الدولة العثمانية كانت دولة حربيّة ليس بها أي مظهر من مظاهر الدولة المدنيّة سوى الأناضول وماحولها .. كانت عبارة عن جيش وقلاع .. قوة بلا روح ..
كل شبر من بلاد العرب أوإفريقيا أو أوروبا إمتدَّت إليه سلطتها وتركته لايوجد به أي أثر يدل على أنها حضارة بناء للبشر وللعلم .. بل على العكس لاتجد إلا حجارة لمقرّات سجون عسكرية وثكنات لتجميع الجنود والإتاوات ..
ولينظر الجميع كمثال لحال الحرمين في عهدها وحال جوامع إسطنبول ويعلم هل كانت كما يدّعي أتباع المغول بيننا أنهم حموا الإسلام أو اهتمّوا بأطهر مقدّسات المسلمين !!
حتى الرّواق العثماني كما يُسمّى كذبوا ليس هم من بناه بل إنه مبني من عهد الدولة العباسيّة أيام الهادي أو المهدي وهم فقط وضعوا القباب عليه وادّعوا أنهم بَنَوْه ..
أيضاً حكّام هذه الدولة لايذكر التاريخ عنهم الذهاب للحج أو العمره هل من تفسير مقنع لهذا الأمر بعيد عن أسطوانة مشغولين بالجهاد هه أو ربما جاوزوا القنطرة وهم أفضل من بني أمية وبني العباس الذين كان مُلكهم أعظم وفتوحاتهم أكثر ورغم ذلك إشتهروا بالحج في كثير من سِيَرِهِم ..
ولو توقفنا على الكثير مما يخصّ هذه الدولة لطال المقام والمقال ..
لكن اللهم لك الحمد أن جعلتني من أحفاد أشهر من أذاقهم الويل والموت في جزيرتنا العربية ..
باعوا فلسطين وباعوا العرب ايضا
عموما من الممكن انه اردوغان ايضا من يهود الدونمه
لأنه وضع اكليل ورد على قبر مؤسس الصهيوينة
وهذا الفيديو
ولمن لا يعرف مؤسس الصهيونية
تيودور هرتزل، صحفيٌّ يهودي من مواليد عام 1860، وهو منظّمُ السياسة الصهيونية ومن أهمّ الدعاة لتأسيس وطنٍ قومي لليهود في فلسطين. أصدر عدّة كتب كان أشهرها The Jewish State. كانَ تيودور هرتزل صحفيًا، وهو مؤسسُ الهيئة السياسية الصهيونية وحركة تأسيس وطنٍ قومي لليهود. طرحَ القضيةَ اليهوديةَ كقضيةٍ سياسيةٍ يجب ترسيخها من قبلِ مجلسٍ عالمي للأمم في كتابه The Jewish State الذي صدرَ في عام 1896.
رحم الله الشاعر العربي القديم نصر بن سيار القائل: ليسوا إلى عرب منا فنعرفهم ولا صريح موالٍ إن هم نسبوا من كان يسألني عن أصل دينهم فإن دينهم أن تهلك العربُ قومٌ يقولون قولا ما سمعت به عن النبي ولا جاءت به الكتبُ
هناك سؤال يدورر بدهني واتمنى من احد اخوة السعوديين المختصين بالتاريخ ان يجيبني عليه عندما اندلعت الثورة العربية الكبري بزعامة الشريف حسين ضد الدولة العثمانية لمادا رفض مؤسس الدولة السعوديةالملك عبد العزيزالمشاركة فيها وبقي على الحياد
هناك سؤال يدورر بدهني واتمنى من احد اخوة السعوديين المختصين بالتاريخ ان يجيبني عليه عندما اندلعت الثورة العربية الكبري بزعامة الشريف حسين ضد الدولة العثمانية لمادا رفض مؤسس الدولة السعوديةالملك عبد العزيزالمشاركة فيها وبقي على الحياد
فيه بحث ودراسة قوية لـ د . ابراهيم فاعور الشرعة اسمه :
(( موقف القبائل البدوية من قافلة الحج الشامي والخط الحديدي الحجازي في القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ))
نشره في : مجلة دارة الملك عبد العزيز ------- رقم العدد: 4 السنة: 1426هـ
أنقل بالحرف بعض مافيه :
لقد تراخت قبضة الدولة العثمانية على منطقة شرقي الأردن في بداية القرن العشرين، رغم استحداثها للواء الكرك عام 1893م (1310هـ)، حتى بلغ الأمر أن اضطرت إلى دفع الهبات النقدية للقبائل البدوية؛ كي تتكفل بحماية القافلة، عند مرورها بالمنطقة، التي كانت تقطن بها بعض القبائل(50). استمرت الدولة العثمانية في دفع مرتبات سنوية للقبائل البدوية وبالذات لقبيلة الحويطات مقابل حماية القافلة، حيث كان الشيخ كليب بن قبلان يتقاضى سنوياً مبلغاً وقدره "108" قروش ونصف أردب شعير(51). وهذا الأمر ينطبق على بني عطية؛ إذ كان بعض شيوخهم يتقاضى أيضاً مرتبات سنوية من الدولة للغاية نفسها، فالشيخ سالم بن علي بن رشيد كان يتقاضى "أردب الشعير في جردة(52) الحج السنية من الإحسانات السامية في كل سنة"(53)، حتى تنازل عن هذا الامتياز إلى الشيخ خليل أفندي الشراري مقابل "20" مجيدياً في نهاية عام 1904م (1322هـ)(54).
ولكن الدولة العثمانية عادت إلى استخدام القوة من جديد ضد القبائل البدوية التي كانت تسبب لها إزعاجات؛ ففي عام 1904م (1322هـ) طلب والي المدينة المنورة أحمد راتب باشا (3000) رجل من دمشق، حتى يخضع القبائل البدوية الموجودة بين ينبع والمدينة المنورة، وخاصة قبيلة حرب(55).
وظهر تطور جديد لدى العثمانين في بداية القرن العشرين، وهو مد خط حديدي يربط دمشق بالمدينة المنورة،
أصبح يسمى بالخط الحديدي الحجازي(56)، كان وراء إنشائه دوافع عدة، أبرزها(57):
أولاً: أن رحلة قافلة الحج كانت تستغرق ما يقارب من الثلاثة شهور ذهاباً وإياباً، وما يرافقها من متاعب ومشاق عبر الصحراء.
ثانياً: خطر القبائل البدوية شبه الدائم على القافلة، وضعف العثمانيين، وعدم امتلاكهم وسائل حديثة، كالقطارات والسيارات وأجهزة اللاسلكي لنقل الحجاج والتحكم بطريق الحج.
ثالثاً: توفير أسباب الراحة للحجاج، وتسهيل سفرهم إلى الأماكن المقدسة وعودتهم سالمين إلى بلادهم.
رابعاً: إلى جانب الغرض الديني، كان هناك هدف عسكري تمثل في إزالة الانطباع عن الدولة العثمانية وظهورها بمظهر العاجز أمام الدول الأجنبية، وخاصة تلك الدول التي تحكم شعوباً إسلامية، وأمام الثورات التي تقوم بها الشعوب المحكومة، وخاصة اليمن.
خامساً: إيجاد طريق بديل لقناة السويس التي سيطرت عليها بريطانيا عام 1882م (1300هـ)، فكانت فكرة إنشاء الخط الحديدي الحجازي هي البديل عن القناة(58).
لقد عارضت القبائل البدوية مد الخط الحديدي الحجازي وقاومته، وشنت غارات عنيفة ضده؛ لأن مد الخط كان يلحق خسائر مادية كبيرة بالبدو، حيث كانوا يؤجرون في كل سنة آلاف الجمال للدولة، لنقل الحجاج، ويقبضون مقابل ذلك مبالغ كبيرة من الأموال؛ وكان أوسع تجمع قبلي عارض مد الخط الحديدي في الحجاز وذلك في بداية عام 1907م (1325هـ)، مؤلف من أبرز قبيلتين هناك هما: حرب وعطية(60).
وفي عام 1908م (1326هـ) هاجم البدو الخط في المدينة المنورة ، حيث كان هذا الهجوم نابعاً من خوفهم لفقدان ذلك المردود الاقتصادي المهم؛ بالإضافة إلى إدراك البدو بأن الخط سيمنح الدولة العثمانية وسيلة آلية ضخمة وسريعة، لحشد الجنود ضدهم في مناطق كانت الدولة في السابق، تتحاشى دفع جنودها إليها(61)
وهاجم البدو في شرقي الأردن العمال الذين كانوا يعملون في مد الخط، بالإضافة إلى خطوط السلك البرقي(62)، وكان الهدف من مثل هذه الاعتداءات وقف العمل بالمشروع، لإدراك هؤلاء البدو حجم الخسارة الناتجة عن مد الخط، وبالتالي توقفهم عن نقل الحجاج، وما يتبع ذلك من توقف الدولة عن دفع الهبات السنوية لشيوخ القبائل البدوية(63)؛ لذلك أرسلت الحكومة العثمانية الإمدادات العسكرية إلى الحامية العسكرية العثمانية قرب معان في بداية عام 1907م (1325هـ)، لحمايتها من الهجمات التي كان يقوم بها بنو صخر(64).
واستمرت اعتداءات البدو ضد الخط الحديدي ومنشآته بغية إحباط المشروع، إلى ما بعد إنجازه وتشغيل الخط، حيث بلغت تلك الاعتداءات في عام 1908م (1326هـ) وحده (128) اعتداءً، كان يرافق هذه الاعتداءات قطع أسلاك البرق، ونزع القضبان، وإتلاف مباني المحطات، ونهب المسافـريـن؛ لأن الخـط من وجهة نظرهـم ذلك الشيء "الفرنجي النجس"، الذي يهدد مصالحهم التقليدية في نقل الحجاج(65).
لم تقتصر اعتداءات القبائل البدوية على الخط الحديدي ومعداته، بل تعدت ذلك إلى مهاجمة القوات التي كانت تقوم بحراسة مرافق الخط؛ففي عام 1908م (1326هـ)، شنّ بعض البدو من عوف إحدى فروع قبيلة حرب، هجوماً ضد قوة كانت ترافق المشرف العام على الخط الحديدي الحجازي والي المدينة المنورة المشير كاظم باشا، قتل خلال هذا الهجوم (100) فرد، كما ردّ هؤلاء البدو كاظم باشا والقوة التي كانت ترافقه، البالغة (1500) فرد، من مكة إلى المدينة(67).
وفي شباط (فبراير) عام 1909م (المحرم 1327هـ)، هاجم البدو الخط الحديدي في المنطقة الواقعة ما بين المدورة وحالة عمار، حيث عطلوا الخط الحديدي وقطعوا الأسلاك البرقية، وبسبب هذا الهجوم رفضت الحكومة العثمانية دفع الأموال "الجعل" المعتادة لهم؛ فأرسلت الحكومة العثمانية فرقة عسكرية بقيادة رائد (قول أغاسي) ومعه عدد من الجنود، من معان إلى هؤلاء البدو لتأديبهم(68).
واستمر البدو في اعتداءاتهم ضد الخط الحديدي، حيث جاء في تلغراف من محطة العلا، أن البدو عادوا في شهر شباط (فبراير) عام 1909م (المحرم عام 1327هـ)، واعتدوا على الخط ثانية بين الجفيرة أو "الحفيرة" والمحيط؛ فقتلوا أحد الجنود العثمانيين هناك. وفي 20 شباط من العام نفسه (30 المحرم عام 1327هـ) هاجموا الخط، وأحرقوا أعمدة الأسلاك البرقية، وسلبوا مبعوث الدولة العثمانية يوسف شحادة، الذي أرسلته للتفاهم مع البدو وتقديم النصيحة لهم(69).
