قصة من خيالي

السلام عليكم
كيف حالكم إخواني الكرام
أود طرح هذه المقدمة عليكم و أخذ أرائكم المختلفة فيها
(( هذه المقدمة فقط و القصة ستدور أحداثها عن مواجهات متخيلة بين سلاح الجو السعودي و العراقي من جهة و سلاح الجو الإيراني من جهة ثانية فوق مياه الخليج أثناء حرب القادسية الثانية ))
مقدمة القصة :


اشتعلت الحرب بين العراق و إيران عام 1980 و لا تزال رحاها تدور منذ أربع سنوات و لا يبدو أنها ستنتهي أو تتوقف قريبا , كلنا كعرب و مسلمون وقفنا إلى جانب العراق حكومة و شعبا دون أن نفكر مرتين في الأمر و كانت التعليمات واضحة من أعلى منصب في القيادة السعودية (( دعم الأشقاء في العراق بكل ما يحتاجونه )) لذلك كانت أبوابنا و حدودنا و أجوائنا مفتوحة لكل أنواع البضائع و الشحنات سواء العسكرية أو المدنية على حد سواء

أما دورنا في القوات المسلحة السعودية كان صارما (( حماية حرمة أجواء المملكة و مياهها وأراضيها من أي معتد و بأي ثمن )) و هنا يأتي واجبي كملازم أول طيار في سلاح الجو السعودي السرب 13 الجناح الثاني قاعدة الملك عبد العزيز في الظهران قائد طائرة F15/D , لم يكن وجودي في قاعدة الملك عبد العزيز مجرد فترة أقضيها في الجيش لفترة محددة من حياتي ثم أغادر بل كانت حياتي بذاتها كشاب دخل مرحلة الرجولة في الدفاع عن بلادي و حرمتها خصوصا أنها بلاد الحرمين و ثاني القبلتين و وجهة و قبلة المسلمين جميعا

لم أكن بحاجة إلى مبررات أو أعذار لاتخاذ قرار الانضمام لسلاح الجو في بلادي بل كان الدافع موجودا منذ الصغر لإختيار أفضل صنف رأيت نفسي فيه كجندي في السماء للذود عن هذه الأرض و أهلها و زوارها و كل من أتى إليها

كانت إقامتي في القاعدة مثالية من المأكل و المشرب و الملبس و المنام وممارسة العديد من النشاطات الرياضية و العقلية و طبعا القدرة اللوجستية على دعم و إدامة طائراتنا كانت عالية جدا و لله الحمد و بفضله ثم بفضل حكمة و ذكاء قيادتنا في المملكة العربية السعودية

دوري خلال هذه الفترة بعد تخرجي و استلامِ لطائرتي الخاصة من نوع إف 15 دي هو القيام بدوريات منفردة على طول منطقة جوية فوق مياه الخليج العربي و مقابلة للمياه الإقليمية الإيرانية , هذه المنطقة كانت تعرف لدينا كطيارين بالحد الشرقي عين اليمامة
كانت هذه المنطقة تبعد سواحلنا ب111 كلم و تمتد بخط شمالي غربي بطول يبلغ حوالي 254 كلم

قررت القيادة الجوية إقامة هذه المنطقة قريبة من أجوائنا كي نتمكن من مراقبة و حماية أجوائنا فوق مياه الخليج تحت شعار ردع الخطر خارجيا , أي عدم إنتظار الخطر أي كان ليدخل إلى أجوائنا أو مياهنا بل التصدي له و هو خارجها , هذه السياسة لم تعجب الحاكم في إيران بل تسببت له في ضيق كبير و طبعا رحبت القيادة العراقية بهذا الإجراء و رأته كسند و أداة ضغط على إيران في حربها هذه ضده , كان هناك العديد من النواحي الإيجابية لعملية المراقبة هذه منها كشف و إستطلاع مسافات و مساحات ليست بالصغيرة على طول حدودنا البحرية الجوية مع إيران و أيضا مراقبة العديد من السفن التي تنقل بضائع و مؤمن مختلفة ليس فقط للعراق بل لمختلف دول الخليج و العالم كذلك لأن الكثير منها كان ينقل بضائع مختلفة من دول الخليج و العراق نحو باقي العالمي و أهم بضاعة من هذه البضائع كان النفط الذي يلعب دورا محوريا ليس فقط في هذه الحرب بل أيضا في إقتصاد المنطقة و العالم و يشكل ركيزة أساسية في محور الطاقة العالمي الذي يحدد توازن ميزان القوى العالمية بين الشرق و الغرب

كنا كطيارين مدركين لهذه الأمور و أهميتها لذلك كان واجبنا يحمل بُعدا وطنياً و عربياً و كذلك عالميا و لم نكن نتهاون أو نتقاعس عن تأدية اي دور أو تنفيذ أي تحرك مهما كان صغيرا أو كبيرا

اليوم الإثنين هو 1 ذو القعدة 1405 هجري الموافق ل 1 حُزيران 1984 ميلادي وكان اليوم دوري للقيام بدورية انفرادية على طول الحد الشرقي و طبعا لن أكون لوحدي بل سوف أكون مدعوم بتوجيه و كشف و متابعة من مجموعة من الرادارات الأرضية بعيدة المدى و كذلك التواصل مع الطائرات الحربية من نفس النوع و التي تحلق على مسافات أبعد و أيضا التواصل مع السفن الحربية السعودية فوق سطح الماء , بهذه الطريقة نقوم بتوجيه العدد المطلوب من المقاتلات لتغطية أكبر مساحة ممكنة دون لفت إنتباه إيران أو إعطائها أي ذريعة لجر بلادنا نحو حرب مباشرة معها و طبعا إذا ما حصل شيء لا سامح الله فكل واحد منها أكثر من كفئ للقيام بواجبه و أيضا هناك دعم جوي و بحري كامل على إستعداد للمساعدة و النجدة من سهم واحد إلى برج عزم أطلب الإذن بالإقلاع من المدرج الثاني

من برج عزم إلى سهم واحد لديك الإذن بالإقلاع من المدرج الثاني , السماء صافية ولا طيور في الجو , بالتوفيق
سهم واحد : عُلم ذلك وجاري الإقلاع و أشكرك على الدعاء

بدء هدير محركات الإف 15 يرتفع أكثر فأكثر إلى أن وصل إلى درجة يصم فيها الأذان و لكن كان هناك صفير مميز للمحرك النفاث لا يقدره سوى من يعمل في مجال الطيران و يعشقه , بدأ ت الطائرة الضخمة تتحرك رويدا رويدا على المدرج البالغ طوله 3 كلم و تسعين متراً و في وقت لا يذكر بدأت النسر الحديدي يعلو في الهواء مرتفعا في سماء الظهران إلى أن وصل إلى الإرتفاع المنشود ثم و بكبسة زر واحدة ضم الملازم سند العليان عجال طائرته إلى داخل البدن و أغلق الهيكل الخارجي عليهما مما منح الطائرة شكلها المهيب الإنسيابي دون أي شائبة , كانت وحشا يحلق بهيبة نحو الأعالي

ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد بلغت إرتفاع 20 ألف قدم و سوف أبدأ الآن في الدوران نحو إتجاه الشرق سالكا الممر الجوي المحايد

(( تسمية لممر في الجو يمكن للطائرات الحربية السعودية المنطلقة و الهابطة نحو قاعدة الملك عبد العزيز أن تسلكه دون الدخول في أجواء مملكة البحرين ))

برج القيادة في قاعدة الملك عبد العزيز الجوية : من برج عزم إلى سهم واحد تم تلقي الإبلاغ و نحن نراقب تقدمك و السماء خالية أمامك أكرر السماء خالية أمامك استمر على بركة الله

ملازم أول سند : عُلم و بارك الله فيك على الدعاء

غير الملازم أول سند إتجاه طائرته نحو الممر الجوي و لقصر المسافة بين قاعدة الظهران و حدود مملكة البحرين فقد وصل إلى وجهته في وقت قصير و بعدها مرت دقائق معدودة وصل بعدها إلى المنطقة المعهود له بحراستها

ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد وصلت إلى الحد الشرقي عين اليمام سوف أرتفع لعلو 37 ألف قدم حسب الخطة ثم سوف اتجه شمالا حتى أبلغ نقطة الالتفاف الأولى

برج المراقبة : سهم واحد تلقينا بلاغك و باشر الصعود حسب التعليمات ثم تابع نحو نقطة الالتفاف الأولى , السماء خالية في مجالك الجوي حتى الأن لكنك سوف تلتقي مع صقر خمسة عند نقطة الالتفاف لذا يرجى العلم

ملازم أول سند : عُلم ذلك و جاري التنفيذ , سهم واحد انتهى

(( صقر خمسة هي طائرة إف 15 أخرى تابعة للسرب الثالث عشر من نفس الجناح الثاني متمركزة في القاعدة الجوية المتقدمة في حفر الباطن لغرض توفير مظلة جوية من نفس أنواع الطائرات ))

