السلام عليكم
كيف حالكم إخواني الكرام
أود طرح هذه المقدمة عليكم و أخذ أرائكم المختلفة فيها
(( هذه المقدمة فقط و القصة ستدور أحداثها عن مواجهات متخيلة بين سلاح الجو السعودي و العراقي من جهة و سلاح الجو الإيراني من جهة ثانية فوق مياه الخليج أثناء حرب القادسية الثانية ))
مقدمة القصة :
اشتعلت الحرب بين العراق و إيران عام 1980 و لا تزال رحاها تدور منذ أربع سنوات و لا يبدو أنها ستنتهي أو تتوقف قريبا , كلنا كعرب و مسلمون وقفنا إلى جانب العراق حكومة و شعبا دون أن نفكر مرتين في الأمر و كانت التعليمات واضحة من أعلى منصب في القيادة السعودية (( دعم الأشقاء في العراق بكل ما يحتاجونه )) لذلك كانت أبوابنا و حدودنا و أجوائنا مفتوحة لكل أنواع البضائع و الشحنات سواء العسكرية أو المدنية على حد سواء
أما دورنا في القوات المسلحة السعودية كان صارما (( حماية حرمة أجواء المملكة و مياهها وأراضيها من أي معتد و بأي ثمن )) و هنا يأتي واجبي كملازم أول طيار في سلاح الجو السعودي السرب 13 الجناح الثاني قاعدة الملك عبد العزيز في الظهران قائد طائرة F15/D , لم يكن وجودي في قاعدة الملك عبد العزيز مجرد فترة أقضيها في الجيش لفترة محددة من حياتي ثم أغادر بل كانت حياتي بذاتها كشاب دخل مرحلة الرجولة في الدفاع عن بلادي و حرمتها خصوصا أنها بلاد الحرمين و ثاني القبلتين و وجهة و قبلة المسلمين جميعا
لم أكن بحاجة إلى مبررات أو أعذار لاتخاذ قرار الانضمام لسلاح الجو في بلادي بل كان الدافع موجودا منذ الصغر لإختيار أفضل صنف رأيت نفسي فيه كجندي في السماء للذود عن هذه الأرض و أهلها و زوارها و كل من أتى إليها
كانت إقامتي في القاعدة مثالية من المأكل و المشرب و الملبس و المنام وممارسة العديد من النشاطات الرياضية و العقلية و طبعا القدرة اللوجستية على دعم و إدامة طائراتنا كانت عالية جدا و لله الحمد و بفضله ثم بفضل حكمة و ذكاء قيادتنا في المملكة العربية السعودية
دوري خلال هذه الفترة بعد تخرجي و استلامِ لطائرتي الخاصة من نوع إف 15 دي هو القيام بدوريات منفردة على طول منطقة جوية فوق مياه الخليج العربي و مقابلة للمياه الإقليمية الإيرانية , هذه المنطقة كانت تعرف لدينا كطيارين بالحد الشرقي عين اليمامة
كانت هذه المنطقة تبعد سواحلنا ب111 كلم و تمتد بخط شمالي غربي بطول يبلغ حوالي 254 كلم
قررت القيادة الجوية إقامة هذه المنطقة قريبة من أجوائنا كي نتمكن من مراقبة و حماية أجوائنا فوق مياه الخليج تحت شعار ردع الخطر خارجيا , أي عدم إنتظار الخطر أي كان ليدخل إلى أجوائنا أو مياهنا بل التصدي له و هو خارجها , هذه السياسة لم تعجب الحاكم في إيران بل تسببت له في ضيق كبير و طبعا رحبت القيادة العراقية بهذا الإجراء و رأته كسند و أداة ضغط على إيران في حربها هذه ضده , كان هناك العديد من النواحي الإيجابية لعملية المراقبة هذه منها كشف و إستطلاع مسافات و مساحات ليست بالصغيرة على طول حدودنا البحرية الجوية مع إيران و أيضا مراقبة