فجر نائب المستشارة أنجيلا ميركل ووزير الاقتصاد الألمانى زيجمار جابرييل مفاجأة كبيرة خلال زيارته شركة تيسن كروب لنظم الملاحة البحرية فى مدينة كيل بشمال ألمانيا. فقد أعلن أمام مسئولى الشركة الرائدة عالميا فى مجال صناعة الغواصات والسفن الحربية عن موافقته على صفقة غواصات «إضافية» لمصر.
الوزير كان فى زيارة للشركة تلبية لدعوة لمجلس العاملين بها الذين أرادوا الاطمئنان على وظائفهم، خاصة أن جابرييل تعهد بإعادة النظر فى سياسة تصدير الأسلحة الألمانية والالتزام بعدم تصديرها لمناطق التوتر والنزاع فى العالم. وأراد الوزير أن يحمل للعاملين معه مفاجأة سارة فأخبرهم بأنه لا يرى فى صفقات الغواصات أى مشكلات، وأن الجدل يدور حول الأسلحة الأخرى التى يمكن أن تستخدم فى الحروب الأهلية، مثل المدافع الرشاشة والدبابات والعربات المصفحة، موضحا أن الغواصات الألمانية منتج ذو تقنية فائقة، وذو أهمية بالغة للصناعة الألمانية، نظرا لعدد الشركات على مستوى ألمانيا التى تشارك فى صناعة الغواصة. وبناء على ذلك فإن جابرييل، كما أعلن فى كييل لا يرى أى مشكلة فى صفقة الغواصات مع مصر، وإلا ما كان قد منح الشركة موافقة على البدء فى صناعتها على حد تعبيره. ولم يشر جابرييل إلى قيمة وحجم الصفقة، ولكن تقارير ألمانية من مدينة كييل ذكرت أن الوزير كان يتحدث عن غواصتين إضافيتين سيتم بناؤهما لمصر وتسليمهما فى نهاية عام 2018، وأن قيمتهما تتجاوز نصف مليار يورو. ما يعنى أن الصفقة الأولى التى تعود لعام 2012، والتى طلبت مصر بموجبها غواصتين ألمانيتين من طراز 209 ، وثار حولها جدل كبير هنا بسبب اعتراض إسرائيل عليها، تم بالفعل الموافقة عليها أيضا وجار بناء الغواصتين حاليا، وسيتم تسليمهما لمصر فى العام المقبل.
ويعتبر قرار الحكومة الألمانية بالموافقة على صفقة الغواصات الجديدة لمصر فى هذا التوقيت، رغم الانتقادات اللاذعة للمعارضة الألمانية التى ترفض توريد أى أسلحة لمصر، رسالة عملية من برلين للقاهرة بأن صفحة جديدة فى العلاقات الإستراتيجية بين البلدين قد بدأت، وأن الدعم الألمانى لن يبقى مجرد تصريحات شفهية!فبالموافقة على هذه الصفقة تحقق برلين بالإضافة إلى الفائدة الاقتصادية والصناعية الداخلية مكسبا سياسيا، وتحسن العلاقات مع مصر وتساعدها فى تحقيق طفرة نوعية فى قدراتها البحرية، دون أن يؤثر ذلك طبعا على التفوق الإسرائيلي، حيث تحصل تل أبيب من ألمانيا أيضا على غواصات دولفين التى يمكنها أن تحمل رؤوسا نووية! والملاحظ أن العلاقات المصرية الألمانية تشهد منذ لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى بالمستشارة أنجيلا ميركل فى دافوس انتعاشا ملحوظا. حيث أعقب لقاء دافوس لقاء ثنائى مهم على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن بين وزير الخارجية المصرى سامح شكرى ونظيره الألمانى شتاينماير. ووصف شكرى فى تصريحاته لـ «الأهرام» لقاءه مع شتاينماير بأنه كان حوارا إيجابيا، كان فيه توافق فى الرؤى تجاه القضايا المختلفة إقليميا ودوليا، وأكد فيه الوزير الألمانى أهمية العلاقة الثنائية مع مصر والتطورات الإيجابية التى تشهدها، واتفق مع شكرى على إيجاد وسائل وآليات جديدة لتفعيل هذه العلاقات أيضا من خلال الاتحاد الأوروبي. وخلال اللقاء وعد شتاينماير شكرى بزيارة مصر فى شهر مايو المقبل. ورغم أن أنجيلا ميركل لن تتمكن من المشاركة فى مؤتمر الاستثمار فى شرم الشيخ الشهر المقبل، نظرا لارتباطها بمواعيد تتعلق بالميزانية الألمانية وأمور تشريعية أخري، إلا أن شتاينماير تعهد بأن يكون التمثيل الألمانى فى هذا المؤتمر على مستوى رفيع، وأن يضم من قطاع الأعمال الألمانى الشركات المهمة العاملة فى مصر وتلك التى ترغب فى استكشاف العمل فى مصر. فضلا عن هذا اللقاء المهم فإن تنسيقا أمنيا يتم حاليا لتطوير التعاون الأمنى مع القاهرة فى مجال مواجهة الإرهاب المشترك، الذى يمثله حاليا تنظيم داعش وروافده المختلفة. وتدرس الحكومة الألمانية حاليا كيفية تلبية مطالب مصر من الأسلحة التى يمكن استخدامها فى الحرب ضد الإرهاب، دون أن تكون هناك عقبات تشريعية فى ألمانيا تحول دون الموافقة عليها.
وتؤكد رسائل الإدانة والتضامن غير المسبوقة من أبرز المسئولين فى الدولة الألمانية مع مصر بعد الحادث البشع الذى تعرض له الأقباط المصريون فى ليبيا، أن مصر وألمانيا تقفان فى قارب واحد الآن فى مواجهة الإرهاب. هذا ما أكده الرئيس الألمانىيواخيم جاوك فى رسالته للرئيس السيسى والتى عبر فيها عن صدمته البالغة من هذا العمل البربرى الذى أثر فيه بشدة، وشدد جاوك على أهمية الوقوف معا، والتضامن فى الحرب ضد هؤلاء الإرهابيين. المستشارة الألمانية أيضا خاطبت السيسى وعبرت له عن عزائها وصدمتها من هذا العمل البربرى وتضامنها مع لشعب المصري، وأكدت ضرورة مواجهة التكاتف فى مواجهة الإرهابيين. نفس الشيء جاء على لسان وزير الخارجية شتاينماير، الذى وعد نظيره المصرى بتقديم كل الدعم والمساندة المطلوبة لمصرفى حربها ضد الإرهاب. كذلك عبر عدد كبير من أبرز السياسيين هنا، فى مقدمتهم رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحى الديمقراطي، عن ضرورة تشكيل تحالف جديد لمواجهة خطر داعش فى ليبيا.
الاهرام
بعد الموافقة على صفقة غواصات جديدة..
تعهـدات ألمانيـة بدعم مصـر فى حربها ضـد الإرهاب