مطلع العام 2021.. ونهايته
كانت جولة تصعيد كبيرة في حيس دشنتها المليشيات في مطلع العام الجاري بحيس وتجاه مركزها، وتدحرجت رؤوس حوثية من العيار الثقيل وخسرت المئات في جولات ضارية وشهيرة وثقتها الصور والفيديوهات، وكانت المليشيات تضمر وتعلن نيتها العودة إلى المدينة وتغيير معادلة الميدان، ومع نهاية العام كانت الكلمة للقوات المشتركة وهي تكتسح المليشيات وتحرر المناطق والمنافذ الحاكمة وحتى مفرق ومثلث العدين.
بداية 2021 وفي المناطق الجنوبية لمديرية حيس ضاعفت مليشيا الحوثي الإرهابية استهداف التجمعات السكانية والأهالي عبر ما تسميها "محاضرات تثقيفية" و"توعية" بمسيرة الدم والهدم المتذرعة بالثقافة القرآنية، وصولاً إلى الإلزام بحشد مقاتلين من أبناء المديرية، تحت ضغط النزيف البشري الذي تعانيه عبر كافة محاولاتها الميدانية والتصعيدية في ذات المديرية.
قالت مصادر محلية، إن المليشيات الحوثية تحاول الالتفاف على متوالية الفشل الذي تحصده كافة محاولاتها التصعيدية لإحداث أي تغيير في معادلة الانتشار والسيطرة واختراق خطوط التماس والمواقع المتقدمة في قطاع حيس جنوب الحديدة، وكثفت تحركاتها باتجاه التجمعات السكانية والقرى التي بقيت خاضعة لسيطرتها لإرغام الأهالي على القتال والدفع بأبنائهم للجبهة.
انتشرت عناصر المليشيات في قرى وتجمعات تخضع لسيطرتها جنوب مديرية حيس، خلال الأيام الأخيرة، واقتحمت مجالس القات وتجمعات الناس لنفيذ ما تسميها "التوعية بالمسيرة القرآنية".
لكن الأمور دائماً وكما حدث هذه المرة، أيضاً، آلت في نهاية المجالس بالدعوة إلى التجنيد وحشد الشباب للجبهة وخطوط القتال المشتعلة في المديرية وعلى الأطراف وفي الحدود الإدارية لمحافظة إب.
| تشتغل قوات الساحل في الأثناء على منطقة تماس ثلاث محافظات.. عودة إلى جغرافيا الالتفاف (الجراحي -حيس - جبل راس- العدين- شرعب)
وتتهم المليشيات أبناء القرى في حيس بمناصرة القوات المشتركة، وتحاول بشتى السُبل الزج بهم وأبنائهم في محرقة المواجهات والتخندق الإجباري.
وتركِّز وتوجِّه المليشيات الحوثية جزءاً كبيراً ومهماً من مجهودها العسكري والقتالي، بصورة خاصة باتجاه حيس، لأسباب واعتبارات عدة أعطت حيس أهمية مضاعفة من الناحيتين الجغرافية والعسكرية الاستراتيجية.
وتمثل حيس خط الإسناد والإمداد اللوجيستي الرئيس للقوات المشتركة وكتائب التحرير جهة الداخل والساحل.
وقال مصدر محلي للساحل الغربي، إن المليشيات ألزمت كل شيخ تجمع وقرية بإحظار ستة أفراد على الأقل، على أن يتم تجميع هؤلاء وإرسالهم لحضور دورة تدريبية في صنعاء وإعادتهم إلى حيس.
وكررت المليشيات الأساليب نفسها في التغرير واستدراج الشباب والمدنيين تحت الضغط والإلزام وعبر المشايخ والوجاهات، والإيهام بأن المجندين سيعودون حراسات أمنية لمناطقهم. وسبق وحدث الأمر نفسه في أرياف حيس وزبيد وبيت الفقيه ليعود أبناء القرى جثثاً أو أشلاءً.
مثلاً: 24 ساعة!
