا أعتقد أن شخصاً سيسأل فيهم ، وبخصوص العرب كما نراهم جميعا لا حول لهم ولا قوة.. أما إسرائيل ورئيس وزرائها إيهود أولمرت فهو مطارد باتهامات بسوء الإدارة لحرب لبنان، هذا بخلاف القضايا الإدارية والجنسية المتهم فيها علاوة علي أنه شخص ضعيف الشخصية، وملخص ذلك أننا لسنا في مناخ فيه عمالقة قادرون علي أخذ قرارات حاسمة مثل قرار السلام.
منطقة أخري مهمة أود التركيز عليها في ملف التفاوض بين العرب وإسرائيل وهي أنه «عيب علي العرب أنهم عبروا عن نواياهم لإسرائيل باستعدادهم للاعتراف بها إذا ما عادت إلي حدود ٦٧، وهنا يعتبر الإسرائيليون العرب سيعترفون فعلا ـ إن آجلاً أم عاجلا ـ ولكن المسألة تحتاج إلي بعض الوقت، يحكي في هذا الأمر عن كيسنجر قبل طرد الخبراء السوفيت أن أحد المسؤولين سأله: لو طردنا الخبراء الروس ماذا تقدم لنا؟ فلم يرد وعندما دخل علي المجلس القومي الأمريكي، قال لهم: مصر ستطرد الخبراء السوفيت، وعندما جاءه الخبر بعد ذلك لم يندهش، وفعلا طردنا الخبراء الروس.. وألف باء مخابرات «احذر الإعلان عن النوايا».
* هل هذا الموقف متشابه مع إعلان السادات نواياه لهنري كيسنجر بعدم رغبة مصر في الاستمرار في الضرب؟ وهل هذا الإعلان فعلا سبب إجهاض انتصار أكتوبر؟
ـ لدي الوثائق التي تؤكد إرسال السادات خطاباً لهنري كيسنجر يؤكد فيه أنه لاينوي التوسع في المواجهة، ولا في العمق وكان ذلك خطأ كبيراً من السادات وقد كلفنا كثيرا، ومن لايتعلم من تجارب الآخرين سيدفع الدم والعرق والجهد والمال الذي دفعه غيره، وهنا أقول للعرب: أنصتوا رجاءً فالتاريخ يتكلم
* هل تعتقد أن إسرائيل في احتياج إلي اعتراف العرب في ظل وجود تطبيع بالفعل؟
ـ إسرائيل تهدف إلي اعتراف الجميع بها وليس فقط مصر والأردن والدول المطبعة، فهي تريد مثلا سوريا.. ثم أنه أولا يجب علينا أن نسأل أنفسنا ما استراتيجية إسرائيل؟ إسرائيل تعتبر كل فلسطين أرضها حتي ولو تركت شيئاً، فهي تتنازل عن جزء من إسرائيل، كل الذي يفعلونه الأن أنهم يكسبون وقتاً و نحن واقفون مكاننا لا نفعل شيئا بينما الكراكات والحفر مستمران في العمل ، فهم يحاولون التغيير من طبيعة الأرض لرسم الخريطة التي يريدونها ويتخيلونها وهو ما يفسر اختلاق إسرائيل من حين الي آخر المشكلات لكسب مزيد من الوقت وعدم الجلوس مع العرب علي طاولة المفاوضات فعندما قالوا سنجتمع سويا، انتهز أولمرت احتجاز حزب الله أسيرين في جنوب لبنان وضرب لبنان ٣٣ يوماً.. ولم يكد العرب يفيقون من الضربة حتي أرسل كراكاته للحفر تحت الأقصي، فهم يستخدمون الكراكات لتغيير الأرض، والطائرات والصواريخ لإسكات المقاومة.
* هل معني هذا أن الأمل في سلام مع إسرائيل مفقود؟
ـ إسرائيل لن تعمل إلا السلام الذي تريده، وهو تنفيذ الخريطة التي تتخيلها والتي تعتمد علي إعطائك أقل مساحة أرض ممكنة.. وإذا كان السادات قال أثناء توقيعه علي اتفاقية كامب ديفيد: هذه آخر الحروب، فأنا أقول إنه يبدو أن إسرائيل تعتبر حرب أكتوبر إحدي حروبها مع العرب، وليست آخر الحروب، وهنا لن يكون هناك أي حل سوي الحرب، وأتمني من قلبي ألا يحدث هذا التوقع وأرجو أن نستعد له إذا حدث.
* ما الحالة التي تجبر إسرائيل علي سلام مع العرب؟
ـ في الصراع والحرب لا شيء يحسم الموقف إلا القوة.. الكلمة تساوي طلقة، والكلمة التي لا تسندها طلقة تعد كلاماً فارغاً، ولذلك فأنا أتحدث دائما في كتاباتي عن نظرية «كلام كلام.. قتال قتال».
