بلغ عدد أعضائه حتى الآن أكثر من 30 دولة بينها 5 دول عربية
صفعة لواشنطن: لاجارد تدعم المصرف الآسيوي للاستثمار
مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد خلال حضورها أمس مراسم افتتاح منتدى التنمية المنعقد في بكين حاليا. «رويترز»
هشام محمود من لندن
ضربة موجعة تلقتها الولايات المتحدة من أقرب حلفائها ومن تدافع عنهم، حيث أعربت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد عن "سعادتها" للتعاون مع المصرف الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تقوده الصين، وقالت إن هناك "إمكانية ضخمة" للتعاون بين الجانبين.
تصريح مديرة الصندوق خلال أعمال مؤتمر في بكين أمس، يتناقض تماما مع جهود الإدارة الأمريكية لعرقلة انضمام مزيد من البلدان لعضوية المصرف الصيني، الذي تعتبره واشنطن تهديدا لهيمنة البنك الدولي على تمويل استثمارات البنية التحتية خاصة في البلدان الآسيوية.
وإذ بلغ عدد الدول الأعضاء حاليا في المصرف الجديد أكثر من 30 دولة، من بينها عدد من الدول العربية في مقدمتها الأردن والكويت وعمان وقطر، فإن وزير المالية الصيني قال إن السعودية ستشارك في عضوية المصرف أيضا، وإن التوقعات تشير إلى بلوغ العضوية 35 دولة بحلول الموعد النهائي لقبول الطلبات في 31 آذار (مارس) الجاري
وطرحت الصين في تشرين الأول (أكتوبر) 2013 مبادرة إنشاء المصرف، وفي العام التالي وقبيل اجتماع قادة منتدى أبيك في بكين، وقعت مذكرة التفاهم الخاص بإنشائه، برأسمال 50 مليار دولار، ما أثار مخاوف واشنطن من أن يكون بداية لسحب البساط من البنك الدولي الذي تتمتع فيه الولايات المتحدة بالقول الفصل فيما يتعلق بقرارات الإقراض والاستثمار.
وتحتاج قارة آسيا إلى استثمارات تقدر بنحو ثمانية تريليونات دولار بين 2010 و2020 لتأسيس بنية تحتية قادرة على الحفاظ على المستوى الراهن للنمو الاقتصادي.
وتسعى الصين للترويج إلى أن المصرف الجديد سيعمل على مواجهة الضغوط التمويلية لاحتياجات البنية التحتية في المنطقة خاصة في الاقتصادات الناشئة.
وتصاعدت حدة المخاوف الأمريكية في الآونة الأخيرة من المشروع الجديد، خاصة مع انضمام عدد من حلفائها الأوروبيين للمصرف وأبرزهم ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا ولكسومبورج.
ورغم أن ضغوط واشنطن على كوريا الجنوبية وأستراليا واليابان قد أفلحت في عدم تقدمها حتى الآن بطلب عضوية في المصرف إلا أن التصريحات الرسمية الصادرة من أستراليا وكوريا الجنوبية تشير إلى تغير موقفهما واستعدادهما للتقدم بطلب عضوية في المصرف الصيني.
وتبدو اليابان حتى الآن مترددة، وسط توقعات بأنها لن تستطيع البقاء وحيدة خارج المصرف خاصة مع انضمام حلفاء أمريكا الكبار إليه في أوروبا وآسيا.
وتبرر واشنطن موقفها الرسمي المعارض للمصرف الصيني، على أساس قلقها من طبيعة المعايير والقواعد التي سيضعها المصرف في عمليات الإقراض، ويعتبر المسؤولون في واشنطن أن بكين ستتبنى معاير متساهلة في عمليات إقراض البلدان الآسيوية، بهدف ضمان ولاء هذه البلدان في أي صراع بين بكين وواشنطن على مناطق النفوذ في آسيا.
واعتبر المحلل الاقتصادي جولي بفينز هذه المخاوف "مشروعة"، وقال لـ "الاقتصادية" إنه "إذا حدث إفراط في عمليات إقراض دون ضمانات قوية، فإن انهيار المصرف سيمثل أزمة اقتصادية حقيقية وستترك بصماتها على الاقتصاد الأمريكي أيضا، حيث إن آسيا من أكبر الأسواق المستهلكة للسلع الأمريكية".
وأضاف "من المشكوك أن تقوم الصين بهذا السلوك فوجود بلدان مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا في المصرف سيضمن وضع شروط مالية دقيقة للإقراض والالتزام بها، أما بالنسبة للخوف من شراء بكين ولاء الدول الآسيوية عبر القروض فهي تستطيع القيام به عبر القروض الثنائية وليس بالضرورة عبر المصرف".
ويعتبر العديد من الاقتصاديين أن الخطوة الصينية جاءت كرد فعل على التضيق الذي يمارسه الكونجرس عليها، ورفضه قبول القيام بعمليات إصلاح في البنك الدولي وصندوق النقد تأخذ في الحسبان تنامي القوة الاقتصادية للصين والاقتصادات الناشئة.
والقوة التصويتية للصين في صندوق النقد لا تتجاوز 4 في المائة بينما يظل لواشنطن نصيب الأسد إذ يبلغ 17 في المائة.
لكن لماذا يبدو الانتقاد الأمريكي للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية أكثر حدة وشراسة، بينما تتجاهل مشاريع مصرفية مماثلة وبرؤوس أموال أكبر؟
فالولايات المتحدة لم تعلق كثيرا على مساعي مجموعة بريكس التي تضم في عضويتها الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا على إنشاء مصرف برأسمال أولي يقدر بـ100 مليار دولار، وسيستثمر أيضا في مشاريع البنية الأساسية على أن يبدأ الإقراض في العام المقبل.
وقال لـ "الاقتصادية" مارتن آرثر الأستاذ المساعد في مدرسة لندن للأعمال "لا شك أن مجموعة البريكس لا يستهان بها، فمجلة إيكونوميست قالت إنه إذا تخلت الدول الأعضاء عن سدس احتياطياتها المالية فبمقدورها تأسيس مؤسسة مالية بحجم صندوق النقد الدولي".
وأضاف "من وجهة نظر واشنطن فإن القرار في مصرف مجموعة البريكس سيكون دائما محل تنازع، فهو مشروع بين شركاء متساوين، والخلاف المعرقل للمصرف أمر وارد".
وأشار إلى أن الصراع الذي حصل بين الهند والصين اشتعل حول من سيستضيف المقر الرئيسي للمصرف، والذي حظيت به الصين في نهاية المطاف.
أما بالنسبة للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية "فهو مشروع صيني من الألف إلى الياء" كما قال آرثر، والمشاركون بمن فيهم ألمانيا وبريطانيا هم "لاعبون ثانويون"، أما بكين فهي الموجه الأساسي لسياسات المصرف.
http://www.aleqt.com/2015/03/23/article_942390.html