مفاجأة تاريخية.. براءة سيد قطب من التكفير ووثائق تؤكد دعوته للدولة المدنية
صحيفة اليوم السابع
معظم من يدعون أن سيد قطب «إمام التكفيريين» يستندون إلى ما كتبه فى موسوعته «فى ظلال القرآن» من أنه توجد «أقوام من الناس من سلالات المسلمين ويقطنون ديار الإسلام إلا أنها.. هجرت الإسلام حقيقة، وأعلنته اسمًا»، والشاهد الثانى أنه يعتبر مساجد المسلمين «كمعابد الجاهلية»، والثالث قوله: «لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد.. وإن ظل فريق منها يردد على المآذن «لا إله إلا الله» دون أن يدرك مدلولها» ورابع الشواهد هو أمره للعصبة المؤمنة بأن تقيم الصلاة فى بيوتها واعتزال المساجد، مستندا إلى قوله تعالى: «وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ».
هذه الشواهد هى أكثر ما يستند إليه مهاجمو سيد قطب بادعاء أنه إمام التطرف والتكفير، لكن الحقيقة أن الكثير من هذه المقولات مردود عليها فالأستاذ محمد قطب أخو الأستاذ سيد يقول إنه: لم يقل فى حياته «إن فلانا كافر» وكتب حينما اشتد اللغط حول أخيه قائلاً: إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين هو بيان المعنى الحقيقى لـ «لا إله إلا الله» شعوراً منه بأن كثيراً من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت فى الكتاب والسنة، شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أهمل أو غفل الناس عنها، ولكنه مع ذلك حرص حرصا شديدا على أن يبين أن كلامه هذا ليس المقصود به إصدار أحكام على الناس وإنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا.. ولقد سمعته بنفسى أكثر من مرة يقول «نحن دعاة لسنا قضاة» وإن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله.. كما سمعته أكثر من مرة يقول إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك، وهذا أمر ليس فى أيدينا، ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس فضلا عن كوننا دعوة ولسنا دولة، دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الأحكام عليهم. وهذا يثبت أن سيد قطب لم يكن يوماً داعياً إلى تكفير الناس كما يدعى الإرهابيون والمتطرفون.
أما دعوته للناس إلى اعتزال معابد الجاهلية أو المساجد فلها سياق محدد لا يجب أن نقتطعه منه، وابن كثير نفسه فى تفسيره لآية «واجعلوا بيوتكم قبلة» يكاد يتطابق مع ما ذهب إليه «قطب» حيث قال: «إن بنى إسرائيل كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا فى بيوتهم» وقطب يذكر هذه الآية ويأمر باتباعها متوجها بكلامه إلى العصبة المؤمنة التى تخشى أن ينالها أذى، بما يعنى أنه جعل هذا الأمر فى حال الخوف من الطواغيت، أما المساجد التى أسست على تقوى من الله والتى أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يقول عنها قطب: «إذن الله هو أمر للنفاذ، فهى مرفوعة قائمة وهى مطهرة رفيعة يتناسق مشهدها المرفوع مع النور المتألق فى السماء والأرض وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السنى المضىء وتتهيأ بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله».
والذين يعرفون سيد قطب يجزمون بأنه كان شديد الصدق حتى فى أشد الموقف وأصعبها، وكذبة واحدة كانت قادرة على أن تنجيه من حبل المشنقة، ومع ذلك يقول فى أحد المحاضر إنه لم يكفر المجتمعات ولا الأفراد، وحينما سأله صلاح نصر عما إذا كان يرى أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ مدة طويلة ولا بد من إعادتها للوجود، قال: لا بد من تفسير مدلول كلمة الأمة المسلمة التى أعنيها، فالأمة المسلمة هى التى تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة.. السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية بشريعة الله ومنهجه، وهى بهذا الوصف غير قائمة الآن فى مصر ولا فى أى مكان فى الأرض، وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين، لأنه فيما يتعلق بالفرد.. الاحتكام إلى عقيدته وخلقه، وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله.
وأوضح أننا لم نكفر الناس، وهذا نقل مشوه، إنما نحن نقول إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة، وعدم تصور مدلولها الصحيح، والبعد عن الحياة الإسلامية، إلى حال المجتمعات الجاهلية، وأنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء فى الحركة هى قضية إقامة النظام الإسلامى، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة، والتربية الأخلاقية الإسلامية، فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر ما تتعلق بالحكم على الناس.
