هل حان وقت دخول قوات عربية إلى سوريا والعراق؟
========================
2017-5-22 |
بقلم: حسين الخلف / كاتب سوري
لعل أهم ما سيتمخض عن قمة الرياض -وهو الشيء الذي لم يذكر في الخطابات الرسمية!- هو دخول قوات "التحالف العسكري الإسلامي" إلى سوريا وربما العراق لمحاربة "التنظيمات الإرهابية"!. ربما أشار الرئيس الأمريكي ترامب إلى هذا بقوله: "يتعين على الدول المسلمة تولي دور الريادة في محاربة تنظيم الدولة".
التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب هو مشروع ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان لتسويق نفسه غربيا لاعتلاء العرش السعودي. أعلن عن تشكيل التحالف في 15/12/2015، تحدث محمد بن سلمان وقتها أن التحالف سيحارب "أي منظمة إرهابية" وليس تنظيم الدولة فقط. قال الكاتب جمال خاشقجي وقتها: "إن السعودية تفكر جديا بتشكيل قوة عسكرية للتدخل في سوريا".
لكن الأمر تأخر طويلا، لأن التحالف لم يحصل على الموافقة الأمريكية للتدخل، ولعدم ضمان ردة فعل الجانب الروسي. وكتب جمال خاشقجي في 5 مارس2016 مقالة تحت عنوان: "جيش المجاهدين الذي سيقضي على داعش"، نشرتها جريدة الحياة، ذكر فيها أسباب تأخر التدخل؛ قال:" ولكن التعقيدات الدولية، والقرارات الأممية، والنوايا الأمريكية غير الجلية، ستجعل من مشروع كهذا صعبا إن لم يكن مستحيلا ما لم تتغير إرادة واشنطن".
وكتب فيها وهو يروج لهذا الجيش على الأمريكيين ويذكرهم بما جاء في تقرير "راند 2008"، أن القضاء على "الإرهابيين" صعب لو كان الذي يقاتلهم هو الأمريكي، أو جيش مثل جيش بشار، أو قوات طائفية مثل الحشد والجيش العراقي، أما إذا كانت "قوات جيش المجاهدين السنية، فسيكون الأمر سهلا للغاية. ثم قال: "هذا هو السر الواضح الجلي الذي رفض الأمريكي ومعه الروسي أن يدركه، وفي قول آخر لا يريدون الاعتراف به لحاجة في نفوس يعاقيبهم".
أما، وإنهم قد وافقوا لكم اليوم بالدخول، فاعلم أن هذا قد حصل، فقط، بعد ما قضوا الحاجات التي في نفوس يعاقيبهم، وليس لأن الإرادة الأمريكية تغيرت بتغير الإدارة؛ فالخطط الإستراتيجية عندهم عابرة للإدارات، ولا تتغير بتغيرها!.
ربما أهم ما يميز إدارة ترامب فيما يتعلق بالعالم الإسلامي -عدا الخطط الإستراتيجية التي لا تتبدل- ثلاثة أمور: أولاها الحدية والشدة في التعامل مع كل من لا يظهر الانصياع لهم من المسلمين، ثانيها الدفع بقوة باتجاه التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني، وثالثها جشع ترامب للمال والتعامل بأسلوب يجب أن يدفعوا، وقد تحقق كل هذا في قمة الرياض!
