خطاب أجوف وتصالُح زائف وتعاطٍ خاطئ ومحاولة بائسة انتهت بمزاعم وافتراءات
من مجاهل كهفه.. "الحوثي" يخاطب أتباعه متصبباً عرقاً: لا نزال على قيد الحياة!
- دعم السعودية لليمن يدحض افتراءاته بتسليح المملكة للقاعدة.
- صَمَتَ دهراً ونطق كَذِباً مردداً شعارات "جلبت إسرائيل لليمن".
- تجنب إعطاء أي تقييم عملياتي للموقف العسكري لميليشياته.
- ظهوره يندرج ضمن هلع الانقلابيين من نتائج ضربات "العاصفة".
- تجاهل دوره التخريبي باعتباره السبب الحقيقي لنشاة الأزمة اليمنية.
- يعاني أهوال صدمة بدء القصف ويعتقد أنه مِن فعل أمريكا.
- عَرَضَ الصلح على الجنوب وميليشياته تُواصل قتل أبنائه.
- الخطاب جاء فارغاً من مضامين تتعاطى بإيجابية مع الأزمة.
محمد عبد العليم -سبق- متابعة: لعل الحوثيين، الآن، هم الطرف الأكثر حزناً، وإحباطاً، وتفجعاً، من ظهور قائدهم المتواري منذ مدة طويلة عبدالملك الحوثي، بعد أن كانوا الأشد حرصاً على خروجه للعلن؛ وذلك بعد أن شاهدوه بهذه الإطلالة المهزومة التي تعاني مرارة الانكسار والخوف، وبمثل هذا الوجه الشاحب المكفهر الذي تبدو عليه أمارات الإعياء، والتعب، والخور، والانكفاء، والمطاردة؛ على النقيض تماماً مما عهدوه منه في خطاباته السابقة؛ من تحدٍّ وإصرار وإقدام.
شائعات الموت
كان المتوقع من الحوثي بالنسبة لأنصاره وغيرهم؛ لاسيما بعد اختفائه هذه الفترة الطويلة نسبياً من تاريخ آخر مرة لظهوره، أن يعطي تقييماً عملياتياً وسياسياً من جانبه للموقف العسكري لميليشياته، في الحرب التي تخوضها ضد الشرعية في اليمن؛ ولكن اقتصر الهدف من ظهوره على مجرد التعاطي مع الشائعات التي راجت على نطاق واسع مؤخراً حول موته من قِبَل ضربات عمليات تحالف عاصفة الحزم؛ الأمر الذي حتّم عليه الخروج؛ لإثبات أنه ما زال على قيد الحياة.
هلع الانقلابيين
من المؤكد أن ظهور الحوثي لا يتوقف عند هذا المعطى برغم أهميته بالنسبة لمعنويات أنصاره؛ فلا شك أن ظهوره يندرج أيضاً ضمن حالة الهلع التي باتت تنتاب المعسكر الانقلابي من النتائج القوية لضربات عاصفة الحزم، وتدفع قادة ومؤيدي هذا المعسكر إلى التهوين من نتائجها، والدعوة لوقفها.
السياق السلبي
ظهور "الحوثي" في هذا السياق يأتي بعد يومين فقط من خطاب لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله كرّسه للحديث عن اليمن، ويتزامن مع تصريحات لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئ، هاجم فيها ما دعاهم بأعداء إيران، وأَمَرَ فيها الجيش بأخذ أهبة الاستعداد على الدوام، وهذه مؤشرات تدل على أن هناك سياقاً سلبياً عسكرياً ونفسياً من نتائج عاصفة الحزم، يوحد بين هذه الأطراف ويشكل دوافعها على الحديث والتعاطي الإعلامي.
الدور التخريبي
إن حالة الاحتباس والحبس التي بدا عليها الحوثي، دفعته لأن يتصبب عرقاً في أعماق كهفه في جبال مران؛ حيث سجّل حديثه المتلفز؛ تلك الحالة غلبت على مَحاور حديثه أيضاً؛ فحصرته في نطاق أدبيات شعاره الزائف الذي ينادي بالموت لأمريكا وإسرائيل؛ متجاهلاً دوره التخريبي باعتباره السبب الحقيقي في نشوء هذه الأزمة التي دفعت بالرئيس الشرعي لليمن إلى طلب مساعدة المملكة وبقية دول تحالف "عاصفة الحزم"، في وقف عدوان المتمردين الحوثيين واستيلائهم على كل مقدّرات الدولة اليمنية.
عُزلة الكهف
وبدلاً من أن يقدّم تقييمه، كما سبق القول، لموقف ميليشياته من الحرب، ركّز معظم حديثه على فكرة أن أمريكا هي الطرف الذي يُدير عمليات حملة "عاصفة الحزم"، بتنسيق ومباركة إسرائيلية؛ خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة.. وذلك المنحى في التناول يشير إلى انعزاله شبه التام عن واقع ومجريات الحرب الدائرة بين معسكره الانقلابي والشرعية، ولعل هذا الانعزال ناتج عن حالة الحبس والاختفاء التي يعيشها داخل كهفه.
