تودد تركيا لمصر.. ثاني محاولة يائسة في أسبوع لـ"كسر الحصار"
العين الإخبارية - أحمد فتحي
الإثنين 2021/3/8 10:29 ص بتوقيت أبوظبي
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
في أسبوع، توددت تركيا لمصر مرتين، في تصرف بات معتادا، ويعكس رغبة في "كسر حصارها" في شرق المتوسط، وحلحلة أزماتها المتعددة عبر القاهرة.
والسبت، صرح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن "تركيا ومصر لديهما قيم تاريخية وثقافية مشتركة"، معربا عن ثقته في أن "تفعيل هذه القيم يمكن أن ينعكس على حدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة"، في ثاني محاولة تركية للتودد لمصر في أسبوع واحد.
ولوح خلوصي إلى "إمكانية إبرام اتفاقية أو مذكرة تفاهم مع مصر في الفترة المقبلة، بما يتماشى مع اتفاق الصلاحية البحرية المبرم مع ليبيا، المسجل لدى الأمم المتحدة، على حد قوله.
"لا حدود بحرية مع تركيا"
وفي قراءة لتصريحات الوزير التركي، قال سياسيون وخبراء مصريون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" إن محاولات أنقرة المتكررة التقرب للقاهرة، بمثابة "جس نبض، ومحاولة لكسر للحصار والخناق المفروض عليها بشرق المتوسط، لا سيما في ظل توطد علاقات القاهرة مع قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي".
فيما أبدى هؤلاء الخبراء في الوقت ذاته، اندهاشا كبيرا من قول الوزير التركي في تصريحاته إن "احترام مصر للجرف القاري التركي خلال أنشطتها للتنقيب شرقي المتوسط، تطور هام"، مؤكدين أن "القاهرة تحترم القانون الدولي، وتعرف التزاماتها وحدودها جيدا".
وأكد المهندس أسامة كمال، وزير البترول المصري الأسبق في حديث لـ"العين الإخبارية" أنه "لا توجد حدود بحرية مشتركة مع أنقرة في شرق المتوسط".
وتابع كمال إن "أنقرة تسعى لتحسين صورتها أمام الرأي العام؛ وقد تمهد لاتخاذ اجراءات تحسين العلاقات مع مصر".
كسر الحصار
من جهته، قال الخبير في الشئون التركية، بشير عبد الفتاح، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "مصر لا تعتدي على حدود أي دولة، ولا تفتأت على مصالح الدول الأخرى سواء تركيا أو غيرها".
وأردف: "مصر دولة تحترم القانون الدولي، وتعرف التزاماتها وحدودها جيدا مع أي طرف سواء ضعيف كان أو قوي".
ونبه إلى أن "تصريحات المسئول التركي محاولة لجس النبض والتودد وكسر الحصار المفروض على أنقرة في شرق المتوسط".
ولفت الخبير في الشئون التركية إلى أن المسؤولين الأتراك "يحاولون التودد لمصر بأي طريقة، لكسر الحصار القوي المفروض عليهم في شرق المتوسط، لاسيما في ظل توطد علاقات مصر مع قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي".
ومضى قائلا: "لدى الأتراك آمال في حدوث اختراق في العلاقات المتأزمة مع القاهرة لتكون بداية لحلحلة الأزمات بين تركيا ودول شرق المتوسط، وأيضا دول الجوار الإقليمي".
ومطلع الشهر الجاري، قال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو في مؤتمر صحفي في أنقرة إن "تركيا ومصر قد تتفاوضان على ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط إذا سمحت العلاقات بينهما بمثل هذه الخطوة".
وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها أنقرة مغازلة القاهرة، بل سبقتها محاولات عدة، كان آخرها في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، عندما أبدى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن رغبة بلاده في إعادة العلاقات مع مصر.
اتفاقية البحار
وأبدى الخبير المصري اندهاشه من حديث أنقرة عن إمكانية إجراء ترسيم للحدود البحرية بين مصر وتركيا، قائلا: "نظام "رجب طيب" أردوغان لا يعترف باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهي الاتفاقية التي تعتبر مرجعية لتقسيم الحدود البحرية بين الدول".
وتابع بشير عبد الفتاح: "بناء على هذه الاتفاقية، رسمت مصر حدودها مع اليونان وقبرص؛ لذا فإنه إذا كان هناك ترسيم للحدود البحرية مع تركيا، فسوف يكون بناء على نفس الاتفاقية التي ترفضها أنقرة".
وفي هذا الصدد، دعا الخبير المصري أنقرة إلى الاعتراف أولا باتفاقية البحار، والاتفاقيات التي أبرمتها مصر مع قبرص واليونان لترسيم الحدود، قبل أن يجري ترسيم أي حدود بين مصر وتركيا.
وقال الخبير المصري أيضا :"القاهرة أكدت أنها لن تعمل وحدها مع تركيا إلا بتنسيق وحضور من قبرص واليونان".
وفي تفسيره لرفض أنقرة لاتفاقية البحار، قال عبد الفتاح: "الاتفاقية تقنن حقوق قبرص والجزر اليونانية في المناطق الاقتصادية الخالصة".
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، صدّق أكتوبر/ تشرين أول الماضي، على الاتفاق بين حكومتي مصر واليونان بشأن تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين، الموقع في 6 أغسطس/ آب الماضي.
وجاء تصديق السيسي على الاتفاق بين مصر واليونان بعد موافقة مجلسي النواب والوزراء على الاتفاقية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام مصرية.
ودخلت اتفاقية تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين مصر واليونان حيز التنفيذ في 2 سبتمبر/ أيلول الماضي، بموجب قرار من وزير الخارجية المصري سامح شكري.
في سبتمبر/أيلول 2014، وافق الرئيس المصري على اتفاقية بين بلاده وقبرص بشأن التعاون في تنمية حقول الغاز في مياه البحر الأبيض المتوسط.
وفي 9 يونيو/حزيران الماضي، وقّع وزيرا خارجية اليونان وإيطاليا في أثينا اتفاقاً لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الأيوني الذي يفصل البلدين المجاورين.
وتقطع الاتفاقيات الثنائية التي تربط دول البحر المتوسط الطريق على أي وجود تركي بمياه البحر، وهو الأمر الذي سعى إليه أردوغان من خلال اتفاق مشبوه أبرمه، في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مع فايز السراج، رئيس ما يسمى حكومة الوفاق غير الشرعية في طرابلس الليبية.
في أسبوع، توددت تركيا لمصر مرتين، في تصرف بات معتادا، ويعكس رغبة في "كسر حصارها" في شرق المتوسط، وحلحلة أزماتها المتعددة عبر القاهرة.
al-ain.com