زاد الملازم أول سند من سرعة طائراته وهو يتسلق إلى الإرتفاع المطلوب و بعد وقت قصير بلغ الحد الشرقي و المرمز بعين اليمامة و هذا التعبير يرمز لأمرين الأول هو المنطقة الحدودية الفاصلة بين الأجواء و المياه الإقليمية للمملكة السعودية بطولها البالغ 254 كلم تقريبا و بين المياه و الأجواء الدولية في الخليج العربي و كلمة عين اليمامة ترمز إلى المنطقة التي تمثل نصف هذه المساحة و البالغ طولها 127 كلم تقريبا وهي المنطقة المسؤولة من السرب الخامس في قاعدة الظهران بينما المنطقة الثانية تسمى بالحد الشرقي عين نجد و تمتد هذه المنطقة من الحدود البحرية والجوية من دولة الكويت نزولا بنفس المسافة في مياه الخليج و مقابلة لمنطقة رأس الزور على الساحل , طريقة تسيير الدوريات الجوية بهذه الطريقة تسمح بنشر عدد مناسب من المقاتلات مع وضع فوارق زمنية و مساحية بينها يوفر قدرة أكبر على الكشف و إعتراض الأهداف المعادية ناهيك عن مراقبة الوضع من مسافة بعيدة بواسطة مجموعة رادارات من نوع AN/FPS-117 وهذا الرادار من الجيل الثالث، يعمل بتقنية الرصد ثلاثي الأبعاد (3D) , و يتميز بقدرة عالية على كشف وتتبع الأهداف الجوية بما في ذلك الطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض، وله مدى بعيد يصل إلى مئات الكيلومترات و أيضا رادار AN/TPS-43 و هو من النوع التكتيكي المتحرك ثلاثي الأبعاد أيضًا وويُستخدم للمراقبة الجوية على المدى البعيد والمتوسط , هذه الرادارات جزءًا من مشروع "درع السلام" (Peace Shield) الذي كان يهدف إلى إنشاء شبكة دفاع جوي متكاملة تربط الرادارات الأرضية مع الطائرات المقاتلة ناهيك عن السفن الحربية السعودية المنتشرة في المياه الإقليمية و قدرتها على الرصد و المتابعة

بمعنى أخر كان الوضع تحت السيطرة بشكل كامل و لا يمكن أن يخفى شيء على سلاح الجو السعودي ولا عن سلاح البحر
ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد وصلت منطقة الحد الشرقي عين اليمامة و أنا على الارتفاع المطلوب و المسار الصحيح , سوف أبدأ بتنفيذ عملية المراقبة و الحراسة حسب الخطة

برج عزم : سهم واحد نسمعك بوضوح , باشر في تنفيذ واجب المراقبة و الحراسة حسب الخطة , لقد أصبحت ضمن مدى رؤية عين الأبرار و مجالك الجوي خالي من الأهداف المعادية , خذ حذرك فهناك رسائل جوية عديدة قد تظهر في المنطقة

ملازم أول سند : عُلم ذلك وجاري العمل بالمعلومة إنتهى

(( عين الأبرار هو الرمز الخاص برادار AN/FPS-117 البعيد المدى ))

ملازم أول سند يكلم نفسه : الحمد لله الذي أنعم علي بهذه النعمة و القدرة على الطيران من بين العديد من أقراني و أبناء جيلي , إنه شرف عظيم و كذلك شعور لا يوصف , أبلغ الخامسة و العشرين من عمري و ها أنا أحلق بأحدث و أقوى طائرة في العالم إمتلكتها دولة عربية في وقتنا الحاضر , السرعة و القوة و التقنية العالية و السماء العالية بلا حدود و زرقتها و مياه الخليج الصافية و الأمواج القريبة من الساحل , كل هذا لا يمكن أن يكون أي منظر في العالم بديل له أو حتى يوازيه , أنا سعيد جدا لأني هنا و الأن علي التركيز على مهمتي فلدي خمس ساعات من الطيران

بدأ الملازم سند بتتبع بروتوكولات دورية الحراسة وهو يتكلم بصوت مسموع من أجل التسجيل الصوتي للرحلة

ملازم أول سند : سوف أبدأ في تفعيل بروتوكولات دورية الحراسة أولا سوف أصعد إلى إرتفاع
40 ألف قدم (12,192 مترًا) , هذا الإرتفاع يمنحني أفضلية تكتيكية و يزيد من مدى كشف الرادار و يقلل من تأثير الهواء الساخن على أداء الطائرة و يمنحني قدرة أكبر على التعامل مع الأهداف الجوية المعادية

ثانيا سوف أقوم بزيادة سرعة الطائرة لتصل إلى 0.9 ماخ (1102 كم/ساعة). هذه السرعة مثالية للدوريات الجوية لأنها تتيح لي تغطية مساحة واسعة بسرعة معقولة، وتوفر مرونة كافية لزيادة السرعة في حالة الحاجة إلى اعتراض أي هدف معادي قد يظهر ضمن مجالي الجوي

ثالثا علي وضع نظام السيطرة على الأسلحة في حالة الإستعداد (Standby) ثم علي التأكد من جاهزية صواريخ AIM-120 AMRAAM جو-جو و إبقاء نظام المدفع الرشاش M61 Vulcan
في حالة تأهب للتعامل مع أي تهديد قريب

رابعا وهي الخطوة الأخيرة تحويل تردد الرادار APG-70 إلى وضع البحث الجوي بعيد المدى , هذا الإعداد يمكنني من توسيع نطاق المراقبة الجوية مما يضمن لي كشف الأهداف و التهديدات الجوية من مسافة بعيدة و الحصول على الوقت الكافي للتعامل معها كما سوف أفعل خاصية التردد المتغير لتجنب التشويش الإلكتروني

إنتهيت من إتباع بروتوكولات الحراسة الجوية , من سهم واحد إلى برج عزم لقد إنتهيت من إعداد بروتوكولات الحراسة الجوية وأنا الآن ضمن خط التحليق المخصص لي , لقد بدأت دوريتي

برج المراقبة : من برج العزم إلى سهم واحد عُلم و الأجواء أمامك خالية لحد الآن من أي هدف جوي , إنتهى

تابع سند تحليقه بطائرته و الشعور بالسعادة يغمره بين الحين و الأخر و كأنه فتى صغير و لم يستطع كتم هذا الشعور داخله كثيرا إذ كان يبتسم و يضحك ضحكة خفيفة بين الحين و الأخر و يحمد الله على ما هو فيه
 
تكملت القصة
بعد مرور ساعة و 13 دقيقة تم إبلاغ الملازم سند بالتالي



برج المراقبة : هنا برج عزم كيف تسمعني يا سهم واحد



الملازم سند : أسمعك بوضوح يا برج عزم



برج المراقبة : هناك سفينة شحن إيرانية محملة بالنفط تقترب من منطقة مسؤوليتك من إتجاه الشرق , السفينة تحمل علم جنوب أفريقيا كتمويه , السفينة مملوكة للحكومة الإيرانية و باطقم إيراني كامل , تم رصد السفينة و التعرف عليها من قبل الدوريات البحرية العميقة و طبعا تم الإبتعاد عنها بمجرد تأكيد منشأها و بحسب معلومات الإستخبارات فإن هذه السفينة تنقل شحنات غير محددة الكمية من النفط و مشتقات أخرى



الملازم أول سند بعد أن حول وضع رادار طائرته إلى وضع الكشف الأرضي : نعم أرى السفينة على شاشة راداري , إنها تبعد عن موقعي حوالي 167 كلم



برج المراقبة : نريد منك أن تقترب منها مع محافظتك على الإرتفاع



ملازم أول سند و هو يستدير بطائرته نحو مكان السفينة : عُلم و جاري الإقتراب من الهدف مع المحافظة على الإرتفاع



بعد دقائق قليلة وصل الملازم سند إلى النقطة المنشودة و تواصل مع برج القيادة



ملازم سند : من سهم واحد إلى برج عزم , لقد بلغت النقطة المنشودة و أرى الناقلة بوضوح على شاشة الرادار



برج المراقبة : اهبط إلى ارتفاع 20 ألف قدم و قم بالدوران خارجيا الناقلة و مراقبة الأجواء من حولها مع الحفاظ على مسافة تمكنك من رؤيتها بصريا



ملازم أول سند : عُلم و جاري التنفيذ



بدأ ملازم أول سند في تنفيذ التعليمات الجديدة و هو يفكر و يقول في نفسه : لماذا علي أن أقترب من الناقلة لحد يسمح لي برؤيتها بعيني و لماذا أمرت بالاقتراب منها على هذا الإرتفاع أصلا ؟؟



يصل الملازم إلى النقطة التي أُمر أن يحلق فيها و يتواصل مع برج المراقبة

ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد وصلت إلى المكان و الإرتفاع المحددين , يمكنني رؤية الناقلة الإيرانية بوضوح , سوف أبدأ في الحوم حولها خارجيا



برج المراقبة : هل هناك أي أهداف بحرية في المنطقة



ملازم أول سند بعد أن ألقى نظرة سريعة على شاشة الرادار : لا .. لا يوجد أي أهداف بحرية على شاشة الرادار



برج المراقبة : حسنا يمكنك إعادة رادارك إلى وضع الكشف الجوي و مواصلة الدورية حول الناقلة حتى إشعار آخر

ملازم أول سند : عُلم و جاري التنفيذ



حام الملازم سند بطائرته لبعض الوقت حول الناقلة الإيرانية و قد بدأ يشعر ببعض الملل و لم يفهم لحد الأن الغرض من وجوده حول ناقلة نفط إيرانية متخفية و تفعيل وضع الرادار الجوي و لكن تساؤلاته ما لبثت أن أُجيب عليها



ملازم أول سند بصوت متحفز : من سهم واحد إلى برج العزم هناك طائرتين مجهولتين تقتربان من محيط الناقلة , إنهما على بعد 190 كلم و إرتفاع 5000 قدم , إنهم قادمون بسرعة



برج المراقبة بصوت هادئ : لا تقلق يا سهم واحد إنهما طائرتان صديقتان



ملازم أول سند بصوت مرتبك و قد أعاد النظر إلى شاشة الرادار : ماذا !! … هنا سهم واحد إلى برج العزم .. هناك هدفان جويان قادمان بسرعة على إرتفاع منخفض يتجهان نحو محيط الناقلة , إنهما مجهولان أكرر إنهما مجهولان



صوت مألوف و بنبرة واضحة و واثقة عبر جهاز اللاسلكي : سهم واحد إهدأ هاتان طائرتان صديقتان تقتربان من محيطك الجوي و هما يعلمان بوجودك .. لا تعترض طريقهما أكرر لا تعترض طريقهما