ويقول الشيخ عمر التلمسانى، المرشد العام الراحل لجماعة الإخوان المسلمين: ما أراد الشهيد الأستاذ سيد قطب فى يوم من الأيام أن يكفِّر مسلمًا؛ لأنه أعلم الناس بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى أكثر من حديث: «مَن قال لا إله إلا الله موقنًا بها قلبه لن يخلد فى النار». ونحن نعلم أنه لن يخلد فى النار إلا الكافرون! وهم الذين ينكرون وحدانية الواحد القهار! هذه واحدة، كما أن كثرة ترديده «للمجتمع الجاهلى» لم يقصد بها تكفير المجتمع، ولكن تشديد النكير على الظلمة والطغاة والمستغلِّين والمشكِّكين.. وهو أسلوب تعرفه اللغة العربية.. ولم يقصد بذلك التكفير، ولكن أن ذلك ليس من سنتنا أو عملنا، والقصد تقليل الدرجات!. والذين يعرفون الشهيد سيد قطب، ودماثة خلقه، وجمَّ أدبه، وتواضعه، ورقة مشاعره، يعرفون أنه لا يكفِّر أحدًا!
وأهمية شهادة «التلمسانى» لا تأتى من كونه مرشد الإخوان المسلمين ولكنها تأتى من أحد معاصريه وزملائه فى الحياة، والمعتقل الذى كتب فيه كتابه الشهير «معالم على الطريق».
أما قول سيد قطب بأن المجتمعات فسدت وأنها عادت إلى الجاهلية وإنكاره للإسلام على الناس فهذا المعنى مجازى، أى صيغة مبالغة يعرفها من درس كتب سيد قطب خاصة كتابه الأشهر «فى ظلال القرآن» الذى كتبه بأسلوب أدبى ولم ينس فيه أنه شاعر فى الأساس، ولا أعرف لماذا يحرم الناس على «قطب» هذا الأسلوب ولا يتسامحون معه ويعتبرونه صكا تكفيريا، فى حين أن الإمام محمد عبده له مقولة تكاد تتماثل مع مقولة قطب، ذلك حينما رجع عبده من باريس فقال: ذهبت إلى باريس فوجدت إسلاماً بلا مسلمين، ورجعت إلى هنا فوجدت مسلمين بلا إسلام، وبالطبع لم يقصد الإمام تكفير الناس فى مصر أو إخراجهم من الملة، ولكنه أراد أن يصف بأسلوب مجازى حال المسلمين وابتعادهم عن أخلاقيات الإسلام التى وجدها فى المجتمعات الغربية، وإذا طبقنا نفس الطريقة على الإمام محمد عبده لتبين أنه أيضا إمام للتكفيريين لمن يريد أن يؤول كلامه على طريقته التى تحمل الكثير من سوء النية والجهل باللغة وعدم التفهم.
دليل آخر يسوقه المستشار فيصل مولوى، نائب رئيس المجلس الأوروبى للبحوث والإفتاء، يثبت عدم تكفير سيد قطب للمجتمعات الإسلامية فيقول: لم أقرأ نصاً واحدا للشهيد يدعو لتكفير الناس، لكن كثيراً من النصوص التى قالها تثير إشكالا ويمكن أن يساء فهمها، والدليل على هذا تفسير قطب لآية (والذين آمنوا ولم يهاجروا، ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر) من سورة الأنفال. التى يقول فيها قطب: فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء فى المجتمع المسلم، ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية، ولكن هناك رابطة العقيدة، ويشرح «مولوى» قائلاً: فقطب لم يحكم على هؤلاء المسلمين بالردة مع أنهم يعيشون خارج المجتمع المسلم، واحتفظ لهم بصحة العقيدة، وذلك هو الموقف الصحيح لأن الله تعالى وصفهم بالإيمان.
والدليل الثانى الذى يسوقه «مولوى» يأتى فى تفسيره لقوله تعالى فى سورة النساء: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً) يقول قطب: «يأمر الله المسلمين إذا خرجوا غزاة، ألا يبدأوا بقتال أحد أو قتله حتى يتبينوا، وأن يكتفوا بظاهر الإسلام فى كلمة اللسان، إذ لا دليل يناقض كلمة اللسان» فالسيد يكتفى هنا بظاهر الإسلام فى كلمة اللسان، ويعتبر الإنسان بذلك مسلماً معصوم الدم، ولوقلنا إن سيد قطب يعتبر المؤذن مرتداً بمعنى الكفر واستباحة الدم، لكان هذا متناقضًا مع ما ورد فى تفسير هذه الآية عند سيد قطب نفسه.