العديد من السفن التي تنقل بضائع و مؤمن مختلفة ليس فقط للعراق بل لمختلف دول الخليج و العالم كذلك لأن الكثير منها كان ينقل بضائع مختلفة من دول الخليج و العراق نحو باقي العالمي و أهم بضاعة من هذه البضائع كان النفط الذي يلعب دورا محوريا ليس فقط في هذه الحرب بل أيضا في إقتصاد المنطقة و العالم و يشكل ركيزة أساسية في محور الطاقة العالمي الذي يحدد توازن ميزان القوى العالمية بين الشرق و الغرب
كنا كطيارين مدركين لهذه الأمور و أهميتها لذلك كان واجبنا يحمل بُعدا وطنياً و عربياً و كذلك عالميا و لم نكن نتهاون أو نتقاعس عن تأدية اي دور أو تنفيذ أي تحرك مهما كان صغيرا أو كبيرا
اليوم الإثنين هو 1 ذو القعدة 1405 هجري الموافق ل 1 حُزيران 1984 ميلادي وكان اليوم دوري للقيام بدورية انفرادية على طول الحد الشرقي و طبعا لن أكون لوحدي بل سوف أكون مدعوم بتوجيه و كشف و متابعة من مجموعة من الرادارات الأرضية بعيدة المدى و كذلك التواصل مع الطائرات الحربية من نفس النوع و التي تحلق على مسافات أبعد و أيضا التواصل مع السفن الحربية السعودية فوق سطح الماء , بهذه الطريقة نقوم بتوجيه العدد المطلوب من المقاتلات لتغطية أكبر مساحة ممكنة دون لفت إنتباه إيران أو إعطائها أي ذريعة لجر بلادنا نحو حرب مباشرة معها و طبعا إذا ما حصل شيء لا سامح الله فكل واحد منها أكثر من كفئ للقيام بواجبه و أيضا هناك دعم جوي و بحري كامل على إستعداد للمساعدة و النجدة من سهم واحد إلى برج عزم أطلب الإذن بالإقلاع من المدرج الثاني
من برج عزم إلى سهم واحد لديك الإذن بالإقلاع من المدرج الثاني , السماء صافية ولا طيور في الجو , بالتوفيق
سهم واحد : عُلم ذلك وجاري الإقلاع و أشكرك على الدعاء
بدء هدير محركات الإف 15 يرتفع أكثر فأكثر إلى أن وصل إلى درجة يصم فيها الأذان و لكن كان هناك صفير مميز للمحرك النفاث لا يقدره سوى من يعمل في مجال الطيران و يعشقه , بدأ ت الطائرة الضخمة تتحرك رويدا رويدا على المدرج البالغ طوله 3 كلم و تسعين متراً و في وقت لا يذكر بدأت النسر الحديدي يعلو في الهواء مرتفعا في سماء الظهران إلى أن وصل إلى الإرتفاع المنشود ثم و بكبسة زر واحدة ضم الملازم سند العليان عجال طائرته إلى داخل البدن و أغلق الهيكل الخارجي عليهما مما منح الطائرة شكلها المهيب الإنسيابي دون أي شائبة , كانت وحشا يحلق بهيبة نحو الأعالي
ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد بلغت إرتفاع 20 ألف قدم و سوف أبدأ الآن في الدوران نحو إتجاه الشرق سالكا الممر الجوي المحايد
(( تسمية لممر في الجو يمكن للطائرات الحربية السعودية المنطلقة و الهابطة نحو قاعدة الملك عبد العزيز أن تسلكه دون الدخول في أجواء مملكة البحرين ))
برج القيادة في قاعدة الملك عبد العزيز الجوية : من برج عزم إلى سهم واحد تم تلقي الإبلاغ و نحن نراقب تقدمك و السماء خالية أمامك أكرر السماء خالية أمامك استمر على بركة الله
ملازم أول سند : عُلم و بارك الله فيك على الدعاء