تفاجئ الملازم سند من سماع هذا الصوت الذي يعرفه حق المعرفة على موجة برج المراقبة و بما أنه لم يعرف عن نفسه فلا يستطيع سند أن يناديه حتى بإسمه الرمزي



ملازم أول سند و الحيرة على وجهه : من سهم واحد إلى برج عزم , تلقيت المعلومة و سوف أنفذ الأمر لكن الهدفين الجويين لا تظهر إشارات IFF الخاصة بهما على راداري .. أكرر لا تظهر إشارات التعريف على راداري



نفس الصوت من برج المراقبة : نعلم ذلك يا سهم واحد , الهدفين يعلمان بوجودك و هما صديقان اكرر الهدفين صديقين فتعامل معهما على هذا الأساس , عليك الأن أن تبتعد لمسافة 5 كلم عن الناقلة و أن تبطئ سرعتك , سنحتاج منك أن تكون ضمن مدى المراقبة القريب و الاستعداد إذا ما حصل شيء , سوف نبلغك بالمزيد من التعليمات في وقتها انتهى



بالرغم من الحيرة و الارتباك اللذان كان يشعر بهما ملازم سند إلا أنه نفذ التعليمات بحذافيرها ليس فقط لأنها قادمة من القيادة بل لأنه يعرف صاحب هذا الصوت و يعلم مدى صلاحياته الواسعة , لم تمضي سوى 7 دقائق بالضبط بعد أن خففت الطائرتان المجهولتان من سرعتهما بشكل ملحوظ و قاما بتعديل أخير للمسار و هنا رأى الملازم الشاب أول هجوم حقيقي بعينيه ثانية بثانية و لحظة بلحظة و كأنه شريط فيلم سينمائي حربي يُعرض عليه و لكن ليس في صالة سينما .. بل في عقله مباشرة



ملازم أول سند و هو مذهول و بصوت مرتفع : من سهم واحد إلى برج عزم من سهم واحد إلى برج عزم لقد أطلق الهدفان صاروخين نحو الناقلة أكرر أطلق الهدفان صاروخين نحو الناقلة



نفس الصوت الواثق و بنبرة قوية أمرة : تمالك نفسك يا سهم واحد و إبقا مراقبا بحذر لكل شيء



بقي الملازم سند مشدودا و هو تارة يراقب شاشة الرادار الخاص بطائرته و هو يتعقب مسار

و سرعة الصاروخين الذين كانا يشقان الجو كاسيفين في الهواء و تارة أخرى ينظر إلى ناقلة النفط الإيرانية و التي يظن أنها كانت تجهل تماما ما هو قادم نحوها



مضت ثلاث دقائق و40 ثانية بالضبط حتى دوى انفجارين متعاقبين في سماء البحر و وصل صوتهما إلى أسماع الملازم داخل طائرته و ما لبث أن إنفجرت كتلة كبيرة من النار ممزوجة بدخان أسود كثيف سرعان ما تحول إلى سحابة مشتعلة تتسلق السماء و كأنها كائن حي تحرر من سجنه



بقي الملازم مذهولا مما رأى و يكاد لا يصدق عينيه و لكن الأمر لم ينتهي عند هذا الحد بل ما لبثت الطائرتان أن وصلتا إلى النقطة التي فيها الناقة و خففا من سرعتيهما و إبتعدا عن بعضهما البعض بحركة رشيقة و كأنهما يؤديان حركة النصر و هنا إنتبه سند إلى نوع الطائرتين و صرخ دون وعي



ملازم أول سند : إنهما طائرتا ميراج إف واحد , إنهما طائرتان عراقيتان ؟؟



عاد الصوت الواثق و لكن بنبرة هادئة هذه المرة : نعم يا سمهم واحد هاتان طائرتان عراقيتان و ليس لنا الحق في التدخل في ما يجري فهذا شأن خارجي بين دولتين متحاربتين و لا يسعنا سوى المراقبة



هنا عاد للملازم سنده رشده و بدأ وعيه يعمل من جديد إذ فهم من كلام الصوت القادم عبر جهاز اللاسلكي أنه أرسل هنا خصيصا لمراقبة و تسجيل عملية الهجوم بواسطة راداره الجوي و أن التسجيل الصوتي يمكن أن يستعمل كدليل لمصلحة المملكة إذا لزمة الحاجة



ملازم أول سند بصوت قل إنفعاله و لكنه يزال يقضا : عُلم ذلك يا برج العزم , المراقبة من بعيد لا تزال مستمرة



بعد أن عبر الطيارين العراقيين من فوق ناقة النفط المشتعلة قاما بالارتفاع عاليا ثم الإلتفاف مرة أخرى نحوها و بطريقة الغطس نحو الهدف بزاوية مائلة شبه حادة و قد بدأت السفينة الضخمة تفقد اتجاهها بشكل ملحوظ



أُعجب الملازم سند برشاقة طائرات الميراج خصوصًا أنه كان يقودها طيارين عراقيين بمهارة عالية وتنسيق كبير و ما أن إقتربت الطائرتان لمسافة كافية حتى ألقت كل واحد منهما قنبلتين على سطح الناقلة مستهدفين عنابر شحن الوقود التي لم تصبها الصواريخ و قبل أن تصطدم القنابل بهدفها إرتفع الطيارين بسرعة و تفرقا مطبقين حركة المقص المفتوح

( حركة المقص المفتوح هي تكتيك جوي يستعمل لتفرق الطائرتين عن بعضهما بسرعة كل في إتجاه مختلف عن الأخر و لكن بنفس الإرتفاع )

ذُهل الملازم سند مرة اخرى من هذه الحركة الجريئة خصوصا من مسافة قريبة و خطرة كهذه و من تصميم الطيارين العراقين على تدمير الناقلة تماما مع العلم أنها جنحت و خرجت من الخدمة كما يقال لكن لا , كان الإصرار العراقي واضحا في تدمير كل شيء تملكه إيران و قد يستخدم ضد العراق و كل شيء تطاله أيدي و أذرع القوات العراقية دون استثناء و دون رحمة



بلع الملازم الشاب ريقه ثم قال بصوت هادئ : هنا سهم واحد , لقد إستدارت الطائرتان نحو الناقلة و ألقت كل منهما قنبلتين عليها و تفرقا بحركة المقص المفتوح … اشتعلت النيران في أقسام جديدة في الناقلة بعد إنفجارات كبيرة و تصاعد سحب من ألسنة نار و دخان كثيف .. الناقلة تغرق و لا أرى أي زوارق نجاة أو سترات لطاقم السفينة , سهم واحد إنتها



الصوت الواثق عبر جهاز اللاسلكي : هنا برج العزم بارك الله فيك يا سهم واحد يمكنك العودة إلى القاعدة الأن فقد أديت مهمتك بنجاح كبير , ننتظر عودتك سالما



الملازم أول سند بصوت شارد : عُلم يا برج عزم … جاري العودة إلى القاعدة إنتهى



نهاية الفصل الأول



الفصل الثاني

جناح الليل​

بعد عودة الملازم أول سند إلى القاعدة و تهنئته من قبل زملائه بنجاح مهمته الأولى و أن كان أول من يشهد منهم على عملية عسكرية في الخليج و كان من بين المهنئين له المقدم عبد الله علي الغانم و هو قائد سرب العمليات الجوية في قاعدة الظهران و الأهم من ذلك أنه شخصية عسكرية معروفة في الفرع الجوي للجيش السعودي فا في الحقيقة المقدم كان من صقور الجو السعوديين الذين شاركو في حرب أكتوبر لتحرير قناة السويس و شبه جزيرة سيناء و قد كان طيار لمقاتلة هوكر هنتر المعروفة , في هذه الحرب كان المقدم عبد الله من الطيارين الذين قدمو الغطاء الجوي للقوات البرية أثناء عبورها لقناة السويس مما جعله شاهدا مباشرا على شراسة القتال و تضحيات الجنود

قام الملازم عبد الله علي الغانم حينها ب20 طلعة جوية شملت مهمام للإسناد القريب و مهام مهاجمة أهداف برية تمكن من خلالها من تدمير 10 دبابات و 6 مدرعات و كذلك تدمير دشم لجنود المشاة بعدد 12 و مواقع للمدفعية بعدد يزيد عن ال7 , كما قام بالإشتباك مع طائرة من نوع سكاي هوك و إسقاطها و كان السبب في إصابة طائرة فانتوم إف 4 و إجبارها على الإنسحاب من سماء المعركة أثناء الإشتباك مع طائرة مصرية من نوع ميج 21 , هذه التجربة القاسية هي التي صقلت شخصيته و جعلته يدرك المعنى الحقيقي للحرب , صرامته المفرطة ليست مجرد طبيعة شخصية بل هي نتاج سنوات من العمليات الجوية التي لا مكان للخطأ فيها و بالنسبة له كل تفصيل في التدريب و البروتوكولات هو درس مستفاد من معركة



و لهاذ السبب يرى في الملازم سند ليس مجرد طيار موهوب , بل طيار يحتاج إلى صقل حقيقي قبل أن يواجه واقع المعارك الجوية



المقدم عبد الله علي الغانم واقفا أمام الملازم أول سند بثقة و شعور بالرضا : أحسنت العمل يا ملازم أول , لقد إتبعت التعليمات دون أسألة كثيرة

الملازم أول سند و هو يؤدي التحية العسكرية : أشكرك على الإطراء يا سيدي , لقد إتبعت التعليمات ليس إلا



المقدم عبد الله وهو يرد التحية و يُنزل يده : إستريح ايها الملازم , بالرغم من عملك الجيد أرجو أن تطيع الأوامر في المرة المقبلة دون أسألة كثيرة



