في الطريق إلى الحرب ....الأنزلاق للكارثة ونكسة 1967 ( ثالثاً - ســـوريـة )

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
في الطريق إلى الحرب ....الأنزلاق للكارثة ونكسة 1967 ( ثالثاً - ســـوريـة )





في الطريق إلى الحرب

كانت السمة العامة للإستراتيجية العسكرية العربية وللإستراتيجيات العسكرية القطرية، في المدة ما بين حربَي 1956 و 1967، وفي الحرب نفسها، دفاعية في جوهرها، على الرغم من أن المفاهيم والأغراض الإستراتيجية في مستوى القمة العربيـة، لا توحي بضرورة بناء الإستراتيجيـة العسكرية على مفهوم دفاعي، بل العكس هو الصحيح. فقد كانت تلك المفاهيم والأغراض، وكذلك الوسائل التي حددتها القمة لبلوغ تلك الأغراض، لا تعني سوى أن تكون الإستراتيجية العسكرية هجومية تعرضية. غير أن السمة العامة للإستراتيجيات العسكرية القومية والقطرية ـ كما ذُكر ـ كانت، في جوهرها وعملياتها، دفاعية.


ثالثاً - ســــــــوريــــــة
تكوِّن هضبة الجولان، بمجموعها، منطقة صالحة للتمركز الدفاعي. كما تكوِّن، في الوقت نفسه، قاعدة لانطلاق هجوم على وادي نهـر الأردن، أي القسم الشمالي من فلسطين (سهل الحولة ومنطقة طبرية والجليل الأعلى)، بدءاً من بلدة بانياس شمالاً حتى سمخ على بحيرة طبرية جنوباً.

ولقد تأسست خطة الدفاع السورية على استخدام الهضبة ومعالمها الطبيعية لتنظيم الجبهة تنظيماً دفاعياً، أساسه خطوط متتالية، مترابطة فيما بينها، تتقاطع في الدعم الناري والقدرة على المناورة، وتتشابك أمدية أسلحتها في بناء سد ناري كثيف وغزير، إضافة إلى حقول وممرات من الألغام والمواقع المتنوعة، وخصوصاً تلك الممرات التي لا مندوحة للعدو عن سلوكها في حال اقترابه من الجبهة أو اختراقه لها.

اعتمدت الخطة الدفاعية السورية على مزاوجة الدفاع والهجوم المضاد، وفق ظروف المعركة ومتطلباتها. ولهذا، احتفظت القيادة العامة ببعض الألوية (مشاة ومدرعات) في العمق العملياتي، لتستخدمها في دعم الألوية المكلفة الدفاع عن الخط الأمامي. وكان على كل لواء أن يدافع عن جبهة عرضها حوالي 20 كلم، مع التركيز الدفاعي على خطوط ومواقع المحور الوسط، نظراً إلى أهميته في المنظومة الدفاعية، وإلى سهولة اختراقه بالمدرعات المعادية، مقابلة بالمحورَيْن الشمالي والجنوبي.

وكانت الخطة السورية تتطلب الحصول على سيطرة جوية قادرة على حماية سماء منطقة العمليات، حيث ستجري الهجمات المضادة، وعلى حمايـة أمكنـة حشـد القوات الاحتياطيـة ومحاور حركتها، لمباشرة الهجمات المضادة. غير أن شيئاً من هذا لم يكن ممكناً توفيره. فلقد كانت السيطرة الجوية في حيازة القوات الجوية الإسرائيلية.

اشتمل الترتيب الدفاعي على عدة خطوط من التحصينات، استقرت فيها مدافع ميدان ومدافع مضادة للدبابات. وكانت هذه الخطوط تؤدي المهام المعروفة لكل ترتيب مماثل، وهي: الرصد والإنذار والتّماس والدفاع الحصين والإيقاف.

وعلى الرغم من أن سفوح الجولان الغربية المنحدرة نحو وادي نهر الأردن حادة وصخرية صلبة في مواضع عدة، واجتيازها صعوداً ليس بالأمر السهل، لم تكن تلك السفوح، في بعض مواضعها، عصيّة على جنازير الدبابات، إذ تتسلق مواضع معينة من تلك السفوح.

وكانت سورية محط التركيز العسكري والإعلامي الإسرائيلي. فقد سعت إسرائيل إلى أن تخلق ـ من خلال الجبهة السورية ـ ذريعة ومدخلاً مناسبين لبدء الحرب. فسورية أحد البلدان الثلاثة القائمة بتنفيذ مشروعات المياه العربية، التي تعمل إسرائيل على إحباطها بشتى الوسائل، وعلى رأسها الوسيلة العسكرية. وفي هضبة الجولان السورية، تنتشر المواقع العسكرية الحصينة والمتحكمة في الأراضي الإسرائيلية المنخفضة. لذا، فتدمير الجيش السوري واحتلال الجولان هدفان مهمان من أهداف الحرب الإسرائيلية. وينضم إلى هذه الذريعة الاتهام الذي دأبت إسرائيل على توجيهه إلى سورية منذ مطلع عام 1965، بأنها تؤوي معسكرات منظمات المقاومة الفلسطينية، وتمدّها بالعون، وتشجع نشاطها داخل الأراضي الإسرائيليـة. لذلك كله، كانت القـيادة العسكريـة الإسرائيليـة تعتقـد بوجـود "حساب قديم يلزم تسويته مع الجيش السوري، الذي لم يكفّ ـ مستغلاً ميزة طبوغرافية ـ عن ملاحقة وضرب المستعمرات الزراعية التي يشرف عليها من أعلى الهضبة" .

وكانت إسرائيل تفتعل الحوادث على الجبهة السورية من أجل إبقاء ذريعة الحرب قائمة حية. فقد اعترف وزير الدفاع الإسرائيلي، موشي ديان، أن "أكثر من 80% من الحوادث" ، التي كانت تقع على خطوط الهدنة السورية ـ الإسرائيلية، وفي المناطق المجردة من السلاح، والتي شكلت ذريعة تستند إليها إسرائيل في شن الحرب ضد سورية واحتلال الجولان، لم تكن سوى "تحرشات" كانت تقوم بها القوات الإسرائيلية، لتعزيز تلك الذريعة، وخلق البيئة المناسبة للحرب. كما اعترف أيضاً أن وفداً من سكان "الكيبوتسات" في الشمال قابل، في اليوم الرابع للحرب، أي يوم 8/6/1967، رئيس الوزراء، ليفي أشكول، وطلب منه سرعة شن الحرب على سورية: "إن الوفد كان يفكر في أرض الهضبة (أي هضبة الجولان)... حتى إنهم لم يحاولوا إخفاء طمعهم في تلك الأرض.

هددت إسرائيل سورية بغزو أراضيها. فذهب رئيس الأركان إلى المطالبة بالاستيلاء على دمشق وإسقاط نظام الحكم فيها . وقال رئيس الوزراء: "إن إسرائيل قد عقدت العزم على استخدام القوة ضد سورية" . وبلغت الاعتداءات الإسرائيلية على سورية ذروتها حين شنّت القوات الجوية هجوماً كبيراً في 7/4/1967، اشتركت فيه ستون طائرة. ومع بداية مايو 1967، تزايدت التهديدات في المستويات الإسرائيلية كافة، ابتداء من رئيس الوزراء حتى أعضاء الكنيست.


يحى الشاعر





3he3.gif



x20qz1.gif



x22ub8.gif



x21pk9.gif



x23ff9.gif

















يحى الشاعر






 
عودة
أعلى