غير الملازم أول سند إتجاه طائرته نحو الممر الجوي و لقصر المسافة بين قاعدة الظهران و حدود مملكة البحرين فقد وصل إلى وجهته في وقت قصير و بعدها مرت دقائق معدودة وصل بعدها إلى المنطقة المعهود له بحراستها
ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد وصلت إلى الحد الشرقي عين اليمام سوف أرتفع لعلو 37 ألف قدم حسب الخطة ثم سوف اتجه شمالا حتى أبلغ نقطة الالتفاف الأولى
برج المراقبة : سهم واحد تلقينا بلاغك و باشر الصعود حسب التعليمات ثم تابع نحو نقطة الالتفاف الأولى , السماء خالية في مجالك الجوي حتى الأن لكنك سوف تلتقي مع صقر خمسة عند نقطة الالتفاف لذا يرجى العلم
ملازم أول سند : عُلم ذلك و جاري التنفيذ , سهم واحد انتهى
(( صقر خمسة هي طائرة إف 15 أخرى تابعة للسرب الثالث عشر من نفس الجناح الثاني متمركزة في القاعدة الجوية المتقدمة في حفر الباطن لغرض توفير مظلة جوية من نفس أنواع الطائرات ))
زاد الملازم أول سند من سرعة طائراته وهو يتسلق إلى الإرتفاع المطلوب و بعد وقت قصير بلغ الحد الشرقي و المرمز بعين اليمامة و هذا التعبير يرمز لأمرين الأول هو المنطقة الحدودية الفاصلة بين الأجواء و المياه الإقليمية للمملكة السعودية بطولها البالغ 254 كلم تقريبا و بين المياه و الأجواء الدولية في الخليج العربي و كلمة عين اليمامة ترمز إلى المنطقة التي تمثل نصف هذه المساحة و البالغ طولها 127 كلم تقريبا وهي المنطقة المسؤولة من السرب الخامس في قاعدة الظهران بينما المنطقة الثانية تسمى بالحد الشرقي عين نجد و تمتد هذه المنطقة من الحدود البحرية والجوية من دولة الكويت نزولا بنفس المسافة في مياه الخليج و مقابلة لمنطقة رأس الزور على الساحل , طريقة تسيير الدوريات الجوية بهذه الطريقة تسمح بنشر عدد مناسب من المقاتلات مع وضع فوارق زمنية و مساحية بينها يوفر قدرة أكبر على الكشف و إعتراض الأهداف المعادية ناهيك عن مراقبة الوضع من مسافة بعيدة بواسطة مجموعة رادارات من نوع AN/FPS-117 وهذا الرادار من الجيل الثالث، يعمل بتقنية الرصد ثلاثي الأبعاد (3D) , و يتميز بقدرة عالية على كشف وتتبع الأهداف الجوية بما في ذلك الطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض، وله مدى بعيد يصل إلى مئات الكيلومترات و أيضا رادار AN/TPS-43 و هو من النوع التكتيكي المتحرك ثلاثي الأبعاد أيضًا وويُستخدم للمراقبة الجوية على المدى البعيد والمتوسط , هذه الرادارات جزءًا من مشروع "درع السلام" (Peace Shield) الذي كان يهدف إلى إنشاء شبكة دفاع جوي متكاملة تربط الرادارات الأرضية مع الطائرات المقاتلة ناهيك عن السفن الحربية السعودية المنتشرة في المياه الإقليمية و قدرتها على الرصد و المتابعة
بمعنى أخر كان الوضع تحت السيطرة بشكل كامل و لا يمكن أن يخفى شيء على سلاح الجو السعودي ولا عن سلاح البحر
ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد وصلت منطقة الحد الشرقي عين اليمامة و أنا على الارتفاع المطلوب و المسار الصحيح , سوف أبدأ بتنفيذ عملية المراقبة و الحراسة حسب الخطة
