متى وكيف تكتفي مصر ذاتيًا من السكر؟
تسعى مصر لزيادة إنتاج السكر المحلي وتقليص فجوة سنوية قدّرتها وزارة الزراعة الأمريكية بـ17% في أخر تقرير لها عن السوق المصري، بتشجيع مجموعة من الاستثمارات الجديدة في مصانع معالجة محصول بنجر السكر بالدرجة الأولى، على حساب قصب السكر.
الإنتاج والاستهلاك
توقعت وزارة الزراعة الأمريكية، أن يرتفع الإنتاج والاستهلاك المحلي بنسبة 2.6% خلال العام المالي الجاري، بدعم زيادة المساحات المنزرعة من محصولي الإنتاج الرئيسيين (قصب وبنجر السكر).
قدر تقرير الوزارة الأمريكية زيادة الإنتاج المحلي 2.6% (75 ألف طن) ليصل إلى 2.85 مليون طن، تتوزع بين 1.58 مليون طن سكر من محصول البنجر، و1.27 مليونًا من محصول قصب السكر.
كما سيرتفع الاستهلاك العام 2.6% (90 ألف طن) ليبلغ 3.43 مليون طن، مدفوعة بالنمو السكاني المقدر بـ2.4% سنويا، بخلاف توسعات قطاع المنتجات الغذائية من الحلويات، وستبقى الواردات في حدود 830 ألف طن.
في الطريق إلى الإكتفاء الذاتي
أعلن مستثمرون في 2019 عن إنشاء كيانات جديدة في صناعة السكر، ما يدعم تنمية زراعات المحاصيل السكرية التي تتحسن بمرور الوقت مع تحسن أسعار التوريد التي تقدمها المصانع للفلاحين، رغم أنهم لا يزالون يطلبون المزيد.
يرتفع إنتاج السكر في مصر بنمو المساحات المنزرعة بالمحاصيل السكرية مع تحسين سلالات الإنتاج عبر الاستخدام الأمثل للأسمدة، وبما يتوافق مع الاستثمارات الجديدة التي ستحتاج بالتأكيد إلى مساحات إضافية للتصنيع من خلالها، خاصة محصول بنجر السكر.
1.5 مليار دولار آخر استثمارات معلنة
بلغت قيمة آخر استثمارات معلنة بشكل رسمي نحو 1.5 مليار دولار، 66.6% منها لصالح مجموعة الغرير الإماراتية، خصصت لها الدولة 187 ألف فدان بمنطقة غرب المنيا، لإنتاج 450 ألف طن سنويًأ كمرحلة أولى، و33.3% منها لصالح شركة العالمية للسكر.
وفقًأ لخطة “الغرير” تصل الطاقة الإنتاجية للمصنع 50% بحلول فبراير 2021، وستبلغ 100% في 2022، وستغطي 75% من الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك لمصر.
كما تدرس شركة العالمية للسكر إقامة مجمع صناعي متكامل في مصر باستثمارات 500 مليون دولار، على مساحة 150 فدان في منطقة محور قناة السويس، وتقدر فترة الإنشاءات بـ48 شهرا.
الاكتفاء الذاتي قد يكون في 2023
سترتفع إنتاجية السكر الإجمالية في مصر بحلول العام 2023 إلى 3.5 مليون طن على أقل تقدير، اعتبارًا بإضافة الحصة السوقية الجديدة لمصانع “القناة للسكر” بواقع 900 ألف طن سنويًا، ما سيعوض الفجوة، وسيقلل الاستيراد إن لم يمنعه تمامًا، وفقًا لمصادر في القطاع الخاص.
في 2017 كانت قد أعلنت مجموعة شركات النوران للسكر عن استثمارات قيمتها 3.6 مليار جنيه في مشروع جديد من 4 خطوط إنتاج على مساحة 1.8 مليون متر مربع بمحافظة الشرقية، وتتوزع الاستثمارت بين ملياري جنيهًأ تمويلًا من 11 بنكًا بقيادة “
بنك مصر“.
