تأثير الفيل الأبيض والبنية التحتية لكأس العالم 2030 في المغرب: تداعيات اقتصادية على العجز العام ودروس من تجارب دولية

Scarface

عضو جديد
إنضم
24 أبريل 2023
المشاركات
27
التفاعل
53 1 2
الدولة
Morocco

GN8xsXX.jpeg


المقدمة

في ظل استعداد المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، تبرز تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية للمشاريع الضخمة المرتبطة بالبطولة، خاصة في ظل تجارب دولية سابقة أظهرت أن مثل هذه الاستثمارات قد تتحول إلى "أفيال بيضاء" – أي مشاريع باهظة التكلفة وغير مجدية بعد انتهاء الحدث. تُثير هذه القضية مخاوف حقيقية حول تأثير هذه المشاريع على العجز العام في المغرب، خاصة مع وجود تحديات اقتصادية واجتماعية ملحة تتطلب أولوية في الإنفاق.
في هذا التحليل، سنستعرض طبيعة المشاريع المرتبطة بكأس العالم 2030، وتأثيراتها المحتملة على المالية العامة، مع استحضار تجارب دول مثل البرازيل وجنوب أفريقيا وقطر، التي عانت من تداعيات مشابهة بعد استضافتها لبطولات كأس العالم.

1. ما هو "الفيل الأبيض" في الاقتصاد؟

يشير مصطلح "الفيل الأبيض" إلى المشاريع الضخمة التي تتطلب استثمارات مالية هائلة لكنها لا تحقق عائداً اقتصادياً متناسباً بعد انتهاء الغرض المؤقت منها. غالباً ما تكون هذه المشاريع مرتبطة بأحداث كبرى مثل الأولمبياد أو كأس العالم، حيث تُبنى الملاعب والبنى التحتية بشكل يفوق الاحتياجات الفعلية للبلد، مما يجعلها عبئاً مالياً بعد انتهاء الحدث.
في حالة المغرب، قد تشمل "الأفيال البيضاء" المحتملة:
  • الملاعب الجديدة التي قد لا تُستخدم بكامل طاقتها بعد البطولة.
  • البنية التحتية الفاخرة (مطارات، طرق سريعة، فنادق) التي تتجاوز احتياجات السوق المحلي.
  • المشاريع الترفيهية والسياحية التي قد لا تجد جمهوراً مستداماً.

2. مشاريع كأس العالم 2030 في المغرب: بين الطموح والواقع

أعلنت المغرب عن خطة طموحة لاستضافة كأس العالم 2030، تشمل:
  • بناء 5 ملاعب جديدة وتطوير القائمة منها، مثل مركب محمد السادس الرياضي.
  • توسعة المطارات وتحسين شبكة النقل بين المدن.
  • إنشاء مدن رياضية ومرافق فندقية عالية الجودة.
لكن هذه المشاريع تطرح تساؤلات حول:
  • التكلفة المالية: تُقدّر الاستثمارات بمليارات الدولارات، في وقت يعاني فيه المغرب من عجز موازنة يبلغ حوالي 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي (2023).
  • الاستدامة: هل سيكون هناك استفادة طويلة المدى من هذه المنشآت، أم ستتحول إلى أصول متعثرة؟

3. التأثير الاقتصادي على العجز العام

الاستثمار في البنية التحتية الضخمة لكأس العالم قد يؤدي إلى:

أ. زيادة الدين العام

  • من المتوقع أن تقترض الحكومة المغربية لتمويل هذه المشاريع، مما سيرفع نسبة الدين العام، التي بلغت حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023.
  • خدمة الدين (أقساط وفوائد القروض) ستستهلك جزءاً كبيراً من الموازنة، مما يحد من الإنفاق على الصحة والتعليم.

ب. تراجع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية

  • تحويل الموارد إلى مشاريع غير منتجة (مثل الملاعب) على حساب الصناعة والزراعة قد يضعف النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

ج. مخاطر التضخم

  • ضخ أموال كبيرة في مشاريع محدودة العائد قد يرفع الطلب على المواد واليد العاملة، مما يؤدي إلى تضخم مؤقت.

4. دروس من تجارب دولية فاشلة

أ. البرازيل (كأس العالم 2014)

  • أنفقت البرازيل حوالي 15 مليار دولار على الملاعب والبنية التحتية.
  • بعد البطولة، أصبحت بعض الملاعب مهجورة، مثل ملعب "ماني غارينشا" في برازيليا، الذي تكلف 900 مليون دولار ويُستخدم الآن لوقوف السيارات!
  • أدت الاحتجاجات الاجتماعية إلى أزمات سياسية بسبب سوء توزيع الموارد.

ب. جنوب أفريقيا (كأس العالم 2010)

  • تكلفت الملاعب 3.5 مليار دولار، لكن العديد منها أصبح غير مستغل، مثل ملعب "غرين بوينت" في كيب تاون، الذي يُكلف الصيانة 6 ملايين دولار سنوياً.
  • لم تحقق البطولة النمو الاقتصادي الموعود، حيث ارتفع الدين العام دون تحسن ملموس في البطالة.

ج. قطر (كأس العالم 2022)

  • على الرغم من الجودة العالية للبنية التحتية، فإن التكلفة بلغت 220 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لدولة صغيرة.
  • معظم المشاريع بُنيت بعمالة مهاجرة في ظروف مأساوية، مما أثار انتقادات حقوقية.

5. كيف يمكن للمغرب تجنب مصير "الأفيال البيضاء"؟

لكي لا تتحول مشاريع كأس العالم 2030 إلى أعباء مالية، يجب:
  1. التخطيط للاستخدام المستقبلي: تصميم الملاعب لتكون متعددة الأغراض (رياضية، ثقافية، تجارية).
  2. الشراكة مع القطاع الخاص: لجذب مستثمرين لإدارة المرافق بعد البطولة.
  3. التركيز على المشاريع ذات الأولوية: مثل تحسين النقل العام بدلاً من الملاعب الفاخرة.
  4. الشفافية المالية: مراقبة الإنفاق ومحاربة الفساد في المشتريات الحكومية.

الخاتمة

استضافة كأس العالم 2030 فرصة للمغرب لتعزيز صورته العالمية وجذب السياحة، لكنها أيضاً تحمل مخاطر اقتصادية جسيمة إذا لم تُدار المشاريع بحكمة. التاريخ يُظهر أن "الأفيال البيضاء" يمكن أن تتحول إلى كوابيس مالية تثقل كاهل الأجيال القادمة. على الحكومة المغربية التعلم من أخطاء الآخرين وضمان أن تكون إرث البطولة إيجابياً، وليس عبئاً على الاقتصاد الوطني.
النجاح لن يُقاس بعدد الملاعب، بل بكيفية دمج هذه الاستثمارات في رؤية تنموية مستدامة تُحسّن حياة المواطن بدلاً من أن تزيد من عجزه.
 
كاس العالم تعطيك بنية رياضية عالمية
لكن تداعيات كاس الاقتصادية ستكون مرهقة لاقتصاد كالاقتصاد المغربي
 
يوجد موحد لكأس العالم في المغرب
 
عودة
أعلى