برج عزم : سهم واحد نسمعك بوضوح , باشر في تنفيذ واجب المراقبة و الحراسة حسب الخطة , لقد أصبحت ضمن مدى رؤية عين الأبرار و مجالك الجوي خالي من الأهداف المعادية , خذ حذرك فهناك رسائل جوية عديدة قد تظهر في المنطقة
ملازم أول سند : عُلم ذلك وجاري العمل بالمعلومة إنتهى
(( عين الأبرار هو الرمز الخاص برادار AN/FPS-117 البعيد المدى ))
ملازم أول سند يكلم نفسه : الحمد لله الذي أنعم علي بهذه النعمة و القدرة على الطيران من بين العديد من أقراني و أبناء جيلي , إنه شرف عظيم و كذلك شعور لا يوصف , أبلغ الخامسة و العشرين من عمري و ها أنا أحلق بأحدث و أقوى طائرة في العالم إمتلكتها دولة عربية في وقتنا الحاضر , السرعة و القوة و التقنية العالية و السماء العالية بلا حدود و زرقتها و مياه الخليج الصافية و الأمواج القريبة من الساحل , كل هذا لا يمكن أن يكون أي منظر في العالم بديل له أو حتى يوازيه , أنا سعيد جدا لأني هنا و الأن علي التركيز على مهمتي فلدي خمس ساعات من الطيران
بدأ الملازم سند بتتبع بروتوكولات دورية الحراسة وهو يتكلم بصوت مسموع من أجل التسجيل الصوتي للرحلة
ملازم أول سند : سوف أبدأ في تفعيل بروتوكولات دورية الحراسة أولا سوف أصعد إلى إرتفاع
40 ألف قدم (12,192 مترًا) , هذا الإرتفاع يمنحني أفضلية تكتيكية و يزيد من مدى كشف الرادار و يقلل من تأثير الهواء الساخن على أداء الطائرة و يمنحني قدرة أكبر على التعامل مع الأهداف الجوية المعادية
ثانيا سوف أقوم بزيادة سرعة الطائرة لتصل إلى 0.9 ماخ (1102 كم/ساعة). هذه السرعة مثالية للدوريات الجوية لأنها تتيح لي تغطية مساحة واسعة بسرعة معقولة، وتوفر مرونة كافية لزيادة السرعة في حالة الحاجة إلى اعتراض أي هدف معادي قد يظهر ضمن مجالي الجوي
ثالثا علي وضع نظام السيطرة على الأسلحة في حالة الإستعداد (Standby) ثم علي التأكد من جاهزية صواريخ AIM-120 AMRAAM جو-جو و إبقاء نظام المدفع الرشاش M61 Vulcan
في حالة تأهب للتعامل مع أي تهديد قريب
رابعا وهي الخطوة الأخيرة تحويل تردد الرادار APG-70 إلى وضع البحث الجوي بعيد المدى , هذا الإعداد يمكنني من توسيع نطاق المراقبة الجوية مما يضمن لي كشف الأهداف و التهديدات الجوية من مسافة بعيدة و الحصول على الوقت الكافي للتعامل معها كما سوف أفعل خاصية التردد المتغير لتجنب التشويش الإلكتروني
إنتهيت من إتباع بروتوكولات الحراسة الجوية , من سهم واحد إلى برج عزم لقد إنتهيت من إعداد بروتوكولات الحراسة الجوية وأنا الآن ضمن خط التحليق المخصص لي , لقد بدأت دوريتي
برج المراقبة : من برج العزم إلى سهم واحد عُلم و الأجواء أمامك خالية لحد الآن من أي هدف جوي , إنتهى
تابع سند تحليقه بطائرته و الشعور بالسعادة يغمره بين الحين و الأخر و كأنه فتى صغير و لم يستطع كتم هذا الشعور داخله كثيرا إذ كان يبتسم و يضحك ضحكة خفيفة بين الحين و الأخر و يحمد الله على ما هو فيه
