المفكر الإسلامي سيد قطب

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
23 مايو 2019
المشاركات
4,815
التفاعل
12,492 233 3
الدولة
Egypt
بسم الله

images - 2019-08-06T031352.788.jpeg
images - 2019-08-06T031253.044.jpeg


سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي

(9 أكتوبر 1906م - 29 أغسطس 1966م)

كاتب و شاعر و أديب ومنظر إسلامي مصري

مؤلف كتاب في ظلال القرآن

وعضو سابق في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين

ورئيس سابق لقسم نشر الدعوة في الجماعة

ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين.
 
الميلاد : أكتوبر 1906
قرية موشا، محافظة أسيوط، مصر
الوفاة : 29 أغسطس 1966 (59 سنة)
سجن القاهرة

سبب الوفاة: الإعدام شنقاً


الجنسية : مصري
الديانة. : مسلم
المذهب الفقهي: أهل السنة والجماعة
الزوجة : لم يتزوج
أخوة وأخوات: محمد قطب، وأمينة قطب


الحياة العملية: التعلّم
كلية دار العلوم، قسم الآداب
المهنة: معلم - كاتب صحفي
الحزب : حزب الوفد (تركه)
الإخوان المسلمين (تركه)
موظف في وزارة المعارف


سبب الشهرة: تصحيح المفاهيم والتنظير للجهاد (قطبية)

اعمال بارزة :كتاب في ظلال القرآن
كتاب معالم في الطريق

تأثر بـ

ابن حزم · ابن تيمية · عباس محمود العقاد · حسن البنا · أبو الأعلى المودودي

أثر في

عبد الله عزام · محمد قطب · عاصم المقدسي · محمد فرج · صالح سرية · عبد الحميد كشك · الشاذلي · أيمن الظواهري · شكري مصطفى · محمد بديع · خيرت الشاطر


التهم: التحريض على الدولة
العقوبة: الإعدام شنقاً
 
التعديل الأخير:
"الدراسة في أمريكا"


حصل سيد قطب على بعثة للولايات المتحدة في 3 نوفمبر 1948 م من وزارة المعارف للتخصص في التربية وأصول المناهج.

وكان يكتب المقالات المختلفة عن الحياة في أمريكا وينشرها في الجرائد المصرية ومنها مقال بعنوان أمريكا التي رأيت يقول فيه"

«شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك»

ويذكر أيضًا الكثير من الحقائق التي عايشها عن الحياة الأمريكية في مختلف تفاصيلها.
ويذكر أنه أيضًا تعرف على حركة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا هناك إذ أنه عندما تم اغتيال حسن البنا أخذ الأمريكيون بالابتهاج والفرح مما أثر في نفسية سيد قطب وأراد أن يتعرف على هذه الحركة عندما يعود إلى بلده.
فبدأ في التحول الحقيقي خاصة بعدما رأى بعينيه كراهية الغرب للإسلاميين العرب وفرحهم الشديد بمقتل حسن البنا.


وعند عودته أحسن الإخوان استقباله فأحسن الارتباط بهم وأكد صلته حتى أصبح عضوًا في الجماعة.
 
التعديل الأخير:
روايات حول الخلاف بين عبد الناصر وسيد قطب


وقد كتب خالد الشريف المستشار الإعلامي السابق لحزب البناء والتنمية –الذراع السياسي للجماعة الإسلامية- مقال بعنوان "سيد قطب وجمال عبد الناصر من علاقة حميمة إلى حبل المشنقة" تم نشره في عام 2008 على موقع جريدة "اليوم السابع".





و يقول الشريف إن العلاقة بين قطب وضباط 23 يوليو كانت حميمة قبل اندلاع الثورة وبعدها، بل كان يعد الْمُنظر الفكرى للثورة، مشيرا إلى أن بعض المصادر أخبرته أن الضباط قبيل الثورة كانوا يتشاورون معه حول ترتيبات الثورة وأسس نجاحها.




وأشار الشريف إلى أن قطب كان يكتب مقالات يدعو فيها الشعب المصري للخروج على سياسة القهر والرجعية، والعمل على تثبيت دعائم الثورة ومنحها شرعية فكرية وجماهيرية لدى الناس.




وقد حاول سيد قطب التوفيق بين عبد الناصر والإخوان عندما اشتد الخلاف بينهما، بحسب مقال "الشريف" ولكنه انحاز فى نهاية الأمر إلى الإخوان، ورفض جميع المناصب التى عرضها عليه عبد الناصر، مثل وزير المعارف، ومدير سلطة الإذاعة.




ويروي قطب بنفسه عن صلته برجال الثورة قائلا"استغرقتُ فى العمل مع رجال ثورة 23 يوليو 52، حتى شهر فبراير 1953. عندما بدأ تفكيرى وتفكيرهم يفترق حول هيئة التحرير، ومنهج تكوينها، وحول مسائل أخرى فى ذلك الحين، لا داعى لتفصيلها".




فيما رأى باحثون آخرون أن السبب الرئيسي للخلاف الذى انتهى بإعدام سيد قطب، هو أنه كان ضحية الخلافات بين عبد الناصر والإخوان، فهو لم يكن صاحب خلاف عميقٍ مع عبد الناصر يؤدى به إلى "حبل المشنقة"، وممن تبنى هذه الرؤية ما أورده كتاب "سيد قطب أوراق منسية" للكاتب الإسلامي محمد سيد .



فيما تبنى المستشار ماهر الجندي، رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، رواية أخرى، قصها في مقال بجريدة صوت الأمة في عام 2009، حيث يقول إن الصدام بين عبد الناصر والإخوان تزايد مع محاولة إحياء الجهاز السري للجماعة عام 1965 بقيادة سيد قطب لاستئناف عمليات العنف مرة ثانية.





ورأى الجندي أن هذه المحاولة كانت تمثل بداية مرحلة جديدة في مفهوم الفكر الديني السياسي استنادا لمحتوى كتاب «معالم على الطريق» لمؤلفه سيد قطب فيما يتصل بنظرته إلى المجتمع وما يقترن بها من قضايا الحاكمية والتكفير والجهاد .





وروى الجندي أن قطب أثناء وجوده في سجن طرة بدأ يروج لفكر التكفير في أوساط المجرمين ولأعضاء الجماعة خارج السجن من خلال الرسائل السرية التي كان يسربها عن طريق شقيقته حميدة قطب.





ويضيف أن عبدالناصر كان قد أصدر قراراً بالإفراج الصحي عن قطب قبل انقضاء العقوبة كاملة، لكنه قابل المعروف بالإساءة، حيث خرج ليخطط لاغتياله من خلال مؤامرة الإخوان المسلمين عام 1965، فأعيد القبض عليه أثناء وجوده بمصيف رأس البر.