الملازم أول سند : حاضر سيدي



المقدم عبد الله :سِر معي قليلا يا ملازم

الملازم سند : حاضر سيدي



يسير المقدم و على يمينه الملازم متجهين نحو حضيرة الطائرات حيث تقبع بعضها متأهبة لأي واجب أو مهمة و يقف المقدم في الظل و يطلب من الملازم الدخول إلى ظل الحضيرة كذلك



المقدم عبد الله بصوت هادئ : ملازم أول سند , ما قمت به اليوم نال رضاي و نال إستحسان أمر القاعدة و هو السيد العميد فهد بن راشد السديري , نعم مهمتك لم تكن بتلك الصعوبة و لكن ثباتك و إطاعتك للأوامر بسرعة أعطت إنطباعا جيدا لدى السيد العميد و هذا ما فتح لي الباب اليوم لمناقشة أمر معه , أنظر يا بني لا شك لدي أنك شاب موهوب و تمتلك المهارات المطلوبة و العزيمة لترتقي في السلك العسكري و لكنك ستحتاج إلى أن تثبت نفسك لنفسك و لغيرك ليس فقط لقادتك بل حتى لزملائك و من يعرف ربما ستكون في يوم من الأيام مثال يُقتدى به , و لكن السؤال هل أنت مستعد هل ترغب في أن تتقدم في مهنتك العسكرية بشكل اسرع من زملائك



نظر سند إلى وجه المقدم وهو مندهش من هذا العرض و لكنه قبله بسرعة قائلا : طبعا يا سيدي أرغب في ذلك و أنا على إستعداد لإثبات نفسي للجميع

المقدم عبد الله مبتسما : حسنا يا فتا كنت أمل أن تقول ذلك لأنني قد رشحتك إلى مهمة طيران و مراقبة ليلية و بعد أخذ موافقة السيد العميد كنت سأكره أن أخبرك بهذا التغير كأمر عسكري مُلزم , سوف يتم تحويل مهمامك من نهارية إلى ليلة و سوف تبدأ تدريبك اليوم بعد المساء في تمام الساعة 2100 على إستعمال حاوية مخصصة لجهاز رؤية و تسديد بصري خاص سيمكنك من إنجاز مهمتك , اليوم سوف يتم إطلاعك على مواصفات الحاوية و الجهاز البصري و كيفية تشغيله و العمل عليه بشكل نظري في القاعة الثالثة لمبنى تدريب الطيارين و غدا سوف تبدأ دروسك العملية في حضيرة مخصصة لك وحدك, إنها الحضيرة 51 و كدت أن أنسا سوف تكون أول طيار سعودي مقاتل يستعمل هذه الحاوية و كذلك نظارات ليلة خاصة , تهانينا يا بني سوف تدخل تاريخ القوة الجوية السعودية من باب مهم و لكن الأهم أن لا تخرج منه بشكل مخزي أو بتأنيب ضمير بحيث أنك كان بإمكانك فعل شيء و لم تفعله أو أخطأت التقدير

( الساعة 2100 تعني الساعة التاسعة مساء بالمصطلاحات العسكرية )



بقي الملازم أول سند واقفا مذهولا بكل هذه التطورات التي لم يكن يحلم بها في السنة الأولى له كطيار مقاتل و لكن ها هي قد حصلت



المقدم عبد الله : هذا كل شيء يا ملازم يمكنك الإنصراف الأن و تهئية نفسك للمهمة القادمة

إستفاق الملازم من ذهولة و أدا التحية بحماس قائلا : اشكرك يا سيدي على هذه الثقة و إن شاء الله لن أخيب ضنك و هنا إقترب المقدم و همس في أذن الملازم بحزم

المقدم : أرجو أن لا تفعل ذلك لمصلحتك

إستمر تفاجئ الملازم سند من شخصية المقدم عبد الله وهو الذي ظن أنه يعرفه بشكل جيد لأنه مسؤوله المباشر و لكن لا يبدو أن المقدم لديه الكثير ليظهره لطياريه مع مرور الوقت فكلما ظن أحد منهم أنه يعرفه حق المعرفة يتفاجئ بأنه كل البُعد عن ذلك



ذهب الملازم أول سند إلى غرفته في قسم الطيارين و خلع ملابسه العسكرية و أستحم بماء شبه بارد مما نشطه و أزال جزء من تعب الرحلة عن كاهل جسده ثم إرتدى الملابس المخصصة لفترة الإستراحة خصوصا أنه ليس على جدول طياري الإستعداد أو المدرجة اسمائهم من ضمن تشكيلات الإحتياط لهذا اليوم , نعم هذا اليوم يمكنه أن يستريح و أن يستمتع بوقته حتى يحين وقت الدرس النظري , قال سند في نفسه لدي فسحة جيدة من الوقت لأستغلها كي أصفي ذهني



خرج الملازم من غرفته و توجه صوب قاعة الإستراحة حيث يقدم الطعام و المشروبات الغازية الباردة و كذلك بعض المُرطبات بنكهات مختلفة , جلس سند على أحد الطاولات بعد أن أخذ كوب من المرطبات بنكهة الفراولة و التي كانت المفضلة لديه أكثر من نكهة الفانيلا أو الحليب بالشوكلاتة و أخذ يتناولها بملعقة خشبية صغيرة وهو يتأمل عبر نافذة كبيرة الأفق الذي يُطل على الصحراء , شرد سند بذهنه قليلا و تذكر أيامه الأولى في كلية الملك فيصل الجوية و ما هي التحديات الجسدية و الذهنية التي كان عليه التعامل معها و إجتيازها و في نفس الوقت تذكر الأوقات الجيدة و السعيدة مع زملائه و نظرة السعادة على وجوه المدربين حينما ينجح الطلاب في إجتياز التدريبات و المهمات المختلفة , لقد عبر هذه المرحلة و الأن هو طيار مقاتل لديه طائرته الخاصة و هو جزء من السرب الجوي ال13 في واحدة من أهم القواعد الجوية في المنطقة التي تمر بتحديات جديدة و خطيرة أحد اشكالها الحرب الدائرة عبر مياه الخليج و التي شهد جزء صغيرا منها و ظهر فيه جدية الصراع و عدم الرحمة بين الطرفين خصوصا أنه سمع العديد من الكلام و شاهد العديد من التقارير عن ما يجري في الجبهة بين العراق و إيران و أن ما رأه اليوم لا يشكل 1% مما يحصل في الحقيقة

الأن هو طيار ذو مسؤولية و مسؤوليته قد بدأت للتو و عليه تطيور مهاراته بشكل مستمر و أن لا يكتفي بما وصل إليه بل يجب أن يتطلع للمستقبل الذي بدا يتشكل في ذهنه و كأنه مجموعة من الأحداث و رؤى تلمع أمام ناظريه على طريق من رمال الصحراء , الصور و الوجوه و الأصوات كلها كانت مجتمع و تعبر بسرعة كبيرة أمامه , منها من يعرفه و منها من يتذكره و منها ما هو غامض ويراه لأول مرة , بدا المستقبل الذي يراه سند طريق بلا نهاية كما هو حال تحليقه بالطائرة , تحليق بلا حدود و لا مدى معروف , حدودك و مادك هو كل ما تستطيع الوصول إليه , هو مد بصرك و قدر ما تحمله من شغف في روحك



هذه الكلمات التي سمعها الملازم سند في رأسه و مخيلته و كأنها صادرة من شخص ما يعرفه حق المعرفة كانت كالشرارة التي أيقضت روحه مرة أخرى و غذت بصيرته , لا يزال الطريق في بدايته و الهدف لم يكتمل بعد



أنها الملازم الشاب تناول كأس المرطبات ثم غادر إلى المكتبة المخصصة للطيارين و هناك طلب الحصول على كتاب فيه مصادر عن معدات و أجهزة الرؤية البصرية للطائرات المقاتلة خصوصا الإف 15 ( هذه الكتب و حتى المجلات تكون متوفرة في الجيوش المحترفة و التي تهتم بتطوير معرفة و معلومات جنودها و ضباطها بشكل مستمر في شتى المجالات )



بعد أن حصل الملازم على كتابين مخصصين لهذه المواضيع أعطاه الضابط المسؤول مجموعة مجلات عسكرية أمريكية و إنجليزية تحتوي على ما كان يبحث عنه و نصحه بأخذ وقته في قرائتها و أنه إذا أراد أن يستعيرها و يقرأها في مهجعه لبضعة أيام فعليه فقط أن يخبره بذلك كي يسجل إسمه في دفترملاحظات إستعارة المصادر



شكر سند الضابط المسؤول عن المكتبة و حمل الكتب و المجلات و وجد طاولة منزوية إستعملها كرُكن صغير للبحث و قرائة التقارير و المعلومات التي يحتاجها , مضت الساعات بهدوء و لكن بسرعة لدرجة أن الملازم الذي كان منهمك بالإطلاع و القرائة و كتابة الملاحظات لم ينتبه إلى دنو قرص الشمس من الأفق لولا أنه لاحظ أن مجموعة الأضواء في المكتبة قد أضيئة بالكامل و هنا رفع رأسه و إنتبه أنه قضى الكثير من الوقت و ما كان منه إلا أن نهض مسرعا و معه كل الكتب و المجلات و توجه إلى مكتب الضابط المسؤول و طلب منه إستعارة كل ما يحمل و أنه سوف يعيدها خلال يومين بالضبط فتبسم الضابط و قال له أنه يمكنه الإنصراف الأن و سوف يسجل إسمه في دفتر الملاحظات , شكر سند الضابط المسؤول و غادر مُسرعا نحو غرفته و بمجرد وصوله وضع الكتب في رف صغير على الحائط مع وضع أوراق صغيرة كعلامات فارقة بين صفحات الكتب و المجلات كي يعود إلى نفس الصفحات في وقت لاحق