أهوال الصدمة
ويشير تناوله للأحداث، إلى استمرار معاناته من تداعيات صدمة النتائج التي حققتها ضربات "عاصفة الحزم"، التي دمرت مخازن أسلحته، وفككت عرى قواته، وشرذمتهم في كل مكان، وهي أهوال ما زال يعتقد أنها من صنع قوى عظمى كأمريكا؛ برغم أنها تمت جميعها بإمكانات دول التحالف العشري الذي يشكل "عاصفة الحزم"، وفيما يبدو فإن تداعيات صدمة الحوثي لم تقف به عند نتائج الحملة فقط؛ وإنما تحمل في طياتها مفاجأة كفاءة القوات الجوية السعودية له، والتي نفّذت الجانب الأكبر من ضربات التحالف.
مزاعم وافتراءات
لقد زعم الحوثي، في توجه يؤكد أن حديثه موجه في المقام الأول لأنصاره، أن المملكة تعادي اليمن، وأنها تتدخل في شؤونه، وتدعم تنظيم القاعدة الإرهابي للإخلال بأمن اليمن.. وهي مزاعم يدحضها دعم المملكة الدائم لليمن، وإنفاقها على تنميته عشرات المليارات من الدولارات طوال السنوات الماضية؛ فالمملكة ساندت اليمن ووقفت إلى جواره في كل أزماته السياسية والاقتصادية؛ باعتباره بلداً شقيقاً وجاراً.
المحاولة اليائسة
وانطلاقاً من حقوق الشقيق والجار، استجابت المملكة لدعوة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في طلب مساعدتها لوقف اعتداءات الحوثي على مؤسسات الدولة وإعادة الأمور إلى نصابها؛ تلك الدعوة التي تجاهلها عبدالملك الحوثي في اتهامه للمملكة بالتدخل في شؤون اليمن؛ وذلك لعلمه أنها تشكل الأساس القانوني لحملة "عاصفة الحزم"، في محاولة يائسة منه للنيْل منها، وسط تنكر وجحود مخزٍ لما قدّمته المملكة لليمن.
عداء القاعدة
ويثبت زيف ادعاءات الحوثي حيال المملكة، اتهامه لها بدعم تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن، وأبلغ دليل على كذب هذا الادعاء هو حالة العداء التي يُكِنّها ذلك التنظيم للمملكة، واستهدافه الدائم لمصالحها؛ فضلاً عن جهود المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي في محاربة الإرهاب فكرياً وحركياً، والعمل على محاصرته والقضاء عليه.
التعاطي الخاطئ
لقد بدت آثار "عاصفة الحزم" واضحة جلية على الحوثي، وبرغم حرصه على التهوين من نتائجها؛ إلا أنه قد تعاطى معها وتجاوب جزئياً وخاطئاً في نفس الوقت مع أهدافها، وظهر ذلك -بشكل لافت وفيما لا يخطئ تفسيره أي مراقب- في الموقف التصالحي الذي أبداه مع أبناء جنوب اليمن؛ معتبراً إياهم شركاء، وملوّحاً بمنحهم إدارة ذاتية لمناطقهم؛ ظناً منه أن في ذلك استجابة لتحذيرات الحملة في اعتبار عدن خطاً أحمر.
التصالح المزيف
إن تجاوب الحوثي على تلك الشاكلة محكوم بفهمه لأهداف التحالف، وهو فهم خاطئ؛ لأن التحالف يساند أبناء اليمن قاطبة ضد اعتداءات الانقلابيين على الشرعية، ويقف مع وحدة اليمن، والحوثي في موقفه التصالحي مع أبناء الجنوب يفتقر إلى الصدق؛ ففي الموقف الذي كان يتلفظ فيه بتلك الأكاذيب، كانت ميليشياته مستمرة في قصف الأحياء والأهداف المدنية في عدن وغيرها من محافظات الجنوب وترويع أبنائها؛ فكيف يستقيم التصالح مع الاعتداء؟
خطاب أجوف
وفي المحصلة يمكننا القول إن خطاب المتمرد عبدالملك الحوثي، جاء فارغاً من أي مضامين مهمة تتعاطي بإيجابية مع الواقع الراهن للأزمة اليمنية؛ فأهدافه جاءت محصورة في التوجه لأنصاره والقول لهم من مجاهيل كهفه إنه لا يزال على قيد الحياة، وفي مقابل تناول مسائل بعيدة عن حقائق ما يدور الآن في اليمن، عرّج باقتضاب على تصويت مجلس الأمن على مشروع القرار الخليجي الذي أدرجه في القائمة السوداء، إلى جانب المخلوع على صالح ونجله.
أولويات السلامة
كل ما مضى، ما هو إلا مؤشرات تؤكد أن الحوثي يعاني من العزلة ولا يتابع تطورات الأزمة اليمنية بشكل مباشر وآنيّ، وأنه يعطي الأولوية لسلامته الشخصية.. ويعزز من هذا الاستنتاج الأدلةُ التي تؤكد أن حديثه مسجل منذ أيام؛ بدليل عدم تعاطيه مع التطورات الأخيرة للأزمة؛ ومنها: تقديم إيران يوم السبت الماضي لمقترحات حول ما تعتبره حلاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورفْض الرئيس عبدربه منصور هادي لهذه المقترحات أمس الأحد؛ فآخر اتصال للحوثي مع تطورات الأزمة اليمنية بدا في تعليقه على تصويت مجلس الأمن، وهذا الحدث جرى الأربعاء الماضي.