تصل الطاقة الإنتاجية للمرحلة الأولى 300 ألف طن سنويًا، بدأت منتصف 2018، بالإضافة إلى 300 ألف طن سنويًا من السكر الخام المكرر، ووفقًأ للمخطط ستبلغ الطاقة الإجمالية 1.2 مليون طن سنويًا مع اكتمال المراحل الـ4 بحلول عام 2022.
ماذا بعد الاكتفاء؟
رهن متخصصون في قطاع السكر بقاء مصر في مرحلة الاكتفاء الذاتي، حال تحققه فعليًا، باستمرار ضخ استثمارات جديدة في عملية التكرير، وإقامة خط إنتاج جديد كل 3 سنوات، تزيد طاقته الإنتاجية على 150 ألف طن، وفقًا لرئيس شركة الحرية 2000، حسن الفندي.
يتوسع السوق المصري بشكل كبير في السنوات الأخيرة، على مستوى البيع المحلي والتصدير، ولا يزال في طور التنمية، لذا يحتاج لزيادة الطاقات الإنتاجية السنوية لاستيعاب الزيادة السنوية في أعداد السكان، والمقدرة فوق 2%.
استثمار كثيف لرأس المال
وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية “فاو”، فإن إنتاج وتكرير السكر بمثابة استثمار كثيف لرأس المال، ويحتاج إنشاء مصنع جديد لاستثمارات أولية في حدود 600 مليون دولار في المتوسط، بخلاف مهلة طويلة الأجل بين الدراسة والوصول إلى أول طرح للمبيعات بين 4 و7 سنوات.
أوضحت فاو: “كثافة رأس المال والتزام المصانع بتوقيتات محددة للتصنيع نظرًا لأن القصب والبنجر يفقدان أهميتهما حال عدم التصنيع الفوري، يخلقان مخاطر، بما لا يمكن قبوله إلا إذا كانت العائدات جيدة للمصانع، وهنا يأتى دور التكلفة”.
تقف التكلفة أيضًا عائقًا أمام التصدير، حال دخول مصر مرحلة الاكتفاء الذاتي، ما يتطلب عائدات أعلى على الاستثمارات القائمة، خاصة وأنه سيوجد فائض وقتها متاح للتصدير، كما أن المصانع تظل شهور عدة بدون إنتاج محلي وتعتمد على استيراد الخام للتكرير ومن ثم التصدير مرة أخرى.
كل ذلك يدعو لوضع خطة استراتيجية متكاملة لخفض تكاليف إنتاج السكر بداية من الرزاعة وصولًا إلى المصانع، لتجنب خسارة الاستثمارات جزء من قيمتها بعد التشغيل أو فقد جزء منها كما حدث مع صناعات أخرى.
3 سنوات من حظر الاستيراد الحر
تُجدد وزارة الصناعة قرار حظر استيراد السكر المؤقت كل 3 أشهر، وكانت قد أصدرته في شهر يونيو 2020، ولا يزال ساريًا، وتأتي غالبية واردات السكر عادة من خلال شركة السكر والصناعات المتكاملة، التابعة للدولة، بما في ذلك المكرر والخام.
وجاء قرار الحظر في أعقاب أزمة “
كوفيد-19” وما تلاها من تراجع في أسعار النفط العالمية، إذ تربطهما علاقة طردية، وذلك لحماية الأسواق المحلية من الإغراق بأسعار متدنية تكبد المصانع المحلية خسائر مالية.
ضريبة على الصادرات لحماية السوق محليًا
فرضت مصر ضريبة صادر على السكر بعد موسم 2016/2017، لتتناقص الصادرات منذ ذلك الوقت، وصُممت الضريبة لحماية العرض المحلي، بداية من 5 أبريل 2017، وفقًأ لـ”الزراعة الأمريكية”.
رفع القرار الوزاري رقم 469 لسنة 2017 ضريبة الصادرات إلى 3000 جنيه على الطن (191.69 دولار)، ولا يزال ساري المفعول