سد النهضة

أثار مشروع بناء سد النهضة الاثيوبي الكثير من الشكوك حول الغاية منه ونوايا الاحباش الخفية, و الذين يطلقون عليه سد الألفية الكبير (بالأمهرية: ታላቁ የኢትዮጵያ ሕዳሴ ግድብ) وتم تشييده على مجرى النيل الازرق بولاية بني شنقول على الحدود مع السودان, وحال اكتماله سيكون أضخم سد كهرومائي في أفريقيا, و يعتبر السد الثالث في اثيوبيا لتوليد الطاقة الكهرومائية وتبلغ تكلفته 5 مليارات دولار.

و تم انجاز 70% من اعماله لغاية الساعة , و سيتم افتتاحه نهاية 2020, و قد قامت الولايات المتحدة كما تزعم انها وسيط سلام بأجراء جولات تفاوض ثلاثية وجمعت الاطراف وعلى عدة مراحل, لكن الحكومة الاثيوبية انسحبت في الجولة الاخيرة ورفضت التوقيع ,و شاركها في ذلك الموقف السودان الذي استهجن منه هذا الموقف ضد شقيقته مصر, والذي تربطه بها علاقات تاريخية و مصيرية وعرقية و عروبة  , على أمل ان تمنحه اثيوبيا كهرباء بأسعار تفضيلية ,مع العلم ان اثيوبيا هي من اكثر الدول التي كانت تزعزع أمن و استقرار السودان و ما زالت .

الموقع و التضاريس:-

 

يقع سد النهضة على نهاية النيل الازرق بولاية بني شنقول , على بعد 40كيلومتر من حدود السودان, على ارتفاع 600 متر فوق سطح البحر ,على خط عرض 11 درجة 6للشمال, خط طول 35درجة 9 شرق.

منطقة السد او تركيبته الجيولوجية يغلب عليها الصخور المتحولة الغنية بالمعادن .

مواصفات سد النهضة الفنية:-

 

السد يبلغ ارتفاعه 170متراً( 558 قدم), وعرض 1800متر ( 5906 قدم), و يعمل في بناءه 8500 عامل ,وبني من الخرسانة المضغوطة ,وبقربه تقع محطتي توليد كهربائية على قناتي التصريف اليمنى و اليسرى ستحتوي كل واحدة 8 × 350 ميغاوات , و سيخزن السد 74 مليار متر مكعب من المياه وهو ما يعادل حصتي مصر و السودان معا.

هواجس مصرية:-

 

في شهر مارس 2015 وقعت البلدان الثلاثة اتفاق مبادئ حول سد النهضة, لكن اثيوبيا لم تكن ملزمة حسب تلك المبادئ خصوصاً بتزويد السودان بالطاقة .
ونص الاتفاق على التقاسم العادل لحصص المياه , و مبدأ التعاون و التنمية المشتركة ,وعدم الحاق الاضرار بمصالح الآخرين الحيوية, وملئ خزان السد.

انخفاض منسوب نهر النيل في مصر هو الهاجس الاكبر الذي تخشاه, وما سيترتب على ذلك من تدمير للزراعة على ضفتيه ,حيث النيل يغطي 95%من حاجة البلد للماء, ويعني انخفاضها او فقدانها عطش مصر وفقدان وظائف لملايين المزارعين الذين يعتمدون على الزراعة, و ستضيع فرصة توليد الطاقة الكهربائية بما يعادل 300 مليون دولار سنويا, وبالتالي خنق مصر بسبب سد النهضة.

وتتمسك مصر بحقها التاريخي بنهر النيل ,من وجهة نظرها ,حيث أن اتفاقيات 1929 و 1959 منحتها حقوقاً تاريخية بالنهر, ومنها الحصول على 87% من مياه النهر و الموافقة أو الاعتراض على تشييد مشاريع الري و السدود لدى دول منبع النيل.

تستحوذ مصر على حصة الاسد , من مياه نهر النيل البالغة 84 مليار متر مكعب, حيث لها كمية نصيب 55,5ملياراً.

واشنطن استضافت مؤخرا اجتماعا ثلاثيا بشأن سد النهضة (مواقع التواصل)

حلم أثيوبي:-

تقول اثيوبيا ,ان الهدف الاساس من بناء سد النهضة , هو تخزين مياه النيل خلف السد وملئ خزانه بحلول عامين ,ليتم توليد طاقة كهربائية , خلال شهر ديسمبر عام 2020 و توليد 750 ميجاواط , ويهدف السد لتأمين اثيوبيا بستة الاف ميجاواط من الطاقة الكهرومائية أي ما يعادل قدرة 6 مفاعلات نووية .