ولكن المأمور المكلف بمفاوضة البدو المدعو يوسف شحادة، استطاع التوصل إلى اتفاق مع هؤلاء البدو، للحفاظ على الخط الحديدي ومنشآته؛ فضمن له البدو المحافظة عليه، فأصبح في مأمن من هجماتهم(70).
وأرضت الدولة العثمانية زعماء القبائل البدوية، بإعطائهم بعض الأموال للتخلص من إزعاجاتهم المتكررة، فقد ذكر أمير قافلة الحج عبدالرحمن باشا اليوسف أنه عقد صلحاً مع عشيرتي عوف وولد علي، بعد نهبهما القافلة.
حيث قبل البدو بالصلح مع المسؤولين العثمانيين للحصول على مرتباتهم، "ومن أجل مصالحهم في الموسم الحالي (1327هـ/ 1909م)"، خاصة أعطياتهم من والي مكة بحري باشا، مقابل مساعدة الحجاج أثناء عودتهم من الحجاز إلى الشام(71).
وأوردت جريدة "المؤيد" القاهرية في شباط (فبراير) عام 1909م (المحرم 1327هـ) بأن بعض القبائل البدوية الشامية قد خربت الخط الحديدي بين تبوك ومعان، وقطعت الأسلاك البرقية؛ لذلك فقد صرف النظر عن إعادة الحجاج بالطريق الحديدي(72).
وزادت اعتداءات القبائل ضد الخط الحديدي في نهاية عام 1909م (1327هـ) بهدف تدميره حتى مدائن صالح، حيث نجحت بعض القبائل في تخريب ما يقارب من كيلومتر واحد من الخط الحديدي، بالإضافة إلى قلع القضبان والعوارض الخشبية(73)، حيث عطّل قسم من الخط، كما هجم بعض البدو على بعض الجنود الذين كانوا يحرسون الخط، ولكن تم طردهم عن طريق الخيالة المخصصة لمطاردة البدو(74).
ولا يعرف انتماء البدو المعتدين، ولا منطقة الهجوم. واتخذت وزارة الحربية العثمانية بعض الإجراءات الفعالة "للضرب على أيدي أشقياء العربان"(75)
ونتيجة لظهور خطر القبائل البدوية على الخط الحديدي الحجازي، وتهديد القافلة، فقداتخذت الدولة العثمانية إجراءات عدة لحماية الخط الحديدي، أبرزها:
أولاً: إنشاء فرق الهجانة لمراقبة الخط وحراسته.
ثانياً: تأليف لجنة في مجلس المبعوثان "النواب" العثماني مكونة من: عبدالحميد الزهراوي، وشفيق المؤيد، وسليمان البستاني، لتولي أمور حسابات الخط، ومعرفة مقدار ما ينفق على الخط وتصليحه عند تخريب بعض أجزائه.
ثالثاً: الاكتفاء بوصول الخط الحديدي إلى المدينة المنورة، والعدول عن الخط المراد إنشاؤه بين جدة ومكة، بالإضافة إلى تحسين حالة البلاد الاقتصادية(76).
رابعاً: تخصيص قوة عسكرية تجاوز عددها خمسة آلاف جندي نظامي لحراسة منشآت الخط الحديدي، حتى تم الانتهاء من تنفيذ المشروع بشكل كامل.
خامساً: بناء قلاع جديدة ملحقة بالمحطات وتزويدها بالجنود لحراسة الخط الحديدي وحماية منشآته من غارات البدو المتصلة.
سادساً: تخصيص مجموعة من الجنود المشاة لحراسة خطوط البرق، ابتداءً من معان إلى المدينة، ومن معان إلى العقبة، وإصلاح ما عطّل منها(77).
ونستطيع القول بأن القبائل البدوية كانت تعتمد بشكل أساسي على ما تجنيه من نقل الحجاج؛ فهذه القبائل تنتظر موسم الحج من العام إلى العام، ولكن مع تنفيذ الخط الحديدي الحجازي، فقد خسرت هذه القبائل مصدراً مالياً كبيراً، حيث قطعت أرزاقها،
فلم تفكر الدولة العثمانية بأوضاع هذه القبائل بشكل جدي، بل تهاونت في حل مشاكلها، ولم تعمل على استقرارها، وتحضرها، والانتفاع من الزراعة مثلاً لتسهيل حياتها، إلا في أوقات متأخرة من عمر الدولة العثمانية؛ لذلك قاومت معظم القبائل البدوية الشامية والحجازية مشروع الخط الحديدي، بل حاولت الاعتداء على منشآت الخط مرات عدة، وهاجمت محطاته، وقطعت أسلاك البرق.
ورغم ما تقدم، إلا أن بعض هذه القبائل البدوية، خاصة تلك التي كانت تقطن في منطقة شرقي الأردن، لم تقاوم تنفيذ المشروع، كالحويطات وبني صخر مثلاً؛ لأن شيوخها ظلوا يتلقون مستحقاتهم المالية من والي دمشق، حيث ذكر ألويس موسيل (Alois Musil) بأن شيخ الحويطات عودة أبو تايه ومعه أربعون فارساً من وجهاء الحويطات، كانوا عائدين من معان في نهاية شهر أيار (مايو) عام 1910م (جمادى الأولى عام 1328هـ)، بعد أن طالبوا المسؤولين العثمانيين في معان، بدفع الأموال المخصصة لهم، مكافأة على حماية الحج(78).
أما الشيخ طلال فندي الفايز، فقد أدرك هو وزعماء القبائل الآخرون أن العثمانيين يريدون وقف معوناتهم المالية؛ إذ كان بنو صخر يتلقون (4.000) ليرة عثمانية لحماية الخط الحديدي وحراسته، لكنهم أقنعوا المسؤولين العثمانيين بالاستمرار في الدفع، وبالمقابل فإنهم سيسهلون إنشاء الخط، ويقومون بحمايته؛ لذلك فقد تم إعطاء بني صخر مسؤولية حماية الجزء الممتد من الجيزة إلى القطرانة شرقي الكرك. ورغم هذه الوعود إلا أن الحكومة العثمانية لم تدفع رواتب الشيخ طلال الفايز مثلاً، كما لم تدفع المعونات المالية بصورة منتظمة، مما أدى إلى مهاجمة الخط الحديدي الحجازي(79).
ولم تكن كل القبائل البدوية في منطقة شرقي الأردن تتلقى هذه الأموال؛ لذلك كان بعضها يهاجم الخط؛ ففي 6 كانون الأول (ديسمبر) عام 1910م (4 ذي الحجة عام 1328هـ)، هاجم (150) فارسا (لا يعرف لأية قبيلة ينتمون) محطة القطرانة، ونهبوها، وقتلوا مأمورها، وجرحوا بعض العاملين فيها، وعددهم أربعة، كما هاجموا المحطات الواقعة بين القطرانة وضبعة، وخربوا الخط الحديدي، وقطعوا الأسلاك البرقية فيها.
كما قطعوا أسلاك البرق في الكرك. هذا بالإضافة إلى اعتراض البعض للقطارات وإطلاق الرصاص عليها، الأمر الذي أدى إلى قطع المواصلات بين عمان ومعان في نهاية عام 1910م (1328هـ)(80). كما جاء في برقية مرسلة من قائمقام السلط إلى دمشق في 6 كانون الأول (ديسمبر) في العام نفسه (4 ذي الحجة عام 8231هـ)، أن قبيلتي بني حميدة والسليط، اشتركتا في الهجوم ضد مأموري تحرير النفوس والعسكر الموجودَيْن في ناحية مادبا. كما تمّ قتل بعض المأمورين والعسكر الموجودين في مركز لواء الكرك وملحقاته(81).
ويبدو أن سبب ذلك هو وقف المعونات المالية، ونزع سلاح القبائل، وفرض التجنيد الإجباري على البدو.
وحاولت إدارة الخط الحديدي الحجازي إتمام نواقص المحطات التي اعتدى عليها البدو حتى محطة جرف الدراويش(82)، وبعد الاطلاع على ما جرى للعاملين في هذه المحطات، وجد أن بعضهم مقتول في محطته، ومن بين هؤلاء طبيب شعبة معان علي بك، حيث بلغ مجموع القتلى من مأموري الخط الحديدي، في هذه الفترة، ستة أشخاص(83).
وقدرت الحكومة العثمانية حجم الأضرار بالخط الحديدي بحوالي (80.000) ليرة عثمانية(84).
ولم تغض الدولة العثمانية النظر عن ممارسات البدو السابقة واعتداءاتهم على السكة ومحطاتها، التي كانوا ينفذونها تضامناً مع ثورة الكرك عام 1910م (1328هـ)؛ لذلك كلفت الدولةالعثمانية القائد العام سامي الفاروقي قيادة حملة سميت بالحملة الحورانية، ضد هذه القبائل، لتأمين حركة القطارات؛ فقام رئيس الهيئة الحربية في الحملة صلاح الدين بك بقيادة قوة نحو الكرك، وقوة أخرى بقيادة نورس بك باتجاه أم الرصاص؛ لتأديب القبائل التي هاجمت القوات العثمانية في المحطات الآتية: أم الرصاص، وعمان، والقطرانة، وضبعة(85).
وكانت الحملة الحورانية مؤثرة، حيث استطاع قائد مفرزة التعقيب في أيار (مايو) عام 1911م (جمادى الأولى عام 1329هـ)، جمع بعض الأسلحة التي بحوزة البدو؛ إذ كان عددها (88) قطعة سلاح تمّ جمعها من قبيلة بني صخر، وقطعتين من عشيرة العقيل. وتعقب قائد المفرزة عشيرة الخريشة بالقرب من الزرقاء، كما أدبت قواته عشيرتي: زيد والهقيش في أراضي الغليطة ووادي حزيم، حيث استردت القوات العثمانية المنهوبات (أسلحة وأدوات تتعلق بالخط الحديدي) من هؤلاء البدو، وألقت القبض على شيوخهم(86).
وانتهت مهمة القوات العثمانية، بعد تأديب قبيلة بني صخر وخاصة عشيرة الخريشة، واستردادها لجميع ما نهبه البدو؛ كما قبضت على بعض شيوخهم، مثل محمد دخيلان، وهزيمة بن حامد من بني صخر، وشيخي قبيلة بني خالد: طالب متعب، وفارس القاضي، وشيخ قبيلة السرحان محمد بن بالي، وسائل بن عبده من عشيرة "النخود"، وجميعهم من القبائل البدوية في منطقة شرقي الأردن، اشتركوا في الهجوم على معان ضد القوات العثمانية؛ لذلك أُدخلوا سجن دمشق، وعادت القوات العثمانية إلى درعا، بعد إنجاز مهمتها السابقة(87).
واستطاعت الدولة العثمانية بعد سلسلة الإجراءات السابقة، إخضاع القبائل البدوية في منطقة شرقي الأردن لنفوذها، خاصة بعد تمكنها من القضاء على ثورة الكرك عام 1910م (1328هـ)؛ لذلك جددت بعض هذه القبائل علاقتها مع الدولة؛ فبنو صخر استمروا يتلقون الصّرة مقابل حماية الحجاج، رغم موقف بعض شيوخهم ومحاربتهم القوات العثمانية في المنطقة، حيث ذكر صاحب الرحلة التنوخية، الذي زار المنطقة في الفترة ما بين 1914-1916م (1332-1334هـ)، أنه حلّ ضيفاً على أحد شيوخ بني صخر شاهر الخريشة ابن عم حديثة الخريشة في عام 1914م (1332هـ)، حيث كان يسكن هو وعشيرته بالقرب من الزرقاء، وأشار إلى أن شاهر الخريشة كان مسافراً إلى دمشق آنذاك؛ بهدف تسلّم الصّرة المخصصة لعشيرته سنوياً من السلطات العثمانية(88).