وقد أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكمها بإعدام سيد قطب زعيم ما تم تسميته بتنظيم 1965، ونائبه محمد يوسف هواش ومسئول الاتصالات الخارجية للتنظيم عبدالفتاح إسماعيل، وبمعاقبة المتهمين الآخرين بعقوبات تتراوح بين الأشغال الشاقة المؤبدة والسجن، وتم تنفيذ الحكم في 29 أغسطس 2016.





وذكر اللواء فؤاد علام في مؤلفه "الإخوان.. وأنا"- أنه في اليوم المقرر لتنفيذ حكم الإعدام توجه إلي السجن الحربي بمدينة نصر واصطحب ثلاثتهم بسيارات الحراسة إلي سجن الاستئناف الواقع خلف مديرية أمن القاهرة.





وفي حديث سيد قطب وهو في طريقه إلى السجن كرر أكثر من مرة أن مشكلته في عقله لأنه مفكر وكاتب إسلامي كبير وأن الحكومة لا تملك إلا أن تقضي علي العقل الإسلامي الكبير حتي تنفرد بأعمالها ضد الإسلام، بحسب ما ذكره اللواء فؤاد علام.





ويروي علام "بعد الوصول إلى سجن الاستئناف فهم قطب أن حبل المشنقة في انتظاره بعد لحظات، فازداد توتره حتى وصل إلى حد الانهيار وظل يردد أنه مفكر إسلامي وأن الحكومة لم تجد سبيلاً للقضاء على أفكاره إلا بإعدامه".





وبعد أن أنهى سيد قطب صلاة الفجر التف حبل المشنقة حول عنقه لتنفيذ الحكم، ورغم مرور نحو 51 عاما على إعدامه إلا أن اسمه لايزال يسبب الجدل دائما على الساحة السياسية .

 
تبرئة سيد قطب من تصريحات نسف القناطر الخيرية.

اللواء فؤاد علام مؤلف كتاب (من المنشية للمنصة) لصحيفة اليوم السابع.



فى محاولة لتقصى اللحظات الأخيرة لحياة سيد قطب، أجرت «اليوم السابع» اتصالا هاتفيا مع اللواء فؤاد علام، لكنه فجر مفاجأة غير متوقعة، حيث أكد أن بعض التفاصيل التى وردت فى كتابه «الإخوان وأنا.. من المنشية إلى المنصة»، تعرضت لصياغة صحفية غير دقيقة بحسب قوله.

وأضاف فؤاد علام، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»: «سيد قطب لم يفتح فمه بكلمة واحدة منذ أن تسلمته من السجن الحربى وحتى تنفيذ حكم الإعدام فيه داخل سجن الاستئناف، وكنت أجلس بجواره طوال الطريق» وتابع: «عندما سأله وكيل النيابة انت عايز حاجة ؟ لم يرد عليه، وتمتم بكلمات غير مفهومة»، مشيرا إلى أن المسلسل ليس تأريخا للمرحلة، وإنما كان يأخذ أجزاء من التاريخ ويصيغها بطريقة درامية.

وأشار «علام» إلى أن ما ورد فى الطبعة الثانية من كتابه يختلف عما ورد فى الطبعة الأولى، بشأن هذه الواقعة، حيث لم ترد التفاصيل الخاصة بحديثه عن القناطر الخيرية فى الجزء الأول أو أن سيد قطب تحدث عن أى شىء.

وأوضح علام أن كل هذه التفاصيل مدونة فى المحضر الذى حرره وكيل النيابة، وسبق نشره ولم يرد به أنه رد على الشيخ الذى طلب منه تلاوة الشهادتين بأى شىء أو أنه ردد أى عبارة أخرى، وأضاف: «سيد قطب كان فى حالة من الذهول، واعتقادى أنه لم يكن يظن أن حكم الإعدام سينفذ فيه، وكان يعتقد أن تدخلات ستحدث للإفراج عنه، كما حدث فى المرة الأولى عندما تدخل الرئيس العراقى عبدالسلام عارف لدى الرئيس جمال عبدالناصر للإفراج عنه».
 
ملك السعودية يطلب وقف إعدام سيد قطب وعبد الناصر يتحايل.


يقول الدكتور صلاح الخالدي، في كتابه "سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد"،


إنه في يوم 28 أغسطس عام 1966م أرسل الملك فيصل بن عبد العزيز برقية إلى الرئيس جمال عبد الناصر؛ يرجوه فيها عدم إعدام سيد قطب،

وأوصل سامي شرف البرقيةَ لعبد الناصر في ذلك المساء،

فقال له عبد الناصر: "اعدموه في الفجر، بكرة، واعرض عليّ البرقية بعد الإعدام"، ثم أرسل برقيةً للملك فيصل يعتذرُ بأن البرقيةَ وصلته بعد تنفيذ حكم الإعدام
 
كتاب لماذا أعدموني!
سيد قطب

هذه وثيقة خطت نسختها الأصلية يراع "سيد قطب" خلال فترة وجوده في السجن وهي مكتوبة بطلب من المحققين الذين كانوا يستجوبونه ورفاقه، ولهذا جاءت وكأنه إجابات لأسئلة محددة أو سؤال واحد عام. وفيها يختصر سيد قطب نشاطه في حركة الإخوان المسلمين من وقت التحاقه بالجماعة سنة 1953 إلى سنة 1965 وهو تاريخ انتهاءه من كتابة هذه الوثبقة، وبطريقة غير مباشرة يلقي الضوء على نشاطات الحركة وعلاقتها بالخارج والداخل خارج محيط الإخوان المسلمين، ونرجو أن لا يبادر إلى ذهن القارئ والكلام هنا للناشر أن هذه الوثيقة التي كتبها سيد قطب كاملة غير منقوصة، حيث إنها كانت قد مرت على أيد كثيرة ابتداءً من المحققين وغير المحققين من الذين حققوا مع سيد قطب، وانتهاءً كما يقول الناس لهذه الوثيقة بكبار المسؤولين في الدولة وبالتالي خضع لتهذيب وتشذيب وحذف منها والكلام هنا للناشر أيضاً "الجزء الخاص بالتعذيب الذي تعرض له الشهيد ورفاقه"

الإقتباسات:

_“وكان أمامنا المبدأ الذي يقرره الله سبحانه: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" وكان الاعتداء قد وقع علينا بالفعل في سنة 1954 وفي سنة 1957 بالاعتقال والتعذيب وإهدار كل كرامة آدمية في أثناء التعذيب ثم بالقتل وتخريب البيوت وتشريد الأطفال والنساء.

