اختراق دبلوماسي سعودي يعيد الحرارة إلى خط القاهرة ــ الدوحة
الطريق بات مفتوحا أمام تأسيس جبهة إقليمية واسعة لمواجهة التحديات والتوترات الأمنية التي تمر بها المنطقة.
العرب [نُشر في 22/12/2014، العدد: 9776، ص(3)]
مثل هذا اللقاء كان قبل أشهر أمرا مستبعدا
لندن - ما حدث من مصالحة قطرية مصرية، حسب المراقبين، جزء من عمل استراتيجي أشمل تتزعمه السعودية ودولة الإمارات ويهدف إلى تأسيس جبهة واسعة تمتد من الخليج إلى مصر عبر الأردن وتهدف إلى مواجهة التحديات بشكل جماعي.
أثمرت الجهود السعودية عن وضع حد للخلافات بين مصر وقطر، منهية حقبة تعتبر الأسوأ في علاقات البلدين، وامتدت منذ سقوط جماعة الإخوان المسلمين من حكم مصر في صيف سنة 2013، وأثّرت بشكل واضح على تعاون البلدين، وجعلت قطر التي رفضت آنذاك الاعتراف بتلك النقلة السياسية، خارج التوجّه الخليجي العام نحو دعم مصر في تجاوز مرحلتها الصعبة والتغلّب على تحدياتها الأمنية والاقتصادية على وجه الخصوص.
وجاء اللقاء الذي كان جمع السبت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني مبعوث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بحضور خالد التويجري رئيس الديوان الملكي السعودي السكرتير الخاص للملك عبدالله بن عبدالعزيز، ليتوّج جهودا حثيثة قادتها السعودية منذ مدّة لإعادة الحرارة إلى خطّ القاهرة – الدوحة.
وفي إشارة إلى ما أولته الرياض من أهمية للمصالحة القطرية المصرية قال التويجري في ختام لقائه والمبعوث القطري بالرئيس السيسي، إن الملك عبدالله بن عبدالعزيز تابع كل خطوة من المفاوضات، واصفا اللقاء الثلاثي المصري القطري السعودي بأنه لم يكن مجرّد لقاء مجاملة بل كانت هناك نتائج وخطوات عملية، ومشيرا إلى أنّ الهدف هو تحقيق تكامل والوصول إلى علاقات واثقة في كل المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو غيرها من المجالات الأخرى.
ووصف مراقبون ما حدث من مصالحة مصرية قطرية بالاختراق الدبلوماسي مؤكّدين أنه لا ينفصل عن المصالحة التي تمت أخيرا داخل منظومة مجلس التعاون بحدّ ذاتها، وأنهت ما كان قائما من خلافات بين الإمارات والسعودية والبحرين، من جهة، مع قطر من جهة مقابلة، مشيرين إلى أنها جزء من عمل استراتيجي أشمل تتزعمه السعودية ودولة الإمارات ويهدف إلى تأسيس جبهة واسعة تمتد من الخليج إلى مصر عبر الأردن وتهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية بشكل جماعي والتصدي للأطماع الإقليمية في المنطقة.
وقالت مصادر إن الحاجة العاجلة لاستكمال تأسيس تلك الجبهة اعتبارا لضغط الأحداث وسرعة المتغيرات في المنطقة، ستجعل العلاقة المصرية القطرية تشهد في أمد منظور انتقالا سريعا من البرود إلى التعاون الفعّال،
متوقّعة أن تبادر الدوحة في أمد قريب بتقديم دعم للاقتصاد المصري كتأكيد لحسن النوايا.
وبشأن بعض تفاصيل ما دار خلال اللقاء الثلاثي بين الرئيس المصري والمبعوثين القطري والسعودي، قالت مصادر مصرية مطلعة لـ“العرب”
إن مبعوث أمير قطر تعهد بحضور رئيس الديوان الملكي السعودي خالد التويجري بتعديل السياسة الإعلامية لقناة الجزيرة والإعلام القطري تجاه القضايا المصرية.