وحرصت القبائل البدوية في الحجاز على منع مد الخط الحديدي الحجازي إلى مكة وجدة، وتخريب الخط إن أمكن ذلك. وكان الخط هو العدو الأول لأصحاب الجمال من القبائل؛ فحطموا أجزاء منه تمر بديرتهم ما بين 1912-1914م (1330-1332هـ)(89)؛ وذلك لعدم رضاهم عن هذا الخط الذي قطع مورد رزقهم من الحجاج إلى حد ما، وقد قام شريف مكة بإصلاحه.
وازداد التخريب بعد إعلان الثورة العربية عام 1916م (1334هـ)، حيث قامت بتدمير الخط الحديدي، ونسفت أماكن عدة منه، وقد تعطل الخط الذي يبلغ طوله حوالي (1303) كيلومترات في عام 1917م (1335هـ)، وأصبح مجرد قضبان حديدية محطمة(90).
الخلاصة: ========
يتبيّن لنا مما سبق أن القبائل البدوية، التي كانت تسكن بالقرب من طريق الحج الشامي، خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، سواء كانت قبائل شامية أو حجازية، اهتمت بموسم الحج، وأولت القافلة حرصاً كبيراً للاستفادة من مردودها المالي، الذي كان ينعكس على البدو بشكل عام، سواء كان الذي يتقاضونه من مال الصرّة، أو من خلال تأجير الجمال للحجاج وخدمتهم، وبالتالي الحصول على المال مقابل هذه الخدمة، أو عن طريق نهب القافلة في حالات كثيرة كما مرّ معنا،
لذلك أصبح البدو وتعاملهم مع القافلة يشكل هاجساً للعثمانيين، الذين تراوحت علاقتهم مع البدو في حالات كثيرة بين مدّ وجزر، والغالب على هذه العلاقة هو البرود، بل أحياناً النزاع ما بين الطرفين، لظروف القبائل البدوية الاقتصادية السيئة.
لقد أثبتت الدراسة أن الدولة العثمانية كانت حريصة في أغلب الأحيان، على استرضاء القبائل البدوية، والاستفادة من خدماتها أثناء موسم الحج، ولكن عندما كان بعض المسؤولين العثمانيين يمنعون الأموال التي كانت تخصص للقبائل، كان زعماء هذه القبائل يتعرضون لقافلة الحج، وتحدث مواجهات مع العثمانيين، وإن كانت قليلة مقارنة بالفترات السابقة (القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين).
كما أثبتت الدراسة أن مد الخط الحديدي الحجازي بين دمشق والمدينة المنورة قد أثر على وضع القبائل البدوية المادي، لذلك رفضت القبائل مد الخط الحديدي الحجازي، بل قاومته، وشنت هجمات عدة على المحطات والعمال، وحاولت إعاقة العمل ما بين (1318-1326هـ/1900 - 1908م)، الفترة الزمنية التي استغرقها إنجاز الخط. وهذا ينفي ما ذكره بعض الباحثين(91)، من أن القبائل البدوية في جنوب سوريا وشرقي الأردن، التي يمر الخط في أراضيها، لم تسهم في المقاومة، بل اقتصرت المقاومة المسلحة على القبائل المقيمة حول المدينة المنورة التي مدّ في مناطقها الخط. ورغم محاولات المسؤولين العثمانيين التي بذلت من أجل استرضاء زعماء القبائل، إلا أن الاعتداءات استمرت ضد الخط الحديدي ومرافقه؛ لذلك استخدمت الدولة العثمانية القوة مع هذه القبائل، فأدبتها، وعاقبت من تسبب في تخريب الخط الحديدي الحجازي.
موقف القبائل البدوية من قافلة الحج الشامي والخط الحديدي الحجازي في القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ===============
د . ابراهيم فاعور الشرعة
المصدر : مجلة دارة الملك عبد العزيز .... رقم العدد 4 سنة 1426 ه
شهدت الفترة الواقعة ما بين القرن السادس عشر وأواسط القرن الثامن عشر صراعاً مريراً بين القبائل البدوية (الشامية والحجازية) والدولة العثمانية، تمثل ذلك الصراع في حالات كثيرة حول حماية قافلة الحج الشامي من اعتداءات هذه القبائل، حيث تكررت تلك الاعتداءات على القافلة مرات عدة؛ بسبب الخلاف ما بين أمراء القافلة وزعماء القبائل فيما يتعلق بالأموال "الصّرة"(1) التي كانت تدفع للبدو من السلطات العثمانية، وحرمان البدو من نقل المؤن وتقديم الحماية وبعض الخدمات للحجاج في المنطقة الواقعة ما بين دمشق والأماكن المقدسة(2).
ولكن الأمور تغيرت ما بين الدولة العثمانية والقبائل البدوية في الحقب اللاحقة، فابتداءً من القرن التاسع عشر خفّت اعتداءات القبائل على القافلة؛ إذ زاد اهتمام الدولة العثمانية بالقافلة؛ فقلت هجمات البدو على الحجاج، نتيجة لسياسة الدولة التي قامت على كسب ودّ القبائل والاستفادة منهم في نقل الحجاج، وبناءً على ذلك توطدت العلاقة بين الطرفين، بعد أن كانت علاقة عدائية في أغلب الأوقات؛ فمن خلال ما أورده الرحالة الأجنبي لورنس أوليفانت(Laurence Olyphant) عن قبيلة بني صخر(3)، وتبنيها مسألة تقديم الجمال إلى والي دمشق لنقل الحجاج مقابل أجرة معينة(4)، يتضح لنا أن الدولة بدأت تهادن القبائل البدوية التي لها تماس مع طريق الحج كبني صخر مثلاً.
إن سياسة الدولة العثمانية في التعامل مع القبائل البدوية أملتها نتائج حادثة عام 1757-1758م (1171هـ) الشهيرة(5)؛ لذلك كلفت الدولة بعض القبائل مهمة نقل الحجاج والمؤن، ففي عام 1804م (1219هـ) بعث والي دمشق وقائد (سر عسكر) الجيش فيها أمير الحج إبراهيم باشا إلى قائمقام القدس حوالة مالية بقيمة (32,000) قرش، وأن يتم الإسراع لتسليمها إلى شيخ بني صخر عواد الفايز "مفخر المشايخ الموقرين"، مقابل أن يتعهد بنقل (1,000) حمل شعير إلى قلعة معان(6)، في موعد خروج القافلة من دمشق(7).
ومما يؤكد تطور العلاقة بين الدولة العثمانية والقبائل البدوية في المنطقة، خاصة قبيلة بني صخر، ما حدث من تعاون بين الطرفين للتصدي لقوات الامام سعود بن عبدالعزيز من الدولة السعودية الاولى التـي توجهت في عام 1809م (1225هـ) نحو الشام، فقدّم كل من: الشيخ سعد القعدان الفايز والشيخ فهيد - وكلاهما من زعماء بني صخر - المساعدة لقوات والي دمشق، وأرسلا مجموعة من المحاربين إلى طبريا، انضمت إلى القوات المرسلة من قبل والي عكا سليمان باشا العادل؛ إذ كان لهذا التعاون أثر في تراجع قوات الإمام سعود(8).
وتحسنت علاقة الدولة العثمانية مع قبيلة عنزة أيضاً(9)، التي كانت تعتمد عليها في تقديم آلاف الجمال للحجاج، مقابل أجور معينة وهبات لبعض شيوخها، بالإضافة إلى ما كان يقدّمه والي دمشق من أموال لهذه القبيلة في بعض مواسم الحج التي يكون مردودها ضعيفاً، كتعويض نتيجة لخسائرها الاقتصادية(10).
ولحظ بعض الرحالة الأجانب الذين زاروا المنطقة، مثــل: بيركهاردت (Burckhardt)، أن بعض العشائر البدوية، وبالذات التي كانت تستقر في جنوب منطقة شرقي الأردن، كانت تسهم بنقل الحجاج وتقديم المؤن، كاللياثنة في وادي موسى، الذين كانوا يحملون المؤن التابعة للقافلة عند وصول الحجاج إلى معان باتجاه الأماكن المقدسة، وبعض هذه العشائر؛ كالعلاوين، والعمران، والحيوات القاطنة بالقرب من العقبة، كانت تفرض "الأتاوات" على الحجاج بصورة دائمة؛ بسبب مرور القافلة عبر مناطقهم، ولكن في بعض الأحيان كان يتم سلب الحجاج من قبل هذه العشائر(11)، وبخاصة عندما تتدهور علاقتها مع الدولة العثمانية، ولا تحصل على الصرة السلطانية.
وهناك عشائر كالعمران (آل عمران)، الذين يرتبطون مع الحويطات بحلف، كانت تشكل مصدر إزعاج للحجاج عند مرورهم بأراضيها؛ ففي عام 1815م (1230هـ)، هاجم العمران القافلة، ونهبوا سراياها المتقدمة أثناء مرورها في منطقتهم عندما كانت القافلة في طريقها من المدينة المنورة إلى دمشق(12).
ورغم سياسة المسؤولين العثمانيين في التعامل مع القبائل البدوية، واستمالتها، وكسب ودها إلا أن بعض القبائل بقيت مصدر قلق للدولة العثمانية، ولهذا كان أمير الحج يضطر إلى دفع بعض المبالغ، خاصة عند مرور القافلة بقرية الجديدة القريبة من منطقة الصفراء، حيث المقر الرئيس لقبيلة حرب؛ إذ كان الحجاج يدفعون لهذه القبيلة أتاوات مقابل دفع شرهم والسماح لهم بالمرور دون حدوث أي اعتداء على أرواحهم وأموالهم(13).
ويبدو أن عادة أخذ الأموال من الحجاج غدت شبه دائمة، ففي تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1813م (ذو القعدة عام 1228هـ)، طالبت قبيلة حرب أمير القافلة الحج الشامي سليمان باشا بدفع مستحقاتها من الصرة السلطانية عن الفتــرة ما بين 1803-1813م (1218-1228هـ)، حيث توقفت خلالها قافلة الحج الشامي، بسبب سيطرة قوات آل سعود على الطريق المؤدي إلى الأماكن المقدسة هناك وضبط الأمن فيه ومنع الاعتداءات، وكان المرور آنذاك عن طريق السويس إلى جدة فمكة، ولبى سليمان باشا طلب القبيلة، فسار بالقافلة دون حدوث أية عقبات(14).
وكانت قبيلة عنزة هي الأخرى تحصل على الأموال من العثمانيين لقاء نقل الحجاج وتقديم الجمال لهم، فمثلاً كانت الحسنة إحدى عشائر عنزة تتلقى صرة سنوية، تقدر بـ (15,000) درهم؛ أي: حوالي ألف جنيه، حيث كان يتم تقسيم هذه الأموال بين بعض أفرادها. كما أن عشيرة ولد علي، التي كانت تقضي فصل الشتاء بالقرب من طريق الحج من حوران حتى قلعة الزرقاء، تتقاضى المبلغ نفسه تقريباً من العثمانيين. وقد قدّر بيركهارت مقدار الصّرة، الذي يدفع لعنزة بمبلغ تراوح ما بين (50-60) ألف جنيه(15).
