تحليل: مخاطر "سودنة" اليمن
الرياض: في منطقةٍ على حافة الهاوية، يُثير الوضع المتسارع في اليمن مخاوف جدية. فبينما يُراهن المراقبون الدوليون على الدبلوماسية وخفض التصعيد، يتزايد القلق من انزلاق البلاد نحو حرب إقليمية خطيرة. ويكمن جوهر هذا القلق في التزام الحكومة اليمنية والتحالف الدولي لاستعادة الشرعية في اليمن التزاماً راسخاً بالحفاظ على وحدة البلاد ومنع ظهور ملاذات آمنة للمتطرفين، الأمر الذي قد يُزعزع استقرار اليمن والمنطقة بأسرها.
من السذاجة النظر إلى التطورات في جنوب اليمن بمعزل عن غيرها. فالتشابه مع السودان - حيث خلّفت قوات الدعم السريع دماراً هائلاً ومجازر في مناطق مثل الفاشر - ومع اعتراف إسرائيل الأخير بصوماليلاند، أمرٌ بالغ الوضوح لا يمكن تجاهله. تُعدّ هذه الحالات بمثابة دروس تحذيرية لما قد يحدث في اليمن إذا سُمح للمجلس الانتقالي الجنوبي بفرض واقع جديد من جانب واحد بالقوة والتحالفات الخارجية.
طرح المحلل سؤالاً يدعو للتأمل: "إذا مُنح المجلس الانتقالي الجنوبي الحق في إقامة دولة جديدة في شبه الجزيرة العربية تحت راية تقرير المصير، فماذا عن الحوثيين المتحالفين مع إيران؟ فهم يتمتعون بشعبية واسعة ويسيطرون على العاصمة التاريخية. هل ينبغي السماح لهم أيضاً بفرض شروطهم بالقوة؟"
وتساءل أيضاً: "هل سيقبل المجتمع الدولي، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، بظهور دولة حوثية إيرانية في شمال اليمن؟ وهل ستتسامح واشنطن مع تكرار تفكك السودان قبل حتى حل تلك المأساة؟ وهل العالم مستعد لتحمل عواقب حرب طويلة الأمد تهدد خطوط الملاحة العالمية وإمدادات الطاقة والاستقرار الإقليمي، لا سيما بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية لمضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي؟"
يقدم التاريخ الحديث حكماً قاتماً: نادراً ما تُفضي الانفصالات غير المنسقة، التي لا تحظى بتوافق داخلي واسع أو أطر قانونية دولية واضحة، إلى دول مستقرة. بل إنها تُطلق العنان لفوضى عارمة، وانهيار مؤسسي، وتفتح الباب أمام الجماعات المسلحة والتدخل الأجنبي. وتصبح السيادة سراباً، ليحل محلها فراغ يُولّد صراعاً دائماً.
في اليمن، المخاطر أكبر بكثير. فالبلاد تقع على أحد أهم الممرات البحرية الحيوية في العالم، والذي يمر عبره جزء كبير من التجارة العالمية وإمدادات الطاقة المتجهة إلى أوروبا. وأي فراغ أمني في جنوب اليمن من شأنه أن يعرض هذا الشريان الحيوي لصدمات متكررة.