* وهل هناك أي أمل في وحدة عربية؟
ـ ليس في الوقت القريب.. ولنتذكر ما قاله نابليون في كتب التاريخ: «أفضل أن أحارب جبهة ولا أحارب في جبهة».. وقد حاولت أثناء تنصيبي وزيرا للدفاع عمل قيادة عربية ولم أستطع.
* العرب لم يعملوا أبدا ولا عملا جماعياً؟
ـ نعم.
* ولا حتي في حرب ١٩٧٣؟
ـ قبل حرب ٦٧ قمت برحلة مع زكريا محيي الدين، وكان معنا عبد المنعم رياض وحسن صبري الخولي إلي الكويت لتكوين خط دفاع مشترك فقالوا لنا خذوا «لواء» وكأننا في قهوة الفيشاوي.. يعني إيه هذا الكلام؟ فأنا لا أعرف هذا «اللواء» ولم يتم عمل تدريب مشترك بيننا وبينه ولا اشترينا سلاحاً فكيف سنعمل عملاً جماعياً؟! وفي حرب أكتوبر لم تكن هناك خطة مشتركة ولا تنسيق، والدليل ما حدث مع سوريا وتخبط القرارات بين السادات والأسد.
* قلت إن مؤتمر القمة العربية الأول بقيادة عبد الناصر كان الأهم علي الإطلاق في تاريخ هذه القمم رغم أنه لم ينفذ؟
ـ يعد هذا المؤتمر الأهم لأنه اتخذ فيه قرارات باتفاق الجميع، ولكن حينما بدأ التنفيذ بدأت إسرائيل برد فعل عنيف، واستخدمت القوة لإبطال التنفيذ، أي أن إسرائيل استخدمت سلاح الردع ومنذ هذا الوقت والكل مرتدع.. العرب يخشون التنفيذ حتي لا تقوم إسرائيل بمواجهتهم بالقوة.. وربما هذا سر توصل القمم العربية إلي قرارات لا تنفذ.
* من القمة الأولي في عهد عبد الناصر إلي القمة الأخيرة.. ما رأيك في مؤسسة القمم العربية؟
ـ يعني إيه أصلا مؤتمر القمة؟ وهل يعني ذلك أن المشكلات ستحل إذا رفعنا درجة الناظرين فيها؟! البعض لا يعلم أن فكرة مؤتمر القمة هذه هي فكرة في منتهي الخطورة لأنها إذا فشلت في الحل قضت علي القضية كاملة، والقضايا لا تحل برفعها إلي أعلي وإنما تحل بالنظر إليها ودراستها جيدا والاتفاق علي حلها، علما بأن رفع القضايا إلي مؤتمرات القمة لا يعني حل المشكلة إنما رفعها الي مستوي لا استئناف بعده.. لذلك آباؤنا العقلاء الذين أسسوا جامعة الدول العربية لم يكن لديهم ما يسمي «مؤتمر قمة» وإنما اجتماع وزراء الخارجية العرب.. ولما زهقت الناس قلنا نغير وزراء الخارجية العرب بالرؤساء والملوك.
* هل كل القمم لم تؤت بثمارها؟
ـ نعم.. إلا المؤتمر الأول.
* عمرو موسي قال: مات السلام.. فهل يمكن تصعيد الأمر ونقول: مات العرب؟
ـ العرب لم يموتوا بعد ففيهم أطفال الحجارة وفيهم الشيخ حسن نصر الله ومفجرو السيارات في بغداد، ولكن مشكلة العرب أنهم لا يعملون مع بعضهم البعض بل علي بعضهم البعض.
* هل يمكن أن نشهد يوماً ما انتفاضة ديمقراطية في الوطن العربي؟
ـ التغيير يحتاج إلي وقت ولا يأتي بالضغط علي الأزرار، وأصعب شيء هو تغيير البشر لأنهم أعقد من خلق الله.. والتغيير يأتي بطريقة تراكمية، والديمقراطية عبارة عن أعمال وقرارات.
* قلت: إن كل الدول المشتركة في الصراع العربي ـ الإسرائيلي في مصيدة والكل يعرف الحل.. فماذا كنت تقصد؟
ـ كل الدول مغروسة في مستنقع، وكل دولة إقليمية جزء من المشكلة ولكنها أيضا جزء من الحل، فسوريا في جيبها حل لمشكلة أمريكا في العراق، بأن تمنع دخول الفدائيين إلي العراق عن طريق الحدود وتستطيع، لما لها من مصالح مع إيران، أن تضغط لتهدئة الوضع بين إيران وأمريكا، بدليل أنها توسطت في الإفراج عن الخمسة عشر بحاراً بريطانياً، وسوريا أعطت الشيخ حسن نصر الله جزءاً من أراضيها ليحارب من عليها في مقابل إرسال إيران البترول لسوريا بالمجان.. من ناحية أخري الحكم في إيران شيعي وفي العراق شيعي، لذا فهي تملك مفتاح الحل في قضية العراق بتهدئة الوضع ورحمة أمريكا.