ولكننا كنا قررنا أن هذا الماضي قد انتهى أمره فلا نفكر في رد الاعتداء الذي وقع علينا فيه، إنما المسألة هي مسألة الاعتداء علينا الآن. وهذا هو الذي تقرر الرد عليه إذا وقع. وفي الوقت نفسه لم نكن نملك أن نرد بالمثل لأن الإسلام ذاته لا يبيح لمسلم أن يعذب أحداً، ولا أن يهدر كرامة الآدمية ولا أن يترك أطفاله ونساءه بالجوع، وحتى الذين تقام عليهم الحدود في الإسلام ويموتون تتكفل الدولة بنسائهم وأطفالهم.”

“ولابد إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة: وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول، وتربية من يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة، تربية إسلامية صحيحة. وعدم إضاعة الوقت في الأحداث السياسية الجارية. وعدم محاولات فرض النظام الإسلامي عن طريق الاستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة في المجتمعات هي التي تطلب النظام الإسلامي لأنها عرفته على حقيقته وتريد أن تحكم به”

لتحميل الكتاب
من هنا

57 صفحة.
 
"في ظلال القرآن" لسيد قطب: هل اختبأ التكفير خلف سحر البيان؟

كتبه: نادر رزق، كاتب وباحث أردني
بمجرد الاطلاع على مقدمة تفسير "في ظلال القرآن" لن يحتاج الأمر إلى كبير عناء للوصول إلى الغاية التي يرمي إليها سيد قطب من كتابه؛ فهو لا يمهل القارئ سوى فقرتين صغيرتين قبل أن يصدمه بكلمات لم تُعهد في تفسير آخر، يفصح فيها عن مراده دون أي مواربات.. ".. وعشت - في ظلال القرآن - أنظر من علوّ إلى الجاهلية التي تموج في الأرض، وإلى اهتمامات أهلها الصغيرة الهزيلة.. أنظر إلى تعاجب أهل هذه الجاهلية.."!

إنّ المضيّ مع سيد قطب في "ظلاله" سيكشف أنّ هذه الكلمات ليست فلتة قلم، أو مجازاً عابراً، بل تكاد تكون هي المحور الرئيس الذي سيجيّر له تفسيره لآيات القرآن الكريم متى استطاع إلى ذلك سبيلاً، فلن يفوّت أي فرصة ليكرّس مفهومه لـ"الاستعلاء على جاهلية" هذا الزمان، التعبير الذي هرب إليه معبراً عن مكنونات نفسه التي لا يُفهم منها إلا تكفير معظم المسلمين باسم ترك حاكمية الله، بعد أن مرّ بمجموعة عاصفة من التحولات في حياته استقر فيها أخيراً بالسخط على هذا المجتمع الذي "هجر طريق الحق".


(رحلة الظلال)

لا يمكن فهم سيد قطب، خاصة في السنوات الأخيرة من حياته، دون التعريج على التقلبات الفكرية التي عاشها الرجل، وانعكست على كتاب "في ظلال القرآن" نفسه، الذي مرّ بعملية تنقيح مقصودة لآرائه السابقة، بل والتبرؤ منها كما صرّح، حتى وصل بالكتاب "تقريباً" إلى الصورة التي يريدها، بعدم مجاراة الجاهلية في شيء من تصوراتها، ولا في شيء من أوضاعها، كما يقول في آخر كتبه (معالم في الطريق) الذي يعد خلاصة "ظلاله": "لا بد أن نَثبُت أولاً، ولا بد أن نستعلي ثانياً، ولا بد أن نُري الجاهلية حقيقة الدرك الذي هي فيه بالقياس إلى الآفاق العليا المشرقة للحياة الإسلامية التي نريدها"


مرّ سيد قطب بعدة مراحل في حياته، بدأها شاعراً رومانسياً وناقداً لامعاً (أقرب إلى الليبرالية) تغلب عليه الروح الوطنية والنزعة القومية الواضحة، ثم اتجه بحكم تأثره بأستاذه العقاد إلى الكتابة في الإسلاميات، ثم ليحسم أمره إلى الإسلام الحركي بعد انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين العام 1953.

ورغم هذه التغيرات الحدّية، إلا أنّ ثمة مزاجاً مشتركاً ينتظم شخصيته وانعكس على كل كتاباته رغم تباينها، وهو "الاستعلاء" والاعتداد بالنفس الذي جعله في معركة دائمة مع من حوله، غير عابئ بالعواقب.

تمثل رحلة "في ظلال القرآن" تحولات المرحلة الإسلامية في حياة سيد قطب؛ التي بدأت بالتركيز على الجانب الفني والأدبي في القرآن الكريم، كما في كتابيه "التصوير الفني في القرآن" في العام 1945، و"مشاهد القيامة في القرآن" العام 1947، وقد عمل في كليهما على إظهار نماذج من الصور الفنية الرفيعة في كتاب الله بأسلوب أخّاذ غير مسبوق موظِّفاً قلمه الذي صقلته قراءاته وحصيلته النقدية الفريدة.

وبعد سفره إلى الولايات المتحدة في نهاية الأربعينيات أخذ مزاجه الإسلامي يتبلور حركياً بالتدريجي، فظهر له "العدالة الاجتماعية في الإسلام" في العام 1949، و"معركة الإسلام والرأسمالية" و"السلام العالمي والإسلام" في العام 1951.


في بداية الخمسينيات أخذت علاقته بجماعة الإخوان المسلمين تتوثق باعتبارهم "حقلاً صالحاً للعمل للإسلام على نطاق واسع في المنطقة كلها بحركة إحياء وبعث شاملة"، وأخذ نَفَسه الإسلامي يأخذ طابعاً أكثر راديكالية، ومن أهم المؤلفات التي أصدرها في تلك الفترة، "هذا الدين"، و"الإسلام ومشكلات الحضارة"، و"خصائص التصور الإسلامي"، وتعد الطبعة المعدلة من "العدالة الاجتماعية في الإسلام" أبرز علامات التغير الجديد الذي أصابه بعد الفصل الذي أضافه إليه ليحمل أفكاره الجديدة (حاضر الإسلام ومستقبله)، وقد صدّر هذه الطبعة بإهدائه الشهير الذي فُهم منه بأنّه تلميح لجماعة الإخوان رغم نفيه لذلك لاحقاً: "إلى الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدا كما بدأ.. إلى هؤلاء الفتية الذين يجاهدون باسم الله، في سبيل الله، على بركة الله أهدي هذا الكتاب".


وفي هذه المرحلة أعاد قطب نشر كتابه "في ظلال القرآن" بعد أن أجرى عليه تعديلات وتنقيحات جوهرية لتتوافق مع ما استقر عليه من أفكار وآراء انقلب فيها على معظم ما كان يؤمن به طيلة حياته السابقة.

