أثار توقيع وكالة المشتريات الدفاعية التركية عقدا مع شركة "سدف" التركية لبناء السفن من أجل بناء أول حاملة طائرات تركية يوم الخميس، مخاوف لدى كل من إسرائيل واليونان وقبرص اليونانية الذين رأوا ذلك أمرا مثيرا للقلق ومن شأنه تغيير التوازن الأمني في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وتعد حاملة الطائرات التي من المتوقع أن يكتمل بناؤها في عام 2021 جزءا من مشروع السفن الوطنية التركي في إطار التحرك الأخير لتطوير وتنمية الصناعة الدفاعية التركية. وتزن 27,436 طنا، ويبلغ طولها 231 مترا، وستتمكن من حمل ألف و200 شخص بالإضافة إلى الدبابات والمروحيات والطائرات بدون طيار والطائرات الحربية ذات القدرة على الهبوط والإقلاع العمودي.
وفي حال تزويد الحاملة بمنصة انزال انزلاقية منحدرة يمكن في هذه الحالة استعمالها من قبل بعض الطائرات ذات القدرة على الهبوط والإقلاع الأفقي. كما ستتضمن الحاملة مستشفى كامل الأهلية.
وتم توقيع عقد بناء حاملة الطائرات التركية الأولى في معرض الصناعات الدفاعية (IDEF'15)، الذي عرضت فيه تركيا التطور الكبير في صناعتها الدفاعية.
وستوفر شركة صناعة السفن الإسبانية "نافانتيا" الدعم التقني لبناء السفينة، التي ستبنى على نموذج سفينة "خوان كارلوس 1 أل 61 (Juan Carlos I class L-61)" التي تستخدمها البحرية الإسبانية. ومن المقرر أن تكون السفينة أثقل بسبع مرات على الأقل من السفن التي تمتلكها البحرية التركية في الوقت الحالي. كما ستساهم نافانتيا كذلك في بناء أكبر سفن البحرية الأسترالية.
وستتمكن حاملة الطائرات من الإبحار لفترة 50 يوما متواصلة مع حفاظها على مسافة 9 آلاف ميل بحري عن الشاطئ، مما يسمح للبحرية التركية بالتواجد بشكل قوي في المحيط الأطلسي والمحيط الهندي.
يقول الكاتب "مايكل تانشوم" في مقالة له بالصحيفة الإسرائيلية اليومية "جيروساليم بوست": "اتخذت تركيا خطوة كبيرة في تغيير التوازن البحري في شرق البحر الأبيض المتوسط من خلال توقيع عقد بناء سفينة هجومية برمائية يمكنها أن تعمل كحاملة للطائرات، يمكنها تزويد تركيا بقدر غير مسبوق من السيطرة البحرية في المنطقة".
وأوضح تانشوم أن التحرك التركي سيؤثر على قرار إسرائيل واليونان وقبرص اليونانية في التعاون لاستخراج وتصدير الغاز الطبيعي من شرق البحر الأبيض المتوسط، زاعما أن اتفاقية إقليمية شاملة تعتمد على التحركات الدبلوماسية لتركيا التي لا يمكنها الفوز بسباق التسلح من الناحية الاقتصادية، مشيرا إلى أن حاملة الطائرات لوحدها ستكلف بين 500 مليون دولار ومليار دولار.
منذ الأزمة المالية لعام 2008، أبدت اليونان وقبرص اليونانية استعدادا كبيرا للتنقيب واستخراج وتصدير احتياطيات الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط وترك تركيا خارج المعادلة، الأمر الذي فسر كحل سريع لمشاكلهم المالية وبالمقابل فرض مزيدا من الضغوط على تركيا لتقديم تنازلات أكبر وعزل قبرص التركية.
وفي محاولة له للتأكيد على أن التحرك التركي يستهدف إسرائيل واليونان وقبرص اليونانية بشكل رئيسي، اقتبس تانشوم من قائد البحرية التركي الأدميرال بولنت بوسطان أوغلو في خطاب متعلق بمبادرة السفن الوطنية أوضح من خلالها التصور التركي للتهديد البحري "المبني على الطاقة"، في حين أن البحرية التركية تولي شرق المتوسط "الأولوية القصوى".
كما أشار تانشوم إلى أن تركيا بدأت بإدراج إسرائيل في وثيقة سياسة الأمن القومي في عام 2010، مقتبسا من كلام رئيس الوزراء في ذلك الحين رجب طيب أردوغان قوله: "سيشهد شرق المتوسط تواجد السفن الحربية التركية بشكل متكرر".
يأتي التحرك التركي في وقت تشهد فيه المنطقة من شمال أفريقيا عبر المتوسط إلى أوكرانيا عبر البحر الأسود اضطرابات. وقد نجحت تركيا في عام 2011 خلال ذروة الحرب الأهلية الليبية، في إخلاء مواطنيها مع عدد من المواطنين الأجانب، إضافة إلى جرحى ليبيين ليعالجوا في المشافي التركية، وذلك باستعمال سفينتين مدنيتين تعملان في بحر مرمرة.
ووقعت حالات شبيهة خلال السنوات الأربعة الماضية في تونس ومصر واليمن وسوريا، حيث اضطرت تركيا لإخلاء الآلاف من مواطنيها من مناطق الصراع ولعبت دورا إنسانيا هاما كان ولا زال رائدا في المنطقة. ومن هنا تأتي الحاجة إلى وجود سفينة يمكنها تنفيذ مثل هذه العمليات بشكل ملائم، وفي الوقت نفسه تعزز قدرات البحرية التركية وقدراتها الاستجابية.
ويذكر أن عام 2010، شهد مقتل عشر ناشطين عُزّل من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية عندما اقتحمت هذه القوات بوحشية سفينة تحمل مساعدات إنسانية كانوا يستقلونها في المياه الدولية بشرق البحر الأبيض المتوسط.
المصدر