* هذا الكلام ربما يشكك في نية أمريكا ضرب إيران؟
ـ أمريكا لن تضرب إيران، فكيف أقتل من يمتلك مفتاح خروجي من المستنقع؟! فالسلاح الذي في يد العراقيين الشيعة من إيران.. في النهاية الكل في المصيدة والكل يعرف الحل.
* عن ملف الوحدة مع سوريا.. ماذا بقي في ذاكرتك عن الوحدة وأنت أحد صناعها؟
ـ الوحدة كانت أول تجربة من نوعها في العصر الحديث.. ميثاق الوحدة كان يمكن لأي أحد أن يكتبه، ولكن من الصعب تطبيق هذا الميثاق نظراً لاختلاف الظروف الخاصة بالبلدين.. الشطارة في السياسة الجماعية هي التوفيق بين الأغراض المختلفة والتقليل الي أقصي حد من المشكلات وأن تكون مستعدة للتنازل عن جزء من إرادتك الإقليمية لصالح الإرادة الجماعية، وأنت في الواقع لم تخسريها، فهي أضيفت علي الإرادة الكلية.. شعارنا كان: الحرية الاشتراكية، الوحدة، والشعار السوري كان الوحدة الاشتراكية، الحرية، وكيف يمكن عمل وحدة بين قطر حر وآخر تحت الاحتلال؟! كيف تستقيم الوحدة بين قطر يدين الاشتراكية وآخر يؤمن بها..
* ولكنك أكدت في كتابك «٥٠ عاماً من العواصف» دراسة الوحدة المصرية ـ السورية جيداً، إذن فلماذا فشلت؟
ـ حزب البعث في سوريا هو الذي أسهم في فشل الوحدة وهو ما ادعي أن الوحدة لم تكن مدروسة عندما قال بعد الانفصال: نريد وحدة مدروسة، وهو ما يعني أن الوحدة لم تكن مدروسة. ومن الأسباب الخفية ما حدث يوماً ما، حيث كنا نجلس في بيت الملحق العسكري في مصر ودخل عبد الحميد سراج وكان مسؤولا ما يسمي «المكتب الثاني في المخابرات السورية» وكنا نتناول الغداء، وأول ما دخل قال: اسمعوا يا أولاد.. حد فيكم عايز مليون جنيه؟ فرد أحد الجالسين: هو انت حيلتك حاجة؟ فقال له: أنا معي شيك بمليون جنيه من الجهة الفلانية لضرب الوحدة.
* ما هذه الجهة؟
ـ لا تعليق.. فاسمها ربما يثير مشكلات والوقت غير مناسب.
* هل أنت خائف من هذه الجهة؟
ـ لا.. بل هي المسؤولية.
* هل هي السعودية؟
ـ نعم ـ وعاد لاستكمال شهادته علي الوحدة مؤكداً أن ـ الوحدة ضُرِبَتْ بتدخل عربي.
* هناك أسماء أثار تاريخها المخابراتي كثيراً من الأسئلة.. فماذا عن صلاح نصر؟
ـ لا تعليق..
* وكيف تقيم أداء صفوت الشريف فيما يسمي قسم «الأعمال القذرة»؟
ـ لاتعليق..
* رفعت الجمال؟
ـ لا تعليق..
* هل كان هناك أبطال آخرون مازالوا في الظل؟
ـ لا تعليق.
* وعن ملف الجاسوسية.. هل يجوز في ظل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أن تقوم إسرائيل بالتجسس علي مصر؟
ـ بالنسبة لإسرائيل بالذات التي لا تعترف بقانون ولا صداقة ولا شرعية دولية وإجرامها ماثل أمام الأعين، يعد هذا السؤال ساذجاً.. الشيء الثاني أن العلاقات الدولية تتطلب أن يقف الصديق علي أخبار الصديق كما تقف الدولة علي أخبار أعدائها.. المهم أن ننتبه والأهم أن نتجسس عليها أيضاً.. وعندما تكون العلاقات بين الدول فيها سلام تسمح بمزيد من التجسس، لأن الزيارات بين البلدين، أصبح مسموحاً بها بعكس الماضي وإسرائيل نفسها تجسست علي الولايات المتحدة بجاسوس شهير اسمه «بولارد» الذي صور آلاف الوثائق وخرق الأمن القومي لأمريكا رغم أن أمريكا هي المرضعة لإسرائيل.