ملازم سند : سوف أتوضئ ثم اصلي المغرب جماعة مع زملائي في جامع القاعدة و بعدها سوف أنام لبعض الوقت كي أحصل على بعض الراحة و أكون جاهزا و بعوي نشيط لبدأ التدريب عند الساعة التاسعة مسائا



إنتها الملازم من صلاته و عاد إلى غرفته و نام على فراشه محاولا إن ينال أكبر قسط من الراحة و أن يصفي عقله من جميع الأفكار , مرت الساعات القليلة بهدوء ثم إستيقض الملازم على صوت المنبه الذي كان قد وضعه على الوقت المحدد الذي يُريده ثم غسل وجه ببعض الماء البارد كي يتنشط تماما و بعدها إرتدى زيه العسكري و خرج نحو نقط إنتظار الحافلة الأقرب إلى مهجعه و إنتظر قليلا ثم أتت الحافلة المطلوبة و صعد فيها و لم تستغرق رحلته هذه سوا دقائق قليلة حتى وصل إلى القسم الذي فيه الحضيرة 51 غرب القاعدة , سار الملازم نحو الحضيرة و لكنه وجد على مسافة منها مفرزة أمنية للشرطة العسكرية التابعين للقاعدة و لكنه تابع التقدم نحوهم إلا أن أوقفه ضابط المفرزة و سأله عن الغرض من وجوده هنا فقال له الملازم أنه لديه موعد للتدريب هنا في هذا القسم فطلب الضابط هوية الملازم و بعد أن أخذها ذهب إلى كُشك صغير فيه هاتف و بينما كان الضابط يستعلم عن هوية الملازم سند لفت إنتباه الملازم جدية وجوه عناصر المفرزة الأمنية و أنهم جميعا يحملون رشاشات إم 16 بمخازن رصاص مركبة فيها أي بمعنى أنهم مستعدون لإطلاق النار إذا دعت الحاجة و أفراد الشرطة العسكرية لا يمزحون و ليس من الصواب العبث معهم , شعر الملازم سند أن الأمر في غاية الجدية , أنها ضابط المفرزة المكالمة الهاتفية و عاد إلى الملازم و ناوله هويته العسكرية قائلا



ضابط المفرزة الأمنية : تفضل هويتك يا ملازم أول سند , أنت في المكان الصحيح و سوف تأتي سيارة عسكرية لتقلك إلى وجهتك بعد قليل



ملازم أول سند : يمكنني المشي محو الحضيرة فأنا اعرف مكانها

ضابط المفرزة بإبتسامة مهذبة و لكن بصوت جاد : أنا أسف يا ملازم سند التعليمات تنص على أن تنتظر سيارة المرافقة كي توصلك إلى وجهتك و هذا الأمر لا نقاش فيه



الملازم سند بتردد : أه حسنا كما تريد يا سيدي

ضابط المفرزة بتعابير جادة و صوت هادء جاد : ليس كما أريد أيها الملازم بل كما تنص عليه التعليمات و أنا لست سيدك



تعجب الملازم من صلابة و قوة رد الضابط و شعر أنه ليس ندا له بالمرة فهز رأسه موافقا و قال حسنا , وقف الملازم سند على جانب الطريق منظرا السيارة و لم يمضي الكثير من الوقت حتى وصلت سيارة جي أم سي خضراء اللون و بلوحة أرقام عسكرية و توقفت على الجانب الأخر من موقع المفرزة و هنا قال ضابط المفرزة للملازم سند : لقد وصلت سيارتك ايها الملازم يمكنك العبور الأن و الركوب فيها



تحرك سند نحو السيارة عابرا الخط الوهمي الذي شكله عناصر الشرطة العسكرية و هز رأسه للضابط وهو يشكره ثم ركب في السيارة ليجد قرب السائق الذي فتح له الباب ليجد أربع عناصر مسلحين من الشرطة العسكرية بكامل أسلحتهم و من ضمنهم السائق يجلسون في السيارة و دون أي كلمة إنطلق السائق نحو الحضيرة عابرا عدة مباني سكنية و مخازن مختلفة و بعض الكتل الخرسانية التي يشكل بعضها بوابات لملاجئ مضادة للقصف و البعض الأخر يمثل وحدات إرتكاز صلبة لرادارت و أبراج إتصالات , ملامح و مظهر عناصر الشرطة العسكرية أرعب سند و اصابه بالقلق و كأن هذه الإجرائات مخصصة لمقابلة كبار قادة الدولة و ليس فقط لأجل دخول برنامج تدريب سري في قاعدة جوية , وصلت السيارة إلى بوابة الحضيرة و توقفت على مسافة منها و قال السائق لملازم سند بصوت جاد إنتظر ولا تنزل من السيارة أو تفتح الباب و لا تنظر من النافذة , شعر الملازم سند أن الأمر أكبر منه بكثير و أن هذه الأوامر ليست عادية على الإطلاق و لكنه مجبر على تنفيذها لذا إلتزم بالكلام الذي قيل له و بعد بعض الوقت الذي مر بطيئا سمع الملازم صوت أبواب سيارات تغلق ثم بالسيارات تتحرك مبتعدة عن المكان و هنا حرك السائق سيارته و توقف تماما أما بوابة الحضيرة ثم ترجل منها جميع عناصر الشرطة العسكرية و فتح أحدهم الباب للملازم سند و طلب منه بأدب أن يترجل من السيارة و فعلا نزل الملازم و وقف مواجها لبوابة الحضيرة و إذا به يرى المقدم عبد الله علي الغانم شخصيا يقف على بُعد خطوات أمامه و أشار له بيد كي يتقدم ففعل الملازم



ملازم سند يقف أمام المقدم عبد الله مؤديا التحية العسكرية : سيدي

رد المقدم التحية و قال له بنوع من السخرية : أرجو أن لا يكون الرجال قد أخافوك أثناء الطريق إلى هنا

إحتار الملازم في رده بره ثم قال : لا يا سيدي .. إنهم محترمون



ضحك المقدم عبد الله و أشار لسند بأن يتبعه و هو لا يزال يضحك : ههههه , محترمون , ما هذا التعبير لم أشعر أنك تتحدث عن رجال عصابات و ليس عناصر أمنين من الجيش



زاد إرتباك الملازم و قال : بصراحة لا أعرف ماذا أقول يا سيدي , إنهم فعلا مرعبين إذ لم أرى اشخاصا مثلهم في الجيش من قبل

العقيد عبد الله مبتسما : لقد تم إختيارهم بعناية ثم تم إلحاقهم بدورات مع القوات الخاصة زائدا دورات أمنية محددة بمجال عملهم و النتيجة هي ما رأيته أمامك , رجال أشداء قادرين على تأدية مهامهم الأمنية داخل القاعدة بكل كفائة و إقتدار و الأهم أنهم أهل للثقة



ملازم سند بنوع من الإحباط : أريد أن أكون صريحا معك سيدي العقيد لقد شعرت أنني بلا قيمة أمامهم

هنا إستدار العقيد نحو سند و قال له بصوت واثق : هذا ليس صحيح يا ملازم , هاؤلاء الرجال هم في مكانهم الصحيح هنا على الأرض و داخل القاعدة بين الأبنية و الأفراد بينما دورك أنت و زملائك في الأعالي بين السُحب و إمتداد السماء حيث لا يمكن لسواكم أن يبلغ هذا المدى , أنتم بشكل خاص و قواتنا الصاروخية الأذرع الضاربة الطويلة لجيشنا فلا تقلل من شأنك إذ لكل مكان زمان و رجال و هذا زمانكم و هذا مكانكم



شعر الملازم سند بإرتياح كبير و صعود في معنوياته فكلام العقيد صحيح مئة في المئة و قال

ملازم سند بروح معنوية مرتفعة و إبتسامة على وجهه : نعم يا سيدي كلامك صحيح و سوف أتذكره دائما

العقيد عبد الله مبتسما : جيد أيها الملازم و الأن بما أننا وصلنا إلى وجهتنا إسمح لي أن أعرفك على جهاز التدريب المخصص لك و المسمى بمشبه الطيران أو جهاز المحاكاة و يمثل كامل قدرات و مواصفات طائرة الإف 15 دي خاصتك و في مقصورة كاملة مغلقة مع محاكاة العديد من ردود الفعل القريبة من الواقع بإستثناء التحطم و زيادة السرعة بخلاف ذلك يمكنك حتى تأدية مناورات حادة سواء أفقية أو عامودية , الأن سوف يشرح لك الضابطان بكر و يونس كيفية تشغيل و عمل جهاز المحاكاة و حالما تعتاد عليه سوف يبدأ تدريبك على إستعمال حاوية جهاز الرؤية و الرصد الليلي (( لانترين )) أي المصباح , هذه الحاوية ليست مخصصة لطائرتك و لكنها جزء من مشروع غير مُعلن مخصص لطائرات إف 15 إي المتخصصة بالهجوم الأرضي و لكننا محظوظين أننا تمكنا من إستعارة و توليف هذه الحاوية على طائرتك بالتفاهم مع الشركة المصنعة لها , بالمناسبة قبل قليل كان يقف هنا شخصية مهمة للغاية لا يمكنني إطلاعك على إسمه و لكنه إستمع إلى شرح كامل عما سوف نقوم به و قد إطلع على سجلك و طلعتك لهذا اليوم , إنه معجب بما قمت به و يتوقع أن يرى منك المزيد .