وُلد كتاب "الظلال" أواخر العام 1950 من خلال زاوية تحت عنوان (في ظلال القرآن) في مجلة "المسلمون"، التي كان يصدرها زوج ابنة الإمام حسن البنا والسكرتير الشخصي له سعيد رمضان (والد الداعية الإخواني الشهير طارق رمضان).

لقيت هذه الكتابات قبولاً واستحساناً واسعاً من القراء، مما دفع مكتبة دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة للتعاقد مع سيد قطب لإصدارها في كتاب مستقل، فتوقف عن نشر سلسلته في المجلة عند الحلقة السابعة، وظهر الجزء الأول من الكتاب في تشرين الأول (أكتوبر) 1952، وواظب على نشر تفسير جزء واحد من أجزاء القرآن الثلاثين شهرياً وفق اتفاقه مع دار النشر ليتم 16 جزءاً حتى كانون الثاني (يناير) 1954، قبل اعتقاله والحكم عليه بـ15 عاماً إثر حادثة المنشية، لكنه تابع إصدار بقية الأجزاء من سجنه الذي لم يكمل فيه محكوميته لخروجه بعفو صحي في أيار (مايو) 1964.


ورغم ما روّجه الإخوان من تعرض سيد قطب للتعذيب خلال فترة سجنه الأولى، فإنّ الوقائع تفند هذه المزاعم قطعاً، بل يمكن القول إنّ العكس تماماً هو ما حصل، بدليل صدور الطبعة الأولى من الكتاب قبل قرابة 5 أعوام من الإفراج عنه؛ ذلك أنّ السلطات سمحت له بحرية الكتابة رغم أنّ لوائح السجون كانت تمنع ذلك، والأغرب، وفق ما يقول خالد عكاشة في كتابه "أمراء الدم" الصادر العام 2014، أنّ "الرئيس جمال عبد الناصر أصدر قراراً بتعيين الشيخ محمد الغزالي، وكان من كبار موظفي وزارة الأوقاف آنذاك، لتيسير أحوال سيد قطب فيما يتعلق بإمداده بما يشاء من الكتب، ومراجعة ما يكتبه مع الناشر قبل أن تأخذ طريقها إلى الطبع".

يذكر محمد عمارة أنّ الشيخ الغزالي، الذي اعتقل لاحقاً لأقل من سنة العام 1965، كان هو أول من دعا سيد قطب للانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان ذلك في العام 1950 بعد أن توطّدت علاقة الرجلين، لكنه قال له: "الأفضل أن أكون بعيداً
"!

ألقي القبض على سيد قطب مرة ثانية في آب (أغسطس) 1965 لدوره في تشكيل تنظيم سري "منفصل عن الجماعة" لقلب نظام الحكم وتفجير القناطر الخيرية، وفق شهادة فريد عبد الخالق مرافق حسن البنا وعضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، في الحلقة الأخيرة من لقاء الجزيرة معه في برنامج شاهد على العصر التي بُثت بتاريخ 14/3/2004


حتى العام 1965 أكمل سيد قطب تنقيح تفسير أول ثلاثة عشر جزءاً من القرآن وتوقف بسبب اعتقاله الثاني عند بداية تفسير سورة الحجر، وكان أصدر الجزء الأول من الطبعة المنقحة الأولى مطلع العام 1960.

وبعد إعدامه بتاريخ 29 آب (أغسطس) 1966، ظهرت الطبعة الثانية كاملة وقد تضمنت هذه التنقيحات وما تم حذفه من الطبعة الأولى من اللجنة المعنية بمراقبة الكتاب كمقدمة سورة الفجر، ومقدمة سورة البروج التي ضمنها المؤلف أيضاً كتابه "معالم في الطريق" تحت عنوان "هذا هو الطريق".

في العام 1978 ظهرت "الطبعة الشرعية السابعة" التي قدم لها شقيقه محمد قطب، وذلك في ستة مجلدات من الحجم الكبير عن "دار الشروق" اللبنانية، وتضمنت إضافات وتنقيحات تركها المؤلف ونشرت لأول مرة بعد موته، وتعد هذه الطبعةَ التي استقر عليها الكتاب في رحلته الطويلة.



يتبع..
 
التعديل الأخير:
في ظلال القرآن" لسيد قطب: هل اختبأ التكفير خلف سحر البيان؟

(بين الظلالين)


يمكن ملاحظة الفرق بين الطبعة الأصلية التي تقوم "أساساً" على منهج التذوق الأدبي، والمنقحة (التي تضاعف حجمها عن الطبعة الأولى) ما إن تتم مقارنة لغة المقدمتين؛ يقول قطب في الأولى:

"كل ما حاولته ألا أُغرِق نفسي في بحوث لغوية أو كلامية أو فقهية تحجب القرآن عن روحي، وتحجب روحي عن القرآن".

ويتابع موضحاً: "في ظلال القرآن، عنوان لم أتكلفه؛ فهو حقيقة عشتها في الحياة؛ فبين الحين والحين كنت أجد في نفسي رغبة خفية في أن أعيش في ظل القرآن فترة، أستروح فيها ما لا أستروحه في ظل سواه.. حاولت أن أعبّر عما خالج نفسي من إحساس بالجمال الفني العجيب في هذا الكتاب المعجز، ومن شعور بالتناسق في التعبير والتصوير، ولقد كانت هذي إحدى أماني منذ فرغت من كتاب التصوير الفني في القرآن..".

وفي مقدمة الطبعة الثانية يحذف سيد قطب هذا الكلام الشفيف كله، ليهيئ ساحة تفسيره لخطابه الجديد:

"عشت أتملى - في ظلال القرآن - ذلك التصور الكامل الشامل الرفيع النظيف للوجود.. لغاية الوجود كله، وغاية الوجود الإنساني.. وأقيس إليه تصورات الجاهلية التي تعيش فيها البشرية، في شرق وغرب، وفي شمال وجنوب.. وأسأل.. كيف تعيش البشرية، في المستنقع الآسن، وفي الدرك الهابط، وفي الظلام البهيم وعندها ذلك المرتع الزكي، وذلك المرتقى العالي، وذلك النور الوضيء؟

وعشت - في ظلال القرآن - أحس التناسق الجميل بين حركة الإنسان كما يريدها الله، وحركة هذا الكون الذي أبدعه الله.. ثم أنظر.. فأرى التخبط الذي تعانيه البشرية في انحرافها عن السنن الكونية، والتصادم بين التعاليم الفاسدة الشريرة التي تملى عليها وبين فطرتها التي فطرها الله عليها. وأقول في نفسي: أي شيطان لئيم هذا الذي يقود خطاها إلى هذا الجحيم؟".