* هل هذا عدم انتماء؟ وهل هو ذنب يغتفر في ظل حالة الفقر؟
ـ غير مسموح لأي مصري أن يبيع وطنه أياً كان ثمنه.. الفقر هو سبب كل الانحرافات والتشوهات المجتمعية، ولكنه ليس مبرراً للتجسس. _
المصري اليوم _
«إن العمل الجماعي لا يتم بالقرارات ولا بالاجتماعات، بل بوضع طوبة فوق طوبة لنبني الحائط، والحائط يجب أن يكون له أساس.. واستراتيجية.. وللأسف العرب يسيرون في غابة السياسة العالمية دون استراتيجية واضحة، وأتحدي أن يكون لدي أي دولة عربية استراتيجية واضحة لعدة سنوات قادمة.."
أمين هويدى : المبادرة العربية «بضاعة فاسدة يعف عليها الذباب» وأطالب بتدريس خطط «نصر الله» لجيوشنا
احتفل الاتحاد الأوروبي مؤخرا بمرور ٥٠ عاما علي بدء مراحل الوحدة الأوروبية.. بينما لايزال العرب منذ الوقت ذاته «٥٠ عاماً» يتحدثون مجرد الحديث لا أكثر عن الوحدة. يعلق أمين هويدي علي الفارق بين القول والفعل فيما يخص الوحدة بالقول: «إن العمل الجماعي لا يتم بالقرارات ولا بالاجتماعات، بل بوضع طوبة فوق طوبة لنبني الحائط، والحائط يجب أن يكون له أساس.. واستراتيجية.. وللأسف العرب يسيرون في غابة السياسة العالمية دون استراتيجية واضحة، وأتحدي أن يكون لدي أي دولة عربية استراتيجية واضحة لعدة سنوات قادمة.. وسألناه: ولا حتي مصر؟
فأجاب بلا تردد: ولا حتي مصر، يجب وضع ميثاق يحدد توصيف وخطط الدول قبل الحديث عن أي شيء.. إذا كانت الأجزاء- دول الوطن العربي - ليس لها ميثاق فهل نتوقع أن يكون للكل ميثاق؟ ومن هنا بدأ الحديث عن العرب.. وحوار جريء في جزئه الأخير عن ملف السلام والتسليح في الوطن العربي..
* هل هناك احتمال ولو ضعيف باستخدام إسرائيل السلاح النووي الذي تمتلكه ضد العرب؟
ـ لو كانت تملكه ستستخدمه، ولكن في حالة واحدة فقط، لو تعرض الوجود الإسرائيلي لخطر في المنطقة، كما أنها لن توافق علي نزعه إلا بعد عمل اتفاقية مع العرب تضمن وجودها، وإن كنت أري أنه، وإن حدث ذلك، فهي لن توافق علي نزع السلاح منها أيضا، ومن الناحية الفنية لا يقيم السلاح النووي بعدد الرؤوس الموجودة لدي الدول، والخطورة ليست في القوة التدميرية لوجوده وإنما في إشعاعه. وأنا كتبت في «نظرية الرادع» بعنوان «هل الرادع الأقل يردع الرادع الأكبر»؟
وأجبت: نعم، لأن الردع له قوانينه التي تتلخص في أنك إذا امتلكت الرادع التقليدي وأحسنت استخدامه وأعلنت وجوده للخصم وقدرتك علي النهاية فإن الإقدام علي استخدام هذا الرادع أقوي من امتلاكك الرادع الأكبر «السلاح النووي» في هذه الحالة، فالكيل بمكيالين أصبح سنة الحياة، فعلينا بالقوة ولن تُحترم كلمتنا إلا بالقوة.. ليس هناك عدالة في التاريخ، بل الجغرافيا هي التي تقيم العدالة.. أي أن الوضع القائم يثبت وجوده باستخدام القوة.
* إذن أصبح ضروريا علي مصر الآن امتلاك هذا السلاح لمواجهة الكبار؟
ـ أعتقد أنه لو كانت لدينا فرصة امتلاك رادع نووي، عموما علينا ألا نتأخر دقيقة واحدة.. لنواجه الكبار حتي يحدث تعادل، وبالتالي لن يستخدمه أحد لأن الجميع يعرف أن الجميع لديه، فأمريكا ظلت محتكرة السلاح النووي سنوات طويلة وظلت حوالي ٨ سنوات لديها ما يسمي بـ«الاحتكار النووي».. وكثير من المحللين الأمريكيين وقتها كتبوا أنه كان يجب علي أمريكا أن تستغل هذه الفرصة في فرض شروطها علي العالم، ولكنها تأخرت حتي امتلكت روسيا السلاح النووي فحدث تعادل.
