وبوضوح أكبر، فإنّ روسيا صاحبة الولاية في سورية،
تضغط باتجاه إعادة اللاجئين إلى بلادهم، وتعمل بالتنسيق مع الأمم المتحدة على فتح ممرات آمنة لدول الجوار من دون وجود حماية دولية للاجئين، في حين يمكن تصنيف المجتمع الدولي ضمن إطارين؛ الأول متواطئ، والثاني شاهد على الجريمة التي ترتكب بحق اللاجئين السوريين.
ومن الصعب على أي إنسان التفكير في العودة إلى أي مكان، ما لم تتوفّر فيه ظروف أفضل من المكان الذي يقيم فيه. وهنا يطرح السؤال حول من يضمن سلامة اللاجئين الراغبين في العودة من انتقام النظام؟ ومن سينقذهم إذا فتحت
أحضان السجون لتضمهم بقسوة؟ اليوم يبحث اللاجئون عن ضمان عدم تعرضهم لمضايقات أمنية من قبل النظام السوري، وتأمين ضرورات الحياة في مناطقهم المدمرة، واستعادة الاستقرار والأمن فيها للعودة إلى ديارهم، فكيف يحدث ذلك قبل حدوث تغيّر جذري في النظام الحاكم في دمشق؟
ملامح حلّ الأزمة السورية تتشابك خيوطها.
لا يريد السوريون أن يقعوا في الفخ. لكنّ العمل على إعادتهم إلى ديارهم اليوم، وفق الخطة الروسية، يجري من خلال تراجع عمل برامج وكالات الأمم المتحدة والتي تقوم بإنقاص برامجها وتقليص عدد كوادرها العاملة، مما سيدفع باللاجئين إلى العودة مرغمين. وكما يقول المثل الشعبي المعروف لتشبيه الهروب من خيار صعب إلى آخر أصعب منه "هرب من تحت الدلف إلى تحت المزراب".
وفي هذا الإطار، يقول أحد اللاجئين في الأردن إن إيقاف بعض الخدمات عن اللاجئين من قبل منظمات الأمم المتحدة، مثل "يونيسف"، "لا يقع ضمن العودة الطوعية للاجئين، إذ يجب أن تستمرّ هذه الخدمات. فالعودة الطوعية تعني أن يعود اللاجئ باختياره من دون ضغوط، إلى الأماكن التي يختارها في بلده".
ويخلص اللاجئ إلى أنّ "العودة الوحيدة التي يمكن أن ترجعه إلى بلاده هي العودة الإجبارية"، قائلاً إنه أمضى 6 سنوات داخل أراضي المملكة الأردنية وتمكّن خلالها من إيجاد عمل وتربية أبنائه في ظلّ بيئة آمنة، وبعيدة كل البعد عن الخوف.
وعدم الإعادة القسرية هو أحد الجوانب الرئيسية لقانون اللاجئين، والذي يهتم بحماية اللاجئين من إعادتهم إلى الأماكن التي تهدّد حياتهم أو حرياتهم. والسؤال المطروح هنا، هل يواجه اللاجئون السوريون في الأردن احتمال العودة القسرية؟
تقول المفوضية السامية للاجئين في الأردن إنها "لم تتلقّ طلبات من قبل اللاجئين السوريين تشعرها برغبتهم بالعودة إلى بلادهم بشكل أكبر من المعهود"، مشيرةً إلى أنّ "عملية العودة في معدلاتها المعتادة، ولم تتجاوز 150 شخصاً أسبوعياً، وعدد اللاجئين الذين عادوا طواعية خلال السنوات الثلاث الماضية، لم يتجاوز 15 ألف لاجئ سوري وهو من الأرقام الطبيعية".
ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدّر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 1.5 مليون منذ اندلاع النزاع السوري في 2011.