وبدا واضحا أن مساعي إصلاح العلاقات بين مصر وقطر أخذت في الاعتبار الحد من تأثير الإعلام على تلك العلاقات، حيث تضمن البيان الصادر عن الديوان الملكي السعودي التنصيص على “إزالة ما يشوب العلاقات بين الشقيقتين جمهورية مصر العربية ودولة قطر في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات، وخاصة ما تبثه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة المرتبطة بالدولتين”.
كما أكّدت ذات المصادر التي تحدّثت لـ“العرب” المعلومات التي
رشحت بشأن استضافة الرياض قريبا قمّة يحضرها الرئيس السيسي والأمير تميم برعاية الملك عبدالله بن عبد العزيز، موضّحة أن موعدها سيكون بعد عودة الرئيس المصري من زيارته للصين التي تبدأ غدا الثلاثاء.
كما أيدت المصادر المعلومات التي حصلت عليها “العرب” بشأن قيام السعودية بدور “الضامن للثقة” في تحسن العلاقات القطرية المصرية وعدم خضوعها لأية مناورات سياسية.
وتعليقا على نجاح جهود إنهاء الخلافات المصرية القطرية قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبدالعزيز، هاني يزن في اتصال مع “العرب” إن “السعودية استطاعت أن تفعّل دبلوماسيتها لما يخدم الأمّة العربية وتجاوز خلافاتها وسط تحديات إقليمية وتصاعد التيارات المتطرفة وأزمات الحرب الباردة الجديدة”.
وأكّد أيضا أن جهودا سعودية إماراتية نجحت في إشاعة مزاج جديد في المنطقة فتح الطريق لتجاوز الخلافات ولبناء هيكل جديد في ظل عدم وجود أية منظمات إقليمية تستطيع توحيد الصفوف في مواجهة المخاطر والأطماع الإقليمية.
من جانبهم أكّد خبراء سياسيون تحدثوا لـ“العرب” من القاهرة أن الرياض سوف تتكفل بتذليل أي عقبات بين مصر وقطر من شأنها أن تتسبب في انتكاس جهود المصالحة.
وقال خالد فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، إنّ التحركات الأخيرة المتسارعة لتنقية الأجواء بين القاهرة والدوحة، خطوة إيجابية سيتم البناء عليها، في ظل التفاهم المصري الخليجي للتوافق مع قطر، مشددا على أن الدوحة ليست قناة الجزيرة فقط، وأن القمة المنتظر عقدها بالرياض ستحدد المزيد من التحركات العملية خاصة في مجال تغيير السياسة الإعلامية لقطر تجاه مصر، وعلى أساسها سوف يتبين، ما إذا كانت الدوحة ستقدم على خطوات كبيرة أم تلتزم التدرج في تغيير سياساتها تجاه مصر.
أما عبدالمنعـم المشاط أستاذ العلوم السياسية بجامعـة القاهـرة، فقد اعتبر في تصريح لصحيفة “العرب” أن التقارب المصري القطري، يحقق مصلحة عربية ضرورية في هذه المرحلة، وينهي الحرب الإعلامية الباردة التي أرخت بظلال سلبية على المنطقـة العربية.
ترحيب إماراتي بالمصالحة القطرية المصرية
أبوظبي - رحّبت دولة الإمارات بنجاح مبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز لرأب الصدع في العلاقات بين مصر وقطر و“فتح صفحة جديدة بين البلدين”، بحسب ما جاء أمس على لسان وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان.
وجاء هذا الموقف، بالتزامن مع تأكيد مراقبين أن الإمارات فاعل رئيسي في المصالحات الجارية التي تتعدى حدود بلدان الخليج إلى المنطقة ككل في إطار رؤية لتجميع الجهود بمواجهة تحديات المرحلة. وقال الوزير الإماراتي أمس في تصريح إن مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيكون لها تأثير إيجابي كبير في تعزيز التضامن بين الدول العربية جميعها وتشكل بداية لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك لترسيخ أواصر الأخوة والتعاون بينها بما يمكنها من الوقوف في وجه التحديات.
كما أثنى الشيخ عبدالله بن زايد على التجاوب القطري والمصري مع جهود الملك عبدالله بن عبدالعزيز.