لا يقف الأمر عند المقدمة بطبيعة الحال التي وردت فيها كلمة "الجاهلية" خمس مرات، إذ يظهر هذا الهاجس الجديد بتعمده ذكر هذه الكلمة أكثر من 560 مرة في تفسيره، وهذا العدد بالتأكيد كان مرشحاً للتضاعف لو كُتب له تنقيح بقية تفسيره.
 
في ظلال القرآن" لسيد قطب: هل اختبأ التكفير خلف سحر البيان؟

(ابحث عن المسلم العظيم)



لطالما مثّلت نقطة التحول الجذري الأخير لأفكار سيد قطب سراً غامضاً خاصة في تنقيحاته لكتابه "في ظلال القرآن"، لكن قراءة متأنية للكتاب تزيح جانباً من هذا الغموض.

من ضمن التعديلات التي أجراها سيد قطب على كتابه ولم يكن لها أي ذكر في الطبعة الأولى –إضافة إلى تركيزه على كلمة الجاهلية- تكراره لـ "الحاكمية" 77 مرة، وهو كما هو معروف المصطلح الذي أشاعه( أبو الأعلى المودودي) قبله بسنوات في معظم كتاباته.


ما يقطع بتأثير زعيم الجماعة الإسلامية بباكستان على قطب أنه ذكره في 31 موضعاً من "الظلال" بالإحالة إلى 12 كتاباً له، واصفاً إياه بـ"المسلم العظيم" و"المسلم الصادق".

وهو ما يؤكده أبو الحسن الندوي في كتابه "التفسير السياسي للإسلام" تحت عنوان "التصريحات المماثلة لدى سيد قطب"، إذ يقول: "وقد أعجب الكاتب الإسلامي الكبير الأستاذ سيد قطب الشهيد إعجاباً شديداً بكتاب الأستاذ المودودي "المصطلحات الأربعة في القرآن" ووافقه كل الموافقة في الآراء والأفكار التي يتضمنها".


ومن الأمثلة العديدة على التأثر الواضح بطروحات المودودي حول الحاكمية عندما يقول سيد قطب في معرض تفسيره لسورة الأنفال "والقاعدة النظرية التي يقوم عليها الإسلام -على مدار التاريخ البشري- هي قاعدة: "شهادة أن لا إله إلا الله". أي: إفراد الله –سبحانه- بالألوهية والربوبية والقوامة والسلطان والحاكمية.. إفراده بها اعتقاداً في الضمير، وعبادة في الشعائر، وشريعة في واقع الحياة؛ فشهادة أن لا إله إلا الله، لا توجد فعلاً؛ ولا تعتبر موجودة شرعاً إلا في هذه الصورة المتكاملة التي تعطيها وجوداً جدياً حقيقياً يقوم عليه اعتبار قائلها مسلماً أو غير مسلم.


لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ نقل قطب عن المودودي مقتطفات حرفية كان أطولها من كتابه (الجهاد في سبيل لله) تمتد في المجلد الثالث من "الظلال" عبر الصفحات 1444 – 1452، بعد أن مهّد لها بقوله "فإن هناك بقية في بيان طبيعة الجهاد في الإسلام وطبيعة هذا الدين يمدنا بها المبحث المجمل القيم الذي أمدنا به المسلم العظيم السيد أبو الأعلى المودودي .. وسنحتاج أن نقتبس منه فقرات طويلة لا غنى عنها لقارئ يريد رؤية واضحة دقيقة لهذا الموضوع الخطير العميق في بناء الحركة الإسلامية
".

ورغم تأثيرات المودودي الواضحة على سيد قطب، إلا أنّه يمكن بتحليل خطاباته بشكل عام، ملاحظة عامل آخر لا يمكن إهماله داخل شخصيته ولّد لديه الاستعداد لهذا التلقي، وهو نزوعه الرومانسي الدائم نحو المثالية التي قادته في النهاية إلى التطرف باسم "إعادة اكتشاف الإسلام".

ولعل علي الوردي في كتابه "نظرية المعرفة عند ابن خلدون" الذي كتبه العام 1950، يقدم تنبؤاً فريداً بحتمية مآلات من يحملون مثل أفكار سيد قطب (والمودودي نفسه) ممن يدعون إلى "تأسيس دين جديد" أول أهدافه إحياء أو استعادة التقاليد القديمة "للعصر الذهبي" على حد تعبيره، إذ يقول "غير إنّ تلك التقاليد الأقدم غالباً ما تُفسر من جديد وتكتسب معنى جديداً.. يُعتقد أنه المعنى "الحقيقي" و"الصحيح" الذي أسيء فهمه أو تشوّه بمرور الزمن" موضحاً أن هذا "المثالي" سيبدأ بمجرد أن تضطرب مشاعره بتوظيف "العقلانية" و"المنطق" ليتغلب على العقبات التي لا ترضى عنها قناعاته، حد "شيطنة" كل من يعارضه.
 
في ظلال القرآن" لسيد قطب: هل اختبأ التكفير خلف سحر البيان؟


(جاهلية ام تكفير)


يقول د.معتز الخطيب في كتابه (سيد قطب والتكفير) "يجب الفصل، بحدّة، بين الأفكار والأشخاص، وبين صحة الأفكار وتضحية أصحابها ومصيرهم، فموت الأشخاص في سبيل فكرة لا يعني صحتها".

مثّل الخلاف حول أفكار سيد قطب ساحة معركة لم تهدأ بين المهاجمين له بتهمة التكفير، والمدافعين عنه ممن غلبت عليهم "القراءة المبيتة" للنص، واقعين، فيما يبدو، تحت سطوة موت الرجل "شهيد مبادئه"، ذاهبين أنّه لم يقل بتكفير المجتمعات، وأنّ وصفه لها بالجاهلية لا يعدو كونه نوعاً من الاستعارة، التي أسيء فهمها، كسلمان العودة في مقاله (سيد قطب في الميزان)، وراشد الغنوشي فيما كتبه تحت عنوان (ما مدى مسؤولية قطب عن حركات التكفير والعنف؟).




رغم محاولات التجميل التي يلجأ إليها المدافعون في هذه المسألة، فإن ثمة شواهد عديدة في "الظلال" تثبت بما لا يترك أي احتمال للشك أنّ "الجاهلية" عنده ليست سوى تعبير مخاتل عن تكفير يتوارى خلف سحر البيان الذي طالما أتقنه؛ إذ يقول في المجلد الثاني: "إن الجاهلية ليست فترة من الزمان؛ ولكنها وضع من الأوضاع، هذا الوضع يوجد بالأمس، ويوجد اليوم، ويوجد غداً، فيأخذ صفة الجاهلية، المقابلة للإسلام، والمناقضة للإسلام..".

