النقيب الطيار محمد جاسم السامرائي من السرب 96 للقوة الجوية العراقية.
قاعدة القادسية الجوية.
قائد طائرة MIG-25PD المرقمة 25221.
كثيرا ما تتداول المجلات العسكرية والتقارير الاعلامية اسطورة الـ F-15 على انها طائرة خارقة وكأنها قادمة من كوكب اخر، حيث يقتنع البعض قناعة تامة ان هذه الطائرة لم يتم اسقاطها بالمعارك الجوية او حتى اعتراضها بأي شكل من الأشكال وبمجرد الحديث عن سقوط هذه الطائرة تتبادر ملامح السخرية على وجوه محبيها فيكون الرد بشكل عفوي ومباشر لم تسقط الـ F-15 على الإطلاق وبدون أدنى شك تصحب هذه الاجابه ابتسامه بلهاء...
وهنا لا اوجه اللوم على اشخاص لديهم اهتمام في عالم الطيران كونهم يستسقون المعلومات من خلال قطب واحد، الا وهو الجانب المصنع لهذه الطائرة والمستخدم في نفس الوقت، فعندما يظهر جيرمي كلاركسون Jeremy Clarkson في برنامجه الشهير Top Gear يتحدث عن 99 انتصار جوي لطائرة الـ F-15 دون اي خسارة تذكر في منطقة الشرق الاوسط، وإذا ماحاولت مواجهتها سوف لن تنجو من هنا يمكنك ان تستنتج عدد المغفلين حول العالم الذين يؤمنون بكل قوة ان الـF-15 لم تسقط نهائيا "فكم هم عدد العشاق لهذا البرنامج وكم هم عدد محبي جيرمي كلاركسون" ؟.
كذلك التقارير العسكرية التي عجت بها الكتب والصفحات الالكترونية التي تشيرالى 104 انتصار جوي مؤكد لهذه الطائرة حول العالم، اذاًو بدون شك هذا السرك الامريكي قد نال اعجاب الكثيرين حول العالم منذ ان بدأت مسيرته خلال الصراع العربي الاسرائيلي عندما كانت طائرات الـF-15 الإسرائيلية تواجه الـMIG-21 السورية لتتطور الاحداث في ما بعد لمواجهة طائرات الـMIG-23 محققة انتصارات جوية على طائرات من الجيل الثاني والثالث بقدرة رادارية دون مستوى الصواريخ المحمولة على بدنها، هذا اذا لم تكن معظم الطائرات السورية تعاني من مشاكل فنية وتقنيه بالأساس، وهذا كل ما يعرفه معظم القراء وعامة الناس لكن ما لا يعلمة الجميع انه الطيارين السوريين استطاعو بالفعل من اسقاط على الاقل ثلاث طائرات F-15 أسرائيلية بطائراتهم الـMIG-23 خلال تشرين الاول عام 1983 و خمس طائرات F-16 لغاية عام 1985 من خلال المعارك الجوية التي دارت للفترة مابين 1982 حتى 1985 وفقا لمصادرغربية واللمؤرخ الروسي فلاديميراليا Vladimir Ilyin، اذاً من خلال هذ الصراع لم تكن طائرات الجيل الثاني والثالث صيداً سهلاً لطائرة متقدمة من الجيل الرابع تحمل رادار متقدم، لكنها احرزت من خلالها سمعة وسجل حافل بالانتصارات الجوية على حساب دول لا تعير اهتمام بالغ للانتصارت الجوية او حتى توثيقها بشكل المطلوب وهذا ما لم يفعله السورين او حتى العراقيين خلال حرب الخليج الاولى والثانية، اي تصوير الاحداث ونشرها بشكل يثبت انجازاتهم على الرغم من تجربة التوثيق ممكن ان تخدم وتساهم في عملية التدريب والتدريس للأجيال الاخرى وليس الهدف منها الاعلام فقط اواثبات النصرعلى حساب الاخر في حين كانت هذه التجربة واضحة خلال الحرب العالمية الثانية حيث اعتمادها الطيارين الالمان والبريطانيين والامريكان في تصويرمعاركهم الجوية، فيمكن ان تتخيل كم هومؤثر ومؤكد مشاهدة مقطع من معركة جوية يتم من خلالها اسقاط طائرة معينه فهل يحتاج الى تأكيد بعد ذلك..؟
مرورا بحرب عاصفة الالكترونيات حرب الخليج الثانية عام 1991 اذ كانت اول حرب الكترونية يخوضها البشر في تاريخ الكرة الارضية، اجتمع فيها اكثرمن 34 دولة, عشرها متقدم صناعيا وتكنولوجيا بفارق كبير جدا وليس هناك اي مجال للمقارنة وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية، لذلك يظهر احد برامج هذ السيرك قدره جباره لتحمل هذه الطائرة لقوة G12 في احدى المناورات القتالية خلال حرب عاصفة الصحراء، وبناءعلى ذلك ظهرت قدرة التحمل هذه بصورة جلية في يوم 19 اب 2011 في سماء روسيا خلال احدالمعارض الجوية MAKS حينما سحب قائد طائرة الـF-15 الامريكية المرقمة 91-303 قوة G8 لتتهشم وتتطاير معها اجزاء من ذيل الطائرة الايسر لعدم قدرة البدن تحمل هذ الكم المفاجئ من الضغط،،، آه يالها من خيبه امل لم تتحمل 8G ؟ لقد اخبروا العالم بـ G12 من قبل !!
نعود الى مهرجان حرب الخليج عام 1991 والطائرة الفولاذية F-15 والانتصارات المزعومة. وفيما يلي جدول يوضح خسائرالقوة الجوية العراقية خلال حرب الخليج الثانية، الحقول بالون الأحمر انتصارات مزيفة ولااساس لها من الصحة.
الان أصبح من الواضح بعد الاطلاع على الجدول أعلاه ان اكثر الإصابات أنجزت بصواريخ راداريه وهذا يعطي فكره واضحه ان طائرة الـF-15 كانت تعمل بإسناد مباشرة من قبل الأوكس AWACS وجميع الأهداف قد تم التعامل معها من خارج نطاق الرؤية، كما يعرف بـ Beyond-visual-range BVR ولم يكن هناك أي اشتباك تلاحمي الا ما ندر كما حصل مع النقيب قاسم خلف حمد قائد طائرة الـ MIG-29 من السرب 39 للقوة الجوية العراقية، وبالكاد التقطوا انفاسهم تجنباً للاشتباك معه عن قرب وفي نهاية المطاف لم يستطع كل منهما " الطائرات الامريكية " من اصابته علماً كلا الطائرتين الامريكيتين كانت مسنودة بطائرة اوكس ايضاً، أما فيما يخص الطائرتين الـMIG-29 العراقية التي أصيبت في الليلة الأولى من الحرب، لم تكن الـF-15 اكثر تطورا او من يقودها اكثر مهارة ، لا بل على العكس؛ لكن الامريكان استهدفوا مراكز السيطرة (الموجه الارضي) فبعد انقطاع الاتصال مع المسيطر الأرضي أصبحت كلا الطائرتين شبه تائهة في السماء "حتى لم يستطع تميز بعضهم البعض" من الصديق او العدو او حتى مكان تواجد الطائرات المعادية لذألك كانت هدفاً سهلا لطائرات الـF-15 الامريكية، وهنا يظهر بكل وضوح أن رصيد الانتصارات الجوية لطائرة الـF-15 يزداد على حساب طائرات حديثة ومتقدمة أيضا لكن بأسلوب لا يستدعي الدخول باشتباك تلاحمي او حتى اظهار النفس للخصم، كي تستمر هذه الانتصارات بنفس الأسلوب و بسيناريو مكرر تحت شعار الـ Dogfight...
وبناءً على ذلك كي تكون أحد ابطال طياري الـF-15 في الولايات المتحدة الامريكية لا يستدعي الامر ان يكون لك تاريخ عريق كأن تحلق بطائرة SU-7 او الهوكرهنترHawker Hunter على الجبهة المصرية او السورية وتدخل في مواجهة الالة الحربية الإسرائيلية المتقدمة في حينها، لتحرز نصراً تغير من خلاله مجريات حرب لصالح القوات الصديقة، هذا إذا لم أرد الخوض في مهمات قتالية كانت تنفذ على مر ثمان سنوات من الحرب تطلب فيها ان تقطع الاف الاميال في العمق الإيراني وصولا الى بحر قزوين وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، مرورا بجزيرة خرج الإيرانية ومضيق هرمز وفق ظروف جوية عسيرة و إمكانيات محدودة وتحديات تجعل منها اكثر المهمات خطورة و مستحيلة في تاريخ القوات الجوية، نفذت بطائرات جميعها من الجيل الثاني والثالث...
فكل ما تحتاجه فقط ان تكون شخص وسيم تلتقط بعض الصور (اما) مع العلكة الامريكية الشهيرة او تحتضن طفله بسن الخامسة "وان لم تكن طفلتك طبعا" فقط للصورة كي تكون بمظهر الشخص الذي يعتمد علية لحماية الديمقراطية الامريكية لهذ الجيل والمجتمع من شر الاشتراكيين، والأفضل من كل هذا اوذاك ان تكون الصورة فوق ابار نفط مشتعلة مع عبارة liberated بعد ذلك سوف لن يكون هناك اي مجال للشك بأن جميع أعضاء السيرك ابطال مع 104 انتصار جوي مؤكد...
حقيقتاً ليس هناك من سخرية في الموضوع لكن (هناك من يقرأ) وأرحب بكل القراء ولذألك اضعها بين قوسين لهم، ربما سيتكرر الحديث مره اخرى عن الحرب الفيتناميه او الحرب الكورية، لكني أذكر ان محور الحديث في هذ الموضوع عن الانتصارات المزعومة للـF-15 والاسلوب الذي حققته من خلاله، فبدون شك ان القوة الجوية الامريكية كبيرة جداً ولها تاريخ عميق و عمليات مميزه حول العالم.
F-15 في غياب الاوكس AWACS.
تبدأ احداث الموضوع منذ فترة ارسال الطائرات الى إيران،
كانت الطائرات الامريكية F-15 تقاطع الطائرات العراقية المتوجهة الى إيران وتسقطها، في وقت لم تكن الطائرات العراقية مسلحة كي تتمكن من الدفاع عن نفسها، اضف الى ذلك أنواع الطائرات المرسلة فهي بالأساس طائرات هجوم ارضي وطائرات نقل وليست طائرات اعتراضية، و من هذه الطائرات(SU-25 وSU-20 وSU-24 وMIG-23BN وIL-76 واخيراً الـMirage F-1) وإذا ما أعدنا النظر في الجدول المرفق أعلاه ستجد أن جميع الطائرات قد اسقطت بصواريخ رادارية AIM-7M ايضاً، أي حتى الطائرات الغير مسلحة اوالتي لا تملك مؤهلات القتال الجوي بشكل جيد او حتى معدومة مثل طائرات النقل، و جميعها تم التعامل معها من مسافات بعيده BVR من دون أي مجهود..
لذلك وبشكل لا يعطي مجال للشك انتهز الامريكان هذه الفرصة لرفع سجل الانتصارات الجوية لطائرة الـF-15 لتظهر فيما بعد على انها الطائره الفولاذيه والأفضل وبدون اي منافس..
بناء على ذلك خططت قيادة القوة الجوية العراقية لاسقاط الطائرات الامريكية الـF-15 بأسلوب الكمائن، وذلك بسبب الفرق بين عدد الطائرات الامريكية المتواجدة في سماء المعركة والتكنلوجيا المتوفرة في ذلك الوقت(وهنا تبدأ الأحداث).
في يوم 28 كانون الثاني عام 91 استدعت قيادة القوة الجوية نخبة من الطيارين العراقيين على طائرة MIG-25 PDS والـMIG-25PD من السرب 97 في قاعدة تموز في الحبانية والسرب 96 من قاعدة القادسية الجوية في البغدادي، و(يجدر الإشارة الى ان معظم ظن القراء او حتى الصحف والموقع العسكرية بان طائرة الـMIG-25 PDS هي الأطوار والأكثر تقدما وهذا غير صحيح فالأخيرة تم تطويرها و تعديلها لاحقاً في الاتحاد السوفيتي، لكنها لم تصل الى مستوى القدرة القتالية للـ PD كذلك طائرة النقيب الطيار زهير جليل داود كانت MIG-25PD وليس PDS كما اشارت الكثير من الموقع الالكترونية لذلك).
تم استدعاء الطيارين الى بغداد في قيادة القوة الجوية الكائنة في حي المنصور لشرح وتوضيح الخطة والاخذ برأي الطيارين وتعديل الخطة إذا ستوجب الامر، لكن الاجتماع تم في المقر البديل لآن مقر القيادة كان مهدم جراء القصف الآمريكي، كان هناك عدد من طياري الـMIG-21 و الـMIG-23 قد تم استدعائهم ايضا قبل ذلك وقد ابلغ جميع الطيارين والمنتسبين بإخفاء الخرائط و الرتب لآن بدلات الطيارين يمكن تمييزها بسهولة (احترازا من اي ضربه ممكن ان توجهها القوات الأمريكية للمقر كما فعلت من قبل فقد قصف ملجأ قاعدة فرناس في الموصل وملجأ قاعدة علي في الناصرية وأستشهد عدد من الطيارين والمننسبين ممن كانوا متواجدين فيه).
• تم جمع الطيارين في قاعة مخصصة لدراسة الواجب المكلف وبداء شرح المهمة على خارطة جدارية، في ذلك الوقت كان المتحدث اللواء الطيار كمال عبد الستار.
ملخص الواجب:
حسب مراقبة ومتابعة الدوريات "لطائرات الـF-15 الامريكية" تقوم هذه الطائرات بدوريات لمراقبة الشريط الحدودي مع إيران لآسقاط أي طائرة تحاول العبور بالإضافة الى ذلك تم حساب مدة الدورية والوقت ما بين تبديل التشكيل باخر.
وبعد الخوض بتفاصيل الدوريات الامريكية المحتملة وساعة واوقات الهجوم والقاعدة الجوية المرشحة لتنفيذ الواجب، والمنطقة التي يتم تنفيذ الواجب فوقها وكيفية التواصل مع الموجة الأرضي "الرئيسي والبديل رقم 1 والرقم 2".
تم التوصل بعد التعديل مع الطيارين العراقيين على الخطة الى ما يلي:
• ان يكون تنفيذ الواجب خلال النهار.
• ان يكون الواجب بالتناوب بين سربي القادسية والحبانية.
• المنطقة المقترحة للاشتباك ان تكون ما بين مدينة ديالى ومدينة سامراء.
• حصلت الموافقة للمرة الأولى والأخيرة " إعطاء كامل الصلاحية لمن يقوم بتنفيذ هذا الواجب بالتحليق فوق أي جزء او أي مكان في العراق و حتى القصر الجمهوري إذا اقتضت الضرورة " وهذه الصلاحية لم تعطى لآأي أحد لا من قبل ولا من بعد.
تحظيرات الخطة.
• ان تكون طائرتين في حالة استعداد لتنفيذ الواجب خلال فتره زمنية معينه من النهار.
• ان يكون استعداد الطيارين في مقرات بديلة بعيدة عن مقر السرب وملاجئ الطائرات.
• تم الاتفاق على تسمية قائد التشكيل بـ "حسن واحد" و الرقم اثنان بـ"حسن اثنان".
يتم متابعة الأهداف الجوية المعادية ومراقبة تحركاتها حتى قرب انتهاء مهمة المراقبة المكلفة بها (حيث تكون قد استنفذت وقودها تقريباً) قبل وصول التشكيل المعادي الاخر الى منطقة الاشتباك(أي استبدال الدورية بأخرى) يبدأ الهجوم عليهم بطائرتين MIG-25 من جهتين:
• تقلع كلا الطائرتين في نفس الوقت وتتوجه بسرعة قتالية عالية نحو أهدافها وفي مرحلة ما من التوجيه ينفصل التشكيل فتتوجه احدى الطائرات الى ديالى بينما الأخرى تتوجه نحو سامراء ويباشر الطيارين بالهجوم من محورين وكلً على حده ومن جهتين مختلفة لضمان مساحة كافية للمناورة لكلا الطائرتين ووضع الطائرات الامريكية في كماشة فاذا ما حولت التوجه او الهرب من طائرة الـMIG-25 فوق مدينة ديالى ستواجه طائرة الـMIG-25 من جهة سامراء والعكس بالعكس.
كان هناك جزء مهم من هذه العملية لم يخبر به الطيارين العراقيين وتم مواجهته من قبل الطياربن "بعد انتهاء الواجب" واثناء مرحلة الهبوط....
وبعد الانتهاء من شرح كل التفاصيل، هنا طلبوا من الطيارين تسمية هذ الواجب...؟
التنفيذ
في يوم 29 كانون الثاني 1991 بعد الساعة 12 ظهراً، كان النقيب الطيار محمود عواد من السرب 97 للقوة الجوية العراقية والنقيب الطيار محمد جاسم السامرائي في حالة استعداد لتنفيذ الواجب داخل المقر البديل، فالنقيب محمد جاسم السامرائي من سرب القادسية 96 لكنه كان يعمل مع سرب الحبانية (تعزيز موقف).
رن جرس الحركات وطالبو من النقيب محمود عواد والنقيب محمد السامرائي التوجه فورا للطائرات وعلى الفور باشر كلا الطيارين بتنفيذ الامر، بعد ان اقلتهم مركبة الى ملاجئ الطائرات "لبعد المسافة" اخذ كلا الطيارين تفحص طائراتهم والجلوس في مقصورة القيادة انتظارا لتلقي الأوامر واستعدادً للانطلاق...
مرت لحظات على الجلوس في قمرة القيادة انتظاراً لأوامر الإقلاع وما من شيء جديد سوى الصمت المطبق وسماع صوت انفاسك ليس أكثر....
تمر اللحظات ببطيء شديد، ليس هناك سوى الانتظار والترقب وحبس الانفاس...
مزيج معقد من الأفكار يخطر بين الحين والأخر كيف هوا حال العراق وماذا سيحصل بعد...!
كيف ستكون اللحظات القادمة " متى و اين و كيف " ومن ثم تعود لتتهيئي نفسياً (الان سيصدر الامر) لتلقي نظره أخرى من جديد على مقصورة القيادة لتتفحص كل شيء مره أخرى مع صمت يبدو لا نهاية له...
مرت ساعتين وهم يجلسون في مقصورة القيادة في حاله تأهب واستعداد عالي لتنفيذ الواجب، في حين كانت الرادارات العراقية تتابع تحركات الطائرات الامريكية ومسارها.
وبعد انتظار طويل مصحوب بجهد نفسي كبير...
هنا حصلت قرقشة في سماعة الاذن ...
أجزاء من الثانية....
جـــــاء الاتصال !!
نادى المسيطر الأرضي لكلا الطيارين بالتوجه فورا الى المقرات البديلة تم الغاء الواجب بأمر من القيادة...!
لقد تم الغاء الواجب لأسباب ممكن ان تؤدي الى فشله، عاد كلا الطيارين الى المقر البديل بعد ان تهيأوا بشكل كامل لتنفيذ هذه المهمة.
مضى يوم 29 كانون الثاني 1991 ولم يكن هناك شيء مميز سوى الاستعداد للواجب بأقصى طاقة نفسية ومعنوية، لتشرق الشمس على يوم جديد من حرب الخليج الثانية، يوم لا يعرف كلا الطرفين المتحاربين ماذا يخفي ورائه...
في اليوم التالي 30 كانون الثاني 1991 وفي الساعة الواحدة ونصف بعد الضهر رن جرس الحركات وكان الرائد الطيار علي جاسم "المتكلم" فطلب من النقيب الطيار محمد السامرائي حيث كان هو من اجاب الهاتف والنقيب الطيار محمود عواد بالتوجه الى الهضبة على الفور(أي القسم الاخر من قاعدة الحبانيه)، من المفترض في هذ اليوم ان يكلف سرب القادسية لتأدية هذا الواجب لكن تم اختيار النقيب الطيار محمود عواد والنقيب الطيار محمد جاسم السامرائي على التوالي لانهم يمثلان تشكيل مثالي في السماء، كان امر السرب العقيد الطيار الركن إبراهيم حسين جميل في انتظارهم و بعد الانتهاء من الاستعدادات المطلوبة من ارتداء الطوافات ووالقفازات وحمل المسدس الشخصي والتجهيزات الأخرى، في هذه الاثناء رن جرس الحركات وكان النداء بـ cockpit أي التوجه على الفور والصعود الى مقصورة الطائرات، في هذا الوقت تم نقلهم و التوجه بهم الى ملاجئ الطائرات و في هذه اللحظات تبادر امر مهم لدى النقيب الطيار محمد السامرائي:
الإقلاع سوف يكون من على طريق المدرج Taxiway الذي يربط بين المدرج الرئيسي وملاجئ الطائرات، لأن المدرج الرئيسي متضرر ولا يمكن استخدامه وطريق التكسي ضيق ولا يسمح بإقلاع طائرتين كبيرتين بهذا الحجم في نفس الوقت.
كان النقيب الطيار محمد السامرائي على علم بهذا الامر منذ شرح الواجب والتخطيط له، لكن تبادر في ذهنه إذا ما كانت هناك طائرات معادية قريبه " لم يتم كشفها " واقلع النقيب الطيار محمود عواد قبله وكشف امره سيكون هو في وضع حرج جداً وهدف سهل للطائرات المعادية، لذلك طلب النقيب الطيار محمد السامرائي من قائد التشكيل النقيب الطيار محمود عواد ان يعطي فترة زمنية أطول قدر المستطاع عند الإقلاع (اولاً) كي يكسب سرعة كافية (اثنان) تكون الفترة قصيرة جداً بين اقلاع قائد التشكيل(رقم 1) والنقيب الطيار محمد السامرائي(رقم2) وبذلك يكون قد امسك السماء بفارق ثواني فقط، واذا ما تم كشفهم سوف لن يكون في وضع خطر ويستطيع الدفاع عن نفسه طالما هوا بعيد عن المدرج ولديه سرعة، وافق قائد التشكيل النقيب الطيار محمود عواد على هذه الفكره وتم الاتفاق مبدئيا على تنفيذها..
عـملـية ســـامراء..!
اعتلا كلا الطيارين النقيب الطيار محمود عواد قائد التشكيل والنقيب الطيار محمد جاسم السامرائي طائراتهم، وفورا صدر الامر بالإقلاع !
اتجه قائد التشكيل أولاً بطائرته على Taxiway لينبثق بكل قوة لهب الاحتراق الخلفي من محركات الـMIG-25 العملاقة وينطلق بكل سرعة مخلفا ورائه هالة كبيرة من الغبار والتراب المنبعث من طريق المدرج بسبب الحارق الخلفي بعدها لاحظ النقيب الطيار محمد السامرائي طائرة قائد التشكيل ترتفع من خلف الغبار متوجه نحو السماء، تبادر الى ذهنه ان قائد التشكيل قد نسي الاتفاق...
الان أصبح النقيب الطيار محمد السامرائي في وضع أكثر صعوبة إذا كان علية في البداية الانتظار لنصف دقيقة كي يقلع خلف قائد التشكيل الان أصبح مجبر أن ينتظر لدقيقة إضافية او أكثر بسبب ردائة الرؤية على المدرج وبدون شك بعد ان أقلعت الطائرة الأولى فقد تم كشفها لذلك الطائرة الثانية لازالت على الأرض فهي الهدف المحقق للعدو، وعلى الفور توهجت محركات الـMIG-25 للنقيب الطيار محمد جاسم السامرائي ليشق طريقة من خلال سحابة الغبار ومن ثم تعانق اجنحة طائرته العملاقة السماء، رفع النقيب الطيار محمد عجلات و قلابات الطائرة وحافظ على ارتفاع 20 متر فوق المدرج وانطلق بسرعة عالية وصلت بعد عدة ثواني الى 1000 كم/ ساعة والارتفاع يزداد ببطئ وصل الى ارتفاع منخفض لا يزيد عن 100 متر ليدوي صوت طائرته كل ارجاء منطقة الخالدية بعد ان مر فوقها بارتفاع منخفض....
عاد قائد التشكيل ليسأله:
• قائد التشكيل حسن 1: حسن 2 انا حاليا على ارتفاع 9 كيلو ارتفاعك ؟
كان النقيب الطيار محمد السامرائي بداء بالفعل يشاهد قائد التشكيل من خلال الآثر المتكاثف الـTrail المنبعث خلف طائرته، ثم ابلغ قائد التشكيل بكلمة "contact" أي مشاهد بصريا لكن لازال هناك فرق بالمسافة بين الطائرتين في حين كانوا على خط مستقيم باتجاه مدينة سامراء حينها سيفترق كل منهم بأتجاه اخر كما هو متفق ضمن الخطة وكانت طائرة الرقم 2 لا تزال تتسلق الى ارتفاع 9 كم, حقيقة كان (سباق مع الزمن كما هوا سباق مع الهدف) خلال هذه اللحظات طلب قائد التشكيل التحويل من القناة المحلية الى القاطع الأرضي الاساسي رقم واحد "لكن لم يكن هناك أي جواب"..!
تم التحويل على قاطع الموجه الأرضي الاحتياطي "تمت الإجابة" وهنا بدأت الاحداث تتسارع بشكل يخرج عن الإطار المخطط له.
فجأة نادى القاطع الأرضي: حسن 1 هدف معادي المسافة 100 كم الاتجاه (090) وهذا نقريبا في المنطقة مابين (بلد وسامراء) و استجابتةً لهذ النداء طلب قائد التشكيل "حسن 1" بالتسلق الى ارتفاع 12 كم فسمحوا له فباشر بالتسلق لارتفاع 12 كم، لكنهم لم يسمحوا للنقيب الطيار محمد السامرائي "حسن2"، طلب قائد التشكيل القاء خزان الوقود الاحتياطي فسمحو له، في حين لم يسمحوا للنقيب الطيار محمد بألقاء خزان الوقود، كانت قيادة القوة الجوية العراقية تنظر للأحداث المتسارعة بشكل مغاير عما هو في السماء، لذلك الاحداث القادمة ستظهر مستوى الأداء العالي باتخاذ القرار الصائب من قبل الموجه الأرضي والمهارة العالية للطيارالعراقي من خلال الآحداث المتسارعة والمفاجئات التي لم تكن في حسبان الطيارين او المسيطر الأرضي...
كان الموجه الأرضي يتعامل بشكل مباشر مع قائد التشكيل "حسن 1" لأنه ألاقرب الى الهدف، طلبوا من قائد التشكيل فتح الرادار في نفس الوقت كانت الطائرات الامريكية F-15 متوجهة نحوهم وبناء على ذلك بدأت المسافة تتقلص بسرعة كبيره (فكلاهم يتجه نحو الاخر بسرعة جنونية) كان القاطع الأرضي يعطي المسافة باستمرار لقائد التشكيل في حين كان قائد التشكيل يجيب فقط بكلمة "روجر Roger" محاولٍا امساك الطائرات الامريكية على الرادار قبل ان تفعل هي اولا (كانت رادارات الـMIG-25PD العراقية مطورة فقد جهز السوفييت العراقيين برادارات متقدمة ومعدله لهم أوسط و اخر الثمانينيات مثل N-005 كانت مسافة الكشف تصل حتى 120 Km والقفل LOCK ON الى 83 Km) لكن ثمة امر غريب كان يحصل!
سرعة الأهداف المعادية والمسافة المحسوبة بدأت تختلف عند قائد التشكيل والموجه الأرضي فعندما أصبحت الأهداف على مسافة 70 كم لدى الموجه الأرضي كانت ابعد من ذلك لدى قائد التشكيل...!
أصبحت المسافة الان 35 كم فقط عن الطائرات الامريكية لكن الـF-15 لم تطلق صواريخها بتجاه الـMIG-25 بعد..!
هل ضن الامريكان انها طائرة صديقة قادمة من جهة المنطقة الغربية ؟
تم احتساب مسافة الهدف من الموجه الأرضي واعطي الامر بأطلاق الصواريخ، اطبق قائد التشكيل على الهدف الظاهر على شاشة الرادار وأطلق صاروخ راداري R-40RD بتجاه الهدف الظاهر، انطلق الصاروخ بسرعة البرق مخلف ورائه سحابه بيضاء على امتداد الأفق ماهية الا لحظات ومن ثم ومضة انفجار في السماء...
اعطي قائد التشكيل الأمر بترك الهدف والرجوع بأتجاه القاعدة.
ولكن.......
ليس هناك أي جسم يحترق في السماء..!
ليس هناك سوى بقايا من الدخان الذي خلفه الصاروخ..!
ليس هناك أي طائرة على الاطلاق ...!!
فكل ما كان يحصل هو حرب الكترونية بين القاطع الأرضي والطائرات الامريكية لكن "الموجة الأرضي كان اذكى من تكتيك الطائرات الامريكية" فقد اجبر الطائرات الامريكية على ان تستنفذ قدرتها بالمخادعة، والان أصبح واضح على شاشة الرادار من هي الاهدف الحقيقيه ومن هي الاهدف الوهميه، ما استخدمته الطائرات الامريكية هوا ما يطلق علية بـ Mechanical jamming جهاز محمول على بدن الطائرة من شئنه عكس او اعاده عكس طاقة الإشارة الصادرة من رادارات الخصم على نطاق المشغل لهذا السبب حصل اختلاف في قياس المسافة لدى الموجة الأرضي و قائد التشكيل، فإشارة مسك الهدف لدى طائرة الـMIG-25 هي 83 Km لكن الأهداف ظهرت بمسافة اقرب لدى الموجه الأرضي والامر بأطلاق الصاروخ من الموجه الأرضي كانت الغاية منه ازاله الستار من على الهدف الوهمي وكشف الهدف الحقيقي...
• الان جاء دور النقيب الطيار محمد جاسم السامرائي "حسن 2"
بعد ان طلب الموجه الأرضي من قائد التشكيل العودة، كان النقيب الطيار محمد السامرائي في المكان المناسب حيث كان يغير اتجاهه مع قائد تشكيله فاتصل به القاطع الأرضي وطلب منه العودة والتوجه نحو الآتجاه 090 درجة.
الان كل ما تم التخطيط والاعداد له أصبح حقيقة...
ما هي الا لحظات فاصلة و....
تلقى النقيب الطيار محمد اتصال من الموجه الأرضي بان الهدف يبعد 70 Km فتح النقيب الطيار محمد رادار طائرته الـMIG-25 وشاهد الاحرف"PP" على شاشة الرادار وهي مختصر لمحاولة التشويش الايجابي باللغة الروسية، وكان رادار طائرته الـMIG-25PD يقوم بمسح التشويش ومعالجته في نفس الوقت، فتح النقيب الطيار محمد السامرائي رادار الطائرة وهنا المفاجئة...
كانت الأهداف تبعد فقط مسافة 45 Km على رادار طائرته ...
القيام بالقفل مباشرة وتشغيل المتابعة.....
القيام بالتمييز .....
(الاحداث ادناه حصلت في غضون ثواني فقط):
• اتصل النقيب الطيار محمد مرة أخرى بالقاطع (الهدف 40 أعطني موقع حسن 1) لم يكن النقيب الطيار محمد السامرائي يرى قائد التشكيل محمود عواد وكان يخشى انه قد اقفل برادار طائرته عليه بعد ان فقد اثرة بصرياً ورادارياً حينما طلب منه الموجه الأرضي بالتحول 090 درجة "رغم انه قام بالتمييز"...
• القاطع الأرضي (الهدف خمسين) !
• النقيب محمد (الهدف ثلاثين) اعطني موقع حسن واحد !
• القاطع الأرضي (الهدف أربعين) !
• النقيب محمد (الهدف عشرين) !
وعلى الفور فتح زر الاسلحة استعدادا لأطلاق الصاروخ ورفع الغطاء عن زناد الاطلاق..