وعندما خضعت بلاد الشام لحكم محمد علي باشا (الحكم المصري) 1831-1840م (1246-1256هـ)، اهتم ابنه إبراهيم باشا بشؤون قافلة الحج؛ فأصلح القلاع، وأحواض المياه، والآبار الموجودة في طريق الحج، التي كانت خربة، ومن أبرز القلاع التي أصلحها إبراهيم باشا في منطقة شرقي الأردن؛ الرمثة "الرمثا"، وعين الزرقاء، والبلقاء، والقطرانة، والحسا، وظهر عنيزة(16)، ومعان(17)، والعقبة، والمدورة؛ لذلك فقد سيطرت السلطات المصرية في بلاد الشام على أهم مراكز القافلة الموجودة في شرقي الأردن سيطرة كاملة(18). ولكن رغم ذلك فقد كان المسؤولون المصريون في دمشق حريصين على سلامة القافلة، لتعزيز وجودهم في بلاد الشام؛ لذلك أصدر محمد علي باشا فرماناً في أوائل جمادى الأولى عام 1249هـ/ 1833م تضمن تجهيز العساكر اللازمة للمحافظة على حجاج بر الشام، "ودفع تعديات العربان، واعتداءاتهم عليهم وعلى أمتعتهم"(19). وسعى إبراهيم باشا إلى تحقيق ما تضمنه فرمان والده السابق، من توفير الأمن للقافلة وحمايتها، تجنباً للمخاطر التي كانت تعترض الحجاج قبل سيطرة المصريين على بلاد الشام؛ لذلك فقد حرم إبراهيم باشا بعض القبائل والعشائر البدوية من الصرّة، مثل: بني صخر، وعنزة، وأولاد علي، والحسنة، محاولة منه تهديد هذه القبائل وتحذيرها من مسألة الاعتداء على الحجاج، وبالتالي اكتفاء شرها. ولكنه عاد وقدّم إعانات مالية إلى هذه القبائل، بعد قطع الصرّة عنها، لتقديم بعض الخدمات للحجاج؛ لذلك خصص مبالغ معينة لكل شيخ قبيلة، بلغ مجموعها كاملةً (94.000) قرش.
إضافة إلى ذلك فقد أبقت الحكومة المصرية على المرتبات الخاصة بالقلاع، ومتطلبات السفر من: الشعير، وقرب الماء، والشموع؛ بالإضافة إلى تسيير قوة عسكرية مسلحة لمرافقة القافلة، خوفاً من اعتداء البدو على الحجاج(20).
وعاد خطر البدو يظهر من جديد، بعد خروج المصريين من المنطقة، حيث تمرد الشيخ ابن رومي أحد شيوخ قبيلة حرب على الشريف محمد بن عون أمير مكة المكرمة في عام 1844م (1260هـ)؛ بسبب رفض السلطات العثمانية دفع الإعانة المالية له، التي كان يأخذها مقابل عدم اعتدائهم على القافلة أثناء مرورها من منطقتهم، واستطاعت القوات العثمانية هناك القضاء على تمرد ابن رومي؛ وذلك بتدبير خدعة له ولرجاله من قبل الشريف محمد بن عون، تمثلت بأن يقوم ابن رومي بحماية مبنى قلعة رابغ ومستودع الذخيرة الملحق بها، مقابل تقديم الإعانات المالية التي كان يطالب بها، وبعد أن قبل هؤلاء بالعرض، قبضت عليهم قوات العثمانيين هناك، وكان عددهم (25) رجلا(21).
كانت قبائل الشام كبني صخر على علاقة حسنة مع الحكومة العثمانية، خاصة بعد انتهاء الحكم المصري في بلاد الشام؛ فالرحالة الفلندي جورج أوغست فالين (G. Au.Vallin) الذي مرّ بمنطقة شرقي الأردن في عام 1845م (1261هـ) لحظ هذا الأمر من خلال استفادة هذه القبائل من موسم الحج، خاصة عندما كانت القافلة تمكث في معان أربعة أيام؛ فتتجمع هذه القبائل عند ذلك للشراء والبيع، والمقايضة مع الحجاج، كما لحظ فالين أن بعض البدو كانوا يقدمون الماء العذب المتوافر في عين "بخاصة" للحجاج، مقابل مبالغ معينة(22).
وعادت الحكومة العثمانية إلى استخدام سياسة القوة في التعامل مع القبائل البدوية، ففي عام 1867م (1284هـ) قام والي دمشق رشيد باشا بحملة ضد قبائل شرقي الأردن في (الشمال والوسط) كبني صخر للقضاء على قوتهم، والحد من خطرهم تجاه القافلة، حيث أصبحوا يشكلون تهديدا لسلامة الحجاج. ورغم إجراءات الدولة السابقة إلا أن بني صخر ظلوا يفرضون مطالبهم على الدولة، التي كانت تضطر لتنفيذها، تفادياً لأية مواجهات معهم، قد تؤدي إلى تهديد سلامة الحجاج أثناء مرورهم بالمنطقة(23).
كما عادت الحكومة العثمانية إلى استخدام أسلوب الحرمان من جديد للضغط على بني صخر، حيث قررت حرمان شيخها فندي الفايز من امتياز حماية طريق الحج بعد عام 1868-1869م (1285هـ)؛ إذ استغلت موضوع نهب قبيلتي بني صخر والعدوان لمنطقة الرمثا؛ لأن أهلها رفضوا دفع الخوة "الخاوة" لهاتين القبيلتين(24). كما سيَّر والي دمشق محمد رشيد باشا قوة مؤلفة من كتيبة مشاة، و(600) جندي غير نظامي، و(800) فارس تحت قيادة شيخ عشيرة ولد علي، كما شارك إسماعيل الأطرش ومعه (160) درزياً في الحملة، لإخضاع بني صخر والعدوان، ونتيجة لتطور الأوضاع فقد طلب شيخ العدوان علي الذياب الأمان مقابل دفع (25) ألف قرش، كما وقف إلى جانب العثمانيين ضد بني صخر.
وبالمقابل تحالف بنو صخر مع بني حميدة للدفاع عن أنفسهم، لكن القوة العثمانية سيطرت على مصادر "منابع" الماء الرئيسة لبني صخر؛ فقام الشيخ فندي الفايز بطلب الأمان من المسؤولين مقابل أن يدفع مبلغ (200.000) قرش؛ بالإضافة إلى وضع أحد أبنائه رهينة لدى السلطات العثمانية، والتخلي عن امتياز تأمين قافلة الحج، وكان هذا الإجراء مؤقتاً؛ إذ بعد هذه الحادثة تحول امتياز نقل الحجاج من بني صخر إلى عشيرة ولد علي، الذين هزموا بني صخر، وأخذوا منهم ألفي رأس غنم، وثلاثمئة جمل(25). وعلى الأرجح أن عشيرة ولد علي هزموا بني صخر في عام 1869م (1286هـ)، في منطقة شرقي الأردن.
لقد طرأت أمور عدة فيما يتعلق بقافلة الحج في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أبرزها؛
1- تحول طريق سير عدد من الحجاج إلى الطريق البحري بدلاً من الطريق البري، بعد فتح قناة السويس عام 1869م (1286هـ)؛
2- أما الأمر الآخر فهو التبدّل الذي حدث في إمارة القافلة؛ إذ تمَّ الفصل ما بين منصب ولاية دمشق ومنصب إمارة القافلة، فلم يعد والي دمشق يقود القافلة بعد عام 1871م (1288هـ)، حيث أسندت مهمة قيادة القافلة لأشخاص آخرين؛ ليتفرغوا إلى مهام القافلة وشؤون الحجاج.
فقد كان والي دمشق يقوم بمهام ولاية دمشق مضافا إليها حماية القافلة، وتسييرها إلى الأماكن المقدسة لحين عودتها إلى دمشق؛ لذلك فضلت الدولة العثمانية فصل المنصبين عن بعضهما.
ولكن رغم هذه التحولات، إلا أن بعض القبائل البدوية كبني صخر، استمرت تقدّم الجمال للقافلة، بل إن علاقة شيخها فندي الفايز مع الدولة العثمانية قد تقوّت بعد عام 1871م (1288هـ) بهدف الحصول على الأموال من العثمانيين؛ إذ لحظ الرحالة ترسترام (Tristram)، أثناء مروره بمنطقة شرقي الأردن في شباط (فبراير) عام 1872م (ذي القعدة 1288هـ)، أن فندي الفايز سار مع القافلة من حوران حتى الكرك، لمدة ستة أيام، حيث كان فندي الفايز ملتزما بتوفير (700) هجان لنقل الحجاج وحراستهم(26).
وكانت الدولة العثمانية حريصة على سلامة القافلة؛ لذلك اهتمت بمسألة الضغط على القبائل البدوية، والحد من قوتها؛ إذ كانت تتحين الفرص لتطبيق ذلك؛ ففي عام 1873م (1290هـ) قام متصرف نابلس بحملة ضد القبائل البدوية في البلقاء والكرك ومعان لتحقيق هذا الهدف(27)، ولإخضاع قبيلة بني صخر بالذات، التي تعهد زعماؤها بحماية الحجاج من الأخطار، ونقلهم على الجمال، التي كانت تستأجرها الحكومة العثمانية من بني صخر(28).
وبقيت قبيلة الحويطات تقـوم بمهمــة نقــل الحجــاج من معــان حتى شمال الحجاز، حيث أشار لذلك الرحالة الأمريكي هنري ردجواي (Henry B.Ridgaway)، الذي مرّ عبر منطقة شرقي الأردن عام 1874م (1291هـ)، ولحظ بأن الشيخ عرار بن جازي - والد حمد بن جازي - جاء إلى معان في العام نفسه؛ لكي يستقبل قافلة الحج القادمة من دمشق آنذاك، بعد أن رافق الرحالة هنري ومن معه إلى معان(29).
ونلحظ من خلال ما تقدم أن علاقة الدولة العثمانية بالقبائل البدوية، كانت بين مدّ وجزر، فأحياناً حسنة وأحياناً أخرى سيئة، انعكس كل ذلك على أمن القافلة وسلامتها، فهجوم بني صخر على القافلة عام 1876م (1293هـ) مثال واضح على ظاهرة التقلب في هذه العلاقة؛ إذ قام بنو صخر في هذا العام بمهاجمة القافلة أثناء مرورها من أراضيهم، حيث دار قتال بين بني صخر والجنود العثمانيين المرافقين للقافلة، استمر لمدة أربع ساعات كما يذكر داوتي (Doughty)(30).
ورغم محاولات بعض القبائل البدوية الاعتداء على القافلة إلا أن وضع الحجاح قد تحسن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بالمقارنة مع الفترات السابقة، كما يشير لذلك سيلاه مرل (Selah Merrill) في رحلته المسماة "إلى الشرق من الأردن"، الذي لحظ أن نفقات القافلة قد انخفضت عن الفترات السابقة، حيث ذكر أن تمويل القافلة في عام 1873م (1290هـ) بلغ (350.000) جنيه، بينما انخفض إلى (42.575) جنيها في عام 1876م (1293هـ)، وأصبح (39.019) جنيها في عام 1877م (1294هـ)؛بالإضافة إلى توصل الحكومة العثمانية إلى عقد اتفاقات مع القبائل البدوية، التي كانت تعترض الحجاج في الفترات السابقة، على أن تقدم هذه القبائل الجمال لنقل الحجاج مقابل مبالغ مالية، كانت تدفع لها(31).