كمثال واحد على النشاط المكثف الذي تشهده جبهة حيس، والتركيز الحوثي المتواصل باتجاه المدينة والمديرية، تعطي وقائع 24 ساعة (عشية ونهار الجمعة 24 سبتمبر /أيلول 2020) صورة موجزة وتصوراً مكثَّفاً:
كسرت القوات المشتركة محاولتي تسلل للمليشيات الحوثية في قطاع مدينة حيس، وأوقعت في صفوفها قتلى وجرحى. وقال مصدر عسكري في حيس، إن وحدات القوات المشتركة المرابطة في الخطوط الأمامية من جهتي الشمال والشرق اشتبكت مع عناصر حوثية حاولت الاقتراب من مواقعها. جاء هذا غداة إحباط القوات المشتركة محاولة تسلل للحوثيين في ذات المديرية وكبدتهم خسائر فادحة.
احترق منزل مواطن، في منطقة دار ناجي بمديرية حيس، بنيران مليشيات الحوثي. وقال مصدر محلي في حيس، إن منزل المواطن (سليمان دوبله) الواقع في منطقة دار ناجي غرب حيس، احترق بنيران الأسلحة الرشاشة الحوثية بعد عمليات استهداف المليشيات للمنطقة.
أصيب طفل بجروح خطيرة، داخل منزله في مدينة حيس جنوب الحديدة، إثر استهداف مليشيات الحوثي على الأحياء السكنية في المدينة. وقال مصدر طبي في مستشفى الخوخة: إن الطفل عصام طالب محمد قاسم (8 سنوات) أصيب في الجهة اليسرى من الصدر برصاص الحوثيين في مدينة حيس، وحالته خطيرة جدًا. وتحدث أحد أقارب الطفل، بأنهم نازحون في مديرية حيس منذ ثلاث سنوات.
واصلت المليشيات الحوثية قصفها للأحياء السكنية في مركز مدينة حيس، وألحقت أضرارًا جسيمة بمنازل المواطنين. مصادر محلية في حيس قالت: إن المليشيات الحوثية قامت بقصف أحياء سكنية مأهولة بالسكان بقذائف الهاون الثقيلة عيار 120، وقذائف RBG، وفتحت نيران أسلحتها الرشاشة في الوقت نفسه. وأضافت المصادر إن قصف المليشيات سبب أضراراً جسيمة بعدد من منازل وممتلكات المواطنين بالإضافة إلى نفوق عدد من الحيوانات.
قصفت مليشيات الحوثي الأحياء السكنية في منطقة بيت مغاري التابعة لمديرية حيس. وأفاد مصدر محلي، أن الأحياء السكنية ومنازل المواطنين في منطقة بيت مغاري الواقعة شمال غرب حيس تعرضت لقصف مدفعي من عناصر مليشيات الحوثي. وأضاف، إن القصف كان بشكل هستيري وعشوائي وقد وتسبب بترويع الأهالي.
حسابات الجهة والجبهة: لماذا حيس؟
تركِّز وتوجِّه المليشيات الحوثية جزءاً كبيراً ومهماً من مجهودها العسكري والقتالي، بصورة خاصة باتجاه حيس، لأسباب واعتبارات عدة أعطت حيس أهمية مضاعفة من الناحيتين الجغرافية والعسكرية الاستراتيجية.
تشرف حيس على الخط الداخلي والطريق الرئيس الذي يربط بين تعز والحديدة ويمر بمفرق العدين الرابط مع إب.
وحيس هي البوابة الجنوبية للحديدة من جهة الداخل، إذا كانت الخوخة هي البوابة الساحلية. وحركة الخط الرئيس الواصل بين الحديدة وعدن يمر بحيس ومفرقها الحاكم.
وتتصل حيس جغرافياً وإدارياً بمديريتي التحيتا والخوخة الساحليتين جنوبي الحديدة.
كما أنها ترتبط وتتجاور، من جهتها الجنوبية والجنوبية الشرقية، مع مديريتي المخا الساحلية وموزع غربي تعز.
وتمثل حيس خط الإسناد والإمداد اللوجيستي الرئيس للقوات المشتركة وكتائب التحرير جهة الداخل والساحل.
تتواجد وتسيطر المليشيات الحوثية في جيوب ومناطق زراعية ومزارع وأراضٍ حوالي مدينة حيس، وتمارس من هناك عمليات القصف والاعتداءات اليومية ومحاولات التسلل والهجمات باستخدام تعزيزات وقوات مستقدمة باستمرار.