وإن كنت أري أن امتلاك الصاروخ بعيد المدي أخطر من امتلاك السلاح النووي، لأن الصواريخ هي التي تحمل الرؤوس النووية لذا علينا امتلاك الرادع التقليدي وأن نجيد استخدامه، لأنه لو تم ذلك فأستطيع ردع السلاح.. كل واحد يستطيع القيام بالضربة الأولي ولكن الرادع الحقيقي هو من يملك الضربة الثانية لذا عند التخطيط لأي حرب لابد من طرح السؤال المهم: هل الطرف الآخر يملك الضربة الثانية؟ إذا كان يملك فيجب ألا أقدم علي الضربة الأولي، لذا يجب أن نمتلك القوة.
* باعتبارنا ثاني دولة في تلقي المعونات الأمريكية.. هل تري أنه أمر مقبول ربط جزء من هذه المعونات بتسليح الجيش؟
ـ هذا «ألف باء» معونات.
* ولكن هذا يعني اطلاعهم دائما علي حجم وشكل تسليح الجيش المصري؟
ـ ممكن.
* السلاح في يد منتجه أم مستخدمه؟
ـ بالطبع في يد منتجه، لأنه الوحيد الذي يعرف إمكانياته وعيوبه وكيفية إصلاحه وعموما فإن تجارة السلاح لا تعرف ديناً ولا دولة ولا صداقة.. والدول المنتجة للسلاح تتبع سياسة أن هناك أسلحة حكراً علي الدولة المنتجة واسلحة للتصدير لأنه طالما خرج السلاح من خط الإنتاج فقد سريته، لذا يحتفظ لنفسه بخط إنتاج سري وأعلي في الإمكانيات.
* بماذا تفسر توالي أخبار عن عقد صفقات أمريكية خليجية لشراء السلاح؟ وهل هو نوع من استشعار الخطر؟
ـ هذه الصفقات تهدف فقط إلي سد بطالة أمريكا.
* سيدي.. بخبرتك الحربية الطويلة هل هناك أسرار فنية وعسكرية وراء انتصار الشيخ حسن نصر الله؟
ـ المفاجأة الكبري كانت في حسن نصر الله نفسه الذي لم يدرس في الأكاديميات العسكرية، إلا أنه كان قائداً عسكرياً جيداً، وهو ما يعني أن القيادة فن.. كيف أمكن لهذا الشيخ إحضار صواريخ تحت نظر المخابرات العسكرية وحلف الأطلنطي والـ«سي أي إيه» إلي أقرب ما يمكن من ميدان المعركة ويخزنها ويدرب عليها ثم كيف تمكن من استخدامها طوال الـ ٣٣ يوماً بمداها المختلف، لقد كتبت عنه، أنه لم يعلق نياشين الفريق والمشير، ومع ذلك خاض هذه المعركة وقام بمفاجأة القيادة الإسرائيلية ثم مفاجأة ضرب إسرائيل في العمق لأول مرة ، ومفاجأة السيطرة علي المستعمرات الإسرائيلية وإجبار أصحاب هذه المستعمرات علي الهروب للداخل تحت الأرض، فإحصائيات الهجرة أثناء هذه الفترة كانت ضخمة جدا. وبالمناسبة هذا أكثر ما يزعج إسرائيل، وأنا أطالب بتدريس خطط الشيخ حسن نصر لجيوشنا العاملة أو إرسالهم للتدريب علي يديه.
* ما رأيك في مبادرة السلام الأخيرة بين العرب وإسرائيل؟
ـ المبادرة أصبحت بضاعة فاسدة يعف عليها الذباب.. ألم تكن هناك مبادرة سلام في بيروت منذ خمس سنوات ولم يرد علينا أحد؟! وعندما جددناها اعترضوا علي الحدود وعلي اللاجئين فكأنه وافق واعترض ،وهي سياسة الغموض التي يتبعونها دائما..وعندما طلبت إسرائيل جلوس العرب جميعا والفلسطينيين وأمريكا، فهي تهدف إلي تطبيع عربي قبل الحديث عن الحقوق، والمبادرة الأخيرة قدمت في الوقت غير المناسب بل وللرجل غير المناسب، فاللاعبون الموجودون علي الساحة الآن هم العرب وإسرائيل وأمريكا واللجنة الرباعية..
الأول وهو الرئيس بوش غارق في مستنقعات أفغانستان والعراق وأمامه مشكلة كوريا الشمالية وإيران، وفي الداخل أمامه الديمقراطيون والقلق في الشارع.. إذن هو رئيس مضغوط غير قادر علي الضغط علي إسرائيل، وحتي وإن لم يكن مشغولاً فلن يضغط ، أما اللجنة الرباعية فهم «قاعدين يشربوا شيشه علي القهوة» الي أن يتم استدعائهم للقيام بدور كومبارس، ولا أعتقد أن شخصاً سيسأل فيهم ، وبخصوص العرب كما نراهم جميعا لا حول لهم ولا قوة.. أما إسرائيل ورئيس وزرائها إيهود أولمرت فهو مطارد باتهامات بسوء الإدارة لحرب لبنان، هذا بخلاف القضايا الإدارية والجنسية المتهم فيها علاوة علي أنه شخص ضعيف الشخصية، وملخص ذلك أننا لسنا في مناخ فيه عمالقة قادرون علي أخذ قرارات حاسمة مثل قرار السلام.