وهذا مؤشر على أن العثمانيين بدؤوا بضبط الأوضاع أثناء مرور القافلة، خاصة بعد فصل منصب إمارة القافلة عن منصب ولاية دمشق.
وأشار بعض الرحالة الذين زاروا المنطقة في أواخــر القــرن التـاسع عشــر إلى مسألة نفقات القافلة، وأبرز هـؤلاء لـورنس أوليفانت (Laurence Oliphant)، الذي زار منطقة شرقي الأردن في عام 1879م (1296هـ)، حيث ذكر أن مقدار ما كانت تدفعه الدولة للبدو في شرقي الأردن سنوياً وصل إلى ما يقارب (100.000) آقجة، قسم كبير منه كان يعطى لبني صخر الذين وصفهم أوليفانت بأنهم مشهورون بشن الغارات على القافلة، كونهم يسكنون إلى الشرق من طريق الحج(32).
واستمرت الدولة العثمانية في استخدام القوة ضد القبائل الكبيرة، التي كانت تعترض القافلة، ففي عام 1879م (1296هـ) ردّت عشيرة الأحامدة من قبيلة حرب القافلة، بعد مسيرة يومين من المدينة المنورة باتجاه مكة، حيث مكان وجود قبيلة حرب؛ لذلك عادت القافلة إلى المدينة، ولم تتخلص من خطر الأحامدة إلا باستخدام القوة العسكرية الموجودة في المدينة، بالإضافة للقوة المرافقة للقافلة المؤلفة من (800) فارس، ومدافع وذخائر كثيرة(33).
وشهدت فترة ثمانينيات القرن التاسع عشر علاقة مميزة بين الدولة العثمانية وقبيلة بني صخر، خاصة بعد تولي سطام فندي الفايز زعامة بني صخر متوليا مهـام والده الذي توفي في عام 1881م (1298هـ)، حيث كانت له علاقــة بوالــي دمشــق محمــد سعيد باشــا، وابتداءً من هـذا التـاريخ أصبح بنــو صخــر مسؤولين عن أمن طريق الحج ومنازله وحماية الحجاج، كما التزموا بتقديم جمالهم للقافلة، علاوة على تكفلهم بنقل المؤن والذخائر من المزيريب(34) حتى القطرانة، مقابل مبالغ نقدية كانوا يتلقونها إضافة للصرة السنوية(35).
كما تقربت الدولة العثمانية من عشيرة ولد علي(36)، وأبعدت في الوقت نفسه الرولة، بهدف إيجاد نوع من التوازن بين قوة هذه العشائر، حيث أسندت مهام نقل الحجاج إلى عشيرة ولد علي؛ إذ تعهد الشيخ محمد بن دوخي بنقل الحجاج بعد خروجهم من دمشق، وتزويدهم بالجمال، كما تعهد الشيخ محسن وهو أيضا من عشيرة ولد علي، باستقبال الحجاج سنوياً عند المدينة المنورة، والالتقاء بأمير القافلة ومعه الصرّة(37).
وهكذا يتبيّن لنا أن الدولة العثمانية اتبعت سياسة التودد لبعض القبائل والعشائر، خاصة القوية منها كقبيلة بني صخر وعشيرة ولد علي، حتى إنها أنعمت على بعض شيوخ هذه القبائل والعشائر بالأوسمة، والخلع، وأحياناً الرتب، كما حدث مع سطام فندي الفايز أبرز شيوخ بني صخر(38)، الذي عينته الدولة مديراً لناحية الجيزة "زيزياء"(39)، بهدف كسب رضا بني صخر، ومحافظتهم على سلامة الحجاج. وهذا الإجراء ينسجم مع توجه العثمانيين آنذاك، بإسناد مناصب إدارية لشيوخ بعض القبائل.
وكان لقبيلة شمر - الموجود قسم منها في منطقة شرقي الأردن - دور في نقل الحجاج وتأمين القافلة، حين مرورها من مناطقهم، في نهاية القرن التاسع عشر، حيث ذكر الرحالة العثماني "سويلة مز أوغلي"، الذي زار بلاد الشام، أنه التقى أحد شيوخ شمر دريبي بن زبن، زعيم عشيرة زبن - الذي كان يسكن هو وعشيرته بالقرب من عين الزرقاء، وتتألف من 300 خيمة - التقاه بالقرب من الرمثا في 29 أيار (مايو) 1890م (10 شوال 1307هـ)، حيث استقبل ابن زبن القافلة هناك، بعد خروجهــا من المزيريب؛ إذ لحظ الرحالة "سويلة مز أوغلي" أن ابن زبن يحمل خاتماً فضياً، كان قد أهداه إياه إبراهيم باشا، يحمل تاريخ 1263هـ/1840م، كان يستخدمه ابن زبن عند تسلمه الأعطية السنوية المخصصة له من قبل الدولة العثمانية(40). يلحظ أن الشيخ ابن زبن كان على علاقة حسنة مع السلطات العثمانية في دمشق؛ إذ لحظ "سويلة مز أوغلي" أن جماعة ابن زبن، قدَّمت الدعوات لأمين الصرة وأمير القافلة وبعض مرافقيها، لتناول الطعام عند الشيخ ابن زبن، كما لحظ "سويلة مز أوغلي" أن أبناء ابن زبن وإخوانه وأبناء عمومته، اهتموا بالقافلة وحموها طوال فترة استضافتهم لأمير القافلة ومن معه(41).
ويمكن القول: إن قبيلة شمّر وخاصة عشيرة ابن زبن - في هذه الفترة - بحكم سيطرتها على المنطقة ما بين الرمثا شمالاً وعين الزرقاء جنوباً، قد حمت القافلة، وكانت تقوم على خدمة الحجاج. وعادت بعض القبائل إلى عادة الاعتداء على القافلة، في بداية تسعينيات القرن التاسع عشر، حيث هاجم بعض البدو من قبائل شرقي الأردن القافلة في عام 1892م (1309هـ) دون معرفة القبائل التي ينتمون إليها؛ لأن الدولة رفضت دفع المخصصات المستحقة لهم جراء حماية الحجاج في الفترة ما بين 1880 - 1891م (1297-1308هـ)، وعاقبت الدولة هؤلاء البدو، حيث أرسلت لهم حملة تأديبية، وصل عدد أفرادها إلى مئات الجنود، لإخضاعهم وتأديبهم(42).
إن خطورة الاعتداءات المتكررة ضد القافلة في منطقة شرقي الأردن دفعت المسؤولين العثمانيين إلى التفكير جدياً في إنشاء لواء في معان والكرك بين عامي 1891 - 1894م (1308-1311هـ)؛ فبالإضافة إلى تحقيق أمر سلامة قافلة الحج الشامي والحد من اعتداءات البدو، فإن هناك أهدافاً أخرى سعى العثمانيون لتحقيقها، أبرزها؛ توفير مبالغ مالية كانت تدفعها الدولة للقبائل البدوية مقابل حماية قافلة الحج على طول الطريق ما بين دمشق ومعان؛ وذلك ببسط السيطرة على هذه المنطقة، والبعض كانت تخسره نتيجة الاعتداءات على القافلة، قدرت بـ "900.000" قرش(43).
وتغيّر تعامــل الدولة العثمانية مع القبائــل البدوية بشكل فعلي، بعد إنشــاء لـواء الكرك عام 1893م (1310هـ)، حيث سعت الدولة إلى توطيد العلاقة مع البدو بعد هذا الإنجاز الإداري؛ فخصصت رواتب سنويـة لبعض شيوخ القبائل، لكسب ودهم ورضاهم، والمحافظة على سلامة القافلة، أثناء مرورها في مناطقهم(44).
وكان بعض شيوخ منطقة شرقي الأردن يتلقى رواتب من الحكومة العثمانية، كشيخ مشايخ قبيلة بني صخر فندي الفايز، حيث بلغ مقدار راتبه عام 1891م (1308هـ) أربع مجيديات(45).
ويمكن أن تعزى مبادرة الدولة السابقة، المتضمنة تخصيص رواتب سنوية لبعض شيوخ قبائل الشام - رغم أنها رواتب بخسة - إلى السعي لكسب ودّ هؤلاء إلى جانبها، وبالتالي التعاون ما بين الطرفين، وخاصة مع والي دمشق، الذي كان همّه المحافظة على القافلة، وتأمين الجمال للحجاج.
ومما يلفت النظر قلة ما كان يصرفه العثمانيون لشيوخ القبائل البدوية. وبقيت مشكلة تأمين القافلة قائمة لدى الحكومة العثمانية، خاصة عند اقترابها من الديار المقدسة؛
فقد ذكر الرحالة الروسي عبدالعزيز دولتشين، أثناء رحلته إلى مكة في عام 1898م (1315هـ)، أن بعض البدو هاجموا الحجاج؛ لأنهم رفضوا إعطاء هؤلاء البدو بعض الأموال، في الوقت الذي كانت لديهم بضائع مغرية للبدو، خاصة أن الحجاج كانت لديهم "زنانير ضخمة جداً" يحفظون بها أموالهم الخاصة، لينفقوها أثناء موسم الحج، كانت تجذب أنظار البدو إليهم.
وكان مكمن الخطر في المنطقة الواقعة ما بين المدينة المنورة وينبع، حيث أشار دولتشين أن قبيلة حرب أغلقت طريق "ينبع - المدينة" لمدة ثمانية أشهر في عام 1897م (1314هـ)، مما أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع الضرورية، مثل: الشاي، والسكر، والطحين، وغيرها في الديار المقدسة(46). وكانت الدولة العثمانية تدرك خطورة قبيلة حرب؛ لذلك خصصت قوة في عام 1898م (1315هـ)، رافقت القافلة مكونة من (550) شخصا من الخيالة، من بينهم (150) شخصا على الهجن، و (200) من الضبطية الخيالة؛ بالإضافة إلى مدفعين جبليين(47).
وكان هدف هذه القوة التصدي لأي اعتداء تقوم به قبيلة حرب ضد القافلة، خاصة بعد إغلاقها لطريق "ينبع - المدينة" في العام السابق. ولم يقتصر الخطر على القبائل الحجازية، بل إن بعض القبائل الشامية ظلت تشكل ضغطاً في حالات كثيرة على العثمانيين؛ ففي عام 1898م (1315هـ) عمدت قبيلة الحويطات في جنوب منطقة شرقي الأردن إلى العصيان ضد العثمانيين، حيث أعلنت نيتها الانضمام إلى مصر بدلاً من الدولة العثمانية؛ بسبب امتناع الأخيرة عن دفع المرتبات التي كانت تدفعها إلى شيوخ الحويطات، في الوقت الذي قلّ مردود قافلة الحج الشامي على القبائل البدوية في المنطقة، بعد فتح قناة السويس عام 1869م (1286هـ)، حيث تحول كثير من الحجاج إلى مصر، وأصبحوا يحجون بحراً. لقد أجبر موقف الحويطات السابق الحكومة العثمانية على إعادة دفع مرتبات شيوخ الحويطات من جديد، يضاف إليهم شيوخ قبائل بئر السبع(48).
ورغم ما تقدم، يتبيّن لنا من الجدول الآتي أن عدد مرات اعتداءات العشائر البدوية ضد القافلة قد تراجع في القرن التاسع عشر قياساً بالقرون السابقة(49)، حيث لم يتجاوز عددهن خمسة اعتداءات، اثنان منها وقعا في منطقة شرقي الأردن، وآخران في منطقة الحجاز، بينما هناك اعتداء مكانه مجهول.
