ذهب ألمانيا يعود إلى الوطن
أشارت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى بدء المصرفيين الألمان باتخاذ إجراءات عملية تحسبا لاشتداد الاهتزازات في الأسواق المالية العالمية.
جاء في المقال:
بدأ البنك الفدرالي الألماني تجميع الذهب الألماني على أرض وطنه. وقد أعاد حتى الآن 48% من احتياطي الذهب إلى ألمانيا، ووضعها في خزائن البنك في فرانكفورت، وتبلغ هذه الكمية 1619 طنا. وحتى عام 2020، يعتزم البنك الفدرالي الألماني إعادة نصف احتياطي البلاد من الذهب إلى ألمانيا (يبلغ إجمالي احتياطي الذهب الألماني 3378 طنا).
وكما ذكرت صحيفة "تسايت"، التي تصدر في هامبورغ، فإن البنك استعاد من الولايات المتحدة وباريس 216 طنا من احتياطيه من المعدن الأصفر خلال العام الماضي. وقال رئيس إدارة البنك لودفيغ تيلي إن ألمانيا بحلول نهاية عام 2017 لا تنوي الابقاء على احتياطيها من الذهب مخزونا في الدول الأخرى. وأشارت الصحيفة إلى أن ألمانيا و"لأسباب تاريخية" وضعت ذهبها الخاص في مجلس الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، وفي باريس – "بنك فرنسا"، وفي لندن - "بنك إنجلترا".
ولفهم ما تعني هذه "الظروف التاريخية"، فمن المنطقي توجيه القارئ إلى كتاب الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية في ألمانيا الغربية غيرد–هيلموت كوموس، والذي حمل عنوان "الخريطة الألمانية"، حيث ذكر أن الدول، التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية، وحتى بعد مضي 60 عاما على انتهائها، تفضل الاحتفاظ بوضعيتها المجتمعة، ولا تسمح بانضمام ألمانيا إليها، والتي أرادت (على تخوم الألفين الحصول على مقعد دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي).
ووفقا لرأي هيلموت كوموس، لم يحصل "إنهاء سلمي شكلي" للحرب الثانية العالمية. وأن هذا يعني أن "جيوش الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، تستطيع اجتياح ألمانيا مرة أخرى، في حال شعورها بانتهاج ألمانيا "سلوكا غير صحيح".
بكلمات أخرى: ألمانيا لا تمتلك السيادة التامة والاستقلال الكامل، وهذا تحديدا ما يفسر مسألة الاحتفاظ بمخزونها من الذهب حتى وقت قريب في أقبية عواصم ثلاث دول غربية كبرى من المنتصرة في الحرب العالمية الثانية.
ومهما كان عليه الحال، وحتى بعد الحصول على موافقة الولايات المتحدة بشأن إعادة بريطانيا وفرنسا الذهب المخزون في عواصمهما إلى مالكه الألماني، فإن نصف احتياطي الذهب الالماني يبقى مغلقا عليه في مستودعات الولايات المتحدة، لضمان "حسن السلوك الألماني" في المستقبل، كما يفترض بعضٌ.
وتؤكد الصحيفة أن الإجراءات، التي لجأ إليها البنك الفدرالي الألماني، ترتبط بتحسبه لاحتمال نشوب أزمة مالية–عالمية باتت تلوح معالمها في الأفق.
هذا، وعلى الرغم من أن قرار جمع الذهب الألماني على أرض وطنه قد تم اتخاذه قبل أن يدخل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لكن الازمة المالية العالمية آنذاك، كان ممكنا رؤية شيء من معالمها المقبلة.
ومن الجدير بالملاحظة أن الرئيس الأمريكي الجديد ينوي التخفيف من عبء القيود، التي فرضتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على مسار العمليات البنكية (يدور الحديث هنا عن إلغاء قانون "دود – فرانك" الذي يقيد إمكانية المضاربة للقطاع المصرفي). ولكن أيضا، من المحتمل أن يؤدي هذا إلى نشوء فقاعة مالية جديدة، سيثير انفجارها هزة قوية لكل النظام المصرفي العالمي.
المصدر