هنا عادت حالة الذهول و الحيرة معا إلى عقل الملازم , من هو هذا الشخص و لماذا كان هنا و هل كل هذه الإجرائات الأمنية من أجل تأمينه أثناء وجوده , إذا كان شخص من الجيش حتى لو كان برتبة عالية فكان بإمكاني رؤيته بشكل مباشر و تحيته و التكلم معه و إذا كان شخصية مدنية مهمة فأيضا كان بإمكاني رؤيته و السلام عليه و كان حُراسه سيكونون معروفين و مميزين عن غيرهم , من هذا الشخص الذي لا يمكنني رؤيته و حراسته من الشرطة العسكرية ؟!؟!؟ هذا محير فعلا



العقيد عبد الله : أٌخرج من حيرتك يا ملازم فلا جدوى في التفكير في هذا الأمر و ركز الأن على تدريبك و إستيعابه , هناك أيضا ضباط و فنيين أمريكان سيلعبون دور المراقبين و الموجهين الفنيين لصالح الشركة المُصنعة و سلاح الجو الأمريكي



بدأ الملازم سند تدريبه على وحدة التشبيه و قد أُعجب كثيرا بما إطلع عليه من تقدم و كان مسرورا لأن بلاده من أوائل الدول العربية و حتى العالمية التي تحصل على هكذا تقنية متقدمة لتدريب طياريها , إستمر الملازم الشاب في تدريبه لساعات طويلة و لكن مدروسة بعناية كي يستوعب أكبر قدر ممكن من المعلومات و كذلك تنفيذ بعض المناورات الجوية التي كان الملازم يحتاج إلى إتقانها بشكل أكبر

مرت ثلاث ايام بسرعة بالنسبة للملازم و قد أتقن ما تدرب عليه بما فيه إستعمال وحدة المراقبة البصرية الجديدة (( لانترين )) و في اليوم الرابع تقرر إطلاق الملازم سند في طلعة ليلية أخرى و لكن هذه المرة هو مُعزز بثقة أكبر بالنفس و قدرة جديدة على الرصد و المتابعة من مسافة بعيدة و بشكل أمن



بعد أن أخذ الملازم إستراحة لفترة كافية و غابت الشمس خلف الأفق خرج من غرفته و هو يرتدي زيه العسكري الكامل و يحمل خوذته بيمينه و لكن هذه المرة كانت هناك سيارة عسكرية تنتظره في الخارج و أوصلته إلى حظيرة طائرته التي تم تجهيزها بحاوية الرؤية الجديدة , صعد الملازم إلى طائرته بعد أن تفحص كل جزء منها و جلس على مقعده و كان هناك أحد الفنيين يقف بالقرب منه على سُلم الصعود و ساعد الملازم في تركيب أحزمة الأمان و بعد أن تأكد أن كل شيء مُعد نزل من على السُلم و سحبه إلى مكان مخصص داخل الحظيرة و بدأ الملازم سند في سلسلة التأكد و معاينة أجهزة الطائرة و أطرافها مثل الأجنحة و الذيل و الدفات و إستغرق الأمر حوالي 55 دقيقة ثم أعطي الإذن للملازم بالخروج بطائرته من الحظيرة و التوجه إلى المدرج الرئيسي إستعدادا للإقلاع , سارت الطائرة ببطئ و هي تتهادا للأمام و الخلف و كأنها زورق في بحر أمواجه متلاحقة و أضواء المدرج تنعكس على زجاج قمرة الطائرة بشكل إنسيابي يبعث بالهدوء لأعصاب من يراها بهذا الشكل , إستمتع الملازم بهذا المنظر و لكنه لا يزال يركز على المدرج أمامه حتى وصل إلى بدايته ثم وضع قناع الأوكسجين و ركب جهاز الرؤية الليلة الخاصة به ثم طلب الإذن بالإقلاع من برج المراقبة و حصل عليها بعد دقيقتين من الإنتظار لوجود حركة جوية مدنية في الأجواء القريبة



بعد حصول الملازم على الإذن بالإقلاع تقدم رويدا رويدا و زاد سرعته بالتدرج إلا أن وصل إلى السرعة المطلوبة حيث ظهر وهج الحارق الخلفي للطائرة مع صوت هدير المحركات و ما هي سوى ثواني حتى أقلعت الطائرة تشق سماء الليل بثبات و هيبة و حين بلغت الإرتفاع المطلوب عدل الطيار سند مستوى الطيران إلى خط أُفقي و توجه إلى الأحداثيات الموضوعة في خطة العمل لهذه الليلة



ملازم سند يتكلم عبر جهاز اللاسلكي : سهم واحد إلى برج عزم كيف تسمعني

برج المراقبة : هنا برج عزم أسمعك بوضوح يا سهم واحد

ملازم سهم : لقد وصلت إلى الإرتفاع المطلوب و السرعة المناسبة المتفق عليهما , أنا الأن في نقطة البداية للمهمة

برج المراقبة : نراك بوضوح يا سهم واحد و الأجواء خالية من الأهداف المدنية أو الصديقة و لا يوجد أهداف معادية مرصودة حتى هذه اللحظة , لديك الإذن بتشغيل عين العنقاء و البدأ في دوريتك حسب الخطة

ملازم سند وهو يقوم بتشغيل جهاز الرؤية الجديد : عُلم يا برج عزم , جاري تشغيل عين العنقاء



إستدار وحدة الرؤوية في حاوية المراقبة نحو الخارج و برزت عدسة الكاميرة المميزة و في نفس الوقت اضائت شاشة جانبية باللون الأخضر الفسفوري مع كل التفاصيل و الارقام الإلكترونية في قُمرة الملازم سند

الملازم سند : من سهم واحد إلى برج عزم عين العنقاء تعمل بشكل جيد و لا يوجد أي مشاكل أو خلل حتى الأن



برج المراقبة : عُلم ذلك يا سهم واحد باشر في دوريتك و سيكون هناك إتصال أخر حسب الموعد المقرر إذا لم يكن هناك طارئ أو أمر جديد , برج عزم إنتها



أخذ الملازم سند يحلق بطائرته ذات القدرة الجديدة و هو معجب كثيرا بما لديه إذ أنه يرى الأن و من مسافة بعيدة و بشكل بصري لا راداري الكثير من التفاصيل أمامه و حوله دون أن يظطر إلى تغير إتجاه الطائرة أو إرتفاعها , التفاصيل مذهلة و مختلفة في عشوائيتها الطبيعية عن جهاز المُحاكاة و التقنية مذهلة بحد ذاتها , إستمر الملازم سند في تغير بصره من شاشة مراقبة إلى أخرى و بشكل دوري كي يغطي كل المعلومات الواردة فيها لأكثر من ساعة و بدأ شعور أُلفة المشهد يكبر في وعيه , نظر الملازم الشاب إلى ساعة يده و قد علم أنه بدأ يقترب من وقت منتصف رحلته الجوية , أعاد الملازم الإتصال ببرج القيادة قائلا



ملازم سند : من سهم واحد إلى برج عزم , أقوم بالإتصال الروتيني حسب الوقت المقرر أرجو الرد

برج المراقبة " هنا برج عزم أسمعك بوضوح يا سهم واحد

ملازم سند : لا يوجد أي هدف جوي مُعادي أو صديق في الأجواء حتى هذه اللحظة

برج المراقبة و قد رد عليه صوت أخر : إصبر يا سهم واحد سوف ترى أهداف جوية صديقة قادمة من الشمال الغربي بعد وقت قصير , أكرر سوف ترى أهداف جوية صديقة قادمة الشمال الشرقي بعد وقت قصير



تحفز الملازم لأن هذا الكلام يعني طائرات عراقية تحلق في الليل لمهاجمة هدف إيراني و قال

ملازم سند : من سهم واحد إلى برج عزم أرجو تزويدي بالمعلومات المتاحة عن الأهداف الصديقة

برج المراقبة : سهم واحد أنهما هدفان جويان صديقان يحلقان على إرتفاع 500 قدم فوق مستوى سطح البحر و يحلقان بسرعة 1100 متر في الساعة , طيران دون سرعة الصوت , إنهما يبعُدان عنك 100 كلم و يقتربان , ملاحظة الهدفان على علم بوجودك كطائرة صديقة

ملازم سهم : شكرا لك على المعلومات , سوف أتبع بروتوكول الطيران المحايد كما في خطة الطيران , سهم واحد إنتها



لم تمضي سوى دقائق معدودة حتى دخلت طائرتين عراقيتين من طراز ميراج إف 1 إلى مجال رادار الملازم سند و تم التعرف عليهما بشكل ألي بواسطة الرادار و لكن هذه المرة يمتلك سند القدرة على رؤيتهما بصريا و طلب الإذن باللإقتراب منها لمسافة أمنة أثناء متابعتهما و وافقت غرفة العمليات على ذلك , إقتربت الإف 15 من طائرتي الميراج لمسافة تقدر بأربعين كلم و كانت المسافة أكثر من كافية لرؤية تفاصيل الطائراتين و الأثر الحراري عليهما سواء على جسد كل منهما أو الأثر الحراري المنبعث من محركاتهما , شعر سند بالغبطة و السرور لمشاهدته هذا المنظر إذ ربما هو الوحيد في الشرق الأوسط الذي أتيحت له هذه القدرة و لكن الملازم لم يكتفي بهذا القدر بل طلب الإذن بالإقتراب أكثر و فعلا حصل عليه لكن مع تنبيه صارم بعدم التحليق لفترة طويلة بل فقط لما يكفي لجمع معلومات بصرية ثم العودة إلى مسافة 50 كلم و فعلا إقترب الملازم سند من مسار تحليق الطائرتين لحوالي ال30 كلم و الحفاظ على الإرتفاع الكبير بينهم و لكن هنا حصلت مفاجئى إذ قام أحد الطيراين بالتحليق بشكل جانبي كاشفا حمولته من الصواريخ و القنابل للملازم سند و قد كان الأقرب له و كأنه كان يعلم أن هناك نظام مراقبة بصري يصوره هو و زميله , تعجب الملازم سند و قام بالإبلاغ فورا عما حصل و أتاه الرد بعد وقت شبه قصير بأن لا يهتم لهذا الأمر و أن يتابع التحليق على نفس الخط و الإرتفاع لمسافة أطول , إمتثل الملازم للأوامر و أعاد الطيارا العراقي وضعية طائرته إلى التحليق الأفقي و بعد دقائق معدودة أتى أمر إلى الملازم سند بالإبتعاد فورا عن مسار الطائرتين و تركهما تسبقانه لأن القطعة البحرية السعودية رصدت سفينة شحن إيرانية تُبحر على نفس المسار الذي تحلق فيه طائرتي الميراج و لكي لا يُقال أن المملكة ساعدت العراق بالهجوم أو حتى بالإستهداف فأن على الملازم الإبتعاد بطائرته عن مسرح العمليات الذي سيشتعل عما قريب



