هل يدفئ غاز مصر وإسرائيل شتاء أوروبا ؟
مع قرب حلول ليالي الشتاء شديدة البرودة، تسعى الدول الأوروبية لسد العجز بإمدادات الطاقة من موسكو، الذي أربك حسابات القارة العجوز منذ نشوب الحرب الروسية على أوكرانيا، التي اندلعت شرارتها الأولى في فبراير (شباط) 2022.
وتكثف أوروبا من تحركاتها صوب الجنوب تجاه دول شرق البحر المتوسط مع قرب حلول الشتاء، وتتمحور خطواتها حول القاهرة وتل أبيب باعتبارهما لاعبين مهمين في أسواق الغاز الطبيعي، خصوصاً في ظل التكامل بينهما، إذ تمتلك اسرائيل أحد أكبر حقول الغاز بالبحر المتوسط حقل "ليفياثان".
بينما تمتلك القاهرة حقل "ظهر" (غرب محافظة بورسعيد الساحلية)، علاوة على محطتي لإسالة الغاز الطبيعي، الأولى بمحافظة دمياط (شمال العاصمة)، بينما الثانية بمدينة إدكو (بمحافظة البحيرة غرب دلتا النيل)، وتتسع الأخيرة لقدرة تسييل سنوية تبلغ 7.2 مليون طن عبر خطي إنتاج، فيما تبلغ طاقة الأولى 7.56 مليار متر مكعب سنوياً.
مذكرة ألمانية – إسرائيلية
في تلك الأثناء، تعتزم ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، والتي تحتل المرتبة الخامسة عالمياً بإجمالي ناتج محلي يبلغ 4.2 تريليون دولار أميركي، استيراد الغاز الإسرائيلي بعد تسييله بالقاهرة، بعد أن وقعت شركة "يونيبر" الألمانية وشركة "نيوميد إنرغي" الإسرائيلية مذكرة تفاهم غير ملزمة لاستكشاف طرق التعاون في توريد الغاز الطبيعي المسال على المدى القصير والطويل، إضافة إلى إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر، وفقاً لموقع "نيوز إن ريليسيس".
وسيدرس الطرفان، وفقاً للمذكرة، تصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى ألمانيا على المدى القريب، باستخدام البنية التحتية الحالية للإنتاج والنقل، وخط أنابيب النقل بين القاهرة وتل أبيب بعد إسالة الغاز في مصر.
عمليات تسييل الغاز تتم عن طريق تخليصه من بعض الشوائب، ثم تبريد غاز الميثان المتبقي إلى أقل من 160 درجة مئوية تحت الصفر، مما يقلص حجمه بحدود 600 مرة، ثم ينقل بحالته السائلة في خزانات تبريد خاصة على ناقلات ضخمة تشبه ناقلات النفط، ثم يجري تفريغه وإعادته إلى حالته الغازية عن طريق تسخينه في موانئ خاصة بالدول المستهلكة.
تسييل الغاز في مصر
ووفقاً للمذكرة الألمانية– الإسرائيلية ستنقل الأخيرة الغاز الطبيعي إلى منشآت الإسالة في مصر، ثم تصدره القاهرة مباشرة إلى برلين، وتمتد المذكرة إلى دراسة جدوى تسليم غاز تل أبيب من حقل "ليفياثان" (يبعد نحو 130 كيلومتراً من ميناء حيفا) إلى شركة "يونيبر"، الأمر الذي سيتطلب توسيع البنية التحتية الحالية للحقل، إضافة إلى تسييل الغاز بإحدى المحطات الحالية التابعة للقاهرة.
وتصل قيمة فاتورة دعم الطاقة بخطط حكومات أوروبا إلى نحو 550 مليار يورو (567 مليار دولار)، وتخصص برلين لبرنامج دعم الطاقة الألماني بمفرده نحو 200 مليار يورو (207 مليارات دولار) وتحل ألمانيا بالمرتبة الثانية في نسبة الإنفاق المطلقة بعد مالطا بنسبة 7.4 في المئة، بينما تأتي السويد في آخر قائمة الدول المنفقة بنسبة 0.3 في المئة، بينما خصصت بريطانيا لدعم الطاقة قرابة 79 مليار جنيه استرليني (92.6 مليار دولار)، بحسب دراسة لمركز "براغل" المتخصص في الاقتصاد السياسي والسياسات العامة الأوروبية.
ارتفع إنتاج إسرائيل من الغاز الطبيعي بنسبة 22 في المئة خلال النصف الأول من 2022، ليصل إلى معدلات قياسية تجاوزت 10.85 مليار متر مكعب.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة "نيوميد" يوسي آبو "سيكون الغاز الطبيعي أهم مصدر للطاقة في العالم خلال الفترة المقبلة"، مشيراً إلى أن "(ليفياثان) من أهم حقول الغاز في الشرق الأوسط، إذ يوفر الطاقة لإسرائيل ودول أخرى بالمنطقة، وسيكون قادراً على مساعدة أوروبا حال تجاوز أزمة الطاقة الحالية".
يؤكد المتخصص في شؤون الطاقة شريف محسن على إمكانية دول الاتحاد الأوروبي بالاعتماد على الغاز المصري المسال من أجل سد الفجوة عقب توقف تصدير الغاز الروسي، وقال إن "موسكو كانت تمد دول أوروبا بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز ما يعادل 17 مليون متر مكعب غاز مسال، لكن في الوقت ذاته فإن غاز المتوسط سواء في مصر أو قبرص أو إسرائيل لا يمكنه سد تلك الفجوة بالكامل".
وأضاف محسن أنه "على الرغم من أن إسرائيل وقبرص لديهما فائض، إلا أنه ليس لديهما طرق لتصديره، لا الأنابيب مجدية ولا تسييل الغاز مجدٍ فنياً وماليا"ً، متوقعاً أن "تعاني أوروبا شتاءً صعباً هذا العام لعدم قدرتها على سد كامل الفجوة التي خلفها الدب الروسي".
واستدرك "والوقت ذاته لدى مصر ارتباطات مع 10 دول أجنبية تمدها بالغاز المسيل"، موضحاً أن "القاهرة لديها محطتان لتسييل الغاز بطاقة 12 مليون طن سنوياً، بينما روسيا كانت تمد أوروبا بـ17 مليون متر مكعب، والطاقة القصوى للمحطتين لا تزيد على الـ12 مليوناً، لذا فإن الفرق 5 ملايين لا تسد كامل الفجوة التي أحدثها توقف الغاز الروسي، أما الغاز الجاف لا يوجد أنابيب لتصديره".
هل يدفئ غاز مصر وإسرائيل شتاء أوروبا؟
مع قرب حلول ليالي الشتاء شديدة البرودة تسعى الدول الأوروبية إلى سد العجز بإمدادات الطاقة من موسكو، الذي أربك حسابات القارة العجوز منذ نشوب الحرب الروسية على أوكرانيا التي اندلعت شرارتها الأولى في فبراير (شباط) 2022.
www.independentarabia.com