القلق من صعود الإسلاميين في سوريا يقيد دخول السوريين إلى مصر
تشكيل حكومة يقودها الإخوان في سوريا، يثير الكثير من الهواجس تجاه التعامل مع السوريين ممن يأتون إلى مصر.
الاثنين 2024/12/16
تقييد دخول السوريين
القاهرة– انعكس القلق المصري من صعود الإسلاميين في سوريا عقب سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، على القرارات الأمنية التي اتخذتها وزارة الداخلية، لتقييد دخول السوريين القادمين من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، بالتزامن مع دعوات يطلقها الإخوان أو محسوبون عليهم على وسائل التواصل الاجتماعي للعودة إلى السلطة.
وطبقت هيئة الجوازات المصرية قرار وقف دخول السوريين من حاملي الإقامة الأوروبية والأميركية والكندية للبلاد دون الحصول على موافقة أمنية، بداية من هذا الأسبوع، وتضمن وقف السماح لحاملي تأشيرات شنغن منهم دخول مصر، ومنع دخول السوريين، زوجا أو زوجة لمصري أو مصرية، قبل الموافقة الأمنية.
ورغم أن وزارة الداخلية المصرية لم تعلن بشكل رسمي عن ضوابطها الجديدة بشأن تقييد دخول اللاجئين، فإن شركات الطيران المصرية أرسلت تحذيراتها للسوريين القادمين إلى مصر من دول مختلفة، ما يعني تقصّدها أن يبدو الأمر ذا طابع أمني وليس سياسيا.
منير أديب:هناك دعوات إخوانية للعودة إلى السلطة عن طريق العنف
وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية منير أديب إن سيطرة جماعات ذات خلفية راديكالية على سوريا، وتشكيل حكومة يقودها تنظيم الإخوان، ومع تنامي إنشاء دولة تتشدق بالخلافة الإسلامية، كل ذلك يجعل هناك الكثير من الهواجس تجاه التعامل مع السوريين ممن يأتون إلى مصر.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن القاهرة تتوقع تنامي نشاط التنظيمات المتطرفة، وقد تجد نفسها محاطة بسلطة إسلامية في طرابلس الليبية، وأخرى في سوريا، ويتحين تنظيم الإخوان فرصة استعادة حضوره رسميا في السودان، وهناك دعوات إخوانية للعودة إلى السلطة في مصر عن طريق العنف، ما ينعكس على تشديد الإجراءات الأمنية تجاه كل ما يهدد سلامة الأمن الداخلي.
ووفق إحصائية لأعداد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في يناير الماضي، شكّل السوريون ما يقرب نصف أعداد اللاجئين في مصر، وبلغ عددهم 137.599 بصفة لاجئ من مجموع 273152 شخصا سوريا يعيشون في مصر.
واتخذت القاهرة قرارا مماثلا مع السودانيين القادمين من دول أخرى غير السودان، وطالبت بحصولهم على موافقة أمنية مسبقة، وتأشيرة دخول وإلغاء التعليمات التي سمحت بدخولهم بعد الحصول على تأشيرة مسبقة مشفوعة بمحل إقامة في دول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي، وبدأت في تطبيق ذلك منذ سبتمبر الماضي.
وقالت مصادر أمنية لـ”العرب” إن الخطوة هدفها التعرف على هوية القادمين من دول مختلفة إلى الأراضي المصرية في ظل حالة السيولة الأمنية التي تعانيها سوريا، ومع نشاط ملحوظ للتنظيمات المتطرفة التي بدت جاهزة للانتشار والتمدد في بقاع جغرافية مختلفة بعد تراجعها خلال السنوات الماضية.
وأضافت المصادر ذاتها أن قرار دول الاتحاد الأوروبي وقف قبول طلبات اللجوء من السوريين يشي بأن الكثير ممن يتواجدون في تلك الدول قد يغيرون وجهتهم إلى مصر أو وجهات أخرى عربية، ما يتطلب اتخاذ إجراءات هدفها الرئيسي تحقيق أغراض استخباراتية دون أن يتعلق الأمر بتضييق حركة اللاجئين السوريين على المتواجدين بالفعل في مصر.
وبعد ساعات من سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد أوقفت ألمانيا والنمسا وبريطانيا والنرويج وإيطاليا وهولندا طلبات اللجوء للسوريين.
وأكد رئيس المنتدى العربي – الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان أيمن نصري أن الموقف الأخير لا ينفصل عن التوجس المصري من نشاط الجماعات المتطرفة بعد سقوط النظام السوري، وأن القاهرة متيقنة من انتقال الكثير من مواطني الدول التي شهدت صراعات إلى أوروبا والولايات المتحدة حيث تمكنوا من الحصول على جنسيات أجنبية، ومصر تريد فرزا لخلفية هؤلاء السياسية.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن مصر وجهة أولى وقت اشتعال النزاعات والتضييق على حركة اللاجئين في أوروبا، ومن يحمل الإقامة في أي من الدول الأوروبية من السهل عليه الانتقال إلى أي دولة في العالم، وقد يكون هناك أشخاص انتقلوا خلال فترات سابقة إلى أفغانستان.
وأشار إلى أن الوقائع السابقة تشير إلى توظيف من حصلوا على جنسيات من دول أوروبية في عمليات إرهابية، وعمد تنظيم داعش إلى الاستفادة منهم في عمليات إرهابية جرت في فرنسا وبلجيكا، ولدى الجهات الأمنية المصرية قناعة بأنها تتعامل مع أشخاص وافدين من بلدان ليست عليها رقابة أمنية صارمة ولن تنتظر إلى حين حدوث تفجيرات كي تتحرك.
ومع تزايد أعداد اللاجئين تتصاعد المطالب بإحداث مراجعات أمنية لمن يتواجدون داخل مصر، في ظل الأوضاع المقلقة التي تمر بها بعض الدول العربية، ومع توتر على الحدود المصرية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، يدرك المصريون أن الفراغ الأمني في بعض الدول يضاعف حضور أجهزة الاستخبارات لتجنيد مواطنين.
وأصبحت مصر وجهة لعدد كبير من السوريين بعد اندلاع ثورتهم، وكانت الموجة الأولى منهم قد جاءت إلى مصر عام 2012، وتبنت القاهرة في البداية سياسة الباب المفتوح أمام السوريين، لكنها تراجعت واتخذت إجراءات أمنية مشددة، من بينها أن يتقدم السوري بطلب للحصول على التأشيرة وتصريح أمني قبل السفر إلى مصر.
وتعد الخطوة الأخيرة بمثابة تراجع عن اتجاه القاهرة إلى إتاحة حرية التنقل بين السوريين والدول الأوروبية وبين أقرانهم المتواجدين في مصر، إذ قررت في أبريل الماضي منحهم تسهيلات جديدة بخصوص القدوم إلى مصر.
ونص القرار في حينه على السماح للسوريين من حاملي تأشيرات دخول سارية ومستخدمة لدول الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا واليابان ومنطقة شنغن ودول مجلس التعاون الخليجي بدخول مصر بتأشيرة اضطرارية.
وذكر أيمن نصري لـ”العرب” أن التحديات الأمنية التي تواجهها الدولة المصرية تدفع إلى مراجعة بعض القرارات، ولا يصطدم ذلك برفض غربي، لأن القاهرة تستضيف أعدادا هائلة من اللاجئين، ولم تحظر دخول أحد، لكنها اتخذت إجراءات تنظيمية، تهدف إلى إحداث مراجعات أمنية نتيجة سقوط النظام السوري.
وترك سقوط نظام الأسد فراغا على مستوى التنسيق الاستخباراتي للتعامل مع التنظيمات المتطرفة، والواقع يشير إلى وجود حكم إسلامي على رأس السلطة في دمشق، وحصول تنظيمات متطرفة على دعم تركي وهو أمر لا ترتاح له مصر، وترى أن توتر الأوضاع الأمنية في السودان وليبيا وغزة يتطلب تشديد الإجراءات.
Alarab