اليمن: عملية «عاصفة الحزم» تنجح في ضرب مكامن القوة العسكرية لدى تحالف (الحوثي/ صالح)
عدن -«القدس العربي»: ذكرت مصادر سياسية يمنية أن عملية التحالف العربي «عاصفة الحزم» بقيادة السعودية على التمرد الحوثي في اليمن حققت مكاسب كبيرة وفي مقدمتها النجاح والدقة في ضرب مكامن القوة العسكرية لدى التحالف الحوثي مع النظام السابق برئاسة علي صالح.
وأوضحت المصادر لـ«القدس العربي» «أن «عاصفة الحزم» رغم الآلام والمخاطر وحالات الرعب التي ألحقتها باليمنيين في المناطق التي استهدفتها الضربات الجوية إلا أنها حققت نتائج ايجابية على الصعيد العسكري في كسر شوكة الحوثيين وأتباع صالح».
وأشارت إلى أن «هذه العملية أعادت الأمل للوسط السياسي اليمني بإمكانية عودة الدولة إلى موقعها الطبيعي، واسترجاع الشرعية من خاطفيها بعد أن أجهز الحوثيون على كل مفاصل الدولة واجتاحوا أغلب المدن والمحافظات اليمنية الشمالية وحاليا الجنوبية».
وأضافت «طبعا لم يكن أحدا يقبل أن تصل الأمور في اليمن إلى هذا الحد من التدخل العسكري الخارجي وضرب المقومات العسكرية التي هي ملك البلد، ولكن نظرا لأن الأحداث الأخيرة كشفت ان بناء الجيش اليمني لم يكن على أساس وطني ولكن على أساس عائلي أو طائفي، بدليل هذا التواطؤ الواضح لقوات الجيش مع الزحف الحوثي وتمرده على قيادة الدولة الشرعية بل والتحول إلى موالاة الزعيم الطائفي، سواء صالح أو الحوثي». وبشكل عام يعتبر المؤيدون، وهم الأغلبية، لعملية «عاصفة الحزم» أنها «الخيار المر الذي لا بد منه» للخروج من الأزمة اليمنية الراهنة التي أطاحت بالدولة بقوة السلاح وسعت إلى فرض واقع جديد يقسم المجتمع إلى (سادة) و(أتباع) وخلقت نظام حكم طائفيا، يدمّر الطموحات الكبيرة التي أفرزتها مكاسب العقود الماضية من الحراك السياسي الساعي إلى دولة مدنية حديثة.
مشيرين إلى أن الغطاء الجوي الخارجي الدقيق كان ضرورة لحماية المقاومة الشعبية اليمنية التي تعمل على الأرض، لخلق نوع من التكافؤ العسكري في المواجهة، والتي لم تعد مقاومة تمثل طرفا سياسيا أو حزبا بعينه بقدر ما أصبحت تمثل الشارع وبالذات في الجنوب والذي ظهر جليا في عدن التي تخلّت عنها المكونات السياسية التقليدية وبرزت المقاومة الشعبية العادية بكل بساطتها في التسليح والأداء لتتصدر المشهد المقاوم للتمدد الحوثي الصالحي.
وفي المقابل يخوض الحوثيون وأتباع صالح هذه المعركة معا ويرون أن «عاصفة الحزم» تدخل أجنبي سافر ويعتبرون أن كل مؤيد لها في اليمن عميل وخائن، بل ومشارك في علميات القتل التي تطال اليمنيين.
وأظهرت التحركات العسكرية والتغطيات الإعلامية أن الحوثي وأتباع صالح يعملون في (خندق واحد)، لدرجة تماهت فيها الفوارق بينهما وأصبحا وكأنهما جسد واحد، عسكريا وإعلاميا وتجاوزا مسألة التحالف بين مكونين إلى قضية الاندماج والتوحد العضوي.
واعتبر التحالف الحوثي نفسه المدافع عن الأرض والعرض في اليمن ضد العدو الخارجي، الذي يصفونه بأقذع الأوصاف، ويعتبرون عملية «عاصفة الحزم» أمريكية صهيونية وليست عربية، وأنها تهدف إلى تدمير مقدرات الأمة وإضعاف القدرات الدفاعية اليمنية ليصبح اليمن تابعا دائما للسعودية وغير قادر على التحرر من هذه التبعية.
والأخطر من هذا أن الحوثيين وحلفاءهم يشنون حملة تحريضية واسعة ضد كل صوت يفهم منه التأييد أو السكوت عما يصفون بالعدو الخارجي، بل وصل الأمر إلى إباحة دماء المعارضين لهم ولمواقفهم.
وشهد الخميس الماضي أحداثا متسارعة في عدن، تمكن خلالها المسلحون الحوثيون ورفقاؤهم من قوات الجيش الموالية لصالح من السيطرة على مطار عدن وعلى القصر الرئاسي في منطقة المعاشيق بمديرية كريتر وكذا السيطرة على الطرق التي تربط بينهما وتأمينها من خلال تمركز المسلحين في المباني العالية والمرتفعات الجبلية.