منطقة أخري مهمة أود التركيز عليها في ملف التفاوض بين العرب وإسرائيل وهي أنه «عيب علي العرب أنهم عبروا عن نواياهم لإسرائيل باستعدادهم للاعتراف بها إذا ما عادت إلي حدود ٦٧، وهنا يعتبر الإسرائيليون العرب سيعترفون فعلا ـ إن آجلاً أم عاجلا ـ ولكن المسألة تحتاج إلي بعض الوقت، يحكي في هذا الأمر عن كيسنجر قبل طرد الخبراء السوفيت أن أحد المسؤولين سأله: لو طردنا الخبراء الروس ماذا تقدم لنا؟ فلم يرد وعندما دخل علي المجلس القومي الأمريكي، قال لهم: مصر ستطرد الخبراء السوفيت، وعندما جاءه الخبر بعد ذلك لم يندهش، وفعلا طردنا الخبراء الروس.. وألف باء مخابرات «احذر الإعلان عن النوايا».
* هل هذا الموقف متشابه مع إعلان السادات نواياه لهنري كيسنجر بعدم رغبة مصر في الاستمرار في الضرب؟ وهل هذا الإعلان فعلا سبب إجهاض انتصار أكتوبر؟
ـ لدي الوثائق التي تؤكد إرسال السادات خطاباً لهنري كيسنجر يؤكد فيه أنه لاينوي التوسع في المواجهة، ولا في العمق وكان ذلك خطأ كبيراً من السادات وقد كلفنا كثيرا، ومن لايتعلم من تجارب الآخرين سيدفع الدم والعرق والجهد والمال الذي دفعه غيره، وهنا أقول للعرب: أنصتوا رجاءً فالتاريخ يتكلم
* هل تعتقد أن إسرائيل في احتياج إلي اعتراف العرب في ظل وجود تطبيع بالفعل؟
ـ إسرائيل تهدف إلي اعتراف الجميع بها وليس فقط مصر والأردن والدول المطبعة، فهي تريد مثلا سوريا.. ثم أنه أولا يجب علينا أن نسأل أنفسنا ما استراتيجية إسرائيل؟ إسرائيل تعتبر كل فلسطين أرضها حتي ولو تركت شيئاً، فهي تتنازل عن جزء من إسرائيل، كل الذي يفعلونه الأن أنهم يكسبون وقتاً و نحن واقفون مكاننا لا نفعل شيئا بينما الكراكات والحفر مستمران في العمل ، فهم يحاولون التغيير من طبيعة الأرض لرسم الخريطة التي يريدونها ويتخيلونها وهو ما يفسر اختلاق إسرائيل من حين الي آخر المشكلات لكسب مزيد من الوقت وعدم الجلوس مع العرب علي طاولة المفاوضات فعندما قالوا سنجتمع سويا، انتهز أولمرت احتجاز حزب الله أسيرين في جنوب لبنان وضرب لبنان ٣٣ يوماً.. ولم يكد العرب يفيقون من الضربة حتي أرسل كراكاته للحفر تحت الأقصي، فهم يستخدمون الكراكات لتغيير الأرض، والطائرات والصواريخ لإسكات المقاومة.
* هل معني هذا أن الأمل في سلام مع إسرائيل مفقود؟
ـ إسرائيل لن تعمل إلا السلام الذي تريده، وهو تنفيذ الخريطة التي تتخيلها والتي تعتمد علي إعطائك أقل مساحة أرض ممكنة.. وإذا كان السادات قال أثناء توقيعه علي اتفاقية كامب ديفيد: هذه آخر الحروب، فأنا أقول إنه يبدو أن إسرائيل تعتبر حرب أكتوبر إحدي حروبها مع العرب، وليست آخر الحروب، وهنا لن يكون هناك أي حل سوي الحرب، وأتمني من قلبي ألا يحدث هذا التوقع وأرجو أن نستعد له إذا حدث.
* ما الحالة التي تجبر إسرائيل علي سلام مع العرب؟
ـ في الصراع والحرب لا شيء يحسم الموقف إلا القوة.. الكلمة تساوي طلقة، والكلمة التي لا تسندها طلقة تعد كلاماً فارغاً، ولذلك فأنا أتحدث دائما في كتاباتي عن نظرية «كلام كلام.. قتال قتال».