كما يؤكد في المجلد الثالث، في عبارة لا تقبل تأويلاً ولا تدع مجالاً للنقاش (وفق تعبير أبي الحسن الندوي): "إنّ الدعوة الإسلامية -على يد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم- إنما تمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة الدعوة الطويلة إلى الإسلام بقيادة موكب الرسل الكرام.. وهذه الدعوة على مدار التاريخ البشري كانت تستهدف أمراً واحداً: هو تعريف الناس بإلههم الواحد وربهم الحق، وتعبيدهم لربهم وحده ونبذ ربوبية الخلق.. ولم يكن الناس - فيما عدا أفراداً معدودة في فترات قصيرة - ينكرون مبدأ الألوهية ويجحدون وجود الله البتة، إنما هم كانوا يخطئون معرفة حقيقة ربهم الحق، أو يشركون مع الله آلهة أخرى: إما في صورة الاعتقاد والعبادة، وإما في صورة الحاكمية والاتباع، وكلاهما شرك كالآخر يخرج به الناس من دين الله الذي كانوا يعرفونه على يد كل رسول، ثم ينكرونه إذا طال عليهم الأمد، ويرتدون إلى الجاهلية، التي أخرجهم منها، ويعودون إلى الشرك بالله مرة أخرى.. إما في الاعتقاد والعبادة، وإما في الاتباع والحاكمية، وإما فيها جميعاً".



ويقول أيضاً في المرادفة بين الشرك والجاهلية التي يصف بها المجتمعات المعاصرة عند تفسير الآيات 12 إلى 19 من سورة الأنعام: "إن هذه العصبة تواجه اليوم من الجاهلية الشاملة في الأرض، نفس ما كانت تواجهه العصبة التي تنزلت عليها هذه الآيات، لتحدد على ضوئها موقفها، ولتسير على هذا الضوء في طريقها".

ويتابع بقوله: "لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية، وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم تنزل هذا القرآن"، بل يصل به الأمر إلى القول صراحةً: "البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: "لا إله إلا الله" بلا مدلول ولا واقع.. هؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة، لأنّهم ارتدوا إلى عبادة العباد.. من بعد أن كانوا في دين الله"!

وفي موضع آخر يؤكد قطب: " إما إسلام وإما جاهلية، إما إيمان وإما كفر، إما حكم الله وإما حكم الجاهلية".
 
في ظلال القرآن" لسيد قطب: هل اختبأ التكفير خلف سحر البيان؟

(وشهد شاهد من أهلها)


لعل كثيرين يجهلون أنّ من أبرز من اتهم سيد قطب بتكفير المسلمين يوسف القرضاوي نفسه، وذلك في أكثر من مناسبة، كانت البداية العام 2004 مع كتاب مذكراته (ابن القرية والكتاب) فضلاً عن لقاءات تلفزيونية ومقالات؛ ومن أبرز ما كتبه في هذا السياق مقال نشره موقع "إسلام أون لاين" بتاريخ 4/5/ 2004 تحت عنوان "هل يكفّر سيد قطب مسلمي اليوم؟ تمييز المؤمنين من المجرمين.. أُولى المهام!".


يبدأ القرضاوي هذا المقال بقوله: من قرأ "ظلال القرآن" لسيد قطب في طبعته الأولى لم يجد فيه شيئاً يدل على هذه الفكرة: تكفير المسلمين الذين يعيشون في العالم الإسلامي اليوم. ولكن من قرأ الأجزاء الأخيرة منه التي كتبها وهو في السجن بعد تغير اتجاهه الفكري، وكذلك الأجزاء الأولى التي عدّلها، وظهر ذلك في طبعته الثانية وما بعدها يجد هذه الفكرة المحورية تسري في الكتاب في عشرات المواضع، بل في مئاتها، يذكرها ويؤكدها كلما جاءت مناسبة، بل في أدنى مناسبة لها".


ثم يتابع: "وسنكتفي هنا بالاقتباس من تفسير سورة الأنعام، من الجزء السابع، ومن سورة الأنفال والتوبة من الجزء العاشر، على اعتبار أن سورة الأنعام من القرآن المكي، وسورتي الأنفال والتوبة من القرآن المدني".

ومما يقتبسه القرضاوي من "الظلال" للتدليل على ما ذهب إليه:

"ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا.. إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين، في أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام".

"وأيما فرد لم يشهد أن لا إله إلا الله -بهذا المدلول- فإنه لم يشهد ولم يدخل في الإسلام بعد، كائناً ما كان اسمه ولقبه ونسبه. وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله -بهذا المدلول- فهي أرض لم تَدِن بدين الله، ولم تدخل في الإسلام بعد".


ويتابع "إن الإسلام ليس بهذا التميع الذي يظنه المخدوعون، إن الإسلام بيّن والكفر بيّن.. الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله بذلك المدلول، فمن لم يشهدها على هذا النحو، ومن لم يقمها في الحياة على هذا النحو؛ فحكم الله ورسوله فيه أنه من الكافرين الظالمين الفاسقين.. المجرمين..".


ثم يعقب القرضاوي على هذا الكلام بقوله: "هذا هو الرجل يصرح -بل يصرخ- بما لا يدع مجالاً للشك والاحتمال: أنّ الأوطان التي كانت تعتبر في يوم من الأيام "داراً للإسلام"، وأنّ هؤلاء الأقوام (من سلالات المسلمين) الذين كان أجدادهم مسلمين في يوم من الأيام.. لم يعودوا مسلمين، .. لأنهم لم يشهدوا أنّ "لا إله إلا الله" بمدلولها الحقيقي كما حدده هو، وأشق ما تعانيه الحركات الإسلامية أنها لم يتضح لها هذا المفهوم الجديد.. وهو يريد من هذه الحركات ودعاتها أن يجهروا بكلمة الفصل ولا يبالوا بـ"تهمة تكفير المسلمين"، فالحقيقة أنهم ليسوا مسلمين!!".
 

( التهذيب هو الحل) ؟!

من الواضح أنّ هذا الكلام وغيره قد وضع جماعة الإخوان المسلمين في حرج، فها هو عصام تليمة الداعية الإخواني الهارب المدير السابق لمكتب يوسف القرضاوي يدعو لتهذيب "الظلال" وذلك في مقال له على موقع "إسلام أون لاين" تحت عنوان "نعم يحتاج الظلال لتهذيب واختصار"، بحجة أن ما يجب حذفه، بنظره، موجود كاملاً في كتاب (معالم في الطريق)!


وحتى تتضح فكرته، كما يقول، يسوق تليمة نموذجاً يقارن فيه بين الطبعتين الأولى والثانية، وهو تفسير قطب لقوله تعالى: "ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين. ونجنا برحمتك من القوم الكافرين. وأوحينا إلى موسى وأخيه أن اتخذا لقومكما بمصر بيوتاً، واجعلوا بيوتكم قبلة" (يونس: 85-87).

