خطة روسية لشطر "الغوطة" واتفاقية "خفض التصعيد" مكَنت النظام من تركيز هجماته العسكرية
كتب الصحفي السوري، مدير مكتب صحيفة "الحياة" سابقا في دمشق، إبراهيم حميدي، أن الخطة الروسية للغوطة هي تقسيم شرق دمشق إلى شطرين، شمالي وجنوبي، على أن يضم الشطر الشمالي "منطقة خفض التصعيد" مع "جيش الإسلام" بوساطة القاهرة وضمانة موسكو، فيما يجري عزل الشطر الجنوبي الذي يضم "فيلق الرحمن" و"هيئة تحرير الشام" وبعض الحضور لـ"أحرار الشام" مع تكثيف القصف والعمليات العسكرية لإخراج "النصرة" أو "تكرار أنموذج حلب".
وأفاد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقر خطة عسكرية للسيطرة على غوطة دمشق مع توفير كل الإمكانات العسكرية لتحقيق ذلك قبل موعد الانتخابات الرئاسية في 18 الشهر الجاري. ولاعتبارات مختلفة، جرى إقرار خيار تقسيم الغوطة إلى شطرين. ونقل الكاتب عن دبلوماسي غربي، قوله إن الخطة قضت بأن تتقدم قوات العميد سهيل الحسن المعروف بـ"النمر" من الطرف الشرقي من النشابية وأوتايا لتلتقي مع قوات الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري التي بدأت العمليات من طرف حرستا وإدارة المركبات. لكن الذي كان مفاجئا، هو سرعة تقدم قوات "النمر" التي اتبعت أسلوب "الأرض المحروقة" بدعم روسي وبطء تقدم القوات الأخرى من الجبهة الأخرى وقيام مقاتلي "أحرار الشام" بعمليات عكسية.
وأوضح أن الروس يعملون مع ضباط مصريين لتحييد دوما عن العمليات العسكرية عبر تجديد التزام اتفاق "خفض التصعيد" الذي أنجز في القاهرة في صيف العام الماضي. إذ ترمي موسكو عبر تقسيم الغوطة إلى شطرين إلى التعاطي مع القسم الجنوبي بطريقة مختلقة. وأوضح الدبلوماسي أنه بعد تحقيق التقسيم سيكون التركيز على مناطق "فيلق الرحمن" و"النصرة" و"أحرار الشام" في القسم الجنوبي من الغوطة.
وأشار المسؤول الغربي، وفقا لما كتبه الصحفي السوري، إلى وجود رابط بين تطورات غوطة دمشق وعملية "غضن الزيتون" قرب عفرين و"كأن هناك مقايضة لغوطة دمشق مقابل عفرين كما حصل عندما جرت مقايضة شرق حلب بمناطق درع الفرات بين حلب وجرابلس على حدود تركيا"، ولاحظ بطئاً في المفاوضات الجارية لإخراج الهيئة من القسم الجنوبي للغوطة.
وأفاد، استنادا إلى مصادره، أن مسؤولين أتراك سينتقلون إلى موسكو في الأيام المقبلة لوضع لمسات أخيرة على تفاهمات تتعلق بـتسوية في غوطة دمشق لتحييد المدنيين وإدخال المساعدات من جهة وبترتيبات الوجود التركي و"الجيش الحر" في عفرين.
***
وفي السياق ذاته، كتب الصحفي والباحث، وائل عصام، أن قوات النظام باتت على بعد كيلومترين من شطر الغوطة الشرقية إلى قسمين، شمالي يتكون من دوما ومسرابا وحرستا، وجنوبي يمتد من حمورية وعربين حتى جسرين وجوبر، إضافة إلى العمل على تقطيع الجيوب الكبيرة، كما هو الحال مع كتلة دوما وجارتها حرستا التي اقترب النظام لمسافة كيلومتر واحد من فصلها عن دوما.
وبدا واضحاً منذ بدء العمليات العسكرية، وفقا لما أورده، أن النظام يعمل على شطر الغوطة الشرقية، إذ إنه تقدم من الأطراف الشرقية، حيث المناطق الزراعية الخالية من الكتل السكانية الكثيفة، التي تؤمن لفصائل المعارضة إمكانية التحصن، وتخفف من تأثير التفوق الجوي للنظام، وعندما وصل النظام للكتل السكانية الكبيرة الممتدة من دوما شمالا حتى جوبر شمالا، لجأ إلى عزلها قبل العمل على اقتحامها.
ورأى أن التحركات العسكرية للنظام في الغوطة تشير إلى أنه واصل اعتماد أسلوبه العسكري المعتاد في معاركه الأخيرة بمناطق المعارضة في البادية السورية، الذي ركز فيها على إستراتيجية "عزل الجيوب" دون التوغل في المراكز، ثم تقطيع الأوصال وتطويق الجيوب، والعمل على استعادتها تحت وطأة الحصار، بتسوية تقود إلى انسحاب الفصائل المعارضة في إستراتيجية تهدف لتحقيق السيطرة بأقل الخسائر الممكنة.
وكتب الصحفي "وائل عصام" أن الأنباء الواردة من الغوطة تشير إلى أن المقاومة الأشرس تصدر من أبناء الأحياء في الغوطة، بغض النظر عن الفصيل الذي ينتمون له، وهو ما يؤكده الناشط "عمار كريم" بقوله: :جيش الإسلام انسحب قبل يومين من بلدة مسرابا، والذين يقاتلون هناك الآن هم أبناء مسرابا فقط".
وعلى مدى السنوات الأخيرة، وفقا لما كتبه، بدا واضحاً أن قوات النظام السوري عاجزة عن فتح معركتين رئيسيتين في آن واحد، فبمجرد انتهاء النظام من معارك البادية السورية ودير الزور، انتقل إلى معركة ادلب، لينجز تقدماً محدوداً حتى سكة القطار، ثم عادت قوات النظام لتوقف العملية في ادلب، ووجهت قوتها العسكرية بقيادة العقيد سهيل الحسن نحو الغوطة الشرقية.
ولعل أكثر ما ساعد النظام على تركيز عمله العسكري على جبهات محددة ينتقيها دون غيرها، وفقا للكاتب، هو اتفاقية خفض التصعيد، التي لم يطبقها النظام في الميدان إلا في المناطق التي يريد تأجيل عملياته العسكرية فيها، باعتبارها بمرتبة أدنى في سلم الأولويات، كما أسهم، استنادا للصحفي "وائل عصام"، انعدام التنسيق المركزي وتشتت القيادة عند فصائل المعارضة في منح دمشق فرصة للتفرد بفصائل محلية في كل عملية عسكرية، دون التعرض لهجمات من باقي الفصائل في مناطق المعارضة الأخرى