حرب أكتوبر .. الخدعة الكبرى

zouhir1971

عضو مميز
إنضم
3 أبريل 2008
المشاركات
491
التفاعل
385 0 0
الشروق" تكشف أسرار تنشر لأول مرة



أنت وأنا .. جزائري كنت أم سوداني .. عراقي أم يمني .. حتى المصري والسوري .. كلنا أبناء جيل بأكمله رحنا ضحية خدعة كبرى نسجتها أجهزة استخبارية عالمية بمعية أنظمة عربية عميلة .. كذبوا علينا وضللونا .. وللأسف نجحت مؤامرتهم، فكل الأمم تتحول بعد نصرها إلى إمبراطوريات .. لكنهم حتى حرمونا من الفرح بنصرنا ولم يمنحونا فرصة للتعلم من أخطائنا .. ولأول مرة في التاريخ يجلب نصر عسكري على صاحبه سلسلة من الهزائم والانكسارات .. زادت فرقتنا وتشرذمنا .. وها هو حالنا بعد 35 عاما من حرب أكتوبر 1973

إنها الحرب التي جمعنا الجهاد فيها تحت راية واحدة فكسرنا أكبر قوة على وجه الأرض ودحرنا المعتدين وكنا على وشك تحرير القدس والقضاء للأبد على الكيان الصهيوني .. لكن ــ وكالعادة ــ تقهقرنا بفعل التآمر والخيانة وغيرها من المصطلحات والعبارات التي تبارينا في إلصاقها ببعضنا البعض، فتباغضنا وتناطحنا وتقاتلنا وسفكنا دماءنا بأيدينا نيابة عن عدونا .. كل ذلك حدث لأننا لم نعرف الحقيقة وتركنا العنان لعدونا وللمتآمرين علينا من أبناء جلدتنا كي يخدعونا .. صدقنا الكذب ولم نكلف نفسنا عناء البحث عن الحقيقة .. فترى ماذا حدث في تلك الحرب .. ولماذا أنفق أعداؤنا الكثير ***روا كل شيء من أجل طمس حقيقتها؟

ومن هنا على ضفاف قناة السويس وسيناء والقنيطرة، حيث المواقع الحقيقة لتلك الحرب، تزيل الرياح شوائب الزمن وانحراف الذكريات، فالرمال تحفظ الأسرار أكثر من قلوب الرجال، من هنا نكشف في هذه السلسلة جزءا من الحقيقة الغائبة.

أجهزة المخابرات وأولى بوادر الخيانة

تاريخيا هي الحرب العربية ــ الإسرائيلية الرابعة، صهيونيا هي حرب يوم الغفران، سوريا هي حرب تشرين، ومصريا فهي حرب أكتوبر، أما عربيا فهي حرب العاشر من رمضان .. تسميات عديدة لمعركة واحدة، سجلها التاريخ كأول انتصار عربي ملموس على الكيان الصهيوني، لكنها كانت إحدى حلقات الصراع العربي الصهيوني، الذي بدأ عام 1948، ثم تطور عام 1956، ثم استفحل عام 1967، حينما احتل الكيان الصهيوني الجولان السورية والضفة الغربية لنهر الأردن ومدينة القدس وشبه جزيرة سيناء المصرية، ووصلت القوات الصهيونية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، وكانت حرب 1973 نتيجة منطقية لحرب 67، وفي الوقت الذي كانت فيه مصر وسوريا وخلفهما العالم العربي يستعدون في صمت وسرية لمعركة أكتوبر، كانت "إسرائيل" قد أمضت السنوات الست التي تلت حرب جوان 67 في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ ضخمة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها من أجل الاحتفاظ بالأرض التي استولت عليها، فأصبحت الحرب على العرب دربا من دروب المستحيل، وركن العدو إلى غروره، غرور وطمأنينة ساهم العرب أنفسهم في تغذية القادة العسكريين والسياسيين الصهاينة، فيما عرف بخطة الخداع الاستراتيجي، التي قادتها أجهزة المخابرات العربية بحنكة وكفاءة بالغتين، فانخدع العدو واتكأ مزهوا على خط بارليف يتشفى في المنهزمين على الجانب الآخر من القناة.

ومن الأشياء الهامة التي لم يركز عليها المؤرخون، أن خطة حرب أكتوبر اعتمدت بشكل أساسي على مجهود المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية وعدد من أجهزة المخابرات العربية، بما فيها الجزائرية، فتكاتفت الجهود من أجل التخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الصهيونية والأمريكية والغربية عموما، ومفاجأة تل أبيب بهجوم عبر الجبهتين المصرية والسورية.

وبالعودة لمذكرات المشير الجمسي قائد الجيش المصري في تلك الفترة، نجد أن الرجل كشف عن الدور الفعال الذي لعبته المخابرات العربية، والتي حققت سلسلة من الانتصارات على الكيان الصهيوني وعدد من أجهزة الاستخبارات العالمية قبيل وخلال الحرب، حتى أنها نجحت في استغلال الخيانات العربية لصالحها، وذكر الجمسي واقعة قال فيها أن العاهل الأردني الراحل الملك الحسين بن طلال علم بخطة الهجوم وحاول إحباطها لاعتبارها ضد المصالح الأردنية، وفي 25 سبتمبر 1973 قام بزيارة سرية لتل أبيب وأبلغ القادة الصهاينة عن الحرب المتوقعة، غير أن القيادة العسكرية الصهيونية شككت في تقرير الملك الحسين، واستهزأ منه موشيه ديان في حضرة رئيسة الوزراء الصهيونية غولدا مائير قائلا: "جيوش الأرض كلها لا تستطيع عبور قناة السويس أو تقترب من خط بارليف، دع العرب يجربون وسترى بنفسك يا جلالة الملك نهايتهم للأبد".

ويذكر الجمسي أن تلك الواقعة كانت إحدى أهم الأوراق التي استخدمتها المخابرات المصرية لتضليل العدو، فقد كشف عن حقيقة هذا اللقاء العميل المصري "رأفت الهجان"، ومن خلال خطة فائقة الذكاء نجحت الاستخبارات المصرية والسورية في إيصال رسائل مضللة للكيان الصهيوني عبر الملك الأردني، كان لها دور بارز في التعتيم على موعد الحرب.

أقمار أمريكا ومكر الله

وبالحديث عن نظرية السرية والتعتيم تلك، نجد إنها كانت مهمة للجيوش العربية، فقد كانت قوة وجهوزية الجيش الصهيوني تعادل 05 أضعاف الجيوش العربية مجتمعة، إضافة إلى وجود عدة موانع طبيعية وصناعية وعسكرية تجعل من وصول القوات العربية للاشتباك مع الجيش الصهيوني أمرا مستحيلا، فلم يكن هناك من سبيل أمام العرب سوى المباغتة من أجل إحداث الارتباك داخل صفوف العدو وإتمام بقية بنود الهجوم والاشتباك.

وبالفعل نجحت الخطة، وفي مذكرات المشير أحمد إسماعيل، أحد أهم قادة أكتوبر، يقول الرجل: "علمنا عبر عملائنا أن تل أبيب تلقت المعلومات الأولى عن الهجوم المقرر يوم الخامس من أكتوبر عبر الولايات المتحدة التي رصدت أقمارها التجسسية تحركات الجيش المصري من ثكناته تجاه القناة، لكننا لم نغفل حركة هذه الأقمار وعمدنا قبيل الحرب بشهور لتحريك القوات عدة مرات بنفس الطريقة، لإقناع العدو بأنها حركات روتينية وتدريبية، حتى إذا حانت ساعة الصفر يكون التحرك في مأمن من ضربة جوية صهيونية استباقية، وفي الوقت نفسه كان التحرك قبيل المعركة بساعات، وهي مدة غير كافية لاستدعاء وتعبئة الاحتياط الذي يمثل غالبية القوات الصهيونية، وكان معظم الجنود والضباط قد تركوا وحداتهم وعادوا لمنازلهم للاحتفال بعيد كيبود اليهودي، أو ما يعرف في العقيدة اليهودية بعيد الغفران، ورغم ذلك دعت غولدا مائير بعض وزرائها لجلسة طارئة في تل أبيب عشية العيد، ولكن غرور القادة الصهاينة دفعهم لتكذيب تلك المعلومات، وأقسم موشي ديان بأن أي هجوم عربي عبر القناة والجولان سيفتح بوابات الجحيم على العرب، وسيخضع الأقطار العربية كلها من المحيط إلى الخليج تحت السيطرة الإسرائيلية بعد ابادة الجيوش العربية في مياه قناة السويس، حسب توهمه، فمالت العجوز الصهيونية لقائد جيشها "القوي"، وقضت ليلتها تحلم برؤية الجيوش العربية وهي تحترق عن بكرة أبيها بالنابالم في القناة"، ويختم إسماعيل هذه الفقرة بالآية القرآنية "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".

الصلاة والرقص قبيل الزحف للموت

خلال أربعة شهور قرأت عشرات الكتب والشهادات التاريخية والوثائق عن حرب أكتوبر، لكنني في هذه الفقرة وجدت نفسي رغما عني أتذكر عددا من الشهادات التي أدلى بها أبي لي في الصغر، فقد كان رحمه الله أحد الذين شاركوا في هذه الحرب، ومن قبلها حروب الاستنزاف و67 وكذلك حرب اليمن. كان لا يترك مناسبة دون الحديث عما رآه وعما سجلته ذاكرته، أما جسده فقد حفرت الشظايا بدورها جزءا من الذكريات عليه. أبي لم يكن قائدا أو صانعا لقرار، لم ير المعركة عبر المنظار والخرائط، وإنما عايشها كجندي ينفذ ما يؤمر به، ولم تر عيناه سوى البقعة الضيقة من الأرض التي كلف للتحرك بها، ورغم ذلك كانت معلوماته المحدودة لا تقل أهمية عن معلومات وشهادات المؤرخين والقادة، بالطبع لم يكن يدرك ذلك، لكن كان جل همه زرع الروح القتالية في نفوس أبنائه، وتربيتهم على حب الجهاد ضد عدو طالما وصفه بالغدّار والمجرم، وفي زمن كان يصمه دوما بزمن المنهزمين والخونة. وجدت نفسي مجبرا على نقل شهادة والدي الذي تقاضى ثمن زهرة شبابه خنجرا عسكريا كان يعتبره أغلى من كنوز الأرض، الرجل رحمه الله ارتدى بذلة الجهاد 09 سنوات، قاتل فيها على جبهات عدة، وبمنطق وصفه كل المحيطين به بالغريب والشاذ رفض أن يتقاضى درهما ولا دينارا ولا حتى تكريما حتى لا يضيع جهاده في سبيل الله، فقد كان دوما يقول لنا "جاهدت وتمنيت الشهادة طمعا في الجنة، ولن أستبدلها أبدا بما هو أدنى حتى وان متم بالجوع، نعم لم أقدم لكم مالا ولا جاها، ولكن تركت لكم رضى الله، وصنعت منكم رجالا أشداء".. هذه العبارات والمواقف وغيرها جعلتني مقتنعا أن شهادات أبي أصدق وأهم من شهادات أصحاب المآرب والأبطال الوهميين، تذكرت كيف كان قاسيا معي وإخوتي في كل شيء يتعلق بالكرامة والكبرياء والأمانة، ولم يطلب منا يوما أن نسجل ما يقوله للزمن أو ما شابه، فقد كان أشد ما يكره الفخر و"الزّوخ"، حتى وأنا أكتب هذه الأسرار عنه أشعر بالخوف من الإتيان بأمر يغضبه ويعكر عليه صفو راحته الأبدية، لكنني وجدت أن دواعي وأساسيات العمل تفرض علي هذا الشيء، المهم أن أبي كان أحد أفراد القوات الخاصة المعروفة باسم "صاعقة 777"، وهي من أشرس وأقوى الفرق الخاصة بشهادة كثير من المحللين والخبراء العسكريين، فأفرادها يتدربون بأساليب هي الأقسى والأعنف لخلق مقاتل قادر على التصدي لمختلف الأسلحة بجسده وسلاحه الخفيف وفي أحلك وأخطر الظروف. وبدون الإطالة في وصف قدرات مقاتلي هذه الفرقة، فإنها تحملت عبئا كبيرا رفقة بقية أفراد القوات الخاصة في حرب أكتوبر، وأوكلت إليها مهام تعتبر مستحيلة في القواميس العسكرية، إلا أنها أدتها بنجاح.

قال لي العريف "قطب عرفات" رحمه الله: "قبيل حرب أكتوبر نفذت عدة عمليات فدائية في عمق سيناء أثناء حرب الاستنزاف، وفي كل عملية قتلت عددا من الصهاينة بين ضباط وجنود، كانت الأوامر تطلب منا إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية والمعدات في صفوف العدو، وكان الأمر في غاية السهولة، فما أجبن الصهيوني حينما تنفتح عليه حصونه وحينما ينكشف عنه درعه، إنه لا يجيد الاشتباك ولا القتال عن قرب، وما أسهل وصول الخنجر إلى صدره أو كسر عنقه بمجرد سقوط سلاحه، لكن تلك العمليات السريعة والخاطفة لم تكن أبدا لترضيني أنا وزملائي الذين كتبت عليهم الهزيمة في حرب حرموا حتى من خوضها، كنا نتعطش لحرب حقيقية نقاتل فيها عدوا صنع نصرا زائفا بضربة غادرة متبوعة بقرارات عسكرية طائشة وغبية كشفت ظهرنا وأوقعتنا في شَرَكِه"، ويواصل محدثي قائلا: "طوال 06 سنوات تدربنا بقساوة من أجل هذا اليوم، وفي فجر يوم السادس من أكتوبر، طلبت منا القيادة نزع الملابس العسكرية وارتداء الملابس الرياضية أو ما شابه والقيام بأفعال توهم العدو أننا في حالة استرخاء، فكان بعض الزملاء يلهون ويتقاذفون الكرة، أما أنا فتيممت وأخذت أصلي وأنا أشعر أنني على موعد مع الثأر أو مع الموت .. لا يهم، المهم أنني بمجرد أن انتهيت من الصلاة عدت لخندقي وارتديت لباسي العسكري من جديد، وأخذت أعد سلاحي وذخيرتي وخنجري، وعندما رآني قائدي المباشر سألني عن سبب تركي لفترة الراحة، فقلت له أجهز نفسي للقاء هام شرق القناة، فضحك القائد قائلا: "لا أعتقد أن هناك عملية هذه الليلة، حتى النقيب عبد الباري نفسه لم يكن يعلم ميعاد الحرب ولا أي أحد سوى القادة في غرفة العمليات الرئيسية بالقاهرة، ولكنه إحساس مقاتل يناديه الموت من بعيد".