فيقول سيد قطب في الطبعة الأولى تعقيباً على هذه الآيات: "وعقب هذا التميز، وفي فترة الانتظار بعد الجولة الأولى، وإيمان من آمن بموسى، أوحى اللّه إليه وإلى هارون أن يتخذا لبني إسرائيل بيوتاً خاصة بهم، وذلك لفرزهم وتنظيمهم استعداداً للرحيل من مصر في الوقت المختار، وكلفهم تطهير بيوتهم (واجعلوا بيوتكم قبلة)، وبتزكية نفوسهم (وأقيموا الصلاة)، والاستبشار بنصر اللّه.. وتلك هي التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية.. ولقد يستهين قوم بهذه التعبئة الروحية، ولكن التجارب ما تزال إلى هذه اللحظة، تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأول في المعركة، وأنّ الأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي شيئاً كثيراً في ساعة الشدة
".
أما في الطبعة الثانية فيتغير خطاب قطب تماماً: "وهذه التجربة التي يعرضها اللّه على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة، ليست خاصة ببني إسرائيل، فهي تجربة إيمانية خالصة. وقد يجد المؤمنون أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي، وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت، وفسد الناس، وأنتنت البيئة.. وهنا يرشدهم اللّه إلى أمور: اعتزال الجاهلية بنتنها وفسادها وشرها.. اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد. تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي؛ وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعاً من التنظيم في جو العبادة الطهور".

ويستند تليمة في اقتراحه هذا إلى ما فعله محمد قطب، عندما قام بحذف فصل كامل من كتاب (الإسلام والسلام العالمي)، في طبعات دار الشروق كلها، متهماً "أنّ هناك بعض الأعمال العلمية في هوامش الظلال، ونسبة بعض الكتب، والإحالات، هذا أعتقد جازماً أنّه من عمل الأستاذ محمد قطب شقيق الشهيد سيد قطب"!

دشّن قطب "في ظلال القرآن" ومعه ملخصه "معالم في الطريق" بمصطلحاته "البراقة" التي اجترحها كالاستعلاء والعصبة المؤمنة وجاهلية القرن العشرين، بداية النهج للجماعات التي ستتبناه وتطبقه عملياً بالقتل والإرهاب باسم نصرة دين الله، اقتداء بقطب نفسه الذي خطط لذلك باسم "رد الاعتداء"، وفق ما يذكر في وثيقة اعترافاته بخط يده التي اشُتهرت باسم "لماذا أعدموني"!

ولا يكاد يختلف الباحثون حول تأثير كتابات سيد قطب في معظم الجماعات الإسلامية التي ظهرت منذ السبعينيات وعلى رأسها جماعة الجهاد في مصر، حتى أنّ زعيمها أيمن الظواهري اعترف في كتابه "فرسان تحت راية النبي" أنّ أفكار سيد قطب كانت المحرك الرئيس للجهاد في نفوسهم، في حين أكد مؤسس "جماعة المسلمين" شكري مصطفى في كتابه "وثيقة الخلافة" أنّ كل من خرج على أفكار صاحب "الظلال" وأقر بإسلام المجتمعات المعاصرة فقد وقع في الكفر والجاهلية الكبرى.. تماماً كما لخص سيد قطب هذه الحال عندما قال: الجاهلية هي الجاهلية.. والذين يظنون أنفسهم "مسلمين" وفي "دين الله" عليهم أن يستفيقوا.. إن كانوا ما يزالون يصرون على ادعائهم الإسلام
 
12 دقيقة عن ملخص حياة سيد قطب.

المذيع أسلوبه مميز في سرد الأحداث.
 
التعديل الأخير:
قالو



أحدث قطب انقلابات جذرية في فكر "الإخوان" وما تزال كتبه ملهمة لحاملي هذه الأفكار، ما دفع البعض للقول إن سيد قطب ما يزال يحكم من قبره


حياة قطب تبدو دراما إنسانية مكتملة فالرجل الذي شُنق، قبل خمسين عاماً ما تزال أفكاره وحياته تطلّان على عالمنا بصخب
 
كيف نظر سيد قطب للمرأة

د. نهى قاطرجي


آمن الشهيد سيد قطب بالإسلام ومنهجه في الحياة ، كما آمن بحاكمية الله سبحانه وتعالى على كل أمر من الأمور التي تواجه المسلم في مجتمعه المعاصر

، فالمجتمع المسلم بنظره هو الذي " يتخذ المنهج الإسلامي منهجاً لحياته كلها ، ويحكّم الإسلام كله في حياته كلها ، ويتطلب عنده حلولاً لمشكلاته ، مستسلماً ابتداء لأحكام الإسلام ، ليست له خيرة بعد قضاء الله ".

ومن المشاكل التي تحدث عنها سيد قطب ، ووجد لها حلولاً بالعودة إلى تطبيق تعاليم الإسلام، مشكلة المرأة وعلاقتها بالرجل ، وما شابت هذه العلاقة من تجاذبات بين الطرفين ، أدت في كثير من الأحيان إلى التفكك الأسري ، وإلى الانفلات الأخلاقي نتيجة جهل كل الفريقين بمهمته التي أناطه بها الإسلام .

دور المرأة في المجتمع الإسلامي
يؤكد سيد قطب أن الإسلام لا ينظر إلى المرأة نظرة منفردة عن الرجل ، كما لا ينظر إليها نظرة متساوية له في الوظائف والتخصصات ،

إذ لكل واحد من هذين المخلوقين مواصفاته الخاصة التي قد تجتمع في نواح وتختلف في نواح أخرى .

فالمرأة تشترك مع الرجل في إنسانيتها ، بعد أن رفعها الإسلام من المرتبة الحيوانية التي وضعها فيها أعداءه ، فقال تعالى :
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة } سورة النساء : آية 1 .
كما تشترك معه في مساواتهما في الثواب والعقاب أمام رب العالمين ، يقول عز وجل :
{ فاستجاب لهم ربهم اني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو انثى } سورة آل عمران : آية195 .

أما الاختلاف فيكون في الوظائف والتخصصات لكل واحد منهما ، وهذا الاختلاف مرده إلى اختلاف في التكوين البيولوجي لكل واحد منهما ، فبينما وضع الله عز وجل في المرأة خصائص " الرقة والعطف وسرعة الانفعال والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة بغير وعي ولا سابق تفكير ".

جعل للرجل خصائص " الخشونة والصلابة ، وبطء الانفعال والاستجابة ، واستخدام الوعي والتفكير قبل الحركة والاستجابة ".