كيف حالكم إخواني الكرام
أود طرح هذه المقدمة عليكم و أخذ أرائكم المختلفة فيها
(( هذه المقدمة فقط و القصة ستدور أحداثها عن مواجهات متخيلة بين سلاح الجو السعودي و العراقي من جهة و سلاح الجو الإيراني من جهة ثانية فوق مياه الخليج أثناء حرب القادسية الثانية ))
مقدمة القصة :
اشتعلت الحرب بين العراق و إيران عام 1980 و لا تزال رحاها تدور منذ أربع سنوات و لا يبدو أنها ستنتهي أو تتوقف قريبا , كلنا كعرب و مسلمون وقفنا إلى جانب العراق حكومة و شعبا دون أن نفكر مرتين في الأمر و كانت التعليمات واضحة من أعلى منصب في القيادة السعودية (( دعم الأشقاء في العراق بكل ما يحتاجونه )) لذلك كانت أبوابنا و حدودنا و أجوائنا مفتوحة لكل أنواع البضائع و الشحنات سواء العسكرية أو المدنية على حد سواء
أما دورنا في القوات المسلحة السعودية كان صارما (( حماية حرمة أجواء المملكة و مياهها وأراضيها من أي معتد و بأي ثمن )) و هنا يأتي واجبي كملازم أول طيار في سلاح الجو السعودي السرب 13 الجناح الثاني قاعدة الملك عبد العزيز في الظهران قائد طائرة F15/D , لم يكن وجودي في قاعدة الملك عبد العزيز مجرد فترة أقضيها في الجيش لفترة محددة من حياتي ثم أغادر بل كانت حياتي بذاتها كشاب دخل مرحلة الرجولة في الدفاع عن بلادي و حرمتها خصوصا أنها بلاد الحرمين و ثاني القبلتين و وجهة و قبلة المسلمين جميعا
لم أكن بحاجة إلى مبررات أو أعذار لاتخاذ قرار الانضمام لسلاح الجو في بلادي بل كان الدافع موجودا منذ الصغر لإختيار أفضل صنف رأيت نفسي فيه كجندي في السماء للذود عن هذه الأرض و أهلها و زوارها و كل من أتى إليها
كانت إقامتي في القاعدة مثالية من المأكل و المشرب و الملبس و المنام وممارسة العديد من النشاطات الرياضية و العقلية و طبعا القدرة اللوجستية على دعم و إدامة طائراتنا كانت عالية جدا و لله الحمد و بفضله ثم بفضل حكمة و ذكاء قيادتنا في المملكة العربية السعودية
دوري خلال هذه الفترة بعد تخرجي و استلامِ لطائرتي الخاصة من نوع إف 15 دي هو القيام بدوريات منفردة على طول منطقة جوية فوق مياه الخليج العربي و مقابلة للمياه الإقليمية الإيرانية , هذه المنطقة كانت تعرف لدينا كطيارين بالحد الشرقي عين اليمامة
كانت هذه المنطقة تبعد سواحلنا ب111 كلم و تمتد بخط شمالي غربي بطول يبلغ حوالي 254 كلم
قررت القيادة الجوية إقامة هذه المنطقة قريبة من أجوائنا كي نتمكن من مراقبة و حماية أجوائنا فوق مياه الخليج تحت شعار ردع الخطر خارجيا , أي عدم إنتظار الخطر أي كان ليدخل إلى أجوائنا أو مياهنا بل التصدي له و هو خارجها , هذه السياسة لم تعجب الحاكم في إيران بل تسببت له في ضيق كبير و طبعا رحبت القيادة العراقية بهذا الإجراء و رأته كسند و أداة ضغط على إيران في حربها هذه ضده , كان هناك العديد من النواحي الإيجابية لعملية المراقبة هذه منها كشف و إستطلاع مسافات و مساحات ليست بالصغيرة على طول حدودنا البحرية الجوية مع إيران و أيضا مراقبة