* وهل هناك أي أمل في وحدة عربية؟
ـ ليس في الوقت القريب.. ولنتذكر ما قاله نابليون في كتب التاريخ: «أفضل أن أحارب جبهة ولا أحارب في جبهة».. وقد حاولت أثناء تنصيبي وزيرا للدفاع عمل قيادة عربية ولم أستطع.
* العرب لم يعملوا أبدا ولا عملا جماعياً؟
ـ نعم.
* ولا حتي في حرب ١٩٧٣؟
ـ قبل حرب ٦٧ قمت برحلة مع زكريا محيي الدين، وكان معنا عبد المنعم رياض وحسن صبري الخولي إلي الكويت لتكوين خط دفاع مشترك فقالوا لنا خذوا «لواء» وكأننا في قهوة الفيشاوي.. يعني إيه هذا الكلام؟ فأنا لا أعرف هذا «اللواء» ولم يتم عمل تدريب مشترك بيننا وبينه ولا اشترينا سلاحاً فكيف سنعمل عملاً جماعياً؟! وفي حرب أكتوبر لم تكن هناك خطة مشتركة ولا تنسيق، والدليل ما حدث مع سوريا وتخبط القرارات بين السادات والأسد.
* قلت إن مؤتمر القمة العربية الأول بقيادة عبد الناصر كان الأهم علي الإطلاق في تاريخ هذه القمم رغم أنه لم ينفذ؟
ـ يعد هذا المؤتمر الأهم لأنه اتخذ فيه قرارات باتفاق الجميع، ولكن حينما بدأ التنفيذ بدأت إسرائيل برد فعل عنيف، واستخدمت القوة لإبطال التنفيذ، أي أن إسرائيل استخدمت سلاح الردع ومنذ هذا الوقت والكل مرتدع.. العرب يخشون التنفيذ حتي لا تقوم إسرائيل بمواجهتهم بالقوة.. وربما هذا سر توصل القمم العربية إلي قرارات لا تنفذ.
* من القمة الأولي في عهد عبد الناصر إلي القمة الأخيرة.. ما رأيك في مؤسسة القمم العربية؟
ـ يعني إيه أصلا مؤتمر القمة؟ وهل يعني ذلك أن المشكلات ستحل إذا رفعنا درجة الناظرين فيها؟! البعض لا يعلم أن فكرة مؤتمر القمة هذه هي فكرة في منتهي الخطورة لأنها إذا فشلت في الحل قضت علي القضية كاملة، والقضايا لا تحل برفعها إلي أعلي وإنما تحل بالنظر إليها ودراستها جيدا والاتفاق علي حلها، علما بأن رفع القضايا إلي مؤتمرات القمة لا يعني حل المشكلة إنما رفعها الي مستوي لا استئناف بعده.. لذلك آباؤنا العقلاء الذين أسسوا جامعة الدول العربية لم يكن لديهم ما يسمي «مؤتمر قمة» وإنما اجتماع وزراء الخارجية العرب.. ولما زهقت الناس قلنا نغير وزراء الخارجية العرب بالرؤساء والملوك.
* هل كل القمم لم تؤت بثمارها؟
ـ نعم.. إلا المؤتمر الأول.
* عمرو موسي قال: مات السلام.. فهل يمكن تصعيد الأمر ونقول: مات العرب؟
ـ العرب لم يموتوا بعد ففيهم أطفال الحجارة وفيهم الشيخ حسن نصر الله ومفجرو السيارات في بغداد، ولكن مشكلة العرب أنهم لا يعملون مع بعضهم البعض بل علي بعضهم البعض.
* هل يمكن أن نشهد يوماً ما انتفاضة ديمقراطية في الوطن العربي؟
ـ التغيير يحتاج إلي وقت ولا يأتي بالضغط علي الأزرار، وأصعب شيء هو تغيير البشر لأنهم أعقد من خلق الله.. والتغيير يأتي بطريقة تراكمية، والديمقراطية عبارة عن أعمال وقرارات.
* قلت: إن كل الدول المشتركة في الصراع العربي ـ الإسرائيلي في مصيدة والكل يعرف الحل.. فماذا كنت تقصد؟
ـ كل الدول مغروسة في مستنقع، وكل دولة إقليمية جزء من المشكلة ولكنها أيضا جزء من الحل، فسوريا في جيبها حل لمشكلة أمريكا في العراق، بأن تمنع دخول الفدائيين إلي العراق عن طريق الحدود وتستطيع، لما لها من مصالح مع إيران، أن تضغط لتهدئة الوضع بين إيران وأمريكا، بدليل أنها توسطت في الإفراج عن الخمسة عشر بحاراً بريطانياً، وسوريا أعطت الشيخ حسن نصر الله جزءاً من أراضيها ليحارب من عليها في مقابل إرسال إيران البترول لسوريا بالمجان.. من ناحية أخري الحكم في إيران شيعي وفي العراق شيعي، لذا فهي تملك مفتاح الحل في قضية العراق بتهدئة الوضع ورحمة أمريكا.
