تأتي تصريحات الرئيس الفرنسي الحاقدة على الجزائر، في ظرف يتميز بنزيف اقتصادي حاد لشركاتها في الجزائر، وتراجع لافت للتواجد الفرنسي مقارنة بالصين وتركيا وايطاليا.
وظهر الانزعاج الفرنسي واضحا من التقارب الجزائري الصيني قبل نحو 4 سنوات، حين أ بدى مجلس الشيوخ الفرنسي عبر تقرير خاص، انزعاجا صريحا من التقارب الجزائري الصيني على الصعيدين التجاري والاقتصادي والفضائي (الأقمار الصناعية)، مشيرا إلى أن الصين بصدد استحداث طرق حرير بمفهوم جديد اقتصادي وتكنولوجي من باكستان وصولا إلى الجزائر وهو ما يستدعي تحركا فرنسيا وأوروبيا لمواجهة هذا الامتداد الصيني.
وورد في تقرير اعلامي لمجلس الشيوخ الفرنسي(السينا) من 183 صفحة مؤرخ في 30 ماس 2018، وتم إعداده باسم لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة، أن الجزائر ستستفيد من تكنولوجيا صينية في مجال الاقمار الصناعية، في اطار سياسة بكين الرامية لتوسيع تعاونها الفضائي لإطلاق الأقمار الصناعية وتسييرها والتحكم فيها قامت بتوقيع عقودها الأولى سنة 2010 مع الجزائر وباكستان وفنزويلا وتضمنت العقود تحمل بكين لجزء من التكلفة المالية لهذه العمليات.
وحسب معدي التقرير فإن هذا الأمر من خلال إطلاق قمر صناعي جزائري حديث شهر ديسمبر 2017، من منصة عبر صاروخ صيني تم ذلك في اطار إستراتيجية تحمل الصين لجزء من التكلفة المالية اضافة لتوفير القمر الصناعي بحد ذاته.
وحسب التقرير ذاته، فإن التقارب الجزائري الصيني على حساب فرنسا جاء ايضا في مجال البنى التحتية، موضحا ان البلاد أنجزت مشروع الطريق السيار شرق – غرب الذي عرف تأخرا في تسليمه وتكلفة اضافية لقيمته الحقيقية وسوء إنجازه وعدم دفع أجور العاملين في المشروع، دون أن تقع أي مسؤولية على هذه الشركات الصينية، اضافة لميناء الحمدانية بالوسط الذي ستتولى شركات صينية انجازه.
ودعا التقرير حسبها إلى ضرورة تجند فرنسي وأوروبي لمواجهة تمدد الصين اقتصاديا في شمال افريقيا وخصوصا في الجزائر.
وسبق لوزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، برينو لومير، أن عبر صراحة عن انزعاج وقلق بلاده من التقارب الجزائري التركي وخصوصا على الصعيد الاقتصادي، وشدد على أن باريس لو فسحت المجال لمنافسين من شاكلة تركيا والصين، ستجد فرنسا نفسها في صعوبات ومشاكل كبيرة في الجزائر، معترفا بوجود العلاقات الاقتصادية على الأقل بين البلدين في حالة موت سريري.
وذكر وزير الاقتصاد الفرنسي برينو لومير في جلسة استماع بالجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) ردا على مساءلة للنائب أمجيد الغراب مؤرخة في 28 جانفي 2020، أنه فيما يتعلق بالوضع في الجزائر وعلى نطاق أوسع الوضع المغاربي، فقد تسببت الاضطرابات السياسية في صعوبات اقتصادية جمة، لأن الاستقرار السياسي باب لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وأكد الوزير الفرنسي للاقتصاد والمالية برينو لومير، أن ما أسماه “الصعوبات السياسية في الجزائر (في إشارة للحراك الشعبي وسقوط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة)، منعت باريس من استغلال العلاقة الاقتصادية الفرنسية الجزائرية كما يتمنى (الوزير لومير).
واللافت أيضا أن شركات فرنسية تواجدت في الجزائر منذ عقود صارت في وضع لا تحسد عليه، بعضها غادر البلاد نهائيا وبعضها على شفا الرحيل، في وضع وصف بأنه أقرب إلى تساقط الشركات الفرنسية كما تتساقط أوراق الخريف، لم تعشه الشركات الفرنسية بالجزائر منذ مطلع الألفية.
وبعملية حسابية بسيطة، يتضح أن شركة “راتيبي باريس” المكلفة بتسيير وصيانة مترو العاصمة، قد غادرت البلاد ولم تجدد السلطات عقدها وتم تعويضها بأخرى جزائرية منذ اكتوبر 2020.
كما غادرت شركة “سيوز” الشريكة في شركة المياه والتطهير للعاصمة “سيال” منذ 1 سبتمبر الماضي، إذ رفضت السلطات تجديد عقد الشراكة الموقع عام 2006، والذي تم تجديده سابقا لثلاث مرات.
وكان بنك الجزائر قد سحب ايضا اعتماد نشاط بنك “كريدي أغريكول” الفرنسي في مارس الماضي، لأسباب قيل انها تتعلق برفض رفع رأسماله استجابة لطلب بنك الجزائر وجه لجميع البنوك والمصارف المعتمدة في الجزائر.
وتتواجد شركة رونو للسيارات هي الأخرى في وضع لا تحسد عليه في ظل وقف واردات القطع والأجزاء الموجهة لوحدة التركيب والتجميع بوهران، ما جعل الوحدة في حالة توقف عن النشاط منذ فترة، بل وصل الأمر بها لتسريح عدد من العمال والموظفين.
وأوصدت وزارة الطاقة الأبواب في وجه شركة توتال الفرنسية للطاقة، أمام استحواذها على أصول شركة أناداركو الأمريكية التي انتقلت ملكيتها لصالح شركة “أوكسيدنتال بيتروليوم” الأمريكية، حيث تم استعمال حق الشفعة بما يخوله
قانون المحروقات الجديد.