ولم تكن هذه الاعتداءات مؤثرة على الحجاج، كما حدث في اعتداءات سابقة، بل كانت اعتداءات بسيطة، انتهت دون حدوث أية نتائج سلبية. وهذا يعود إلى أن العثمانيين استطاعوا إحكام سيطرتهم - إلى حد ما - على طريق القافلة، كما توثقت علاقتهم بالقبائل البدوية، وبالذات القوية منها.
الحج في زمن المشقة.. قطاع طرق وموت بالعطش وطاعون
================
"سمعتُ بين الناس شتى الإشاعات والمخاوف عن هجوم البدو؛ اليوم سلبوا أحد الحُجاج 5 ليرات، وقتلوا آخر وأخذوا 40 ليرة، في حضوري جاء جندي وأبلغ الضابط أن رفيقه الذي راح معه من جدة إلى مكة قتلوه بالحجارة"[1]
الرحالة والعسكري الروسي - عبد العزيز دولتشين: الحج قبل مائة سنة
رغم التنظيم الجغرافي والمناطقي لقوافل الحاج عبر أقطار العالم الإسلامي شرقا وغربا؛ والتي كانت مؤمنة بفرقة عسكرية تحرسها وتذلل لها العقبات، فإن مصاعب الطريق ومصائبه لم تكن تنتهي أبدا، ولعل أخطرها على الإطلاق عبر ذلك التاريخ "قُطّاع الطرق".
يروي البريطاني جوزيف بتس الذي أسره رجل جزائري وأجبره على الدخول إلى الإسلام في القرن الثامن عشر الميلادي، ثم أخذه معه إلى الحج ودوّن هذه الرحلة في كتاب مهم، يروي أنه تعرض إلى هجوم من هؤلاء اللصوص في نهر النيل قائلا: "لا يخلو نهر النيل من اللصوص الذين ينهبون القوارب، وهم يكثرون في هذا الوقت من العام لكثرة عدد الحجاج الذين يتخذون طريقهم مبحرين في النيل من رشيد للقاهرة، ويعلم اللصوص أن الحُجاج يحملون معهم مبالغ مالية، وقد اعترانا الخوف من مهاجمتهم لنا، لكننا عندما أطلقنا النار من أسلحتنا ولوّا هاربين"[2].
كان قُطَّاع الطرق في كل مكان مهجور يتربّصون بالحجاج أينما كانوا وحيثما وجدوا، ولم يسلم منهم كبار القوم وعليته، فضلا عن صغار الحجاج،
والتاريخ يعطينا أمثلة لا تحصى من الحوادث المؤلمة التي تعرّض فيها قطاع الطرق للحجاج، فمنها ما وقع لقافلة/ركب الحجاج المدنيين الخارجين من المدينة المنورة إلى مكة المشرفة، والمسافة بينهما قريبة لا تقارن بالحجاج القادمين من المغرب أو الهند أو أدغال أفريقيا،
ومع ذلك فقد تعرضت هذه القافلة لانتهاب البدو سنة 982هـ، " فكان موقفا شنيعا، ومنظرا قبيحا، وقع فيه قتل وسلب وطعن وضرب، وأهل الركب مُحرِمون، والطوائف المذكورة مجرمون "[3].
ويبدو أن لصوص الطرق كانت لهم مكامنهم المعروفة في طريق الحجاج، فأبو البركات السويدي صاحب "النفحة المسكية في الرحلة المكية" والتي دوّنها سنة 1157 هـ/ 1744 م أشار إلى منطقة العُلى التي تبعد عن المدينة المنورة 300 كم تقريبا، وإلى خطورة هذه المنطقة على الحُجاج في زمنه قائلا:
"وأهل العلى صورهم قبيحة لا دمّ في وجوههم، أكثرهم عور، وقد شاع عند الحجاج أنهم يتجرأون على قتل الإنسان ونهب أمواله، وليس بصحيح، بل الذي يفعل ذلك عرب عنزة، يستخفون بين النخيل والأشجار، فإذا مر بهم الحاج المنفرد قتلوه وسلبوه، وأما أهل العلى فلا يخرجون من بيوتهم إلى خارج القرية إلا القليل، خوفا على أنفسهم من عسكر الحاج، فتبقى الحدائق خالية من الناس، فتأتي الأعراب فيكمنون فيها ويفعلون القبائح، فيظنهم الذي لا علم له ولا خبرة أنهم أهل العلى، حاشا لله، فهم قوم مسلمون يقيمون الجمعة والجماعات، ويؤون من انقطع من الحجاج، ويقومون بأودهم كما شاهدته عيانا"[4].
وحتى فاتحة القرن العشرين ظل قُطَّاع الطرق عبر تلك القرون المتوالية شوكة في حلق الحجاج، ومصيبة أضحت أقصوصة في أرجاء البلدان شرقا وغربا، ففي سنة 1899م جاء الرحالة والعسكري الروسي عبد العزيز دولتشين لأداء فريضة الحج، والقيام برحلة استخبارية للجيش الروسي عن المسلمين الروس في مواسم الحج ومدى تأثرهم بأفكار الوحدة الإسلامية التي كانت منتشرة، ومدى تقبلهم لدور السلطان عبد الحميد في تلك الجامعة.
ومع ذلك أشار دولتشين إلى خطورة هؤلاء القُطّاع على الحُجاج، يقول: "سمعتُ بين الناس شتى الإشاعات والمخاوف عن هجوم البدو؛ اليوم سلبوا أحد الحُجاج 5 ليرات، وقتلوا آخر وأخذوا 40 ليرة، في حضوري جاء جندي وأبلغ الضابط أن رفيقه الذي راح معه من جدة إلى مكة قتلوه بالحجارة"[5].
بل إن علامة الشام وشيخ حنابلة الشام الشيخ محمد بهجت البيطار تعرّض في سفره للحجاز سنة 1910م إلى سطو أخذ منه ماله وثيابه، يقول في رسالته لأحد الأمراء في الجزيرة العربية:
" لم يكن يخطر في بال السيد ولا في بالي ما لاقيته في السفر من المتاعب، وما قاسيته من الأهوال والشدائد. وأول ما صادفنا عصابة شقية، من بني عطية، سلبتنا نقودنا وثيابنا وزادنا، وسلبوني مقدار خمسين جنيها ذهبا، عدا ثيابي وزادي، وأصبحت نفقتي على حساب رفيقي وأخي في الله تعالى شلاش، جزاه الله خيرا "[6].
هجير الصحراء وشربة الماء الغالية!
تصف رحلة ابن رشيد الفهري للحج في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي أخطر التحديات التي واجهت حجاج تلك العصور، والتي تمثلت في قلة المياه، يقول: " ومن تبوك يُرفع المال إلى العُلا، وما بينهما أشق شيء في الطريق وأقلّه ماء؛ لأنه ليس فيه ماء أصلي سوى بئر بوادي الأخضر قلّ أن يفي بالركب، وقد هلك فيه في بعض الأوقات خلق كثير وعدد كبير"[7].
وظلت مشكلة قلة المياه في طريق الحجيج حتى فاتحة القرن العشرين، فقد ذكرها أيضا الرحالة والعسكري الروسي عبد العزيز دولتشين في رحلته التي جُمعت بعد ذلك في كتاب "الحج قبل مائة عام"؛ فقد روى مشاهد بالغة الصعوبة في طريق الحج من جدّة على البحر الأحمر إلى مكة المشرفة، ولا سيما قلة المياه وأثرها على الحجاج، يقول عقب خروجه من جدة قاصدا مكة:
"نسير منذ خمس ساعات، أنا ملتفّ بثوب الإحرام، مكشوف الرأس؛ أخذ عطش رهيب يُعذّبني، جفّ فمي كله، لا أستطيع تحريك لساني... الطريق يستمر بين صخور جرداء؛ أحيانا تقع العين على أدغال عالية من الشوك"[8].
ومن الأسباب الأخرى التي كانت تؤدي إلى موت الحجاج والمعتمرين شدة الحر في طرق الجزيرة العربية الموصلة لمكة والمدينة، وعُدَّ هذا الأمر شائعا ومعروفا بين الحجاج على مر العصور، فالعياشي في رحلته للحج والمعروفة بـ"ماء الموائد" والتي كانت سنة 1072هـ يقول عن حجاج الشام وما لاقوه في طريقهم إلى المدينة النبوية:
" نزل الركب الشامي (المدينة) ليلة السبت، ولقوا من الحرّ في الطريق شدة عظيمة كالذي وقع للمصري قبلهم أو أشد، فماتت منهم جملة كثيرة في الطريق، وجملة بعدما وصلوا إلى المدينة"[9].
كانت شدة الحر هذه سببا في ضيق الناس، وقيام بعض الشجارات التي تحولت بعضها إلى مأساة، فالرحالة والمستكشف البريطاني ريتشارد بيرتون الذي زار المدينة المنورة وقضى موسم الحج تحت اسم مستعار هو عبد الله سنة 1853م يروي في رحلته معاناة الحجاج وبعض المآسي التي رآها من جراء لفحات حر الجزيرة.
يقول: "كانت رياح السموم -كالمعتاد- تهبّ بقسوة، وراحت تؤثر في أمزجة المسافرين، ففي أحد الأماكن رأيت تركيا لا يستطيع النطق بكلمة عربية واحدة، يتجادل بعنف مع عربي لا يستطيع أن يفهم كلمة تركية واحدة، والحاج التركي يُصرّ على تحميل الجمل -بالإضافة لحمله- بضعة أعواد من الحطب لاستخدامها كوقود للطبخ، ويقوم الجمّال بقذفها تخلصا من الحمل الزائد، فيتعاركان بعنف، ويدفع أحدهما الآخر، وأخيرا وجّه التركي لطمة قوية للعربي، وقد سمعتُ بعد ذلك أن الحاجّ التركي جُرح جرحا مُميتا في تلك الليلة، فقد شُقّ بطنه بخنجر، ولما سألت عن مصيره، علمتُ أنه كُفّن بارتياح كامل، ودُفن في قبر لم يُحفر جيدا، وهو ما يحدث -بشكل عام- للبؤساء والذين يُسافرون فرادى"[10]!
ولم يكن غريبا أن يموت عشرات بل مئات وربما الآلاف من الحجاج في سبيل وصولهم إلى الحج في تلك الأزمنة التي انعدمت فيها وسائل المواصلات والاتصالات الحديثة، والتي بلغ طول الرحلة فيها حدا مزعجا،
فعلى سبيل المثال، يحسب الرحالة البريطاني بتس المدة الزمنية من مكة إلى مصر في طريق العودة من الحج بأربعين يوما، وذلك في أثناء القرن الثامن عشر الميلادي[11]، فما بالنا بحجاج المغرب الأقصى وغرب أفريقيا وتركيا والهند وجنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا وغيرهم من القادمين من البقاع البعيدة التي كانت تصل مدة السفر لبعضهم إلى ستة أشهر أو تزيد في الذهاب ومثلها في الإياب!
وفي مكة أيضا لم تخلُ المخاطر!
لم تكن مصاعب الحج ومخاطره في طرق الحج ذهابا وجيئة فقط، وإنما في مكة نفسها طالما تعرّض الحُجّاج إلى خطر السرقة أو اختلاف الفرق العسكرية القادمة مع قوافل الحج وتقاتلهم دون اعتبار لحرمة المكان والزمان، أو حتى بين الأشراف الذين كانوا يحكمون الحجاز في أغلب فترات التاريخ الإسلامي وإن دانوا بالطاعة للدول الكبرى التي حكمت المنطقة العربية.