* هذا الكلام ربما يشكك في نية أمريكا ضرب إيران؟
ـ أمريكا لن تضرب إيران، فكيف أقتل من يمتلك مفتاح خروجي من المستنقع؟! فالسلاح الذي في يد العراقيين الشيعة من إيران.. في النهاية الكل في المصيدة والكل يعرف الحل.
* عن ملف الوحدة مع سوريا.. ماذا بقي في ذاكرتك عن الوحدة وأنت أحد صناعها؟
ـ الوحدة كانت أول تجربة من نوعها في العصر الحديث.. ميثاق الوحدة كان يمكن لأي أحد أن يكتبه، ولكن من الصعب تطبيق هذا الميثاق نظراً لاختلاف الظروف الخاصة بالبلدين.. الشطارة في السياسة الجماعية هي التوفيق بين الأغراض المختلفة والتقليل الي أقصي حد من المشكلات وأن تكون مستعدة للتنازل عن جزء من إرادتك الإقليمية لصالح الإرادة الجماعية، وأنت في الواقع لم تخسريها، فهي أضيفت علي الإرادة الكلية.. شعارنا كان: الحرية الاشتراكية، الوحدة، والشعار السوري كان الوحدة الاشتراكية، الحرية، وكيف يمكن عمل وحدة بين قطر حر وآخر تحت الاحتلال؟! كيف تستقيم الوحدة بين قطر يدين الاشتراكية وآخر يؤمن بها..
* ولكنك أكدت في كتابك «٥٠ عاماً من العواصف» دراسة الوحدة المصرية ـ السورية جيداً، إذن فلماذا فشلت؟
ـ حزب البعث في سوريا هو الذي أسهم في فشل الوحدة وهو ما ادعي أن الوحدة لم تكن مدروسة عندما قال بعد الانفصال: نريد وحدة مدروسة، وهو ما يعني أن الوحدة لم تكن مدروسة. ومن الأسباب الخفية ما حدث يوماً ما، حيث كنا نجلس في بيت الملحق العسكري في مصر ودخل عبد الحميد سراج وكان مسؤولا ما يسمي «المكتب الثاني في المخابرات السورية» وكنا نتناول الغداء، وأول ما دخل قال: اسمعوا يا أولاد.. حد فيكم عايز مليون جنيه؟ فرد أحد الجالسين: هو انت حيلتك حاجة؟ فقال له: أنا معي شيك بمليون جنيه من الجهة الفلانية لضرب الوحدة.
* ما هذه الجهة؟
ـ لا تعليق.. فاسمها ربما يثير مشكلات والوقت غير مناسب.
* هل أنت خائف من هذه الجهة؟
ـ لا.. بل هي المسؤولية.
* هل هي السعودية؟
ـ نعم ـ وعاد لاستكمال شهادته علي الوحدة مؤكداً أن ـ الوحدة ضُرِبَتْ بتدخل عربي.
* هناك أسماء أثار تاريخها المخابراتي كثيراً من الأسئلة.. فماذا عن صلاح نصر؟
ـ لا تعليق..
* وكيف تقيم أداء صفوت الشريف فيما يسمي قسم «الأعمال القذرة»؟
ـ لاتعليق..
* رفعت الجمال؟
ـ لا تعليق..
* هل كان هناك أبطال آخرون مازالوا في الظل؟
ـ لا تعليق.
* وعن ملف الجاسوسية.. هل يجوز في ظل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أن تقوم إسرائيل بالتجسس علي مصر؟
ـ بالنسبة لإسرائيل بالذات التي لا تعترف بقانون ولا صداقة ولا شرعية دولية وإجرامها ماثل أمام الأعين، يعد هذا السؤال ساذجاً.. الشيء الثاني أن العلاقات الدولية تتطلب أن يقف الصديق علي أخبار الصديق كما تقف الدولة علي أخبار أعدائها.. المهم أن ننتبه والأهم أن نتجسس عليها أيضاً.. وعندما تكون العلاقات بين الدول فيها سلام تسمح بمزيد من التجسس، لأن الزيارات بين البلدين، أصبح مسموحاً بها بعكس الماضي وإسرائيل نفسها تجسست علي الولايات المتحدة بجاسوس شهير اسمه «بولارد» الذي صور آلاف الوثائق وخرق الأمن القومي لأمريكا رغم أن أمريكا هي المرضعة لإسرائيل.
* هل هذا عدم انتماء؟ وهل هو ذنب يغتفر في ظل حالة الفقر؟
ـ غير مسموح لأي مصري أن يبيع وطنه أياً كان ثمنه.. الفقر هو سبب كل الانحرافات والتشوهات المجتمعية، ولكنه ليس مبرراً للتجسس. _
المصري اليوم _