وفي خضم هذه الأحداث المتسارعة أعلن حزب التجمع اليمني للاصلاح موقفه الرسمي حيال عملية «عاصفة الحزم» بلغة واضحة وشديدة اللهجة، أكد فيه تأييده الكامل للعملية وسرد مبرراته وتأصيله لهذا القرار والموقف غير المسبوق.
وقال حزب الإصلاح في بيانه «إننا ومعنا كل القوى الخيرة نعبّر عن شكرنا وتقديرنا وتأييدنا لأشقائنا في دول التحالف وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية الذين استجابوا لطلب الرئيس الشرعي للبلاد المسؤول عن حماية وأمن واستقرار وسلامة الوطن وأبنائه ومقدراته، ويحدونا الأمل أن تعيد هذه العملية الأمور إلى نصابها ومسارها الصحيح، وإخراج البلاد من الأزمة التي تسبب بها الحوثيون وحلفاؤهم الذين يتحملون كامل المسؤولية عن كافة النتائج المترتبة على العملية».
واضاف «إننا في الوقت نفسه ندين بأشد العبارات السلوك الثأري الانتقامي المدمر الذي مارسته القوى المضادة المتمثلة بعلي صالح والحوثيين والتي وقفت ضد عملية التغيير الشعبي السلمي التي قام بها الشعب اليمني وقبلت ـ قوى صالح والحوثيين ـ أن تكون مخلبا هداما لمشروع العنف والهيمنة الإيرانية على وطننا وشعبنا، ونحملهم كامل المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في وطننا الحبيب».
وسرد حزب الإصلاح العديد من المبررات لهذا الموقف الحازم، أبرزها العمليات العسكرية للحوثي ولحلفائه والتي أسفرت عن سقوط أغلب المحافظات اليمنية ووصولهم إلى أعماق محافظة عدن، موضحا أن هذه التداعيات وضعت الرئيس عبدربه منصور هادي أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التسليم بما يريدون، ومن ثم دخول البلاد في الحالة المأساوية التي يعيشها الشعبان السوري والعراقي، وإما المواجهة والبحث عن دعم عسكري يعيد التوازن والاستقرار إلى ربوع الوطن، فما كان أمام الأخ الرئيس إلا استخدام صلاحياته الدستورية بطلب الدعم من الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية ومجلس الأمن والذين استجابوا لهذا الطلب عبر «عاصفة الحزم».
ووفقا للعديد من المراقبين أحدث موقف حزب الإصلاح عاصفة كبيرة للحوثيين ولحلفائهم، وزلزالا غير متوقع من حزب الإصلاح الذي كانوا يعتقدون أنه انتهى وأصيب في مقتل بعد تعرضه لضربات قاصمة من قبل المسلحين الحوثيين طوال العشرة الأشهر الماضية.
ووصف السياسي اليمني حسن زيد وهو الحليف الرئيسي للحوثيين، بيان حزب الاصلاح بأنه (إعلان حرب) له ما بعده، فيما دعا قياديون حوثيون إلى توجيه ضربات لأتباع حزب الإصلاح والزج بهم في السجون، فيما أشار البعض إلى قيام المسلحين الحوثيين باعتقال العديد من عناصر الإصلاح وتنفيذ حكم الإعدام فيهم، في محاولة من الحوثيين لإرهاب عناصر الإصلاح وشل حركتهم.
وأرجع محللون هذا الرعب الذي خلقه موقف حزب الإصلاح لدى الحوثيين إلى حجم الحضور الجماهيري المتماسك والكبير على الأرض للإصلاحيين والذي لا يضاهيه أي مكون آخر في هذا الأمر، والذي قد يشكل عامل ضغط كبير على الحوثيين للرضوخ لمتطلبات المرحلة المقبلة، المدعوم بالغطاء الجوي لـ»عاصفة الحزم» الذي تسبب في شلل شبه تام لخطوط الإمداد العسكري للحوثيين واصبحوا يقاتلون في مناطق متباعدة مقطوعة الأوصال.
وقال الصحافي السلفي حسن الحاشدي «اعتقد واجزم أن موقف حزب الاصلاح غير المتوقع من «عاصفة الحزم» ليس وليد اللحظة بل إنه يدل على ان الاصلاح خلال الأيام الماضية قيّم العاصفه آنيا ومستقبلا وان مفاوضاته السرية مع القادة في المملكة وصلت إلى اتفاق أن يكون حليفا في الداخل اليمني يمكن الوثوق به نتيجة ان له حضوره تنظيميا وعسكريا وقبليا فهو إلى الآن مازال الجواد الرابح وخصوصا بعد انهيار وخيانات حلفاء المملكة في اليمن منذ أربعين عاما كقبائل ومشيخ وعسكر.. الكل انهار وانكشف الغطاء ولابد من حلفاء جدد موثوقين».
إلى ذلك وصف الكاتب السياسي أحمد عثمان موقف الاصلاح بأنه «متسق تماما مع معركة الجمهورية والتحرر الوطني من الاستعباد السلالي والأسري ومع الدماء المراقة في عدن والضالع ومأرب وتعز والبيضاء وفي كل مناطق الجمهورية الرافضة لمشروع صالح والحوثي وهو المشروع المقاوم الذي انخرط فيه اليوم كل الاحرار وقواه الوطنية في فرز واضح».