إن أعظم مأساة تعرّض لها الحجاج في عصر العباسيين كان هجوم القرامطة على مكة المكرمة سنة 317هـ، ذلك الهجوم الذي نجم عنه مقتل ثلاثين ألفا من أهل مكة وحجاجها، وسرقة الحجر الأسود الذي ظل القرامطة مستولين عليه مدة تسعة عشر عاما، فقد جاء أبو طاهر القُرمطي زعيم هذه العصابة الخارجية الشيعية "فقتل الحجّاج قتلا ذريعا في المسجد وفي فجاج مكة، وقتل أمير مكة ابن محارب، وقلع باب الكعبة، واقتلع الحجر الأسود وأخذه إلى هجر، وكان معه تسعمائة نفس، فقتلوا في المسجد ألفا وسبعمائة، وصعد على باب البيت وصاح: أنا بالله وبالله أنا، يخلق الخلق وأفنيهم أنا. وقيل إن الذي قُتل بفجاج مكة وظاهرها زهاء ثلاثين ألفا، وسبى من النساء والصبيان نحو ذلك، وأقام بمكة ستة أيام ولم يحجّ أحد"[12].
لم تخل الخلافات بين الأشراف حكّام الحجاز ومكة في القلب منها وبين القوات العسكرية التي كانت تأتي مصاحبة لقوافل الحج من القاهرة أو دمشق أو اليمن،
فعلى سبيل المثال، ثمة صدام عنيف وقع بين الأشراف وقوات المماليك التي جاءت مع ركب الحاج المصري سنة 743هـ/1342م لمخالفة الأشراف لبعض أوامر القائد العسكري المملوكي، وترتب على ذلك قيام معركة في أيام الحج، وبسببها فإن أكثر الحجّاج "لم يعتمروا ولم يطوفوا طواف الوداع خوفا على أنفسهم، وتُعرف هذه السنة بسنة المظلمة"[13].
وتكررت المأساة سنة 812هـ/ 1410م حين أصدر السلطان المملوكي في القاهرة مرسوما بعزل أمير مكة الشريف حسن بن عجلان الذي رفض تنفيذ الأمر، وبسبب ذلك ارتكب أمير الحاج المصري الذي استصحب معه آلات عسكرية ثقيلة "مشاجرة عظيمة، أفضت إلى قتله بعض الحجاج ونهبهم غير مرة، ولم يحج بسبب ذلك من أهل مكة إلا اليسير"[14].
بل إن أبا الطيب الفاسي مؤلف كتاب "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" كان من جملة حجاج ذلك العام، وروى مأساة أخرى بسبب اختلال الأمن، فحين توجه الناس من عرفة إلى منى للمبيت بها ورمي الجمرات تعرّض لهم قُطاع الطرق واللصوص "ونهبوهم وقتلوهم وجرحوهم، وذلك في ليلة النحر، ولم نستطيع أن نبيت بالمزدلفة إلى الصباح، فرحلنا منها بعد أن أقمنا بها مقاما تتأدى به السنة، ووقع بمنى في ليلة النحر قتل ونهب"[15].
وإذا لم تخل مكة من نشوب الصراع والخلافات السياسية والعسكرية وأثرها المباشر على حياة الحجاج، فإنهم من بعض جهات أخرى كانوا معرضين للخطر لا سيما في أوقات الحر التي تميزت بها المدينة المباركة طوال العام والتي لفتت انتباه الرحالة الغربيين في القديم والحديث، والتي كان أهل مكة بسببها ومعهم الحجاج يلجأون إلى النوم فوق أسطح البيوت طلبا لبرودة الجو في الليل[16].
من جهة أخرى، وفي تلك الأزمنة لم تفرض السلطات الحجر الصحي والتعقيم على الحجاج القادمين من كل فج، وكان لذلك آثاره الخطيرة والمميتة على حياتهم،
وحين حاولت السلطات العثمانية إقامة الحجر الصحي سنة 1812م حيث أنشأت مستشفى لهذا الغرض، رفض البدو أصحاب الجمال والحمّالين هذا الإجراء الذي يعطلهم ويقلل من أرباحهم في موسم الحج؛ ولأجل ذلك هاجموا تلك المستشفى ودمروها، بل قتلوا وأصابوا عددا من القناصل الأوروبيين الذين وقفوا وراء ذلك المقترح الصحي وعلى رأسهم القنصل البريطاني[17].
لذلك كان انتشار الأمراض الوبائية والمعدية شائعا بين الحجاج، ففي سنة 1892م تطابق وباء الكوليرا مع موسم الحج وكان رهيبا، "كان الموتى متمددين مجموعات كبيرة متراصّة، ولم يتسن الوقت لدفنهم، بدأت الوفيات بأعداد كبيرة في عرفات، وبلغت أوجها في منى، وفي تلك السنة كان تدفّق الحجاج كبيرا"[18].
لا يقارن مجهود الحج في عصرنا هذا بما واجهه الناس عبر أزمنة طويلة من مصاعب ومآسٍ لا تُحصى، بعضها دوّنه التاريخ وسجله، وأكثرها غاب مع من غيّبهم الموت في طريقهم إلى الحج وما أكثرهم، من أجل ذلك أطلق الناس مثلا سائرا على حُجّاج بيت الله حينذاك، وسار إلى اليوم صدى من آثار تلك الصعاب: "الذاهب مفقود والعائد مولود"!!
المصادر
1عبد العزيز دولتشين: الحج قبل مائة سنة ص72
2رحلة جوزيف بتس
3العصامي: سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي
4السويدي: النفحة المسكية في الرحلة المكية ص301
5دولتشين: الحج قبل مائة سنة ص72
6المختار من الرحلات الحجازية 4/943
7ابن رشيد الفهري:ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة
8الحج قبل مائة سنة ص77
9العياشي: رحلة ماء الموائد
10رحلة بيرتون إلى مصر والحجاز
11المختار من الرحلات الحجازية 1/344
12ابن الضياء: تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام ص177
13المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك 2/3 / 636
14ابن حجر: إنباء الغمر 2/501
15الفاسي: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام 2/307
16الرحلة إلى مكة والمدينة، كتاب المجلة العربية 3/25
طريق المعاناة.. قصص تاريخية عن الوجه المأساوي لرحلة الحج =================
في كتاب "مرآة الحرمين" يصف إبراهيم رفعت أحوال الأمن في مكة المكرمة في مطلع القرن العشرين بصورة تكشف حجم الخلل والضرر والمأساة التي كانت تُصيب الحُجاج والمعتمرين، فمن يريد زيارة جبل النور وهو جبل قريب من المسجد الحرام الذي يُوجد به غار حراء، كان عليه أن يحمل معه الماء الكافي، وأن يكون الحجّاج على شكل جماعات يحملون السلاح حتى يدافعوا عن أنفسهم من اللصوص الذين يتربّصون بهم لسلب أمتعتهم،
ومن الصور البشعة التي ذكرها في كتابه أنه بلغه أن أعرابياً قتل حاجّاً فلم يجد معه غير ريال واحد فقيل له: تقتله من أجل ريال؟ فقال وهو يضحك: الريال أحسن منه[1]!
كانت تبدو على خلفية مشاهد الفرحة الغامرة على الحجاج قديما، مشاعر من الخوف والقلق من المجهول، بل من المخاطر التي جعلت الذاهبين إلى الحج في تلك الأزمنة القديمة يُقال في شأنهم: الذاهب مفقود والعائد مولود. كان على الحاج أن يودّع أهله، ويكتب وصيته، فلربما لن يعود إليهم، ولن يعرفوا مثواه!
على الرغم من ذلك المجهول في طريق الحج ذهابا وإيابا، فقد امتثل المسلمون في طوال التاريخ الإسلامي نداء الله: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]. فمن تلك الفجاج البعيدة في أقاصي الأرض من مشرقها ومغربها يحج المسلمون منذ شُرع الحج في العام التاسع من الهجرة، ومنذ حجة النبي صلى الله عليه وسلم التي عُرفت باسم حجة الوداع وإلى اليوم يفعلون، وفي سبيل ذلك واجهوا – لا سيما في عصور ما قبل الدولة الحديثة – ما لم نكن نتخيله في يومنا هذا لولا تواتره في التاريخ!
الحاجّ رهينة لحمّاله!
حين لا تملك وسيلة مواصلاتك في ذلك الزمن الغابر إلى الحج فأنت في غالب الأحيان تقع تحت رحمة الحمّالين والجمّالين، وكان الأغلب الأعم منهم يستغل موسم الحج في زيادة مضاعفة أرباحه للكساد وقلة الأرباح التي كان يواجهها بقية العام، ولأجل ذلك كان الحُجّاج يُعانون معهم أيما معاناة!
تلك المعاناة التي دوّنها عدد من الرحّالة الأقدمين، منهم الأندلسي ابن جبير البلنسي الذي جاء حاجًا في زمن صلاح الدين الأيوبي سنة 579هـ/1183م، ورأى بنفسه ما كان يلقاه الحجاج من سكان ميناء عيذاب وهم من البجاة السودان، ساكني الجبال، فيستأجر الحجاج منهم الجمال، ويسلكون بهم الصحراء المصرية الشرقية القاحلة، فيصبح الحاج معهم كالأسير!
يقول:" فربما ذهب أكثرهم عطشًا وحصلوا (أي الجمّالين) على ما يُخلّفه من نفقه أو سواها" بل إن الذين يؤثرون أن يعبروا الصحراء الشرقية للوصل إلى ميناء عيذاب على الحدود المصرية السودانية اليوم، كانوا يصلون في صورة مروّعة من الجوع والعطش، بل يصف ابن جبير بعضهم "كأنه منَشر من كفن، شاهدنا منهم مُدّة مقامنا أقوامًا قد وصلوا على هذه الصفة في مناظرهم المستحيلة، وهيئاتهم المتغيرة آيةً للمتوسّمين"[2].
لم تقف معاناة الحجاج في العصر الوسيط عند ذلك الحد من قسوة الحمّالين وغلظتهم، وإنما كان البحر مهلكة كما البر، وكما كان البُجاة السودان المتحكمون في رقاب حجاج مصر والمغرب في الصحراء، كان أصحاب المراكب والسفن في ميناء عيذاب منهم أيضا يتحكمون به في رقاب الحجيج في البحر، فقد كانوا يكدسونهم في المراكب تكديسا طلبا للربح السريع والوفير على حساب أرواح هؤلاء البؤساء.
يقول ابن جبير في ذلك: "ولأهل عيذاب في الحُجّاج أحكام الطواغيت، وذلك أنهم يشحنون بهم الجلاب (المراكب) حتى يجلس بعضهم على بعض وتعود بهم كأنها أقفاص الدجاج المملوءة، يحمل أهلها على ذلك الحرص والرغبة في الكراء حتى يستوفي صاحب الجلبة منهم ثمنها في طريق واحدة"[3].
فوق ذلك، وحينما يمر الحجاج إلى العدوة الأخرى من البحر الأحمر، كانت السلطات في مكة وحتى زمن السلطان صلاح الدين الأيوبي تفرض على الحجّاج القادمين من المغرب خاصة ضريبة مرهقة، ومن لم يكن يدفع هذه الفريضة لم يكن يُسمح له بالمرور والحج، يقول أبو شامة في تاريخه: " كان الرسم بمكة أن يؤخذ من حجاج المغرب على عدد الرؤوس، بما ينسب إلى الضرائب والمكوس، ومن دخل منهم ولم يفعل ذلك حُبس (مُنع) حتى يفوته الوقوف بعرفة، ولو كان فقيرا لا يملك شيئا".
