بسم الله الرحمن الرحيم،
كنت قد وعدت سابقا الاستاذ هيرون ان اكتب موضوعا عن مجمع ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة في اليابان. اليوم أفي بهذا الوعد - وزيادة ان شاء الله -
سأبدأ الحديث عن التاريخ أولا:
كانت اليابان مجموعة من الجزر التي لا يحكمها نظام محدد. مرت عليها فترة اقتتال داخلية مدمرة حيث تحاربت قبائل النينجا مع بعضها وكان الساموراي يحتقر الننينجا ويعد نفسه حصرا للدفاع عن قبيلته وعن وطنه بشرف.
مرت السنين وظهر في اليابان حركة ثقافية اجتماعية جديدة. حركة المعلمون الجدد. اشتغل هؤلاء بالتعليم والتدريس والتربية وكانوا جميعا يحملون فلسفة تؤمن بالانضباط الصارم حتى لو أدي الى الوفاة. جاء المعلمون الجدد وانتشروا في اليابان وبدأوا برفع مستوى التوقعات عند اليابانيين كثيرا.
المعلمون الجدد لم يعجبهم أبدا ان اليابان بلد منكفء على نفسه، فبدأوا يبحثون عن طرق مختلفة لكي تكون اليابان دولة أقوى. تزامن مع هذه الحركة الثقافية حركة سياسية اجتماعية مهمة ألا وهي استعادة الحكم الامبراطوري لليابان تحت الامبراطوري ميجي في حقبة إيدو.
عرفت اليابان في عهده انضباطا سياسيا عاليا فقد قضى على الخصوم واستفاد من الساموراي المعظم كاساهيجي لتوحيد قبائل الساموراي للعمل مع الامبراطور.
في هذه الاثناء كان المعلمون الجدد قد صنعوا مدارس منضبطة تنادي بانفتاح اليابان على العالم والتعلم من المحيط ومنافسة الجميع في إتقان العمل.
كان أحد أهم هؤلاء المعلمين الجدد المعلم الاكبر يوشيدا تويو والذي برز دوره في حث طلابه على انشاء شركات ولو صغيره لتعلم الحرف وبيع الصناعات على اليابانيين والدول المجاورة.
بعد استتباب الامن في اليابان ومع بروز الحركة الثقافية السياسية الاجتماعية، خرج إيواساكا ياتارو (مؤسس ميتسوبيشي لاحقا) من قريته ذاهبا إلى إيدو للبحث عن العمل. كان شخصا حاد الذكاء يقتنص الفرص. لم يسعفه الحظ لأن يجد عملا مناسبا فعاد الى قريته لتدور الاسابيع القليلة ويقرر ان يشتري تجارة أحد القبائل في منطقته.
بعد ان نجحت هذه التجارة وازدهرت زاره مجموعة الشوجن - حراس الحاكم المحلي او الشرطة بالمفهوم الحالي - ليخبروه أن والده قد توفي فاتهمهم بقتله بسبب التوترات السابقة قبل الاستقرار السياسي فقاموا بالقبض عليه ومحاكمته صوريا وايداعه السجن.
عندما خرج من السجن قرر أن يعمل مدرسا وصادفه الحظ أن التقى بأحد كبار المعلمين الجدد، المعلم الاكبر يوشيدا تويو، الذي حثه بكل قوة على بناء أول شركة لصناعة وتصدير القوارب. قام إيواساكا ببناء شركة ميتسو هيشي للصناعة وتصدير القوارب الصغيرة. في تلك الاثناء تم اغتيال المعلم الياباني الاكبر يوشيدا تويو. لا احد يعرف سبب اغتيال المعلم الاكبر الا انه كان كبير عائلة تويو والتي كانت في السابق داخلة في التوترات السياسية قبل عودة الامبراطور ميجي للحكم. تم اتهام الساومراي تاكيتشي هانيبيتا باغتيال المعلم الاكبر وتم إجباره على الانتحار.
دارت الايام وانتقل إيواساكا من الصناعات البدائية للصناعات المعقدة وكان الجو الثقافي الياباني يزداد تطورا مع التعليم والانضباط الكبير والاستقرار والرخاء السياسي.
تطورت شركة ميتسو هيشي وأصبحت ميتسوبيشي للصناعات المعقدة حيث بدأت ببيع المنتجات الصناعية داخل اليابان. كان إيواساكا باستقطاب المهندسين الشباب مثل المهدي سوهاتا هيتشي الذي يزور اليابانيون قبره كل عام لزرع الورود عليه صانع المحرك الياباني الاول.
تحولت ميتسوبيشي مع الزمن الى شركة قابضة تحمل تحتها ٣٥ شركة عملاقة ومجموعة بنوك وأهم من هذا كله، جامعة ميتسوبيشي.
جزء يسير جدا من الصناعات العسكرية لشركة ميتسوبيشي:
خروج إيواساكا من السجن ولقائه المعلم يوشيدا هو أعظم نقطة في تاريخ هذه الشركة حيث انطلقت روح الطموح الجامح وأوصلت ميتسوبيشي الى ما هي عليه اليوم.
لا تستهين بقوة التعليم والايمان العميق والطموح الجارف.
شكرا،