العديد من السفن التي تنقل بضائع و مؤمن مختلفة ليس فقط للعراق بل لمختلف دول الخليج و العالم كذلك لأن الكثير منها كان ينقل بضائع مختلفة من دول الخليج و العراق نحو باقي العالمي و أهم بضاعة من هذه البضائع كان النفط الذي يلعب دورا محوريا ليس فقط في هذه الحرب بل أيضا في إقتصاد المنطقة و العالم و يشكل ركيزة أساسية في محور الطاقة العالمي الذي يحدد توازن ميزان القوى العالمية بين الشرق و الغرب
كنا كطيارين مدركين لهذه الأمور و أهميتها لذلك كان واجبنا يحمل بُعدا وطنياً و عربياً و كذلك عالميا و لم نكن نتهاون أو نتقاعس عن تأدية اي دور أو تنفيذ أي تحرك مهما كان صغيرا أو كبيرا
اليوم الإثنين هو 1 ذو القعدة 1405 هجري الموافق ل 1 حُزيران 1984 ميلادي وكان اليوم دوري للقيام بدورية انفرادية على طول الحد الشرقي و طبعا لن أكون لوحدي بل سوف أكون مدعوم بتوجيه و كشف و متابعة من مجموعة من الرادارات الأرضية بعيدة المدى و كذلك التواصل مع الطائرات الحربية من نفس النوع و التي تحلق على مسافات أبعد و أيضا التواصل مع السفن الحربية السعودية فوق سطح الماء , بهذه الطريقة نقوم بتوجيه العدد المطلوب من المقاتلات لتغطية أكبر مساحة ممكنة دون لفت إنتباه إيران أو إعطائها أي ذريعة لجر بلادنا نحو حرب مباشرة معها و طبعا إذا ما حصل شيء لا سامح الله فكل واحد منها أكثر من كفئ للقيام بواجبه و أيضا هناك دعم جوي و بحري كامل على إستعداد للمساعدة و النجدة من سهم واحد إلى برج عزم أطلب الإذن بالإقلاع من المدرج الثاني
من برج عزم إلى سهم واحد لديك الإذن بالإقلاع من المدرج الثاني , السماء صافية ولا طيور في الجو , بالتوفيق
سهم واحد : عُلم ذلك وجاري الإقلاع و أشكرك على الدعاء
بدء هدير محركات الإف 15 يرتفع أكثر فأكثر إلى أن وصل إلى درجة يصم فيها الأذان و لكن كان هناك صفير مميز للمحرك النفاث لا يقدره سوى من يعمل في مجال الطيران و يعشقه , بدأ ت الطائرة الضخمة تتحرك رويدا رويدا على المدرج البالغ طوله 3 كلم و تسعين متراً و في وقت لا يذكر بدأت النسر الحديدي يعلو في الهواء مرتفعا في سماء الظهران إلى أن وصل إلى الإرتفاع المنشود ثم و بكبسة زر واحدة ضم الملازم سند العليان عجال طائرته إلى داخل البدن و أغلق الهيكل الخارجي عليهما مما منح الطائرة شكلها المهيب الإنسيابي دون أي شائبة , كانت وحشا يحلق بهيبة نحو الأعالي
ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد بلغت إرتفاع 20 ألف قدم و سوف أبدأ الآن في الدوران نحو إتجاه الشرق سالكا الممر الجوي المحايد
(( تسمية لممر في الجو يمكن للطائرات الحربية السعودية المنطلقة و الهابطة نحو قاعدة الملك عبد العزيز أن تسلكه دون الدخول في أجواء مملكة البحرين ))
برج القيادة في قاعدة الملك عبد العزيز الجوية : من برج عزم إلى سهم واحد تم تلقي الإبلاغ و نحن نراقب تقدمك و السماء خالية أمامك أكرر السماء خالية أمامك استمر على بركة الله
ملازم أول سند : عُلم و بارك الله فيك على الدعاء