الحلقة الثانية

جيش الرب" تحت رحمة المصحف والبندقية
صيحة "الله اكبر" تزلزل "إسرائيل"





أمة سلبت عفتها.. اغتصبت.. وألقي بها على قارعة الطريق، قيادات وجيوش انكسرت حينما تملك منها الغرور، شعوب طأطأت رؤوسها.. ذلت.. بعدما تخلت عن إيمانها، ومن رحم العار ولد النصر بمخالب الثأر وأنياب الإيمان، وبراية "الله أكبر" وحدها خاض العرب معركة الكرامة.
  • كعادتنا دائما.. نلجأ إلى الله ونحن مقهورين.. ضعفاء.. مكسورين.. لكننا سرعان ما ننساه حينما يفرج كربنا، ورغم أن خطة وتنفيذ حرب أكتوبر اعتمدت بالأساس على الدعم الإلهي، إلا أن بعض صانعي انتصار أكتوبر وغيرهم من المعلقين والمحللين طوال الـ 35 عاما الماضية أسهبوا في الحديث عن العبقرية العسكرية وبسالة المقاتل ودقة التخطيط وما شابه، كعناصر جلبت هذا النصر، لا ننكر نجاح العرب في تطبيق هذه المعايير الحربية بكفاءة محسوبة أذهلت العالم، وحققوا نصرا غير خارطة المفاهيم في جميع المعاهد والجامعات العسكرية العالمية، لكن لم يكن هذا ليحدث لولا إرادة الله، وهذا الكلام ليس روحيا فقط، بل تؤكده أحداث شهدتها أرض المعركة، فبدءا من اختيار السادات وحافظ الأسد اسم "بدر 73" لتلك العملية، ومرورا بتربية الجنود والضباط طوال الست سنوات التي سبقت الحرب تربية إيمانية سليمة، وانتهاء بجعل كلمة "الله أكبر" شعار القتال طوال أيام المعركة، يتضح أن الجيوش العربية كانت على قناعة تامة بأنها لن تقدر على مواجهة "الجيش الذي لا يقهر" إلا بدعم إلهي، وأنها عاجزة عن تحقيق أي نصر عليه بدون مشاركة الملائكة.
  • المقاتلات العربية تحقق أولى المعجزات
  • حتى الساعة الواحدة والنصف زولا من يوم السادس من أكتوبر 1973 كانت الإشارات تصل تباعا لمركز القيادة في تل أبيب تفيد باستقرار الأمور على طول قناة السويس والجولان، فتنهدت غولدا مائير وتنفست الصعداء واتصلت بموشيه ديان، تطالبه بعدم الانخداع لتلك الإشارات واستكمال عملية التعبئة، فقهقه ديان من أعماق قلبه قائلا لها: "إن العرب أجبن من مجرد التفكير في مواجهة جيش الرب.. اطمئني سيدتي لقد كسرنا أنفهم للأبد"، وفي تمام الثانية لمح الجنود العرب المرابضون على القناة عشرات المقاتلات تمر على ارتفاع منخفض فوق رؤوسهم، وما هي إلا لحظات حتى وصلت لمسامع الجميع أصوات الانفجارات في سيناء، وبعد ذلك بـ 15 دقيقة صب ألفا مدفع حمما أشعلت النار في كل شيء على الجانب الآخر، في تلك الأثناء فتح القادة الميدانيون الأظرف التي وصلت إليهم قبل ذلك بساعتين، والتي كتب عليها "سري للغاية.. لا تفتح إلا في الساعة 14"، فوجدوا فيها عبارة واحدة "نفذ خطة الهجوم فورا".
  • وتحت ساتر من نيران المدفعية المتواصل، اقتحم ثمانية آلاف مقاتل من قوات الصاعقة والمشاة قناة السويس ممتطين القوارب المطاطية، فامتلأت القناة عن آخرها بالمقاتلين المهاجمين، واكتظت السماء بصيحات "الله أكبر".
  • كان ذلك إيذانا باندلاع الحرب التي افتتحتها مصر بضربة جوية عبر مطار بلبيس الحربي، والذي يقع في محافظة الشرقية -على بعد 70 كم شمال القاهرة-، وتشكلت هذه الضربة من 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري للجيش الصهيوني دفعة واحدة وفي وقت واحد في تمام الساعة الثانية بعد الظهر على ارتفاع منخفض للغاية، مستهدفة محطات الشوشرة والإعاقة في أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة، وكانت الخطة تقتضي تنفيذ ضربتين متتاليتين لتدمير كل تلك الأهداف الحصينة، وقدر الخبراء الروس نجاح الأولى بنحو 30٪ بخسائر قيمتها 40٪، ونظرا للنجاح الهائل للضربة الأولى والبالغ نحو 95٪ وبخسائر نحو 2.5٪ تم إلغاء الضربة الثانية، وفي لحظات انكشف الغطاء عن الجيش الصهيوني بعد أن بترت ذراعه "الطويلة"، وكانت تلك العملية أولى معجزات المعركة.
  • الصواريخ تخترق العمق الصهيوني
  • في نفس التوقيت شنت الطائرات السورية هجوما كبيرا على المواقع والتحصينات الصهيونية في عمق الجولان، وهاجمت التجمعات العسكرية والدبابات ومرابض المدفعية ومحطات الرادارات وخطوط الإمداد، وحققت الضربة السورية نجاحا كبيرا وحسب الخطة المعدة، بحيث انكشفت أرض المعركة أمام القوات والدبابات السورية التي تقدمت كيلو مترات، مما أربك وشتت الجيش الصهيوني الذي كان يتلقى الضربات في كل مكان من الجولان.
  • وخلال ست ساعات فقط من بداية المعركة تم اختراق خط بارليف "الحصين" والجولان، وخلال تلك الساعات أوقعت القوات العربية خسائر كبيرة في الجيش الصهيوني، ودمرت القوات السورية التحصينات الكبيرة التي أقامها الصهاينة في هضبة الجولان، ثم توالت موجتا العبور الثانية والثالثة في القناة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60 ألف مقاتل، في الوقت الذي كان فيه سلاح المهندسين المصري يفتح ثغرات في الساتر الترابي باستخدام خراطيم مياه شديدة الدفع، وعلى الجبهة الشمالية للعدو اندفعت الآلاف من القوات البرية السورية إلى داخل مرتفعات الجولان تساندها قوة هائلة من الدبابات، بينما واصلت المقاتلات السورية دك المواقع الصهيونية، وتطور الهجوم السوري بتوجيه قصف صاروخي مكثف لمواقع في العمق الصهيوني مستهدفا قرية مجدال هاعيمق شرقي مرج ابن عامر، وقاعدة رامات دافيد الجوية، فسهلت هذه العملية من الاستيلاء على القاعدة الصهيونية الواقعة على كتف جيل الشيخ بواسطة عملية إنزال بطولية أسفرت عن الاستيلاء على مرصد جبل الشيخ وعلى أراضي في جنوب هضبة الجولان ورفع العلم السوري فوق أعلى قمة في جبل الشيخ، في حين تراجعت الوحدات الصهيونية، وتم إخلاء المدنيين اليهود من الجولان.
  • أما في داخل الكيان الصهيوني فقد تم تشغيل صافرات الإنذار في الساعة الثانية لإعلان حالة الطوارئ واستأنف الراديو الصهيوني الإرسال رغم العيد، وبدأ تجنيد قوات الاحتياط بضع ساعات قبل ذلك مما أدى إلى استئناف حركة السير في المدن، وبالرغم من توقعات القيادة العربية، كان التجنيد الصهيوني سهلا نسبيا، إذ بقي أغلبية اليهود في بيوتهم أو احتشدوا في الكنائس لأداء صلوات العيد.. كانوا يتضرعون للرب من أجل إنقاذ "إسرائيل"، لكن عين الرب لم تلتفت لهم.
  • العبور على أكف الملائكة
  • وهنا أعود مرة أخرى لما سمعته من أبي أو العريف "قطب عرفات" الذي قال لي: طوال السنوات التي سبقت الحرب كانت هناك توعية إسلامية وصحوة دينية انتشرت بين الضباط والجنود بفضل أوامر صدرت من القيادة العليا، وكان ذلك أول الدروس المستفادة من هزيمة 67 ، فقد كنا حينها أقوى من الصهاينة بكثير، وقادرين بالفعل على هزيمتهم، لكن الغرور تملك الجميع، وفي لحظات زهو وفخر بقوتنا وسلاحنا جاءتنا ضربة قاسمة كان من الممكن أن تقضي علينا للأبد، خاصة وأن العدو أمعن في شن حرب نفسية هدفها زرع الذل والرعب بقلوبنا، كان يريد أن يقنعنا بأنه القوة التي لا تقهر والجيش الذي لا يمكن محاربته، وكانت موجاته الإذاعية الموجهة باللغة العربية تبث على مدار الساعة برامج تدميرية لا يمكن مقاومتها بأية أسلحة أو وسائل بشرية، وبدأ اليأس يدب في نفوس كثير من الجنود وكذلك الخوف، وهنا تفطنت القيادة السياسية لتك المؤامرة، ولم يكن هناك سبيل لوأدها إلا الدين، فقبيل 67 كانت الشيوعية سيدة الموقف ترافقها مصطلحات أخرى مثل الوجودية والمادية وغيرهما، أما قبيل 73 كان المصحف رفيق البندقية، وكان الشيوخ يستقدمون للوحدات على الجبهة لتلقين الجنود دروسا تبين لهم معنى الجهاد وقيمة الشهادة في سبيل الله، وترافق ذلك مع تدريبات عسكرية مستحدثة وقاسية، فبات الجندي ماهرا جسديا وروحيا، وفي يوم 06 أكتوبر تلقينا الأوامر بالتكبير أثناء العبور، ترافقها أوامر بجواز الإفطار حيث كنا في اليوم العاشر من رمضان، ورغم أننا رفضنا الإفطار وتمنينا الشهادة ونحن صائمين، إلا أن حناجرنا زأرت رغما عن صيامنا وتعبنا بقول "الله اكبر".. فطغت التكبيرة على أزيز الطائرات ودوي المدافع.
  • يواصل المقاتل "قطب عرفات" قائلا: في تلك اللحظات تبدل المكان والزمان، لم أشعر بساعدي الممسك بقوة على المجداف، ولم أصدق أنني أمتطي قاربا سعته 10 أفراد يحمل 20 مقاتلا بكامل معداتهم ويشق المياه وكأن أيادي خفية تحمله وتسحبه، لحظات قليلة وكنت على الجانب الآخر من القناة، وفجأة وجدت قدمي تتسلقان بسرعة كثبان الرمال الناعمة بخفة عجيبة، حتى وصلت إلى قمة حاجز بارليف وبدأ القتال. ويتوقف محدثي عن الكلام برهة، ثم يبتسم ويقول: أتعلم أنني بعد الحرب بشهور ظللت حائرا مما جرى لي أثناء العبور، فذهبت إلى جزء مما تبقى من خط بارليف، وعند نقطة أكثر سهولة من تلك التي واجهتني أثناء الحرب، كنت ساعتها في كامل قوتي ولياقتي ومفطرا، وحاولت التسلق وبالطبع بدون سلاح ولا ذخيرة ولا معدات.. ففشلت.. وغاصت قدماي في الرمال، وظللت أحاول فأفشل لأكثر من ساعة، وهنا تبددت حيرتي، وتأكدت أنني وزملائي عبرنا واقتحمنا على أكف الملائكة.
  • النصر الإلهي والمؤامرة الشيطانية
  • يواصل محدثي قائلا: في غزوة بدر وفي وجود الرسول صلى الله عليه وسلم أنزل الله السكينة على قلوب المؤمنين وثبت الأرض تحت أقدامهم وأمدهم بخمسة آلاف من الملائكة يضربون أيادي وأعناق الكفار، لكن في بدر 73 كان اليهود أقوى عدة وتفوقا أربعة أو خمسة أضعاف، وحسب القوانين العسكرية الحديثة يجب أن تفوق قوة المهاجم قوة المهجوم عليه بثلاثة أضعاف، وفي بدر 73 كان هناك أكبر مانع مائي في العالم "قناة السويس" وأقوى سور دفاعي في التاريخ "خط بارليف"، وخلفهما أقوى التحصينات وأحدث الدبابات والمدافع وجحافل من مجرمي الحروب وسفاكي الدماء، فهل يعقل أن ينهار بارليف بزخات من المياه؟، وأن تحترق دبابات ومركبات العدو بقذائف خفيفة وقنابل يدوية؟، وفوق كل ذلك.. هل يصدق عقل أن ثمانية آلاف مقاتل دحروا أكثر من 50 ألف صهيوني في ست ساعات، وقتلوا وأسروا كل من تحصن في الدشم والمواقع المنتشرة على طول 175 كيلومتر شرق القناة؟، ثم كيف يفسر المحللون ذاك الرعب الذي دب في قلوب الصهاينة بمجرد أن سمعوا "الله أكبر"؟، لقد كانوا يهرولون كالفئران ويصرخون كالنساء ونحن لا زلنا نتسلق خطهم "المنيع"، وعندما وصلنا إليهم تصيدنا فلولهم من ظهورهم بالرصاص، واقتطفت خناجرنا رؤوس من ظن أن الغرف الحصينة والخنادق السرية ستعصمه من غضبنا.
  • ويضيف محدثي قائلا: أتعلم يا ولدي أنني مشيت لتلك الحرب ثأرا لكرامتي التي حاول الصهاينة تدنيسها، لكنني خرجت منها لست مزهوا بنصر حققته بندقيتي، وإنما فخور بأني قاتلت جنبا إلى جنب مع الملائكة وتحت عين الله، في معركة تصحيح الأوضاع بين البشر على الأرض، معركة قضي فيها الأمر من فوق سبع سماوات، وكان من المفترض كنتيجة طبيعية لهذه الحرب أن نعود لنتبوأ مكانة "خير أمة أخرجت للناس"، ولكن أعداءنا من الأمم الضالة والمغضوب عليها طمسوا نصرنا وكبلوا الحقيقة حتى لا يحدث ذلك أبدا.
  • يتبع
  • تقرأون في الحلقة القادمة
  • - مؤامرة استخبارية عالمية لإخفاء ما حدث في حرب 1973
  • - سر إصرار الدول الكبرى على حجب صور الأقمار الصناعية لحرب أكتوبر
  • - قادة العالم يحذرون من مغبة رؤية العرب للصور الحقيقية للمعركة
  • - إمبراطوريات تخشى على مستقبلها من عودة المسلمين
 
والله يا اخ زهير مواضيعك قويه جدا وننتظر في اقرب وقت تكملة الموضوع واحيك فعلا علي توقعيك
 
جزاك الله خيرا يا اخى على الموضوع الاكثر من رائع
كم اشتقنا يا اخى الى الجهاد فى سبيل الله هذا السلاح الرهيب الذى يفتقده العرب والمسلمين
ولو رجعوا وحملوه من جديد لتغيرت خارطة القوة فى العالم وعاد للمسلمين مكانتهم وعزتهم التى غابت عنا حتى
اليوم
اعاد الله علينا الجهاد لتحرير كل شبر من ارض الاسلام
 
ومن الأشياء الهامة التي لم يركز عليها المؤرخون، أن خطة حرب أكتوبر اعتمدت بشكل أساسي على مجهود المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية وعدد من أجهزة المخابرات العربية، بما فيها الجزائرية، فتكاتفت الجهود من أجل التخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الصهيونية والأمريكية والغربية عموما، ومفاجأة تل أبيب بهجوم عبر الجبهتين المصرية والسورية.

فعلا اخي الكريم .. دور المخابرات في الحرب كان دور كبير جدا
ولولاه لما خرجت الحرب بهذا التنظيم والقوة
تعتبر عمليات المخابرات في الخداع وجمع المعلومات اللازمة للتخطيط .. كعمليات التمهيد النيراني لتحرك القوات

كلاهما شرارة الانطلاق

 
الى متى والخيانة تتفشى فى جسد الامة العربية ايعقل هذا كلما ارادة الامة ان تستيقض من سباتها الا وضهر من يطعنها في ضهرها .
موضوع مميز بحق يازهير .
ننتضر الجديد .
 
سر إصرار الدول الكبرى على حجب صور الأقمار الصناعية لحرب أكتوبر
الاتحاد السوفيتى والذى كان على علم بموعد الهجوم بشكل او باخر ولو حتى بالاستنتاج العسكرى المدعوم بالمعلومات التى مررها طرفى الصراع لة
يملك الان واحد من اهم واخطر اللحظات من عمر هذة الامة
يمتلك فيلم مسجل بالكامل سجلة احد اقمارة الاصطناعية التى كانت تراقب المنطقة
الفيلم صور عملية العبور كاملة وما تلاة من عملايات عسكرية
الخارجية المصرية دوما طالبت بنسخة من هذا الفيلم والروس الى الان يعتذرون قائلاين (لا يمكن ان نفرط فى واحد من اهم اسرارنا العسكرية على الاطلاق)
 



