أن نتركهما يتناحران و نستفيد من الحرب بينهما قد يبدو للوهلة الأولى موقفا ذكيا لكن الواقع أكثر تعقيدا واتخاذ موقف يحتاج إلى أوراق ومعلومات دقيقة و تفكير معمق. أظن أن لا إيران و لا إسرائيل يريدان الدخول في مواجهة مدمرة سيستفيد منها العرب لاحقا. العرب منقسمون منهم من يُدفع دفعا للتحالف مع إسرائيل ومنهم من يؤيد إيران، وفوق هذا و ذاك هناك أمريكا و روسيا يؤثران في الأحداث وفق مصالحهما.
لن تضرب إسرائيل بقوة حتى تضمن تحالفا عسكريا و استراتيجيا مع العرب يقيها ردة الفعل الإيرانية . إلى حين تفعيل هذا التحالف على أرض الواقع سيقوم بايدن بإحياء الإتفاق النووي ومحاولة تحجيم إيران في العراق و سوريا، أما في اليمن فسيبقى الوضع على ماهو عليه كورقة ضغط مباشرة على السعودية لضمان انخراطها في المخطط الأمريكي الإسرائيلي.
أظن و الله أعلم أن أمريكا تريد أن تصل إلى وضع جد مريح لإسرائيل فهي ستنعم بتحالف عسكري لم تكن تحلم به ولن تقدم أي تنازل في القضية الفلسطينية وستفاوض إيران من موقع أكثر قوة لترتيب الشرق الأوسط بما يضمن بعضا من مصالح إيران دون المساس بمكتسباتها .
العرب بين ثلاثة خيارات:
1- الإنغماس في المخطط الأمريكي الذي يهتم أكثر لوضعية إسرائيل وغير مضمون النتائج للمصالح العربية
2- الدخول في مفاوضات مع إيران بوساطة قطرية من أجل إيجاد تفاهمات تضمن لإيران مصالحها و مكتسباتها في لبنان، العراق، سوريا و اليمن و بالنسبة للعرب تتوقف إيران عن تصدير الثورة و أطماعها التوسعية علما أن إيران لايُأْمَن جانبها في هذا الأمر لأن عقيدة النظام هي التمدد الشيعي و بكل الوسائل المتاحة.
3- الطريق الثالث ولست أنا من يعطي الحل هنا ولكن أعلم أنه ينبغي أن يكون موقفا ذكيا للغاية، مبادرا وشجاعا يضع إيران في حجمها الحقيقي و يحشر إسرائيل في الزاوية ويبرز العرب كقوة إقليمية يحسب لها ألف حساب.
في رأيي الشخصي إيران أشد عداوة و أكثر خطرا ليس لقوة في ذاتها و لكنها استغلت تطورات المنطقة في الثلاثة عقود الأخيرة و تمكنت من التغلغل عقديا في عدد من المجتمعات العربية أتبعتها بسيطرة عسكرية من خلال ميليشياتها. بالنسبة لي ضربها إن اضطررنا لذلك أولى و أوجب لأنها لاتحتل الأراضي فقط ولكن تنهب العقول و القلوب.