غير الملازم أول سند إتجاه طائرته نحو الممر الجوي و لقصر المسافة بين قاعدة الظهران و حدود مملكة البحرين فقد وصل إلى وجهته في وقت قصير و بعدها مرت دقائق معدودة وصل بعدها إلى المنطقة المعهود له بحراستها
ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد وصلت إلى الحد الشرقي عين اليمام سوف أرتفع لعلو 37 ألف قدم حسب الخطة ثم سوف اتجه شمالا حتى أبلغ نقطة الالتفاف الأولى
برج المراقبة : سهم واحد تلقينا بلاغك و باشر الصعود حسب التعليمات ثم تابع نحو نقطة الالتفاف الأولى , السماء خالية في مجالك الجوي حتى الأن لكنك سوف تلتقي مع صقر خمسة عند نقطة الالتفاف لذا يرجى العلم
ملازم أول سند : عُلم ذلك و جاري التنفيذ , سهم واحد انتهى
(( صقر خمسة هي طائرة إف 15 أخرى تابعة للسرب الثالث عشر من نفس الجناح الثاني متمركزة في القاعدة الجوية المتقدمة في حفر الباطن لغرض توفير مظلة جوية من نفس أنواع الطائرات ))
زاد الملازم أول سند من سرعة طائراته وهو يتسلق إلى الإرتفاع المطلوب و بعد وقت قصير بلغ الحد الشرقي و المرمز بعين اليمامة و هذا التعبير يرمز لأمرين الأول هو المنطقة الحدودية الفاصلة بين الأجواء و المياه الإقليمية للمملكة السعودية بطولها البالغ 254 كلم تقريبا و بين المياه و الأجواء الدولية في الخليج العربي و كلمة عين اليمامة ترمز إلى المنطقة التي تمثل نصف هذه المساحة و البالغ طولها 127 كلم تقريبا وهي المنطقة المسؤولة من السرب الخامس في قاعدة الظهران بينما المنطقة الثانية تسمى بالحد الشرقي عين نجد و تمتد هذه المنطقة من الحدود البحرية والجوية من دولة الكويت نزولا بنفس المسافة في مياه الخليج و مقابلة لمنطقة رأس الزور على الساحل , طريقة تسيير الدوريات الجوية بهذه الطريقة تسمح بنشر عدد مناسب من المقاتلات مع وضع فوارق زمنية و مساحية بينها يوفر قدرة أكبر على الكشف و إعتراض الأهداف المعادية ناهيك عن مراقبة الوضع من مسافة بعيدة بواسطة مجموعة رادارات من نوع AN/FPS-117 وهذا الرادار من الجيل الثالث، يعمل بتقنية الرصد ثلاثي الأبعاد (3D) , و يتميز بقدرة عالية على كشف وتتبع الأهداف الجوية بما في ذلك الطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض، وله مدى بعيد يصل إلى مئات الكيلومترات و أيضا رادار AN/TPS-43 و هو من النوع التكتيكي المتحرك ثلاثي الأبعاد أيضًا وويُستخدم للمراقبة الجوية على المدى البعيد والمتوسط , هذه الرادارات جزءًا من مشروع "درع السلام" (Peace Shield) الذي كان يهدف إلى إنشاء شبكة دفاع جوي متكاملة تربط الرادارات الأرضية مع الطائرات المقاتلة ناهيك عن السفن الحربية السعودية المنتشرة في المياه الإقليمية و قدرتها على الرصد و المتابعة
بمعنى أخر كان الوضع تحت السيطرة بشكل كامل و لا يمكن أن يخفى شيء على سلاح الجو السعودي ولا عن سلاح البحر
ملازم أول سند : من سهم واحد إلى برج عزم لقد وصلت منطقة الحد الشرقي عين اليمامة و أنا على الارتفاع المطلوب و المسار الصحيح , سوف أبدأ بتنفيذ عملية المراقبة و الحراسة حسب الخطة
برج عزم : سهم واحد نسمعك بوضوح , باشر في تنفيذ واجب المراقبة و الحراسة حسب الخطة , لقد أصبحت ضمن مدى رؤية عين الأبرار و مجالك الجوي خالي من الأهداف المعادية , خذ حذرك فهناك رسائل جوية عديدة قد تظهر في المنطقة
ملازم أول سند : عُلم ذلك وجاري العمل بالمعلومة إنتهى
(( عين الأبرار هو الرمز الخاص برادار AN/FPS-117 البعيد المدى ))
ملازم أول سند يكلم نفسه : الحمد لله الذي أنعم علي بهذه النعمة و القدرة على الطيران من بين العديد من أقراني و أبناء جيلي , إنه شرف عظيم و كذلك شعور لا يوصف , أبلغ الخامسة و العشرين من عمري و ها أنا أحلق بأحدث و أقوى طائرة في العالم إمتلكتها دولة عربية في وقتنا الحاضر , السرعة و القوة و التقنية العالية و السماء العالية بلا حدود و زرقتها و مياه الخليج الصافية و الأمواج القريبة من الساحل , كل هذا لا يمكن أن يكون أي منظر في العالم بديل له أو حتى يوازيه , أنا سعيد جدا لأني هنا و الأن علي التركيز على مهمتي فلدي خمس ساعات من الطيران
بدأ الملازم سند بتتبع بروتوكولات دورية الحراسة وهو يتكلم بصوت مسموع من أجل التسجيل الصوتي للرحلة
ملازم أول سند : سوف أبدأ في تفعيل بروتوكولات دورية الحراسة أولا سوف أصعد إلى إرتفاع
40 ألف قدم (12,192 مترًا) , هذا الإرتفاع يمنحني أفضلية تكتيكية و يزيد من مدى كشف الرادار و يقلل من تأثير الهواء الساخن على أداء الطائرة و يمنحني قدرة أكبر على التعامل مع الأهداف الجوية المعادية
ثانيا سوف أقوم بزيادة سرعة الطائرة لتصل إلى 0.9 ماخ (1102 كم/ساعة). هذه السرعة مثالية للدوريات الجوية لأنها تتيح لي تغطية مساحة واسعة بسرعة معقولة، وتوفر مرونة كافية لزيادة السرعة في حالة الحاجة إلى اعتراض أي هدف معادي قد يظهر ضمن مجالي الجوي
ثالثا علي وضع نظام السيطرة على الأسلحة في حالة الإستعداد (Standby) ثم علي التأكد من جاهزية صواريخ AIM-120 AMRAAM جو-جو و إبقاء نظام المدفع الرشاش M61 Vulcan
في حالة تأهب للتعامل مع أي تهديد قريب
رابعا وهي الخطوة الأخيرة تحويل تردد الرادار APG-70 إلى وضع البحث الجوي بعيد المدى , هذا الإعداد يمكنني من توسيع نطاق المراقبة الجوية مما يضمن لي كشف الأهداف و التهديدات الجوية من مسافة بعيدة و الحصول على الوقت الكافي للتعامل معها كما سوف أفعل خاصية التردد المتغير لتجنب التشويش الإلكتروني
إنتهيت من إتباع بروتوكولات الحراسة الجوية , من سهم واحد إلى برج عزم لقد إنتهيت من إعداد بروتوكولات الحراسة الجوية وأنا الآن ضمن خط التحليق المخصص لي , لقد بدأت دوريتي
برج المراقبة : من برج العزم إلى سهم واحد عُلم و الأجواء أمامك خالية لحد الآن من أي هدف جوي , إنتهى
تابع سند تحليقه بطائرته و الشعور بالسعادة يغمره بين الحين و الأخر و كأنه فتى صغير و لم يستطع كتم هذا الشعور داخله كثيرا إذ كان يبتسم و يضحك ضحكة خفيفة بين الحين و الأخر و يحمد الله على ما هو فيه