لم تكن مصادفة أن يخص أهل القدس المغاربة دون سواهم بإطلاق اسمهم على حي ملاصق للحرم الشريف في بيت المقدس ، ولم يكن من باب المجاملة السياسية أن يطلق اسمنا على واحد من أهم أبواب الحرم السبعة ، ولعله الأهم ، وكيف لا وقد كان يسمى أيضا "باب النبي" حيث اختاره الرسول المعظم ليعبر منه إلى الحرم المقدسي في إسراءه ومعراجه .
كانت القدس عبر التاريخ مقصدا للمغاربة و محطا لشوقهم و رحالهم واهتمامهم ، متأثرين بمكانتها الدينية المعروفة ، وبما ورد عنها وفيها من آيات قرآنية عديدة ، وأحاديث نبوية كحديث عبد الله بن عمر " من مات مقيما محتسبا في بيت المقدس فكأنما مات في السماء " ، غدت منذ دخل الإسلام المغرب مقاما للكثيرين من العلماء والوجوه والزهاد والصوفيين المغاربة الذين فرضوا وجودهم ومكانتهم على المكان ، بل غدت المدينة أرضا يصبوا الكثيرون منهم إلى العيش فيها لمجاورة الحرم الشريف بقية عمرهم إلى أن يلقوا وجه بارئهم فيدفنوا فيها. وإذا كان يتعذر حصرهم أو الإلمام بهم جميعهم فمن المفيد أن يشار إلى بعضهم ، كسيدي صالح حرازم الذي توفي في فاس أواسط القرن السادس ، والشيخ المقري التلمساني صاحب كتاب نفح الطيب . و أبو حمد عبد الله بن الوليد الأنصاري (ت 386 هـ ) وكان إمام المالكية في عصره وقد قضى بقية عمره فيها بانتظار أن يدفن في ثراها والشيخ القدوة خليفة بن مسعود المغربي المالكي ( ت 784 هـ ) وهو واحد من أعلام الصوفية المغاربة وعرفت طريقته بالطريقة الشيبانية ، وقد نال مرتبة كبيرة وتبجيلا لدى أهل المدينة وغدا مقصدا للزائرين . كما حل بها الصوفي المعروف أبو العباس احمد المرسي الذي أتاها بعد أن عرج في طريقه على الاسكندرية ونشر فيها طريقته . وأبو مدين شعيب بن الحسين ( ت594 هـ ) وكان معلم الصوفي الشهير ابن عربي والذي أقام أحفاده لهم زاوية قرب باب السلسلة من الحرم القدسي .
ويقدر المؤرحون أن بداية إقامة المغاربة ببيت المقدس تعود إلى عام 909 ميلادية الموافق 296 هـ .
لم يكن الدافع الوحيد الذي أتى بأجدادنا المغاربة إلى القدس مجاورة الأقصى ، أو مكانتها الدينية أو الحج إليها استكمالا لحجهم إلى الأراضي المقدسة في الحجاز ، أملا في أن يكون الأجر أعظم والمثوبة أتم ، لم تكن تلك الأسباب فحسب دافعهم للتوجه إلى بيت المقدس بل كان هناك دافع عظيم آخر هو الجهاد في سبيل الله والدفاع عن المدينة والذود عنها خلال الحروب الصليبية ، وقد تطوع الكثيرون من المغاربة ، والتحقوا بجيوش نور الدين وأبلوا من البلاء الحسن ما رفع مكانتهم وسما بها ، واستمروا على عهدهم في زمن صلاح الدين الأيوبي إلى أن اكتمل النصر وتم تحرير القدس من الصليبيين .