مؤامرة استخبارية عالمية لإخفاء ما حدث في حرب 1973

الإمبراطوريات تخشى من عودة المسلمين






أنت مسلم إذن فأنت للأبد عدو... لا حليف ولا صديق منك يدنو، عقيدتك وتاريخك وبطولات أجدادك »وصمة عار« في جبينك، لا أمن ولا حياة لك طالما »لا اله إلا الله« في قلبك، ومادمت ممسكا بالقرآن ستذل وتقهر وتضطهد وتدك الأقدام الخشنة عنقك، وعبثا تحاول إرجاع أيام عزك ومجدك، فشئت أم أبيت لن تعود أبدا...
  • ولا مكان بيننا لك، فإما أن تركع ذليلا كسيرا وتخرج من ملتك، وإما حرقناك وقتلناك بعد امتصاص آخر قطرة من دمك، ولا تنسى أننا أرباب التكنولوجيا والنووي والقمح، أما أنت فلا تملك سوى فرجك ومعدتك، هذا هو نحن... وإذا أردت أن تكذب ربّك وتصدق من يقول لك أننا نحبك وننشد السلام والخير لك، فلا عليك سوى إغماض عينك وصك أذنيك وبكم فمك... فلن يخلق من يكشف مؤامراتنا ضدك.
  • كل القوى العالمية تبحث فقط عن مصالحها، وتنتهج سياسات تكفل لها البقاء، وأهم تلك السياسات تكسير عظام الأمة الإسلامية، فهذه الأمة في نظرهم جميعا الخطر الداهم الذي يتهدد الإمبراطوريات ويرعب العروش... لكنها في الوقت ذاته مزرعة خصبة تخرج كنوزا من باطنها، و»حظيرة« تدر أبقارها أرباحا خيالية، وكذلك سوقا رائجة تبتلع »أنعامها« فضالات ونفايات العالم، ومورد ثري لـ»العبيد« الذين تحتاج الحضارة الغربية لعضلاتهم وعقولهم، وإلا لكان قرار إبادتنا قد وقع منذ عقود، ويعتبر ملف حرب أكتوبر أكبر دليل على ذلك، فرغم الانتصار الساحق الذي حققه العرب في تلك المعركة، إلا أن الكثير من العرب أنفسهم يشككون في هذا النصر، ولم يكن هذا من فراغ... فلا العربي ضعيف ولا انهزامي، ولا الإسلام دين للمخنثين والجبناء، حقا هناك بين ظهرانينا الخونة والعملاء، لكن لا يعقل أن يغلب عدد الشواذ وأشباه الرجال على عدد المؤمنين العقلاء الأوفياء، ولأول مرة في تاريخ الأمة يطمس نصر وتدنس تضحيات وتزهق أرواح وبطولات على يد جيل وربما أجيال أخرى قادمة ابتلعت الطعم طواعية.
  • القتال من أجل العقيدة
  • عقود طويلة أنفق فيها أبناء الأمم الأخرى وقتا ومالا وجهدا من أجل طمس ماضينا، عسكريين ومثقفين وسياسيين سخروا حياتهم لتقطيع جذورنا، إنهم »محقون« و»أبطال أوفياء« في نظر شعوبهم، لأنهم يحفظون أممهم من عودة أبطال وسيوف دكت حصون إبليس وفرضت قانون الخير على الأرض، فباتت بطولات وانتصارات عمر وعلي والحسين وخالد وبيبرس وقطز مجرد أحلام وذكريات تجترها الذاكرة في الدهر مرة، حتى عندما نجنح لذاك الماضي تكبلنا مرارة اليأس والانهزامية وفي أحسن الأحوال التحسر، إنهم »محقون« لأنهم يقاتلون دفاعا عن عقيدتهم الشيطانية، وحماية لمنهاج الحياة الذي فرضوه على البشرية، فكيف يسمحون لنصر بيّن جاء بعد قرون من الهزائم والضعف أن تظهر ملامحه لأمة في أمس الحاجة لدفعة تيقظها وتعيد لها الثقة في نفسها، لو كانوا ارتكبوا تلك الحماقة، لكانوا حقا »أغبياء«، لكنهم لم يخيبوا ظنّ شعوبهم فيهم.
  • الحقيقة محاصرة في خزائن المخابرات
  • لم استفيض في هذه المقدمة إلا بعد أن اعتصرني الألم وصعقتني الصدمة، فما أن أمسكت بالوثائق والأدلة حتى أيقنت عظم وبشاعة المخططات التي تحاك ضدنا، ورغم أنها كلها مجرد أدلة متعلقة بقضية واحدة، إلا أنها تفيق العقل على واقع مر وردّة فعل أمر.
  • ففي سياق تنقيبي عن حرب أكتوبر اصطدمت بموضوع الصور الحقيقة للحرب، وسر إصرار الدول العظمى على حجب هذا الأرشيف عن العرب، واتفاق أقوياء العالم كلهم على هذا الأمر، فأمريكا عدو الأمس و»صديق« اليوم، وروسيا »الحليف الدائم«، وفرنسا داعية »الحق والخير«، وحتى الصين... أملنا المنشود،، تناسوا خلافاتهم، ونبذوا عداواتهم، واجتمعوا لأول مرة على طاولة واحدة من أجل »طمس انتصار أكتوبر«، تحريفه... تزييفه... إخفاء كل ما يكشف عنه... أما الهدف فهو حماية الامبراطريات العالمية من عودة المسلمين للخارطة العالمية.
  • الوصول لهكذا معلومات أمر في غاية الصعوبة، لكن وككل مرة يتأكد لي أن الاعتماد على الله وصدق النية مفتاح سحري يفتح خزائن الأسرار ويقهر حواجز الكتمان، وألهمني ربّي العودة لأرشيف اللقاءات السرية والعلنية العالمية وقت الحرب وبعدها، ومن بين عشرات الآلاف من السطور جاءت الحقيقة واضحة كوضوح الشمس، حتى أنني تساءلت بحيرة: أين خبراؤنا ومحللونا وعقول أبناء الأمة الذين يقفون دوما عاجزين عن تفسير أسباب حجب الدول الكبرى لصور الحرب عبر الأقمار الاصطناعية، وحفظها في خزائن بأرقام سرية وتحت حراسة مشددة، ولا يصل إلى جزء منها إلا بإذن مسبق من أجهزة المخابرات، ولفئة محدودة من كبار القادة العسكريين الذين يهندسون الخطط الحربية ويدرسون في كبرى المعاهد العسكرية العالمية، وذلك بالطبع دون السماح لهم بإخراجها أو تصويرها، والتعهد بعدم إفشاء أسرارها لوسائل الإعلام وما شابه وإلا تعرض لعقوبة الخيانة العظمى.
  • المؤامرة الأمريكية السوفييتية
  • مؤامرة إخفاء الصور الحقيقية لحرب أكتوبر بدأت ملامحها في الظهور أثناء الأيام الأولى للحرب، حينما قدم السوفييت للرئيس المصري السادات صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية السوفييتية، تكشف بوضوح دخول الولايات المتحدة بكامل قوتها الحرب، وتكشف أيضا أن الأمريكيين تكبّدوا خسائر فادحة في المعدات وربما في الأرواح، وكان لهذا الإجراء انعكاسات هامة ليس فقط داخل الولايات المتحدة وإنما على جميع الدول التي تمتلك تكنولوجيات التصوير الفضائي آنذاك، فاندلعت معركة جديدة وحدت العالم ضد العرب، وفي هذا السياق يقول »فيكتور غوراليوف« ـ الذي كان موظفا في سفارة الاتحاد السوفيتي في سوريا وقت الحرب ـ يقول في مذكراته: اشتعل الغضب في البيت الأبيض بمجرد أن سمع الأمريكيون بموضوع تلك الصور، ولم نفهم في البداية مبرر انزعاجهم من علم المصريين بتدمير معظم القطع العسكرية الأمريكية المتطورة على يد القوات المصرية، فالمصريون توصلوا لهذه الحقيقة وكانوا بصدد إعلانها للعالم مدعومة بالأدلة التي قدمها لهم السوفييت، كما أن أمريكا كانت تدعم إسرائيل جهرا، وحقيقة الجسر الجوي كانت معروفة على مستوى العالم، وكذلك تطورات المعركة أثبتت للمصريين أنفسهم أنهم قادرين على الصمود في وجه أمريكا لأمد طويل، أما الأمريكيون فكانوا متأكدين أنهم على شفا كارثة جديدة لا تقل عن فاجعة فيتنام، ورغم ذلك قاتلوا بضراوة في سيناء، وداخل الاتحاد السوفيتي وصل القادة لقناعة مفادها أن الولايات المتحدة تخوض معركتها هي، وقبول فكرة تدعيمها لحليفتها إسرائيل مجرد فكرة ساذجة، فقد كان واضحا أن واشنطن لن تقبل أبداً بأي انتصار للعرب، وبالرغم من ذلك لم تتطور مشاعر السوفييت لتضاهي المشاعر والرؤى الأمريكية، ولم يكن لديهم استعداد لفعل أي شيء أكثر من تشغيل مصانع الأسلحة والحصول على المزيد من الأموال العربية، وأظهرت الوقائع من بعد أن أمريكا نظرت لمثل هكذا انتصار على أنه هزيمة مباشرة لها حتى وإن لم تخض الحرب، وكان لذلك انعكاسه على الساسة السوفييت الذين دفعوا في اتجاه هذا النصر، لكنهم اقتنعوا بعد ذلك أنه هزيمة للعالم بما فيه الاتحاد السوفييتي نفسه.
  • ويضيف غوراليوف: في ساعة متأخرة من مساء 15 أكتوبر 1973 حل إلى موسكو في زيارة سرية وزير الخارجية الأمريكي هنري كسينجر حاملا رسالة سرية من الرئيس الأمريكي نيكسون للرئيس بريجنيف، وبعد اجتماع دام لأكثر من ساعتين، خرج نيكسون سعيدا بالرغم من الصعوبات التي تواجهها بلاده في سيناء، وبعد ذلك أصدر بريجنيف قرارا هاما يفيد بعدم تزويد العرب بأية صور فضائية للحرب، وقد تسبب هذا القرار في غضب الكثيرين داخل الكرملين، معتبرين إياه ضد المصالح السوفييتية العليا، وحتى الآن لم يبرر القادة الروس سبب هذا القرار، وفي عام 1991 وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تسربت وثائق كثيرة بما فيها وثيقة الاجتماع السري بين بريجنيف وكسينجر، والرسالة التي حملها له من نيكسون.
  • إغلاق الطريق المؤدي لتل أبيب
  • ويفند غوراليوف فحوى هذا اللقاء بالقول: كسينجر أخبر بريجنيف أن نيكسون ليس مستاءً من هزيمة الولايات المتحدة في سيناء ولا تهمه اهتزاز صورة أمريكا أمام العالم، بقدر خشيته على العالم من العرب إذا ما تأكد لهم ذلك، ويقول غوراليوف: تسجيلات الفيديو لهذا اللقاء تظهر اهتمام بريجنيف لما يقوله كسينجر، وميله بشدة تجاه المترجمة ليسمع بتركيز عبارات محدثه، الذي واصل قائلا: إن مصلحة الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة والعالم المتقدم، بل والعالم أجمع تتقاطع حينما يتعلق الأمر بميلاد إمبراطورية جديدة في الشرق الأوسط يقودها المسلمون... أنتم في غنًى سيادة الرئيس عن تذكيركم بالتاريخ، ولستم في حاجة لتوضيح مدى خطورة ذلك على مستقبلنا ومستقبل أولادنا، فرد بريجنيف ـ يقول غوراليوف ـ: أتطالبوننا بوقف إمدادات السلاح لمصر وسوريا؟، فأجابه كسينجر بسرعة: إطلاقا... لم يكن هذا أبدا مطلب الرئيس نيكسون، ولكن فقط لا تمدوهم ولا تمدوا أية جهة أخرى بالصور أو المعلومات التي توضح ما يحدث في المعركة، الولايات المتحدة تواصل الحرب، والأصدقاء السوفييت يواصلون سياساتهم، فالعرب لن يحققوا انتصارا حاسما، وبقاء إسرائيل يخلق توازن قوى يحقق مصالحنا جميعا، نريد أن تنتهي الحرب بصيغة لا غالب ولا مغلوب، فلا أنتم تريدون انتصارا حاسما لإسرائيل وهذا لن يحدث، ولا نحن نريده للعرب وهذا أيضا لن يحدث، فيرد بريجنيف ضاحكا: ولكن لِمَ الإصرار على موضوع الصور ودباباتكم تحمل علمكم ووقودكم وذخيرتكم مدمرة في سيناء أمام أعين الجميع؟، يرد كسينجر بابتسامة دبلوماسية: سيدي الرئيس... العرب يتحركون بهمجية وشراسة كلما اتقدت عواطفهم... هذا يعقد الأمور أكثر ولا يحلها، مجرد شعورهم بأنهم يحققون نصرا علينا سيزيد ذلك من مطالبهم في الحرب، وربما يفكرون في التوجه صوب تل أبيب... إنهم لن يصلوا إليها... لكنهم سيعتقدون أن الطريق إليها في المستقبل سيظل مفتوحا...
  • ويختتم غوراليوف قائلا: وبالفعل أغلق السوفييت الطريق إلى تل أبيب في وجه العرب.
  • وثيقة أخرى يقول فيها »فيتسلاف موتوزوف«، مستشار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ورئيس رابطة الصداقة السوفيتية ـ العربية سابقا ـ: دار جدل كبير في الاتحاد السوفييتي عقب زيارة كسينجر لموسكو، إلا أن التحليل الدقيق للنوايا الأمريكية من وراء تلك الزيارة، جاء ليثبت صدق مبررات الرئيس الأمريكي، فتفهم بريجنيف تلك النوايا، واتبع سياسة ذكية لا تفقده ثقة العرب، حيث حمل رئيس الوزراء السوفييتي معه بعض الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية، وأقول هنا البعض، حيث تم انتقاء الصور التي ليست ذات أهمية وقدمها للسادات في الزيارة التي جاءت في اليوم الرابع عشر للحرب، فلم يستفد منها المصريون عسكريا، ولم تقدم لهم إجابة حقيقية عن حجم الخسائر التي منيت بها الولايات المتحدة وإسرائيل في الحرب.
  • التحالف العالمي ضد المسلمين
  • وبقراءة متعمقة في مذكرات »راي كلاي« ـ رئيس قسم المخابرات في وزارة الخارجية الأمريكية أثناء حرب أكتوبر، تفتضح معلومات أخرى تكشف عن ميلاد تحالف قوى عالمي لإخفاء وثائق وصور حرب أكتوبر، وتحدد موعد ميلاد تلك المؤامرة، يقول كلاي: بعد وقف إطلاق النار بساعات قليلة قدم إلى واشنطن في زيارة سرية »يوحنان مروز«، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، رفقة »موردخاى جازيت« مدير مكتب رئيسة الوزراء غولدا مائير، وتم اقتيادهما مباشرة للبيت الأبيض للقاء الرئيس نيكسون، وكنت أحد حاضري الاجتماع الذي كان ضيقا جدا، وتضاربت مشاعر الضيفين بين الفرح لنجاح واشنطن في إقناع السادات بوقف الحرب، وبين عميق القلق لما هو آتٍ، أما الرئيس نيكسون فقد كان غاضبا ومتوترا بسبب تباطؤ عملية سحب القطع الأمريكية المدمرة في سيناء، وكان نيكسون ـ يقول كلاي ـ متخوفا بشدة من احتمالية شنّ المصريين لهجوم جديد مصحوب بتقدم لقواتهم في الأراضي التي تحوي مقابر السلاح الأمريكي، فرد جازيت على نيكسون: ليس المهم خرق المصريين لقرار وقف إطلاق النار، ولا وصولهم لسلاحنا المدمر... الأهم أننا نريد التحرك سريعا لوضع خطة عمل للتعامل إعلاميا مع نتيجة الحرب، وقاطعه »مروز« قائلا: معلوماتنا تقول إن السادات قانع بما حققه، لكن ما يقلقنا أن فرنسا وبريطانيا والصين لديهم مئات الأفلام والصور الحية عن الحرب، فالأمر الآن خارج عن نطاق التفاهم الأمريكي ـ السوفييتي، ويضيف »كلاي«: ركز نيكسون في تلك الفترة على موضوع صور حرب أكتوبر أكثر من تركيزه على توابع الحرب في الشرق الأوسط، وبدأت الخارجية الأمريكية برنامج عمل مكثف كلل في النهاية بالنجاح.
  • أسهب كلاي في الحديث عن هذه الخطة، لكنني أقفز منه إلى الأدميرال »توماس مورير« عضو هيئة الأركان الأمريكية المشتركة في ذلك الوقت، لاقتبس فقرات من كلامه في أحد لقاءاته مع مجموعة عمل واشنطن الخاصة بغرفة دراسة المواقف بالبيت الأبيض، والتي تكشف عن المؤامرة بوضوح، »مورير« عرض على المجموعة في الأول من نوفمبر عام 1973 نتيجة الاجتماعات العالمية بشأن أرشيف صور حرب أكتوبر، فجاء في تقريره: في الاجتماع السري الذي جمع وزير الخارجية هنري كسينجر، ونظيره السوفييتي بي جروميكو، والسفير الإسرائيلي بواشنطن سميحا دينتز، والسفير الصينى بواشنطن هوانغ شين، اتفق الجميع على تجميع وثائق وصور حرب أكتوبر في خزائن قوية تحت إشراف أجهزة الاستخبارات في كل دولة، وتلقينا ضمانات من بريطانيا وفرنسا باتباع نفس الإجراء، وأن تستثنى تلك الوثائق من قوانين فك الحظر المتبع في بلداننا، وعدم التقيد بمدة زمنية معينة.
  • يأس عربي وإصرار عالمي على التعتيم
  • وفي الوثيقة البريطانية رقم 119 ـ 74، بتاريخ 25 جانفي 1974 يأتي تعليق على هذا الإجراء، على لسان دبليو ليدويدغ ـ سفير بريطانيا في تل أبيب في تلك الفترة ـ قال فيه: نجحت الدبلوماسية الأمريكية في إقناع قادة العالم بخطورة وثائق وصور حرب أكتوبر، وتحالفت أجهزة المخابرات من أجل الحفاظ على أمن العالم.
  • أما السير بي. دي آدمز، سفير بريطانيا بالقاهرة في السبعينيات، فقد قال في وثيقة سرية لوزير خارجيته: السوفييت رفضوا المطالب المصرية المتعلقة بإمدادهم بأرشيف حرب أكتوبر، وبات المصريون مقتنعين بأن الاتحاد السوفييتي في استطاعته تقديم أي شيء لمصر إلا أرشيف الحرب. برقية مشابهة أرسل بها روبرتس سفير بريطانيا بدمشق لوزير خارجيته قال فيها: »السوريون يشعرون بإحباط شديد بعد رفض كل من فرنسا والاتحاد السوفييتي تزويدهم بصور حرب أكتوبر، ولا أعتقد أن مواقف العالم ستتغير تجاه الأمر... فالعرب أنفسهم فقدوا الأمل«، إلى هنا كشفت ما بحوزتي بخصوص تلك المؤامرة... فترى ماذا تحمل تلك الصور؟
  • يتبع...
  • تقرأون في الحلقة القادمة
  • القوات الجزائرية تسقط طائرة شحن أمريكية
  • الجسر الجوي وأولى الحروب الأمريكية على العرب
  • وثائق وصور تكشف هزيمة أمريكا في سيناء
 
موضوع مميز مثل صاحبه
صراحة لا أعتقد أن العرب يستطيعون إعادة هذا الإنجاز لأن الفرق العسكري بيننا وبين إسرائيل يزداد إتساعا كل يوم وزد عن ذلك أنها تمتلك النووي
 
واذا استعنت فاستعن باللة

معركة اكتوبرهى الايمان بالله والتضحية واليقين لان اليقين احد مفاتيح النصر مهما كنت تواجة من قوى الباطل انوة اولا الى الرؤيا التى راها فضيلة الامام الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الازهرببشارة النصر عندما راى سيدنا رسول الله ص وهو ذاهب الى المعركة وبشر بها الرئيس السادات رحمه الله قبل المعركة بعشرة ايام وقال له ان الله معنا ثم رواية العقيد عادل يسرى وهو يروى كيف فقد عنصر استطلاعة وتجول بنظارته الميدانيه ليجد من يلوح له بتحديد اتجاة التقدم ويتقدم و يذهب ليلا ليتفقد نقطة التوجيه تلك فلا يجد الحفرة البرميليه ولا اى اثر لوجود اى شخص ثم رواية عبد العاطى صائد الدبابات في حديثه مع الصحفى صبرى الديب يقول رغم تدميرى لهذا العدد من المدرعات ومرور ما يذيد عن عشرين عاما على ذلك الحدث الا اننى اقف وافكر طويلا فى امر مجنزره واحده دمرتها صباح يوم التاسع من اكتوبر وكان بداخلها ما يذيد عن ثلاثين جندى اسرائيلى فاتذكر اننى قلت لزملائى اننى ساغفو نصف ساعه انام واقف فى مكانى وفجاة وبعد مرور عشر دقائق تقريبا فوجئت بهم يجذبونى من سترتى بعنف وهم يصيحون مجنزرة يا عبد العاطى فتنبهت بسرعه ومددت يدى على مكان اطلاق الصاروخ فوجدته ينطلق فى الاتجاه المعاكس تماما لاتجاه المجنزرة نتيجه لعدم السرعة فى التوجيه والمفاجاه وهو يسير بسرعه 120 مترا فى الثانية الواحدة وحاولت جاهدا ان اعدل اتجاهة وانا فاقد الامل تماما ولكن سبحان الذى يغير ولا يتغير فقد تغير اتجاه الصاروخ ودمر المجنزره بمن فيها وكيف اصابها قبل ان يخطاها بجزء من الثانية حقيقه لا ادرى وليس عندى تفسير منطقى سوى قدرة الحق سبحانه وتعالى هذا جزء او بعض من كل ولكن اتذكر قول الله سبحانه وتعالى (وكان حقا علينا نصر المؤمنين )صدق الله العظيم ولكم خالص الشكرو التقدير

 
القوات الجزائرية تسقط طائرة شحن أمريكية

الجسر الجوي وأولى الحروب الأمريكية على العرب




لم يكن فقط جسرا ولا دعما... بل تورط مباشر في حرب خسرت فيها كل شيء... ولولا القرارات المتخبطة لانهارت أقوى دولة في العالم ولزال السرطان الصهيوني للأبد... هذا ما حدث في أول حرب أمريكية مباشرة على العرب.
  • على مدار 35 سنة لم نسمع إلا عما يسمى »الجسر الجوي الأمريكي«، ولم يكشف للعالم سوى أحاديث عن دعم أمريكي للكيان الصهيوني أثناء حرب أكتوبر 1973، لكن هذا الجسر لم يكن سوى حلقة من مسلسل حرب كبيرة شنتها الولايات المتحدة على العرب بدءاً من اليوم الأول للقتال.
  • الجيش الأمريكي يضرب بقوة في الجولان وسيناء
  • أبدأ بفقرات من كتاب »حرب أكتوبر 1973« لمحمد عبد الغني الجمسي، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة العربية في أكتوبر 1973، وأحد أكبر 50 قائدا عسكريا في العالم ذكرتهم أشهر الموسوعات العسكرية العالمية، الذي يقول: في اليوم الرابع للقتال 09 أكتوبر كانت القوات المصرية قد حققت إنجازا عسكريا، وتحطمت كل هجمات »إسرائيل« المضادة. وكان لابد من استمرار الهجوم لتحقيق الهدف الاستراتيجي للحرب وهو الوصول إلى خط المضايق؛ ذلك لأن ترك العدو بدون ضغط مستمر عليه معناه انتقال المبادرة له، خاصة وأن حجم قواته أخذ في التضاعف بشكل مقلق، وقد تناقشت مع الفريق أول أحمد إسماعيل ووجدت منه الحذر الشديد من سرعة التقدم شرقا، فكان يرى الانتظار لتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة، وتلقين الولايات المتحدة درسا قاسيا، لكن تأخير الهجوم إلى يوم 14 أكتوبر حرم مصر من تحقيق نصر ساحق على »إسرائيل« وأمريكا معا، حيث ضاعفت أسراب المقاتلات الأمريكية هجومها ضد قواتنا، فبلغت خسائرنا في هذا اليوم وتوقف هجوم قواتنا 250 دبابة، أي أكثر مما فقده العدو بقليل.
  • ويضيف الجمسي: بات واضحا لنا في غرفة القيادة أننا نقاتل ليس فقط التكنولوجيا الأمريكية والدعم العسكري اللامحدود، وإنما نقاتل أمريكا ذاتها، وكان ذلك سببا مباشرا في فشلنا في تطوير الهجوم واختراق المضايق المؤدية إلى فلسطين المحتلة.
  • هكذا إذن كان الوضع العسكري في اليوم الرابع للحرب، عجز العرب عن استكمال الزحف في سيناء بفضل التدخل المباشر لواشنطن، فهل استسلموا أم كانت هناك جولات أخرى؟، قبل الإجابة ألتفت إلى الوضع على الجبهة الشمالية للعدو، حيث كان الجيش السوري يواصل قصف المواقع الصهيونية بهجوم وقصف مكثف، ففي 09 أكتوبر أسقطت الدفاعات السورية أعدادا كبيرة من طائرات العدو، مما أوقع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الصهيوني، وهنا يقول المحلل الصهيوني »جدعون روز«: »خسرت إسرائيل معظم قوات الجبهة الشمالية، وبات الطريق أمام السوريين مفتوحا، ولم يكن هناك ما يمنع وصولهم إلى تل أبيب، وقبل أن تطلب إسرائيل المساعدة من الولايات المتحدة لتعديل الوضع على الجبهة السورية أيضا، كانت المقاتلات الأمريكية قد انطلقت من تركيا وحاملات الطائرات في المتوسط، لتنفذ 35 طلعة جوية على مدار يوم كامل، نجحت في وقف التقدم السوري وألحقت بالعدو خسائر كبيرة«.
  • ويواصل روز قائلا: »الأصدقاء الأمريكيون رفضوا التسليم للمعلومات التي أكدت أن الضربات الجوية شلت السوريين، وأخذت طائرات الشحن الأمريكية طوال ليل يوم التاسع من أكتوبر تنفيذ عملية إنزال مكثف، وفي صباح اليوم العاشر كانت قرابة الـ400 دبابة أمريكية منتشرة في الجولان، وبذلك عاد الأمل على الجبهة الشمالية.
  • مما شجع القادة الإسرائيليين على الامتثال للرأي الأمريكي والقيام بهجوم معاكس ناجح في الجولان في يوم 11 أكتوبر، فنجحنا في إيقاف الجيش السوري من التقدم نحو الحدود الدولية«.
  • 85في المئة من الجيش الصهيوني تحطم في ثلاثة أيام
  • معلومة أخرى في غاية الأهمية جاءت على لسان المؤرخ الصهيوني »إيفي شلايم«، الذي كشف عن أرقام خطيرة وسرية تؤكد أن القوات العربية قضت على الجيش الصهيوني في الأيام الثلاثة الأولى للمعركة، ويقدم شلايم رصدا دقيقا لعدد القطع العسكرية الصهيونية قبيل هذه الأيام ونظيرتها العربية، وما تبقى لدى الطرفين في يوم 09 أكتوبر، فيقول: إجمالي القطع الرئيسية في القوات البرية الإسرائيلية قبيل حرب يوم كيبور بيوم واحد بلغ حوالي 2350 دبابة قتال متوسطة، 1593 مدفع ميدان وهاون، 906 قطعة مضادة للدبابات.
  • وكانت هذه القوات تتشكل من 05 قيادات مجموعة عمليات، 10 لواءات مدرعة، 6 كتائب دبابات مستقلة، 19 لواء مشاة آلي، 02 لواء مشاة، 03 لواء مظلي، 22 كتيبة ناحال، 45 كتيبة مدفعية ميدان ومتوسطة وهاون، 12 كتيبة مدفعية مضادة للدبابات، 03 كتيبة صواريخ مضادة للدبابات.
  • ومن إجمالي هذا العدد لم يتبق مع بزوخ فجر اليوم الرابع للحرب سوى 242 دبابة، 470 مدفع، و12 مضاد للدبابات.
  • أما القوات الجوية والدفاع الجوي فقد بلغ قوامها 777 طائرة متنوعة، منها 457 طائرة مقاتلة، مقاتلة قاذفة، 13 موقعا لصواريخ أرض / جو طراز هوك، من 15 ـ 20 كتيبة مدفعية مضادة للطائرات متنوعة الأعيرة، هذا بخلاف كتائب وحدات القوات البرية بواقع كتيبة لكل لواء ولكل قيادة فرقة أي ما يعادل 36 كتيبة، ولم يتبق من هذه القوة سوى 180 طائرة، وموقعي صواريخ أرض/ جو، وثلاث كتائب دعم جوي.
  • أما القوات البحرية، فبلغ قوامها 77 قطعة متنوعة، منها 3 سفن إبرار بحري، 03 غواصة، 14 زورق صواريخ سطح / سطح، 09 زورق طوربيد، ولم ينجُ منها 17 قطعة، ويضيف شلايم: هذه الأرقام المرعبة تؤكد أن »إسرائيل« مُنيت بهزيمة ساحقة، فلم يسبق لجيش أن فقد هذه الخسائر لا في المدة ولا المعارك بوجه عام.
  • وقفة »مخلصة« أنقذت »إسرائيل« من السقوط
  • ولم يكتف شلايم برصد الخسائر الصهيونية، وتعرض بإسهاب لحجم القوات العربية في سيناء والجولان بعد 72 ساعة من القتال، فيقول: في المقابل لم يخسر العرب أكثر من 07 في المئة من مجمل قواتهم، فقد شملت القوات الجوية العربية قبيل الحرب، 260 ميغ 21، 200 ميغ 17، 120 سوخوي 7، 50 سوخوي 20، 16 سوخوي 17، 28 تيوبولوف 16، 10 أليوشن 28، 140 هليكوبتر (مي 4 ومي 6 ومي 8)، هذا بخلاف طائرات التدريب من النوع اللام 29 والتي بلغ عددها 90 طائرة، إضافة للدعم العربي وبالأخص الجزائري والذي شمل: 54 ميراج 5، 25 هوكر هنتر، 25 ميج 21، 25 ميج 17، 25 سوخوي 7.
  • ويضيف شلايم: لم تسقط »إسرائيل« من هذه القوة الجوية سوى أربع طائرات على الجبهة الجنوبية، و12 على الجبهة الشمالية.
  • أما قوات الدفاع الجوي لدى الأعداء ـ يقول شلايم ـ فقد اشتملت على 4 فرقة دفاع جوي (22 قيادة لواء صواريخ، 135 كتيبة نيران، 17 فوج مدفعية مضادة للطائرات، 28 كتيبة مدفعية مضادة للطائرات، 5 كتائب صواريخ محمولة على الكتف طراز سام 7، و7 أفواج رادار، 20 كتيبة رادار، وحدات مراقبة بالنظر)، لم يدمر منها سوى ما يعادل 11 في المئة من قوامها. أما القوات البرية والتي تجاوز قوامها الربع مليون مقاتل على الجبهتين، فلم يقتل منها سوى 794 بين جنود وضباط، ولم تدمر سوى 400 دبابة من جملة 2500 دبابة.
  • شلايم وبعد سرده لتلك الأرقام، وبعد توجيهه اللوم اللاذع للقيادات الصهيونية آنذاك، وللمسؤولين الذين أخفوا تلك المعلومات الخطيرة عن الشعب الإسرائيلي، خلص بالقول: جيش الاحتلال الإسرائيلي انهار تماما في ثلاثة أيام وكان سقوط إسرائيل وشيكا، لكن الحلفاء وفي مقدمتهم الولايات المتحدة أنقذوا إسرائيل من الكارثة التي وإن وقعت لما بقينا أحياء اليوم نبحث وننقب عن أخطائنا.
  • هزيمة طائرات غلاكسي الأمريكية
  • من خلال تلك المعلومات بدأ يتضح لي حقيقة الدور الأمريكي في تلك الحرب، لكن أعود لأتساءل: ألم تتوقع القيادات العربية حدوث هذا الأمر، خاصة وأن واشنطن لا يمكن أن تقبل بفكرة زوال الكيان الصهيوني من الوجود؟، المحلل الروسي »فاديم كيربيتشينكو« يجيب قائلا: كان السادات والأسد على قناعة بأن أمريكا ستسعى لإحداث مفاجآت في المعركة، فوضعا خططا للتعامل مع أي تدخل أمريكي يخل بتوازن القوى أثناء الحرب، وكان العرب مدركين أيضا أنهم يقاتلون أمريكا بشكل مباشر، لكن وبعد ثلاثة أيام من الحرب تكبّدت أمريكا خسائر كبيرة، فعمدت إلى استخدام أسلحة فتاكة جديدة تفوق أي تصور أو توقع من جانب العرب.
  • كيربيتشينكو يقول أيضا: الطائرات الأمريكية من طراز سي 5 غلاكسي كانت تنزل الدبابات الأمريكية لساحة المعركة مباشرة في سيناء عبر مطار العريش، وكان ذلك بعد 07 ساعات فقط من اندلاع الحرب، لكن المقاتلات المصرية دمرت المطار وممرات الإقلاع والهبوط، الأمر الذي أجبر واشنطن على إنزال قواتها في مطارات »إسرائيل«، وكانت تلك الضربة موجعة لأمريكا التي كانت تريد عدم إضاعة الوقت واختصار المسافات لصد القوات المصرية المهاجمة، ومن أجل توفير الغطاء الزمني لوصول تلك الدبابات لساحة المعركة، كثف الطيران الأمريكي هجماته على الجبهتين المصرية والسورية معا، لكنها في المقابل ونظرا لاندفاعها الجنوني خسرت عددا كبيرا من طائراتها، وكانت المعارك تسير حيث لا تشتهي.
  • قنابل الليزر وصواريخ شرايك تدل المعارك لأول مرة
  • ويضيف كيربيتشينكو: تكبّدت أمريكا خسائر كبيرة في معداتها واقتصادها أيضا، فقد كانت تعوض »إسرائيل« فورا عن كل طائرة سكاي هوك أو فانتوم تسقط على أي من الجبهتين، وكانت مجبرة على استخدام أعداد مهولة من صورايخ »شرايك« المتطورة وذات القدرة التدميرية العالية والباهظة التكاليف في ذات الوقت، لكن المحير ـ يقول كيربيتشينكو ـ أن هذا الضغط العسكري الشديد لم يؤثر على تقدم العرب وإحرازهم انتصارات مغايرة لكل القوانين العسكرية، وهذا ما دفع واشنطن إلى إخراج كل ما في جعبتها، ولأول مرة دخل الجيل الأول من القنابل الموجهة بالليزر ساحة المعركة، ولأول مرة خرجت للعالم أسرار باكورة الصناعات الحربية الأمريكية، وظهرت أسماء أسلحة على غرار »المافريك« والـ»تاو«، وكان ذلك في اليوم الرابع للقتال، حينما تقدمت القوات المصرية للاستيلاء على المحاور الرئيسية في سيناء، وكان لتلك القنابل الحديثة دور كبير في تدمير اللواء المدرع الذي انطلق في عملية تطوير الهجوم، ولكن هذا لا يعفي المصريين من الخطإ، حيث أن هذه القوات خرجت من نطاق الدفاعات الجوية المصرية، الأمر الذي سهل المهمة على القاذفات الأمريكية، ولو أن خطة الهجوم تلك نفذت تحت مظلة دفاعية جيدة لقال التاريخ كلمة أخرى، فالاستيلاء عليها يفتح الطريق تماما إلى العمق الإسرائيلي، لكن في المقابل كان التحرك المصري مستندا إلى تيقن القيادات في القاهرة من إبادة معظم القوات الجوية والبرية الإسرائيلية، ولم يدر في حسابهم أن عشرات المقاتلات الأمريكية تنتظر هذه الهفوة، ويضيف كيربيتشينكو: المصريون دمروا معظم الطائرات وقواعد الصواريخ الهجومية الإسرائيلية، وتصدت الدفاعات المصرية والعربية على طول خط القناة لمحاولات الاختراق الجوية الإسرائيلية، فاضطرت »إسرائيل« لإصدار قرارها الشهير الذي منع ما تبقى من مقاتلاتها من الاقتراب من ساحة القتال بعمق 20 كيلومترا، حتى المقاتلات الأمريكية حيّدت هي الأخرى في هذه المنطقة، فتحركت القوات المصرية بنجاح تحت هذا الدرع القوي وبمجرد الانسلات منه انقضت أمريكا على العرب، ورغم إحرازها بعض التفوق حتى اليوم الرابع عشر من الحرب إلا أن اقتصادها كان على وشك الانهيار، فقد كانت الولايات المتحدة ترسل الدبابات إلى »إسرائيل« من المخزون الاستراتيجي المباشر، بل إنها رفعت نسبة التصنيع في العام التالي للحرب في مصانع الدبابات لتعويض خسائرها في حرب أكتوبر، وكذلك رفعت إنتاجها من الصواريخ المضادة للدبابات في نفس السنة من 12852 صاروخ إلى 35487 صاروخ، وانطلى الأمر على المقاتلات وكافة القطع الحربية، وواجهت أمريكا أزمة اقتصادية عاصفة، كان من الممكن لو استمرت الحرب أن تهدد بانهيار القوة العظمى.
  • النصر للعرب... فلماذا أوقف السادات الحرب؟
  • اعترافات كيربيتشينكو جعلتني أتساءل بمرارة: لماذا وافق العرب إذن على وقف إطلاق النار، رغم أن النتائج على أرض المعركة تسير لصالحهم؟، الرئيس المصري السابق السادات يبرر ذلك في كتابه »البحث عن الذات« قائلا: أتضح لي في اليوم الأول من الحرب أن القمر الصناعي الأمريكي كان يوصل المعلومات لإسرائيل ساعة بساعة، وأخطرهم بنقل الفرقة المدرعة 21 من الضفة الغربية للقناة إلى الضفة الشرقية لمحاولة تخفيف الضغط على سوريا كما طلب وألح الرئيس الأسد... وأقر هنا للتاريخ أن روسيا التي تدعي وقوفها مع الحق العربي لم تبلغنا بشيء بواسطة أقمارها الصناعية التي تتابع المعركة، ثم حدث تطور خطير بدأت أشعر به، وأنا أتابع الحرب من غرفة العمليات... لقد استخدم الجسر الجوى الأمريكي لنجدة إسرائيل مطار العريش لنزول الطائرات الأمريكية الجبارة التي تحمل الدبابات وكل الأسلحة الحديثة... والعريش تقع خلف الجبهة، وبدأت ألاحظ تطورا خطيرا في معارك الدبابات التي اعترف الإسرائيليون أنفسهم بشراستها وكفاءة المصريين في إدارتها، كنت كلما أصبت لإسرائيل 10 دبابات أرى مزيدا من الدبابات، لقد دخلت أمريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل بعد النداء المشهور ـ أنقذوا إسرائيل ـ في اليوم الرابع، وهي تستخدم بكل صراحة مطار العريش المصري الذي يقع خلف الجبهة بكل وضوح لكي تحول الهزيمة الإسرائيلية إلى انتصار...
  • وتذكرت في تلك اللحظات ما فعلته أمريكا على جبهة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ثم على الجبهة اليابانية، أما التطور الثالث والخطير، فهو أن أطلق صاروخان على بطاريتين مصريتين للصواريخ فعطلا البطاريتين تعطيلا كاملا، وعرفت بعد ذلك أنه صاروخ أمريكي جديد يسمى القنبلة التلفزيونية وأنه كان لايزال تحت الاختبار في أمريكا، فأرسلته لنجدة إسرائيل، لقد دخلت أمريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل حتى بالأسلحة تحت الاختبار، وقنبلة المافريك وأسلحة أخرى، وأنا أعرف إمكاناتي وأعرف حدودي، لن أحارب أمريكا، ولذلك بعد عودتي من غرفة القيادة... كتبت للرئيس الأسد شريكي في القرار برقية أخطره فيها أني قررت الموافقة على وقف إطلاق النار...
  • وسجلت في هذه البرقية موقفي، وهو أني لا أخاف من مواجهة إسرائيل، ولكني أرفض مواجهة أمريكا... وإني لن أسمح أن تدمر القوات المصرية مرة أخرى... وإنني مستعد أن أحاسب أمام شعبي في مصر وأمام الأمة العربية عن هذا القرار، وفي هذه الليلة اتخذت القرار بوقف إطلاق النار فقد كان لي عشرة أيام أحارب فيها أمريكا وحدي بأسلحتها الحديثة التي لم يستخدم أغلبها من قبل، وكان الموقف على غير ما يتصوره العالم كله... فقد كان اعتقاد الجميع في العالم أن الاتحاد السوفيتي يقف إلى جانبنا، وأنه قد أرسل الجسر الجوي لنجدتنا ولكن الموقف كان غير ذلك في الواقع... فأمريكا وإسرائيل في مواجهتي، والاتحاد السوفيتي في يده الخنجر ويقع وراء ظهري ليطعنني في أية لحظة عندما أفقد 85٪ أو 90٪ من سلاحي كما حدث في سنة 1967.
  • بهذه الكلمات يقدم السادات إجاباته على السؤال الذي طرحته، لكن هل ما قاله صحيحا؟.
  • القوات الجزائرية تحاصر قوات شارون
  • أعداء السادات ردوا عليه بالقول: حقا استخدمت أمريكا صواريخ مافريك التلفزيونية ولكنها لم تنجح في تدمير حائط الصواريخ المصرية، ولكن السادات أراد تقديم حجة للجيش والشعب اللذين كانا لا يقبلان عن أي خيار سوى إبادة إسرائيل، لكن آراء أخرى تقول إن الولايات المتحدة نجحت بالفعل في إحداث نافذة إلكترونية في حائط الصواريخ المصري، ومن خلال أجهزة تشويش حديثة سيطرت على عمل هذه الدفاعات، ففتحت الباب أمام شارون لعبور قناة السويس، وفي هذا السياق يقول »ديفيد واتكين«: أصبحت مواقع تلك الصواريخ مهددة في ظل عدم وجود قوات مصرية على الضفة الغربية للقناة لحمايتها، فقد سمحت هذه النافذة للطيران الأمريكي والاسرائيلي باختراق حائط الصواريخ المصري ومن ثم مهاجمة العمق المصري والقواعد الجوية، فتم تحييد الطيران المصري أو إشغاله في أشد ساعات احتياج المصريين إليه، وساعدت هذه النافذة أيضا في تسهيل هجوم شارون على ميناء الادبية والزيتية حيث مواقع القوات الجزائرية، ولولا صمود هذه القوات في وجه الهجوم البري الإسرائيلي لانقلبت أحداث المعركة لصالح الأمريكيين والإسرائيليين، فقد كانت الخطة الأمريكية الإسرائيلية المشتركة تقضي بالاستيلاء على هذين الميناءين لاستخدامهما في نقل العتاد الأمريكي الثقيل »دبابات ومدفعيه« لساحة المعركة التي أراد الأمريكيون من خلالها إيصال رسالة للعرب مفادها، أن »الطريق إلى القاهرة هو الآخر مفتوحا، فلا داعي من التفكير في الزحف نحو تل أبيب«.
  • ويضيف واتكين: لقد استوعب السادات الرسالة جيدا، لكن كان عليه أن ينظر بدقة لصمود قواته وقوات حلفائه في وجه قوات شارون، فهذا الأخير تمكن لبعض الوقت من قطع خطوط الاتصال بين الجيش الثالث والقيادة العامة، لكنه في الوقت ذاته كان وحيدا معزولا بدون وقود ولا ذخيرة، وكان المنطق العسكري يؤكد أن هذه القوة الإسرائيلية لا مصير لها سوى الإبادة أو الأسر، بعد أن تصدت القوات الجزائرية لطائرات الدعم الأمريكية وأسقطت واحدة منها في خليج السويس، فقطعت عنه الإمدادات الإسرائيلية والأمريكية معا، وحاصرت القوات الجزائرية مدعومة بكتيبة من قوات الصاعقة المصرية وصائدي الدبابات القوات الإسرائيلية بين الأدبية ومنطقة الكيلو 101، فبكى شارون وجنوده بكاءً مريرا.
  • يتبع...
  • تقرأون في الحلقة القادمة
  • القوات الجزائرية تخوض أشرس المعارك
  • الصهاينة يعترفون بهزيمتهم على يد الجزائريين
  • الثغرة أغلقها الجزائريون في وجه أمريكا و»إسرائيل«
 
الاخ زهير .
أود أن أشكرك على هذا السرد المميز و لكن رفقا أخى فعلى ما يبدو من سردك أنه لم تكن هناك قوات مصرية تفعل شيءا خلال الثغرة . , لى سؤال كم بلغ حجم القوات الجزائرية ؟ برجاء أخى أن تقراء كتاب الفريق كمال حسن على ( مشاوير العمر) لتعلم الحقيقة.
 
معركة أباد فيها الجزائريون نخبة الجيش الصهيوني

"إسرائيل" تعترف بهزيمتها أمام الجيش الجزائري


من بين ثنايا السطور ترفرف الراية الجزائرية فوق أعناق ثلة من المجاهدين الأشداء، الذين نفذت رصاصاتهم وقذائفهم وصواريخهم في صدور الصهاينة والأمريكان معا، فصنعوا تاريخا كانوا أول ضحاياه، وحفروا بطولات أدرك العدو أن الكشف عنها بمثابة نهاية حتمية لكيانه، فقدر للمعارك التي خاضتها القوات الجزائرية على جبهة قناة السويس أن تكون من أخطر أسرار تلك الحرب.
  • موشي ديان وشارون سقطا في فخ القوات الجزائرية
  • ولم ينجح العدو فقط في إخفاء كل ما يتعلق بالدور الجزائري على هذه الجبهة، بل ونجح أيضا في تحويل مخاوفه من كشف حقيقة هذا الدور إلى خنجر مشهر منذ ذلك الوقت وحتى الآن في وجه الجزائريين والعرب.
  • العرب مهزومون حتى عام 2023
  • حتى الآن يتذكر الجزائريون حرب أكتوبر بمرارة وحسرة وأحيانا بالدموع، وكل يبكي على ليلاه... الذين شاركوا فيها يعتصرون ألما لإجحاف حقهم وبالأخص المعنوي، والمؤرخون يلقون أقلامهم كلما اصطدموا بحواجز السرية والتعتيم، أما العامة فلا يفتحون أعينهم ولا يغمضونها إلا على صورة الخيانة التي رسخها العدو والصديق في أذهانهم، ويبقى الساسة والمسؤولون الذين باتوا مقتنعين بأن أعباء الحاضر ومشاكل العصر أهم من الالتفات لماض »لا يسمن ولا يغني من جوع«، لكن فتنة هذا الماضي القريب تنخر عظامنا اليوم أكثر من فتنة الـ14 قرنا، ولنسأل أنفسنا ونجيب بصدق: ماذا سيكون موقفنا لو شنّ الكيان الصهيوني حربا شاملة جديدة ضد قطر من أقطارنا؟.
  • عفوا تريّثوا قليلا، فها هي »غولدا مائير« تجيب عليكم في الصفحة 194من كتابها »حياتي«: »...أستطيع أن أؤكد لكم أن العرب لن يخوضوا حربا جماعية ضدنا لمدة نصف قرن على الأقل...«، مائير طرحت هذا الكتاب بعد حرب أكتوبر مباشرة، وقد وصلت لتلك النتيجة بعد تخصيصها لفصل كامل اختارت له عنوان »التحالف العربي وكارثة إسرائيل يوم الغفران« والذي تحدثت فيه عما أسمته »دروس ومكاسب الحرب«، فعجوز بني صهيون بررت لشعبها سبب الهزيمة في التفاف الجيوش العربية تحت راية واحدة، لكنها أكدت أيضا أنها حققت الأمن لـ»إسرائيل« حتى عام 2023، وأشارت إلى أنها قدمت للشعب الإسرائيلي أكبر »هدية«، وهي عدم إقدام العرب على محاربة إسرائيل مجتمعين، وفي فصل آخر من هذا الكتاب أشارت مائير ضمنيا أنها نجحت في إبعاد شبح وحدة الجيوش العربية مرة أخرى، لكن المرأة »الحديدية«، كما يطلقون عليها، كانت أذكى من الإفصاح عن الخطة التي وضعتها لتحول دون وحدة الجيوش العربية حتى عام 2023.
  • الهزيمة والغضب يكشفان المستور
  • لكن »دافيد اليعازر«، رئيس الأركان الصهيوني، الذي شاهد أول هزيمة لكيانه، والذي كان كبش فداء للمؤسسة العسكرية والذي اتهم بالقصور والتردد، غضب وانهار ففاحت رائحة المؤامرة من فمه، وهنا قررت مائير إقالته ومحاصرته... كلمات اليعازر التي قالها للمرة الأولى والأخيرة نشرتها صحيفة »معاريف« العبرية بتاريخ 29 أكتوبر 1973 ، وجاء فيها حرفيا: لست مسؤولا عن هزيمة صنعها قادة إسرائيل الأغبياء... استهانوا بالقوات العربية المحتشدة على الجبهتين الشمالية والجنوبية... ما حدث لقواتنا في ميناء الأديبة كان نتيجة للاستهانة والاستهتار بعدد وعتاد الوحدات الجزائرية...
  • لقد توقع شارون المغرور أن الجزائريين بأسلحتهم البدائية سيفرون بمجرد رؤية دباباته... لكنهم نصبوا له الفخ، فخسرنا في يوم واحد 900 قتيل من أفضل رجالنا وفقدنا 172 دبابة... ألم أصرخ في وجه ديان الذي قال إن هذه النقطة ـ يقصد موقع القوات الجزائرية ـ هي الأضعف على القناة؟، ألم أخبره أمام القادة بأن نظريته المرتكزة على جهل الجزائريين بطبيعة المكان وأسلوب القتال معنا نظرية هشة، وأن هؤلاء لديهم خبرة أكبر من المصريين أنفسهم في حرب العصابات التي انهارت بفعلها فرنسا؟، لقد أخطأ ديان هو وتلميذه المعتوه شارون حينما خططوا بتفاؤل لإبادة هذه القوات أثناء انكشاف خطوط الدعم المصرية عنها وانشغال المصريين بالقتال على رؤوس الجسور؟، أما مائير فقد كللت أخطاءها من قبل بمخالفة تعاليم التوراة وترك وصايا بن غوريون، حينما سمحت للعرب طوال ست سنوات كاملة للاحتشاد تحت قيادة موحدة، إنها ـ يقصد مائير ـ تتحدث اليوم عن خطة تشتيت العرب وتفريق كلمتهم لمدة 50 سنة مقبلة، قائدة »إسرائيل« ملت من تحميل الآخرين نتيجة أخطائها، لتضع خططا لا تعدو أن تكون أحلاما موهمة الشعب الإسرائيلي أنها انتصرت، أو على الأقل لن تتكرر الهزيمة.
  • الجزائريون يسقطون جنرالات »إسرائيل« في الفخ
  • التصريحات التي خرجت من قمة الهرم العسكري الصهيوني دفعتني دفعا للبحث عن كل ما قيل داخل كيان العدو في تلك الفترة، فقد كانت صدمة الهزيمة قوية على العدو، حتى أنها أفقدته قدرته المعروفة على تزييف الواقع أو طبخ التبريرات، فقادني البحث إلى محاضر استماع لجنة التحقيق التي أطلق عليها اسم »أجرانات«، والتي شكلت في تل أبيب للوقوف على أسباب الهزيمة، تلك المحاكمة ظلت معظم وقائعها سرية حتى عام 2005، حينما خرجت لأول مرة مذكرات أحد القضاة الذين أشرفوا عليها، وبالتوقف عند الجلسات التي تعلقت بشهادة وزير الحرب الصهيوني الجنرال »موشي ديان«، تتكشف أجزاء من الحقيقة.
  • فحينما سئل ديان عن قراره وخطة الهجوم على الأديبة أجاب قائلا: مثلما حدث في بقية مجريات الحرب... المصريون خدعونا وجعلونا نعتقد أن ميناء الأديبة غير محصن... كلفوا القوات الجزائرية بمهمة حمايته... فبنينا خططنا على أساس معلومات تؤكد لنا أن تلك النقطة الاستراتيجية في متناولنا، فحاولنا الاستيلاء عليه في الأيام الأولى للحرب، من أجل فتح منفذ على الجبهة تمر منه مدرعاتنا والمدرعات الأمريكية لتطبيق خطة التطويق، فوجهنا قصف صاروخي ومدفعي شديد ومركز على المنطقة كلها، لكن معظم صواريخنا أسقطتها الصواريخ المصرية المنتشرة على مسافة 15 كيلومترا من الميناء، في حين لم نلقَ مقاومة ولم تطلق قذيفة واحدة من المكان المستهدف، فتأكدنا أن الوضع آمن، وأننا دمرنا أسلحة الرد الثقيلة لدى القوات الجزائرية، أو أن هذه الأسلحة سحبها المصريون لاستخدامها في الهجوم، كانت كل المعطيات والتحليلات تدل على أن الجزائريين لا يملكون أسلحة قادرة على عرقلة العملية، وكنا قد جمعنا معلومات أخرى تشير لوجود حالة تذمر وانشقاق داخل تلك القوات بسبب عدم سماح المصريين لهم المشاركة في الهجوم على سيناء، وهنا أعطينا الضوء الأخضر لحلفائنا الأمريكيين، وفي الوقت ذاته أمرت اللواء 190 مدرع بالهجوم بكامل قوته على القوات المصرية في منطقة القنطرة شرق لشغل المصريين وإبعاد أنظارهم عن السويس وبالتحديد الأديبة، ثم أمرت اللواء مدرع 178 بقيادة الجنرال شارون بمهاجمة الميناء والاستيلاء عليه بسرعة، وقبيل وصول اللواء 178 للميناء فوجئنا بخبر إسقاط طائرة أمريكية عملاقة من طراز سي 5 غلاكسي بواسطة صاروخ أطلق من مواقع القوات الجزائرية، ووصلتني إشارة عاجلة تفيد بانقلاب الموقف رأسا على عقب، حيث تصدت مضادات جزائرية متطورة للطائرات الأمريكية وأمطرتها بعشرات الصواريخ فأسقطت واحدة وأصابت اثنتين أخريين نجحتا فيما بعد في الهبوط في أحد مطارات النقب، ولم تمر خمس دقائق أخرى حتى وصلتني رسالة ثانية تفيد بإطلاق بطاريات الصواريخ والمدفعية الثقيلة للقوات الجزائرية النيران بكثافة على المواقع التي انطلق منها القصف الإسرائيلي على الأديبة، هنا شعرت أننا وقعنا في فخ خطير، وأن العدو نجح في استدراجنا بخبث لم نعهده في حروبنا السابقة معه، وأن كارثة على وشك الحدوث، فحاولت الاتصال بالجنرال شارون ليوقف الهجوم ولكنه كان مجنونا.
  • صاروخ جزائري يهز أمريكا
  • وقبل سماع بقية شهادات ديان، أذهب للأدميرال »توماس مورير«، عضو هيئة الأركان الأمريكية المشتركة أثناء حرب أكتوبر، والذي يقول في مذكراته: إصابة السي 5 غلاكسي أصاب هيئة الأركان الأمريكية بالفزع، فقد كانت المرة الأولى التي يفقد فيها الأسطول الجوي الأمريكي واحدة من طائراته العملاقة الست، ولولا العناية الإلهية لفقدنا اثنتين أخريين، وبلغ الإحباط مداه حينما أعلن الرئيس نيكسون حالة الطوارئ داخل مقر قيادة الهيئة، طالبا تقديم تفسير مناسب لتلك الخسارة الفادحة، فلم نكن نملك أية تفصيلات أخرى باستثناء عبارات عاطفية وصلتنا من تل أبيب تتحدث عن خدعة وسوء تقدير، وبعد 18 ساعة كاملة جمعنا المعلومات التي صيغ منها التقرير الذي استلمه الرئيس في صباح اليوم التالي التاسع من أكتوبر 1973، والذي ذكرنا فيه أن السوفييت زودوا العرب بصواريخ حديثة كانت سببا مباشرا في فشل عملية الإنزال في منطقة السويس، وأجلت خطة الالتفاف على القوات المصرية لأكثر من أسبوع، لكننا اكتشفنا بعد تحليل حطام الطائرة أنها أصيبت بصاروخ سام عادي استوردته الجزائر من موسكو عام 1972.
  • »شارون« يبكي ويهرب كالفأر من الجزائريين
  • أعود مرة أخرى لفقرات من شهادات ديان، والتي يقول فيها للمحققين:
  • »اتهامي بالمغامرة بحياة جنودنا بناء على توقعات خاطئة ليس صحيحا، فبمجرد أن أشعل العدو النار في الأديبة حاولت إيقاف الهجوم البري، وأمرت الجنرال شارون بالانسحاب الفوري، لكنه كسر الأمر العسكري، واندفع باتجاه القوات الجزائرية، فوقعت الكارثة«، تلك الكارثة تحدث عنها موشي ديان بالأرقام »900 قتيل و172 مركبة«. لكن المؤرخ والكاتب الصهيوني »شفتاي تيبت« يتحدث عام 2000 عن سبب حجب كتابه المتعلق بخبايا حرب يوم الغفران، فيقول: لأكثر من ربع قرن وكتابي ممنوع من النشر لأني أكشف فيه عن حقيقة جبن شارون الذي قدمته المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للشعب الإسرائيلي على أنه بطل حرب كيبور، فقد كنت ضابطا في اللواء 178 مدرع الذي تعرض لمجزرة لم يشهد مثلها جيش الدفاع من قبل، مات أغلب رفاقي، وبقيت رفقة قائد اللواء أرئيل شارون وثلاثة جنود... نعم لم ينجُ من لواء مدرع بأكمله مدعوم بكتيبة مظلات سوى خمسة أشخاص، بقيت حيّا لأشهد على »شجاعة« و»بسالة« شارون »العظيم«... الذي يتحمل وحده ما وقع لإسرائيل في هذا اليوم الأسود... شارون كان يسير باتجاه الأديبة منتشيا ولم يستطع إخفاء أحلامه الشاذة في المجد والخلود، فقال لي: »سنبيد هذه الحشرات في لحظات«، وأمرني والجنود بتدمير كل شئ حي على الأرض وقتل أي أسير والتنكيل بالجثث، لقد قال بالحرف الواحد: »أريد أن ترتج السماء والأرض بانتصاركم الوشيك...«، لقد كان يتصرف وكأنه ذاهب لإبادة قرية لا يوجد بها سوى نساء وأطفال عزل...​
  • لم يتصرف مطلقا كقائد مسؤول عن أرواح رجاله... كان يقول بغباء لم أشهد مثيله في حياتي: »المهمة سهلة جدا... بضعة مئات من الجزائريين الضعفاء غير مدربين ولا مسلحين وغير مدعومين بالمرة.. نريد أن نفرمهم بجنازير دباباتنا لنلقن المصريين درسا مؤلما... ولنؤدّب كل من تسوّل له نفسه التصدي لنا«، كان فاشيا وقاسيا ولا يقبل الرأي الآخر، حتى أنني لم أستطع مناقشة خطة الهجوم معه بوضوح، وعندما جاءتنا الأوامر من القيادة العليا تطالبنا بالانسحاب الفوري، جنّ جنونه ورفض الأمر، في تلك الأثناء كنّا على بعد 10 كيلومترات من الهدف، فصرخ في الجميع عبر مكبر الصوت يخطب وكأنه داوود، قائلا: »على بعد أمتار ينتظركم المجد... قلوب أمهاتكم وقلوب العالم كلها معكم... بعد ساعة واحدة من الآن ستنظر لكم إسرائيل من تحت... أبيدوا هذه الفئران الجبانة التي ترتعد من بأسكم... لا ترحموهم... علموا العالم كيف يتعامل مع هذه الحثالة... لا تتركوا بيتا واحدا في الجزائر إلا متوشحا السواد... ومن بعد التفتوا إلى المصريين الجبناء... من الآن استعدوا لبناء أمجاد إسرائيل«.​
  • ويواصل تيبت كشف أسرار هذه المعركة قائلا: اندفعنا بقوة صوب الأديبة تسبقنا قذائف دباباتنا... وما أن توغلنا في عمق المنطقة حتى وجدنا أنفسنا محاصرين من كل الجهات... كانت دباباتنا تنفجر بمعدل ثلاث إلى أربع دبابات في الثانية، فظننت أننا سقطنا في حقل ألغام... لكن أصوات الأعداء كانت تأتي من كل الاتجاهات، يقولون قولتهم الشهيرة »الله أكبر« وهم يمطروننا بالصواريخ المحمولة كتفا »آر.بي.جي«، المفاجأة شلت أيدينا وعقولنا... لم نتمكن من إطلاق قذيفة واحدة عليهم... لقد كانوا قريبين جدا... ولم تمر دقائق حتى دمر اللواء المدرع بأكمله، في حين لم تصمد قوات المظليين لأكثر من 30 دقيقة... وأبيدت عن آخرها... وتخيلوا... ماذا كان موقف شارون الشجاع وسط هذا الجحيم؟، ـ يتساءل تيبت ويجيب ـ: كان يصرخ ويبكي كالطفل الذي تركته أمّه تائها في الصحراء، كان يقول لسائق الدبابة تراجع... تراجع، لكن الصواريخ كانت أقرب من أوامره، فقفزنا من دبابتنا المحترقة تسترنا النيران المشتعلة في كل مكان، حتى قفزنا في مستنقع عشبي، أخذنا نسبح والنيران تلاحقنا... وشاءت الأقدار أن ننجو من المذبحة التي أوقعنا فيها بطل إسرائيل العظيم شارون، الذي أضاع على إسرائيل فرصة الالتفاف الأولى والهامة على الجيش المصري...
  • يتبع...
  • تقرأون في الحلقة القادمة:
  • إسرائيل تخطط لقتل 03 آلاف جزائري
  • شارون بطل المذابح قهره وأذله المقاتلون الجزائريون
 
كنت دائما اتساءل لماذا يساعدنا الاتحاد السوفيتى لتحقيق النصر على دولة هو اول من اعترف بها
لتكون عقبة فى طريق المسلمين الى النهضة والان هو يساعد المسلمين عليها
اتضح انه كان يساعدنا لتحقيق مصالحه هو ولكن عندما تحققت سقطت الاقنعة وظهرت الاوجه الخبيثة التى
تحارب الاسلام والمسلمين
وصدق الله اذ يقول
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم
 
مشكور اخى على السرد و التوضيح
ما قام به الجزائريين فى الحرب كان متوقع لانهم بالمرتبه الاولى جاءو لمصر ليجاهدو فى سبيل الله و يطلبو الشهاده لذلك كانو على مستوى من الشجاعه و الاقدام ازهل الاعداء و ارعبهم و بالطبع خبرتهم الكبيره مع الفرنسيين اتاحت لهم ان يقاتلو بشده و شجاعه باسلحه ضعيفه و غير مناسبه للقتال
 
السلام عليكم تحيا لكل اهل الجزائر وشهدائها الابرار علي ارض مصرنا الحبيبه ما اريد ان اقوله اننا حتي في مصر لا نعلم مدي النصر الذي حققناه لقد قرأت معظم كتب قادة حرب اكتوبر ولكن لو اتصور ابدا اننا حققنا هذا النصر الكبير لولا هذا الكاتب الذي فسر لنا حجم انتصارنا المصريين حاربوا وانتصروا وكذلك السوريين والاخوة الجزائريون انهم الامه الوحيده التي لم تنل مقدار الاهتمام علي ما قدموه في تلك الحرب ولكن اريد ان اقول اننا في مصر نعلم جيدا كيف حارب الاخوة الي جانبنا في تلك المعركه وسأقول مرة اخري لا يعلم المصريين حتي هذه اللحظه حجم الانتصار الذي حققوه فلا تغضبوا ان لم تنالوا من الشكر والثناء علي فعلتم الكثير وان ما يغضبني حقا هو نسيان الدور العربي والجزائري تحديدا في تلك الحرب بعد قرأة سلسة المقالات ايقنت اننا امه تستطيع ان تحارب الدنيا كلها بلا مبالغه الدنيا بكل دوله ولكن اذا اتحدنا تحية شكر وتقدير لكاتب الموضوع الذي افتح عيوننا علي اكبر انتصار عسكري عربي في القرن العشرين تحيه للجزائر شعبا وجيشا تحيه لكل من ساهم في ذلك الانتصار ولو بكلمه تشجيع
 
ما حصل للجزائر في فترة التسعينات كانت كلها بسبب المواقف القومية لكن .ما قام به الجزائريون لا يستحق الشكر لان امن مصر و سوريا وووووووووو كل العرب من امن الجزائر
 
ولكن اخي لقد اغفل حقنا جميعا وليس حث الجزائر فقط
 
الرئيس السادات .. اذكى رئيس .. في العالم العربي .. عندما قال .. اني احارب امريكا .. ؟ بدل من اسرائيل ؟

وقد عقد السلام مع اسرائيل .. وفي ذاك الوقت .. جميع الدول العربيه قاطعت مصر


وفي نهايه قتل السادات .. اما جميع الدول العربيه .. تقدم التنزلات

للسلام مع اسرائيل
 
"إسرائيل" تخطط لقتل 03 آلاف جزائري

شارون بطل المذابح أذله وقهره المقاتلون الجزائريون


نصر رج "إسرائيل".. زلزل أمريكا... ووضع العالم على شفا حرب نووية، صمود لم تفلح كل الخطط العسكرية في اختراقه، شجاعة فشلت معها كل مؤامرات العدو، هذه نتائج معركة الأديبة التي صنعت درعا واقيا لانتصار العاشر من رمضان، وشكلت منها القوات الجزائرية حائطا فولاذيا تحطمت تحته الجحافل الصهيونية والأمريكية.
  • المؤرخ والكاتب الصهيوني »شفتاي تيبت« كان أول من تحدث داخل الكيان الغاصب عن تفاصيل معركة »الأديبة«، أو كما يسميها القادة العسكريون »الثغرة الأولى«، وكان أول من كشف حقيقة »أرئيل شارون« أمام الشعب الإسرائيلي، في الوقت ذاته لم يكن »تيبت« الوحيد من بين الصهاينة الذين قدموا أدلة على الهزائم التي مُني بها الجيش الصهيوني على يد القوات الجزائرية، فمعركة الأديبة وبالرغم من كونها واحدة من أشرس معارك حرب أكتوبر، إلا أنها لم تكن آخر المواجهات المباشرة بين الجزائريين والصهاينة، بل كانت سببا مباشرا في توجيه دفة الحرب تجاه مواقع القوات الجزائرية...
  • وقبيل التحدث عن بقية معارك القوات الجزائرية مع العدو، أردت التوقف عند جوانب أزمة خطيرة هددت العالم كله آنذاك؛ ذلك أن نتيجة معركة الأديبة وتوقيت حدوثها فتح الباب أمام واحدة من أخطر الأزمات النووية العالمية... فبات استخدام السلاح النووي في المعركة مطروحا على الطاولة.
  • الذري في مواجهة الكيماوي والبيولوجي
  • وفي هذا السياق يقول الأدميرال الأمريكي »توماس مورير«: تسببت الهزيمة الثقيلة التي منيت بها أمريكا و»إسرائيل« في ميناء الأديبة بمدينة السويس إلى تصاعد وتيرة الحرب بشكل أوحى لكافة الأطراف المتحاربة بأن الحرب النووية على الأبواب، وفي اللحظات الأخيرة تراجع الجميع عن قرارات الهجوم بأسلحة الدمار الشامل بعد فشل الجبهتين المتقاتلتين في تحديد هوية ونتيجة الحسم.
  • ويضيف مورير: بعد يوم واحد من وقوع معركة ميناء الأديبة، وتحديدا في صباح يوم التاسع من أكتوبر 1973 ـ رابع أيام الحرب ـ كانت الولايات المتحدة قد حسمت أمرها وقررت شنّ حرب شاملة على العمق المصري، وانطلقت وقتها مقولة »نريد مليوني قتيل«، فقد كانت واشنطن تريد الضغط على الجيش المصري من خلال إيقاع خسائر فادحة في صفوف المدنيين، لإجبار القيادة السياسية والعسكرية على وقف الحرب، وتكرار سيناريو اليابان في الحرب العالمية الثانية التي أجبرت على الاستسلام بعد إبادة سكان هيروشيما ونغازاكي، ولكن هذه المرة بدون استخدام السلاح الذري تجنبا لاندلاع حرب نووية عالمية، والاستعاضة عن ذلك بقنابل ذات قدرة تدميرية واسعة تصب على التجمعات السكنية المكتظة بواسطة مئات الطائرات، وكان واضحا أن الأمريكيين متألمون جدا من الهزيمة التي لحقت بهم قبل يوم واحد من هذا القرار، حتى أنهم لم يكونوا في حاجة لاستغاثة رئيسة الوزراء »غولدا مائير« التي أطلقت نداءها الشهير »أنقذوا إسرائيل...
  • لم يبق سوى السلاح الذري«، لكنهم في الوقت ذاته ـ يقصد الأمريكيين ـ منعوا تل أبيب من الإقدام على ضرب القاهرة بالقنابل الذرية، بعد تواردت معلومات تؤكد أن المصريين والسوريين تسربت لهم خطة مائير النووية، فحملوا كل ما يملكون من صواريخ متوسطة المدى برؤوس كيميائية وبيولوجية وجعلوها في حالة جهوزية قصوى للإطلاق صوب تل أبيب والنقب وحيفا، وعلى حسب تقدير القيادات الأمريكية آنذاك فإن السادات اتصل بشريكه في الحرب »حافظ الأسد« وطلب منه الاستعداد لتنفيذ ما أسماه »الخطة الثانية للحرب«، التي أعدها العرب قبيل الحرب للرد بأسلحة الدمار الشامل على أي هجوم ذري إسرائيلي، وأن عدد هذه الصواريخ إما قارب أو جاوز المائتي صاروخ بقليل، 130 منها على الجبهة الجنوبية (مصر)، و70 على الجبهة الشمالية (سوريا)، وجاءت هذه التقديرات بناءً على نجاح الـ»سي.آي.إيه« في فك شفرة هذا الاتصال، لكن حتى الآن لا يعلم أحد إذا كان اتصال السادات ما هو إلا مناورة لإخافة خصومه، خاصة وأنه الاتصال الوحيد الذي لم يكن مؤمَّنا، وكأنّ صاحبه يريد وصوله للخصم، إضافة إلى أن عملية التجهيز الصاروخية على الجبهتين المصرية والسورية والتي نفذت بالفعل كانت أيضا مكشوفة ومرصودة بوضوح من قبل الأقمار الاصطناعية، وهو ما لم يكن متوفرا بنفس الدرجة مع التحركات الصاروخية العادية أو التقليدية التي استخدمت بالفعل تحت غطاء تمويهي حال دون كشف القواعد التي تنطلق منها، لكن أيّا كان الأمر... فإن العرب كانوا يمتلكون بالفعل عددا كبيرا من الصواريخ القادرة على الوصول للعمق الإسرائيلي، وكذلك عددا معتبرا من الرؤوس غير التقليدية، فكان إقدام أحد الطرفين على استخدام أسلحة الدمار الشامل بمثابة كارثة للعالم كله، فحيد هذا الخيار، وبحثت »إسرائيل« والولايات المتحدة عن بدائل أخرى... لكن تلك البدائل لم تمكنهما من إبعاد شبح الهزيمة.
  • خطة تدمير القاهرة
  • عندما بحثت عن هذه البدائل، وقعت في يدي وثيقة هامة محشورة في مذكرات »بي جروميكو«، وزير الخارجية السوفييتي وقت الحرب، والذي تحدث عن خطة الاختراق الجوي للعمق المصري، فيقول: بعد أن وقف العالم على شفير حرب نووية، تراجعت أمريكا و»إسرائيل« فتراجع الاتحاد السوفييتي هو الآخر بعدما أعلن حالة التأهب النووية القصوى، لكن هذا اليوم تلبّد بغيوم خطة خطيرة كاد أن يحدث نجاحها كارثة للعرب، حيث تقدم جنرال الجو الإسرائيلي »بيليد« بخطة عرضها على رئاسة أركان القوات الإسرائيلية، وكانت تلك الخطة موجهة ضد العمق المصري، ففي تمام الثالثة من مساء يوم 09 أكتوبر 1973 اجتمع كل قادة »إسرائيل« في مكتب رئيسة الوزراء آنذاك غولدا مائير ليوافقوا بالإجماع على تنفيذ خطة الهجوم على العمق المصري بما تبقى من طائرات سلاح الجو الإسرائيلي مدعومة بـ530 طائرة أمريكية هبطت بطياريها في مطارات »إسرائيل« خلال الأيام الثلاثة الأولى للحرب، وذلك عبر هجمة واحدة فقط، تستهدف ضرب الكيان الاقتصادي والصناعي وتنقضّ على تجمعات مدنية ومراكز صناعية إضافة للمناطق العسكرية... وكان من المقرر أن تبدأ الخطة بهجوم جوى مركز في الساعات الأولى من صباح العاشر من أكتوبر، وذلك على بطاريات الصواريخ والقواعد الجوية التي عرفت وقتها بحائط الصواريخ، وبدأ العد التنازلي لتنفيذ الخطة، ولكن العملية ألغيت قبيل دقائق من ساعة الصفر المقررة لها »الخامسة من صباح العاشر من أكتوبر«، وكان الإلغاء بقرار من مكتب رئيسة الوزراء أثناء اجتماعها مع موشى ديان ودافيد إليعازر رئيس الأركان و»كينيث كيتنغ« سفير واشنطن في »إسرائيل« آنذاك، وكان سبب الإلغاء معلومات سرية مزودة بصور التقطتها أقمار التجسس الأمريكية تؤكد قيام المصريين بنشر عشرات البطاريات من الصواريخ المتحركة حول القاهرة والإسكندرية، الأمر الذي أدى لإجهاض الخطة من أساساتها، فقد كان مقدرا، بناءً على دراسة لقدرات حائط الصواريخ المنتشر على القناة، أن الدفاعات المصرية استنفدت الكثير من قدراتها خلال الأيام الأولى للحرب، وأن عددها يكفي بالكاد لإسقاط 200 طائرة، في حين ستتمكن بقية الطائرات المهاجمة من الوصول لأهدافها، لكن وبعد عملية النشر الصاروخي الداخلي، والتي شكلت حائط صواريخ ثانياً، بات أمل الوصول للهدف منعدما. حقا قبلت القيادات الإسرائيلية والأمريكية في سبيل تنفيذ هذه العملية بخسران 200 طائرة، لكنها لم تكن على استعداد لفقدان جميع طائراتها في عملية محكوم عليها بالفشل، وهو ما كان سيعني تأكيد السيطرة المصرية على سماء المنطقة برمتها، فعاد التفكير من جديد في الهجوم البري على مواقع الصواريخ والدفاعات المصرية.
  • »إسرائيل« تعاود الهجوم على القوات الجزائرية
  • العقيد »عساف ياجوري«، قائد اللواء 190 مدرع، والذي وقع في أسر القوات المصرية في واحدة من أعنف معارك الدبابات التي شهدها التاريخ، والذي اتهمته القيادات الصهيونية بإفشائه أسرارا للمصريين تسببت في إحباط عملية الثغرة الثانية، رد على الاتهامات الموجهة ضده أمام لجنة الدفاع بالكنيست قائلا: »تلقيت الأوامر من الجنرال شارون بالهجوم على ميمنة الجيش الثاني الميداني في منطقة القنطرة شرق، لشغل أنظار المصريين عن الهجوم الجنوبي على الأديبة، لكن المصريين كانوا يعرفون ميعاد وصولي واستعدوا لاستقبالي، وعلى غرار الفخ الذي نصب في الأديبة وجدت فخا في القنطرة، لكنني لم أهرب مثل قائدي... قاتلت واستمرت المعارك أربع ساعات متواصلة... كانت دبابات الأعداء أكثر من دباباتنا... وكانوا يجيدون الرماية على مختلف المسافات... كانوا يتقدمون بسرعة نحونا... وما زاد الطين بلة تطويق عدد من أفراد قواتهم الخاصة لنا، واتباعهم أسلوب التدمير والشل الحركي لمركباتنا ـ يقصد إعطاب مقدمة ومؤخرة طابور الدبابات، فتعجز بقية دبابات المنتصف عن الحركة ـ، وكان الاستسلام هو السبيل الوحيد للنجاة، لكن المصريين استجوبوني بدهاء حتى استدرجوني لكشف هدف الهجوم، ومكانه الحقيقي«.
  • شهادة »عساف ياجوري« وجدتها تتوافق كثيرا مع ما ورد في مذكرات المشير الجمسي، الذي تحدث عن هذه العملية قائلا: كانت اعترافات العقيد الإسرائيلي الأسير »عساف ياجوري« مهمة للغاية، وكشفت للقيادات المصرية نوايا العدو الرامية للوصول لحائط الصواريخ، وتدميره لفتح ثغرة للطائرات الإسرائيلية، وكان واضحا لدينا جميعا في غرفة القيادة أن العدو تأكد تماما من عجزه عن صد قواتنا المهاجمة في سيناء، لأنها كانت تتحرك تحت مظلة قوية من الدفاعات الأرضية والمقاتلات المصرية، لذا لم تكن توجد حلول أمامه لوقف تقدم قواتنا في عمق سيناء إلا بانكشاف الغطاء الجوي المصري، لكننا كنا متأكدين ـ بعد فشل محاولة اختراق اللواء 190 مدرع لقواتنا عند محور القنطرة شرق، وفشل عملية الأديبة ـ أن العدو بات عاجز كليا عن تكرار مثل هذا النوع من العمليات في مناطق العبور التي أحكمت القوات المصرية قبضتها عليها تماما، وفي نفس الوقت كانت التحليلات العسكرية تشير إلى أن العدو سينفذ عملية التفاف ولكن من مكان آخر وبأسلوب آخر، وبدراسة دقيقة لنقاط الجبهة وجدنا أن ميناء الزيتية المتاخم للأديبة هو النقطة الأمثل لتنفيذ هذه العملية، وهنا تركنا العواطف جانبا، ورفضنا الاقتناع بأن العدو لن يفكر في الهجوم على المكان الذي خسر في ساعة واحدة لواءً مدرعا كاملا وكتيبة مظليين، وعلى الفور قررنا تدعيم القوات الجزائرية المسؤولة عن تأمين الزيتية بكتيبة صاعقة، وكانت المهام الموكلة لتلك الكتيبة جديدة ولم تطبق في الحروب من قبل، فصعقت العدو وأفشلت عملية الثغرة الثانية.
  • أسرى جزائريون لإنقاذ غولدا مائير
  • لأن القادة المصريين يتحفظون دائما خلال مذكراتهم على سرد تفاصيل العمليات العسكرية وهذا حال المنتصر، فإن المشير الجمسي لم يقدم أكثر مما أورده عن عملية الزيتية، لكن القادة الصهاينة المنهزمين كانوا مجبرين على قص كل كبيرة وصغيرة أمام لجان التحقيق.
  • الجنرال »شمويل جونين«، قائد الجبهة الجنوبية مع مصر، والقائد المباشر لشارون، يحمّل في اعترافاته أمام لجنة التحقيق شارون المسؤولية الكاملة عن الهزيمة في عملية الزيتية »الثغرة الثانية« فيقول: 'في صباح يوم 10 أكتوبر تلقيت أوامر من الجنرال »حاييم بارليف« بالتحرك بكل قوات المنطقة الجنوبية باتجاه ميناء الزيتية، أما طبيعة المهمة فتلخصت في الاستيلاء على الميناء والاتجاه صوب الأديبة، وتطهيرها من القوات الجزائرية، وإيقاع أكبر عدد ممكن من الجنود والقادة الجزائريين أحياء بناء على أوامر سياسية«. وقبيل استكمال شهادات »جونين«، أتوقف قليلا مع كتاب غولدا مائير »حياتي« التي أشارت فيه هي الأخرى لتلك العملية بالقول: »لقد هزت هزيمة الأديبة القيادات الإسرائيلية، وكنت أكثر ما أخشى أن تتسرب الحقيقة للمجتمع الإسرائيلي، فأمرت الجنرال موشي ديان الذي وضع خطة الهجوم على الزيتية بأن يصور عملية القضاء على القوات الجزائرية والتي قدرت بحوالي ثلاثة آلاف، على أن يوقع منهم من 10 إلى 50 أسيرا، لأواجه بهم الإعلام الذي بدأ يشتم رائحة الفضيحة«.
  • وأعود مرة أخرى لجونين الذي يقول: كان شارون يخضع لإسعافات في النقطة الطبية التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية، حيث أصيب رأسه في المعركة، أجريت له جراحة فخيط بثماني غرزات على ما أذكر، إلا أنه كان يحاصرني بجواسيسه الذين أخبروه باستعداد القوات للتحرك صوب الزيتية والأديبة، فدفع باب مكتبي بوقاحة وظل يضرب على المكتب بكفيه، قائلا: »أنا من سيتولى قيادة الهجوم'، فحاولت إفهامه برفق أنه مصاب ولايزال تحت وقع الصدمة، وأنني سأتولى قيادة الهجوم شخصيا، فتوجه نحو الهاتف واتصل بالجنرال ديان، قائلا له: هذا ثأري يا جنرال... هذه معركتي... لن يتولى سواي قيادة هذه العملية«، ثم ابتسم بشماتة وهو يعطيني سماعة الهاتف، ليأمرني الجنرال ديان بالامتثال لأوامر شارون، وهنا أدركت أنني أهنت لأبعد مدى، فقررت تقديم استقالتي على الفور، ويضيف جونين: لم أقدم على الاستقالة في أوج المعركة خوفا من العرب، ولكني أردت أن أتنحى جانبا عن العار الذي سيجلبه شارون لـ»إسرائيل«، فقد كانت هذه العملية في حاجة إلى قائد متزن ومحنك وشجاع أيضا، لكن شارون المغرور والجبان في نفس الوقت وضعته القيادة العسكرية فوق أعناق الجميع، وفوق »إسرائيل« نفسها.
  • بطل المذابح أذله الجزائريون
  • أترك جونين الذي انتهى دوره في المؤسسة العسكرية الصهيونية منذ تلك الواقعة، لأعود إلى »شفتاي تيبت« الذي يقول: بمجرد أن سمعت بأن شارون هو من سيتولى الهجوم على الزيتية خلعت شاراتي العسكرية، وطلبت من قادة المنطقة الجنوبية تقديمي للمحاكمة، فنصحني الجنرال جونين بالتراجع عن هذا القرار لأن توابعه خطيرة على مستقبلي، وأن المحكمة العسكرية لن ترحمني لأنه جاء وقت الحرب، وسيفسر على أنه هروب من الميدان أثناء القتال، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الإسرائيلي بالتجريد من كل الرتب العسكرية والحبس لمدة عشر سنوات، لكنني أخبرت الجنرال أنني أعلم ذلك، وتمسكت بقراري، وبالفعل قدمت للمحاكمة وجردت من رتبتي العسكرية، إلا أن ذلك كان بالنسبة لي أشرف من القتال تحت إمرة معتوه، رأيته بعيني يبكي كالأطفال في ساحات المعارك الحقيقية، ورآه العالم من بعد يضحك كالمجنون في معاركه ضد النساء والشيوخ.
  • يتبع...
  • تقرأون في الحلقة القادمة
  • الجيش الجزائري يحاصر القوات الإسرائيلية
  • الصاعقة الجزائرية تأسر 80 صهيونيا
  • الجزائريون والصهاينة وجها لوجه بالسلاح الأبيض
 