صحيفة اليوم السابع
معظم من يدعون أن سيد قطب «إمام التكفيريين» يستندون إلى ما كتبه فى موسوعته «فى ظلال القرآن» من أنه توجد «أقوام من الناس من سلالات المسلمين ويقطنون ديار الإسلام إلا أنها.. هجرت الإسلام حقيقة، وأعلنته اسمًا»، والشاهد الثانى أنه يعتبر مساجد المسلمين «كمعابد الجاهلية»، والثالث قوله: «لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد.. وإن ظل فريق منها يردد على المآذن «لا إله إلا الله» دون أن يدرك مدلولها» ورابع الشواهد هو أمره للعصبة المؤمنة بأن تقيم الصلاة فى بيوتها واعتزال المساجد، مستندا إلى قوله تعالى: «وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ».
هذه الشواهد هى أكثر ما يستند إليه مهاجمو سيد قطب بادعاء أنه إمام التطرف والتكفير، لكن الحقيقة أن الكثير من هذه المقولات مردود عليها فالأستاذ محمد قطب أخو الأستاذ سيد يقول إنه: لم يقل فى حياته «إن فلانا كافر» وكتب حينما اشتد اللغط حول أخيه قائلاً: إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين هو بيان المعنى الحقيقى لـ «لا إله إلا الله» شعوراً منه بأن كثيراً من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت فى الكتاب والسنة، شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أهمل أو غفل الناس عنها، ولكنه مع ذلك حرص حرصا شديدا على أن يبين أن كلامه هذا ليس المقصود به إصدار أحكام على الناس وإنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا.. ولقد سمعته بنفسى أكثر من مرة يقول «نحن دعاة لسنا قضاة» وإن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله.. كما سمعته أكثر من مرة يقول إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك، وهذا أمر ليس فى أيدينا، ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس فضلا عن كوننا دعوة ولسنا دولة، دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الأحكام عليهم. وهذا يثبت أن سيد قطب لم يكن يوماً داعياً إلى تكفير الناس كما يدعى الإرهابيون والمتطرفون.
أما دعوته للناس إلى اعتزال معابد الجاهلية أو المساجد فلها سياق محدد لا يجب أن نقتطعه منه، وابن كثير نفسه فى تفسيره لآية «واجعلوا بيوتكم قبلة» يكاد يتطابق مع ما ذهب إليه «قطب» حيث قال: «إن بنى إسرائيل كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا فى بيوتهم» وقطب يذكر هذه الآية ويأمر باتباعها متوجها بكلامه إلى العصبة المؤمنة التى تخشى أن ينالها أذى، بما يعنى أنه جعل هذا الأمر فى حال الخوف من الطواغيت، أما المساجد التى أسست على تقوى من الله والتى أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يقول عنها قطب: «إذن الله هو أمر للنفاذ، فهى مرفوعة قائمة وهى مطهرة رفيعة يتناسق مشهدها المرفوع مع النور المتألق فى السماء والأرض وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السنى المضىء وتتهيأ بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله».
والذين يعرفون سيد قطب يجزمون بأنه كان شديد الصدق حتى فى أشد الموقف وأصعبها، وكذبة واحدة كانت قادرة على أن تنجيه من حبل المشنقة، ومع ذلك يقول فى أحد المحاضر إنه لم يكفر المجتمعات ولا الأفراد، وحينما سأله صلاح نصر عما إذا كان يرى أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ مدة طويلة ولا بد من إعادتها للوجود، قال: لا بد من تفسير مدلول كلمة الأمة المسلمة التى أعنيها، فالأمة المسلمة هى التى تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة.. السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية بشريعة الله ومنهجه، وهى بهذا الوصف غير قائمة الآن فى مصر ولا فى أى مكان فى الأرض، وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين، لأنه فيما يتعلق بالفرد.. الاحتكام إلى عقيدته وخلقه، وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله.
وأوضح أننا لم نكفر الناس، وهذا نقل مشوه، إنما نحن نقول إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة، وعدم تصور مدلولها الصحيح، والبعد عن الحياة الإسلامية، إلى حال المجتمعات الجاهلية، وأنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء فى الحركة هى قضية إقامة النظام الإسلامى، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة، والتربية الأخلاقية الإسلامية، فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر ما تتعلق بالحكم على الناس.