اختار المغاربة ، بعد تحرير المدينة ، أقرب مكان من المسجد الأقصى ليستقروا فيه ، وكان في الركن الجنوبي الغربي لحائط الحرم الشريف .. وعرفانا منه بدورهم وبلائهم الحسن في تحرير المدينة أوقف الملك الأفضل ابن صلاح الدين الأيوبي هذه البقعة عليهم سنة 1193 ميلادية ، وهي ذات السنة التي أسلم فيها صلاح الدين الأيوبي روحه إلى بارئها بعد أن اشتد مرضه وكان قد مضى من السنين خمس على فتح المدينة . أسمي ذلك الحي الذي تمركز فيه المغاربة وأوقف عليهم ب "حي المغاربة" ، وكان يضم بين جنباته ،إلى جانب المنازل ، مرافق عديدة لخدمة آهليه ، ومدرسة بناها لهم الملك الأفضل سميت "المدرسة الأفضلية" نسبة إليه ، وقد عملوا مذ ذاك على صيانة وحراسة حائط البراق ( الذي تحول اسمه في عهد الاحتلال الصهيوني إلى حائط المبكى ) كما عملوا على تنمية وقفهم واقتناء عقارات جديدة مجاورة ، وحبسها صدقات جارية ، ولعل من أشهر من قاموا بذلك العالم أبو مدين شعيب تلميذ الشيخ سيدي صالح حرازم الذي حبس مكانين كانا رهن تصرفه ، احدهما قرية لا تزال موجودة إلى يومنا هذا واسمها عين كارم بضواحي القدس ، والآخر إيوان ويقع داخل المدينة العتيقة ويحده شرقا حائط البراق . وقد ظلت تلك الأوقاف محفوظة محط احترام أهلها واهتمام كل من أنيط به حكم تلك البلاد حتى اجتاحها الصهاينة عام 1967 وأرادوا أن يعجلوا بالانتقام من تلك الجالية التي لم تتوانا يوما عن حماية تلك المقدسات ، فما أن دخلوا القدس في 5 يونيو حتى أقدموا في العاشر منه على طرد آهلي حي المغاربة ليهدموه بالكامل ، ويسووه بالأرض ، وكان به 140 منزلا سكنيا . وتحول منذ ذلك التاريخ إلى ساحة يدنسونها بأقدامهم كل يوم تقابل حائط البراق الذي يدعون قدسيته في ديانتهم . وقد بلغت بهم العجلة في إتمام الهدم أن هدموا منازل عديدة على من فيها من مسنين وعجزة تعذر عليهم إخلاؤها في الحيز الزمني الضيق الذي أعطي لهم . وقد هدم مع الحي جامع البراق وجامع المغاربة والمدرسة الأفضلية وزاوية أبي مدين والزاوية الفخرية ومقام الشيخ .
هكذا ، خلال أيام معدودة أزالت إسرائيل تاريخا امتد ثمانية قرون ، شهد على تعلق أهلنا ومحبتهم لبيت المقدس الذي هبوا في يوم للدفاع عنه ولنصرته ضد الصليبيين ، فقدر لهم جميلهم وحفظه لهم واحتفى بهم إلى أن جاء تتار العصر فلم يتركوا من آثارهم سوى باب المغاربة الذي بدأوا مؤخرا في التحرش به وفي النيل منه أمام صمت يكاد يكون مطبقا من المسلمين أجمعين ، إلا من استحيى فنطق بكلمات خجولة إن كان لها معنى فمعناها الوحيد أننا قوم مستضعفون لا حول لنا ولا قوة ؟؟؟
وكم نتمنى ، وكم كان حريا بالمغرب أن يقف موقفا رائدا مما يجري اليوم ، لا يقل عن موقفه الرائد إبان الحرب الصليبية ، وان يتعالى عن بيانات الاستنكار والاستهجان التي قابلتها إسرائيل باستخفاف ما بعده استخفاف ؟؟؟ فيتخذ خطوات فاعلة تنقذ ما تبقى من شرف هذه الأمة التي تهان كل يوم دون أن يتحرك ساكن لمن هم على امتداد هذا العالم المدعو "إسلامي"