رفع النقيب الطيار محمد السامرائي عيناه نحو الأفق ليتحقق من دقة قرائة الرادار... وإذا بـ (طائرتين F-15 امريكية بلونها الفضي) متوجهة بسرعة وبشكل جانبي مع مسار طائرته من اليمين الى اليسار وهي تلقي مشاعل حرارية ..!
صرخ النقيب محمد (فجول كوناكت Visual Contact) هدف مرئي FIRE...F 15 اطلاق !
ليهتز معها جناح طائرته الأيمن ويطلق صاروخ R-40RD راداري بتجاه الطائرات الامريكية F-15، اتجه الصاروخ بسرعة البرق نحو الطائرة رقم اثنان No2 من التشكيل الأمريكي (التي كان يتابعها ويحاول الإمساك بها على الرادار منذ البداية) ابتعدت كلا الطائرتين عن الأخرى لتجنب الصاروخ....
لحظات لينفجر بالقرب من الطائرة رقم اثنان من التشكيل الأمريكي متسبب بضرر في الرافع والمحرك الايسر للـF-15، استمر قائد التشكيل الأمريكي المضي بطريقة ومن الغريب انهم لم يكونوا على علم أين هي طائرة MIG-25 !!
ناور النقيب محمد بطائرته الـMIG-25 خلف الـF-15 على الفور وأقترب منه بمسافة 350m الى 400m لكن كان هناك فرق في الارتفاع بين الطائرتين الـF-15 الامريكية كان يزيد ارتفاعها 50 متر عن طائرة النقيب محمد وبسرعة 900 كم/ساعة، بينما كانت سرعة الـMIG 25 تقارب 1.5 ماخ منذ بداية الانقضاض على الهدفين وفرق الارتفاع هذا اعاق عمل الصاروخ الحراري R-60 الذي كان يحاول جاهدا متابعة الهدف لكن للاسف أصبح الهدف خارج مدى رؤية الصاروخ وهذا كان من حظ الامريكان طبعً والا كادت ان تكون الـF-15 في وضع لا تحسد علية اطلاقاً، اذا ما اسقطت طائره MIG-25 لوحدها ومن غير اي اسناد لزوج من طائرات الـF-15 بطلعة واحدة، وهنا فأته من المحتمل ان يكون قائد الطائرة المصابة قد ابلغ قائد التشكيل عن وجود الـMIG-25 خلفه !
فمن المستحيل ان يشاهد الطائرة من خلفة بهذه الزاوية، وإذا كان قد أنتبه الى الرادار عن وجود هدف معادي من خلفة لما استمر بالمضي قدما في طريقة طول هذه الفترة...
استمر النقيب محمد بالتوجه نحو الهدف بسرعه قتاليه عالية وكما ذكرت فقد "ابلغ" قائد التشكيل بوجود طائرة من خلفة،" وعليه سحب قائد الـF-15 طائرته الى اليسار بدوران حاد، ليمر من أسفل جناحه الايسر النقيب محمد بسرعة البرق(بالفعل كلا الطيارين التفت ليشاهد بعظهم للأخر، لكن حسب تصوري الشخصي لم يستطع قائد الطائرة الامريكية حتى تمييز نوع الطائرة التي مرت بالقرب منه) أصبح الان كلاهما في نفس اتجاه الدوران، لم يكن هناك متسع من الوقت بالكاد كلا الطيارين يلتقطون انفاسهم وبدون اذن القى النقيب محمد خزان الوقود الاحتياطي ونطلق بسرعة إضافية عالية وعيناه على جهاز التحذير وبلمح البصر أضاءت جميع مصابيح التحذير الـ44 محذره من خطر القفل والاطلاق وبالفعل اطلق قائد الـF-15 صاروخ بتجاه طائرة النقيب محمد لكنه كان مستعد تماما لهذه اللحظة و استجابه لهذ التحذير سحب طائرته بقوة بالتجاه المعاكس على اثرها تم كسر القفل والتملص من الصاروخ، لم يلتقط أنفاسه بعد واذا بقفل اخر احكم على طائرتة و اطلاق صاروخ اخر بتجاه النقيب محمد فكرر سحب الطائرة بأقصى طاقتها ليتجنب إصابة الصاروخ الثاني والافلات منه، لحظات ليشاهد خيوط بيضاء في السماء خلفتها الصواريخ التي اطلقت عليه...
الان أصبح من المحتم عليه ان يلحق بقائد التشكيل حسن 1 والعودة الى القاعدة في حين ترك قائد التشكيل الأمريكي Bingo Fuel ومن السهل العودة والاشتباك معه !
لقد ذكرت في بداية المقال (ان هناك جزء مهم من هذه العملية لم يخبر به الطيارين العراقيين)الاوهوا وجود تشكيل رباعي من طائرات الـF-15 الامريكية بالقرب من الكيلو 160 لكن هذه الدورية وضيفتها متابعة صواريخ سكود العراقية على الأرض وليس الطائرات العراقية، لم يكن امام النقيب محمود عواد قائد التشكيل والنقيب محمد السامرائي سوى 80 كم تبعدهم عن القاعدة.
كان يجب على الطيارين العراقيين تقليل من سرعتهم للهبوط في حين الطائرات الامريكية تسارع للامساك بهم..