ويقول الشيخ عمر التلمسانى، المرشد العام الراحل لجماعة الإخوان المسلمين: ما أراد الشهيد الأستاذ سيد قطب فى يوم من الأيام أن يكفِّر مسلمًا؛ لأنه أعلم الناس بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى أكثر من حديث: «مَن قال لا إله إلا الله موقنًا بها قلبه لن يخلد فى النار». ونحن نعلم أنه لن يخلد فى النار إلا الكافرون! وهم الذين ينكرون وحدانية الواحد القهار! هذه واحدة، كما أن كثرة ترديده «للمجتمع الجاهلى» لم يقصد بها تكفير المجتمع، ولكن تشديد النكير على الظلمة والطغاة والمستغلِّين والمشكِّكين.. وهو أسلوب تعرفه اللغة العربية.. ولم يقصد بذلك التكفير، ولكن أن ذلك ليس من سنتنا أو عملنا، والقصد تقليل الدرجات!. والذين يعرفون الشهيد سيد قطب، ودماثة خلقه، وجمَّ أدبه، وتواضعه، ورقة مشاعره، يعرفون أنه لا يكفِّر أحدًا!
وأهمية شهادة «التلمسانى» لا تأتى من كونه مرشد الإخوان المسلمين ولكنها تأتى من أحد معاصريه وزملائه فى الحياة، والمعتقل الذى كتب فيه كتابه الشهير «معالم على الطريق».
أما قول سيد قطب بأن المجتمعات فسدت وأنها عادت إلى الجاهلية وإنكاره للإسلام على الناس فهذا المعنى مجازى، أى صيغة مبالغة يعرفها من درس كتب سيد قطب خاصة كتابه الأشهر «فى ظلال القرآن» الذى كتبه بأسلوب أدبى ولم ينس فيه أنه شاعر فى الأساس، ولا أعرف لماذا يحرم الناس على «قطب» هذا الأسلوب ولا يتسامحون معه ويعتبرونه صكا تكفيريا، فى حين أن الإمام محمد عبده له مقولة تكاد تتماثل مع مقولة قطب، ذلك حينما رجع عبده من باريس فقال: ذهبت إلى باريس فوجدت إسلاماً بلا مسلمين، ورجعت إلى هنا فوجدت مسلمين بلا إسلام، وبالطبع لم يقصد الإمام تكفير الناس فى مصر أو إخراجهم من الملة، ولكنه أراد أن يصف بأسلوب مجازى حال المسلمين وابتعادهم عن أخلاقيات الإسلام التى وجدها فى المجتمعات الغربية، وإذا طبقنا نفس الطريقة على الإمام محمد عبده لتبين أنه أيضا إمام للتكفيريين لمن يريد أن يؤول كلامه على طريقته التى تحمل الكثير من سوء النية والجهل باللغة وعدم التفهم.
دليل آخر يسوقه المستشار فيصل مولوى، نائب رئيس المجلس الأوروبى للبحوث والإفتاء، يثبت عدم تكفير سيد قطب للمجتمعات الإسلامية فيقول: لم أقرأ نصاً واحدا للشهيد يدعو لتكفير الناس، لكن كثيراً من النصوص التى قالها تثير إشكالا ويمكن أن يساء فهمها، والدليل على هذا تفسير قطب لآية (والذين آمنوا ولم يهاجروا، ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر) من سورة الأنفال. التى يقول فيها قطب: فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء فى المجتمع المسلم، ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية، ولكن هناك رابطة العقيدة، ويشرح «مولوى» قائلاً: فقطب لم يحكم على هؤلاء المسلمين بالردة مع أنهم يعيشون خارج المجتمع المسلم، واحتفظ لهم بصحة العقيدة، وذلك هو الموقف الصحيح لأن الله تعالى وصفهم بالإيمان.
والدليل الثانى الذى يسوقه «مولوى» يأتى فى تفسيره لقوله تعالى فى سورة النساء: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً) يقول قطب: «يأمر الله المسلمين إذا خرجوا غزاة، ألا يبدأوا بقتال أحد أو قتله حتى يتبينوا، وأن يكتفوا بظاهر الإسلام فى كلمة اللسان، إذ لا دليل يناقض كلمة اللسان» فالسيد يكتفى هنا بظاهر الإسلام فى كلمة اللسان، ويعتبر الإنسان بذلك مسلماً معصوم الدم، ولوقلنا إن سيد قطب يعتبر المؤذن مرتداً بمعنى الكفر واستباحة الدم، لكان هذا متناقضًا مع ما ورد فى تفسير هذه الآية عند سيد قطب نفسه.
التعديل الأخير: