كشفت مجلة فورين بوليسي المتخصصة بشؤون الأمن والدفاع، أن العملاق العسكري الإيراني الذي يصوره البعض ليس أكثر من خرافة، مشيرة إلى تساؤلات البعض في هذا الإطار، أنه في الوقت الذي كانت فيه إيران تحت العقوبات الدولية تمكنت من التمدد في أربع عواصم عربية، فماذا ستفعل لو تم رفع العقوبات عنها وصار بإمكانها استيراد السلاح؟
وعقدت المجلة مقارنة رقمية بين ما تنفقه إيران على التسليح وما تنفقه دول الخليج العربية، مؤكدة أن إيران وفقاً لتلك الأرقام لا تصرف على السلاح أكثر من 1 إلى 5 قياساً بالمملكة العربية السعودية، الأمر الذي يجعل كفة التفوق النوعي لصالح السعودية ودول الخليج العربية الأخرى التي تجتهد في شراء أحداث أنواع الأسلحة، في حين لا تزال إيران تستخدم أسلحة الحقبة السوفييتية.
التساؤلات التي طرحت في فيينا حيث تعقد مباحثات النووي الإيراني فيما إذا كانت العقوبات الاقتصادية المقرر رفعها بعد توقيع الاتفاق ستؤدي أيضاً إلى رفع الحظر عن استيراد السلاح، سببت مخاوف لدى البعض، الأمر الذي قد يتسبب بعرقلة توقيع الصفقة النووية.
روسيا، ومعها إيران بالطبع، تؤكد أن رفع العقوبات يجب أن يشمل كل شيء بما فيها السلاح، فالاتفاق النووي، من وجهة نظرهم، منح الغرب تطمينات كافية، ومن ثم فإن بقاء الحظر على الأسلحة ليس له أي مبرر قانوني.
الموقف الأمريكي الحالي يسيطر عليه القلق من أن تكون خطوة رفع الحظر عن تصدير السلاح إلى إيران خطوة أكثر من اللازم لبعض الحلفاء الإقليميين الرئيسيين للولايات المتحدة، لا سيما المملكة العربية السعودية.
وترى المجلة أن مثل هذه المخاوف مبالغ فيها، مشيرة في هذا الصدد إلى أن الدول الخليجية العربية لديها تقدم ساحق أمام إيران من ناحية الإنفاق على التسليح، أو امتلاك الأسلحة الحديثة، وفقاً لتقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي صدر في أبريل/ نيسان الماضي.
في العام 2014، وفقاً لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري"، فإن السعودية خصصت 25% من ميزانيتها للتسليح، حيث وصل الإنفاق إلى نحو 80 مليار دولار، وأنفقت الإمارات العربية المتحدة نحو 23 مليار دولار، في حين بلغ الإنفاق الإيراني على التسليح عام 2014 نحو 15 مليار دولار، أي ما يمثل 9% من إجمالي الإنفاق على السلاح في الشرق الأوسط.
ويؤكد التقرير أن هذا التباين في الإنفاق لا يعود إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، وإنما قبل ذلك؛ حيث امتاز الإنفاق السعودي على التسليح بتفوقه على إيران خلال العقدين الماضيين بنحو ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، مع التأكيد أن إنفاق السعودية على السلاح ارتفع بشكل كبير عام 2005، الأمر الذي أدى إلى تقزم الإنفاق الإيراني أمامه.
بالإضافة إلى الفارق الكبير في حجم الإنفاق بين إيران والدول الخليجية على السلاح، فإن ذلك ينعكس نوعياً أيضاً بالنسبة للسلاح الذي تمتلكه إيران أمام دول الخليج العربية، فبينما سلّحت الدول الخليجية نفسها بأحداث الأسلحة، فإن إيران ما زالت تعيش على تركة الماضي التي يعود بعض أسلحتها إلى حقبة الشاه، وباتت أسلحتها غير ملائمة لأي صراع عسكري.
وتشير المجلة إلى أن الدول الخليجية جهزت قواتها بأحدث المعدات العسكرية الأمريكية وأحدث أنواع الطائرات المقاتلة وطائرات من دون طيار والأباتشي وأنظمة الدفاع الجوي الباتريوت ومخزون كبير من الصواريخ والقنابل.
في الوقت نفسه فإن إيران ما تزال تعتمد على أسلحة عفا عليها الزمن، مع غياب الشريك الموثوق في الخارج الذي يمكن شراء السلاح منه، الأمر الذي اضطرها إلى الاعتماد على قاعدة صناعية خاصة بها، فشلت حتى الآن في تقديم أي تطورات جوهرية على برامج الأسلحة العسكرية.
وترى فورين بوليسي في تقريرها، أنه من غير المحتمل أن يتغير شيء عقب توقيع الاتفاق النووي فيما يتعلق بالتسليح الإيراني، فإيران وطيلة عقود كان مقدار إنفاقها على التسليح لا يتجاوز 3% من الناتج الإجمالي المحلي، وهو أمر لا يتعلق بالعقوبات المفروضة عليها، بل على العكس؛ فإن الإنفاق الإيراني على التسليح ارتفع خلال فترة العقوبات ولم ينقص.
واعتبرت فورين بوليسي أن المبالغة في تضخيم قدرات العدو قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تعقيد المشاكل وليس إلى حلها.