تحذير من تداعيات انهيار أسعار النفط على الجزائر
ثار تراجع أسعار النفط مخاوف واسعة في الجزائر، ضاعف منها تبعية اقتصاد البلاد للنفط، وهو ما دفع سياسيين لدق ناقوس الخطر من أزمة تلوح بالأفق ما لم يتم التعاطي سريعا مع القضية.
وتشكل المحروقات 98% من الصادرات الجزائرية، وتساهم بنحو 60% من الدخل الوطني، ويُقلص انخفاض سعر البرميل إلى ستين دولارا موارد الجزائر المالية بنحو 50%، بحسب وزير الطاقة الجزائري السابق عبد المجيد عطار.
وتوقع عطار استمرار تراجع أسعار النفط، وقال للجزيرة نت إن سعر البرميل خلال عام 2015 سيتراوح بين سبعين وثمانين دولارا، وقد يرتفع إلى مائة بعد ثلاث أو أربع سنوات وليس قبل ذلك.
وفسّر عطار -وهو خبير في الطاقة- تراجع أسعار النفط بوجود فائض يزيد على مليوني برميل في السوق العالمية، بينها 600 ألف برميل من أوبك، والباقي من دول خارجها، إلى جانب ما يُثار عن حرب اقتصادية غير معلنة يشنها التحالف الأميركي الخليجي على إيران وروسيا بسبب الملف النووي الإيراني والحرب في سوريا وأوكرانيا.
وأضاف أنه "لا توجد أدلة على هذه الحرب، لأن مثل هذه الحروب أو المؤامرات تُدار بسرية".
وعما إذا كان الغاز يعوض خسائر الجزائر من عائدات النفط، قال عطار إن الغاز يُباع بعقود طويلة، ويرتكز سعره على سعر النفط، فعند تراجع أسعار النفط تنخفض أسعار الغاز بعد ثلاثة إلى ستة أشهر.
وأضاف أن على الجزائر بحلول عام 2030 أن تستخرج الغاز الصخري والنفط الصخري لنفاد الاحتياطي الحالي المؤكد والذي يُقدر بـ2.5 مليار طن من النفط السائل، و4500 مليار م3 من الغاز.
ناقوس الخطر
من جانبه وصف رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة تراجع أسعار النفط بـ"الزلزال الذي سيضرب المجتمع الجزائري"، كما في أزمة النفط 1986، حين عجزت الدولة آنذاك عن تلبية الاحتياجات الضرورية فتفجرت انتفاضة 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988.
وتفاديا لوضع مماثل، طرح مناصرة -في ندوة هي الأولى من نوعها حول تداعيات تراجع أسعار النفط نظمتها الجبهة- مبادرة، دعا فيها الحكومة إلى حوار جامع مع المعارضة يتناول كافة الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، "كي نخرج بخارطة طريق فيها دستور توافقي، وحكومة وحدة وطنية، وانتخابات تشريعية ومحلية ورئاسية مبكرة، وإصلاحات سياسية واقتصادية ومصالحة وطنية".
وردا على سؤال للجزيرة نت عن ما إن كانت السلطة ستستجيب للمبادرة، وقد تجاهلت من قبل مبادرات المعارضة؟ قال مناصرة "حتى لا نكرر أزمة الثمانينيات فلا خيار للسلطة إلا الحوار مع المعارضة لإيجاد حل، لأن الغضب الشعبي يقود إلى الفوضى، ومع الأوضاع المشتعلة المحيطة بالجزائر لا ندري أين سنصل، لذا الحوار والعقلانية اختيارنا لتحول ديمقراطي حقيقي".
وأضاف أن "هذا الخيار ممكن الآن، ولكن إذا انفلتت الأوضاع فلن يبقى أي خيار، فسياسة شراء السلم الاجتماعي انتهت مع انهيار أسعار النفط".
بريش: تراجع أسعار النفط قد يُجبر الحكومة على تقليص الميزانية وتخفيض الرواتب
نتائج سلبية
ويرى الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش أن تراجع أسعار النفط قد يُجبر الحكومة على تقليص ميزانية التسيير، وتخفيض الرواتب، ورفع الدعم عن المواد الاستهلاكية الأساسية، ما قد يؤدي إلى غضب شعبي كبير في الأجل القريب.
وأضاف للجزيرة نت أن المخرج الوحيد من الأزمة هو "تنويع الاقتصاد الجزائري بالزراعة والصناعة والخدمات والسياحة وقطاعات أخرى، ليصبح اقتصادا منتجا".
بدورها انتقدت حركة النهضة السلطة لأنها لم تعمل على تنويع الاقتصاد الجزائري، الذي ما زال تابعا للمحروقات منذ الاستقلال، والأخطر -كما قال للجزيرة نت القيادي محمد حديبي- إن الحكومة ربطت ميزانية التسيير بالجباية البترولية بدلا من الجباية العادية، وهو ما يجعل الدولة عاجزة عن دفع مرتبات مليوني موظف إذا استمر تراجع أسعار النفط.
أما رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي فقال للجزيرة نت إن "المخاوف ليست فقط بتدهور القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع الأسعار، بل بالاستمرار في تسيير فاشل وسياسة الريع النفطي وشراء السلم الاجتماعي، وهذا سوف يهدد استقلالية القرار السياسي ويخضعه للابتزاز الغربي".
قطب قوى التغيير هو الآخر انتقد سياسة السلطة الاقتصادية، قائلا إنها "كرست سياسة الاستهلاك، وانتشار الفساد، ونهب ثروات البلاد في غياب مؤسسات الدولة لأنها غير منتخبة".
وفي بيان -تلقت الجزيرة نسخة منه- أكد أن "شغور السلطة أضاع فرصة بناء اقتصاد منتج بالوفرة المالية التي تزيد عن مائتي مليار دولار".
المصدر : الجزيرة