وبعد معاناة استمرت عشرات السنوات بفرض هذه الضريبة على الحجاج، ومعاناة الفقراء منهم "رأى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب إسقاط ذلك، ويعوض عنه أمير مكة، فقرّر معه أن يحمل إليه في كل عام مبلغ ثمانية آلاف أردب قمح إلى ساحل جدة، ووقف على ذلك وقوفا، وخلّد بها إلى قيام الساعة معروفا، فانبسط لذلك النفوس، وزاد السرور، وزال البؤس، وصار يرسل أيضا للمجاورين بالحرمين من الفقهاء والشرفاء"[4].
[5].
بل كان نجاح فريضة الحج لأهل شنقيط (موريتانيا) من بلاد الصحراء المغربية الكبرى في تلك الأزمنة يعد في ذاته استثناءً، نظرا لكثرة فشل رحلات الحج التي كانت بسبب الأمراض أو هلاك الحجاج في الطريق، وعُدت رحلات الحج الناجحة تلك بمثابة "الكرامات" التي نُسبت لأصحابها، كما هو الشأن بالنسبة للشيخ ماء العينين الذي كان من أوائل من استطاعوا العودة سالمين من رحلتهم للحج، وذكره التاريخ كأحد هؤلاء الناجين "أصحاب الكرامات"[6]!
وفي شرق أفريقيا فإن الرحلة إلى الحج كانت كنظيرتها في الغرب الأفريقي تتميز بالصعوبات البالغة في الطريق، وإن تميز الشرق الأفريقي بالقرب الجغرافي من الأراضي الحجازية التي لم يكن يفصل بينهما سوى البحر الأحمر، ومع ذلك يؤكد الباحثون في تاريخ رحلات الحج الشرق أفريقية إلى تلك الصعوبات والمشاق المهلكة.
فمن أخطر تلك الصعوبات عند الذهاب والعودة تعرض الحجاج للموت دون معرفة مصيرهم والمكان الذي فُقدوا فيه، ورغم ذلك لم يترك الناس أداء هذه الفريضة ولكن بأعداد بسيطة، حتى في بعض الأحيان كان الناس يتذكرون الأحداث والوقائع بالسنة التي حجّ فيها فلان؛ دليل على قلة من حجوا في تلك السنوات.
فمن جملة تلك الصعوبات انتظار الحجاج الأفارقة للسفن التي تقلهم، والتي كانت في الغالب سفنا تجارية تحمل بضائع وتنتقل من ميناء إلى آخر، فكان الحجاج ينتظرون إفراغ تلك البضائع، وحين كانوا يصلون إلى الضفة الأخرى في ميناء عدن اليمن كان الأغلب الأعم منهم ينطلق إلى مكة ماشيًا، وهم في مشيهم سواء في شرق أفريقيا أو في اليمن كانوا يتعرضون لمشكلات جملة وخطيرة مثل السيول والفيضانات التي كانت تقطع الطرق، بل إن الحجاج كانوا يفقدون الطريق الصحيح، فيصلون إلى مكة متأخرين عن موسم الحج، فيضطرون إلى أداء العمرة والرجوع إلى بلدانهم دون أداء الفريضة، على أن المتبع في مثل تلك الحالة مكوث ذلكم الحجيج إلى العام التالي لأداء فريضة الحج دون أن يطمئن أهلهم عليهم في بلدانهم نظرا لانعدام الاتصالات حينذاك[7].
البحث عن الأمان!
نظرًا للمصاعب والمخاطر التي كان يواجهها الحجاج منذ العصور الإسلامية المبكرة؛ فقد تعارف المسلمون على المجيء إلى الحج في جماعات منظمة ومدعومة بفرق عسكرية لتأمين الحجيج؛ كانت أشهر تلك القوافل أو الركائب في الغالب أربعة، ركب الحاج المغربي الذي يضم حجاج المغرب وغرب أفريقيا ويسيرون متحدين أو متفرقين في البر في شمال أفريقيا حتى الوصول إلى القاهرة أو بحرا من المغرب إلى الإسكندرية ومنها إلى القاهرة عبر النيل.
والركب الثاني وهو الأهم والأكبر على مدار العصور الإسلامية وهو ركب الحاج المصري الذي كان أكثر تنظيما وأهمية لأنه في الغالب كان منوطا به حمل كسوة الكعبة المشرفة من مصر إلى مكة المشرفة عبر طريق عُرف على مر التاريخ باسم "درب الحاج المصري"، وظلت عادة المحمل وكسوة الكعبة تخرج من القاهرة حتى خمسينيات القرن العشرين، ومع هذا الركب كان ينضم ركب المغاربة وأهل أفريقيا الغربية.
والركب الثالث وهو ركب الشام الذي ينطلق من دمشق إلى الحجاز وكان ينضم إلى هؤلاء حجاج تركيا والقوقاز والروس والتتار وغيره.
ثم الركب الرابع ركب الحاج البغدادي والخراساني القادمون من وسط آسيا وإيران والعراق،
وثمة ركب للحجاج الهنود الذي كان يأتي بحرا من الهند وجنوب شرق آسيا ويصل إلى ميناء جدة وكان الغالب عليهم تجارة البهارات والمنسوجات وغيرها[8].
رغم ذلك التنظيم لعملية الحج السنوية؛ فإن الحجاج على الدوام كانوا يتعرضون لأكبر خطر هدّد رحلتهم وحياتهم في عالم العصر الوسيط، ذلك الخطر الذي تمثّل في وجود "قُطّاع الطرق" حتى إن تتبعنا لأخبارهم في بطون التاريخ ومصادره ليوحي إلينا أنهم كانوا جماعات منظمة ومدربة لهذه الجرائم المروعة التي ارتكبوها في حق زوّار الله وقُصّاده، ومع هؤلاء سنقف في تقريرنا القادم!
المضحك المبكي انً تري البعض يهاجم اخر الخلافات الاسلاميه و يصدق اَي سب او هدم فيها علي جهل و دون حتي محاوله التأكد - لسبب واحد هو اختلاف دولته سياسيا مع تركيا
الخلافه العثمانية - و التي بشر بأحد فاتحيها الرسول الأعظم نفسه في حديث رواه الإمام احمد في مسنده - لها ما لها و عليها ما عليها حالها كحال الخلافتين الكبيرين الاخريين الامويه و العباسيه و كحال الدويلات الأصغر
لم يكن الأمويين و العباسيين ملاءكه - يكفي الأمويين جرما قتلهم احفاد الرسول و جمع من صحابته
و رغم ذلك لا تسمعهم يسبون الخلافه الامويه او العباسيه
الحقيقه الخلافه الامويه مثل العباسيه مثل العثمانيهً لها ما لها و عليها ما عليها
قاموا باشياء عظيمه و أشياء ليست كذلك
فتحوا البلاد بجهاد ابهر العالم - و قتلوا من المسلمين ظلما و طغيانا
للأسف الكثيرين اصبحوا مثل القطيع تفكيره منحصر في الاتجاه ألذي يشير عليه به من يقود - المضحك ان اتجاه الامس غير اتجاه اليوم و سيختلف عن اتجاه الغد
ثارت عليهم أبنائها تم تدمير خط الحجاز علي يد مجموعه من قبيلة بلي اعتقدمن المناقرة
حتي ان أبناء القبائل تقف بجانب بعض ووحدة بينهم فقد لجاو لقبيلة العجمان
وادخلوهم واعطوهم أسماء قبيلتهم وجوزهم وللان يحملون الأسماء ويعرفون انهم من قبيلة بلي
منهم سفراء في الامارات واعتقد من ابناهم مقدم برنامج الام بي سي علي الغفيلي
كانت هناك اعمال ثوريه ووحداويه بين القبائل للأسف ترك التاريخ والاحداث يحرفها الاجانب
علي هواهم والله اعلم
السؤال هو هل لدى بعض العرب عقدة نقص من عرقهم العربي !؟
لماذا يتغنون بالاتراك ودولتهم العثمانية ويتمنون رجوعها بينما لايتحدثون عن الدولة الأموية العربية أحد أعظم الدول بتاريخ العالم والدولة التي نشرت الاسلام والعدل والخير من الصين حتى فرنسا
كلامك مردود عليك لو تأثرتا بالترك للبسنا البالطو وطرحه كما فعلت زوجة الانقلابي مصطفى اتاتورك بعد ان خلعت زوجته عباتها ونقابها خلو المسلمين التابعين لتركيا العثمانيه
ارجع اقول نحن لسنا متأثرين بالاتراك اترك جيل المسلسلات فهم يتكلمون عن الرومنسيات اللي يكتبها كاتب اوروبي وليس تركي هذا ان ماكان المخرج اوروبي نفس مسلسل ارطغرل بر مخرجين وكتاب اوروبا لهم يد رئيسيه فيه ودليل تغيير الاحداث من باب التشويق
___
نرجع للموضوع من كان يربط رقبتنا بترك هم بني عمومتنا الاشراف هداهم الله لبسونا عمة العار ٤٠٠سنه وفي هالفتره كنا ومازالنا نقاتل الاتراك لدرجة الاشراف اتو بجيش تركي وعربي ليقاتلو بني عمهم كنانه بن مضر في جنوب مكه لاننا لم نخضع للترك
السؤال هو هل لدى بعض العرب عقدة نقص من عرقهم العربي !؟
لماذا يتغنون بالاتراك ودولتهم العثمانية ويتمنون رجوعها بينما لايتحدثون عن الدولة الأموية العربية أحد أعظم الدول بتاريخ العالم والدولة التي نشرت الاسلام والعدل والخير من الصين حتى فرنسا
لم تبدء كخلافه اسلاميه بل قام سليم الاول بتنصيب نفسه خليفه بوجود خليفه مسلم عباسي في مصر وهذا انقلاب وخروج على ولي الامر
ثم ذهب لمصر واقتاد الخليفه الشرعي بالسلاسل والاغلال وتقول لي خليفه او خلافه هيا سلطنه قامة تحت حكم العباسيين حتى محم الفاتح تم تعيينه على تركيا بمرسوم (ومباركه عباسيه) (وفتح القسطنطينه وهو والي عباسي) تأكدو لا يغركم مسلسلات تركيا التي تحذف الجانب العربي العباسي
حتى بيبرس وارسلان كلهم ولاة عباسيين ومبايعين بني عباس الا سليم الاول سارق الخلافه عاق الوالدين قاتل اهله من اجل الملك وانقلب على ابوه من اجل الملك وكل هذا بعد ان هزم من الاوروبيين طلع حرته بالمسلمين وخليفة المسلمين
(والاشراف في مكه كانو يختارون الرجل الخطا عليهم وعلى المناطق التي هم فيها وهم معينيين بشرفهم وليس بعلمهم او كفائتهم)
=لذلك كان الاشراف في مكه يد المستعمرين على رقاب اهل الجزيره لمحة اهل الجزيره لال بيت محمد صلى الله عليه وسلم فقط
والحمدلله جنوب السعوديه رفضو الخضوع للترك او للعبيد (المماليك) او للقرامطه وغيرهم حتى الشمال والشرق ونجد لان الاشراف ماكانو الا حكام مكه والمدينه المنوره حتى هاتين يخرج فيها تمرد على المستعمرين باسم الاشراف