الصاعقة الجزائرية تأسر 80 صهيونيا

الجزائريون والصهاينة وجها لوجه بالسلاح الأبيض



وحوش.. شياطين.. سحرة وقردة.. هذه بعض الأوصاف التي أطلقها الصهاينة على الجزائريين في ثاني مواجهة عسكرية معهم، إنها معركة الزيتية التي تخلى فيها المقاتلون العرب عن أسلحتهم الثقيلة، ليواجهوا بأجسادهم دبابات العدو ونخبة قواته.
  • الجيش الجزائري يحاصر القوات الإسرائيلية
  • قبل التعمق في البحث عما جرى في معركة »الزيتية« أو الثغرة الثانية، أتوقف للمرة الأخيرة مع المؤرخ »شفتاي تيبت« الذي يروي تفاصيل فرار شارون من القوات الجزائرية بعد هزيمته في »الأديبة«، تيبت أدلى بشهادته تلك أمام لجنة التحقيق »أجرنات«، فقال: أعترف أنني انسحبت من ميدان القتال في أشد اللحظات حرجا في تاريخ دولة »إسرائيل«.. لم تكن مبررات انسحابي بالهينة.. بل كنت أحاول أن أوصل صوتي من ميدان المعركة لقادتي في تل أبيب.. إنهم لا يرون ما أرى ولم يعايشوا ما عايشت.. لقد خدمت مع الجنرال شارون خمس سنوات فلم أر سوى شخص مجنون مصاب بعدة أمراض نفسية خطيرة.. ولم أره أكثر وضوحا إلا أثناء القتال.. إنه لا يفقه شيئا عن القيادة العسكرية.. في معركة الأديبة دفع زملائي حياتهم بسببه وسجل التاريخ هزيمة نكراء لـ»إسرائيل« كنا في غنى عنها.. كدت بل كاد هو أيضا أن يفقد حياته بسبب سوء تصرفه وعجزه عن القيام بواجبه العسكري.. وحينما علمت أن القيادة كلفته من جديد بقيادة هجوم الزيتية أدركت أن ثمة خطأ ما حاصل في غرفة القيادة، وأنه لا سبيل لتصحيح الخطأ إلا بإعلان التذمر ليفتح ملف التحقيق قبل فوات الأوان.. في الواقع لم أكن أريد أن أسجل اسمي في قائمة صانعي هزائم »إسرائيل«، لكنني أيضا لم أكن أريد أن تسير »إسرائيل« إلى حتفها على يد شارون.
  • ويضيف تيبت: في طريق انسحابنا من الأديبة كان شارون ينزف بشدة من رأسه.. كان قد أصيب بجرح بالغ وعميق، وخلال رحلة العودة الشاقة عرفته على حقيقته.. لقد تحول القائد الشجاع الشرس المقدام إلى طفل وديع.. أخبرني أنه سيطلق الحياة العسكرية ولن يعود مطلقا للقتال، وأنه تعلم أشياء كثيرة في الأديبة، حتى أنه أثنى على العدو.. وطلب مني ومن الجنود الثلاثة الذين نجوا من المذبحة أن نزيف حقيقة ما جرى لنا في المعركة، أمرنا بلطف أن نتحدث عن آلاف من العرب ومئات الدبابات والصواريخ المتطورة، وأننا قاتلنا بشجاعة وشراسة لكن العدو كان أكثر عددا وعتادا، وأخبرنا أن ما جرى لنا نستحق عليه التكريم وليس العقاب، ظننت أنه على حق وامتثلنا لأوامره، لكنني اكتشفت من بعد أنه كان يهذي وأن إصابته أثرت على مخه.. فبمجرد وصولنا لمقر قيادة المنطقة الجنوبية حاول التغلب على إعيائه وهزيمته وأخذ يرفع رأسه بشموخ لا يجرؤ المنتصر الحقيقي عليه، ولم تمر ساعات حتى عرفت أنه كلف من جديد لمعاودة الهجوم على نفس الموقع الذي هزمنا فيه، وعندما واجهته بما قاله لي أثناء عودتنا من الأديبة هددني بالقضاء على مستقبلي العسكري أو قتلي إذا أخبرت أحدا بما جرى.. لكنني كنت أشجع من تهديداته.. اعترفت بالحقيقة للجنرال »جونين« لكنه هو الآخر كان قد استقال، ليحل محله الجنرال »حاييم بارليف« الذي كان متعاطفا مع شارون في جنونه وغبائه ونفاقه.
  • القتل والذبح على يد »شياطين« الظلام
  • المؤلفان الصهيونيان »رونين برغمان« و»جيل مالتسر«، يكشفان في كتاب يحمل اسم »حرب يوم الغفران، اللحظة الحقيقية« عن وثائق سرية من أرشيف هيئة الأركان العامة والحكومة الصهيونية تفضح جزءاً مما حدث في معركة »الزيتية«، وفي الفصل الثالث من هذا الكتاب وتحت عنوان »الزيتية.. بئر الموت« يستهل الكاتبان بالقول: اعترافات الجنود والضباط الناجين من معركة الزيتية أمام لجنة الاستماع تكشف عن ارتكاب القادة العسكريين الإسرائيليين وكذلك القيادة السياسية لجملة من الأخطاء القاتلة، أدت في النهاية للهزيمة.. لقد اختصر القادة أهدافهم وخططهم العسكرية على إحداث فجوة في الجيش المصري، لم يكن هدفها الالتفاف على القوات المهاجمة بقدر إحداث ضجة إعلامية، تقلل من وقع الهزيمة عند الرأي العام الإسرائيلي، فمن الجانب العملي كانت هذه الخطة غير قابلة للتطبيق نظرا لتفوق العدو العسكري بدءا من اليوم الرابع للحرب، وتماسك خطوطه القتالية وتحكمه في زمام الأمور.. وقراءته الصائبة لرد الفعل الإسرائيلي.
  • ويضيف الكاتبان: نتيجة معركة الزيتية تمثل أكبر فشل تعرض له الجيش الإسرائيلي، لكن المؤسف أن صانعي القرار في »إسرائيل« لم يكتفوا بإخفاء ما حدث فيها، بل قدموها للشعب على أنها واحدة من إنجازات حرب الغفران، وربما استندوا في رأيهم هذا إلى عودة قرابة الخمسين في المئة من قواتنا سالمة، وهو ما لم يحدث في معركة الأديبة التي سبقتها بيوم واحد بنسبة خسائر مئة في المئة، هكذا إذن بلغ الطموح العسكري الإسرائيلي في القتال مع العرب.. التغني بالنجاة والتهليل للتقهقر والفرح لوقف إطلاق النار، وبالاطلاع على شهادات المشاركين في معركة الزيتية أمام لجنة الاستماع يتضح أن »إسرائيل« لم تنهزم فقط عسكريا، بل انكسرت انكسارا لا تكفي السنون لإصلاحه.
  • ويواصل الكاتبان قائلين: أحد الجنود المشاركين في هجوم الزيتية الفاشل يقول: لم نكن نحارب بشرا بل شياطين تظهر وتختفي.. قذائفنا لا تصل إليهم ونيرانهم تحرق كل شيء.
  • جندي آخر يقول: لم تكن هناك جبال ولا أحراش ولا حتى أحجار يختفون وراءها.. لم تكن هناك سوى الصحراء والرمال.. حتى السماء كانت صافية ومبشرة بالنصر.. لم نر عدونا لكنه كان يرانا بوضوح.. يراقب تحركاتنا في صمت حتى أطبق علينا.. ظننت أن النيران تطلق علينا من السماء، أو من المدفعية بعيدة المدى.. تخبطنا وارتبكت صفوفنا.. ولم يكن لدينا الوقت الكافي لإعادة تنظيمها.. وفجأة وجدناهم في كل مكان.. يقفزون كالقردة لا تسترهم سوى سحب الدخان المتصاعد من آلياتنا، فوجدناهم فوق أسطح دباباتنا.. وفوق أعناقنا.. يطعنون ويذبحون بلا رحمة.. لقد كانوا متوحشين فوق الوصف.. وملامحهم مخيفة تزرع الرعب في القلب.. وحتى الآن لا أعرف من أين هبطوا لنا.. لا تفسير لديّ حتى الآن.
  • ويعلق الكاتبان: هذا جزء من شهادات عشرات الجنود الذين شاركوا في معركة الزيتية، وهذه الشهادات ليست أحسن حالاً من شهادات قادتهم في المعركة، فقد اخترقت الهزيمة قلوب الإسرائيليين وتركت جرحا غائرا في العقيدة القتالية للجيش الذي لا يقهر.
  • الصاعقة تحرق دبابات العدو
  • ويواصل الكاتبان في مؤلفهما الهام سرد اعترافات القادة الصهاينة في معركة الزيتية فيقولان: يقول الملازم أول »حنان تسائيف«: في مساء يوم التاسع من أكتوبر وبعد فقدان جيش المنطقة الجنوبية لعدد كبير من آلياته وجنوده في معركة الأديبة، بدأت عملية الدعم العسكري للقوات الجنوبية، وشمل الدعم لواء جولاني بكامل تجهيزاته، وكتيبتي مشاه ميكانيكا، ولواءين مدرعين أحدهما أمريكي، والآخر تم تجميعه من فلول قوات المنطقة الوسطى بسيناء، وكانت الدلائل تشير إلى أننا مقبلين على عملية كبيرة، فصدرت الأوامر في فجر العاشر من أكتوبر للاستعداد لتلقي الأوامر، وفي الثامنة صباحا تحركت كل القوات بقيادة الجنرال شارون باتجاه ميناء الزيتية، استغرق المسير قرابة الساعتين، وقبيل الزيتية بحوالي 12 كيلومترا اندلعت المعركة بشكل مفاجئ، حيث باغتتنا القوات الخاصة للعدو بطريقة لم نتوقعها أبدا، فالطريق كان سالكا والمنطقة مكشوفة من كل الجهات، ولم تكن هناك أية إشارة توحي بالخطر، لكن هذه القوات قامت بالاختفاء في حفر برميلية على شكل مربع ناقص ضلع، وما أن ولجت قواتنا فيه، حتى خرجوا من جحورهم ليقذفوا آلياتنا بمئات القذائف المضادة للدروع وصواريخ »ماليتيكا«، استمر القصف الصاروخي قرابة الساعة وكنا نرد على مواقع إطلاق الصواريخ لكن الغلبة كانت لهم، فتراجعت الدبابات بعدما تمكن جنود العدو من اختراق صفوفنا ومهاجمتنا عن قرب، لقد كانوا يتسلقون الدبابات ويفتحون أغطيتها العلوية ليفجروا أطقمها بالقنابل اليدوية، حتى أن بعض الدبابات وسط هذه الفوضى أطلقت النيران على بعضها البعض، فوقعت خسائر كبيرة، إضافة إلى أن قوات المشاة وجولاني كانت عاجزة عن التعامل مع العدو في ظل هذا الارتباك، فصدرت الأوامر بالانسحاب لإفساح المجال للقتال الفردي بين قواتنا وقوات العدو، في الوقت الذي اتصلنا بالقيادة نطلب الدعم الجوي.
  • ويضيف الكاتبان على لسان »تسائيف«: »لم تستجب القيادة لطلبنا وتركتنا نواجه مصيرنا بدم بارد«.
  • اشتباك بالأيدي والسلاح الأبيض
  • ويورد الكاتبان شهادة أخرى لأحد ضباط قوات »جولاني« ـ نخبة الجيش الصهيوني ـ، وللإشارة فإنه يهودي من أصل مغاربي، وهو المقدم »فايز كوكبي«، الذي يقول: للأسف تأهلنا في معاهدنا العسكرية على نظريات خاطئة دفعنا ثمنها في الزيتية، لقد أوهمنا قادتنا وأساتذتنا أن عدونا ضعيف وجبان ولا يجرؤ على مواجهتنا بشكل مباشر، لكنني اكتشفت في الزيتية مدى همجية ووحشية هذا العدو.. لقد كانوا دمويين لأبعد مدى.. كانوا يجتزون رؤوس الجنود ويتسابقون للالتحام بنا، لكنهم كانوا على درجة عالية من الكفاءة والتدريب، وكانوا يمتلكون مهارات عالية في مجال القتال الفردي، يجيدون استخدام السلاح الأبيض والاشتباك، وأيضا كانت لياقتهم البدنية عالية، وكان واضحا أن قادتهم لقنوهم أساليب كسر العنق والعمود الفقري، مما يدل على أنهم نالوا قسطا من التدريب على الرياضات القتالية، وكل تلك الأشياء لم تتوافر في معاهدنا ولم نتدرب عليها، وهنا برزت أخطاء المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وظهر التفوق الحقيقي للعرب.. إن معركة الزيتية وبكل ما تحمله من ذكريات مؤلمة يجب أن تكون درسا لتصحيح أخطائنا، فالعدو يحسب لكل شيء حسابه، ويبتكر في أساليب القتال، في حين أننا لازلنا نهندس خططنا على الهجمات الخاطفة والتفوق التكنولوجي العسكري، وقد أثبتت حرب يوم كيبور أننا لم نكن نمتلك سوى السلاح، أما العدو فقد نجح في توظيف عقله وجسده ثم سلاحه.
  • السحر الأسود و»خبث« العرب
  • لاشك أن كتاب »حرب يوم الغفران، اللحظة الحقيقية«، يكشف بعض جوانب معركة الزيتية، لكن مذكرات »أهارون ياريف«، مدير جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية الأسبق، تكشف تفاصيل أكثر دقة حول هذه المعركة.
  • »ياريف« يقول: حرب الغفران تكشف بجلاء عن خبث وخداع العرب، إنهم كالحرباء المتلونة، لم نتمكن من قراءة نواياهم قبيل الحرب وأثناءها، وفشلنا في ترجمة خططهم القتالية ـ وبعد سرده لعدة مواقع يدلل فيها على »خبث« العرب ـ على حد وصفه ـ يصل ياريف لمعركة الزيتية، فيقول ـ: لقد نجحت مخابرات العدو في كشف خطتنا، وبسرعة فائقة استعدوا لإفشالها، كانت أعداد دباباتنا وجنودنا تفوق عددهم وعتادهم، فشرعوا في تحصين الميناء وحركوا الكتائب المدرعة الجزائرية من الأديبة للزيتية، ووصلتني إشارة عاجلة تفيد بأن العدو يعلن حالة التأهب العسكري في الميناء، وفي تلك اللحظات أدركت أن العدو يعرف وجهتنا وأن الأديبة غير محصنة بالمرة، فأرسلت للقيادة إشارة أبلغهم فيها بحقيقة الموقف مرفقة باقتراح معاودة مهاجمة الأديبة، فعدلت القيادة على وجه السرعة الخطة، وقررت مهاجمة الزيتية والأديبة معا، على أن ينشطر جزء من القوات عند »مفرق عتاقة« ـ على بعد 12 كيلومترا من الميناءين ـ ويتجه للسيطرة على الأديبة ثم يلتف من الخلف على الزيتية لدعم القوات الرئيسية وتطهيرها والاستيلاء عليها، وهنا أتذكر ـ يقول ـ ياريف ـ الجنرال »حاييم بارليف« الذي خلف الجنرال »جونين« في قيادة المنطقة الجنوبية، أتذكر ضحكته العالية التي لاتزال تتردد في أذني ومقولته »لقد ابتلع العرب الأغبياء الطعم«، هكذا وتحت مظلة هذه المعلومات تحركت قواتنا، وانتظرنا بفارغ الصبر والثقة أول الأنباء عن سقوط الميناءين، لكن طال الانتظار ولم يصل هذا الخبر، بل وصلتنا أنباء السوء التي لم نكن نسمع سواها في تلك الأيام العجاف.
  • إسرائيل تركع للجزائريين لإطلاق سراح الأسرى
  • ويواصل ياريف قائلا: اكتشفنا أن العدو وضع خطة مغايرة، فقد أدرك مسبقا أن تحصين ميناء الزيتية وإمداده لن تحول دون سقوطه في يدنا، لقد اخترقوا عقولنا بطريقة لا تفسير لها سوى انهم استخدموا نوعا من السحر الأسود فسخروا شياطينهم لتخبرهم بكل كبيرة وصغيرة، وحتى لو كان هذا الاحتمال صحيحا، فكيف تمكنوا من نقل قواتهم بسرعة وسرية إلى موقع المعركة؟ ـ يتساءل ياريف ـ ثم يقول: لقد نقل العدو قواته الخاصة وكانت مشكلة من الكتيبتين 145 صاعقة مصرية وكتيبة صاعقة جزائرية إلى مفرق عتاقة، وهي نفس النقطة التي قررنا استخدامها لقسم القوات المتجهة للأديبة والزيتية، وعوضا عن تدعيم هذه القوات بالآليات والدبابات، قام بتزويدها بعدد كبير من مضادات الدروع والصواريخ والرشاشات الثقيلة، وأمر هذه القوات بحفر الأرض والاختباء بها، نظرا لأن المنطقة مكشوفة، وهو ما أوحى لقواتنا التحرك باطمئنان، وبهذا أنقذ العدو آلياته من دمار محقق في معركة محسومة لنا سلفا، وأمن الميناءين المستهدفين، لكن ما يثير الدهشة أن قيادة العدو وضعت جميع أوراقها في تلك الحفر، فبالنسبة لي وللقيادات الإسرائيلية عموما لا يمكن أن نعتمد على مثل هكذا خطة لمواجهة عملية بهذا الحجم، لكن ثقة العدو في قواته الخاصة والأسلوب الذي استحدثه في القتال جعلته يقدم على هذه الخطوة دون تردد، فقد نشر الكتيبة الجزائرية في الخطوط الأمامية لتضرب قواتنا من الخلف، ونشر الكتيبتين المصريتين في القلب والميمنة والميسرة، فوقعت عملية التطويق الخطيرة.
  • وقدر لخطة العدو أن تنجح، لتصبح صفحة سوداء في تاريخ العسكرية الإسرائيلية، فلم يسبق أن خسرنا قرابة اللواءين مدرعين ومئات القتلى و300 أسير في معركة واحدة، كما لم يسبق للعرب النجاح في التنسيق القتالي لهذا الحد، وبلغت الخسائر الحد الذي ركعت فيه »إسرائيل« وامتثلت لأوامر العرب، ففي مفاوضات تبادل الأسرى، كان هناك 80 أسيرا إسرائيليا لدى القوات الجزائرية، ورفضت القيادات الجزائرية تسليمهم، بالنظر إلى أننا ليس لدينا أسرى منهم، وبعد مفاوضات استمرت ليومين أصر الجزائريون على مقايضة الأسير بعشرة أسرى على نفس الرتبة العسكرية، فلم يكن أمامنا خيار آخر.
  • يتبع...
  • ـــــــــــــــــــــــــ
  • تقرأون في الحلقة القادمة
  • الصهاينة يهربون للأبد من قتال الجزائريين
  • بشهادة العدو.. تفاصيل عملية الثغرة
  • تفاصيل معارك السويس والإسماعيلية والمزرعة الصينية
 
عودة
أعلى