نتيجة بحث الصور عن سد النهضة حرب خفية

موقف سوداني مبهم :-

 

كان موقف السودان من البداية الغموض وعدم الوضوح, و هو يميل الى تأييد الجانب الاثيوبي, على حساب الشقيقة مصر, وقد تعود بعض اسبابه لوجود مسائل شائكة في العلاقات المصرية السودانية ,حيث تطالب السودان مصر بمثلث حلايب , والرئيس السوداني السابق عمر البشير ,انتهج سياسة عدم الوضوح و عمل على استغلالها كورقة ضغط سياسي على مصر .

لكن مع وصول المجلس العسكري الانتقالي ظهرت مساندة بسيطة للموقف المصري, لكن الطرف المدني شريك السلطة السودانية الآخر المسمى قوى الحرية و التغيير فيساند الموقف الاثيوبي.

سد النهضة

نقطة الخلاف بين الفرقاء:-

 

تعارض مصر ملئ خزان سد النهضة في أقل من سبع سنوات ,لأن ذلك سيعرضها لخسارة اقتصادية ضخمة و سيخنقها, أما اثيوبيا فتتشدد في مطلبها بمليء الخزان خلال عامين فقط, ليتيح لها تشغيل المولدات التوربينية لأنتاج الطاقة لها.

على ضوء ذلك ,اقترحت مصر ادارة سد النهضة عن طريق منظومة هيدروليكية بالتنسيق مع سدها العالي ,والذي رفضته اثيوبيا , مما سيؤدي لتقليل منسوب مياه السد العالي وبقية السدود السودانية ,وبالتالي تقلص كميات الكهرباء المنتجة في مصر, وحدوث جفاف ودمار المحاصيل الزراعية للبلدين خصوصا مصر.

يضاف الى ذلك وجود خلاف بين اثيوبيا ومصر حول نسب الحصص لكل بلد من مياه نهر النيل, حيث ترى اثيوبيا ان حصة مصر اكبر مما تستحقه , وهي أي اثيوبيا المنبع لمعظم روافد النهر.

 

فكرة بناء سد النهضة تعود الى سنة 1953 ,لكنها اجهضت بمعارضة مصرية من جمال عبدالناصر و السادات على حد سواء, وكشفت مواقع اخبارية عام 2012 رسائل بريد الكترونية متبادلة بين مدير المخابرات المصرية و الرئيس الراحل مبارك , تعود للعام 2010 عن خطة مصرية لأنشاء قاعدة عسكرية للقوات المصرية الخاصة في شرق السودان , للتدخل السريع و تدمير مرافق سد النهضة .

توتر الوضع مجددا بين مصر و اثيوبيا في شهر اكتوبر 2019, بإعلان مصر وصول المباحثات الثلاثية الى باب مغلق بسبب رفض اثيوبيا التوقيع على الاتفاق النهائي.

وجاء رد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن الدولة بكافة اجهزتها ستدافع عن حقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل , بكل السبل و الخيارات المتاحة , مما صعد الموقف بين البلدين , ورد رئيس وزراء اثيوبيا (أبي احمد ) ان بلاده ستحشد مليون شخص اذا تعرض سد النهضة لأي عدوان.

سيناريوهات المواجهة العسكرية :-

من ناحية البعد العسكري , يتفوق الجيش المصري على نظيره الاثيوبي في كل المجالات ,وهنا نقدم مقارنة بين الجيشين حسب ما نشره موقع (غلوبال فايربور) كما يلي :-

سلاح الجو :

تمتلك مصر 1092 طائرة مقابل 82 لدى اثيوبيا.
القوة البرية : تمتلك مصر 2160دبابة و 5735 مدرعة و 1000 ناقلة جند, , و بالمقابل لدى اثيوبيا 300 دبابة روسية و 80 مصفحة و 158 راجمة صواريخ.

قوام الجيش المصري 500 الف , والاثيوبي 140 الف جندي.

 

القوة البحرية

لدى مصر اسطول كبير يضم 319 قطعة بحرية متنوعة , و 10 غواصات , بالمقابل ليس لدى اثيوبيا قوة بحرية كونها بلد مغلق بلا منافذ بحرية .

نظام الدفاع الجوي:-
لدى مصر منظومة من صواريخ روسية اس 300و نظام ايريس الالماني , و هوك الاميركية بالاضافة الى منظومة سام القديمة .

اثيوبيا لديها نظام دفاع جوي صيني قديم , و هناك اخبار غير مؤكدة عن تزويد اسرائيل لها بصواريخ (سبايدر) و ركبت حول سد النهضة لحمايته من اي غارة مصرية محتملة , الا ان اسرائيل نقت تلك المعلومات.

إنفوجراف لروسيا اليوم: وسط أزمة السد.. مصر تتفوق على إثيوبيا عسكريًا

تاريخ المواجهات العسكرية المصرية الاثيوبية :-

 

تقدمت القوات المصرية نحو الحبشة في زمن الخديوي اسماعيل عام 1875م , بهدف الوصول الى منابع نهر النيل , و التقى الجيشان في (غونديت ) و دارت رحى معركة على اراضي دولة اريتريا الحالية ,وهزم فيها الجيش المصري.

و المعركة الثانية , جرت عام 1876في (غورا ) , وكان الهدف المصري هذه المرة الثأر للهزيمة الاولى, لكن مرة أخرى هزم المصريين.

Bataille de Dogali.jpg

رأس الأفعى في تل أبيب:-

العلاقات بين النظام الاثيوبي على مر العقود كانت قوية مع اسرائيل , منذ عهد الامبراطور هيلاسيلاسي و منغستو ميريام مرورا برئيس الوزراء ميليس زيناوي, وصولاَ للرئيس الحالي ابي احمد, و الروابط التي تجمع بين الدولتين , تقوم على معاداة الدول العربية خصوصا مصر, و السيطرة على سواحل البحر الاحمر والمهمة حاليا تتولاها أريتريا , حيث لا سواحل لأثيوبيا ,حيث استقلت عنها اريتريا, كما لا ننسى وجود يهود الفلاشا في اثيوبيا و ترحيلهم الى اسرائيل .

دعمت اسرائيل اثيوبيا في حروبها ضد الجبهات الإرتيرية ذات التوجه العربي ,مما اوصل الرئيس الاريتري المسيحي (أسياس افورقي ) المقرب الى الغرب و اسرائيل, وحرمان الجبهة العربية من حكم اريتريا ومنعها من الانضمام الى جامعة الدول العربية ,مما سيعطي اسرائيل سيطرة على سواحل اريتريا الطويلة على البحر الاحمرو تهديد الامن القومي العربي .

لذلك نصبت اسرائيل منظومات من الصواريخ المضادة للطائرات حول سد النهضة ,بل هنالك من يشك في أنها من يحرض اثيوبيا على التعنت في موقفها مع مصر في سد النهضة .
وهناك خبراء اسرائيليين على الارض الاثيوبية ,يقدمون الدعم الفني و الاستشارات و التدريب, للرد على أي سيناريو محتمل للأزمة.


                                                الخيارات المصرية :-

 

1 الحل العسكري: بضرب سد النهضة وتدميره, حيث لديها الامكانيات العسكرية الكافية , مع تحمل تبعات هذا العمل .

2- حرب الوكالة : بحيث تدعم مصر خصوم اثيوبيا في القرن الافريقي , وهم كثر بشكل مباشر, و يتمثل ذلك بمساعدة حركة تحرير اوغادين الصومالية , وحركة العفر والعيسى وجبهة تحرير شعب ارومو , ومساندة اريتريا في قضية ترسيم الحدود .

3- الرضوخ للأمر الواقع و موافقة رأي الحكومة الاثيوبية .

4- طريق الدبلوماسية الحكيمة و المساعي الحميدة.

بحيث تنقل مصر وجهة نظرها لدى الجامعة العربية وتطلب منها و اعضائها تبنيها والوقوف الى جانبها , بما يقتضيه الواجب القومي العربي بمساندة الشقيقة الكبرى, و الضغط على اثيوبيا من جميع النواحي اقتصادية و دبلوماسية ورفع شكوى مصر الى المنظمات العالمية مثل الامم المتحدة و الاتحاد الافريقي و الاتحاد الاوروبي ومنظمة العالم الاسلامي .

زيارة آبي أحمد الأولى لإسرائيل منذ وصوله إلى السلطة في أبريل/نيسان 2018 بينما زار نتنياهو إثيوبيا في يوليو/تموز 2016 (رويترز)

هل ستستدرج مصر الى الفخ الاثيوبـــي ؟

دولة كمصر تمتلك قوة عسكرية هائلة , يجعل اعدائها الحقيقيين وهم اسرائيل, يشعرون بخطر هذه القوة, و سيعملون على تشتيتها و تدميرها,لذلك سيكون هناك استنساخ لسيناريو تجربة حرب الحوثيين في اليمن, و هو احد الخيارات التي ستحدث في حال اقدمت مصر على مغامرة عسكرية ضد اثيوبيا التي هي اقل قوة منها.

لكن يخشى هنا ان تشن دول عدوة لمصر حرباً خفية بالوكالة عليها بدعم اثيوبيا,بالمال و السلاح , وضرب العمق المصري , واستنزاف جيشها ,كما حدث له خلال تدخله في حرب اليمن عام 1962 وخسر الكثير .

المراجع :

اثيوبيا تعلن استعدادها للحرب مع مصر بشأن سد النهضة

إسرائيل: لا صحة لوجود أنظمة دفاعية إسرائيلية لحماية سد النهضة الإثيوبي

#خلاصة القول في قدرة مصر على ضرب سد النهضة عسكريا#

الموسوعة العالمية ويكبيديا

حل أوروبي لأزمة سد النهضة