نفذ الملازم سند الأمر و إبتعد بطائرته إلى مسافة 50 كلم و على إرتفاع 33 ألف قدم اي ما يعادل 10 كلم فوق سطح البحر , إنتظر سند لدقائق أخرى و بعدها قام الطيارين العراقيين بتنفيذ نفس التكتيك الذي راه أول مرة حيث إنخفضا إلى إرتفاع أقل ثم أطلق طيار المقاتلة المتقدمة الأولى صاروخ إكزوسيت نحو السفينة و أطلق الطيار الثاني صاروخه بفارق ثواني قليلة و تمكن نظام لينتيرن من إقتفاء أثر الصاروخ الحراري بفعل قوة الوهج المنبعث من الحارق الخلفي له و لكن لثواني معدودة إذ لم يقطع الصاروخ سوى كيلومترات قليلة لا تتجاوز السبع كيلومترات قبل أن يتقلص وهج محركه و يتلاشا أثره فوق صورة مياه الخليج و لكن الملازم سند لا يزال قادرا على تتبع الصاروخين و مسارهما بواسطة راداه و بكفائة عالية



ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم , لقد أطلقت الطائرتان صاروخين نحو سفينة الشحن , لقد تمكن نظام عين العنقاء من إقتفاء أثر الصواريخ لكن لفترة وجيزة و الأن أنا أتابع خط تحليق الصاروخين بواسطة الرادار



برج المراقبة : عُلم ذلك يا سهم واحد , لا يمكننا رؤية الطائرتين و لا حتى صواريخهما و لكنك تزودنا بكل ما نحتاج إليه , تابع المراقبة مع حفاظك على المسافة و الإرتفاع و الحياد



ملازم أول سند : عُلم ذلك جاري المتابعة , سهم واحد إنتها



إندفع الصاروخان بمسار متوازي نحو هدفهما و قد كان ناقلة نفط كبيرة مموهة على شكل سفينة شحن إذ أن قدرات الرادارات على التعرف بدقة على السفن في الثمانينات كانت في بدايتها و لكن تم تأكيد المعلومة بواسطة الإستخبارات بعد وقت قصير من وقوع الضربة

سجل جهاز الرؤية لدى الملازم سند وهج كبيرا لحريق هائل إثر إنفجار الصواريخ بشكل متعاقب في مخازن الوقود العُليا للناقلة مما حول سطحها إلى جحيم لا يطاق , قامت وحدة خزن المعلومات في كمبيوتر طائرة الإف 15 بتسجيل كل شيء حتى من مسافة بعيدة و للمرة الثانية يصاب الملازم الشاب بالذهول مما يراه خصوصا أن هذه المرة يشهد على هكذا ضربة خلفت حريقا بهذا الحجم بواسطة نظام مراقبة حراري إذ كان المنظر مهيبا و وحشيا في نفس الوقت , تبادر إلى ذهن الشاب سند مصير كل هاؤلاء البحارة الذين كانو متواجدين في هذه الأقسام و على السطح , كيف إلتهمتهم النيران دون رحمة و دون سابق إنذار فقط دوي إنفجار كبير وحريق هائل يُذيب الفولاذ من حرارته

إسترجع الملازم سند رباطئة جأشه و تابع مراقبته للموقف بمهنية كبيرة و لكن هذه المرة تصرفت الطائرات العراقية بطريقة مختلفة إذ لم تحلق فوق الناقلة لتأكيد دقة الضربة و مفعولها و لكنها إستدارت فجأة نحو المياه الإقليمية الإيرانية على نفس الإرتفاع و بنفس السرعة و هنا أبلغ الملازم برج المراقبة



ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم , الطائراتان تُغيران مسارهما نحو المياه الإقليمية العراقية أكرر الطائراتان العراقيتان تُغيران مسارهما نحو المياه الإقليمية العراقية بنفس السرعة و الإرتفاع بعد أن أصابت الصواريخ سفينة الشحن الإيرانية



برج المراقبة : هنا برج عزم , سهم واحد عليك بتعقب الطائراتين على نفس الإرتفاع و بسرعة مقاربة و لكن لا تدخل إلى المجال الجوي فوق المياه الإقليمية الإيرانية أكرر لا تدخل إلى المجال الجوي فوق المياه الإقليمية الإيرانية



ملازم أول سند : عُلم و جاري التنفيذ



زاد الملازم سند من سرعته لتقارب سرعة الطائرات العراقية و قد كان يتعقبها بواسطة راداره و هو يقول في نفسه : هل سيخترقون الأجواء الإيرانية و يستعملون القنابل التي يحملونها لمهاجمة هدف أخر ؟ أليس في ذلك خطورة عليهم إذ توجد دفاعات جوية على خط الساحل و ربما طائرات مقاتلة معادية تحرس المنطقة الأن , ماذا سوف أفعل إذا تم إسقاط أحدا المقاتلتين , هل يمكنني التدخل لحماية الأخرى من طائرة إيرانية معادية ؟؟ أم هل علي الإكتفاء بالمراقبة من بعيد خصوصا أنه لا يمكنني اللحاق بهما عبر الأجواء الأخرى , و لكن إذا ظهرت طائرة معادية بعد قليل في الأجواء الدولية هل يمكنني التصرف لحماية الطائرات العراقية أم أنني سوف أُمنع من ذلك بتاتاً ؟؟؟



لم يمضي الكثير من الوقت حتى رصد رادار الإف 15 سفينة ثانية كبيرة الحجم خرجت للتو من المياه الإقليمية الإيرانية و هنا إرتفعت طائرتا الميراج لمستوى يسمح لرادار السفينة برصدهما و هذا اثار حيرة الملازم سند و أبلغ قيادته بذلك

ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم , ظهرت سفينة كبيرة عبرت للتو خط المياه الإقليمية الإيرانية متجهة للمياه الدولية و قد إرتفعت الطائرتان إلى مستوى يسمح لرادار السفينة برصدهما



برج عزم : عُلم ذلك يا سهم واحد , تابع المراقبة من مسافة أمنة



ملازم أول سند : عُلم و جاري المُراقبة



حينما إقتربت طائرتي الميراج من سفينة الشحن الإيرانية غيرتا إتجاههما ليستديرا نحو ميمنتها بإلتفاف واسع و طارتا بجانب بعضهما على مسافة قصيرة ثم ألقت كل واحدة منهما أربع قنابل صغيرة الحجم لكن كبيرة المفعول و أحدثت إنفجارات على سطح السفينة و جانبها الأيمن مما أدى إلى جنوحها على جانبها الأيمن بشكل كبير و فقدان السيطرة و بعد التأكد من الإصابة غادرة طائرتا الميراج الأجواء على إرتفاع منخفض بسرعة كبيرة عائدة نحو العراق



ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم , لقد إستهدفت الطائرتين سفينة الشحن الإيرانية بقنابل متوسطة الحجم و أصابت سطحها و جانبها الأيمن , الإنفجارات تعلو سطح السفينة و مالت بشدة نحو جانبها الأيمن و يبدو واضحا أنها فقدت السيطرة



برج المراقبة : عُلم ذلك يا سهم واحد عد الأن الحد الشرقي و سوف تلتقي بحامل الخير في النقطة ج.أ.3.1.س.4

** حامل الخير هو ترميز لطائرة الإرضاع الجوي ** و الرموز أعلاه تمثل مساحات جوية مُعرفة من قبل للطيار قبل الإقلاع .



ملازم أول سند : عُلم يا برج عزم سوف أتوجه إلى الحد الشرقي



بعد أن وصل ملازم سند بطائرته إلى الأحداثيات المطلوبة لم ينتظر طويلا إذ حضرت طائرة كبيرة KH_130H من نوع هيركوليز



طائرة الإرضاع الجوي : من حامل الخير إلى سهم واحد هل تسمعني



ملازم أول سند : من سهم واحد إلى حامل الخير أسمعك بوضوح



طائرة الإرضاع الجوي : نحن جاهزون لبدأ عملية إعادة التزويد بالوقود , أرجو أن توافق سرعتك و إرتفاعك معنا و أن تتخذ مكانك خلف الذيل

ملازم أول سند : عُلم ذلك يا حامل الخير سوف أوافق سرعتي و إرتفاعي معك و أخذ مكاني خلف الذيل

بعد أن طابق ملازم سند إرتفاع و سرعة طائرته خلف طائرة إعادة التزود بالوقود مد الملاح المختص أنبوب أو خرطوم إعادة التزود بالوقود نحو فُتحت إعادة التزود بالوقود و حالما تمكن من تثبيته داخلها بدأ ضخ كميات كبيرة من الوقود بسرعة عالية بفضل مضخة مخصصة لهذا الأمر و خلال دقيقتين بالضبط إمتلئ الخزان الرئيسي لطائرة الإف 15 و تم فصل أنبوب إعادة التزود بالوقود عنها



طائرة الإرضاع الجوي : من حامل الخير إلى سهم واحد , لقد أتممنا عملية التزويد بالوقود , سوف نغادر الأجواء الأن و نتمنى لك التوفيق

ملازم أول سند : حامل الخير تمت عملية إعادة التزويد بالوقود و اشكرك على جهدك أتمنى لك عودة سالمة إنتهى



سند يكلم نفسه : الأن لدي مجال للتحليق لساعتين إضافيتين ما عدى الوقت الإضافي لتحليق الطوارئ , يمكنني إتمام جولتي حتى وقت متأخر