يوميات لاهبة
ومدينة حيس، والمديرية عامة، تُعتبر، للعوامل سالفة الذكر، الأكثر عرضة للمواجهة والاستهداف وتعاملاً مباشراً واشتباكاً مع يوميات التصعيد الحوثي على أكثر من اتجاه وعبر كافة محاور التماس وخطوط المواجهة المتقدمة.
وتمطر المليشيات بمختلف الأسلحة والقذائف الثقيلة والصاروخية أحياء ومساكن وأسواق وطرقات مدينة حيس بصفة عشوائية وبصورة شبه يومية، موقعة باستمرار ضحايا ومصابين في أوساط السكان والمدنيين، فضلاً عن الأضرار التي تلحق بالمنازل وبتجمعات النازحين.
تحتضن مدينة حيس أعداداً كبيرة من المواطنين والأهالي النازحين والفارين من قراهم الريفية بأرواحهم تحت التهديد والطرد والبطش الحوثي، حيث أخلت المليشيات الحوثية عشرات القرى من ساكنيها وهجَّرتهم وحولتها ومنازلهم إلى متاريس وخنادق ومواقع عسكرية.
زرعت وفخَّخت المليشيات القرى والمزارع والطرقات الداخلية في أرياف حيس والممرات المؤدية إلى المدينة بأعداد كبيرة من الألغام مختلفة الأحجام والأغراض وبالعبوات الناسفة المموهة والمعدلة، علاوة على المقذوفات المتفجّرة ومخلفات الموت الحوثية.
ولا يكاد يمر يوم واحد على حيس وأريافها ولا تسجل فيه جريمة جديدة في رصيد المليشيات بحق المدنيين من ضحايا الألغام والأجسام المتفجرة ومن بينها أدوات قاتلة زرعتها ونشرتها المليشيات على شكل ألعاب وقضى بها عدد من الأطفال وخلَّفت إصابات وإعاقات.
وفي الصّدد تدفع حيس من سكانها ومواطنيها ضحايا جرائم واستهدافات القناصة الحوثيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، من المزارعين والرعاة والحطّابين وحتى من المارة ومستخدمي الدراجات، وسجلت عشرات الجرائم البشعة بحق نساء ونازحين وأطفال برصاص القنص وعيارات القتلة الحوثيين، ومن بينها حالات لفتيات فقدن حياتهن عشية عرسهن ونساء حوامل.
استكمال التحرير
تحت هذه الظروف والحيثيات تحمل القوات المشتركة على عاتقها مسؤولية حماية وتأمين حيس ورد وصد الاعتداءات والحماقات الحوثية. وقد سجل الأبطال في جبهات حيس مآثرَ البطولة والفداء، وبذلوا الشهداء والجرحى خلال عشرات الجولات والمعارك الضارية والمواجهات الشرسة مع حشود وتسللات وهجمات المليشيات التي تكبدت خسائر فادحة في جبهات حيس وفشلت وتفشل باستمرار في تحقيق أي نتيجة أو اختراق تحت جنح اتفاق ستوكهولم ووقف إطلاق النار الزائف.
يؤكد أبطال وقادة القوات المشتركة في جبهة حيس على حتميّة إعلان إنهاء اتفاق ستوكهولم وإبطال سحر التغطية والتستُّر المبذول أممياً لمصلحة مليشيات الإرهاب والغدر ونقض العهود والمواثيق.
استكمال المهمة ومواصلة التحرير ودحر المليشيات هو هدف وتطلُّع كل واحد من المقاتلين الذين ينتظرون التوجيهات بمواصلة الزحف واجتثات بقايا المليشيات وتطهير الجيوب والبلدات والمديريات الأخرى في تهامة والساحل والحديدة.
.... وقد كان الوعد وفاءً وأنجزت القوات المشتركة التحرير بضرباتحاسمة وخلال عملية متواصلة حسمت الكثير وحررت الكثير من المناطق والسلاسل الجبلية الخاكمة خلال ثلاثة أيام والمجال مفتوح..