[وإذا كان الكيان الصهيوني نجح ، أمام التخاذل الإسلامي العربي ، في أن يزيل معالم عز تشهد على تاريخ ثمانية قرون ، فالخوف أن ينجح اليوم أو غدا في أن يمحو من القلوب والعقول ذلك التعلق وتلك الغيرة والمحبة لهذه المدينة ومقدساتها بعد أن باتت إهانة المقدسات عادة استمرأها الكثيرون منا؟؟؟؟؟
كانت القدس عبر التاريخ مقصدا للمغاربة و محطا لشوقهم و رحالهم واهتمامهم ، متأثرين بمكانتها الدينية المعروفة ، وبما ورد عنها وفيها من آيات قرآنية عديدة ، وأحاديث نبوية كحديث عبد الله بن عمر " من مات مقيما محتسبا في بيت المقدس فكأنما مات في السماء " ، غدت منذ دخل الإسلام المغرب مقاما للكثيرين من العلماء والوجوه والزهاد والصوفيين المغاربة الذين فرضوا وجودهم ومكانتهم على المكان ، بل غدت المدينة أرضا يصبوا الكثيرون منهم إلى العيش فيها لمجاورة الحرم الشريف بقية عمرهم إلى أن يلقوا وجه بارئهم فيدفنوا فيها. وإذا كان يتعذر حصرهم أو الإلمام بهم جميعهم فمن المفيد أن يشار إلى بعضهم ، كسيدي صالح حرازم الذي توفي في فاس أواسط القرن السادس ، والشيخ المقري التلمساني صاحب كتاب نفح الطيب . و أبو حمد عبد الله بن الوليد الأنصاري (ت 386 هـ ) وكان إمام المالكية في عصره وقد قضى بقية عمره فيها بانتظار أن يدفن في ثراها والشيخ القدوة خليفة بن مسعود المغربي المالكي ( ت 784 هـ ) وهو واحد من أعلام الصوفية المغاربة وعرفت طريقته بالطريقة الشيبانية ، وقد نال مرتبة كبيرة وتبجيلا لدى أهل المدينة وغدا مقصدا للزائرين . كما حل بها الصوفي المعروف أبو العباس احمد المرسي الذي أتاها بعد أن عرج في طريقه على الاسكندرية ونشر فيها طريقته . وأبو مدين شعيب بن الحسين ( ت594 هـ ) وكان معلم الصوفي الشهير ابن عربي والذي أقام أحفاده لهم زاوية قرب باب السلسلة من الحرم القدسي .
ويقدر المؤرحون أن بداية إقامة المغاربة ببيت المقدس تعود إلى عام 909 ميلادية الموافق 296 هـ .
لم يكن الدافع الوحيد الذي أتى بأجدادنا المغاربة إلى القدس مجاورة الأقصى ، أو مكانتها الدينية أو الحج إليها استكمالا لحجهم إلى الأراضي المقدسة في الحجاز ، أملا في أن يكون الأجر أعظم والمثوبة أتم ، لم تكن تلك الأسباب فحسب دافعهم للتوجه إلى بيت المقدس بل كان هناك دافع عظيم آخر هو الجهاد في سبيل الله والدفاع عن المدينة والذود عنها خلال الحروب الصليبية ، وقد تطوع الكثيرون من المغاربة ، والتحقوا بجيوش نور الدين وأبلوا من البلاء الحسن ما رفع مكانتهم وسما بها ، واستمروا على عهدهم في زمن صلاح الدين الأيوبي إلى أن اكتمل النصر وتم تحرير القدس من الصليبيين .
اختار المغاربة ، بعد تحرير المدينة ، أقرب مكان من المسجد الأقصى ليستقروا فيه ، وكان في الركن الجنوبي الغربي لحائط الحرم الشريف .. وعرفانا منه بدورهم وبلائهم الحسن في تحرير المدينة أوقف الملك الأفضل ابن صلاح الدين الأيوبي هذه البقعة عليهم سنة 1193 ميلادية ، وهي ذات السنة التي أسلم فيها صلاح الدين الأيوبي روحه إلى بارئها بعد أن اشتد مرضه وكان قد مضى من السنين خمس على فتح المدينة . أسمي ذلك الحي الذي تمركز فيه المغاربة وأوقف عليهم ب "حي المغاربة" ، وكان يضم بين جنباته ،إلى جانب المنازل ، مرافق عديدة لخدمة آهليه ، ومدرسة بناها لهم الملك الأفضل سميت "المدرسة الأفضلية" نسبة إليه ، وقد عملوا مذ ذاك على صيانة وحراسة حائط البراق ( الذي تحول اسمه في عهد الاحتلال الصهيوني إلى حائط المبكى ) كما عملوا على تنمية وقفهم واقتناء عقارات جديدة مجاورة ، وحبسها صدقات جارية ، ولعل من أشهر من قاموا بذلك العالم أبو مدين شعيب تلميذ الشيخ سيدي صالح حرازم الذي حبس مكانين كانا رهن تصرفه ، احدهما قرية لا تزال موجودة إلى يومنا هذا واسمها عين كارم بضواحي القدس ، والآخر إيوان ويقع داخل المدينة العتيقة ويحده شرقا حائط البراق . وقد ظلت تلك الأوقاف محفوظة محط احترام أهلها واهتمام كل من أنيط به حكم تلك البلاد حتى اجتاحها الصهاينة عام 1967 وأرادوا أن يعجلوا بالانتقام من تلك الجالية التي لم تتوانا يوما عن حماية تلك المقدسات ، فما أن دخلوا القدس في 5 يونيو حتى أقدموا في العاشر منه على طرد آهلي حي المغاربة ليهدموه بالكامل ، ويسووه بالأرض ، وكان به 140 منزلا سكنيا . وتحول منذ ذلك التاريخ إلى ساحة يدنسونها بأقدامهم كل يوم تقابل حائط البراق الذي يدعون قدسيته في ديانتهم . وقد بلغت بهم العجلة في إتمام الهدم أن هدموا منازل عديدة على من فيها من مسنين وعجزة تعذر عليهم إخلاؤها في الحيز الزمني الضيق الذي أعطي لهم . وقد هدم مع الحي جامع البراق وجامع المغاربة والمدرسة الأفضلية وزاوية أبي مدين والزاوية الفخرية ومقام الشيخ .
هكذا ، خلال أيام معدودة أزالت إسرائيل تاريخا امتد ثمانية قرون ، شهد على تعلق أهلنا ومحبتهم لبيت المقدس الذي هبوا في يوم للدفاع عنه ولنصرته ضد الصليبيين ، فقدر لهم جميلهم وحفظه لهم واحتفى بهم إلى أن جاء تتار العصر فلم يتركوا من آثارهم سوى باب المغاربة الذي بدأوا مؤخرا في التحرش به وفي النيل منه أمام صمت يكاد يكون مطبقا من المسلمين أجمعين ، إلا من استحيى فنطق بكلمات خجولة إن كان لها معنى فمعناها الوحيد أننا قوم مستضعفون لا حول لنا ولا قوة ؟؟؟
وكم نتمنى ، وكم كان حريا بالمغرب أن يقف موقفا رائدا مما يجري اليوم ، لا يقل عن موقفه الرائد إبان الحرب الصليبية ، وان يتعالى عن بيانات الاستنكار والاستهجان التي قابلتها إسرائيل باستخفاف ما بعده استخفاف ؟؟؟ فيتخذ خطوات فاعلة تنقذ ما تبقى من شرف هذه الأمة التي تهان كل يوم دون أن يتحرك ساكن لمن هم على امتداد هذا العالم المدعو "إسلامي"
[وإذا كان الكيان الصهيوني نجح ، أمام التخاذل الإسلامي العربي ، في أن يزيل معالم عز تشهد على تاريخ ثمانية قرون ، فالخوف أن ينجح اليوم أو غدا في أن يمحو من القلوب والعقول ذلك التعلق وتلك الغيرة والمحبة لهذه المدينة ومقدساتها بعد أن باتت إهانة المقدسات عادة استمرأها الكثيرون منا؟؟؟؟؟
التعديل الأخير: