رأي حرية: “تحرير الشام”.. شريك أستانة غير المعلن
يبدو أن تنظيم “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) قرر الخوض عميقاً في مقررات مؤتمر أستانة، على عكس باقي الفصائل في الشمال السوري والتي أعربت عن موافقتها على المؤتمر لكنها لم تلق بالاً لمقررات المؤتمر.
“تحرير الشام” بدأت قبل أيام حرباً ضد فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” في ريفي حلب وحماة الغربيين وجنوبي محافظة إدلب بذريعة مقتل جنود لها بالقرب من مدينة دارة عزة، هذا ظاهراً، لكن يبدو أن ما تخفيه “تحرير الشام” أبعد بكثير، فالتنظيم يريد ضم الطريق الدولي دمشق – حلب لمناطق سيطرته، وبقضائه على الجبهة الوطنية للتحرير يصبح وحيداً في الساحة وستضطر تركيا للاستعانة به لتسيير أمور الطريق الدولي وحفظ الأمان حوله.
السيطرة المطلقة التي فرضها التنظيم على ريف حلب الغربي والاوتستراد الدولي تعكرها مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي حيث تسيطر “صقور الشام” أحد مكونات الجبهة الوطنية للتحرير على المدينة وتحكم قبضتها عليها، ويردفها تضامن كبير من أهالي المدينة مع أبنائها، الذين يرفضون بأي شكل من الأشكال دخول “تحرير الشام” إلى مدينتهم.
حشود كبيرة وأرتال تابعة للتنظيم باتت على مشارف معرة النعمان من جهتي الغرب والشرق، فالتنظيم يريد السيطرة على المدينة بأي ثمن، وأهالي المدينة وثوارها يرفضون ذلك، وهذا مادفعهم للبدء بعمليات التحصين ورفع السواتر على الطرقات المؤدية للمدينة ورفع الجاهزية تحسباً للهجوم الذي من المتوقع أن يبدأ في أي لحظة.
لكن لمعركة معرة النعمان خصوصية مختلفة، فهي تشكل مع بلدة كفروما منطقة واسعة لا يوجد فيها تواجد لتحرير الشام وتمتد على مسافة جغرافية واسعة وتضاريس صعبة وأبنية عالية، هذا كله يصب في مصلحة المدافعين عن بيوتهم، فهجوم “تحرير الشام” عليهم سيكون مكلفاً جداً للتنظيم وربما يفشل الهجوم في حال لم تنجح “تحرير الشام” بخرق إحدى الجبهتين ومحاصرة الأخرى، فأعداد “صقور الشام” ليست بالقليلة وهي كافية لصد أي هجوم من “تحرير الشام” بشرط ألا بعتمد التنظيم على سياسة الأرض المحروقة باستهداف المدينة عشوائياً كما حدث في مدينة دارة عزة عندما ارتقى شهداء وأصيب مدنيون برصاص وقذائف “تحرير الشام” العشوائية، الاستهداف العشوائي للمدينة ربما يجبر مقاتليها على الرضوخ لشروط الطرف الآخر وهذا حدث سابقاً في مدينة الأتارب عندما أجبر ثوارها على القبول بدخول تحرير الشام لمدينتهم بعد خوفهم على حياة المدنيين.
تبدو الأمور متوجهة نحو المجهول الغامض، فما بين مدافع عن بيته وسلاحه في معرة النعمان وباحث عن حماية طريق تنفيذاً لرغبات قيادته بالهيمنة على الساحة السورية وجرها نحو النار الحارقة ضاعت أحلام الشعب، وبقي همه الوحيد البقاء حياً فلم يعد يعرف من يقتله، النظام أم روسيا أم “تحرير الشام” التي ضربت مصالح الشعب بعرض الحائط وقررت المضي في مشروعها مهما كانت النتيجة.