يستمر الملازم سند في جولته ذهابا و إيابا و حينما إعتقد أن الليلة سوف تنتهي على هذا الحد من الإثارة حتى إتصل به برج المراقبة قائلا



برج المراقبة : من برج عزم إلى سهم واحد

ملازم سهم : من سهم واحد إلى برج عزم أسمعك

برج المراقبة : هناك هدف جوي قادم من الشمال الغربي نحو خط سيرك , الهدف صديق و هو على علم بوجودك أرجو التأكيد على المعلومة

ملازم أول سهم : تم التأكيد على المعلومة , هدف جوي صديق قادم من الشمال الغربي نحو خط سيري و هو على علم بوجودي

برج المراقبة : الهدف على إرتفاع 11 ألف قدم تقريبا , حافظ على إرتفاعك وسرعتك الحالية و إتجاهك و حينما يقترب منك لمسافة 10 كيلومترات عليك تتبع حركته و إتجاهه بواسط نظام الرؤية

ملازم أول سند : عُلم ذلك , سهم واحد إنتها



بقي الملازم ينتظر إقتراب الطائرة من مدى الرؤية الخاص بجهاز المراقبة البصري خاصته و لكن حالما دخلت الطائرة العراقية إليه حتى زادت سرعتها بشكل كبير و كان أثر الحارق الخلفي واضحا و جليا مثل شمعة تنفث اللهب في ليل سماء الخليج و بدأت تنحرف نحو المياه الإيرانية الإقليمية



ملازم أول سند بصوت متحمس : من سهم واحد إلى برج عزم لقد زادت الطائرة من سرعتها و بدأت تنحرف نحو المياه الإقليمية الإيرانية ببطئ , إنها من نوع سوخوي 24 محملة بالصواريخ و القنابل



برج المراقبة : عُلم ذلك يا سهم واحد , قم باللحاق بالطائرة من مسافة أمنة و راقبه

ملازم أول سند : عُلم ذلك و جاري التنفيذ

زاد الملازم سند من سرعته و قد أعجب بقدرات السوخوي العراقية إذ أنها تتمتع بسرعة عالية و محركات قوية و إستقرار كبير و قدرة فريدة على الطيران الليلي و إمكانية لحمل عدد غير قليل و متنوع من الذخائر , بعد تحليق سريع لبعض الوقت وصلت السوخوي إلى المياه الإقليمية الإيرانية و إخترقتها دون خوف و كان الملازم أول سند يتابع الوضع عن بعد حسب التعليمات و من مسافة أمنة إلى أن ظهر على راداره نقطتين بحريتين صغيرتين



ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم أرى قطعتين بحريتين في المياه الإقليمية الإيرانية على شاشة الرادار , يبدو أنهما زورقان من صغر حجم الإشارة



برج المراقبة : هل يمكنك رؤية الزورقين على شاشة المراقبة البصرية

ملازم أول سند : مع الأسف لا , لا يمكنني رؤيتهما على شاشة المراقبة البصرية , إنهما بعيدان و خارج المدى المُجدي للرؤية

برج المراقبة : سهم واحد لديك الإذن بالإقتراب أكثر منهما و لكن حالما تحصل على تغذية بصرية جيدة حافظ على المسافة بينك و بينهما

ملازم أول سند : عُلم وجاري التنفيذ



إقترب الملازم أول سند أكثر بطائرته بشكل مستقيم من المياه الإقليمية الإيرانية و ما أن حصل على صورة مناسبة عدل إتجاهه و أخذ وضعية التحليق الجانبي



ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم , أنا الأن داخل أجواء المياه الإقليمية الإيرانية , لقد تعمقت لمسافة 5 كلم و نصف تقريبا , الصورة البصرية واضحة لزورقي دورية مسلحين بصواريخ مضادة للسفن و مدفع سريع الطلقات من عيار متوسط , أنا في وضع التحليق الجانبي و جاري المحافظة على المسافة و الإرتفاع و السرعة

برج المراقبة : جيد جدا يا سهم واحد تابع التحليق و المراقبة إنتهى



إستمر الملازم سند في تعقب الزورقين لفترة قصيرة إلى أن ظهرت عليهما علامات الإستنفار حيث زاد الزرقان من سرعتهما ثم تفرقا و بدأت مدافعهما في إطلاق النار نحو السماء

ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد إلتقطت رادارت الزورقين وجود طائرة السوخوي 24 العراقية و هي تطلق نيران مدافهما السريعة نحو إتجاهها لكن إرتفاعها العالي يحول دون إصابتها

السوخوي تحافظ على إرتفاع فوق المتوسط و سرعة شبه عالية



برج عزم : عُلم ذبك يا سهم واحد , تابع عملية المراقبة بنفس التعليمات السابقة دون أي تغير



ملازم سند : عُلم ذلك و جاري التنفيذ



مرت ثواني معدودة ثم أطلق الزورقين صواريخ بحر جو قصيرة المدى نحو السوخوي العراقية لبعد أصبحت ضمن المدى لكن الأخيرة تملصت بإطلاق شعلات حرارية و مناورة تملصية و بالرغم من ضخامة حجم السوخوي كونها قاذفة مقاتلة لكنها أدت المناورة برشاقة كبيرة و بعد ذلك قام الطيار العراقي بتعديل خط احليقه و إستدار بزاوية شبه واسعة عائدا نحو الزرقين ثم أطلق عليهما بالتتابع صاروخين جو بحر و بعد ثواني معدودة أصاب كل صاروخ زورق دورية مستهدفا منصة الرادار فيه و لصغر حجم الزورقين فإن الإنفجار دمر كل منهما فورا و لم يظهر على شاشة الرؤية لدى الملازم سند سوى ومضتين لفترة قصيرة ثم إختفتيا إثر غرق الزورقين سريعا في مياه الخليج



ملازم سند و هو متأثر بالمدى القصير و سرعة الإستمكان و الإستهداف لهذه الصواريخ : من سهم واحد إلى برج عزم لقد أطلقت الطائرة صاروخين على الزورقين و يبدو أنهما متعقبان للإشعاع حيث أن كل واحد منهما أصابة منصة الرادار في الزورق و نتيجة قوة الإنفجار و صغر حجم الزارق فإنهما غرقا في الحال و لم أعد أرى لهما اي أثر حراري على شاشتي , الأن الطائرة العراقية تغير إتجاهها نحو الشمال الشرقي و تحلق بمحاذاة الشريط الساحلي و جاري تعقبها من مسافة أمنة



برج المراقبة : أحسنت عملا يا سهم واحد , الأن عليك أن تكون مستعدا للإبتعاد عن خط الطيران الحالي و العودة فورا إلى المياه الإقليمية إذا طرئ جديد , بمعنا أوضح إذا ظهر خطر يهدد حياتك أو يهدد طائرتك



ملازم أول سند : عُلم ذلك و جاري المتابعة



إستمرت السوخوي 24 في تحليقها على إرتفاع يُسهل على الرادارت الإيرانية إلتقاطها منه و لكنها زادت من سرعتها بشكل ملحوظ و بعد أقل من دقيقة أطلقت الطائرة بشكل متتابع صاروخين كبيري الحجم نحو الساحل الإيراني ثم حلقت مبتعدة و هبطت إلى إرتفاع أقل



ملازم أول سند : برج عزم برج عزم لقد أطلقت السوخوي صاروخين نحو الساحل الإيراني و هما كبيري الحجم و يحلقان بسرعة تفوق سرعة الصوت و يهبطان إلى إرتفاع منخفض , لقد ألتقط إشاراتين لرادارت ساحلية إيرانية و يبدو أن السوخوي قامت بإستهدافهما بصواريخ مضادة للإشعاع



(( إستعمل العراق في حربه ضد إيران صواريخ مختلفة معظمها سوفيتية و منها صواريخ كي أج 25

التي كانت أحد نُسخها قادرة على تتبع إشارة الرادار المعادي بشكل ذاتي بعد تعين الهدف و إطلاقها نحوه دون الحاجة إلى الإستمرار في توجيه الطائرة له حتى يبلغ هدفه و قد كان تأثيرُه كبيرا ))



برج المراقبة : لدينا تقارير تفيد بوجود رادار ساحلي للتغطية الجوية في المنطقة و أخر أقرب للساحل مخصص للكشف البحري , يبدو أن الطائرة العراقية إستهدفت هاذين الرادارين بصواريخ مضادة للإشعاع ضمن خطة عراقية لحرمان الجيش الإيراني من الرؤية و لو لمسافة شبه متوسطة في هذه المنطقة من الخليج

ملازم أول سند : مجموع الضربات منذ الأمس و اليوم تُظهر لي أنها عشوائية , أي أن الجيش العراقي يهاجم كل شيء يراه



الصوت الواثق يتكلم عبر لاسلكي برج المراقبة : أنت مخطئ يا سهم واحد

ملازم أول سند و هو يشعر كمن فشل في إختبار مفاجئ : كيف ذلك يا برج عزم

الصوت الواثق : الجيش العراقي يزخر بالعديد من القيادات المُدربة و الحاصلة على خبرة أربع سنوات حتى الأن من القتال الواسع و التشكيلة الغنية من اساليب الحرب و معداتها المعروفة و المبتكرة حديثا في هذه الحرب و من كلى الطرفين و هما يُجيدانها كلٌ على طريقته وبإسلوبه , العراقيون يعلمون ماذا يفعلون و نحن نراقب كي نتعلم من كلى الجانبين فهذه فرصة لا تأتي سوى مرة أو مرتين في عُمر العسكري



ملازم أول سند و قد إستوعب الدرس : شكرا على المعلومة يا برج عزم , مستمر في تتبع خط طيران السوخوي و مراقبتها من مسافة أمنة
 
عودة
أعلى