ويعود سبب هذا الاختلاف في الخصائص إلى اختلاف نوعية وظيفة كل منهما ، ففيما تحتاج المرأة الحاضنة والحارسة على بيتها وأولادها إلى الرقة والعطف ، يحتاج الرجل في سعيه لطلب المعاش وفي جهاده الأعداء إلى الخشونة والصلابة لتأمين الحماية والأمن لبيته وأسرته .

ويأتي تركيز سيد قطب على الأسرة في كل مجال يأتي فيه على ذكر المرأة ، إذ انه لا ينظر إلى المرأة باحترام إلا في هذا الإطار الإسلامي ، وهو يعطي للمرأة الدور الأول في تكوين الأسرة ، فهي الحاضن والحارس للمحضن " الآمن النظيف المتخصص لانتاج صناعة البشر" ، وهذا الأمر يستوجب منها أن تتمتع بالثقافة والحكمة للمحافظة على هذا المحضن والاشراف على فراخه .

ويعتبر المصلح الإسلامي سيد قطب أن الهدف الأساسي من تكوين الأسرة هو " الواجب " وليس " اللذة " ، لأن المسلم في زواجه يقوم بواجب انساني عام وخاص في آن معاً ، ففي الواجب الإنساني العام يحمل الزواج مسؤولية تأهيل " الجيل الناشء لحمل تراث التمدن البشري والاضافة إليه".
ويكون الهدف الإنساني الخاص بالمحضن هو السكن والاطمئنان والأنس والاستقرار ، وهذان الهدفان الإنسانيان لا يتحققان في حال طغت اللذة على سائر أهداف الزواج ، لأن الأمر لا يعدو أن يكون سعياً حيوانياً لاهثاً وراء اشباع الشهوات ،

ويؤدي الأمر في كثير من الأحيان إلى البحث عن اللذة خارج إطار الزواج ، أو يؤدي إلى سوء استخدام رخصة تعدد الزوجات التي جاء بها الإسلام ، هذه الرخصة التي أباحها الإسلام كضرورة " تواجه ضرورة ، وحل يواجه مشكلة ، وهو ليس متروكاً للهوى بلا قيد ولا حد في النظام الإسلامي ، الذي يواجه كل واقعيات الحياة " .
 
دور المرأة في هلاك الأسرة

يؤكد المصلح سيد قطب في كتاباته على دور الأسرة في حماية المجتمع الإسلامي ، وحماية الأخلاق والقيم الإسلامية ، وهو لا يحمل مسؤولية الفشل في استمرار هذه المؤسسة على المرأة ، كما لا يحملها للرجل كل على حدة ، إنما يجعل الأمر متعلقاً بخلل في النظام الأسري يقوم به أحد الطرفين، أو يقوم به كلاهما ، من أنواع الخلل نذكر :

-أ- الخلل في الوظائف
يؤدي الخلل في وظائف كل من الحاضنين إلى تأثر جو الأسرة العام بهذا الخلل ، فالرجل الذي لا يقوم بوظيفته الخاصة في القوامة على بيته ، وتأمين متطلباته ، يشعر المرأة " بالحرمان والنقص وقلة السعادة "، ويدفع الأبناء إلى الانحراف نحو " شذوذ ما ، في تكوينهم العصبي والنفسي، وفي سلوكهم العملي والخلقي ".
والمرأة التي تكلف نفسها بوظيفة فوق وظيفتها ، تفقد السكن والاطمئنان اللذان يشكلان دعائم الأسرة إذ أن الرجل لا يشاركها في تحمل وظيفتها الأولى فتشعر بالتعب والمهانة ، لذلك لم يكلف الإسلام المرأة أن " تحمل وترضع وتربي ، وفي الوقت ذاته تعمل وتكدح وتشقى .. بينما الرجل لا يشاركها الحمل والرضاع والتربية . ثم يزعم بعد ذلك أنه ينصف المرأة ويحترمها ويرقيها ".



-ب- العودة إلى الجاهلية

يرفض سيد قطب مقولة أن الجاهلية مرحلة تاريخية انتهت بظهور الإسلام وانتشار تعاليمه، بل هو يعتبر أن الجاهلية " إنما هي حالة اجتماعية معينة للحياة ، ويمكن أن توجد هذه الحالة ، وأن يوجد هذا التصور في أي مكان ، فيكون دليلاً على الجاهلية حيث كان "
.
وحالة الجاهلية الاجتماعية المعاصرة تعود بأصولها وجذورها إلى الحركة الصهيونية العالمية التي أدركت بفطنتها أنه لا سبيل للقضاء على المجتمع الإسلامي إلا عن طريق الالهاء بالملذات ، وأدركوا بفطنتهم أن المرأة هي الأداة التي يمكن الاستفادة منها لتحقيق مآربهم ، فأخذوا ببث الأفكار الغربية ودعوا إلى نظريات تحررية ، وربطوا عمل المرأة وخروجها من بيتها لغير حاجة بشعارات خاصة كالحرية والمساواة .

وقد انجرفت بعض نساء المسلمات وراء هذه الشعارات ، فخرجت للعمل " من غير ضرورة" أو خرجت بهدف " الاختلاط ومزاولة الملاهي والتسكع في النوادي والمجتمعات " ، كما أخذت تلهث وراء الموضة التي يستولي على أكبر معاملها وأكبر مصمميها
مفكرين يهود عمدوا إلى إبراز عري المرأة تحت شعار اعتبار العري حضارة وتمدن ، واعتبار اللباس والسترة تخلف ورجعية ، بينما الواقع يشير إلى أن العري فطرة حيوانية ،

وهو دليل على انتكاس في الذوق البشري قطعاً فإن "المتخلفون في أواسط أفريقيا عراة " .
 
دور المرأة في محاربة الفساد الاجتماعي

لا يقف المصلح الاجتماعي سيد قطب موقفاً سلبياً من هذه الجاهلية المنتشرة في العالم بشكل عام والعالم الإسلامي بشكل خاص ، فهو يرفض فكرة المقاطعة والانعزال بهدف الاستعلاء والنجاة ، بل هو يدعو المرأة المسلمة التي تواجه " ضغط التصورات الاجتماعية والتقاليد الاجتماعية الشائعة " إلى " التثبيت أولاً ، والاستعلاء ثانياً ، وتعريف اتباع هذه الجاهلية بحقيقة الدرك الذي هم فيه بالقياس إلى الآفاق العليا المشرقة للحياة الإسلامية التي نريدها ،

ولن يكون هذا بأن نجاري الجاهلية في بعض الخطوات ، كما أنه لن يكون بأن نقاطعها وننـزوي عنها وننعزل .. كلا إنما هي المخالطة مع التمييز ، والأخذ والعطاء مع الترفع ، والصدع بالحق في المودة ، والاستعلاء بالايمان ، في تواضع " .
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى