الأفضل اننا نعترف ان فيه عدة نسخ من الدين ونبحث عن النسخة اللى تناسبنا بدل نسخة اليوتوبيا الوهمية الي في دماغ البعض منا..ويكون مدار البحث الأنفع مش الأصح: لأننا اكيد اكيد اكييد حنختلف في الأصح! لكن حتمًا (او خليها ممكن) نجتمع على الانفع لما نحصد نتائجه.
محسوبك له خبرة مش بطالة في تجربة التدين في المجتمع المصري..اما مشارك او مراقب من بعيد وأحيانًا كتير ساخر
هات ايدك وتعال اخدك في رحلة لمصر، واحكي لك عن نسخ التدين الموجودة فى المجتمع الي ممكن نقسمهم لأربع نسخ رئيسة:
1- النسخة الشعبية:
ودى تدينها قوامه الطقوس والشعائر والاحتفالات وان ربنا بيدير الكون وورا كل حدث وان مآلنا الجنة جميعا علشان صبرنا ومسخطناش على الأوضاع والى راح فى الدنيا حيتعوض فى الآخرة وأن الدين رحمة وسماحة وان الكفار لو عرفوه حيدخلوه فورا! لانهم بيعملوا اللى ربنا عاوزه بس مش مؤمنين به..ورأيت اسلاما بلا مسلمين..وهكذا
وطبعا بتقدس الشيوخ والحجاب عندها أساسي والفتوحات كانت لنشر الدعوة (هامش: الطبقات الشعبية الأدنى ممكن متحافظش على الشعائر الفردية اوى لكن الجماعية زى الجمعة او العيدين أمر مقدس وساعات كمان بتبقى مخلوطة ببعض ثقافات اخرى زى الأربعين وزيارة المقابر فى العيد)
اما الطبقة الهاى كلاس منهم بتسمح لنفسها بتحرر جزئى من بعض الأمور زى الحجاب او اختلاط الجنسين فى الحفلات بس الاساس الفكرى واحد (مثال: أقلية من رواد نادي الجزيرة والصيد الي شكلوا فيما بعد اول لبنة وسخة من جمهور مستر أمر خالد)
2- النسخة العاطفية:
ودى بتتجلى فى المتصوفة الشعبيين ومن سمتها الاغراق فى الغيبيات والخرافة وشعائرها الرئيسة الأذكار والأوراد والأدعية وسلوكها اشبه باللى قبلها مع بعض تنويعات زى التماس البركة من الشيخ وخلافه، النسخة دى كانت منتشرة فى الريف اكتر وحاليا بتتآكل مع الاختراق الأصولي نسبيًا: الحمد لله بطلوا يتعالجوا ببركة دعاء ام هاشم ودلوقتي- لله الحمد والمنة - تحولوا لدكاكين العلاج بالطب النبوي
3- النسخة الأصولية
ودى اللى كانت لفترة قريبة تعتبر فى تنامي مستمر، أصولها الفكرية مستمدة من التراث ولا سيما الشكل النصي منها وبتحمل تقدير خاص لابن تيمية والحركة الوهابية على اختلاف اطيافها وبتهتم بالجزأ القانونى جدًا من الدين ولها اهتمام خاص بالرواية سواء عن الرسول او السلف الصالح وبتعتبر نفسها الوكيل الحصرى للتحدث باسم الله والديانة بالنسبة لها أمر مفارق مجرد. النجاح عندهم هو الاخروي بس..اما دوره فى الدنيا فهو تنفيذ ارادة الاله وعلشان كدة بتسعى لتكوين كيان سياسي أيدلوجي أسمه الخلافة وغرضه تنفيذ اوامر الله اللى حيأيدهم وينصرهم تحقيقا لوعده :مفارقة أشبه بالاتفاق اليهودى مع الله..الشريعة مقابل الأرض..زي النفط مقابل الغذاء كدا
وكل اخفاقاته يا اما ابتلاء يا إما انه منفذش الامر الإلهي بدقة وكان مفرط..ولهم اهتمام خاص بتمييز نفسهم شكليا بالدقن والنقاب او الخمار..وبيعادوا كل مظاهر المجتمع الخاصة او الوافدة زى عيد شم النسيم وحتى عيد الام
فى العقود الأخيرة قدم نفسه باعتباره البديل اللى لسة متجربش قصاد حالات فشل التحديث اللى عايشنها ولاقى قبول واسع بل وسيطر على النسخة الشعبية روحيًا: راجع الفيديو المشهور
لحصار مدينة الإنتاج الاعلامي على يوتيوب: انا بعت نفسي لربنا يا ولاد ال##*###) وهو يا اما حركة او حزب او جزر منفصلة رأسها الشيخ مع اتفاق عام فى الأصول وساعات يبقى بينهم تنافس يخليهم يرموا بعض بالتكفير او الزندقة..
4- النسخة التنويرية:
ودي ظهرت بعد صدمة الحداثة بعد ما اكتشف المسلمين ان عدوهم التقليدي فاقهم بشكل خيالي وانهم لسة قابعين فى العصور المظلمة.أول فئة منهم ممنهجة كانت مدرسة الشيخ محمد عبده اللى كان عاوز يعمل نهضة بالدين من خلال الرجوع للأصول والتخلص من تركة تراثية ثقيلة طمست معاني الاسلام الاصلي ومع ان توجه عقلي واقرب للمعتزلة الا ان مدرسته اخرجت السلفي والعلماني! دنيا فيها العجب
الفئة الحديثة من التنويرين عرفوا ان النسخ السابقة كلها متخاصمة مع الحداثة فحبوا يعملوا نسخة لا تعطل التحديث..اصحابها بالجملة علمانيين حتى لو مصرحوش بكدة وبيستخدموا الأدوات الحداثية فى قراءة وتفكيك النص وتاريخية الأحكام الشرعية ومفهوم الخطاب واسطرة القصص وتفكيك التراث وعزل الجانب الاجتماعي والتاريخي منه باعتباره متغير زمني وبعضهم بدأ يفسر الوحي بشكل فيه تدخل بشري ..ودى نسخة نخبوية بطبيعتها..نسخة مثقفين حتى الان مقدرتش تخترق الاوساط الشعبية، واصحاب التدين الشعبي والاصولي بينظروا لهم بريبة على انهم عملاء ولاد dاو عندهم هزيمة نفسية او غرضهم يفسدوا الدين
بالنسبة للبعض النسخة دى لا بديل عنها لتفادي الصدام مع العلم والحداثة بعد ان بلغ التنافر بين بديهياتهم العقلية وبين الدين مداه وبقى الاستمرار مستحيل. لكن بالنسبة للبعض الآخر، هي نسخة تلفيقية بامتياز، يعنى مثلا بعد ما تقنعني ان النص تاريخي او الاحكام الشرعية تاريخية منطقي انى اسألك طيب وليه ربنا سابنا ومقالش ولا حتى نوه ان الاحكام دى لها تاريخ صلاحية وبعدها متنفعش؟ طبعا الردود مش قوية حتى الان وتقدر تقول ان مصدر العيب ان القراءة دى عقلية بالكامل من غير حامل لاهوتي او نص يؤيد فكرتهم..
وهنا النسخة الاصولية تسجل هدف -به شبهة تسلل
- في مرمي الحداثيين..بس ما تفرحش قوي..لسه الكورة في الملعب والحكم لم يطلق صافرة نهاية ديربي الانفع vs الأصح