المستثمرون الأجانب يتسابقون لبيع العقارات التركية
الخميس 2018/11/22
مشاريع استعراضية مثقلة بالديون
أظهرت بيانات رسمية تركية أن ارتفاع وتيرة بيع المستثمرين الأجانب لعقاراتهم في ظل تزايد المخاوف من انفجار فقاعة عقارية كبيرة، رغم محاولات الحكومة طمأنة الأسواق والمستثمرين لم تسفر عن نتائج حتى الآن.
إسطنبول (تركيا) - تعرضت سوق العقارات في تركيا لهزة شديدة في أكتوبر الماضي، رغم ارتفاع معدلات الرهن العقاري إلى أعلى مستوى له منذ 14 عاما خلال الشهر نفسه.
ورغم التسهيلات والإغراءات التركية للأجانب لشراء العقارات وتحفيزهم على التملك، لم تكن مشجعة بالقدر الكافي على ما يبدو نتيجة الآفاق الضبابية للاقتصاد منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان وسيطرته على كافة مفاصل الدولة.
وذكرت وكالة بلومبيرغ للأنباء الاقتصادية أمس أن عدد الوحدات التي تم بيعها ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ أن بدأ معهد الإحصاء في البلاد نشر أرقام شهرية في عام 2013.
ويعاني الاقتصاد التركي من عبء المشاريع الاستعراضية الكبيرة المثقلة بالديون الخارجية والتي كانت أحد أهم أسباب الأزمة المالية إلى جانب تدخل أردوغان في السياسات النقدية.
وشهد الشهر الماضي بيع نحو 146 ألف وحدة سكنية بينها 6 آلاف عقار تم بيعها للأجانب، حيث استحوذ العراقيون على النصيب الأكبر.
بول مكنمارا: قطاع العقارات التركي يشبه بشكل مروع ما حدث سابقا في إسبانيا وإيرلندا
وفي محاولة لتحفيز القطاع، عدلت أنقرة خلال شهر سبتمبر الماضي، شروط منح الجنسية للأجانب، مقابل شراء العقارات والتشغيل والاستثمار والإيداع في المصارف.
وحسب القانون، الذي تم تعديله، فإن الأجنبي بات بإمكانه الحصول على الجنسية التركية في حال شراء عقار بقيمة تتجاوز 250 ألف دولار، بدلا من القيمة السابقة التي كانت تقدر بنحو مليون دولار، ولكن بشرط عدم بيع العقار خلال مدة ثلاث سنوات.
ومع أن هبوط قيمة الليرة أمام الدولار في الأسابيع القليلة الماضية كان من المفترض أن يكون دافعا للأجانب للإقبال على شراء العقارات، لكن من الواضح أن الأمور تسير في الاتجاه المعاكس تماما.
ويبدو أن طفرة البناء تسير نحو الانهيار خاصة بعد أن تسببت أسعار الأراضي المرتفعة في تآكل أرباح شركات العقارات، مما يهدد بتعميق أزمة العملة التي أدت إلى حدوث ارتدادات في الأسواق العالمية وأثارت قلق المستثمرين وسط عمليات بيع واسعة النطاق.
وفي ظل ارتفاع أسعار المنازل بواقع ثلث معدل التضخم، فإن متاعب شركات العقارات هي نتيجة مباشرة لتدابير حكومية الغرض منها تحفيز الاقتصاد، لكنها تسببت في دفع أسعار الفائدة لترتفع بأكثر من 10 بالمئة وانخفاض قيمة الليرة إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار.
ويقول أصحاب شركات محلية للتطوير العقاري إن تكاليف شراء الأراضي في إسطنبول، على سبيل المثال، يمكن أن تشكل أكثر من 50 بالمئة من التكاليف الإجمالية التي يتحملها المطورون، مقابل نسبة تتراوح بين 7 و15 بالمئة فقط في أوروبا.
كما اضطرت شركات أخرى إلى بيع شقق أقل من تكاليف البناء مع تضخم عدد المنازل المتراكمة بالبلاد إلى قرابة مليوني منزل، وهو ما يكفي لتغطية أربعة أضعاف متوسط المبيعات السنوية الجديدة.
ويؤكد طاهر تيليوغلو رئيس اتحاد مقاولي البناء في تركيا الذي يضم قرابة 120 شركة أن “قطاع البناء مريض ووصل إلى حافة الغيبوبة”، مؤكدا أن 70 بالمئة من جميع أعمال البناء الخاصة توقفت في كامل أنحاء البلاد.
طاهر تيليوغلو: 70 بالمئة من جميع أعمال البناء الخاصة توقفت بالكامل في أنحاء تركيا
وكانت الحكومة قد أمرت في شهر سبتمبر الماضي، بأن تكون عقود بيع وتأجير العقارات والإيجارات بالعملة المحلية، في تحرّك قال أردوغان إنه سيدعم العملة، لكن السلطات خففت القيود الأسبوع الماضي، وسمحت باستخدام العملات الأجنبية، ما يعني فشل خطة الرئيس التركي.
وبموجب القواعد التنظيمية الجديدة، فإن بمقدور المقيمين الأجانب إبرام عقود عقارية بالعملات الأجنبية، كما سيُسمح لهم باستخدام العملات الأجنبية في اتفاقات تأجير مرافق الإقامة وفي محال المناطق الحرة.
وفي السابق، كانت العملات الأجنبية تُستخدم على نطاق واسع في اتفاقات التأجير في المراكز التجارية وأيضا كانت في عقود المبيعات العقارية.
وبعد أن انخفضت العملة التركية إلى مستوى قياسي عند 7.24 ليرة للدولار في أغسطس الماضي، تمكنت من التعافي بهدوء لكنها تظل منخفضة بنحو 30 بالمئة مقابل الدولار هذا العام وما زال خبراء قلقين بشأن الأثر المستمر على الاقتصاد.
وبالنظر إلى كون القطاع العقاري، يمثل جزءا مهما من الاقتصاد بتوفيره للملايين من فرص العمل، فإن انفجار فقاعة عقارية أمر محتمل وإذا حصل فسيكون مؤلما، وسيطيح تعهد أردوغان في الانتخابات الأخيرة بتعزيز ازدهار تركيا.
ويرى خبراء أن حدوث انهيار في قطاع البناء التركي قد يحاكي تجربة إسبانيا وإيرلندا قبل عقد من الزمن، عندما تسببت الفقاعات العقارية في دفع اقتصادي البلدين إلى الركود العميق.
ونسبت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية لمدير محفظة الأسواق الناشئة في لندن في شركة جي.أي.أم لإدارة الأموال بول مكنمارا قوله إن “ما يحصل في قطاع العقارات التركي يشبه بشكل مروع ما حدث في إسبانيا أو إيرلندا، ونحن نراقب عن كثب