الان توجب عليهم التوجه نحو القاعدة بسرعة سوبرسونك supersonic speed (سباق مع الزمن مرة أخرى) وكما حصل في بدء الامر قائد التشكيل محمود عواد وصل اولا، الا ان النقيب الطيار محمد عاد الى القاعدة بسرعة عالية فتوجه بطائرته مباشرة نحو الـ Final، لكن طائرة النقيب محمد السامرائي لازالت تحتفظ بنصف الوقود رغم انه بداء بتفريغه بدقائق قبل الوصول الى القاعدة بواسطة الـ nozzle فقرر الهبوط بمسافة امينه عن قائد التشكيل، بداء قائد التشكيل بفتح القلابات و تنزيل عجلات الهبوط landing gear متوجه نحو طريق التكسي Taxiway والنقيب محمد يتبعه بطائرته، والطائرات الامريكية لا تبعد سوى دقيقة ونصف او اقل من ذلك...
وفي اللحظات الأخيرة قرر النقيب محمد السامرائي الهبوط على المدرج الرئيسي رغم الاضرار والاصابات الحاصلة فيه كي يبعد أي خطر ممكن ان تسببه طائرته لقائد التشكيل، لامست عجلات قائد التشكيل الارض في حين اقتربت الطائرات الامريكية من القاعدة و بدائت تشاهد كلا الطائراتين الـMIG-25 وهي في طريقها للهبوط، لم تستطع الطائرات الامريكية القفل على طائرة النقيب محمد السامرائي بسبب ارتفاعة المنخف جداً ولم يكن يعلم ما اذا اغلقت الطائرات الامريكية صواريخها على طائرته ام لا، فما ان افتح قلابات الطائرة وانزل عجلات الهبوط تلقائياً تطفاء اجهزة الرادار و التحذير معً.
لذالك قرر قائد الطائرة الامريكية ان يطلق ثلاث صواريخ AGM-65D بتجاه طريق التكسي (بدون شك توقع الطائرة الاخرى التي يقودها النقيب محمد السامرائي) ستختار طريق التكسي للهبوط كما فعل قائد التشكيل، مرت الصواريخ فقط عدة امتار من فوق طائرة النقيب محمد لتصيب طريق المدرج وتنفجر بالقرب من طائرة النقيب محمد التي كانت قد تخطت الانفجار بسبب السرعة التي مر بها لحضة ملامسة المدرج الرئيسي والمحاولاتً الحثيثة منه لتجنب المناطق المتضررة التي غطته وتخطيها بسرعه عاليه مع ملامسة بسيطة جداً لارضية المدرج دون القاء حمل الطائرة برمتة على الارضية المتضرره....
كانت محاولات شبه مستحيلة نجح الطيار العراقي ان بتجاوزها بنجاح (اذا علمنا ان المدرج الرئيسي متضرر في بدايته ومنتصفه ونهايته) وأن وزن الطائرة في تلك الاثناء كان يتجاوز الـ35 طن.
نجح النقيب محمد السامرائي بالهبوط بسلام بطائرتة الـMIG-25 رغم كل التحديات والمخاطر التي واجهها خلال مهمته بالاشتراك مع قائد التشكيل محمود عواد، ومازال يتوجب عليهم ان يتوجهو بطائرتهم الى الملجئ كي تكون في مأمن من نيران الطائرات الامريكية التي لا زالت تحلق فوق من القاعدة والتي استفادت من تقييد اسلحة الدفاعات الجوية التي تم تقييدها لتأمين نزول التشكيل العراقي لفتره زمنية.
كانت مهمه قتالية خاطفة سباق مع الزمن كما هوا سباق مع التكنلوجية كانت معركة جوية تخطت حاجز الصوت بسرعة قتالية تفوق الـ1.5 ماخ لم تسجل اي معركة جوية بهذه السرعة، كانت ولا زالت الفريده من نوعها و ادائها.
اتجهت الطائرات الامريكية F-15 المصابة و قائد التشكيل الامريكي بتجاة الاجواء السعودية دون اي امل بنجاة الطائرة، لم يعد هناك اي جدوى من اعادة ارضاعاها جوا فالمحرك الايسر يحترق واي محاوله ارضاع جوية ممكن ان تتسبب بنفجار الطائرة، انسحبت طائراتالامريكية F-15 الآريعة التي كانت مكلفة بمراقبة صواريخ سكود العراقية في المنطقة الغربية بتجاه الاجواء السعودية ايضاً (ليس هناك من سبب يجبرها على الانسحاب سوى توفير غطاء جوي للطيار الامريكي الذي بدوره سيحاول القذف من طائرته داخل الاراضي السعودية) في حين قائد التشكيل الامريكي غير قادر على الاستمرار لتوفير الحماية بسبب نفاذ الوقود ويتوجب عليه ايضاً اعادة الارضاع جواً فكلاهم في وضع حرج جداً الاول قد اصيبت طائرته والاخر (قائد التشكيل) استنفذ كل وقوده في المعركة التي لم تكن في الحسبان في وقت كان تشكيلهم على وشك انهاء الدورية.
عملية سامراء واحدة من اهم العمليات القتالية للقوة الجوية العراقية خلال حرب الخليج الثانية 1991.
أعودا الى البدء وفي مقر قيادة القوة الجوية البديل...
بعد الانتهاء من شرح الواجب المذكور اعلاه طلبت القيادة من الطيارين تسمية الواجب..؟
كان النقيب محمد جاسم محمد السامرائي هومن اختار الاسم لهذه العملية .
لم يكن يعلم في تلك اللحظات ان القدر سيختاره ليكون احد ابطالها...