سبق قمة الرياض زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للولايات المتحدة، التقى خلالها بالرئيس الأمريكي ترامب في البيت الأبيض -وصف الاستقبال بأنه رسمي كما لو كان استقبال رئيس- كما التقى بوزير الدفاع وبقائد الأركان الأمريكية، وقال أحد كبار مستشاري ولي ولي العهد أن اللقاء "كان ناجحا جدا"، و"نقطة تحول تاريخية في العلاقات بين البلدين التي مرت بفترة من تباعد وجهات النظر في عدد من الملفات، إلا أن اللقاء أعاد الأمور إلى مسارها الصحيح"، كما نقلت صحيفة "الحياة" عن مصادر وصفتها بالموثوق فيها، أن "البحث قائم جديا لتأهيل قوة عسكريه من التحالف الإسلامي ضد الإرهاب مهمتها مساعدة التحالف الدولي في محاربة "داعش"، وأن عديد هذه القوة قد يصل إلى 40 ألف جندي". كما كتب الباحث في "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ناثان فيلد، في 7/4/2017 مقالة تحت عنوان: "العودة إلى الأسس: العلاقات الأميركية-السعودية في عهد ترامب"، قال فيها: "تظهر المملكة أساسا رغبة أكبر في إنشاء مناطق آمنة للاجئين السوريين وإرسال قوات خاصة إلى سوريا"، فعلى ما يبدو نجح محمد بن سلمان في الحصول على الموافقة لمشروعه وتسويق نفسه ملكا بعد أبيه!.
وتحدث الكاتب في معهد واشنطن، سايمون هندرسون، عن الغرض من زيارة ولي ولي العهد للولايات المتحدة، فقال: "ولتعريف الإدارة الأمريكية الجديدة على الشاب الذي سيصبح على ما يبدو الملك السعودي التالي"، في مقالته بتاريخ 22/3/2017 بعنوان: "الصراع على السلطة لاعتلاء العرش السعودي وإعادة هيكلة العلاقات السعودية مع ترامب".
وكما أسلفنا، فإن الإستراتيجية الثانية المتعلقة بإدارة ترامب هي انفتاح الحكومات في العالم الإسلامي على الكيان الصهيوني. وقد كتب هندرسون في مقالته "اللقاء العربي: ماذا يمكن أن يحقق ترامب في الرياض": "من المتوقع على نطاق واسع أن تقوم بعض دول مجلس التعاون الخليجي على الأقل ببادرة نحو التطبيع مع إسرائيل"، ولقد شاهدنا مؤخرا هذا الانفتاح بشكل معلن، بل لربما لم يكن ميثاق حماس الجديد إلا أحد تداعيات هذا الضغط من الإدارة الأمريكية الجديدة على الحكومات في العالم العربي، والتي مارست -ولاتزال- بدورها ضغوطها على حماس وقطاع غزة بشكل عام.
والأمر الثالث في إدارة ترامب هو استخلاص أكبر قدر ممكن من المال والاستثمارات من دول مجلس التعاون الخليجي لإنعاش الاقتصاد الأمريكي وتوفير فرص عمل جديدة، وقد حصل ترامب على عقود بمئات مليارات الدولارات في قمة الرياض ومن قبلها في زيارة محمد بن سلمان.
بقي أمر مهم يجدر بنا الإشارة إليه وهو أن أمريكيا لن تدعم هذا التحالف ضد إيران، وأن هذا التحالف موجه، فقط، ضد "الإرهاب السني" ومحصور في منطقة محددة لا يتعداها؛ وهذا ما يفسر لنا غياب الرئيس التركي -رئيس أكبر قوة في التحالف- عن قمة الرياض، والذي كان يريد عبر هذا التحالف قطع الطريق على الانفصاليين الأكراد.
ألمح ترامب إلى أنه لن يفعل شيئا ضد إيران بقوله "إيران لديها تاريخ عريق، لكن شعبها يعاني من قيادتها المتهورة"، وسيكتفي بالتعامل مع قيادتها المتهورة بـنصلي من أجل اليوم الذي يأتي فيه إلى إيران حكم رشيد"!.
فالحشود العسكرية في معبر التنف الحدودي، بل ومرور مقاتلين من عشائر دير الزور ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بسلاحهم من شمال سوريا باتجاه دير الزور، يوحي بقرب موعد المعركة، وأشار كذلك إلى هذا ترامب- بطبيعته التي فيها شيء من الهوس الطفولي- بقوله:"ربما المستقبل القريب يحمل حل أزمات المنطقة".;}